تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > أرشيف > منتدى تحريم دم المسلم

> شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها

 
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 27-04-2008
  • المشاركات : 119
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ولد برق is on a distinguished road
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها
11-05-2008, 09:47 PM
الشبهة الأولى



فإن قيل: لقد أكثرتَ من قولك: لابد من الرجوع في النوازل إلى أهل العلم الراسخين، ولا عبرة بقول الشباب المتحمسين!! ونحن لا نُسَلِّم بأن ابن باز، وابن عثيمين، والألباني، والفوزان، ومن كان على شاكلتهم من جملة العلماء أصلًا، فلا نرجع إليهم فيما هو دون هذه المسائل التي تتصل بفقه الواقع، فكيف بهذه النوازل العامة ؟! على أن طَعْننا فيهم ليس طعنًا في العلماء أصلًا!!
فالجواب: هذه هي الفتنة في الدين!! فالخوارج لم يرضوا بعدالة ولا عِلْم الصحابة، فَضَلُّوا وأضلوا، وفي هذا العصر نجد شبابًا خالفوا العلماء، وطعنوا فيهم، بل كفَّروهم، فَضَلُّوا وأضلوا، ومنهم مَنْ وُفِّق للتوبة، فنسأل الله أن يثبتنا وإياهم على الحق، ويغفر لنا ولهم الذنوب.
هذا، وسأورد - إن شاء الله تعالى - على هؤلاء الشباب المنكرين مكانَةَ علمائنا حُجَّةً تُلزمهم بأن هؤلاء المذكورين من علمائنا - ومن جرى مجراهم - هم العلماء، وهم المرجع في النوازل، وذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة عام من يجدد لها دينها ))([1]).
وقد جرى صنيع السلف في عَدِّ المجددين في كل قرن باعتبار رأس المئة الهجرية، فَعَدُّوا عمر بن عبد العزيز في المئة الأولى، والشافعي في المئة الثانية.
المهم أن المعتمد رأس المئة الهجرية، فنحن جميعًا قد عاصرنا رأس القرن الخامس عشر الهجري، وذلك بنهاية سنة 1400هـ وبداية سنة 1401هـ.
فإن قلتم: لم يوجد على رأس المئة الخامسة عشر هذه مجدد؛ كَذَّبتم خبر الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في قوله: ((... على رأس كل مئة عام))!!
وإن قلتم: هناك مجدد أو مجددون على رأس المئة الخامسة عشر، لكننا لا نعرفهم.
فالجواب: كيف يكون المجدد مجهولًا غير معروف ؟ وكيف يجدد وهو على هذا الحال ؟! فإذا كنتم تعدُّون أنفسكم من خواص الأمة، أو أنكم خواص الخواص!! وأنتم لا تعرفون المجدِّد لدينكم في زمانكم؛ فما ظنكم بالعامة ؟!
وقد قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في معرض رده على الروافض الذين يرون أن حجة الله قائمة بمهديِّهم!!: ((وحُجج الله لا تقوم بخَفِىٍّ مستور، لا يقع العالم له على خَبَرٍ، ولا ينتفعون به في شيء أصلا، فلا جاهل يتعلم منه، ولا ضالٌّ يهتدي به، ولا خائف يأمَن به، ولا ذليل يتعزَّر به، فأي حجة لله قامت بمن لا يُرى له شخص، ولا يُسمع منه كلمة، ولا يُعْلَم له مكان...)) إلى أن قال:

((المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار))([2]).اهـ.

فتأمل كيف يؤدي الباطل بأهله إلى مشابهة أضل الفرق في المقالات الباطلة!!
فإن قلتم: نقر بأن هناك مجددين.
فالسؤال: من هم هؤلاء المجددون، سمّوهم لنا، والواقع حَكَم بيننا وبينكم!!
فإن قلتم: هم ابن باز، والألباني، وابن عثيمين، وغيرهم من كبار العلماء، الذين أدركهم ذلك التاريخ وهم أئمة، وعليهم تدور الفتوى، وتطير إليهم الرقاع من كل حَدَبٍ وصَوْب، ونُشِرَتْ كتبهم وفتاواهم في الآفاق، وتُرْجِمت كتبهم بلغات متعددة، فانتفع بهم المسلمون في كل قطر، وهم الذين تدور الفتوى الآن على طلابهم، أو طلاب طلبتهم، إن أقررتم بهذا؛ فقد أصبتم في هذا الإقرار.

وقد قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - ([3]): ((... ومن له في الأمة لسان صِدْق عام، بحيث يُثْنى عليه، ويُحْمد عليه في جماهير أجناس الأمة، فهؤلاء هم أئمة الهدى، ومصابيح الدُّجَى، وغلطهم قليل بالنسبة إلى صوابهم، وعامته من موارد الاجتهاد التي يُعذرون فيها، وهم الذين يتبعون العلم والعدل، فهم بُعَدَاء عن الجهل والظلم، وعن اتباع الظن وما تهوى الأنفس )).اهـ.
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: ((فقهاء الإسلام ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام: الذين خُصُّوا باستنباط الأحكام، وعنوا بضبط قواعد الحلال من الحرام)).اهـ.
فإن سلمتم بهذا، وأقررتم بأن المذكورين - ومن جرى مجراهم - على رأس هذه المئة هم المجددون؛ حُجِجْتُم، لأنه يقال لكم: إذا كان هؤلاء مجددين للدين؛ فلماذا تخالفون منهج المجددين ؟! لاسيما في هذا الأمر الذي أجمعوا عليه تبعًا لسلف الأمة، وأخذًا بالنصوص النبوية؟!
وإن قلتم: لا، ليس هؤلاء مجددين؛ عجزتم أن تُسَمُّوا لنا مَنْ هو من مراجعكم وأئمتكم اليوم، أنه كان بهذه المثابة العلمية - التي ذكرتها سابقًا - في نهاية سنة 1400هـ وبداية سنة 1401 هـ!! فإن أكثرهم كانوا طلابًا آنذاك، ومن كان منهم كبير السن آنذاك؛ فلم يشتهر بين الأمة بعلم، إنما عرفه من حوله فقط، فهل هذه صفة المجدد، وهل هم يصدق عليهم ما ذكر شيخ الإسلام – قبل قليل – في صفة أئمة الهدى؟!

إذًا يلزمكم أحد أمور: إما أن تخالفوا الخبر النبوي، وتُعرُّوا هذا القرن من مجدد!! وفي هذا ما فيه!!
أو أن تَدَّعوا وجود مجدد مع كونه مجهولًا، والأمة كلها لا تعرفه بعينه فضلًا عن آثاره!!، وهذا - أيضًا - فيه ما فيه!!
وإما أن تسموا مجددًا لم تتوافر فيه صفات المجدد، كما سبق ذكرها، فيه ما فيه - أيضًا!! وإما أن تُسَلِّموا بأن سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى - ومن جرى مجراه من كبار الأئمة في المملكة وغيرها هم المجددون لهذا القرن، وهذا قولنا، ويلزمكم إذًا أن تسلكوا سبيلهم، وتَدَعوا عقوقكم إياهم، وإما أن تكابروا؛ فتسقط حجتكم!!





([1]) وهو حديث صحيح، أخرجه أبو داود برقم (4291) عن أبي هريرة، وانظر ((الصحيحة)) برقم (599).

([2]) ((مفتاح دار السعادة)) (1/452) ط. دار ابن عفان.

([3])((مجموع الفتاوى))(11/43).

تليها الشبه الثانية
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 27-04-2008
  • المشاركات : 119
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ولد برق is on a distinguished road
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
رد: شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها
11-05-2008, 10:04 PM
الشبهة الثانية



