متن الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
25-05-2009, 11:15 PM
التدمرية
تحقيق الإثبات للأسماء والصفات
وحقيقة الجمع بين القدر والشرع
تحقيق الإثبات للأسماء والصفات
وحقيقة الجمع بين القدر والشرع
تأليف
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
*******
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
*******
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
قال الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني رحمه الله :
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له ; وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فقد سألني من تعينت إجابتهم أن أكتب لهم مضمون ما سمعوه مني في بعض المجالس ; من الكلام في التوحيد والصفات وفي الشرع والقدر لمسيس الحاجة إلى تحقيق هذين الأصلين وكثرة الاضطراب فيهما . فإنهما مع حاجة كل أحد إليهما ومع أن أهل النظر والعلم والإرادة والعباد : لا بد أن يخطر لهم في ذلك من الخواطر والأقوال ما يحتاجون معه إلى بيان الهدى من الضلال لا سيما مع كثرة من خاض في ذلك بالحق تارة وبالباطل تارات وما يعتري القلوب في ذلك : من الشبه التي توقعها في أنواع الضلالات .
فالكلام في باب التوحيد والصفات : هو من باب الخبر الدائر بين النفي والإثبات والكلام في الشرع والقدر : هو من باب الطلب والإرادة : الدائر بين الإرادة والمحبة وبين الكراهة والبغض : نفيا وإثباتا والإنسان يجد في نفسه الفرق بين النفي والإثبات ; والتصديق والتكذيب وبين الحب والبغض والحض والمنع ; حتى إن الفرق بين هذا
النوع وبين النوع الآخر معروف عند العامة والخاصة ومعروف عند أصناف المتكلمين في العلم كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الإيمان وكما ذكره المقسمون للكلام ; من أهل النظر والنحو والبيان فذكروا أن الكلام نوعان : خبر وإنشاء , والخبر دائر بين النفي والإثبات , والإنشاء أمر أو نهي أو إباحة.
وإذا كان كذلك : فلا بد للعبد أن يثبت لله ما يجب إثباته له من صفات الكمال وينفي عنه ما يجب نفيه عنه مما يضاد هذه الحال ولا بد له في أحكامه من أن يثبت خلقه وأمره فيؤمن بخلقه المتضمن كمال قدرته وعموم مشيئته ويثبت أمره المتضمن بيان ما يحبه ويرضاه : من القول والعمل ويؤمن بشرعه وقدره إيمانا خاليا من الزلل وهذا يتضمن التوحيد في عبادته وحده لا شريك له : وهو التوحيد في القصد والإرادة والعمل والأول يتضمن التوحيد في العلم والقول كما دل على ذلك سورة { قل هو الله أحد } ودل على الآخر سورة : { قل يا أيها الكافرون } وهما سورتا الإخلاص وبهما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بعد الفاتحة في ركعتي الفجر وركعتي الطواف وغير ذلك .
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له ; وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فقد سألني من تعينت إجابتهم أن أكتب لهم مضمون ما سمعوه مني في بعض المجالس ; من الكلام في التوحيد والصفات وفي الشرع والقدر لمسيس الحاجة إلى تحقيق هذين الأصلين وكثرة الاضطراب فيهما . فإنهما مع حاجة كل أحد إليهما ومع أن أهل النظر والعلم والإرادة والعباد : لا بد أن يخطر لهم في ذلك من الخواطر والأقوال ما يحتاجون معه إلى بيان الهدى من الضلال لا سيما مع كثرة من خاض في ذلك بالحق تارة وبالباطل تارات وما يعتري القلوب في ذلك : من الشبه التي توقعها في أنواع الضلالات .
فالكلام في باب التوحيد والصفات : هو من باب الخبر الدائر بين النفي والإثبات والكلام في الشرع والقدر : هو من باب الطلب والإرادة : الدائر بين الإرادة والمحبة وبين الكراهة والبغض : نفيا وإثباتا والإنسان يجد في نفسه الفرق بين النفي والإثبات ; والتصديق والتكذيب وبين الحب والبغض والحض والمنع ; حتى إن الفرق بين هذا
النوع وبين النوع الآخر معروف عند العامة والخاصة ومعروف عند أصناف المتكلمين في العلم كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الإيمان وكما ذكره المقسمون للكلام ; من أهل النظر والنحو والبيان فذكروا أن الكلام نوعان : خبر وإنشاء , والخبر دائر بين النفي والإثبات , والإنشاء أمر أو نهي أو إباحة.
وإذا كان كذلك : فلا بد للعبد أن يثبت لله ما يجب إثباته له من صفات الكمال وينفي عنه ما يجب نفيه عنه مما يضاد هذه الحال ولا بد له في أحكامه من أن يثبت خلقه وأمره فيؤمن بخلقه المتضمن كمال قدرته وعموم مشيئته ويثبت أمره المتضمن بيان ما يحبه ويرضاه : من القول والعمل ويؤمن بشرعه وقدره إيمانا خاليا من الزلل وهذا يتضمن التوحيد في عبادته وحده لا شريك له : وهو التوحيد في القصد والإرادة والعمل والأول يتضمن التوحيد في العلم والقول كما دل على ذلك سورة { قل هو الله أحد } ودل على الآخر سورة : { قل يا أيها الكافرون } وهما سورتا الإخلاص وبهما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بعد الفاتحة في ركعتي الفجر وركعتي الطواف وغير ذلك .
فأما الأول وهو ( التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله : نفيا وإثباتا ; فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه .
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد : لا في أسمائه ولا في آياته فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون } وقال تعالى : { إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم } ! الآية . فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات : إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل كما قال تعالى : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } . ففي قوله { ليس كمثله شيء } : رد للتشبيه والتمثيل وقوله : { وهو السميع البصير } . رد للإلحاد والتعطيل .
والله سبحانه : بعث رسله ( بإثبات مفصل ونفي مجمل فأثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل كما قال تعالى { فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا } قال أهل اللغة : { هل تعلم له سميا } أي نظيرا يستحق مثل اسمه . ويقال : مساميا يساميه وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس ( هل تعلم له سميا مثيلا أو شبيها وقال تعالى { لم يلد ولم يولد } { ولم يكن له كفوا أحد } وقال تعالى : { فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون } وقال تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله } وقال تعالى : { وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون } { بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم } ؟ وقال تعالى : { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } { الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } وقال تعالى : { فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } { أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون } { ألا إنهم من إفكهم ليقولون } { ولد الله وإنهم لكاذبون } { أصطفى البنات على البنين } { ما لكم كيف تحكمون } { أفلا تذكرون } { أم لكم سلطان مبين } { فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين } { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون } { سبحان الله عما يصفون } { إلا عباد الله المخلصين } إلى قوله : { سبحان ربك رب العزة عما يصفون } { وسلام على المرسلين } { والحمد لله رب العالمين } . فسبح نفسه عما يصفه المفترون المشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والشرك وحمد نفسه ; إذ هو سبحانه المستحق للحمد بما له من الأسماء والصفات وبديع المخلوقات
يتبع..
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد : لا في أسمائه ولا في آياته فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون } وقال تعالى : { إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم } ! الآية . فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات : إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل كما قال تعالى : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } . ففي قوله { ليس كمثله شيء } : رد للتشبيه والتمثيل وقوله : { وهو السميع البصير } . رد للإلحاد والتعطيل .
والله سبحانه : بعث رسله ( بإثبات مفصل ونفي مجمل فأثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل كما قال تعالى { فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا } قال أهل اللغة : { هل تعلم له سميا } أي نظيرا يستحق مثل اسمه . ويقال : مساميا يساميه وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس ( هل تعلم له سميا مثيلا أو شبيها وقال تعالى { لم يلد ولم يولد } { ولم يكن له كفوا أحد } وقال تعالى : { فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون } وقال تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله } وقال تعالى : { وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون } { بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم } ؟ وقال تعالى : { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } { الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } وقال تعالى : { فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } { أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون } { ألا إنهم من إفكهم ليقولون } { ولد الله وإنهم لكاذبون } { أصطفى البنات على البنين } { ما لكم كيف تحكمون } { أفلا تذكرون } { أم لكم سلطان مبين } { فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين } { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون } { سبحان الله عما يصفون } { إلا عباد الله المخلصين } إلى قوله : { سبحان ربك رب العزة عما يصفون } { وسلام على المرسلين } { والحمد لله رب العالمين } . فسبح نفسه عما يصفه المفترون المشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والشرك وحمد نفسه ; إذ هو سبحانه المستحق للحمد بما له من الأسماء والصفات وبديع المخلوقات
يتبع..
من مواضيعي
0 سلسلة الرد على شبهات دعاة التحزب والانتخابات
0 هنا نجمع كل ما يتعلق بشرح حديث الافتراق((..وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة))
0 جمع كتب وصوتيات في بيان المنهج السلفي ورد التهم حوله
0 الحجج الدقيقة في الرد على من اتهم السلفيين باحتكار الحقيقة!
0 صد العدوان ورد البهتان على من قال : أنتم علماء سلطان
0 خبر عاجل: استشهاد الأخ الجزائري اسماعيل من مدينة واد سوف في دماج
0 هنا نجمع كل ما يتعلق بشرح حديث الافتراق((..وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة))
0 جمع كتب وصوتيات في بيان المنهج السلفي ورد التهم حوله
0 الحجج الدقيقة في الرد على من اتهم السلفيين باحتكار الحقيقة!
0 صد العدوان ورد البهتان على من قال : أنتم علماء سلطان
0 خبر عاجل: استشهاد الأخ الجزائري اسماعيل من مدينة واد سوف في دماج







