تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
  • تاريخ التسجيل : 14-06-2008
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,012
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • سُهَادْ is on a distinguished road
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
إلى المشحرة
16-06-2008, 06:01 PM
إهداء:
إلى تلك الذكرى التي لن تفارق مخيلتي أبد الآبدين..فمكمن الجرح وموضع الوجع في مسيرة التاريخ لا يشفى بسهولة.. ولا يكفي لتضميده بلسم النسيان المتعمد..المقصود ..الذي نحاول عبثًا إيهام أنفسنا به..إلى ذكرى سقوط بغداد..أهديك نسمات من قلبي الذي يمتزج طعم فرحته متى ما وجدت بطعمك المر.


إلى المشحرة
عادت كاميليا إلى الفلّوجة بعد فراق دام طويلا.رجعت والشوق يلجّ بها إليها.لكن هذه العودة ليست بسبب ذلك الشوق المتأجج كالنار في صدرها،وإنما للقيام بمهمة كلّفها بها سليم زوج صديقتها المرحومة،فسليم لا يقدر على المجيء إلى العراق بسبب ظروفه الصحية،فالسفر يشق على نفسه،ولهذا طلبت منه أن تكون مكانه في هذه السفرة القصيرة،والتي ستعرف من خلالها أيضا هل أصبح بينها حُطاما بعد الحرب أم لا.
دخلت كاميليا المستشفى الذي أعطاها سليم عنوانه،فزوجته شذا قبل وفاتها اتصلت به من نقّال الممرضة ساجدة،التي اعتنت بها عندما كانت جريحة في المستشفى،وبقيت على اتصال به إلى حين دفن الجثة.وقد أخبرته أن شذا تركت بعض الأوراق،فطلب منها أن تحتفظ بها عندها حتى يجد سبيلا يجعلها بين يديه.
سألت كاميليا عن الممرضة ساجدة التي تملك الأمانة التي أتت من ألمانيا لأجلها،وكان اللقاء حارا،رغم أنهما لم تعرفا بعضيهما من قبل،ولكن الذكرى التي جمعتهما جمعت قلبيهما ووحدت مشاعر كلتيهما.فساجدة رغم أنها قضت مع شذا يومين فقط تمرضها،إلا أن ابتسامتها الرقيقة ودفء نظراتها قد رسخا في ذاكرتها وقلبها.
-المسكينة،كانت تتألم..لكنها لم تستسلم بسهولة،فطلبت مني أن أحضر لها بعض الأوراق لتفرغ قلبها عليها
-أجل،كانت تحب الكتابة،وترتاح لذلك
-تفضلي ..هاهي الأمانة
أمسكت كاميليا تلك الأوراق المعدودة،وراحت تقبّلها وعيناها تذرفان،وشرعت تقرأ بصوت خافت:
"دوّى صوت أخي أيمن ذلك المساء وهو يعلن عن مرضها الخبيث كدويّ الرصاص.تهاوت دموعي الحارة متتابعة وتهاوى معها قلبي الكليم يحتضن جرح العمر ويطوّقه بذراعيه المشلولتين.أحسست أن ذلك موعد الألم الأكبر في حياتي ،والوجع الأخطر،والجرح الأعسر.كيف لا وزوجي سليم كان راقدا في سريره الأبيض في مستشفى المدينة الجامعي ،بعد فقدانه لساقيه في حادث مرور وقع في الكورنيش،
المكان الذي ظللت لسنوات أحبه ،وأستمتع بالوقوف عليه وأنبهر لسحره وخطورته.أحبّ بقعة إلى قلبي في قسنطينة.قسنطينة أحبّ مدينة إلى قلبي بعد الفلّوجة .أشواقي إلى الفلّوجة كانت تزداد يوما بعد يوم.
الكورنيش..المكان الذي لطالما أبهرني وأخذت فيه مع سليم صورا لا تمحى من الذاكرة..
كنا نتردد على المكان،ننظر إلى أسفل حيث الوادي،فنحس بنشوة ودوخة في آن..نتأمل الصخر العاتي..
يا للصدفة ! لقد أوجعتني أيها المكان الشامخ الذي أحببت،بضربة زوجي القاسية،فقد صرت تذكرني بتلك الشاحنة التي صدمت سيارتنا ونحن في طريق العودة من العمل إلى المنزل.ويا للصدفة لأني لم أصب بمكروه قط،أما زوجي فقد أضحى طريح الفراش.
أيها القدر الذي أرسلك الله سبحانه إلى أمي حاملا إليها رسالة المرض الخبيث الذي عجز الأطباء عن إيجاد دوائه،وأرسلك إلي تنبئ قلبي الوجيع بأوجاع والدتي العجوز،هل تراك تختبرني وتمتحن صبري بضربي في أعز مخلوقين على قلبي وأرحمهما علي وأكثرهما فضلا؟
كنت في المستشفى إلى جانبه عندما تكلم لأول مرة:
-شذا..شذا
-سليم ! إنك تتكلم؟ دكتور..دكتور
-لا داعي يا شذا،فأنا أريد أن أبلّغك وصيتي قبل أن ألقى ربي
-لا تقل هذا يا سليم ..أنت بخير ولا بأس عليك إن شاء الله