قولهم : نحن لا نقبل الفتاوى من العلماء الآمنين، المطمئنين، الذين هم خارج السجون!! ولا نقبل الفتاوى من العلماء الذين يأخذون الرواتب والمعاشات من الدولة، فلا زعامة للقاعدين!! ولا تُقْبَل فتواهم في أمر الجهاد، وذكر أنه وإخوانه لم يتعلموا علمهم في حلقات المساجد، ولا فوق مقاعد المدارس والجامعات، وإنما أخذوه في بطون الزنازين، وغياهب السجون، وأنهم تلقَّوْا العلم والقيودُ ترسف في أرجلهم... إلخ.
والجواب: أن هذا كلام ثوري حماسي، ليس فيه أثارة من علم، وهو قائم على جهل مُرَكَّب، وظن فاسد، وبيان ذلك من وجوه - إن شاء الله تعالى -:
الأول: لا يلزم من كون العالم آمنًا مطمئنًا بين أهله وطلابه، وكونه خارج السجن؛ أنه ليس بعالم رباني!!
والناظر في تاريخ المسلمين: يجد كثيرًا من علماء الأمة، قد جعل الله لهم مكانة ومهابة في نفوس بعض السلاطين، وكانوا يجلُّونهم، ويقبلون مشورتهم، فكم كان لمالك من هيبة ووقار في نفس بعض أمراء بني العباس - على ما فيهم - حتى ذكروا أن المنصور أو الرشيد طلب من مالك أن يجمع الناس على ((الموطأ ((؛ فأبى مالك - رحمه الله تعالى - وهذا من كمال عقله، فهل أنزل هذا من مكانته شيئًا ؟!
وهذا الزهري الذي يدور عليه الإسناد، وهو الإمام الثبت، كان يدخل على أمراء بني أمية، ويجالسهم، فهل أنزل هذا من مكانته ورتبته ؟
وهذا ابن المبارك، والأوزاعي، والليث، وغيرهم وغيرهم، كانوا أئمة الأمصار، وفقهاء الديار، وقد عايشوا زمن انحراف في الملك؛ ومع ذلك فقد كانوا مطمئنين بين أهليهم وطلابهم، خارج السجون، يُعَلِّمون الناس ما أمرهم الله به، وما عهدوا عليه أسلافهم، وهناك آلاف المحدثين والعلماء، كانوا آمنين في المدن والأمصار والبوادي، وترحل الألوف المؤلفة من طلاب العلم إليهم، ليأخذوا العلم عنهم، مع ما كان عليه حكام زمانهم من الانحراف والظلم؛ فهل طعن فيهم أحد بهذا الطعن السامج البارد ؟! فإلى الله المشتكى من هذه العقول التي تصادر تاريخ الأمة بهذه الشبهة الساقطة!!
الثاني: أن العالم المتمسك بدينه وعلمه إذا عافاه الله من السجون والمحن؛ فإن ذلك مما يعينه على زيادة الحصيلة العلمية، التي تظهر آثارها على فتواه ومنهجه، بخلاف الشباب الذين سلكوا مسلكًا غير مسلك كبار العلماء، وزُجَّ بهم في السجون - وهم لم يرسخوا بعد في العلم - ولا شك أن هذا يُفضي إلى تخبط في فتواهم، وتخليط في منهجهم الذي يُرَبُّون عليه أتباعهم، متأثِّرين في ذلك بأمور نفسية، وانتقامات شخصية، فأي الفريقين أحق بالاتباع والثقة في علمه ونهجه إن كنتم تعلمون ؟!
الثالث: أن الواقع خير شاهد على آثار الفريقين على الأمة: فالعلماء نشروا العلم والدعوة في المشارق والمغارب، بل إن هؤلاء المنحرفين على العلماء ثمرة من ثمراتهم - قبل أن يُبْتَلَوْا بهذا الفكر، ويستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير!! - وبالعلماء دخل من دخل في الإسلام أو السنة، وبهم عُرف التوحيد، ودخلت الدعوة في عقر ديار الكفار، أما آثار هؤلاء الشباب: فقد أزكمت الأنوف، وضيَّعتْ المئات والألوف، وحَسْبُ الواحد منهم إذا أحدث فتنة: أن ينجو بنفسه وأهله، وكثير منهم ما استقر له قرار، إلا في دول المشركين والكفار!!
الرابع: قول القائل: ((لا نقبل الفتاوى ممن لهم معاشات ورواتب في الدولة)) قول ساقط؛ لأنه لا يلزم من ذلك أن يكون العالم ممن يبيع دينه بيعًا رخيصًا.
ثم هل ثبت أن هؤلاء العلماء الكبار خالفوا الحق الجلي طمعًا في رضى السلطان ؟! )سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ( ([1]).
وأما أنهم خالفوا فَهْمَ هؤلاء الشباب؛ فلا يلزم من ذلك أنهم خالفوا الحق، فإن الأدلة النقلية، والعقلية، والتاريخية تدل على صحة مذهب هؤلاء العلماء، وصدق من قال:


فلا تَطَلَّبْ ليَ الأعواض بعدهمُ فإن قلبي لا يرضى بغيرهـمُ


هذا، مع أن كثيرًا من علماء السلف - رحمهم الله تعالى -كانت لهم أرزاق من بيت مال المسلمين، وذلك في أزمنة شاع فيها الظلم من كثير من الحكام وعُمّالهم، وعظمت فيها البلية باتباع الهوى، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، واختلط الحلال بالحرام في بيوت الأموال، ومن تنـزه من العلماء عن أخذ شيء من بيت المال آنذاك؛ لم يطعن فيمن أخذ، أو يُزَهِّد الناس فيه بسبب ذلك، ولو كان ماقاله هذا القائل معتبرًا؛ لشاع تحذير الأئمة من ذلك، ولذاع اختلافهم وتفرقهم بسبب ذلك!!
وأيضًا: فهؤلاء المنحرفون عن العلماءلم يقبلوا فتاوى بعض كبار العلماء الذين لم يأخذوا معاشًا ولا راتبًا من الدولة، بل ما سَلِموا من أذى وطَرْد بعض الحكام لهم!! كما هو حال محدث العصر، وريحانة الزمان، صاحب الفضيلة شيخنا محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى – فلم يكن له معاشٌ ولا وظيفة في الدولة، فهل شفع ذلك له عند هؤلاء الشباب الثوريين ؟! هل قالوا: إنه عالم مطرود من بلده، ومضيَّق عليه في الخطب والمحاضرات، وقد سُجن حيثُ سُجن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وليس له معاش من حكام زمانه، فكل هذا يُسَوِّغ لنا الأخذ عنه ؟! هل راجعوا أنفسهم بهذه الأمور، أم أنهم لا يبالون بمن خالف فهمهم الفاسد، ولن يعجزوا عن إظهار علة - في نظرهم ونظر أتباعهم - تنفر الناس عن الأخذ من هذا الإمام وإخوانه أئمة الزمان ؟!
الخامس: ولو سألتَ كثيرًا من هؤلاء: من شيوخكم الذين أخذتم هذا الفكر عنهم ؟ لسَمَّوْا لك طبيبًا، أو مهندسًا، أو مدرسًا، ونحو ذلك، ولا شك أن هؤلاء موظفون في الدولة، أو لهم مشاريع خاضعة لنظام الدولة التي يعيشون فيها، تستلزم هذه المشاريع منهم عدم مقاومة الحاكم، وإلا ألغاها، أو ضيَّق عليها، فهل أَخْذُ مشايخهم الرواتب من الدولة جائز عندهم، ويكون وسيلة صالحة للاستعانة بها على الجهاد في سبيل الله - في نظرهم - أما غيرهم فرواتبهم عمالة وبيع للدين بالدنيا الفانية ؟! أليس هذا التناقض دليلًا على الخلط الذي وقع فيه هؤلاء ؟!
السادس: وكونهم لم يتعلموا علمهم في حلقات المساجد، ومقاعد المدارس والجامعات الإسلامية الموثوق بها!! فليس هذا مما يُحْمَدون به على الإطلاق، بل هذا إلى ذمهم أقرب منه إلى مدحهم!!
ولو سألت هؤلاء عن مشايخهم؛ لرأيتهم يُسَمُّون من درس في المساجد، والجامعات، والمعاهد، فيلزمهم - بناء على شبهتهم هذه - أن علم شيوخهم لا يوثق به!! وإذا كان علم شيوخهم - لذلك - ليس حجة، فما ظنك بطلابهم ؟!
هذا، مع ما سبق من بيان أن المكث في السجون لغير المتأهلين يكون سببًا - في كثير من الأحيان - إلى قلة الحصيلة العلمية، وتداخُل السبل، واشتباه الأمور على صاحبها، وتأثُّر الأحكام والفتاوى بما يحمله القلب من غيظ وبغض للمجتمعات... الخ، ولا شك أن لهذا كله أثره السيئ في التلاميذ والأتباع - كما لا يخفى - وقد ظهر أثر ذلك في كلمات صاحب هذه الشبهة، حيث عَدَّ ما ليس بمدح مدحًا، وما ليس بذم ذمًا، وهذا هو الجهل المركب!! وصدق من قال:


ذو العقل يَشْقَى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة يَنْعَمُ

ومن البلية عذْلُ من لا يرعوي عن غيّه وخطابُ من لا يفهم




السابع: ومنشأ هذه الشبهة: سوء الظن من هؤلاء الشباب بعلماء الأمة الأجلاء، وقد سبق أن العلماء هم المجددون لما اندرس من هذا الدين، فماذا بقي من خير إذا كان هؤلاء المجددون لا قيمة لفتواهم ؟ وفي أي شيء عُدَّ هؤلاء مجددين ؟ وأي خير يُرجى فيمن يلتمس التأويلات، ويتعسف ويتكلف في الاعتذار عن أخطاء الصغار، ولكنه يتهور ويسيء الظن بالشيوخ الكبار ؟! فإنّا لله وإنا إليه راجعون.
الثامن: ثم ألا يعتبر هؤلاء المتهورون بتراجع من سبقهم في هذا المضمار بعد إصرارهم على هذا المنهج نحو عشرين عامًا أو أكثر، ثم أدركوا أن السلامة والنفع للأمة في منهج كبار الأئمة ؟! ألم يسمعوا تراجع حملة هذه الشبهات - من قبل - في مصر وغيرها من بلاد المسلمين ؟! ألا يكفي المؤمن أن يُلدغ مرة واحدة - بل مرات - من جحر واحد ؟ ألا نستفيد من أخطاء غيرنا، ونعتبر بمن سبقنا ؟ ونبدأ من حيث انتهوا، لا من حيث بدؤوا ؟! إن هذا لشيء عجاب!!
( تتمة مهمة ): بعد تحرير هذا الجواب؛ وقفتُ على كلام للقاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني - رحمه الله - في رسالة: ((رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين)) ضمن مجموع ((الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني))([2]) فوجدته - رحمه الله تعالى - قد أتى على هذه الشبهة من أساسها، فاجتثها من جذورها، ورمى بلُبابها وقشورها، وكشف اللثام عن جهل، أو حسد، أو سوء ظن أصحاب هذه الشبهة بأهل العلم العاملين المصلحين، وها أنذا أقتطف من جنى هذه الشجرة المباركة، ما يكون زادًا لأهل الحق، ودعاة الصدق، وبالله التوفيق:
قال - رحمه الله تعالى -: ((وما زال عَمَلُ المسلمين على هذا، منذ قامت الملة الإسلامية إلى الآن، مع كل ملك من الملوك: فجماعة يلُون لهم القضاء، وجماعة يلُون لهم الإفتاء، وجماعة يلُون لهم على البلاد التي إليهم، وجماعة يلُون لهم إمارة الجيش، وجماعة يُدرِّسون في المدارس الموضوعة لذلك، وغالب جراياتهم من بيت المال )).
قال: ((فإن قلت: قد يكون من الملوك من هو ظالم جائر!!
قلت: نعم، ولكن هذا المتَّصل بهم لم يتصل بهم ليعينهم على ظلمهم وجورهم، بل ليقضي بين الناس بحكم الله، أو يفتي بحكم الله، أو يقبض من الدعاوَى ما أوجبه الله، أو يجاهد من يحق جهاده، ويعادي من تحق عداوته، فإن كان الأمر هكذا؛ فلو كان الملك قد بلغ من الظلم إلى أعلى درجاته؛ لم يكن على هؤلاء مِنْ ظلمه شيء، بل إذا كان لأحدهم مدخل في تخفيف الظلم - ولو أقل قليل، أو أحقر حقير - كان مع ما هو فيه من المنصب مأجورًا أبلغ أجر؛ لأنه قد صار مع منصبه في حكم من يطلب الحق، ويكره الباطل، ويسعى بما تبلغ إليه طاقاته في دفعه، ولم يُعِنْه على ظلمه، ولا سعى في تقرير ما هو عليه، أو تحسينه، أو إيراد الشبهة في تجويزه، فإذا أدخل نفسه في شيء من هذه الأمور؛ فهو في عداد الظلمة، وفريق الجَوَرة، ومن جملة الخونة، وليس كلامنا فيمن كان هكذا، إنما كلامنا فيمن قام بما وُكل إليه من الأمر الديني، غير مشتغل بما هم فيه، إلا ما كان من أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو تخفيف ظلم، أو تخويف من عاقبة، أو وعظ فاعله بما يندفع فيه بعض شره.
وكيف يُظن بحامل العلم، أو بذي دين: أن يداخل الظلمة فيما هو ظلم، وقد تبرأ الله سبحانه إلى عباده من الظلم...)).اهـ. ثم ذكر - رحمه الله تعالى - آيات وأحاديث في التحذير من عاقبة الظلم.
ويا ليت شعري أين صاحب هذه الشبهة العليلة أمام صنيع جمهور الأعيان من الأولين والآخرين ؟! وعلى هذا فيلزم صاحب هذه الشبهة أن يطعن في أئمة المسلمين منذ قامت الملة الإسلامية إلى الآن!!
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: ((لكن نقول: وجود الظلم والمعاصي من بعض المسلمين، وولاة أمورهم، وعامتهم؛ لا يمنع أن يُشارَك فيما يعمله من طاعة الله، وأهل السنة لا يأمرون بموافقة ولاة الأمور إلا في طاعة الله، لا في معصيته، ولا ضرر على من وافق رجلًا في طاعة الله، إذا انفرد ذلك عنه بمعصيته لم يَشْرُكْه فيها، كما أن الرجل إذا حج مع الناس، فوقف معهم، وطاف؛ لم يضره كونُ بعض الحجاج له مظالم وذنوب ينفرد بها، وكذلك إذا شهد مع الناس الجمعة، والجماعة، ومجالس العلم، وغزا معهم؛ لم يضره أن يكون بعض المشاركين له في ذلك ذنوب يختص بها .
فولاة الأمور بمنـزلة غيرهم: يُشارَكون فيما يفعلونه من طاعة الله، ولا يُشارَكون فيما يفعلونه من معصية الله... )). ([3]) .اهـ.
وقال - أيضًا - في سياق تولية الولاة لعمالهم الأمثل فالأمثل: ((... وكذلك يوسف كان نائبًا لفرعون مصر، وهو وقومه مشركون، وفَعَلَ من العدل والخير ما قَدَرَ عليه، ودعاهم إلى الإيمان بحسب الإمكان ))([4]) .اهـ.

وقد قال صاحب الفضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - معلقًا على هذا الموضع في شرحه لرسالة الشوكاني - رحمه الله تعالى -([5]):
لا شك أن كلام الشوكاني هذا جيد، يعني - مثلًا - لكوننا لا نعمل ما ينفع المسلمين تحت ظل الولاة الظلمة، هذا غلط عظيم، بل الواجب أن نعمل ما يلزمنا، فيما فيه صلاح المسلمين، ونحاول نُصْح هؤلاء، وبيان الحق لهم.

لا شك أن الإنسان لو قال كلمة الحق بإخلاص؛ ستؤثِّر، ولا أدلَّ على ذلك من قول موسى -عليه السلام - حينما اجتمع السحرة، فقال لهم: )وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ( ([6])، فماذا أثَّرتْ هذه الكلمة ؟ )فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ (([7]) والفاء تدل على الترتيب، والتعقيب، والسببية، أي بمجرد ما قال هكذا؛ تنازعوا أمرهم بينهم، وإذا تنازع القوم؛ فشلوا: )ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ( ([8]).
فالواجب على الإنسان: أن يعمل بما فيه مصلحة المسلمين، ويسأل الله الهداية للولاة الظَّلَمة.
وبهذا نعرف خطأ من يُنفِّرون من الوظائف في البلاد التي يكون فيها ولاتها غير مستقيمين على شرع الله: إما من العلمانيين، أو من المحكِّمين للأنظمة والقوانين المخالفة لشريعة الله، يجب علينا ألا نترك ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين )).اهـ.
ولا شك أن المرء - في كثير من الأحيان - إذا أراد أن يفعل خيرًا قد اقترن به شر، أو يترك شرًّا قد اقترن به خير؛ فلا بد له من النظر إلى الأغلب منهما، وترجيح الإقدام أو الإحجام على ضوء ذلك.
قال شيخ الإسلام: ((فالواجب عليه: أن ينظر أغلب الأمرين: فإن كان المأمور أعظم أجرًا مِنْ تَرْكَ ذلك المحظور؛ لم يترك ذلك لما يخاف أن يقترن به ما هو دونه في المفسدة، وإن كان تَرْكُ المحظور أعظم أجرًا؛ لم يُفوِّتِ ذلك برجاء ثوابٍ بفعلِ واجبٍ يكون دون ذلك، فذلك يكون بما يجتمع له من الأمرين من الحسنات والسيئات، فهذا هذا، وتفصيل ذلك يطول ))([9]).اهـ.
فهذا كلام أهل العلم يشد بعضه بعضًا، فلا تلتفت إلى الكلام العاطفي البعيد عن الأصول العلمية، والطريقة السلفية!!
وقد ذكر القاضي العلامة الشوكاني - رحمه الله تعالى - أن الاتصال بالملوك قد يكون واجبًا أو مستحبًا حسب الحال، وذكر أن امتناع أهل العلم والدين عن ذلك يؤدي إلى تعطيل الشريعة المطهرة، لعدم وجود من يقوم بها، وبَسَط - رحمه الله تعالى - القول في ذلك، وذكر صنْفي الناس تجاه ملوكهم، وأن من الغلاة من ينتكس أقبح انتكاسة، ويتخلّى عما كان عليه، إذا وجد طريقًا إلى وَليّ أمره، أو من دونه!! ثم ذكر - رحمه الله تعالى - مقاصد أهل العلم والدين في دخولهم على السلاطين، وذكر قصصًا وعبرًا في ذلك... ثم قال:
((ثم هذا المُزْري على من يتصل بسلاطين الإسلام من أهل العلم والفضل، قد لزمه لزومًا بيِّنًا: أن يتناول هذا الطعنُ كلَّ من اتصل بسلاطين الإسلام، منذ انقراض خلافة النبوة إلى الآن؛ فإنه لا بد في كل زمان من طَعْن طاعن، ولا بد أيضًا من صدور ما يُنكَر من أهل الولايات، وإن كثر منهم ما يُعرف...)).
إلى أن قال: ((ولا يمكن حَصْر عدد من يتصل من أهل العلم والفضل بسلاطين قرْن من القرون، بل بسلاطين بعض القرن في جميع الأرض...)).
وقال: ((وإذا كان الأمر هكذا؛ فكم لهذا الطاعن المشؤوم من خصوم ؟!... )).
ثم قال: ((... ومع هذا: فالمتَّصل بهم من أهل المناصب الدينية، قد يُغْضي في بعض الأحوال عن شيء من المنكرات - لا لرضى به - بل لكونه قد اندفع بسعيه ماهو أعظم منه، ولا يتم له ذلك إلا بعدم التشدد فيما هو دونه، وهو يعلم أنه لو تشدد في ذلك الدُّون؛ لوقع هو وذلك الذي هو أشد منه، وأشنع، وأفظع، كما يُحكى عن بعض أهل المناصب الدينية: أن سلطان وقته، أراد ضرب عنق رجل لم يكن قد استحق ذلك شرعًا، فما زال ذلك العالم يدافعه، ويصاوله، ويحاوره، حتى كان آخر الأمر الذي انعقد بينهما: على أن ذلك الرجل يُضْرَب بالعصا، على شريطة اشترطها السلطان: وهو أن يكون الذي يَضْرِبه ذلك العالم، فأُخْرِج الرجل إلى مجمع الناس الذين يحضرون مثل ذلك للفُرْجة، فضربه ضربات، فتفرق ذلك الجمع، وهم يشتمون أقبح شتم، وهم غير ملومين؛ لأن هذا في الظاهر منكر، فكيف يتولاه من هو المرجو لإنكار مثل ذلك، ولو انكشفت لهم الحقيقة، واطلعوا على أنه بذلك أنقذه من القتل، وتفاداه بضرب العصا عن ضرب السيف؛ لرفعوا أيديهم بالدعاء له، والترضِّي عنه:


ويظن الجهول قد فسد الأمر وذاك الفسادُ عينُ الصـلاح )).


إلى أن قال - رحمه الله -: ((... إذا عرفت هذا، وتبين لك أن الأفعال المخالفة للشريعة في بعض الحالات، وكذلك الأحوال التي تكون ظاهرة المخالفة؛ قد تكون على خلاف ما يقتضيه الظاهر، ( ويَتَبَيَّن ) أنها من أعظم الطاعات، وأحسن الحسنات، فكيف ما كان منها محتملًا ؟!
هل ينبغي لمسلم أن يسارع بالإنكار، ويقتحم عقبة المحَرَّم من الغيبة أو البهت، وهو على غير ثقة من كون ما أنكره منكرًا، كون ما أمر به معروفًا، وهل هذا إلا الجهل الصراح، أو التجاهل البواح ؟!...)).اهـ.

قال: صاحب الفضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - معلِّقًا على هذا الموضع في شرحه لرسالة الشوكاني - رحمه الله تعالى - ([10]): ((هذا صحيح، وهذه مسألة مهمة: أن بعض أهل العلم والفضل يتصل بالسلطان، ويعرف أنه يفعل المنكرات والمعاصي، لكن بعضها أخف من بعض، ويعلم أنه لو أنكر عليه هذا الصغير؛ لنفر منه السلطان، وقال: هذا متشدد، متزمِّت، لاسيما إذا وقع من الحوادث ما يقتضي ذلك، لأن هناك فرقًا بين أن يكون الناس راكدين، والجو بارد ومناسب، وبين أن يكون الجو مكهربا، ربما تنصح - مثلًا - سلطانًا من السلاطين في حال الجو المعتدل؛ فيقبل، لكن في حال الجو المتكهرب يحصل التماس، وحينئذ تنقطع الحبال، ويُحَوَّل هذا النصح في هذه المسألة الصغيرة على أنه تزمُّت وتشدُّد، ولا يُقبل النصح في هذه المسألة الصغيرة، ولا فيما هو أكبر منها.
ولكن الإنسان الحكيم يعرف كيف يتصرف، وكثير من السُّطحاء يَحْكُمون على الأمور بظاهر الحال، ويقولون: ليش يفعل كذا ؟ ليش ما يفعل كذا ؟ وليش يتصل بالسلاطين وهم يقولون كذا، ويفعلون كذا - التي هي صغيرة أو كبيرة - ؟!
لكن المتصل بالسلطان لا بد أن يكون على علم بحاله، وفكره، ونفسيته؛ فيراعى الأحوال إذا كان ناصحًا لله ورسوله )).اهـ.

ثم ذكر الشوكاني - رحمه الله تعالى - من يفرحون بزلة العالم، ويطيرون بها كل مطار، ويذيعونها في المدن والأمصار، أما إن كانت له حسنة؛ حرفوها، فإن عجزوا؛ كتموها، ثم قال: ((فما أحق من كان ذا عقل ودين ألا يرفع إلى مخرقتهم رأسًا، ولا يفتح لخزعبالاتهم أذُنُا، كما قلت من أبيات:

فما الشُّمُّ الشوامخ عند ريحٍ تمـرُّ علـى جوانبها تمـود

ولا البحر الخِضَمُّ يُعابُ يومًا إذا بالَتْ بجانبه القرود... )).




ثم قال - رحمه الله تعالى -: ((وبالجملة: فإني أظن أن الظَّلمة في الأعراض أجرأ من الظَّلَمة في الأموال؛ لأن ظالم المال قد صار له وازع على الظلم، وهو المال الذي به قيام المعاش، وبقاء الحياة، ثم قد حصل له من مظلمته ما ينتفع به في دنياه، وإن كان سحتًا (يجتاحه) حرامًا، وظالم الأعراض لم يقف إلا على الخيبة والخسران، مع كونه فَعَلَ جُهْدَ من لا جُهد له، وذلك مما تنفر عنه النفوس الشريفة، وتستصغر فاعلَه الطبائعُ العليَّة، والقوى الرفيعة )). اهـ كلامه - رحمه الله تعالى -.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في سياق كلامه على نوعي التعامل مع الولاة: ((الأول: تعاون على البر والتقوى: من الجهاد، وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وإعطاء المستحقين، فهذا مما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة؛ فقد ترك فرضًا على الأعيان، أو على الكفاية، متوهمًا أنه متورع، وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل والورع، إذْ كلُ منهما كَفٌّ وإمساك))([11]) .اهـ.
قلت: وليس لي بعد كلام هؤلاء الفحول تعليق، فقد قيل: لا عِطْر بعد عروس، وقطعت جهيزة قول كل خطيب، فلله دَرُّهم، وعليه أجرهم، وهو المرجو أن يهدينا وإخواننا سواء السبيل.




~~~


([1]) [ النور: 16 ].

([2]) (1) (9/4667-4684) تحقيق الشيخ أبي مصعب محمد صبحي حلاق ـ حفظه الله تعالى ـ ط / مكتبة الجيل الجديد.

([3]) ((منهاج السنة النبوية)) ( 4/113-114) وانظر ( 4/ 525-526).

([4]) ((مجموع الفتاوى)) ( 28/ 68).

([5]) الشريط (1/أ).

([6]) [ طه: 61 ].

([7]) [ طه: 62 ].

([8]) [ الأنفال: 46 ].

([9]) ((مجموع الفتاوى)) ( 28/ 168) وانظر ((منهاج السنة)) ( 4/ 527-528).

([10]) الشريط (2/أ).

([11]) ((مجموع الفتاوى)) (28/283).

تليها الشبهه الثالثة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 27-04-2008
  • المشاركات : 119
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ولد برق is on a distinguished road
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 27-04-2008
  • المشاركات : 119
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ولد برق is on a distinguished road
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
رد: شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها
12-05-2008, 07:56 PM
الشبهة الثالثة



قال كثير منهم: لقد رأينا تناقض هؤلاء العلماء الذين تَدْعُون الناس إلى لزوم غرزهم، فوجدناهم يفتون بالجهاد في أفغانستان ضد الروس، لما أَذِنت لهم أمريكا، ولم نرهم يفتون بذلك في العراق ضد التحالف الذي اجتاح العراق، لأن أمريكا هي الخصم الآن، ومن كان كذلك؛ فلا نأخذ بفتواه!!
والجواب على قسمين:
أ ـــ جواب مجمل: لو سلمنا جدلًا بخطأ العلماء في هذا؛ فمعلوم أن العلماء سلفًا وخلفًا - جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا - ليسوا بمعصومين إلا إذا أجمعوا، فهم بشر يجتهدون حسبما آتاهم الله من علم وفهم، وقد يخطئون، لكنهم في الغالب يصيبون، وإلا فلو كانت أغلب الفتاوى من نوع الخطأ؛ لزعزع ذلك في مكانة العالم من الناحية العلمية، بل لا يُعَدُّ - عندئذٍ - من العلماء الذين يُرْجَع إليهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في وصف العلماء الربانيين: (( ومن له في الأمة لسان صدق عام، بحيث يُثْنَى عليه، ويُحمَد عليه في جماهير أجناس الأمة؛ فهولاء أئمة الهدى، ومصابيح الدُّجى، وغلطهم قليل بالنسبة إلى صوابهم، وعامَّته في موارد الاجتهاد التي يُعذَرون فيها ...))([1]).
وإذا كان العالم يصيب ويخطئ - وهذا مقتضى البشرية - فلا بد أن نتعامل معه بالشرع لا بالهوى، ويتلخص الموقف الشرعي هنا في مواضع:
1 ـــ أن نُقِرَّ له - في الجملة - بالثواب الذي ورد في قول الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إذا حَكمَ الحاكم، فأصاب؛ فله أجران، وإذا أخطأ؛ فله أجر))([2]) وهذا في علمائنا الصادقين الذين يهمهم أمر التوحيد والسنة، فجزاهم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خيرًا.
2 ـــ لا نتابعه على خطئه، ونستغفر له، ونناصحه بالتي هي أحسن بما يليق بمقامه، ولا يُضَيَّع حق الشريعة - أيضًا - بمجاملته وعدم نصحه، وبهذا نكون قد حافظنا على كرامة الشريعة وكرامة حملتها.
3 ـــ أن نجلّه ونكرمه، ولا نهدر حسناته لاجتهادٍ أخطأ فيه، ولا نُعْرِض عنه لاجتهادٍ جانَبَ فيه الصواب، وهذا مقتضى العدل الذي أمرنا الله - عز وجل - به خلافًا لأهل البدع: أهل الإفراط والتفريط.
فقال سبحانه: )وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا (([3])، وقال تبارك وتعالى: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ (([4])، وقال - عز وجل - : )وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ( ([5]) ويقول سبحانه وتعالى: ) وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ( ([6]).
وقد صرح السلف - رحمهم الله تعالى - بعدم إهدار حسنة من أخطأ من العلماء؛ لأن في ذلك فسادًا عظيمًا، فقال الإمام ابن القيم - رحمة الله عليه - ([7]): ((.....فلو كان كل من أخطأ أو غلط تُرك جملة، وأُهدرت محاسنه؛ لفسدت العلوم والصناعات والحِكَم، وتعطلت معالمها...)).اهـ.
وقال الذهبي في ((النبلاء ([8]): ((... ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده - مع صحة إيمانه، وتَوَخِّيه لاتباع السنة أهدرناه، وَبَدَّعْناه؛ لقلَّ مَنْ يَسْلَم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنِّه وكرمه )).اهـ.
وقال في ((النبلاء))- أيضًا - ([9]): ((ولو أن كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطًا مغفورًا له، قُمنا عليه، وبدَّعناه، وهجرناه؛ لما سلم معنا لا ابن نصر، ولا ابن منده، ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة )).اهـ.
وقال في ((النبلاء)) - أيضًا ([10]): ((ثم إن الكبير من أئمة العلم، إذا كثر صوابه، وعُلِمَ تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعُرف صلاحه وورعه واتباعه؛ يُغْفر له زلَلُهُ، ولا نضَلِّله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم: ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجوا له التوبة من ذلك)).اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - ([11]) : ((ثم الناس في الحب والبغض، والمولاة والمعاداة: هم أيضًا مجتهدون، يصيبون تارة، ويخطئون تارة، وكثير من الناس إذا علم من الرجل ما يحبه؛ أحب الرجل مطلقًا، وأعرض عن سيئاته، وإذا عَلِمَ منه ما يبغضه؛ أبغضه مطلقًا، وأعرض عن حسناته، وهذا من أقوال أهل البدع، والخوارج، والمعتزلة، والمرجئة، وأهلُ السنة يقولون ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع...)).اهـ.
وقال الإمام المجدِّد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ([12]) في رسالة له: ((... ومتى لم تتبين لكم المسألة؛ لم يحل لكم الإنكار على من أفتى أو عمل، حتى يتبين لكم خطؤه، بل الواجب السكوت والتوقف، فإذا تحققتم الخطأ؛ بينتموه، ولم تُهدروا جميع المحاسن لأجل مسألة، أو مائة، أو مائتين أخطأتُ فيهن، فإني لا أدعي العصمة )).اهـ.
والكلام في ذلك يطول، ولقد صنفت في هذا كتابًا لطيفًا - ردًّا على بعض دعاة الغلو في هذا العصر - وسميته ((القول المفْحِم لمن أنكر مقالة نصحح ولا نهدم)) فارجع إليه إن شئت.
ب ـــ الجواب المفصل:
هذا كله لو سلمنا بأن العلماء قد أخطؤوا، ويجب أن تعرف - أخي الكريم -: أن نظرة العلماء - جزاهم الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين - للنوازل التي تنـزل بالأمة، والأمور المدلهمة؛ تختلف عن نظرة الحزْبي المتحرِّق، أو العامي صاحب الحماس المتدفق، أو الشاب الغيور مع قلة البصيرة في هذه الأمور.
وذلك: أن العلماء ينظرون للحال والمآل، ويرون ما يراه الناس من ظلم وبطش وغطرسة، لكنهم لا يَنْجَرُّون وراء عواطفهم، ولا عواطف العوام؛ لأنهم يعرفون ما لا يعرف الناس من عواقب الأمور، فيرجعون إلى فهم السلف، وقواعدهم، وتجاربهم، ونصائحهم، فيرون أن المواجهة المسلحة - في كثير من الحالات - تفضي إلى فساد عظيم، فيتسع الخرق على الراقع، ولا يُغيِّر ذلك مما هو واقع، إلا بما يزيل ما بقي من خير ومنافع!!
فعند ذلك يُوصُون الناس بالصبر الأذى، والاستكانة إلى الله -عز وجل - والتضرع والابتهال إليه، وإصلاح ما فسد من الأمة في عقيدتها وعباداتها ومعاملاتها، لأن ذلك هو سبب هذه الفتنة، لقوله تعالى: )ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (([13])ولقوله تعالى: )وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا(([14])وقوله تعالى )وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ !وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ(([15]) وقوله - عز وجل -: )لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ! كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ( ([16]) إلى غير ذلك من الآيات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: ((وحيث ظَهَر الكفار؛ فإنما ذاك لذنوب المسلمين التي أوجبت نقص إيمانهم، ثم إذا تابوا بتكميل إيمانهم؛ نصرهم الله، كما قال تعالى: )وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (([17]).
وقال: )أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ( ([18]). اهـ([19]).
وقال أيضًا: ((وإذا كان في المسلمين ضعف، وكان عدوهم مستظهرًا عليهم؛ كان ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم: إما لتفريط في أداء الواجبات باطنًا وظاهرًا، وإما لعدوانهم بتعدي الحدود باطنًا وظاهرًا، قال تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا (([20]) وقال تعالى: )أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (([21])وقال تعالى: )وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ! الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ( ([22]).اهـ. ([23])
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: ((فلو رجع العبد إلى السبب والموجِب؛ لكان اشتغاله بدفعه أجدى عليه، وأنفع له من خصومة من جرى على يديه، فإنه - وإن كان ظالمًا - فهو الذي سلطه على نفسه بظلمه، قال الله تعالى: )أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (([24])، فأخبر أن أذى عدوهم لهم، إنما هو بسبب ظلمهم، وقال تعالى: )وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (([25]) )).اهـ.
وقال الإمام ابن القيم أيضًا: ((وكذلك النصر والتأييد الكامل إنما هو لأهل الإيمان الكامل، قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) ([26]) وقال: )فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (([27]) فَمَنْ نَقَصَ إيمانه؛ نَقَصَ نصيبه من النصر والتأييد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله، أو بإدالة عَدُوٍّ عليه؛ فإنما هي بذنوبه: إما بترك واجب، أو فِعل محرم، وهو مِنْ نَقْص إيمانه )).

قال: ((وبهذا يزول الإشكال الذي يورده كثير من الناس على قوله تعالى: ) وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ( ([28]) ويجيب عنه كثير منهم بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلًا في الآخرة، ويجيب آخرون بأنه لن يجعل لهم عليهم سبيلًا في الحجة.
والتحقيق:... أن انتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل، فإذا ضَعُف الإيمان؛ صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم، فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بحسب ما تركوا من طاعة الله تعالى، فالمؤمن عزيز، غالب، مؤيَّد، منصور، مَكْفِيٌّ، مدفوع عنه بالذات أين كان ولو اجتمع عليه مَنْ بأقطارها، إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته، ظاهرًا وباطنًا، وقد قال تعالى: )وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (([29]) وقال تعالى: )فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (([30]) فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم وأعمالهم، التي هي جُنْدٌ من جنود الله، يحفظهم بها، ولا يفردها عنهم، ويقتطعها عنهم، كما يَتِرُ الكافرين والمنافقين أعمالهم، إذا كانت لغيره، ولم تكن موافقة لأمره))([31]).اهـ.
هذه هي الخطوة الأولى لإصلاح الراعي والرعية، ويسلك العلماء لتحقيق هذه الغاية: طريق الدعوة إلى الله تعالى، وهكذا يسعون لتحقيق كل ما أوجبه الله - عز وجل - على الأمة من إعداد القوة الإيمانية والمادية، وتلاحم الصفوف - كل ذلك حسب الاستطاعة - أما غيرهم من الشباب المتحمس - بدون ضوابط شرعية - فيصرخ في الناس: أن هُبُّوا لإنقاذ إخوانكم، واحملوا السلاح، واجتازوا الحدود!! علمًا بأنه لو كان المسلمون قادرين على ذلك؛ لسبقه العلماء إلى هذه الفتوى، أو أن العلماء يرون أنهم صرَّحوا بذلك، جرُّوا على البلاد شرًّا أعظم، وعجزوا عن نصرة إخوانهم، فلا إخوانهم نصروا، ولا باستمرار الخير ظفروا، والله المستعان.
أقول هذا، وإن أحوال المسلمين وما يحل بهم ليعصر قلبي أسىً وحسرةً، لكن الأمر إذا لم يرجع إلى كبار أهل العلم؛ ازداد الطين بِلة، والله المستعان.
إن كثيرًا من الناس يُكثرون من وصف واقع المسلمين، وما فيه من ذلةٍ وضعف، ويذكرون ما يفعله الكفار بالمسلمين في مشارق الدنيا ومغاربها، وكل هذا معلوم للراسخين في العلم من علمائنا، ولكن كيف يكون العلاج ؟
هل يكون العلاج باقتحام الأهوال، وإن أدى ذلك إلى زيادة ضعف المسلمين، وشدة تسلط الكافرين ؟!
إن العلماء يرون أن الأمر إذا أدى إلى ذلك؛ فلايكون العلاج إلا بالصبر على الأذى، والابتهال إلى الله - عز وجل - مع التوبة النصوح، ونصح ولاة الأمور بالتي هي أحسن، وتذكيرهم بحق الله وحق العباد عليهم، مع الاشتغال بالدعوة إلى الله تعالى، ونشْر الفضيلة، ومحاربة الرذيلة ما أمكن، هذا الذي علينا، والأمور كلها بيد الله عز وجل، والعلماء متبعون في ذلك لنصوص الشريعة وقواعدها، وتجارب السلف والخلف.
أما الشباب فيرون إعلان الحرب على غير المسلمين، وإذا وقف حكام المسلمين بينهم وبين ذلك؛ بدؤوا بقتالهم!! وهكذا يتسع الخَرْق على الراقع، وهذا حال المنْبَتِّ: لا أرْضًا قَطَعَ، ولا ظَهْرًا أبقى!!
إذًا، فالعلماء ينطلقون من قواعد محكمة، لا عواطف مدمِّرة، والواقع يشهد بصحة اجتهادهم: فعندما كان المسلمون قادرين على إخراج الروس من أفغانستان؛ استعانوا بالله - عز وجل - أولًا، ثم استفادوا من وجود ظروف أخرى مساعدة على ذلك: كالتنافس الموجود بين الدولتين المتصارعتين - آنذاك- وكون الوهن قد دبّ دبيبه في صفوف الروس، ووجود شِبْه إجماع من الطوائف في داخل أفغانستان وخارجها على قتال الروس، وموافقة ولاة الأمور في عدة دول على ذلك، سواء كان ذلك منهم مباشرة أو بإيعاز من أمريكا.
المهم لقد تهيأت ظروف صالحة للفتوى بالجهاد ضد الروس، والعلماء ينطلقون من قوله تعالى: )فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (([32])وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إذا أمرتكم بأمر؛ فأتوا منه ما استطعتم)) وينطلقون - أيضًا - من القاعدة الشرعية: ((ما لا يُدْرَك كله؛ لا يُتْرَك جُلُّه)) فمن أجل هذا وذاك وذلك؛ أفتى العلماء بالجهاد في أفغانستان، وأجرى الله بذلك خيرًا، وطُرِد الروس، ولولا أن قَدَّر الله أمورًا أخرى داخل الصفوف هناك - فكان من أمر الله ما كان - لكان لتلكلم الجهود شأن آخر )وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ( ([33]).
ولما لم تتهيأ الظروف السابقة فيما حدث بَعْدُ مِنْ فتن، بل اجتمع الأعداء جميعًا على الأمة بصور مختلفة، ورفعت الفتنة والاضطرابات عقيرتها بين الشعوب والحكام؛ رأى العلماء الإمساك عن الفتوى بذلك؛ خشية أن تجر هذه الفتوى على الأمة مالا طاقة لها به، وحذرًا من أن تكون الفتوى سببًا في اجتياح ما بقي من بقايا الخير في الأمة، فرأوا أن ارتكاب المفسدة الصغرى بالسكوت؛ أهون من ارتكاب المفسدة العظمى، وهذا موافق لقواعد السلف.
بل قد جرى نحو ذلك في تاريخ بعض السلف، عندما تفرق المسلمون دولًا ودويلات، وعندما استفحل شر العدو في الخارج، وانتشر شر أهل الأهواء في الداخل، وما أمر العُبيديين وأشباههم عنا ببعيد، فكان علماء السنة الذين أدركوا تلكم الأعصار والأحوال، وأحسوا بضعف المسلمين ماديًّا، وعدم قدرتهم على المواجهة لإخراج الباطنية والحلولية الزنادقة من بلادهم؛ كانوا ينصحون بالصبر وإصلاح ما أمكن إصلاحه، والحفاظ على ما بقي من خير- وإن كان شيئًا يسيرًا - وكذا موقف الإمام أحمد في الإنكار على من أراد الخروج على الواثق – على ما فيه - وهذا من باب الأخذ بالأسباب التي في الإمكان والطاقة، ومن أخذ بالأسباب التي يقدر عليها؛ فهو محسن غير مسيء، ومن كان كذلك؛ نزل تأييد الله له ونصره -إن شاء الله تعالى - والله تعالى يقول: )فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ ( ([34]) ويقول سبحانه: )وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ( ([35]).
فلا بد أن يُعْلم: أن النصر إنما يكون بالصبر والسكوت عن إثارة الفتن عند العجز عن المواجهة، كما أنه يكون بإعداد القوة والرمي عند القدرة بدون مفسدة مماثلة أو أكبر تعود على الإسلام وأهله، أما المخالفون فيظهر من حالهم ومقال بعضهم أن الصبر، أو التضرع، أو الابتهال: سلاح العجائز، ولابد من مواجهة من لا طاقة للمسلمين بمواجهته، وإن أدى ذلك إلى ما لا تُحمد عاقبته، المهم لا بد - عندهم - مِنْ رَفْع عَلَم الجهاد المسلَّح في كل الأحوال، وإن أهلك الأعداء الحرث والنسل!!
والشباب يظنون أن علماء المسلمين اليوم يقدرون على أن يقوموا مقام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - عندما غزا التتار الشام، ولكن العلماء أعرف بحالهم وقدراتهم،كما أنهم أعرف بقدرات أمة الإسلام وأحوالها من هؤلاء الشباب الذين يتسرعون في اتهام العلماء بما لا يجوز، والله المستعان.
فإذا تقرر هذا؛ فما هو الفرق بين صنيع علمائنا المعاصرين، وصنيع أئمتنا السابقين ؟! إلا أن المخالفين للعلماء لا يعرفون تفسيرًا لحكمة العلماء إلا رميهم بالتناقض، والخنوع، والخضوع للملوك والرؤساء والشيوخ في حق أو في باطل، وبيْع الدين بالدنيا، وعبادة العباد من دون رب العباد... إلى غير ذلك مما طفحت به صفحات الكتب، وبطون الأشرطة، وشاشات ((الإنترنت)) والفضائيات!!
إن هذا الأسلوب في ازدراء العلماء، وتنقُّصهم، وحمل مواقفهم على التي هي أسوأ: هو أسلوب الصحفيين العلمانيين، والمحَلِّليين السياسيين المفتونين ونحوهم، وليس من هَدْى العلماء، ولا وقار طلاب العلم مع علماء الأمة في شيء، حتى وإن سلمنا بخطأ العلماء، فإنا لله وإنا إليه راجعون!!
(تنبيه): لقد أمسك أبو هريرة - رضي الله عنه - عن ذكر أحاديث الفتن خشية على نفسه، ولأن كثيرًا من الناس لا يحسنون فهمها، وقد يؤول أمر بثِّها ونشرها في الناس إلى ما هو أعظم، فقد جاء في ((صحيح البخاري))([36]) قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: ((حَفِظْتُ مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وعائين؛ فأما أحدهما فبثَثْتُه، وأما الآخر فلو بثثْتُه؛ قُطع هذا البلعوم)) فهل رماه أحد من علماء الأمة - سلفًا وخلفًا - بما يرمي به هؤلاء علماءنا من جبن وضعف وعمالة ؟!
وعلى مذهب هؤلاء لا يَسْلَم أبو هريرة من أن يقال له: لم كتمت العلم الذي فيه مصلحة البيان، وإنهاء الفتن في أقرب وقت، وذلك إذا عُلم المصيب من المخطئ من خلال هذه الأحاديث ؟... الخ، لكن أبا هريرة - رضي الله عنه - يعلم أن تأويل المخالف للأدلة بَحْر لا ساحل له - لاسيما في زمن الفتنة - ولا يكون من وراء بثها خيرٌ يُذْكَر بجانب الشر الذي سيقع - والله أعلم -.
وقد أذن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لمعاذ في نحو ذلك بقوله: ((لا تبشرهم فيتكلوا))([37])وانظر ما نقله الحافظ في ((الفتح))([38]) عن بعض أئمة السنة من كراهية التحدث بما يُثير الفتنة، وهذا الذي عليه علماؤنا، فكان ماذا ؟!
وهذا الحديث - وغيره - فيه جواز كتمان العلم للمصلحة، أما المخالفون: فكتمان العلم الذي يتصل بالأمراء والفتن - عندهم - لا يكون إلا عمالة وركونًا إلى الدنيا!! مع أن أبا هريرة كتم ذلك للمصلحة.
والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يُشْهِر وصْفَ الأغيلمة الذين يكون هلاك الأمة على أيديهم، فلم يجعل وصفهم عامًا للناس جميعًا، إنما خصَّ به أبا هريرة دون الصحابة، وهذا كله يدل على أن الهدْي النبوي عدم إشهار الكلام على الحكام، وأما اليوم فإنك تجد الجدل والنـزاع وارتفاع الأصوات في المساجد، والمجالس، وناقلات الركاب، وفي الأسواق، والشوارع، وغير ذلك بين الكبير والصغير، والذكر والأنثى في هذه الأمور!! فأين هؤلاء من خير الهدْى ؟!
هذا، وقد رأينا بعض الطاعنين في علمائنا عندما يقترب من الحكام ويدنو منهم؛ يفعل من المخالفات ما لا يُتصور من مثله، بدعوى: أن مصلحة الدعوة تقتضي هذا!! مع أن علماءنا لم يفعلوا ذلك، ولهم قدم صدْق، ويد بيضاء، ومواقف لا يجحدها إلا جاهل أو متحامل، لكن أعذارهم الشرعية مرفوضة عند القوم!! وتَعَلُّلات أصحابهم الحزبية،وتأويلاتهم الحركية مقبولة عندهم، وتشهد لها الأدلة والقواعد- في نظرهم -!!، وصدق من قال:


وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا

ومن قال:

نظـروا بـعين عـداوة لـو أنها عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا


وإذا كان علماؤنا يتبعون منهج السلف، وعُدَّ ذلك من معايبهم؛ فماذا يقولون إذًا ؟!، وصدق من قال:


إذا محاسـنيَ الـلاتي أُدِلُّ بهـا عُدَّتْ ذنوبًا فقُل لي كيف أعتذر ؟!




خلاصة الجواب على هذه الشبهة مع زيادات مهمة :
1ـــ أن علماءنا يسيرون على منهج السلف في فتاواهم - لا سيما في فتاوى النوازل - ولا أَدَّعِي عصمتهم، ولا ادَّعَوْا هذا لأنفسهم، وكفى المرء نُبْلا أن تُعدَّ معايـبه، والأصل في الفتن قلة الكلام والخوض فيها، مع الإقبال على الطاعات، بخلاف حال كثير من الناس، والله المستعان.
2ـــ أن علماءنا لا تستفزُّهم عواطف العامة والمتحمسين، فيفتون بما يرضيهم، وإن أفضى إلى ما هو أسوأ، إنما يلزمون منهج السلف، رضى من رضى، وسخط من سخط!!
3ـــ أن العامة - وأشباههم - لا يدركون صحة مذهب العلماء؛ إلا بعد مرور فترة من الزمن، وقد قيل: الفتن إذا أقبلت؛ عرفها العلماء، وإذا أدبرت؛ عرفها الناس كلهم أو جلهم، فيدرك - عند ذاك - كثير منهم أن العلماء لو اتبعوهم على حماسهم؛ لَحَدَثَتْ أمور لا تُحْمَد عقباها:)وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ (([39]) ومع ذلك يا ليت هؤلاء يتعظون من هذه المواقف، فيتركوا رأيهم لاجتهاد العلماء في مسائل أخرى مشابهة لهذه الحوادث، لكنهم - وللأسف - يعودون لذلك مرات عديدة !!
فما على العلماء إلا التشبث بالحق الذي تشهد له الأدلة، وإرضاء الناس غاية لا تُدْرَك، ومن أصلح مابينه وبين الله؛ أصلح الله مابينه وبين الناس، وصدق الله - عز وجل - القائل: )فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ( ([40])والقائل سبحانه وتعالى: ) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ( ([41])والقائل - عز وجل -: ) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ( ([42])والقائل: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَءَايَاتِهِ يُؤْمِنُونَ َ (([43]) فالقسمة ثُنَاِئيَّة: إما حق؛ وإما باطل، إما استجابة لمنهج السلف؛ وإما اتباع الأهواء: )وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (([44]) وقد قيل فيمن يغتر ببضاعته المزجاة:

سوف يُرى إذا انجلى الغبارُ أفـرس تحتـك أم حمـارُ

4ـــ هناك من تخدعه جمهرة كثيرٍ من العوام وأشباههم، ويغتر بجحافلهم واجتماعاتهم - مع ما هم فيه من اتباع الأهواء، والولاء والبراء من أجل الدنيا، إلا من رحم الله - فيفتي بما يرضي العوام، وبما يمتص غضبهم وعاطفتهم، ويدعو إلى المواجهة المسلحة، ويتهم علماء الأمة - وهم المرجع منذ عقود من الزمان - بالضلالة والجبن، إن هذا الصنف لا يدرك سنة الله عز وجل في الفتن، ولا يعي طبيعة العوام وأشباههم، ولا الفرق بين حالهم في اليسر، وحالهم في العسر، والله المستعان.
5ــ لسان حال المدّعين تناقضَ العلماء في الفتوى: أنهم يُلْزِمون علماءنا بأن تكون فتواهم في القوة والضعف سواء، فإما أن يفتوا بالجهاد في كل الحالات ضد جميع الكفار، أو بالقعود في كل الحالات، وإلا فهم متناقضون!! ومعلوم أن هذا قياس فاسد، وفهم كاسد، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: ((... وما جاءت به الشريعة من المأمورات، والعقوبات، والكفارات، وغير ذلك: فإنه يُفْعل منه بحسب استطاعته، فإذا لم يقدر المسلم على جهاد جميع المشركين؛ فإنه يجاهد من يقدر على جهاده، وكذلك إذا لم يقدر على عقوبة جميع المعتدين؛ فإنه يعاقب من يقدر على عقوبته...)) إلى أن قال: ((فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فالقليل من الخير؛ خير من تركه، ودفع بعض الشر خير من تركه كله))([45]) .اهـ.
فتأمل فهم فقهاء الشريعة - حقًّا - واحذر الفتاوى التي تضر ولا تنفع!!
فالعلماء إذا وجدوا من يعينهم على تحقيق مراد الله عز وجل في باب من الأبواب - وإن كان المعين لهم على ذلك مشركًا - فإنهم لا يتأخرون عن الـمُضِيِّ في ذلك، طالما أن المصلحة الشرعية مـتحققة أو غالبة، وقد قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ((زاد المعاد))([46]) في سياق كلامه على فوائد يوم الحديبية: ((ومنها أن المشركين، وأهل البدع، والفجور، والبغاة، والظلمة، إذا طلبوا أمرًا يُعظِّمون فيه حُرْمَةً مِنْ حرمات الله تعالى؛ أُجيبوا إليه، وأُعْطُوه، وأُعينوا عليه - وإن مُنعوا غيره - فيعاونون على ما فيه تعظيم حرمات الله، لا على كُفْرهم وبغيهم، ويُمنعون ما سوى ذلك، فكل من التمس المعاونة على محبوب لله تعالى، مُرْضٍ له؛ أُجيبَ إلى ذلك،كائنًا من كان، ما لم يترتب على إعانته على ذلك المحبوب مبغوضٌ لله أعظم منه...)).اهـ.
هذا هو الفقه في الدين، فإن تَغَيَّر الحال، ولم يجد العلماء المعين لهم على الحق، بل وجدوا أعداء الإسلام قد تكالبوا وتداعوا على هذه الأمة، ورأوا ضعف الأمة ووهنها؛ فإنهم لا يزيدون الطين بِلَّة، والأمة ذلة، ويمسكون - عندئذ - عن الكلام في ذلك، لأن كلامهم سيترتب عليه ما الله به عليم - بخلاف كلام غيرهم - وهم في هذا كله منطلقون من قواعد الشرع، لا من أوامر أمريكا ولا غيرها، وحسبنا الله ونعم الوكيل من التقوُّل على عباد الله وأوليائه، بغير هدى ولا كتاب منير!!
وقد قال صاحب الفضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى - جوابًا على من ذكر أن لعلماء المملكة - حرسها الله وجميع بلاد المسلمين- فتاوى خاطئة بسبب الضغوطات عليهم، فقال - حفظه الله -:
وأما قوله: ((إنهم يُفْتون بسبب ضغوطات؛ فهو قول باطل، وعلماء هذه البلاد - ولله الحمد - هم من أبعد الناس عن المجاملات، فهم يفتون بما يظهر لهم أنه هو الحق، وهذه فتاواهم موجودة - ولله الحمد ومدونة، وأشرطتهم موجودة، فليأتنا هذا المتكلم بفتوى واحدة تعمدوا فيها الخطأ بموجب ضغط، وأنهم أُجبروا على هذا الشيء!! أما الكلام والدعاوى واتهام الناس؛ فهذا لا يعجز عنه أحد، كل يقول، لكن الكلام في الحقائق!!))([47]) .اهـ.
فإن قيل: إننا نرى هؤلاء العلماء يتبعون ما جاءهم من قادتهم، فإذا جرى نزاع سياسي مع الروافض؛ فزع عبيد العبيد - يعنون بذلك العلماء!! - إلى ذِكْر الأدلة الكاشفة لستر الروافض، وإذا حصل انسجام سياسي بين قادتهم وقادة الروافض؛ سكتوا، أو غيَّروا كلامهم، وكذا وجدنا موقفهم مع غير الروافض!!
فالجواب: إن هذه نظرة من ساء ظنه في علماء الأمة، ولا خير في أمة يتهم صغارُها كبارَها، ويحتقر عوامُّها علماءَها، وقد سبق بيان الموقف الصحيح - مجملًا ومفصلًا - من العلماء، ومع ذلك؛ فسأجيب على هذه الشبهة -إن شاء الله تعالى - فأقول:
إذا اختلف قادة السنة السياسيون مع قادة الروافض، وبَيَّن العلماء عقيدة الروافض - في هذه الحالة - فالمقام لا يخلو من فائدة، ولا عيب على من كان عمله مفيدًا للإسلام والمسلمين، و((الأعمال بالنيات))، فلماذا لا تحملون ذلك الصنيع من العلماء الكبار إلا على القصد السيئ ؟!
فإذا اتفق القادة مع قادة الروافض من الناحية السياسية، فالمقام لا يخلو من حالتين:
الأولى: أن يكون القادة السياسيون من أهل السنة مصيبين في هذا الاتفاق، وأن المصلحة من ورائه راجحة للسنة وأهلها، سواء كانت جلبًا لمصلحة، أو درءًا لمفسدة.
وعلى ذلك: فسكوت العلماء - إن سلمنا بذلك في هذه الحالة - أمر يُساعد على الحفاظ على هذه المصلحة المرجوة من وراء هذا الصلح، ولا عيب عليهم في ذلك -إلا عند من يسيئون بهم الظن!!- فإن المصلحة تقتضي ذلك.
الثانية: أن يكون ما فعله القادة السياسيون من الصلح - على أسوأ الأحوال - مخالفًا لشرع الله - عز وجل - سواء كان ذلك في مسألة اجتهادية، أو أعظم من ذلك، فإذا رأى العلماء أن كلامهم سيأتي بشرٍّ أكبر، فسكتوا؛ فما العيب عليهم في ذلك ؟ أليس هذا موافقًا لقواعد الشريعة ؟!
ثم هل تراجعوا عن كلامهم الأول في الروافض وغيرهم ؟! هل مدحوا الروافض، ووصفوهم بوصفٍ يخالف ما عليه سلف الأمة ؟! هل يلزمهم أن يتكلموا في كل حال، سواء جرى بهذا الكلام خير أم شر؟! ألا يجوز كتمان العلم للمصلحة ؟ هل يلزم العلماء أن يأخذوا بتقديركم أنتم للمصالح والمفاسد ؟ وإلا كانوا متناقضين، يبيعون دينهم بيعًا رخيصًا؟!
فصحَّ أن موقف العلماء - حسب فهم من يعرف قَدْرَهم - لم يخرج عن منهج السلف - ولا أدعي عصمتهم في كل شيء - إلا أن المخالفين تُغْلَق أمامهم أبواب المخارج الشرعية لمخالفهم، وتكون أضيق من سَمِّ الخياط، وما أكثر هذه المخارج إذا أُوقِفوا على أخطاء قادتهم ومنَظِّريهم وشيوخهم!! فيصدق عليهم في حق قادتهم - لا في حق الراسخين من العلماء - قول من قال:


وإذا الحبيب أتى بذنبٍ واحدٍ جاءت محاسنه بألـف شفيع



(تنبيه): لو سلمت بما قال المخالفون في علمائنا؛ فهذا جوابي عن العلماء، ودفاعي عن عِرْضِهم وصِدْقهم وفهْمهم، إلا أنني لا أسلم لهؤلاء بأن علماءنالم يتكلموا في عقيدة الروافض وغيرهم إلا في الحالة التي ذكرها المخالفون، ففتاواهم وكتبهم ومجالسهم ودروسهم شاهدة بهذا كله، لكن سوء الظن يقلب الحقائق، ويجعل الحسَن قبيحًا، والله المستعان، وصدق من قال:


أتانا أن سهـلًا ذم جهلًا علومًا ليس يدريهن سهلُ

علومًا لو دراها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهلُ




وصدق من قال:

لو كنتَ تعلم ما أقول عَذَرْتَني أو كنتَ تعلم ما تقول عَذَلْتُكاْ

لكنْ جَهِلْتَ مقـالتي فعذلْتني وعلمتُ أنك جاهلٌ فعذَرْتُكاْ





وأختم كلامي هنا بما قاله الحافظ ابن عساكر - رحمه الله - في ((تبيين كذب المفترى((([48])، فقد قال: ((وقد قيل في المثل:(لن تُعدم الحسناء ذامًّا) وقلّما انفك عصر من الأعصار من غاوٍ يقدح في الدين، ويُغوي إبهامًا، وعاوٍ يُجرِّح بلسانه أئمة المسلمين، ويَعْوِي إيهامًا ،ويستـزل من العامة طوائف جهالا؛ وزعانف أغتامًا، ويحمل - بجهله - على سب العلماء والتشنيع عليهم سفهاء طغامًا، لكن العلماء إذا سمعوا بمكرهم؛ عَدُّوه منهم عرامًا - يعني شغبًا - وإذا ما مَرُّوا بِلَغْوهم في الكبار من الأئمة؛ مرُّوا كرامًا، وإذا خاطبهم الجاهلون منهم؛ قالوا سلامًا... ((إلى أن قال - رحمه الله تعالى -:((واعلم - أخي، وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته -: أن لحوم العلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء؛ أمر عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء؛ مرتع وخيم، والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم؛ خُلُق ذميم، والاقتداء بما مدح الله به قول المتبعين من الاستغفار لمن سبقهم؛ وصْفٌ كريم، إذْ قال مُثْنيًا عليهم في كتابه - وهو بمكارم الأخلاق وضدها عليم- : )وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاَّ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ( ([49])والارتكاب لنهي النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن الاغتياب وسب الأموات؛ جسيم)فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ( ))([50]) .اهـ.


~~~




([1]) ((مجموع الفتاوى)) (11/43).

([2]) أخرجه البخاري برقم ( 7352) ومسلم برقم (1716).

([3]) [ الأنعام: 152 ].

([4]) [ النحل: 90 ].

([5]) [ المائدة: 8 ].

([6]) [ الشورى: 15 ].

([7]) ((مدارج السالكين)) (2/39-40).

([8]) (14/374-376)في ترجمة ابن خزيمة.

([9]) (14/39-40) في ترجمة محمد بن نصر المروزي.

([10]) (5/271) في ترجمة قتادة.

([11]) ((مجموع الفتاوى)) (11/15-16).

([12]) ((الدرر السنية))(10/57).


([13]) [ الروم: 41 ].

([14]) [ طه: 124 ].

([15]) [ الزخرف: 36 ـ 37 ].

([16]) [ المائدة: 78 ـ 79 ].

([17]) [ آل عمران: 139 ].

([18]) [ آل عمران: 165 ].

([19]) من ((الجواب الصحيح)) ( 6 / 450 ).

([20]) [ آل عمران: 155 ].

([21]) [ آل عمران: 165 ].

([22]) [ الحج: 40 – 41 ].

([23]) ((مجموع الفتاوى)) ( 11 / 645 ) نقلًا عن ((مهمات في الجهاد)) ( ص 19 – 20 ).

([24]) [ آل عمران: 165 ].

([25]) [ الشورى: 30 ].

([26]) [ غافر: 51 ].

([27]) [ الصف: 14 ].

([28]) [ النساء: 141 ].

([29]) [ آل عمران: 139 ].

([30]) [ محمد: 35 ].

([31]) ((إغاثة اللهفان)) ( 2 / 182 ) نقلًا عن ((مهمات في الجهاد)) ( ص 20 - 21 ) .

([32]) [ التغابن: 16 ].

([33]) [ البقرة: 216 ].

([34]) [الأنعام: 43 ].

([35]) [ الأعراف: 137 ].

([36]) ك/العلم , ب/ حفظ العلم برقم (120).

([37] ) أخرجه البخاري برقم (128).

([38]) (1/298).

([39]) [ المؤمنون: 71 ].

([40]) [ القصص: 50 ].

([41]) [ ق: 5 ].

([42]) [ يونس: 32 ].

([43]) [ الجاثية: 6 ].

([44]) [ الشعراء: 277 ].

([45]) ((مجموع الفتاوى)) (15/312-313).

([46]) (3/303).

([47]) نقلًا عن ((الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية)) ( ص 108 -109 ).

([48]) (ص29,27) ط/ دار الكتاب العربي.

([49]) [ الحشر: 10 ].

([50]) [ النور: 63 ].



تليها الشبهه الرابعة إلى الأربعين
التعديل الأخير تم بواسطة ولد برق ; 13-05-2008 الساعة 08:11 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 27-04-2008
  • المشاركات : 119
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ولد برق is on a distinguished road
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
رد: شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها
12-05-2008, 07:58 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذه الشبهات ان شاء الله تنزل كلها كل يوم شبهتين و إذا كانت الشبهه طويلة نستكفي بواحده فقط

و عدد الشبهات و الجواب عليها أربعين شبهه

اسأل الله ان ينفع بها
التعديل الأخير تم بواسطة ولد برق ; 12-05-2008 الساعة 08:04 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 27-04-2008
  • المشاركات : 119
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ولد برق is on a distinguished road
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
رد: شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها
13-05-2008, 08:24 PM
الشبهة الرابعة



قال بعضهم: ((ومِنْ تناقُضِ هؤلاء العلماء - أيضًا-: أنهم كانوا يَدْعُون - هم والمسلمون - على أعداء الإسلام والمسلمين، ويسألون الله أن يذل الشرك والمشركين، وأن يُهلك اليهود ومَنْ وراءهم، فلما وقع شيء من ذلك بأمريكا؛ استنكروا، وأصدروا الفتاوى التي تشجب وتستنكر هذا الفعل، وحَذَّروا من هذا المنهج!! مع أن هذا الفعل جزء من استجابة الله - عز وجل - لدعائهم ودعاء المسلمين، فهل بعد هذا من تناقض ))؟!
والجواب: أن الدعاء على الكفار الذين يصدون عن سبيل الله، ويقاتلون المسلمين، ويخرجونهم من ديارهم، ويُظاهرون على إخراجهم؛ أمر مشروع، فإن كان المسلمون أقوياء؛ جمعوا بين الدعاء والمواجهة للدفاع عن دينهم وعِرضهم وأرضهم التي يعبدون الله عليها، وإن كان المسلمون ضعفاء؛ اكتفوا بالدعاء، لأنه الميسور لهم، ولأن غيره من الأساليب المخالفة سيضر أكثر وأكثر.
ويريدون بدعائهم - والحال هذه - أن الله عز وجل يُنـزل بِعَدُوِّهِمْ ما يشفي صدور قومٍ مؤمنين، ويُذْهب غيظ قلوبهم، أو أن الله عز وجل يَمُنُّ على المسلمين بقوة وبأس، ليدفعوا بذلك عن أنفسهم ودينهم، فإن يسر الله عز وجل لهم بذلك؛ فرح المؤمنون بنصر الله عز وجل، دون أن يجروا على أنفسهم شرًّا، أما أن يتعجل بعض المسلمين، ويقوموا بأمور تجرّ على المسلمين ويلاتٍ وفتنًا، فإذا أنكر عليهم العلماء؛ قالوا: هذا تناقض، لماذا تحزنون من استجابة الله دعاءكم ؟! إن هذا لشيء عُجَاب!!
وإذا نظرنا في هديه- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في هذا الباب العظيم ورأينا ما عليه علماؤنا؛ لرأينا علماءنا متَّبعين لهديه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: فقد دعا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على قريش ، فقال : ((اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش)) لأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأُبيّ بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، قال ابن مسعود: ((فلقد رأيتهم في قليب بدر قتلى))([1]) وذلك عند ما وضعوا على رأسه الشريفة السَّلى، ومع ذلك لما استؤذن في قتالهم؛ قال ((لقد أُمِرْت بالعفو)) كما في ((سنن النسائي)) بسند صحيح، ولما بويع النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوم بيعة العقبة الثانية؛ قال له العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق، لئن شئت لنمِيلَنَّ على أهل مِنى غدًا بأسيافنا، فقال الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لم أُومَر بذلك))([2]).
فليس كل من شُرِع لنا أن ندعوا عليه؛ يَشْرُع لنا أن نواجهه بالسلاح في كل الأحوال، فقد لا نستطيع ذلك - كما هو حاصل الآن - والإنكار على المتعجلين في هذا الباب؛ ليس تناقضًا ولا اضطرابًا!!
وقد أُخْبِرْتُ بما جرى من بعض المخالفين، عندما صوَّر صورة((كاريكاتيرية)) وفيها أحد كبار أهل العلم - وقد كُفَّ بصره - صوَّره بصورة أعمى يقوده رئيس أمريكا!! فتبًّا للغلو، وسُحْقًا، وبُعْدًا لحال أفضى بأهله إلى أن يكون هذا قَدْر العلماء الكبار عندهم!!
فأين أنتم يا أمة الإسلام، إذا كان من أبنائكم من يُصَوِّر كبار علماء هذه الأمة بهذه الصورة المشينة، وبهذه الحالة المهينة ؟! وهل تفلح أمة يسبُّ حدثاؤها علماءَها ؟!



~~~




([1]) أخرجه البخاري برقم (2934)، ومسلم بنحوه برقم (1794).

([2]) أخرجه أحمد (1579) وسنده حسن.

تليها الشبهه الخامسة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 37
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    25

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها
13-05-2008, 09:28 PM
ماشاء الله تبارك الله
ردود قوية على تلك الشبهات الفتانة
بارك الله فيك وسدد خطاك
سا محني إن قلت إنني أشم فيك رائحة اليمانيين
الحكمة اليمانية والإيمان يماني

محبك في الله جمال من الجزائر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 27-04-2008
  • المشاركات : 119
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ولد برق is on a distinguished road
الصورة الرمزية ولد برق
ولد برق
عضو فعال
رد: شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها
13-05-2008, 09:37 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البليدي جمال مشاهدة المشاركة
ماشاء الله تبارك الله
ردود قوية على تلك الشبهات الفتانة
بارك الله فيك وسدد خطاك
سا محني إن قلت إنني أشم فيك رائحة اليمانيين
الحكمة اليمانية والإيمان يماني

محبك في الله جمال من الجزائر
بارك الله فيك أخي وشكرا على شد عضدي
سامحني إذا قلت إنك مزكوم و نصحتك بتجنب التفرس بحاسة الشم
أخوك و محبك
التعديل الأخير تم بواسطة ولد برق ; 13-05-2008 الساعة 09:40 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 37
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    25

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: شبهات المجيزين للتفجيرات و الاغتيالات000 و الرد عليها
13-05-2008, 09:40 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ولد برق مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك أخي وشكرا على الشد عضدي
سامحني إذا قلت إنك مزكوم و نصحنك بتجنب التفرس بحاسة الشم
أخوك و محبك
وفيك بارك الله
داويني إذا بدواء يشفي زكامي بإذن الله
أنا أنتظر الدواء
وفقك الله
 
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:30 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى