رسائل إلى من افتتن بفكر الغلو والتطرف
26-03-2016, 04:31 PM
رسائل إلى من افتتن بفكر الغلو والتطرف
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
نحمد الله ونشكره على توفيقه للجيش الوطني الشعبي في عملياته النوعية الأخيرة الموفقة المسددة في:( عين صالح والوادي وتيزي وزو) ضد الجماعات التخريبية التي تعددت أسماؤها الخادعة، واتحدت أهدافها الشنيعة المتمثلة في إحداث الفتن بين المسلمين، والتسبب في تفكيك وحدتهم المجتمعية والترابية – خيب الله سعيها-.
لا يخفى على الجميع أهمية المعالجة الأمنية لمشكلة:" الغلو والتطرف"، والتي تدعى بظاهرة:" الإرهاب"، ولكن لا ينبغي أن يخفى علينا أمر لا يقل أهمية عن سابقه، وهو:" قيمة المعالجة الفكريةلمشكلة الغلو والتطرف"، فهي لا تقل أهمية عن:" المعالجة الأمنية"، هذا إن لم تفقها باعتبارها:" وقاية هامة جدا من تلك المعضلة"، وقد قيل في الحكمة:
" درهم وقاية: خير من قنطار علاج".
ولأننا في:" عصر القرية الكونية، و: الفضاء المفتوح بفضل التطور المذهل لوسائل الاتصال والتواصل": أصبح كثير من أبنائنا وشبابنا: عرضة للتسمم الفكري بفعل النشاط الرهيب للجماعات الإرهابية التي تحاول استقطابهم بإغراءات مادية وفكرية وروحية: تمجد الإجرام والإفساد في بلاد المسلمين بأسماء شرعية وضعت في غير محلها!!؟.
وإسهاما منا في بث:" الوعي الشرعي والفكري الكاشف لضلال فكر التطرف والغلو": ننشر نصائح ثمينة لأبنائنا وشبابنا:حماية لهم من التأثر بأفكار الغلاة المتطرفين، وهي: نصائح خطها يراع الأستاذ الدكتور:" السعيدي"، فجزاه الله خير الجزاء، وإلى النصائح مع تصرف يسير:
1) هذه رسائل إلى من افتتن بفكر الغلو والتطرف من أبنائنا وشبابنا، ألتمس منهم قراءتها، وإعمال عقولهم وقلوبهم، فسينفع الله بها بإذنه وتوفيقه:( من ألقى السمع، وهو شهيد).
2) وأصلها: مقال كان قد نشر قبل أيام، اقترح علي البعض تقسيمه في تغريدات، فاستجبت لهم مع وضع بعض الزيادات، والله الموفق والهادي سواء السبيل.
3) إن لك يا بُنَي نفساً واحدة هي: أنفس ما تملكه، وأوجب ما أمرك الله تعالى برعايته، فلا تُهْلكها إلا في يقين مثل:" عين الشمس في وضوحه".
4) إذا دُعِيت لأمر تهلك فيه نفسك: أقل من عين الشمس في وضوحه، فلا تفعل: كأمرٍ أهل العلم على خلافه، أو اختلف فيه العلماء، أو يخالف مقاصد الشرع.
5) كل أمر فيه خلاف بين العلماء، أو أنهم أجمعوا على خلافه، أو هو مضاد لمقاصد الشريعة، فأقل أحواله أنه من المشتبهات، فكيف تهلك نفسك في أمر مشتبه!!؟.
6) واعلم أن نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم: نهى عن الوقوع في المشتبهات في الطهارات والبيوع ونحوها، فكيف تقع فيها فيما فيه إتلاف نفسك ونفوس الآخرين، ثم لا رجعة لك فيه!!؟.
7) أمر نبيك صلى الله عليه وسلم بدرء حدود الزنى والسرقة والقذف والحرابة بالشبهات قدر المستطاع، فقال:" ادرءوا الحدود بالشبهات"، " ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم".
8) فإذا كان الحد يدرأ في الجرائم التي لا تخرج من الدين: صيانة للنفس، فكيف بحد الردة عن الدين الذي دخل فيه العبد بيقين، فلا يخرج إلا بيقين!!؟.
9) لو تصورت أن كل عالم لم يخرج على السلطان مرتد، فما تقول بأئمة الأمة من:( عام 100هـ حتى اليوم): لا يعرف إمام خرج على السلطان بجميع ممالك الإسلام!!؟.
10) فهل أئمة الإسلام من ذلك الوقت مرتدون!!؟، أم أن ممالك الإسلام في كل زمان ومكان: لم ترتكب ما تراه ناقضا من نواقض الإسلام!!؟، وكلا الأمرين غلط!!؟.
11) حاشا أئمة الإسلام:" الإجماع على الكفر"، وقائل ذلك: يلزمه تكفير الأمة التي هي: تبع لعلمائها كل تلك القرون، ولا يقوله إلا مغرور، نسأل الله السلامة.
12) وكثير من دول الإسلام في التاريخ: منقول وقوعها في كل أطوارها، أو بعضها بما يحسب من نواقض الإسلام، ومع ذلك: لم يخرج الأئمة عليها، ولم يكفروا أكثرها.
13) فمن أين أتى منظروكم بأن كل من ارتكب ناقضا: صار لفوره كافراً مرتداً خارجا من ملة الإسلام مباح الدم والمال!!؟، هذا ما لم يقل به أحد.
14) بل حتى لو قال به أحد من العلماء، أو حملتم كلام العلماء عليه، فهو مردود لمخالفته فعل نبينا صلى الله عليه وسلم، وفعل صحابته الكرام رضي الله عنهم.
15) فرسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يقتل من قال تعالى فيهم:[ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم]، ولم يقتل من قال له:" لم تعدل!!؟"، ولم يقتل:" من عصاه، ورجع عن القتال يوم أحد".
16) إن تفكر في قتل ناس: لزعمك تركهم نصر إخوانهم، فاعلم أن المنافقين: انحازوا عن جيش الرسول صلى الله عليه وسلم في أحلك موقف يوم أحد، وقدر عليهم بعدها، فلم يقتل منهم أحدا.
17) وإن كنت تفكر في قتل أناس، لأنهم بزعمك ناصروا الكفار، فالمنافقون: ناصروهم بشهادة القرآن، ولم يقتلهم صلى الله عليه وسلم رغم قدرته عليهم:[وإن قوتلتم لننصرنكم].
18) وإن كنت تفكر في قتل أناس: بزعمك أنهم صدوا عن سبيل الله، فاعلم أن المنافقين فعلوا ذلك، وقدر عليهم النبي، ولم يقتلهم:[ اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله..].
19) إن كنت حقاً تتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أقل من أن يقع في قلبك مِن تٓرْك النبي صلى الله عليه وسلم: قتل كل هؤلاء، أنه ليس كل من ارتكب ناقضا: يعد مرتدا، وليس كل مرتد يقتل.
20) والدماء لا تراق إلا بأعظم يقين، وأنّٓى لك به في قتل موحدٍ مصلٍ صائمٍ، وما صان النبي سيفه عن دماء المنافقين إلا لنستعظم حرمة دماء الموحدين.
21) هل تعرف يا بُنٓي:( الفرق بين الكافر، وبين من ارتكب مكفِّراً، وبين المرتد!!؟).
أجزم أن كثيرا ممن يحمل فكرك لا يعرفون ذلك، لكني قبل أن أبين لك ولغيرك، أرى لزاما عليك، وغيرك تبع لك: أن تعلم ما هو أهم!!؟:
22) اعلم رحمني الله وإياك وهدانا: أن أحكام التكفير والردة: ليست من مهمات الدين، ولا من العلوم الضرورية لكل أفراد المسلمين، بل هي: من دقائق الفقه وعلومه التي يضطلع بأعبائها وتبعاتها خاصة العلماء.
23) ولذلك: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبين: كيف يدخل الناس الإسلام؟، وماذا يجب عليهم: إذا دخلوا فيه؟، كما كان عليه الصلاة والسلام: يعظم في نفوسهم:" شهادة التوحيد وحقوقها وفضلها": بأقوال محكمة، وبيان مفصل.
24) ولتحقيق ذلك: جاءت نصوص الوحيين في التوحيد وعظم شأنه، والقائمين به، وحرمة أهله:" بيِّنٓة لا تلتبس"، لأن الله أراد قيام حجته بها على الناس كافة.
25) أما التكفير، فلم يكن يبينه النبي صلى الله عليه وسلم لمن أسلم، أو يخاطب العموم به، لذا: جاءت نصوصه مجملة أو متشابهات، فالخطاب فيه هو: للحكام وأهل الفقه والقضاء.
26) ولم يكن من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم: من يٓسأل أو يُسأل عن تكفير أعيان؟، أو يمتحِن به؟، فضلا عن أن يحكم بردة على معين، أو يبيح دمه وماله!!؟.
27) فالكافر يا بُنٓي هو: من لا يعتقد الإسلام دينا له، ويعلن عن ذلك، فينسب نفسه لدين آخر، أو لا ينتسب لدين، وهو: من يقولون عنه:
" الكافر الأصلي".
28) والردة هي: الخروج من الإسلام، وتحصل يقينا بالانخلاع منه، أو جحد الربوبية، أو العبودية، أو نبي، أو كتاب، أو زعم لله صاحبة أو ولدا، أو سب الله أو رسوله.
29) ومن باح بذلك: ببيان واضح غير موهم، ولا يحتمل معنى آخر، فقد ارتد، أما إن لم يبح، أو باح بكلام موهم يحتمل تأويلاً ولو ضعيفاً، فلا يمكن الجزم بردته.
30) ومن جزمنا بردته، فليس لأحد أن ينزل عليه حكما من أحكام المرتدين سوى السلطان ونائبه في ذلك، ومن تجاوزهما: استحق العقاب بما يردعه.
31) ومن قال كلاماً موهماً للردة، وإن لم يُحكم بها عليه، فهو: مستحق للإنكار من الناس، بل هو: واجب عليهم، والعقاب بما يردع أمثاله هو: واجب الجهات المسؤولة.
32) وتأمل بني قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من فارق الجماعة شبراً، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه". ( حديث رقم: 6410 في صحيح الجامع).
و:" الشبر: أقل القليل من المفارقة".
33) وأحاديث الطاعة، والحرص على وحدة الجماعة كثيرة، ولو سلمنا جدلا: أن دلالتها غير قاطعة، فإنه لو لم يحصل منها إلا:" الخروج من المشتبهات: لكان العمل بها واجبا، فكيف، وهي: قاطعة!!؟".
34) لا ترخص نفسك يا بني في أمر: أقل أحواله أنه مشتبه!!؟، والزم اليقين، واحذر كلاليب الفتن، وأدرك خطورة تفريق كلمة المسلمين، وشق صفوفهم، فضلا عن الولوغ في دمائهم، واقرأ بتمعن حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وتعليقه عليه بعدها:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لن يزال المؤمن في فسحة من دينه: ما لم يصب دما حراما ".
قال ابن عمر رضي الله عنهما:" إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها: سفك الدم الحرام بغير حله". رواه البخاري.
والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما.
اللهم احفظ أبناءنا وشبابنا من دعاة التحريض والتهييج، والفتن والتخريب- أيا كانت دعواهم-.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.