كنت غارقة في التفكير إذ كلمني سليم .لم أدر ما الذي حدث لي في تلك اللحظة،ثارت عواطفي كزوبعة هوجاء تأخذ روحي ذات اليمين وذات الشمال،وكأن روحي ستخرج من جوف جوفي ،وتخرج معها الخبر الذي يكتمه قلبي.لم أتحمل،ففاضت عيناي،ووجدتني أخبر زوجي بما أصاب والدتي،ففاضت عيناه هو الآخر.
وبدأت في تلك اللحظة أفكار تزورني وصراعات تحتل نفسي،بين أمي وزوجي.هل أذهب إلى العراق وأمكث إلى جانب والدتي التي علمت بعد حين من أخي عبر الهاتف كالعادة أنها ستعيش ستة أشهر فحسب بتقدير الأطباء؟أم أبقى في قسنطينة أساند زوجي في مرضه ومحنته؟وكلاهما غال على قلبي وروحي ونفسي!
واتصلت بصديقة عمري كاميليا أستشيرها ،فأشارت عليّ بالبقاء إلى جانب سليم ،وطمأنتني بأنها ستزور والدتي يوميا خاصة وأن أخي أيمن وزوجته أميرة إلى جانبها.
لكن بالي لم يهدأ،ودمعة عيني لم ترقأ،وحزن قلبي لم يسكن.لم أر والدتي منذ ثلاث سنوات،منذ زواجي وسفري إلى قسنطينة..كنت مشتاقة إلى العراق..إلى ترابه وهوائه..
هل تعلم كم أحبك أيها الوطن الغالي؟هل تدري أنّ نارا مستعرة تضطرم في فؤادي كلما تذكرتك وتذكّرت أيامي الجميلة في كنفك؟..
وكنت مشتاقة إلى والدتي شوق الظمآن في الرمضاء إلى الماء العذب..ثم إنها كانت مريضة جدا..فهل يصل بي الجفاء والقسوة إلى تركها وهي في أحلك الظروف؟
كانت الساعة تشير إلى منتصف ليل الخامس عشر من آذار ثلاثة وألفين،إذ رن الهاتف،فإذا بها أمي.
أحسست بصداع عنيف يسكن رأسي..
-مابك يا أمي؟
-أنا بحاجة إليك يا شذا..انا مريضة جدا يا بنيتي
ولم أتحمل أكثر من هذا الحد.أحسست بدوار وفجأة أغمي عليّّ.
لم أفق إلا في الصباح على صراخ رضيعي ربيع؛ولم أجد نفسي إلا وأنا متجهة إلى المستشفى أخبر زوجي بقرار السفر.
لم يمانع سليم،لكنه كان قلقا على ربيع فلذة كبدي،وكان يريد إبقاءه معه،فنزلت عند رغبته وقررنا استدعاء والدته العجوز -الوحيدة التي بقيت له من أهله-لتعتني بربيع إلى حين خروج سليم من المستشفى،وعودتي من الفلّوجة التي كانت مبرمجة بعد أسبوع،أي بعد الاطمئنان على أمي.
ضممت ربيع إلى صدري ،وقبّلته للمرة الأخيرة،وأسرعت إلى المطار يشدّني شوقان ،شوق إلى والدتي ..وشوق إلى وطني.
وصلت إلى الفلّوجة،إلى حضن أمي،لكنّ الفرحة لم تكتمل،فبعد أيام فقط،سقطت بغداد..
أجل،سقطت بغداد،وتحول لون ترابها إلى أحمر،وارتسمت علامات الوجع في سمائها المختلطة معصراتها بدخان الانفجارات.وأمضينا أياما متسمرين أمام التلفاز،نشاهد عجائب الطاغي إذا طغى.وامتد الوجع إلى مدائن العراق،وأصبحنا نتحدّث عن الموت لا غير.أما كاميليا فقد غادرت إلى ألمانيا..نجت من هذه المشحرة،فالدول الأجنبية أخرجت رعاياها من هنا ،أما أنا فما كنت لأترك وطني وهو في هذه الظروف،رغم أني أملك الجنسية الجزائرية.
وفجأة ،سقط صاروخ حاقد على منزلنا،وكان آخر ما سمعته صرخة أميرة زوجة أخي ،ووجدتني هنا في هذا المستشفى،أعاني من إصابات في كامل جسدي.ولولا هذه الممرضة التي وقفت إلى جانبي وساعدتني،لما تمكنت من معرفة أن أمي المسكينة وأخي وزوجته قد هلكوا جميعا.لقد بحثت عن الحقيقة بكل ما أوتيت من قوة حتى وجَدَتها،وأعارتني هاتفها النقال لأتصل بسليم الذي أعطيته رقم هاتف المستشفى حتى يطمئن عليّ."
قبّلت كاميليا مذكرات صديقتها ويمنت وجهها شطر منزلها لتجده دكّاء ،وتودّع بعده موطنها إلى الأبد.
المشحرة:مكان يحول فيه الحطب إلى فحم.
مع تحياتي: (أسماء ر.)
التعديل الأخير تم بواسطة سُهَادْ ; 25-07-2008 الساعة 06:27 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
nabil_faa1975
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 27-04-2008
  • الدولة : في قلب كل مسلم
  • المشاركات : 914
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • nabil_faa1975 is on a distinguished road
nabil_faa1975
عضو متميز
رد: إلى المشحرة
16-06-2008, 06:44 PM
سلام عليكم

رائع أن نحب مدينتين في بلدين عربيين ، الفلوجة وقسنطينة، وما أقسى أن نحمل أحزان العراق في قلوبنا، لقد ذكّرتينا أيها الأخت ببعض المآسي المتواصلة، كان الله في عون أحبتنا في هذا البلد

تقبلي مروري أيتها الأخت الكريمة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
  • تاريخ التسجيل : 14-06-2008
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,012
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • سُهَادْ is on a distinguished road
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
رد: إلى المشحرة
16-06-2008, 07:09 PM
شكرا جزيلا لمرورك من هنا يا أخي نبيل.أشكر تعليقك وأتمنى كما يتمنى الجميع أن يعم الأمن والرخاء جميع البلاد العربية.تحياتي :)
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية روان علي شريف
روان علي شريف
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 11-04-2007
  • الدولة : وهران الباهية - الجزائر-
  • المشاركات : 2,558
  • معدل تقييم المستوى :

    21

  • روان علي شريف is on a distinguished road
الصورة الرمزية روان علي شريف
روان علي شريف
شروقي
رد: إلى المشحرة
17-06-2008, 01:50 PM
وانا أقرأ قصتك سيدتي أحسست بالمرارة وشعرت بانك بطلة في الوقت الذي
كان الرجال يغادرون بغداد كنت أنت تدخلينها.
انها مأساة يا سيدة مأساة أن يسقط صاروخا على بيت امن
فيحصد اناس أبرياء جئت من هناك لتطمئنين عليهم.
قصة رائعة من حيث الطرح لكنها حزينة.
كان الله في عونك وتغمد من سقطوا بالرحمة.
تحياتي.
ان احسست بالاختناق فابحث عن الحرية حيث ما تكون لكي لا تموت.

  • ملف العضو
  • معلومات
haroun59
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 08-05-2008
  • المشاركات : 2,743
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • haroun59 will become famous soon enough
haroun59
شروقي
رد: إلى المشحرة
17-06-2008, 03:28 PM
السلام عليكم ....الموضوع هادف جمع بين الرومنسية والواقعيةالانتقادية خاصة وانه لم يصور الواقع تصويرا فوتوغرافيا بل حاول تفسير الواقع وهذا هو الاهم ...واصلي يا اخت اسماء...
اخوك أ..بوشطيبة...
تحياتي العطرة..
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
  • تاريخ التسجيل : 14-06-2008
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,012
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • سُهَادْ is on a distinguished road
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
  • تاريخ التسجيل : 14-06-2008
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,012
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • سُهَادْ is on a distinguished road
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
رد: إلى المشحرة
17-06-2008, 08:23 PM
شكراجزيلا سيدي روان علي شريف على قراءتك للموضوع.
وأنا أعيد دعاءك: تغمد الله الذين سقطوا بالرحمة. فلنكتب عن بطولاتهم فهذا أقل شيء يمكننا فعله نحن أصحاب القلم.
تحياتي.
  • ملف العضو
  • معلومات
غمارى احمد
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 25-05-2008
  • المشاركات : 39
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • غمارى احمد is on a distinguished road
غمارى احمد
عضو نشيط
رد: إلى المشحرة
19-06-2008, 02:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله
الاخت اسماء
أشكرك على القصة الرائعة التي صورت ما يعانيه شعبنا في العراق المجيد
كما اشكرك على الانتقادات التي وجهتيها لي في قصة أشجار الزيتون لقد اثلجت صدري و إستفدت منك كثيرا كثيرا و جزاك الله خيرا عني
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
  • تاريخ التسجيل : 14-06-2008
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,012
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • سُهَادْ is on a distinguished road
الصورة الرمزية سُهَادْ
سُهَادْ
مستشارة
  • ملف العضو
  • معلومات
غمارى احمد
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 25-05-2008
  • المشاركات : 39
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • غمارى احمد is on a distinguished road
غمارى احمد
عضو نشيط
رد: إلى المشحرة
19-06-2008, 06:55 PM
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
أختي اسماء
أنا أعاني ضعفا في فنون القواعد وهذا ليس عيبا و لهذا قد يكون تكريما منك لو صححت لي بعض الاخطاء الواردة في قصتي الهارب إلى الموت مع التعليل طبعا
و أنا شاكر لك صنيع عملك هذا و حتى تعم الفائدة
تقبلي اسمى تحياتي أختاه
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
بداية المسيرة - المريح -
المعتصم يلبي نداء الأسيرة
المسيرة الاحتجاجية ضد مشرفي الشروق
القمة الثالثة لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بالرياض: "حدث كبير"
هذا زمان المسخرة
الساعة الآن 10:41 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى