الشيخ على بن حاج بيـان :الأدلة الشرعية في وجوب الدفاع عن الأموال العامة للرعية
20-07-2009, 08:59 PM
تقدم الهيئة الإعلامية
للشيخ على بن حاج
الأدلة الشرعية في وجوب الدفاع عن الأموال العامة للرعية
ملخص البيان
أصدر نائب رئيس الجبهة الاسلامية للانقاذ الشيخ على بن حاج بيانا مطولا أستنكر فيه تبديد المال العام للشعب الجزائري فيما لايعود على الشعب بالنفع وحمل المسؤولية لرئيس الجمهورية دون سواه لانه هو المسؤول الرسمي على البلاد من الناحية الدستورية لاسيما بعد تعديل الدستور الاخير ...
وتسأل في بيانه كيف تصرف السلطة مثلا على المهرجان الافريقي حوالى 800 مليار فيما عموم الشعب يعاني من الفقر والحرمان على اكثر من صعيد فضلا على ارهاق الشعب بالرسوم والضرائب والمكوس
كما استنكر نائب رئيس الجبهة الاسلامية بشدة أن تفتح شوارع العاصمة وبعض الولايات للمهرجان والعرايا وتحت حراسة رجال الامن الذين بلغ عددهم 22 ألف لحماية فعاليات هذا المهرجان الذي يدوم 15 يوما . ولكن عندما خرج الشعب الجزائري لمناصرة الاخوة غزة وهي تحت الحصار والدمار والاحراق تعرض الى القمع والمنع والتفريق من طرف قوات التدخل بحجة حالة الطوارئ الخ...
وذكر معالم السياسة الشرعية في تصريف المال العام للشعب وعقد مقارنة في بيانه الهام بين سيرة الحكام الراشدين وطريقة الحكام المفسدين في التعامل مع المال العام ودعم قوله بالكتاب والسنة وسيرة الخلفاء الراشدين وضرب لذلك الامثلة
وركز وأعاد القول مرارا وتكرارا على ان المال العام انما هو ملك للشعب وليس خزينة خاصة للحاكم وضرب مثالا ان ساركوزي بعد المراقبة والمتابعة ألزم قانونيا برد مبلغ 140 مليون لانه اشترى أمور شخصية بالمال العام اما خليدة تومي عندما سئلت عن مبلغ 800 مليار للمهرجان قالت هناك لاعب تقاضي أكثر من ذكلك ولم تحدث ضجة وهذه مغالطة لان اللاعب المذكور ثم شراؤه بالمال الخاص لا بالمال العام ورغم ذلك فالشيخ لم يحملها المسؤولية لانه يرى ان الوزراء في الجزائر هم مجرد موظفين كباربمرتبات عالية واقامة الادلة الشرعية والسياسية على أنه لايجوز للحاكم ان يتصرف في المال العام بالهوى والتشهي وبين بكل وضوح الوجوه التى يحرم فيها صرف المال العام للشعب.
وقال أنه عوض أن تصرف الاموال في الاوجه تعود على جميع شرائح الشعب خاصة الضعيفة راحت السلطة تصرف المال العام للشعب وبغير رضاه في الرقعات لتلهية الشعب وتخذيره وابعاده عن معالجة مشاكله الاساسية.
ولقد صرح الشيخ بن حاج في بيانه الذي يدافع فيه عن أموال الشعب العامة إن الفساد مؤسسة من أكبر مؤسسات الدولة وهو أكبر حزب في ا لبلاد وذل على ذلك بذكر طرق رسمية وغير رسمية بعض الوقائع والارقام والامثلة وقال ما سرده في البيانه الهام والخطير انما غيض من فيض وماهو الا قمة الجبل.
وتسأل في حسرة ودهشة أيمكن ان يقام الحفل الختامي للمهرجان الافريقي وقبالة هذه القاعة التىأعيد ترميمها من جديد عمارة تساقط درجها المكون من 6 طوابق يوم الانتخابات 9افريل 2009 واهلها كلهم في شتات وضياع بعد ان رفضت السلطات اعادة بناء درجات العمارة وطلب الجميع زيارة تلك العمارة ليعرف كيف تصرف اموال الامة
وفي الاخير وفي ظل عجز البرلمان والعدالة وضع حد لاختلاس وتبديد المال العام للشعب لفساد هذه المؤسسات دعا الساسة واهل الفكر والعلماء والدعاة الى موجهة تبديد المال واختلاسه في هبة شعبية .
ونظرا لاهمية هذا البيان نطلب من جميع الاخوة على اختلاف توجهاتهم لان محاربة الفساد المالي والاقتصادي هو قاسم مشترك بين كل من يريد للشعب استرجاع حقوقه المشروعة ومنها الحفاظ على على امواله وهو مقصد من مقاصد الشريعة الاسلامية نشر هذا البيان لانه يساهم في توعية الشعوب بحقوقها وقد دلت التجارب القديمة والحديثة لاسيما بعد الازمة العالمية المالية ان كثيرا من الفتن والزلازل ترجح الى استحواذ الحكام أو فئة قليلة على مقدرات الشعوب والامم وأن عدم رسم سياسة مالية رشيدة يعود على الشعوب الاسلامية والانسانية بالخير والنفع العام سوف يدفع طال الزمن ام قصر الى تهديد استقرار الدول والعالم بأسره لاسمح الله
ملاحظة
لقد نشرت اليوم بعض وسائل الاعلام الجزائرية المكتوبة وذلك حسب ادعائها وزير الاوقاف الجزائري رفع دعوة قضائية ضد الشيخ على بن حاج بعد رفع تحقيق من طرف بعض الائمة (وشاية)....!؟
والله المستعان
واليكم البيان كامل
الجزائر في: 27 رجب 1430هـ
الموافق لـ: 20 جويلية 2009م
بيان: الأدلـــة الشرعيـــة فـي وجـــوب
الدفاع عن الأموال العامة للرعية
* الحمد لله القائل في كتابه العزيز:"واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين * وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" هود 116/117 وقال جل جلاله:"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"البقرة188،والصلاة والسلام على أشرف المرسلين القائل في الحديث الصحيح:"إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا" ومما يكرهه الله لنا"إضاعة المال" وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى رأسهم الراشدين الذين كانوا أحرص الأئمة على أموال الأمة.
تمهيد لابد منه://
* اعترض طريقي بعض الشباب الغاضب على تبذير أموال الأمة في المهرجان الإفريقي والذي بلغ 800 مليار قائلين لي في شيء من الحِدّة والعتب: لماذا لا يتكلم العلماء والدعاة وأئمة المساجد عن هذا المنكر، فقلت لهم بكل رفق: بارك الله فيكم على هذه الغيرة على أموال الشعب ولكن ماذا أفعل وأنا ممنوع من الخطابة في المساجد وليس لنا جماعة منظمة ننشط من خلالها دعويا وإعلاميا وسياسيا، فقال أحدهم ويبدو عليه الالتزام: وهل عدم وجود منبر أو جمعية أو حزب يبرر لكم السكوت عن هذا المنكر؟!! قلت:لا، قال آخر: وهل إذن الحاكم شرط في تغيير المنكر؟!! قلت: كلا فقد كان من عادة السلف الأوائل الاحتساب على الحكام وولاة الأمر بعضهم يفعل ذلك سرا وبعضهم يفعل ذلك علنا وجهرا بحسب نوعية الحكام والمظالم والمعاصي الصادرة منهم وهناك من يفرق بين المعاصي القاصرة والمعاصي المتعدية المجاهر بها وضربت لهم الأمثلة وقلت لهم: لو كان إذن الحاكم شرطا في تغيير المنكر لما تمَّ الاحتساب على الولاة فكيف إذا كان الحاكم وولي الأمر هو منبع المناكر والمروج لها والذي يسخّر القانون لتقنين المناكر وتوظيف الأجهزة الأمنية المختلفة والقضاء لمعاقبة الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وبعد أن شرحت لهم بعض أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلا لهم:"اعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس قاصرا على العلماء والدعاة وطلبة العلم فالعامة لها حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصة فيما هو معلوم من الدين بالضرورة مما لا يُعذر بجهله شريطة التزام الضوابط الشرعية التي وضعها العلماء الربانيون وليس علماء السلطان وعلى كل واحد وهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يصبر على مايصيبه في سبيل الله تعالى قال تعالى:"يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور"لقمان 17".
* مما لا شك فيه أن صرف أموال الأمة في غير وجهها الشرعي منكر يجب تغييره فقد كان السلف الصالح الأوائل يقفون بكل شجاعة في وجه الحكام الذين يتصرفون في أموال الأمة بغير حق ولا يعود عليها بالنفع العام جاء الحارث بن البرصاء وسعيد بن المسيب في السوق "قلت: وهذا يدل على أن العالم لا ينعزل عن شؤون الأمة والله يقول:"يأكل الطعام ويمشي في الأسواق"" فقال له:"يا أبا إسحاق إني سمعت مروان - أي ابن الحكم بن العاص - يزعم أن مال الله ماله من شاء أعطاه ومن شاء منعه فقال له: أنت سمعته يقول ذاك قال: نعم قال سعيد: فأخذ بيدي حتى دخل على مروان فقال: يا مروان أنت تزعم أن مال الله مالك من شئت أعطيته ومن شئت منعته فقال: نعم قال: فأدعوا ورفع سعيد يديه فوثب إليه مروان وقال أنشدك الله أن تدعو هو مال الله من شاء أعطاه ومن شاء منعه" وهذا ما يجب أن يكون عليه دعاة المسلمين في الدفاع عن أموال الأمة واقتداء بما كان عليه السلف الصالح الأوائل في مواجهة الحكام الذين يصرفون أموال الشعب في غير وجهها الشرعي أقول مستعينا بالله تعالى.
السياسة الشرعية لتصريف الأموال العامة://
* لقد وضع الإسلام للمال العام أحكاماً تصونه من الضياع فحرّم جمعه من غير طريق مشروع وحرّم أن يكون دولة بين الأغنياء المترفين وحرّم جملة من البيوع وحرّم كل أشكال الغش والاحتيال في الحصول على الأموال وحرّم اختلاسه ونهبه واغتصابه وأكل أموال الناس بالباطل وحرّم استخدامه في الرشوة أو شراء الذمم وحرّم التبذير والإسراف وحرّم تسليم المال لمن لا يستطيع صيانتها وتنميتها كما أمر بالحجر على السفهاء وحرّم على الحكام تبذير المال العام أو صرفه في غير الوجوه الشرعية التي تحقق الصالح العام للأمة لأن المال العام هو أمانة من الأمانات التي يجب تأديتها إلى أهلها فلا يحق لأي حاكم أن يتصرف فيه كأنه ماله الخاص وقد عد الصحابة رضي الله عنهم الحاكم الذي يتصرف في أموال الأمة بهواه ملكا لا خليفة فقد سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه سلمان الفارسي رضي الله عنه:"أملك أنا أم خليفة؟" فأجابه:"إن أنت جبيتَ من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك" وعليه فحكام العالم العربي كلهم ملوك على قول سلمان الفارسي رضي الله عنه، وكان السلف الأوائل ينكرون على الحكام عبثهم بأموال الأمة أو استخدامها في غير وجهها الشرعي مما جرَّ عليهم أنواع الابتلاء بالقتل أو النفي أو السجن أو تشويه السمعة واختلاق الأكاذيب فقد كان علماء السلف الأوائل حماة الأمة وذادة عن حقوقها المشروعة فألفوا كتبا فقهية تشرح معالم السياسة المالية في أحكام الشريعة ما يجوز وما لا يجوز ورسموا الحدود الشرعية التي يجب التزامها من طرف ولاة الأمر وتحذير الحكام من الاستحواذ على مال الأمة العام أو اغتصاب المال الخاص كما حدث أيام الثورة الزراعية أو إثقال كاهل الأمة بالمكوس والضرائب فألف أبو يوسف رحمه الله كتاب الخراج وكذا فعل يحيى بن آدم رحمه الله وكذا قدامة بن جعفر رحمه الله وألف كل من ابن زنجويه رحمه الله وعبيد القاسم بن سلام رحمه الله والداوودي المالكي رحمه الله كتابا تحت عنوان "الأموال" وألف الحافظ السخاوي رحمه الله كتابه الماتع "السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم" وبين فيه متى يحمد المال ومتى يذم وهذا الإمام المحدث تقي الدين البلاطنسي ألف كتابا فريدا في بابه عنوانه "تحرير المقال فيما يحل ويحرم من بيت المال" وما أحسن أن يطالع عليه كل حاكم مسلم ويستفيد منه وقد ذكر سبب تأليفه للكتاب بقوله:"وقد آل الحال إلى أن استأثر كثير من الناس بأموال بيت المال من غير قيام بمصلحة ولا اتصاف بصفة استحقاق. وهذه بدعة، عمَّ في الدين ضررها، واستطار في الخلق شررها، فوجب على العلماء كشف الغطاء عن فسادها، بالإرشاد وتبين حكم الشرع وما هو الحق في نفس الأمر، لأن الله قد أخذ عليهم الميثاق أن يبينوا للناس الحق ولا يكتموه. ولم يرى أحدا من علماء الزمان صرف همته إلى إنكار ذلك وبيان حكم المسألة، ولم يزل في القلب من ذلك حزازات، إلى أن وقع سؤال في رجل كان له إقطاع من بيت المال." وجعل تصرف الحاكم أو ولي الأمر في مال الأمة بغير وجه حق شرعي بدعة من البدع التي يجب إنكارها وعقد مقارنة بين ما كان عليه الخلفاء الراشدين والحكام الطغاة المفسدين في الأرض العابثين بمال الأمة المسلمة حيث قال رحمه الله:"ثم تغيرت الأحوال وتغير نظام النظام، وتخلف الأجناد عن القيام عما أرصدوا له من الحراسة والجهاد، وصارت الولاة وأتباعهم من الأجناد يجاهدون في الرعايا من الموحدين وغيرهم بسلب أموالهم وتعذيبهم بأنواع العقوبة، ومن رام التحفظ عن ظلمهم رموه بالعصيان أو سموه بالبغي والعدوان واستباحوا قتاله واغتنام ماله، واعتقدوا في الإقطاعات وجوب اختصاصها بهم وأنها تورث كالأملاك، وأصل هذا الفساد بل كل الفساد في الدين من ولاة الجور وقضاة الرشا وفقهاء السوء، وصوفية الرجس، كما قال السيد الجليل عبد الله بن المبارك: وهل أفسد الدين إلا الملوك...وأحبار سوء ورهبانها. فإن الولاة لما فسدوا وامتدت أطماعهم إلى أن أخذوا أموال الناس واستأثروا بأموال الصالح واعتقدوها مملوكة لهم تعدى الفساد إلى القضاة والفقهاء وأرباب المناصب، بل إلى الكافة، وتقلد الأمانات الخونة فباعوا الدين بالدنيا، وعلم الأتباع منهم أنهم قد خانوا الله، قالوا ما لنا لا نخون، كما حكى بن عبد ربه أن مروان بن الحكم أرسل وكيلا إلى قرية له في الغوطة، ثم حضر إليه في بعض الأيام فقال له: يا هذا أظن أنك تخونني في ضيعتي، فقال له: أو تظن ذلك ولم تستيقنه، والله إني أخونك وأنت تخون أمير المؤمنين وأمير المؤمنين يخون، ولهذا يتنقم الله منهم بتسليط بعضخم على بعض. ثم زاد الفساد بتصرف الأجناد وغيرهم في الإقطاعات تصرف الملاك بالبيع والشراء، واشترك في هذا الأمر الخاص والعام ومن يصلح للجهاد ومن لا يصلح، ومن يستحق في بيت المال ومن لا يستحق، حتى بعض الإقطاعات لبعض الكفرة من النصيرية والإسماعيلية. ثم اشتد حرص الولاة وأركان الدولة على جمع الأموال وأخذ الرشا، ورخصوا في أمور، فاغتنم الجهال في ذلك منهم، وأرضوهم بسخط الله ووثب كل فريق واستأثر بما تصل إليه قدرته من أموال بيت الله وغيرها، وكثر التنازع والتنافس في ذلك حتى آل الحال إلى أن حولوا كثيرا من الجهات المختصة ببيت المال إلى الملك والوقف والرزق المؤبد، وجعلوا ذلك وسيلة إلى حوز الدنيا لهم ولذراريهم من بعدهم، واستنبطوا في ذلك أنواعا من الحيل يخدعون بها الخلق "وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"، ويخيلون على الولاة بأن ذلك من القرب، وأن من مضى من الملوك كنور الدين وصلاح الدين وأمثالهم ما قد فعلوا مثل ذلك ولأقرهم العلماء عليه وأفتوهم بجوازه، ويغفلون عن الشروط المعتبرة لصحة تصرفات الأئمة في بيت المال وصفات المستحقيت لها، بل أكثرهم يجهلها ولا يدري أنها الآن كالمفقودة بخلاف أولئك فإن شرائط الصحة في تصرفاتهم ومصادفتها للأوضاع الشرعية كان غالبا كما تقدمت الإشارة إليه، ويأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى." وكشف هذا العالم الرباني أن الحكام وولاة الأمر عوض الاشتغال بجهاد الأعداء راحوا يجاهدون شعوبهم ليس بالسلاح وإنما بالضرائب والمكوس والغرامات واختلاق العقوبات المالية المتنوعة كما هو الحال في الجزائر فالسلطة في الجزائر لو تراجع ثمن البترول إلى 10 دولار أو أقل من ذلك فإن السلطة باستطاعتها تعويض ذلك عن طريق رفع الضرائب والمكوس والرسوم المضروبة على السيارات دون تعبيد للطرقات كما وعد بذلك أويحيى ذات يوم عندما اختلق الرسوم على السيارات خارج إطار القانون مقابل العناية بتعبيد الطرقات ومازالت تلك الرسوم غير القانونية قائمة إلى الآن أي أن السلطة البوليسية باستطاعتها تحويل الشعب الجزائري نفسه إلى حقول نفط بشرية ومعنى ذلك بكل بساطة أنه في حالة نفاذ حليب بقرة البترول الحلوب فسيتحول النظام إلى بقرة الشعوب الحلوب!!! كما أن الإمام البلاطنسي حرم تصرف الحاكم في أموال الأمة بطرق غير شرعية فقال:"والآن فقد اعتقد الجهال أن للسلطان إن يعطي من بيت المال ما شاء لمن شاء، ويقف ما شاء على من يشاء، ويرزق ما شاء لمن شاء، من غير تمييز بين مستحق وغيره ولا نظر في مصلحة، بل بحسب الهوى والتشهي، ويعتقدون استحباب ذلك وأنه بر وصدقة، وهو خطأ صريح وجهل قبيح، فإن أموال بيت المال لا تباح بالإباحة. قال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى:"لا يجوز صرف شيء من أموال بيت المال إلا من فيه مصلحة عامة"" وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله:"ولا يجوز للإمام أن يعطي أحدا ما لا يستحقه لهوى نفسه من قرابة بينهما أو مودة ونحو ذلك فضلا على أن يعطيه لأجل منفعة محرمة منه كعطية المخنثين من الصبيان المردان الأحرار والمماليك ونحوهم والبغايا والمغنين والمساخر ونحو ذلك أو إعطاء العرافين والكهان والمنجمين ونحوهم." وها هو ملك الجمهورية الجزائرية يسمح لنفسه بصرف أكثر من 800 مليار على المهرجان الإفريقي ونحن هنا لا نعود باللوم على وزيرة الثقافة كما يفعل الكثير من رجال السياسة والإعلام وإنما اللوم كل اللوم يعود إلى ملك الجمهورية الذي سمح بذلك لاسيما بعد تعديل الدستور الأخير حيث أصبح هو المسؤول على كل صغير وكبيرة في البلاد من الناحية الرسمية دستوريا وقانونيا ولو رفض الرئيس ما طرحته وزيرة الثقافة لما قام المهرجان على سوقه ولما صرفت تلك الأموال الباهضة في غير وجه شرعي وهل يعقل أن تصرف أكثر من 800 مليار على العرايا في شوارع العاصمة هذه الشوارع التي قمع فيها المتظاهرون يوم أن هبوا من المساجد لنصرة إخوانهم في غزة التي كانت تعاني يومها من الحصار والدمار المرعب ورجال الأمن الذين كانوا يقمعون المظاهرات تحولوا إلى حراسة العرايا في قلب العاصمة ورعايتهم وقد خصص أكثر من 22 ألف شرطي فضلا عن رجال الدرك لحراسة وأمن هؤلاء العرايا والفنانين والراقصين في بلديات العاصمة وبعض الولايات الأخرى حيث تقام الحفلات الصاخبة ليلاً رغم أن القانون يمنع إقلاق وإزعاج المواطنين بعد 12 ليلا وكان الواجب تخفيف الضغط النفسي والجسدي على رجال الأمن حيث يعاني أكثر من 900 شرطي من صدمة نفسية وانتحر منهم زهاء 140 لا زيادة الأتعاب عليهم من أجل العبث والعفن وحراسة العرايا وكان الواجب تكثيف الدوريات ليلا للحفاظ على أمن المواطن وراحته لاسيما بعد 12 ليلا لاسيما مع ارتفاع عصابات الإجرام ليلا المدججة بالسيوف والخناجر والأسلحة البيضاء تحت وطأة الحبوب المهلوسة والمخدرات تسأل الله لهم الهداية، آمين.
* فليعلم العام والخاص العالم والجاهل أن بيت مال المسلمين أو الخزينة العامة هي ملك للشعب ولا يجوز بل يحرم على الحكام وولاة الأمر أن يتصرفوا فيها على هواهم ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاء الرشد والرشاد من بعده من أحرص الناس على أموال الأمة فقد كان الواحد منهم على جلالة قدره وعلو مكانته يتصرف في المال العام كولي اليتيم ويرون أن من فعل غير ذلك فهو غال أو سارق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذرا:"إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" وقال أيضا: "أيها الناس إنه لا يحل مما أفاء الله عليكم قدر هذه - أي وبرة البعير - إلا الخمس والخمس مردود عليكم" وقال أيضا:"من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غال" وفي الأثر:"لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتين قصعة يأكلها هو وأهله وقصعة يضعها بين يدي الناس" ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي وتوفي أبو بكر رضي الله عنه فقيرا معدما قال لعائشة رضي الله عنها عند الوفاة: "ياعائشة انظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين فإذا مت فاردديه إلى عمر" ونفذت عائشة رضي الله عنها وصية والدها فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لقد أتعبت من جاء بعدك" ولما وُلّي عمر بن الخطاب أمر المسلمين بعد أبي بكر مكث زمانا لا يأكل من بيت المال شيئا حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة واستشار الصحابة رضوان الله عليهم فقال عثمان رضي الله عنه:"كُل وأطعم" وقال سعيد بن زيد رضي الله عنه مثل ذلك وقال عمر لعلي رضي الله عنه:"ماذا تقول أنت في ذلك؟" قال:"غداء وعشاء" فأخذ عمر بذلك وقال أيضاً:"إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة قيم اليتيم إن استغنيت عنه تركت وإن افتقرت إليه أكلت بالمعروف" وقام يقول:"من أراد أن يسأل عن المال فليأتنا فإن الله جعلني خازنا" ولعمر رضي الله عنه مواقف عظيمة في التعامل مع المال العام لو أخذ بها الحكام وولاة الأمر في جميع أنحاء العالم لحققوا لشعوبهم الفقيرة المكلومة أمنا فكريا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا واستقرارا سياسيا ولا شك أن من أسباب الفتنة الكبرى الخلاف الذي نشب بين بعض الصحابة في التصرف في المال العام ألم يقل عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه لعثمان رضي الله عنه:"كنت أراني خازن المسلمين وإنما خازنك غلامك والله لا أتولى لك بيت المال أبداً" وجاء بمفاتيح بيت المال وعلقها على المنبر، مع العلم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يصرف أموال الأمة فيما يعود عليها بالخير والرعاية فقد كان يطعم الناس طعام الإمارة ويقتصر هو نفسه على الخبز والزيت. وهذا شأن الصالحين ممن يُنعّم الغير ويلتزم في خاصة نفسه بالزهد والكفاية بالقليل، وقد ثبت عنه أنه سن سنة جديدة، فكان يضع الطعام في المسجد في رمضان وقال: للمتعبد الذي يتخلف في المسجد وابن السبيل والمعترين. واتخذ منازل خاصة لضيافة الغرباء من بيت المال. بلغ عثمان أن أبا سمال الأسدي ومعه نفر من أهل الكوفة ينادي مناد لهم إذا قدم الميار، أن من كان من القبائل ليس لقومهم بالكوفة منزل فمنزله على أبي سمال، فاتخذ عثمان بعض الدور كالمنازل للضيافة ينزل بها الغرباء ممن ليس لهم منزل، ومن هذه الدور منزل عبد الله بن مسعود في هذيل، وكان الأضياف ينزلون داره في هذيل إذا ضاق عليهم ما حول المسجد. وهذا الموقف من عثمان شبيه بموقف فاروق الأمة عمر بن الخطاب الذي كان يصرف بعض أموال الأمة على النساء اللواتي غاب عنهن أزواجهن فقد كان أبو العيال، وكان يمشي إلى المغيبات اللواتي غاب أزواجهن فيقف على أبوابهن فيقول: ألكن حاجة؟ وأيتكن تريد أن تشتري شيئا؟ فإني أكره أن تخدعن في البيع والشراء، فيرسلن معه بجواريهن فيدخل السوق ومن ورائه من جواري النساء وغلمانهن ما لا يحصى، فيشتري لهن حوائجهن، ومن ليس عندها شيء اشترى لها من عنده. وإذا قدم الرسول من بعض الثغور يتبعهن بنفسه في منازلهن بكتب أزواجهن ويقول: أزواجكن في سبيل الله، وأنتن في بلاد رسول الله عليه الصلاة والسلام، إن كان عندكن من يقرأ، وإلا فاقرين من الأبواب حتى أقرأ لكن، ثم يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج كل يوم كذا وكذا فاكتبن حتى نبعث بكتبكن. ثم يدور عليهن بالقراطيس والدواة يقول: هذه دواة وقرطاس فادنين من الأبواب حتى أكتب لكن، ويمر إلى المغيبات فيأخذ كتبهن فيبعث بها إلى أزواجهن.أما الخليفة الراشد الرابع فقد كان عملاقا في حسن التصرف في بيت مال المسلمين وكيف لا يكون كذلك وقد اتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة في تصريف المال العام في وجهه الشرعي والأحاديث في هذا الباب كثيرة كما اقتدى بصديق هذه الأمة الذي قال لعائشة رضي الله عنها:"إتا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم ولبسنا من خشن ثيابهم وليس عندنا من فيء المسلمين إلا هذا العبد وهذا البعير وهذه القطيفة فإذا مت فابعثي الجميع إلى عمر..." كما اقتدى بعمر بن الخطاب الذي جمع صلاح المال في أمور ثلاثة 1- أن يؤخذ من حقه 2- ويعطى في حقه 3- ويمنع من باطل، وكان يحذر ولاة الأمر من العبث بمال الأمة حيث قال:"الرعية مؤدية ما أدى الإمام إلى الله فإن رتع رتعوا" واقتدى بعثمان رضي الله عنه في إنفاق المال على عامة الناس قال الإمام علي رضي الله عنه:"ألا إن مفاتيح مالكم معي ألا وإنه ليس لي أن آخذ درهما منه منكم" قال عبد الرحمن الشيباني:"دخلت على علي بالخَوَرنَق وعليه شمل قطيفة وهو يرعد فيها فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله تبارك وتعالى قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال نصيبا وأنت تفعل هذا بنفسك؟ فقال: إني والله ما أرزؤكم شيئا وما هي إلا قطيفتي التي أخرجتها من بيتي أو قال من المدينة..." ولما أراد أخوه عقيل رضي الله عنه أن يعطيه من بيت المال رفض وقال له:"أتريد أن يحرقني الله في نار جهنم في صلتك بأموال المسلمين" وعن ابن أبي رافع وكان خازنا لعلي رضي الله عنه على بيت المال أنه قال:"دخل علي وقد زينت ابنته فرأى عليها لؤلؤة من بيت المال قد كان عرفها فقال: من أين لها هذه؟ لله علي أن أقطع يدها، فقال الخازن: أنا الذي فعلت ذلك وليست هي، فسكت" تلك سيرة الخلفاء الراشدين الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بهم لاسيما الحكام وولاة الأمر حيث قال عليه الصلاة والسلام:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ" وقد خاب وخسر كل حاكم وولي أمر لم يتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة له وكذا الخلفاء الراشدين فهم زبدة الصحابة وعُصارة خير القرون قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"من كان متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً وأقومهم هديا وأحسنهم حالا قوما اختارهم الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فتعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم". والسؤال المطروح من الذي أعطى الإذن لملك الجمهورية أن يصرف زهاء 800 مليار من أموال الشعب الجزائري على المهرجان الإفريقي الفاسد المفسد؟!!! ألا يكفي أن المال العام قد استخدم في شراء الذمم في الحملة الانتخابية القذرة وتوظيف المال السياسي المشبوه في البقاء في السلطة ورشوة بعض الأحزاب والشخصيات للمشاركة في المواعيد الانتخابية لإضفاء الشرعية على تعددية الواجهة المخادعة داخليا وخارجيا وهكذا قتلت الديمقراطية المزعومة بالمال السياسي القذر وكثير من المفكرين السياسيين في العالم يقولون أن الذي يصل إلى السلطة إنما يصلها لا بالقواعد الديمقراطية وإنما بالمال السياسي القذر فمن لا مال له فلا يطمع في الوصول إلى سدة الحكم وصدقالأمريكي غريغ بالاست صاحب كتاب "أفضل ديمقراطية يستطيع المال شراءها" وهو الكتاب الأكثر مبيعا وها هو ولد عبد العزيز يفوز بالانتخابات في موريطانيا وهذا ما أشرت إليه في أحد البيانات منذ عدة أشهر أنه هو الفائز وذلك لأمرين لأنه في السلطة ومن كان في السلطة والأجهزة العسكرية والأمنية في خدمته والمال السياسي القذر بحوزته فهو الفائز هذه هي الديمقراطية المزعومة التي يروج لها المروجون في العالم.
* وقد أجمع العلماء على عدم جواز صرف المال في المعاصي وما لا يحل شرعاً لأن الواجب على أي حاكم أو ولي أمر شرعي أن يأخذ المال من حله ويضعه في حقه ولا يمنعه مستحقه ولا يصرفه في شيء حرمه الله تعالى وقد نص فقهاء السياسة الشرعية قديما وحديثا أن من واجبات الحاكم المسلم الشرعي الحفاظ على مال الأمة والدفاع عنه قال الماوردي رحمه الله:"- ... جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير عسف ...... تقدير العطاء وما يستحق في بيت المال من غير سرف ولا تقتير فيه ودفعه في وقت لا تقديم فيه ولا تأخير.....". فصرف الأموال على الغناء والفن العفن والمهرجانات التي يسودها الاختلاط والانحلال الأخلاقي والاعتداء الإجرامي بالسرقة والقتل والاعتداء على المواطنين بالأسلحة البيضاء من طرف بعض الشباب تحت وطأة الخمر والمخدرات بجميع أنواعها فضلا عن إزعاج المواطنين ليلا كما هو حاصل في معظم ساحات البلديات ليلا وهذا منكر يجب على العلماء والدعاة إنكاره لقوله عليه الصلاة والسلام:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" وعوض أن تصرف الأموال وفق خطة حكيمة على الشباب من أجل الزواج أو الحصول على سكن أو منصب عمل أو تُسدد بها مرتبات ألوف العمال الذين لم يتقاضوا مرتباتهم منذ عدة أشهر أو يصرف منها للنساء العاملات في المنازل من الصباح إلى المساء أو على الحراقة الذي وصل عددهم إلى أكثر من 3 آلاف وفيهم من جميع شرائح المجتمع بما في ذلك أساتذة ومحامين وطلاب جامعات إلخ... أو تُصرف على المستشفيات التي هي في حالة مزرية وشِراء الأدوية المفقودة للأمراض المستعصية منها مرض السرطان أو تصرف الأموال لترميم وإصلاح المنازل المنهارة في العاصمة وقسنطينة ووهران وغيرها من الولايات وقد صرَّح وزير السكن أن هناك 500 ألف سكن هش بالعاصمة أو القيام بغرس الأشجار في الغابات التي التهمت النيران أشجارها وقد أتلفت الحرائق العادية أو المفتعلة أزيد من 20 ألف هكتار، وإعانة الفقراء فهناك أكثر من 5 ملايين جزائري يعيش بأقل من دولارين في اليوم والأوجب من ذلك كله صرف المال على القضاء على البيوت القصديرية التي بلغ عددها في العاصمة وحدها أزيد من700 ألف بيت قصديري وهناك من يرى أن العدد يتعدى ذلك بكثير وهناك إحصائية تقول أن هناك أكثر من 6 ملايين من الشعب الجزائري يعيش في بيوت قصديرية عبر القطر الجزائري. قُلت: عِوضَ أن تصرف تلك الأموال الطائلة في تلك الوجوه التي تقرها السياسة العقلية الحكيمة فضلاً عن السياسة الشرعية راح ملك الجمهورية يصرف أموال الأمة على المهرجانات والمؤتمرات الفارغة لنهب المال العام حيث ينفق عليها المئات والآلاف يوميا وعلى موائد الطعام ثم يُرمى بها إلى الزُّبالة وأولى الناس بإنكار هذه المناكر العظيمة هم العلماء والدعاة والأئمة ومازال في الأمة والحمد لله بقية منهم على نُدرتهم وقِلّتهم ومحاربة الأنظمة الفاسدة المفسدة لهم والتضييق عليهم ولكن لهم أجر الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس قال تعالى:"فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض ..." هود116. وقد أفاض الإمام ابن القيم في شرح هذه الآية في كتابه مدارج السالكين فليراجع، قال الله تعالى:"لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون" المائدة 63. قال ابن عباس رضي الله عنه:"ما جاء في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية" أي فيما يتعلق بتخلف العلماء عن التحذير عن ارتكاب المعاصي. وقال الإمام علي رضي الله عنه:"أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار فلما تمادوا في المعاصي أخذتهم العقوبات..." وعلى أهل العلم حقا وصدقا عدم مداهنة الحكام الظلمة قال سفيان الثوري رحمه الله:"من تبسم في وجه ظالم أو وسع له في المجلس أو أخذ من عطائه فقد نقض عُرى الإسلام وكُتب من جُملة أعوان الظلمة" وهل يعقل لحزب إسلامي المشاركة فيما حرّم الله تعالى عن طريق منتخبيه؟!!! والواجب على العلماء تذكير الحكام بسيرة الخلفاء الراشدين ومن نهج سبيلهم في تصريف المال العام أمثال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هذا الخليفة الذي كان يهتم بأمر المسلمين والدفاع عن مصالحهم أكثر من اشتغاله بنوافل العبادة فهو القائل:"وددتُ أني لا أصلي غير الصلوات الخمس سوى الوتر وأن أؤدي الزكاة ولا أتصدق بعدها بدرهم وأن أصوم رمضان ولا أصوم بعده يوما أبدا وأن أحج حجة الإسلام ثم لا أحج بعدها أبدا ثم أعمد إلى فضل قوتي فيما حرّم الله علي فأمسك عنه" وهو القائل:"ليست التقوى قيام الليل وصيام النهار والتخليط فيما بين ذلك ولكن التقوى أداء ما افترض الله وترك ما حرّم الله فإن كان مع ذلك عمل فهو خير إلى خير" وهذا من باب تصحيح المفاهيم ووضع الأمور في نصابها وهذا مسلك أهل البصيرة قال ابن عُليّة رحمه الله في شرح كلمة:"ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب محمد بصوم ولا صلاة ولكن بشيء كان في قلبه" قال:"الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه" ولذلك قال الفضيل بن عياض رحمه الله:"ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة" ولذلك كانت أعظم عبادته بعد تأدية الفرائض اهتمامه بأحوال ضعفاء الأمة وكان يبكي بكاءً مرًّا خشية أن لا يكون في مستوى المسؤولية قالت زوجته فاطمة رحمها الله:"سألته عن سر بكائه فقال لها: تقلّدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم المقهور والغريب المأسور والكبير وذي العيال في أقطار الأرض فعلمت أن ربي سيسألني عنهم وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فخشيت ألا تثبت حجتي عند خصومته فرحمت نفسي فبكيتُ" ولذلك كتب إلى والي الكوفة بنفسه:"من كانت عليه أمانة لا يقدر على أدائها فأعطوه من مال الله ومن تزوج امرأة فلم يقدر أن يسوق إليها صداقها فأعطوه من مال الله" ولا بأس أن أذكر بعض الأوجه التي كان يصرف فيها عمر بن عبد العزيز أموال الأمة لتكون نبراسا لكل حاكم مسلم أو من أراد أن يترشج للرئاسة في بلاد المسلمين.
1- قضاء ديون الغارمين://
كتب إلى عماله: أن اقضوا عن الغارمين فكُتب له: إنا نجد الرجل له المسكن والخادم وله الفرس وله الأثاث في بيته، ويقصد الوالي أن من كان له ذلك فليس غارما ولا يستحق الإعانة فكتب الخليفة الراشد حقا وصدقا فكتب:"لابد للرجل من المسلمين من مسكن يؤوي رأسه وخادم يكفيه مهنته وفرس يجاهد عليه عدوه وأثاث في بيته مع ذلك فهو غارم فاقضوا عنه ما عليه من الدين".
2- إغناء أهل البطالة://
قدم على عمر بن عبد العزيز بعض أهل المدينة فجعل يسأله عن أهل المدينة فقال:"ما فعل المساكين الذين كانوا يجلسون في مكان كذا وكذا؟ قال: قد قاموا منه يا أمير المؤمنين قال: ما فعل المساكين الذين كانوا يجلسون في مكان كذا وكذا؟ قال: قد قاموا منه وأغناهم الله وكان من أولئك المساكين من يبيع الخبط للمسافرين فالتمس ذلك منهم بعد فقالوا: قد أغنانا الله عن بيعه بما يعطينا عمر بن عبد العزيز" وهكذا أغنى أهل البطالة والأعمال الشاقة رحمه الله تعالى.
3- تزويج الشباب ودفع المهور://
بعث بكتاب إلى مسجد الكوفة جاء فيه:" من كانت عليه أمانة لا يقدر على أدائها فأعطوه من مال الله ومن تزوج امرأة لا يقدر أن يسوق إليها صداقها فأعطوه من مال الله" وكان المسجد زمن الخلفاء الراشدين وكذا عمر بن عبد العزيز ترسم فيه السياسة العامة للدولة الإسلامية ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله:"وكانت - أي المساجد - مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده المبارك على التقوى ففيه الصلاة والقرآن والذكر وتعليم العلم والخطب وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمر الأمراء وتعريف العرفاء وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم" فالمسجد ليس كالكنيسة ولا البيعة ولا معابد البوذية وليس مؤسسة من مؤسسات الدولة وليس ملكا للدولة وليس كالثكنة وليس مجرد تابع للدولة يخدم سياستها المخالفة لأحكام الشريعة وليس فيه فصل للدين عن السياسة الشرعية.
4- فك الأسرى المسلمين في سجون الكفار://
لقد كتب إلى أسرى المسلمين بالقسطنطينية:"أما بعد، فإنكم تعدون أنفسكم أسارى معاذ الله بل أنتم الحبساء في سبيل الله واعلموا أنني لست أقسم شيئا بين رعيتي إلا خصصت أهليكم بأوفر نصيب وأطيبه وأني قد بعثت إليكم خمسة دنانير ولولا أني خشيت إن زدتكم أن يحبسه طاغية الروم عنكم لزدتكم وقد بعثت إليكم فلان بن فلان يفادي صغيركم وكبيركم ذكركم وأنثاكم حركم ومملوككم بما سئل به فأبشروا ثم انبثروا والسلام عليكم" وكان الواجب على الجزائر والدول العربية فك أسرى أبناءها من سجون الكفار فرنسا وأمريكا وبريطاتيا وإيطاليا وإسبانيا إلخ... وصرف المال من أجل ذلك وعليهم فك أسرى إخواننا في فلسطين الذين يعانون في سجون الكيان الصهيوني وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:"فك أسير مسلم أحب إلي من التصدق بجزيرة العرب" ونحن نطالب السلطات الجزائرية بفك أسر جميع أبناءها في بلاد الغرب وبعض الدول العربية.
5- عنايته بالأرامل والضعفاء://
كان بالغ الاهتمام بالضعفاء من الأرامل وأطفالهم وكان يعمّر بيوت الناس وهو فقير قالت له امرأة مسلمة:"لي خمس بنات كُسْلٌ كسْدٌ فجئتك أبتغي حسن نظرك لهنَّ فكتب إلى والي العراق وفرض لهنَّ جميعا رحمه الله"... وفي الحديث:"الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل".
6- تخصيص دار لإطعام المحتاجين://
كتب إلى وُلاة الشام:"ارفعوا إلي كل أعمى في الديوان أو مُقعد أو من به فالج أو من به زمانة تحول بينه وبين القيام إلى الصلاة فرفعوا إليه فأمر لكل أعمى بقائد وأمر لكل اثنين من الزمنى بخادم ثم كتب: ارفعوا إليّ كل يتيم من لا أحد له فأمر لكل خمسة بخادم يتوزعون بينهم بالسوية" وخصص داراً لضيافة وإطعام الفقراء والمساكين وأبناء السبيل.
7- عنايته بالمساجين والإنفاق عليهم://
فقد كتب إلى ولاة الدولة الإسلامية:"لا تدعُنَّ في سجونكم أحدا من المسلمين في وثاق لا يستطيع أن يصلي قائما ولا يبيتنَّ في قيد إلا رجل مطلوب بدم وأجروا عليهم من الصدقة ما يصلحهم في طعامهم وإدامهم وأمر لأهل السجون برزق وكُسوة في الصيف والشتاء"ولا يُستبعد من عمر هذا وهو يقرأ قوله تعالى:"ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا..." الإنسان 8. ولعلها أول وثيقة رسمية في إصلاح حال المساجين.
8- صرف بعض الأموال على المسافرين وعابر السبيل://
كتب إلى الولاة:"اعمل خانات في بلادك فمن مرَّ بك من المسلمين فأقروهم يوما وليلة وتعهدوا دوابهم فمن كانت به عِلّة فأقروه يومين وليلتين فإن كان منقطعا به فقوّوه بما يصل به إلى بلده".
9- الإحسان إلى أهل الكتاب المحتاجين://
أرسل بكتاب إلى الولاة:"فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد: فانظر أهل الذمة فارفق بهم وإذا كبر الرجل منهم وليس له مال فأنفق عليه فإن كان له حميم فَمُر حميمه ينفق عليه".
هذه بعض الوجوه التي يجب أن يصرف فيها المال العام للأمة وليس هناك في العالم من يسلك هذا المسلك الرشيد ولم يكن عمر بن عبد العزيز يصرف المال على أهل الفجور والغناء والشعراء وأهل التملق ولولا خوف الإطالة لسردت أوجها أخرى في صرف المال العام على العلماء والدعاة والأطفال إلخ......
أما صرف المال على الغناء والفساد والحرام فهذا أمر أجمع عليه العلماء قديما وحديثا والحاكم الذي يفعل ذلك إنما هو فاسق قال ابن تيمية رحمه الله:"ولا يجوز للإمام - أي الحاكم - أن يعطي أحدا ما لا يستحقه لهوى نفسه من قرابة بيتهما أو مودة ونحو ذلك فضلا عن أن يعطيه لأجل منفعة محرمة منه كعطية المخنثين من الصبيان المردان الأحرار والمماليك ونحوهم والبغايا والمغنين والمساخر ونحو ذلك أو إعطاء العرافين والكهان والمنجمين ونحوهم" ونص الإمام الونشريسي رحمه الله في المعيار أنه لا يجوز الأجرة على اللهو واللعب. وقال العلامة الذي جمع بين العلم والفتوى والسياسة والعسكرية ابن العنابي مفتي الجزائر:"... فكانوا يبذلون الأموال العظيمة للمغنين وركنوا إلى اللذات واتباع الشهوات فسلط الله عليهم طاغية "التتار" فأباد ملكهم ومزق شملهم ومحا اسمهم من الوجود وعمّ الضعف والوهن سائر بلاد الإسلام وأجرى في غالبها - لاسيما البلاد الشرقية - أحكام الكفر ففشت المنكرات واستباح غالب من ينتسب إلى الإسلام المنكرات...." والنقول في هذا الباب فوق الحصر.
* وكم كنت أرغب في إعادة استدعاء كل الدعاة والعلماء الذين زاروا الجزائر مؤخرا ليقولوا كلمة الحق في حكم الحاكم الذي يصرف أموال الأمة على المهرجانات الغنائية الماجنة التي تفسد أخلاق الأمة وتبدد أموالهم في الحرام أم أن استدعاء هؤلاء الدعاة والعلماء يقتصر على الناحية الأمنية فقط ؟! وهل يجوز شرعا وسياسة صرف أموال الأمة على العرايا وتحت رعاية ملك الجمهورية ؟!!! ومازال الجزائري يذكر جيدا قبل موعد الانتخابات الرئاسية كيف روجت السلطة لفتوى الشيخ أبو بكر الجزائري والتي يدعوا فيها إلى وجوب المشاركة في الانتخابات حيث نُشرت فتواه تلك في جميع وسائل الإعلام "تلفزة، إذاعة، جرائد" فلماذا لا تنشر السلطة نص رسالة الشيخ نفع الله به التي يحرم فيها الغناء وعنوانها "الإعلام بأن العزف والغناء حرام" وقد نقل فيها أقوال العلماء في التحريم ومما نقله عن العلماء قول الإمام مالك رحمه الله:"الغناء إنما يفعله الفساق عندنا" وقول القرطبي المالكي رحمه الله:"الغناء ممنوع بالكتاب والسنة" وقول أبو يوسف رضي الله عنه:"إذا سمع المؤمن صوت الملاهي والمعازف في دار دخل على أصحابها بدون إذنهم ليتمكن من تغيير المنكر ..." وإذا كان الغناء يفعله الفساق كما نقل الشيخ عن الإمام مالك فما قولنا في من يصرف أموال الأمة وبغير إذنها و رضاها على هؤلاء الفساق المراقيع ؟ ولماذا يأخذ الحكام وولاة الأمر من أقوال العلماء بالتشهي والانتقاء وما يخدم مصالحهم وويثبت قواعد حكمهم غير المشروع شرعا وسياسة والحاصل أن استدعاء هؤلاء الدعاة والعلماء لا من أجل تحكيم الشريعة ونشر أحكامها في جميع المجالات وإنما لمقصد أمني صرف وكل عالم أو داعية يسكت عن هذه المناكر أو يحاول تفريخ الفتاوى الباطلة بدعوى الترفيه فهو من علماء الضلالة لأنه يخضع النصوص للأهواء ألم يقل الشيخ العثيمين رحمه الله وهو حجة عند السلطة قال الشيخ في تعريف عالم الضلالة:"العلماء الذين يقولون بالاشتراكية يستحقون وصف العلماء، لكن علماء ضلالة، هؤلاء الذين أخضعوا النصوص لإثبات الاشتراكية هم علماء، لكن علماء الضلالة فنقول عالم ضال ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون"." والحاصل أنه لا يجوز صرف المال العام في وجه غير شرعي ومن ذلك صرفه على الحفلات والمهرجانات المحرمة شرعا كما هو حاصل في معظم الدول العربية قال العلامة محمد صديق حسن خان رحمه الله:"وكذلك يدخل في هذه الآية كل مزمور صغير كان أو كبير، وبأي اسم سميّ، وبأي لقل لُقب. وهو أيضا كثير جدا، لا يحصيه إلا الله، وشاع في الأعراس وفي الأفواج، وفي المجالس البيوتية، ومحافل الرفاهة، والدعة. وابتلي بها الولاة والأمراء، وأهل الترف والرعايا وغيرهم. ولكل قوم، وجيل، ورهط، وقبيل، مزامير ومعازف خاصة، وكذلك إيقاعات الغناء أنواع، لهم بها شغف، لا يخلوا أحدهم منها إلا من رحمهم الله تعالى. واستشهد رحمه الله تعالى بحديث:"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف..." ثم قال: والحديث دليل على تحريم المعازف، وهي تصدق على أي آلة للغناء بأي شكل كان، وبأي اسم يسمى. وفيه من أعلام النبوة حيث أخبر بما سيكون في أمته، وقد كان كما أخبر. وابتلي به عامة الناس من أمته اليوم، وأحدثوا من أنواعها ما لا يأتي على الحصر. حتى إنك ترى الصبيان في الدور، يشترون لهو الحديث وهذه الآلات الخبيثة وهي في أيديهم يلعبون بها في الدار وفي صحنه، وفي الأساق والسكك وينفخون فيها فيظهر أصوات مختلفة فيستريحون إليها وإلى تصاوير للحيوان من الإنسان وغيره، كأنه لم يبق لهم إلا هذه الملاهي والملاعب، وترى آباءهم وأبناءهم يأتون بها من السوق ويشترونها لهم، وهم مسلمون عالمون بتحريم ذلك كله لكن سامحوا في هذا حبا للولد والبنات، وزعموا أنها ليست معظمة عندهم حتى تكون معصية، وذلك زعم منهم باطل. وتابع رحمه الله تعالى مبينا واجب أولياء الصبيان تجاه هذا المنكر وهو الاحتساب عليهم حيث قال: بل الذي يجب عليهم، أن يمحوا التصاوير، ويكسروا المعازف،حيث وجدوها، ويقدموا أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم على محبة الأولاد والبنات، ويذكروا قوله سبحانه وتعالى في مثل هذا المقام:"إنما أموالكم وأولادكم فتنة" "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" "إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم". وعن أثر الآلات على النفس قال: وكم لهذه الوسيلة الشيطانية من قتيل دمه مطلول، وأسير بهموم غرامه وهيامه مكبول، ولاسيما إذا كان المغني حسن الصورة والصوت، كالمرأة الحسناء، والغلام الجميل. فليحذر المتحفظ لدينه، الراغب في إسلامه عن ذلك، فإن الشيطان له حبائل ينصب لكل إنسان منها، ما يليق به. وربما كان الغناء على الصفة التي وصفناها من أعظم خدائع اللعين الخبيث، ولاسيما لمن كان في زمن السيئة فإن نفسه تميل إلى المستلذات الدنيوية بالطبع.".
* استبان مما سبق سبيل الحكام المفسدين وسبيل الحكام الراشدين في التعامل مع أموال الشعب وقبل ختام هذا البيان نود أن يعرف العام والخاص أن الفساد في الجزائر أصبح مؤسسة من أكبر المؤسسات وحزب الفساد هو أكبر حزب في الجزائر وما سوف نذكره من بعض طرق نهب المال العام للشعب الجزائري إنما هو قطرة من بحر وغيض من فيض وسوف يقتصر على عهد التعددية لا عهد الاشتراكية رغم أنه في عهد الاشتراكية تم نهب المال العام أيضا مما دفع بالرئيس السابق هواري بومدين لأن يقول لرجال السلطة:"لابد من الاختيار بين طريق الثورة أوالثروة" وما قضية اختلاس 26 مليار دولار التي أعلن عنها الوزير الأول الأسبق عبد الحميد الإبراهيمي عنا ببعيد والتي سرعان ما قُُبرت في مهدها وفي المجلس الوطني الشعبي ذاته وهذا المبلغ كان باستطاعته في ذلك الوقت تهديم كبرى العواصم الجزائر ووهران وقسنطينة وإعادة بناءها من جديد وإسكان كل مواطن في فيلا كبيرة تليق بالمواطن في ظل دولة غنية عوض إسكانهم في عمارات شققها كأنها خُم دجاج سُرعان ما تضيق بأهلها وهناك من عاد إلى البيوت القصديرية لمّا وجد المساكن الجديدة أضيق مما كان فيه.
* أولى المؤسسات في الدولة بمراقبة دستوريا أوجه صرف المال العام هي مؤسسة البرلمان أو المجلس الوطني الشعبي أما في الجزائر فأضعف هذه المؤسسات هي مؤسسة البرلمان فهو يمثل بيت الطاعة وغرفة تسجيل بل تحول البرلمان نفسه إلى بالوعة للمال العام وأصبح نوابه نوائب على الأمة فأغلب القوانين المصيرية تصدر بأوامر رئاسية وهو برلمان فاقد للشرعية والمشروعية فقد حصل على أضعف نسبة مشاركة منذ الاستقلال أي 35 % وهذا ما أعلنت عنه وزارة الداخلية والحق أن نسبة المشاركة أدنى بذلك بكثير هذا البرلمان الذي نوابه أكبر همهم - إلا النادر منهم - هو رفع أجورهم حيث وصل أجر البرلماني إلى 30 مليون شهريا فضلا عن الامتيازات الأخرى التي تنهب المال العالم بطريقة رسمية هذا البرلمان الذي يصرف يوميا 800 مليون وقد قال رئيس البرلمان أنه تم صرف 1750 مليار في خلال 5 سنوات وقد وصل ما يصرف على الدبلوماسية البرلمانية نحو 19 مليار لتبيض وجه النظام الإرهابي خارجيا، وإيهام العالم أن هناك تعددية في البلاد رغم أن أحزابه خاصة الائتلاف الثلاثي هم صنائع السلطة الفعلية، وعوض أن يقوم البرلمان بمهمته الأساسية المتمثلة بمراقبة حركة المال ومحاسبة الحكومة وسن القوانين التي تخدم الشعب وتدافع عن مصالحه المشروعة أصبح هو ذاته أداة تبرير الفساد الرسمي وبالوعة أخرى لنهب المال العام.
* ويمكن ذكر بعض الطرق المحرمة وغير المشروعة لنهب المال العام في الجزائر على سبيل المثال وليس الحصر ليعرف العام والخاص حجم الفساد المالي في البلاد ومدى استحلال المال العام بلا رقيب ولا حسيب.
أ- عن طريق التبديد والاختلاس://
1- نُهب في قضية خليفة الشهيرة التي هزت البلاد والعباد أزيد من 2 مليار دولار تورط فيها 10 وزراء و50 مسؤولا كبيرا و40 مدير مؤسسة عمومية وكانت الأموال تخرج بأوامر شفهية ووزع أكثر من 327 مليار عمولات على شخصيات بارزة داخليا وخارجيا حيث أعطى لونسي مال حوالي 10 ملايين دولار لتمويل كأس إفريقيا ورغم هذه الفضيحة المدوية مازالت تفاصيل القضية مطمورة والجميع يجهل الجهة التي كانت تقف وراء الإمبراطور الشاب ولنا لهذه القضية عودة إن شاء الله تعالى.
2- نهب في قضية ديجماكس نحو 1500 مليار.
3- نهب في قضية بريد الجزائر نحو 1300 مليار.
4- ونهب في قضية مجموعة رياض سطيف نحو 840 مليار.
5- ونهب في قضية البيسيا بوهران نحو 630 مليار.
6- ونهب في قضية مؤسسة "إيني" نحو 20 مليار.
7- ونهب في قضية الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية نحو 10 مليار.
8- ونهب في قضية بتك الفلاحة والتنمية الريفية 1200 مليار.
9- ونهب في الطريق السيار شرق غرب نحو مليار دولار وفيه عيوب كثيرة منها عدم سعته مما يعرض في المستقبل إلى حوادث الطرق رغم ارتفاع حجم ضحايا إرهاب الطرقات التي تحصد يوميا أكثر من 11 قتيلا مما جعل الجزائر من أوائل الدول في العالم في حوادث المرور أما عن حجم الصفقات في ميترو الجزائر فحدث عن البحر ولا حرج هذا الميترو الذي شل حركة المرور عبر الأحياء الشعبية التي يمر بها مما عرض مصالح المواطنين إلى التعطيل فضلا أنه يمر تحت أحياء شعبية مهددة بالانهيار حيث يوجد بالعاصمة أكثر من مليون بناية مهددة بالانهيار منها حوالي 1800 عمارة بالعاصمة.
10- ونهب في وكالة بدر ببئر خادم حوالي 30 مليار.
11- ونهب في مكتب بريد تيبازة أزيد من 17 مليار.
12- ونهب من البنك الصناعي والتجاري بوهران 13.200 مليار.
13- ونهب من البنك الوطني الجزائري 4 آلاف مليار.
14- ونهب في إطار صفقات مشبوهة بالوكالة الوطنية للسدود 5 آلاف مليار.
15- ونهب حوالي 3200 مليار من البنوك عبر مجموعة من الشركات الوهمية وفي الجزائر هناك أزيد من 1500 شركة وهمية، وهناك أكثر من 3900 وكالة عقارية تنشط خارج القانون.
16- ونهب أكثر من 30 مليون دولار من الصندوق الكويتي الجزائري للاستثمار.
17- ونهب من وكالة البويرة زهاء 18 مليار.
18- ونهب في قضية تهريب نفايات الحديد نحو 350 مليار.
19- ونهب في بنك عين الدفلة نحو 400 مليار.
20- ونهب في قضية عاشور عبد الرحمن 3200 مليار ورغم ذلك كله صدر بحقه 18 سنة سجنا وقال: هناك من نهب أكثر من ذلك ولم يتابع قضائيا وهذا دليل على النهب المنظم المكشوف عنه إنما هو عبارة عما ظهر من قمة الجبل والحيتان الكبيرة بمنجاة عن ذلك فهناك من يحميهم وهذا الذي دفع بالبعض إلى أن يقول في قضية خليفة الشهيرة: لماذا بنك القليعة لم تطاله يد التحقيق إلى يومنا هذا؟!!! فهل يعقل شرعا وقانونا وعقلا أن من يسرق نقال يعاقب بـ 5 سنوات سجنا نافذة وسارق 3200 مليار يعاقب بـ 18 سنة سجنا ثم يستفيد من تخفيض العقوبة؟!!! والأعجب أن هناك بعض الإخوة أثناء الأزمة الجزائرية الكبرى حكم عليهم من 8 سنوات إلى 18 سنة لا لشيء إلا أنهم قاموا بإعانة عائلات إخوانهم في الله تعالى وعندما قال أحد القضاة لأحد المتهمين: أنت متهم بمساندة الإرهاب!!! ردَّ عليه الأخ المتهم: أيها القاضي أنا لم أعن من صعد للجبل ولكن أعنت عائلته حتى لا تتعرض للتشرد أو الانحراف ولو أن الدولة خصصت للعائلات مرتب أو منحة محافظة على العائلة والله يقول:"ولا تزر وازرة أخرى" فصم القاضي أذنيه وأدين الأخ بـ 8 سنوات سجن والغاية من وراء هذه القسوة ترهيب كل من أراد أن يعين عائلة أحد أبناءها التحق بالعمل المسلح بعد إيقاف المسار الانتخابي بقوة الحديد والنار في 1992.
ب- طرق أخرى لنهب المال العام بشكل رسمي://
1- عن طريق الجمعيات الوطنية والمحلية وعددها يفوق 85 ألف جمعية 81 ألف منها لم يقدم تقريره المالي ولكنها تستثمر في المواعيد الانتخابية لتزكية مرشح السلطة الفعلية.
2- وعن طريق المجالس المنتخبة ورؤساء الدوائر فهل يعقل أن يصرف على تجميل البلديات والأرصفة نحو 2500 مليار بينما الطرق الداخلية للبلديات محفورة وغير مُعبدة رغم دفع رسوم السيارات بغرض تعبيد الطرق وهل يعقل القيام بتجميل البلدية بينما النظافة وأنابيب صرف المياه والإنارة الليلية منعدمة إلا في الأحياء الخاصة بالطبقة العليا في البلاد وهناك بعض البلديات قتلها الناموس والبعوض والجرذان تصول وتجول نهارا وليلا وأهل البلدية مشغولون بالصفقات المشبوهة إلا ما رحم ربي وما أقلهم. ولقد وصل عدد المنتخبين المتورطين في الفساد المالي وغيره إلى أكثر من 612 رئيس بلدية و1175 منتخب فرئيس بلدية براقي نهب مليار و900 مليون والعقوبة تافهة تُغري الجميع بالسرقة ونهب المال العام، بينما هناك حوالي 817 بلدية تعيش على إعانة الدولة وهناك حوالي 1400 بلدية مديونة.
3- عن طريق الولاة وبعض هؤلاء الولاة بالوعة للمال العام وهذا بشهادة ملك الجمهورية نفسه والعام والخاص يعلم أن والي البليدة بوريشة الذي نهب حوالي 23 مليار ولحد الآن لم يمثل أمام المحاكمة رغم أنه باع البليدة لأنه في حماية ديناصورات من الوزن الثقيل لاسيما والبليدة لها وزنها في العمل السياسي والعسكري إلخ... ووالي الطارف الذي وضع في حساب زوجته 100 مليار وفرَّ من السجن ثم أعيد ثم الآن لا يعلم أحد أحواله!!!! والولاة يسمعون لأوامر القطاع العسكري أكثر من أي جهة.
4- عن طريق الزيارات الرسمية لاسيما الرئاسية فقد صُرف على زيارة ساركوزي لقسنطينة حوالي 20 مليار وللجزائر أكثر من ذلك بحكم أنها عاصمة البلاد. والأعجب أن ساركوزي مطالب الآن في فرنسا أن يدفع مبلغ 140 مليون إلى مؤسسة الإليزي لأنه صَرَفَ هذا المبلغ على أمور شخصية من خزينة الدولة وقدَّم الاعتذار وادّعى أنه لم يكن يعرف ذلك أما في الجزائر فالكل يغرف من المال العام بلا عقاب ولا حساب ومجلس المحاسبة بناية جميلة وهامة نسجتْ عليها العنكبوت وأهلها في بطالة وعطالة !!!! أما ماذا كلفت زيارة بقية الرؤساء فلا أحد يعرف حجم المبالغ التي صُرفت في هذا الاتجاه وهل هذه الزيارات ضرورية أم لا؟!!
5- عن طريق الخدمات الاجتماعية المزيفة فقد تم تبديد أكثر من 255 مليار.
6- عن طريق السفارات الخارجية مع العلم أن السفير لا كلمة له أمام الممثل العسكري المخابراتي في السفارة أما الصفقات المشبوهة فحدث ولا حرج وهناك أمور أخرى أضرب الآن عنها صفحا. أما عن طريقة انتقاء السفراء وخاصة سفراء أمريكا وفرنسا وسويسرا وبريطانيا فهناك مواصفات خاصة ومهام خاصة تخدم بالوعة المال العام.
7- عن طريق تهريب أموال الأمة إلى الخارج لتودع في البنوك الأجنبية تحت السرية خاصة في سويسرا وبلجيكا ويجب الكشف عن أسماء هؤلاء وإرجاع أموال الأمة إلى الأمة وهناك الآن أكثر من 43 مليار دولار في الخارج والبنوك الأجنبية والأموال المهربة إلى الخارج لو أعيدت إلى الشعب لاستطاع كل مواطن جزائري أن يعيش على أحسن حال من حيث العمل ومرتب العمل والحق في سكن واسع والزواج والاستقرار الأسري والحفاظ على كرامة المواطن الفقير في جميع أنحاء القطر فلا يعقل مثلا أن يكون الجنوب مصدر ثراء الجزائر ثم نرى الهجرة نحو الشمال من شباب الجنوب لبيع الشاي الأخضر أو بيع الكاوكاو في صورة مزرية للغاية بينما ربع مداخل الجزائر تُهرب إلى الخارج.
8- عن طريق صفقات الأسلحة العسكرية ولا أحد في البلاد يعرف كيف تُدار الأموال في وزارة الدفاع بما في ذلك البرلمان بحجة السرية وما قضية الأسلحة المغشوشة عنا ببعيد ولا أحد يعرف العلاقة العضوية بين وزارة الدفاع وسوناطراك؟!
9- وعن طريق الشركات المختلطة الفرنسية والأمريكية وغيرها هذه الشركات التي أصبحت تغرف من مال الجزائريين بلا حساب ولا عقاب ولا رقابة وحجم الرشاوى والعمولات المقدمة من أجل افتكاك عقود دون مناقصات فحدث عن البحر ولا حرج.
10- عن طريق الرياضة وهذا القطاع هو الآخر بالوعة كبيرة للمال العام حيث أصبح الوسط الكروي متعفن بشكل غريب فهل يعقل شرعا وسياسة أن يتقاضى مدرب رياضي شهريا حوالي 160 مليون بينما أساتذة في الجامعات وعلماء مفكرين يعانون من المرتبات المتدنية وهل يعقل أن الفريق الوطني والذي أغلب لاعبيه مزدوج الجنسية فلمجرد فوز ظرفي يعطى لهم 50 مليون أو 100 مليون بينما طلبة العلم والبحث العلمي يعجزون عن شراء الكتب اللازمة للقيام بالبحوث العلمية؟!!!
11- عن طريق إقامة المهرجانات والحفلات الفنية وإقامة الأعياد الوطنية والتي أصبحت فرصة سانحة لسُرّاق المال العام للشعب ولنفخ الفواتير بشكل خيالي مع العلم أن نفخ الفواتير أصبحت ظاهرة رسمية في جميع مؤسسات الدولة فهل يعقل يا عباد الله أن يصرف على فنان أو فنانة أزيد من 14 مليار ليوم أو يومين؟!!! وهل يعقل يا خلق الله مسلمين وكافرين أن نقيم حفلا ساهرا في قاعة الأطلس بمناسبة اختتام المهرجان الإفريقي العفن والذي كلّف ميزانية الأمة 800 مليار كما تقول الجهات الرسمية!!! قبالة مسجد التقوى وهناك عمارة مجاورة لقاعة الأطلس مكونة من 6 طوابق سقط جميع دُرْجِها من أعلى طابق إلى أسفله بعضه فوق بعض ليلة الانتخابات الرئاسية أي 19 أفريل 2009 وتشرد جميع سكانها وأخرجتهم الحماية المدنية من النوافذ وتركوا كل أغراضهم في المنازل إلى يومنا هذا وأولادهم على أهبة الامتحانات لجميع المستويات وسكان هذه العمارة في حالة مزرية وهم يعيشون في الشتات وقد رفضت السلطات إعادة بناء درجات العمارة فهل يعقل أن تصرف أموال الشعب على العرايا ولا يصرف على سكان هذه العمارة ولمن أراد أن يتأكد من هذا الخبر فعليه زيارة عمارة رقم 6 شارع لخضر سعدي بباب الواد ليتأكد من ذلك يوم حفل اختتام المهرجان السفيه أو بعده. قال أحد الصالحين:"من ضحك أو استمتع بزوجة أو لبس مبخراً أو ذهب إلى مواضع المتنزهات أيام نزول البلاء على المسلمين فهو والبهائم سواء".
12- عن طريق إقامة المؤتمرات الدولية والداخلية والإقليمية والتي لا تعود على البلاد والعباد بأي خير فقد صرف على عاصمة الثقاقة العربية نحو 500 مليار دون فائدة وكذا المهرجان العالمي للشباب وصرف عليه نحو 800 مليار أما سنة الجزائر بفرنسا التي لم تعتذر عن جرائمها إلى يومنا هذا كلفت الخزينة العامة أكثر من 600 مليار.
* والحاصل أن الفساد المالي المهول ضرب جميع مؤسسات الدولة، العدالة والقضاة والتجار وأرباب الشركات الكبرى والأجهزة الأمنية المختلفة والجمارك حتى وزارة الشؤون الدينية طالتها يد الفساد المالي وحتى جهاز الحماية المدنية والأمثلة فوق الحصر أما الفساد المالي في الشركة الأم سوناطراك فهي الطامة الكبرى فهي على القائمة السوداء للشركات البترولية في العالم وقد خسرت ملايير الدولارات في استيراد قطع غيارمغشوشة.
* هذه بعض الطرق غير المشروعة شرعا وقانونا وسياسة لنهب المال العام وحيث أن البرلمان عاجز عن مراقبة المال العام بل تحول هو ذاته إلى بالوعة للمال العام وحيث أن العدالة لا تطال إلا الصغار والضحايا فما على أهل السياسة الصادقين والعلماء والدعاة الربانيين إلا أخذ زمام المبادرة بطرق سلمية شعبية وما ضاع حق وراءه طالب حتى يجعل الشعب الجزائري حدا لضياع حقوقه المغتصبة ومن بينها أمواله العامة التي نهبها الناهبون الكبار والقطط السمان ليتولى شأن ماله العام كل حفيظ عليم لقوله تعالى:"قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم". وليعلم العام والخاص أن الغرب تحقق له ما تحقق بخصال توفرت فيه منها كما جاء في الحديث: وخامسة فيهم جميلة "أمنعهم من ظلم الملوك". اللهم قد بلّغنا فاشهد والله ولي السداد والتوفيق.
بن حاج علي
نائب رئيس الجبهة الإسلامية
للإنقاذ
ملاحظة: نسخة من هذا البيان أرسلت إلى ملك الجمهورية استنكارا لتبديد مال الأمة بغير رضاها.
للشيخ على بن حاج
الأدلة الشرعية في وجوب الدفاع عن الأموال العامة للرعية
ملخص البيان
أصدر نائب رئيس الجبهة الاسلامية للانقاذ الشيخ على بن حاج بيانا مطولا أستنكر فيه تبديد المال العام للشعب الجزائري فيما لايعود على الشعب بالنفع وحمل المسؤولية لرئيس الجمهورية دون سواه لانه هو المسؤول الرسمي على البلاد من الناحية الدستورية لاسيما بعد تعديل الدستور الاخير ...
وتسأل في بيانه كيف تصرف السلطة مثلا على المهرجان الافريقي حوالى 800 مليار فيما عموم الشعب يعاني من الفقر والحرمان على اكثر من صعيد فضلا على ارهاق الشعب بالرسوم والضرائب والمكوس
كما استنكر نائب رئيس الجبهة الاسلامية بشدة أن تفتح شوارع العاصمة وبعض الولايات للمهرجان والعرايا وتحت حراسة رجال الامن الذين بلغ عددهم 22 ألف لحماية فعاليات هذا المهرجان الذي يدوم 15 يوما . ولكن عندما خرج الشعب الجزائري لمناصرة الاخوة غزة وهي تحت الحصار والدمار والاحراق تعرض الى القمع والمنع والتفريق من طرف قوات التدخل بحجة حالة الطوارئ الخ...
وذكر معالم السياسة الشرعية في تصريف المال العام للشعب وعقد مقارنة في بيانه الهام بين سيرة الحكام الراشدين وطريقة الحكام المفسدين في التعامل مع المال العام ودعم قوله بالكتاب والسنة وسيرة الخلفاء الراشدين وضرب لذلك الامثلة
وركز وأعاد القول مرارا وتكرارا على ان المال العام انما هو ملك للشعب وليس خزينة خاصة للحاكم وضرب مثالا ان ساركوزي بعد المراقبة والمتابعة ألزم قانونيا برد مبلغ 140 مليون لانه اشترى أمور شخصية بالمال العام اما خليدة تومي عندما سئلت عن مبلغ 800 مليار للمهرجان قالت هناك لاعب تقاضي أكثر من ذكلك ولم تحدث ضجة وهذه مغالطة لان اللاعب المذكور ثم شراؤه بالمال الخاص لا بالمال العام ورغم ذلك فالشيخ لم يحملها المسؤولية لانه يرى ان الوزراء في الجزائر هم مجرد موظفين كباربمرتبات عالية واقامة الادلة الشرعية والسياسية على أنه لايجوز للحاكم ان يتصرف في المال العام بالهوى والتشهي وبين بكل وضوح الوجوه التى يحرم فيها صرف المال العام للشعب.
وقال أنه عوض أن تصرف الاموال في الاوجه تعود على جميع شرائح الشعب خاصة الضعيفة راحت السلطة تصرف المال العام للشعب وبغير رضاه في الرقعات لتلهية الشعب وتخذيره وابعاده عن معالجة مشاكله الاساسية.
ولقد صرح الشيخ بن حاج في بيانه الذي يدافع فيه عن أموال الشعب العامة إن الفساد مؤسسة من أكبر مؤسسات الدولة وهو أكبر حزب في ا لبلاد وذل على ذلك بذكر طرق رسمية وغير رسمية بعض الوقائع والارقام والامثلة وقال ما سرده في البيانه الهام والخطير انما غيض من فيض وماهو الا قمة الجبل.
وتسأل في حسرة ودهشة أيمكن ان يقام الحفل الختامي للمهرجان الافريقي وقبالة هذه القاعة التىأعيد ترميمها من جديد عمارة تساقط درجها المكون من 6 طوابق يوم الانتخابات 9افريل 2009 واهلها كلهم في شتات وضياع بعد ان رفضت السلطات اعادة بناء درجات العمارة وطلب الجميع زيارة تلك العمارة ليعرف كيف تصرف اموال الامة
وفي الاخير وفي ظل عجز البرلمان والعدالة وضع حد لاختلاس وتبديد المال العام للشعب لفساد هذه المؤسسات دعا الساسة واهل الفكر والعلماء والدعاة الى موجهة تبديد المال واختلاسه في هبة شعبية .
ونظرا لاهمية هذا البيان نطلب من جميع الاخوة على اختلاف توجهاتهم لان محاربة الفساد المالي والاقتصادي هو قاسم مشترك بين كل من يريد للشعب استرجاع حقوقه المشروعة ومنها الحفاظ على على امواله وهو مقصد من مقاصد الشريعة الاسلامية نشر هذا البيان لانه يساهم في توعية الشعوب بحقوقها وقد دلت التجارب القديمة والحديثة لاسيما بعد الازمة العالمية المالية ان كثيرا من الفتن والزلازل ترجح الى استحواذ الحكام أو فئة قليلة على مقدرات الشعوب والامم وأن عدم رسم سياسة مالية رشيدة يعود على الشعوب الاسلامية والانسانية بالخير والنفع العام سوف يدفع طال الزمن ام قصر الى تهديد استقرار الدول والعالم بأسره لاسمح الله
ملاحظة
لقد نشرت اليوم بعض وسائل الاعلام الجزائرية المكتوبة وذلك حسب ادعائها وزير الاوقاف الجزائري رفع دعوة قضائية ضد الشيخ على بن حاج بعد رفع تحقيق من طرف بعض الائمة (وشاية)....!؟
والله المستعان
واليكم البيان كامل
الجزائر في: 27 رجب 1430هـ
الموافق لـ: 20 جويلية 2009م
بيان: الأدلـــة الشرعيـــة فـي وجـــوب
الدفاع عن الأموال العامة للرعية
* الحمد لله القائل في كتابه العزيز:"واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين * وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" هود 116/117 وقال جل جلاله:"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"البقرة188،والصلاة والسلام على أشرف المرسلين القائل في الحديث الصحيح:"إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا" ومما يكرهه الله لنا"إضاعة المال" وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى رأسهم الراشدين الذين كانوا أحرص الأئمة على أموال الأمة.
تمهيد لابد منه://
* اعترض طريقي بعض الشباب الغاضب على تبذير أموال الأمة في المهرجان الإفريقي والذي بلغ 800 مليار قائلين لي في شيء من الحِدّة والعتب: لماذا لا يتكلم العلماء والدعاة وأئمة المساجد عن هذا المنكر، فقلت لهم بكل رفق: بارك الله فيكم على هذه الغيرة على أموال الشعب ولكن ماذا أفعل وأنا ممنوع من الخطابة في المساجد وليس لنا جماعة منظمة ننشط من خلالها دعويا وإعلاميا وسياسيا، فقال أحدهم ويبدو عليه الالتزام: وهل عدم وجود منبر أو جمعية أو حزب يبرر لكم السكوت عن هذا المنكر؟!! قلت:لا، قال آخر: وهل إذن الحاكم شرط في تغيير المنكر؟!! قلت: كلا فقد كان من عادة السلف الأوائل الاحتساب على الحكام وولاة الأمر بعضهم يفعل ذلك سرا وبعضهم يفعل ذلك علنا وجهرا بحسب نوعية الحكام والمظالم والمعاصي الصادرة منهم وهناك من يفرق بين المعاصي القاصرة والمعاصي المتعدية المجاهر بها وضربت لهم الأمثلة وقلت لهم: لو كان إذن الحاكم شرطا في تغيير المنكر لما تمَّ الاحتساب على الولاة فكيف إذا كان الحاكم وولي الأمر هو منبع المناكر والمروج لها والذي يسخّر القانون لتقنين المناكر وتوظيف الأجهزة الأمنية المختلفة والقضاء لمعاقبة الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وبعد أن شرحت لهم بعض أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلا لهم:"اعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس قاصرا على العلماء والدعاة وطلبة العلم فالعامة لها حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصة فيما هو معلوم من الدين بالضرورة مما لا يُعذر بجهله شريطة التزام الضوابط الشرعية التي وضعها العلماء الربانيون وليس علماء السلطان وعلى كل واحد وهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يصبر على مايصيبه في سبيل الله تعالى قال تعالى:"يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور"لقمان 17".
* مما لا شك فيه أن صرف أموال الأمة في غير وجهها الشرعي منكر يجب تغييره فقد كان السلف الصالح الأوائل يقفون بكل شجاعة في وجه الحكام الذين يتصرفون في أموال الأمة بغير حق ولا يعود عليها بالنفع العام جاء الحارث بن البرصاء وسعيد بن المسيب في السوق "قلت: وهذا يدل على أن العالم لا ينعزل عن شؤون الأمة والله يقول:"يأكل الطعام ويمشي في الأسواق"" فقال له:"يا أبا إسحاق إني سمعت مروان - أي ابن الحكم بن العاص - يزعم أن مال الله ماله من شاء أعطاه ومن شاء منعه فقال له: أنت سمعته يقول ذاك قال: نعم قال سعيد: فأخذ بيدي حتى دخل على مروان فقال: يا مروان أنت تزعم أن مال الله مالك من شئت أعطيته ومن شئت منعته فقال: نعم قال: فأدعوا ورفع سعيد يديه فوثب إليه مروان وقال أنشدك الله أن تدعو هو مال الله من شاء أعطاه ومن شاء منعه" وهذا ما يجب أن يكون عليه دعاة المسلمين في الدفاع عن أموال الأمة واقتداء بما كان عليه السلف الصالح الأوائل في مواجهة الحكام الذين يصرفون أموال الشعب في غير وجهها الشرعي أقول مستعينا بالله تعالى.
السياسة الشرعية لتصريف الأموال العامة://
* لقد وضع الإسلام للمال العام أحكاماً تصونه من الضياع فحرّم جمعه من غير طريق مشروع وحرّم أن يكون دولة بين الأغنياء المترفين وحرّم جملة من البيوع وحرّم كل أشكال الغش والاحتيال في الحصول على الأموال وحرّم اختلاسه ونهبه واغتصابه وأكل أموال الناس بالباطل وحرّم استخدامه في الرشوة أو شراء الذمم وحرّم التبذير والإسراف وحرّم تسليم المال لمن لا يستطيع صيانتها وتنميتها كما أمر بالحجر على السفهاء وحرّم على الحكام تبذير المال العام أو صرفه في غير الوجوه الشرعية التي تحقق الصالح العام للأمة لأن المال العام هو أمانة من الأمانات التي يجب تأديتها إلى أهلها فلا يحق لأي حاكم أن يتصرف فيه كأنه ماله الخاص وقد عد الصحابة رضي الله عنهم الحاكم الذي يتصرف في أموال الأمة بهواه ملكا لا خليفة فقد سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه سلمان الفارسي رضي الله عنه:"أملك أنا أم خليفة؟" فأجابه:"إن أنت جبيتَ من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك" وعليه فحكام العالم العربي كلهم ملوك على قول سلمان الفارسي رضي الله عنه، وكان السلف الأوائل ينكرون على الحكام عبثهم بأموال الأمة أو استخدامها في غير وجهها الشرعي مما جرَّ عليهم أنواع الابتلاء بالقتل أو النفي أو السجن أو تشويه السمعة واختلاق الأكاذيب فقد كان علماء السلف الأوائل حماة الأمة وذادة عن حقوقها المشروعة فألفوا كتبا فقهية تشرح معالم السياسة المالية في أحكام الشريعة ما يجوز وما لا يجوز ورسموا الحدود الشرعية التي يجب التزامها من طرف ولاة الأمر وتحذير الحكام من الاستحواذ على مال الأمة العام أو اغتصاب المال الخاص كما حدث أيام الثورة الزراعية أو إثقال كاهل الأمة بالمكوس والضرائب فألف أبو يوسف رحمه الله كتاب الخراج وكذا فعل يحيى بن آدم رحمه الله وكذا قدامة بن جعفر رحمه الله وألف كل من ابن زنجويه رحمه الله وعبيد القاسم بن سلام رحمه الله والداوودي المالكي رحمه الله كتابا تحت عنوان "الأموال" وألف الحافظ السخاوي رحمه الله كتابه الماتع "السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم" وبين فيه متى يحمد المال ومتى يذم وهذا الإمام المحدث تقي الدين البلاطنسي ألف كتابا فريدا في بابه عنوانه "تحرير المقال فيما يحل ويحرم من بيت المال" وما أحسن أن يطالع عليه كل حاكم مسلم ويستفيد منه وقد ذكر سبب تأليفه للكتاب بقوله:"وقد آل الحال إلى أن استأثر كثير من الناس بأموال بيت المال من غير قيام بمصلحة ولا اتصاف بصفة استحقاق. وهذه بدعة، عمَّ في الدين ضررها، واستطار في الخلق شررها، فوجب على العلماء كشف الغطاء عن فسادها، بالإرشاد وتبين حكم الشرع وما هو الحق في نفس الأمر، لأن الله قد أخذ عليهم الميثاق أن يبينوا للناس الحق ولا يكتموه. ولم يرى أحدا من علماء الزمان صرف همته إلى إنكار ذلك وبيان حكم المسألة، ولم يزل في القلب من ذلك حزازات، إلى أن وقع سؤال في رجل كان له إقطاع من بيت المال." وجعل تصرف الحاكم أو ولي الأمر في مال الأمة بغير وجه حق شرعي بدعة من البدع التي يجب إنكارها وعقد مقارنة بين ما كان عليه الخلفاء الراشدين والحكام الطغاة المفسدين في الأرض العابثين بمال الأمة المسلمة حيث قال رحمه الله:"ثم تغيرت الأحوال وتغير نظام النظام، وتخلف الأجناد عن القيام عما أرصدوا له من الحراسة والجهاد، وصارت الولاة وأتباعهم من الأجناد يجاهدون في الرعايا من الموحدين وغيرهم بسلب أموالهم وتعذيبهم بأنواع العقوبة، ومن رام التحفظ عن ظلمهم رموه بالعصيان أو سموه بالبغي والعدوان واستباحوا قتاله واغتنام ماله، واعتقدوا في الإقطاعات وجوب اختصاصها بهم وأنها تورث كالأملاك، وأصل هذا الفساد بل كل الفساد في الدين من ولاة الجور وقضاة الرشا وفقهاء السوء، وصوفية الرجس، كما قال السيد الجليل عبد الله بن المبارك: وهل أفسد الدين إلا الملوك...وأحبار سوء ورهبانها. فإن الولاة لما فسدوا وامتدت أطماعهم إلى أن أخذوا أموال الناس واستأثروا بأموال الصالح واعتقدوها مملوكة لهم تعدى الفساد إلى القضاة والفقهاء وأرباب المناصب، بل إلى الكافة، وتقلد الأمانات الخونة فباعوا الدين بالدنيا، وعلم الأتباع منهم أنهم قد خانوا الله، قالوا ما لنا لا نخون، كما حكى بن عبد ربه أن مروان بن الحكم أرسل وكيلا إلى قرية له في الغوطة، ثم حضر إليه في بعض الأيام فقال له: يا هذا أظن أنك تخونني في ضيعتي، فقال له: أو تظن ذلك ولم تستيقنه، والله إني أخونك وأنت تخون أمير المؤمنين وأمير المؤمنين يخون، ولهذا يتنقم الله منهم بتسليط بعضخم على بعض. ثم زاد الفساد بتصرف الأجناد وغيرهم في الإقطاعات تصرف الملاك بالبيع والشراء، واشترك في هذا الأمر الخاص والعام ومن يصلح للجهاد ومن لا يصلح، ومن يستحق في بيت المال ومن لا يستحق، حتى بعض الإقطاعات لبعض الكفرة من النصيرية والإسماعيلية. ثم اشتد حرص الولاة وأركان الدولة على جمع الأموال وأخذ الرشا، ورخصوا في أمور، فاغتنم الجهال في ذلك منهم، وأرضوهم بسخط الله ووثب كل فريق واستأثر بما تصل إليه قدرته من أموال بيت الله وغيرها، وكثر التنازع والتنافس في ذلك حتى آل الحال إلى أن حولوا كثيرا من الجهات المختصة ببيت المال إلى الملك والوقف والرزق المؤبد، وجعلوا ذلك وسيلة إلى حوز الدنيا لهم ولذراريهم من بعدهم، واستنبطوا في ذلك أنواعا من الحيل يخدعون بها الخلق "وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"، ويخيلون على الولاة بأن ذلك من القرب، وأن من مضى من الملوك كنور الدين وصلاح الدين وأمثالهم ما قد فعلوا مثل ذلك ولأقرهم العلماء عليه وأفتوهم بجوازه، ويغفلون عن الشروط المعتبرة لصحة تصرفات الأئمة في بيت المال وصفات المستحقيت لها، بل أكثرهم يجهلها ولا يدري أنها الآن كالمفقودة بخلاف أولئك فإن شرائط الصحة في تصرفاتهم ومصادفتها للأوضاع الشرعية كان غالبا كما تقدمت الإشارة إليه، ويأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى." وكشف هذا العالم الرباني أن الحكام وولاة الأمر عوض الاشتغال بجهاد الأعداء راحوا يجاهدون شعوبهم ليس بالسلاح وإنما بالضرائب والمكوس والغرامات واختلاق العقوبات المالية المتنوعة كما هو الحال في الجزائر فالسلطة في الجزائر لو تراجع ثمن البترول إلى 10 دولار أو أقل من ذلك فإن السلطة باستطاعتها تعويض ذلك عن طريق رفع الضرائب والمكوس والرسوم المضروبة على السيارات دون تعبيد للطرقات كما وعد بذلك أويحيى ذات يوم عندما اختلق الرسوم على السيارات خارج إطار القانون مقابل العناية بتعبيد الطرقات ومازالت تلك الرسوم غير القانونية قائمة إلى الآن أي أن السلطة البوليسية باستطاعتها تحويل الشعب الجزائري نفسه إلى حقول نفط بشرية ومعنى ذلك بكل بساطة أنه في حالة نفاذ حليب بقرة البترول الحلوب فسيتحول النظام إلى بقرة الشعوب الحلوب!!! كما أن الإمام البلاطنسي حرم تصرف الحاكم في أموال الأمة بطرق غير شرعية فقال:"والآن فقد اعتقد الجهال أن للسلطان إن يعطي من بيت المال ما شاء لمن شاء، ويقف ما شاء على من يشاء، ويرزق ما شاء لمن شاء، من غير تمييز بين مستحق وغيره ولا نظر في مصلحة، بل بحسب الهوى والتشهي، ويعتقدون استحباب ذلك وأنه بر وصدقة، وهو خطأ صريح وجهل قبيح، فإن أموال بيت المال لا تباح بالإباحة. قال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى:"لا يجوز صرف شيء من أموال بيت المال إلا من فيه مصلحة عامة"" وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله:"ولا يجوز للإمام أن يعطي أحدا ما لا يستحقه لهوى نفسه من قرابة بينهما أو مودة ونحو ذلك فضلا على أن يعطيه لأجل منفعة محرمة منه كعطية المخنثين من الصبيان المردان الأحرار والمماليك ونحوهم والبغايا والمغنين والمساخر ونحو ذلك أو إعطاء العرافين والكهان والمنجمين ونحوهم." وها هو ملك الجمهورية الجزائرية يسمح لنفسه بصرف أكثر من 800 مليار على المهرجان الإفريقي ونحن هنا لا نعود باللوم على وزيرة الثقافة كما يفعل الكثير من رجال السياسة والإعلام وإنما اللوم كل اللوم يعود إلى ملك الجمهورية الذي سمح بذلك لاسيما بعد تعديل الدستور الأخير حيث أصبح هو المسؤول على كل صغير وكبيرة في البلاد من الناحية الرسمية دستوريا وقانونيا ولو رفض الرئيس ما طرحته وزيرة الثقافة لما قام المهرجان على سوقه ولما صرفت تلك الأموال الباهضة في غير وجه شرعي وهل يعقل أن تصرف أكثر من 800 مليار على العرايا في شوارع العاصمة هذه الشوارع التي قمع فيها المتظاهرون يوم أن هبوا من المساجد لنصرة إخوانهم في غزة التي كانت تعاني يومها من الحصار والدمار المرعب ورجال الأمن الذين كانوا يقمعون المظاهرات تحولوا إلى حراسة العرايا في قلب العاصمة ورعايتهم وقد خصص أكثر من 22 ألف شرطي فضلا عن رجال الدرك لحراسة وأمن هؤلاء العرايا والفنانين والراقصين في بلديات العاصمة وبعض الولايات الأخرى حيث تقام الحفلات الصاخبة ليلاً رغم أن القانون يمنع إقلاق وإزعاج المواطنين بعد 12 ليلا وكان الواجب تخفيف الضغط النفسي والجسدي على رجال الأمن حيث يعاني أكثر من 900 شرطي من صدمة نفسية وانتحر منهم زهاء 140 لا زيادة الأتعاب عليهم من أجل العبث والعفن وحراسة العرايا وكان الواجب تكثيف الدوريات ليلا للحفاظ على أمن المواطن وراحته لاسيما بعد 12 ليلا لاسيما مع ارتفاع عصابات الإجرام ليلا المدججة بالسيوف والخناجر والأسلحة البيضاء تحت وطأة الحبوب المهلوسة والمخدرات تسأل الله لهم الهداية، آمين.
* فليعلم العام والخاص العالم والجاهل أن بيت مال المسلمين أو الخزينة العامة هي ملك للشعب ولا يجوز بل يحرم على الحكام وولاة الأمر أن يتصرفوا فيها على هواهم ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاء الرشد والرشاد من بعده من أحرص الناس على أموال الأمة فقد كان الواحد منهم على جلالة قدره وعلو مكانته يتصرف في المال العام كولي اليتيم ويرون أن من فعل غير ذلك فهو غال أو سارق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذرا:"إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" وقال أيضا: "أيها الناس إنه لا يحل مما أفاء الله عليكم قدر هذه - أي وبرة البعير - إلا الخمس والخمس مردود عليكم" وقال أيضا:"من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غال" وفي الأثر:"لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتين قصعة يأكلها هو وأهله وقصعة يضعها بين يدي الناس" ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي وتوفي أبو بكر رضي الله عنه فقيرا معدما قال لعائشة رضي الله عنها عند الوفاة: "ياعائشة انظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين فإذا مت فاردديه إلى عمر" ونفذت عائشة رضي الله عنها وصية والدها فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لقد أتعبت من جاء بعدك" ولما وُلّي عمر بن الخطاب أمر المسلمين بعد أبي بكر مكث زمانا لا يأكل من بيت المال شيئا حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة واستشار الصحابة رضوان الله عليهم فقال عثمان رضي الله عنه:"كُل وأطعم" وقال سعيد بن زيد رضي الله عنه مثل ذلك وقال عمر لعلي رضي الله عنه:"ماذا تقول أنت في ذلك؟" قال:"غداء وعشاء" فأخذ عمر بذلك وقال أيضاً:"إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة قيم اليتيم إن استغنيت عنه تركت وإن افتقرت إليه أكلت بالمعروف" وقام يقول:"من أراد أن يسأل عن المال فليأتنا فإن الله جعلني خازنا" ولعمر رضي الله عنه مواقف عظيمة في التعامل مع المال العام لو أخذ بها الحكام وولاة الأمر في جميع أنحاء العالم لحققوا لشعوبهم الفقيرة المكلومة أمنا فكريا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا واستقرارا سياسيا ولا شك أن من أسباب الفتنة الكبرى الخلاف الذي نشب بين بعض الصحابة في التصرف في المال العام ألم يقل عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه لعثمان رضي الله عنه:"كنت أراني خازن المسلمين وإنما خازنك غلامك والله لا أتولى لك بيت المال أبداً" وجاء بمفاتيح بيت المال وعلقها على المنبر، مع العلم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يصرف أموال الأمة فيما يعود عليها بالخير والرعاية فقد كان يطعم الناس طعام الإمارة ويقتصر هو نفسه على الخبز والزيت. وهذا شأن الصالحين ممن يُنعّم الغير ويلتزم في خاصة نفسه بالزهد والكفاية بالقليل، وقد ثبت عنه أنه سن سنة جديدة، فكان يضع الطعام في المسجد في رمضان وقال: للمتعبد الذي يتخلف في المسجد وابن السبيل والمعترين. واتخذ منازل خاصة لضيافة الغرباء من بيت المال. بلغ عثمان أن أبا سمال الأسدي ومعه نفر من أهل الكوفة ينادي مناد لهم إذا قدم الميار، أن من كان من القبائل ليس لقومهم بالكوفة منزل فمنزله على أبي سمال، فاتخذ عثمان بعض الدور كالمنازل للضيافة ينزل بها الغرباء ممن ليس لهم منزل، ومن هذه الدور منزل عبد الله بن مسعود في هذيل، وكان الأضياف ينزلون داره في هذيل إذا ضاق عليهم ما حول المسجد. وهذا الموقف من عثمان شبيه بموقف فاروق الأمة عمر بن الخطاب الذي كان يصرف بعض أموال الأمة على النساء اللواتي غاب عنهن أزواجهن فقد كان أبو العيال، وكان يمشي إلى المغيبات اللواتي غاب أزواجهن فيقف على أبوابهن فيقول: ألكن حاجة؟ وأيتكن تريد أن تشتري شيئا؟ فإني أكره أن تخدعن في البيع والشراء، فيرسلن معه بجواريهن فيدخل السوق ومن ورائه من جواري النساء وغلمانهن ما لا يحصى، فيشتري لهن حوائجهن، ومن ليس عندها شيء اشترى لها من عنده. وإذا قدم الرسول من بعض الثغور يتبعهن بنفسه في منازلهن بكتب أزواجهن ويقول: أزواجكن في سبيل الله، وأنتن في بلاد رسول الله عليه الصلاة والسلام، إن كان عندكن من يقرأ، وإلا فاقرين من الأبواب حتى أقرأ لكن، ثم يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج كل يوم كذا وكذا فاكتبن حتى نبعث بكتبكن. ثم يدور عليهن بالقراطيس والدواة يقول: هذه دواة وقرطاس فادنين من الأبواب حتى أكتب لكن، ويمر إلى المغيبات فيأخذ كتبهن فيبعث بها إلى أزواجهن.أما الخليفة الراشد الرابع فقد كان عملاقا في حسن التصرف في بيت مال المسلمين وكيف لا يكون كذلك وقد اتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة في تصريف المال العام في وجهه الشرعي والأحاديث في هذا الباب كثيرة كما اقتدى بصديق هذه الأمة الذي قال لعائشة رضي الله عنها:"إتا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم ولبسنا من خشن ثيابهم وليس عندنا من فيء المسلمين إلا هذا العبد وهذا البعير وهذه القطيفة فإذا مت فابعثي الجميع إلى عمر..." كما اقتدى بعمر بن الخطاب الذي جمع صلاح المال في أمور ثلاثة 1- أن يؤخذ من حقه 2- ويعطى في حقه 3- ويمنع من باطل، وكان يحذر ولاة الأمر من العبث بمال الأمة حيث قال:"الرعية مؤدية ما أدى الإمام إلى الله فإن رتع رتعوا" واقتدى بعثمان رضي الله عنه في إنفاق المال على عامة الناس قال الإمام علي رضي الله عنه:"ألا إن مفاتيح مالكم معي ألا وإنه ليس لي أن آخذ درهما منه منكم" قال عبد الرحمن الشيباني:"دخلت على علي بالخَوَرنَق وعليه شمل قطيفة وهو يرعد فيها فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله تبارك وتعالى قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال نصيبا وأنت تفعل هذا بنفسك؟ فقال: إني والله ما أرزؤكم شيئا وما هي إلا قطيفتي التي أخرجتها من بيتي أو قال من المدينة..." ولما أراد أخوه عقيل رضي الله عنه أن يعطيه من بيت المال رفض وقال له:"أتريد أن يحرقني الله في نار جهنم في صلتك بأموال المسلمين" وعن ابن أبي رافع وكان خازنا لعلي رضي الله عنه على بيت المال أنه قال:"دخل علي وقد زينت ابنته فرأى عليها لؤلؤة من بيت المال قد كان عرفها فقال: من أين لها هذه؟ لله علي أن أقطع يدها، فقال الخازن: أنا الذي فعلت ذلك وليست هي، فسكت" تلك سيرة الخلفاء الراشدين الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بهم لاسيما الحكام وولاة الأمر حيث قال عليه الصلاة والسلام:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ" وقد خاب وخسر كل حاكم وولي أمر لم يتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة له وكذا الخلفاء الراشدين فهم زبدة الصحابة وعُصارة خير القرون قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"من كان متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً وأقومهم هديا وأحسنهم حالا قوما اختارهم الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فتعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم". والسؤال المطروح من الذي أعطى الإذن لملك الجمهورية أن يصرف زهاء 800 مليار من أموال الشعب الجزائري على المهرجان الإفريقي الفاسد المفسد؟!!! ألا يكفي أن المال العام قد استخدم في شراء الذمم في الحملة الانتخابية القذرة وتوظيف المال السياسي المشبوه في البقاء في السلطة ورشوة بعض الأحزاب والشخصيات للمشاركة في المواعيد الانتخابية لإضفاء الشرعية على تعددية الواجهة المخادعة داخليا وخارجيا وهكذا قتلت الديمقراطية المزعومة بالمال السياسي القذر وكثير من المفكرين السياسيين في العالم يقولون أن الذي يصل إلى السلطة إنما يصلها لا بالقواعد الديمقراطية وإنما بالمال السياسي القذر فمن لا مال له فلا يطمع في الوصول إلى سدة الحكم وصدقالأمريكي غريغ بالاست صاحب كتاب "أفضل ديمقراطية يستطيع المال شراءها" وهو الكتاب الأكثر مبيعا وها هو ولد عبد العزيز يفوز بالانتخابات في موريطانيا وهذا ما أشرت إليه في أحد البيانات منذ عدة أشهر أنه هو الفائز وذلك لأمرين لأنه في السلطة ومن كان في السلطة والأجهزة العسكرية والأمنية في خدمته والمال السياسي القذر بحوزته فهو الفائز هذه هي الديمقراطية المزعومة التي يروج لها المروجون في العالم.
* وقد أجمع العلماء على عدم جواز صرف المال في المعاصي وما لا يحل شرعاً لأن الواجب على أي حاكم أو ولي أمر شرعي أن يأخذ المال من حله ويضعه في حقه ولا يمنعه مستحقه ولا يصرفه في شيء حرمه الله تعالى وقد نص فقهاء السياسة الشرعية قديما وحديثا أن من واجبات الحاكم المسلم الشرعي الحفاظ على مال الأمة والدفاع عنه قال الماوردي رحمه الله:"- ... جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير عسف ...... تقدير العطاء وما يستحق في بيت المال من غير سرف ولا تقتير فيه ودفعه في وقت لا تقديم فيه ولا تأخير.....". فصرف الأموال على الغناء والفن العفن والمهرجانات التي يسودها الاختلاط والانحلال الأخلاقي والاعتداء الإجرامي بالسرقة والقتل والاعتداء على المواطنين بالأسلحة البيضاء من طرف بعض الشباب تحت وطأة الخمر والمخدرات بجميع أنواعها فضلا عن إزعاج المواطنين ليلا كما هو حاصل في معظم ساحات البلديات ليلا وهذا منكر يجب على العلماء والدعاة إنكاره لقوله عليه الصلاة والسلام:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" وعوض أن تصرف الأموال وفق خطة حكيمة على الشباب من أجل الزواج أو الحصول على سكن أو منصب عمل أو تُسدد بها مرتبات ألوف العمال الذين لم يتقاضوا مرتباتهم منذ عدة أشهر أو يصرف منها للنساء العاملات في المنازل من الصباح إلى المساء أو على الحراقة الذي وصل عددهم إلى أكثر من 3 آلاف وفيهم من جميع شرائح المجتمع بما في ذلك أساتذة ومحامين وطلاب جامعات إلخ... أو تُصرف على المستشفيات التي هي في حالة مزرية وشِراء الأدوية المفقودة للأمراض المستعصية منها مرض السرطان أو تصرف الأموال لترميم وإصلاح المنازل المنهارة في العاصمة وقسنطينة ووهران وغيرها من الولايات وقد صرَّح وزير السكن أن هناك 500 ألف سكن هش بالعاصمة أو القيام بغرس الأشجار في الغابات التي التهمت النيران أشجارها وقد أتلفت الحرائق العادية أو المفتعلة أزيد من 20 ألف هكتار، وإعانة الفقراء فهناك أكثر من 5 ملايين جزائري يعيش بأقل من دولارين في اليوم والأوجب من ذلك كله صرف المال على القضاء على البيوت القصديرية التي بلغ عددها في العاصمة وحدها أزيد من700 ألف بيت قصديري وهناك من يرى أن العدد يتعدى ذلك بكثير وهناك إحصائية تقول أن هناك أكثر من 6 ملايين من الشعب الجزائري يعيش في بيوت قصديرية عبر القطر الجزائري. قُلت: عِوضَ أن تصرف تلك الأموال الطائلة في تلك الوجوه التي تقرها السياسة العقلية الحكيمة فضلاً عن السياسة الشرعية راح ملك الجمهورية يصرف أموال الأمة على المهرجانات والمؤتمرات الفارغة لنهب المال العام حيث ينفق عليها المئات والآلاف يوميا وعلى موائد الطعام ثم يُرمى بها إلى الزُّبالة وأولى الناس بإنكار هذه المناكر العظيمة هم العلماء والدعاة والأئمة ومازال في الأمة والحمد لله بقية منهم على نُدرتهم وقِلّتهم ومحاربة الأنظمة الفاسدة المفسدة لهم والتضييق عليهم ولكن لهم أجر الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس قال تعالى:"فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض ..." هود116. وقد أفاض الإمام ابن القيم في شرح هذه الآية في كتابه مدارج السالكين فليراجع، قال الله تعالى:"لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون" المائدة 63. قال ابن عباس رضي الله عنه:"ما جاء في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية" أي فيما يتعلق بتخلف العلماء عن التحذير عن ارتكاب المعاصي. وقال الإمام علي رضي الله عنه:"أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار فلما تمادوا في المعاصي أخذتهم العقوبات..." وعلى أهل العلم حقا وصدقا عدم مداهنة الحكام الظلمة قال سفيان الثوري رحمه الله:"من تبسم في وجه ظالم أو وسع له في المجلس أو أخذ من عطائه فقد نقض عُرى الإسلام وكُتب من جُملة أعوان الظلمة" وهل يعقل لحزب إسلامي المشاركة فيما حرّم الله تعالى عن طريق منتخبيه؟!!! والواجب على العلماء تذكير الحكام بسيرة الخلفاء الراشدين ومن نهج سبيلهم في تصريف المال العام أمثال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هذا الخليفة الذي كان يهتم بأمر المسلمين والدفاع عن مصالحهم أكثر من اشتغاله بنوافل العبادة فهو القائل:"وددتُ أني لا أصلي غير الصلوات الخمس سوى الوتر وأن أؤدي الزكاة ولا أتصدق بعدها بدرهم وأن أصوم رمضان ولا أصوم بعده يوما أبدا وأن أحج حجة الإسلام ثم لا أحج بعدها أبدا ثم أعمد إلى فضل قوتي فيما حرّم الله علي فأمسك عنه" وهو القائل:"ليست التقوى قيام الليل وصيام النهار والتخليط فيما بين ذلك ولكن التقوى أداء ما افترض الله وترك ما حرّم الله فإن كان مع ذلك عمل فهو خير إلى خير" وهذا من باب تصحيح المفاهيم ووضع الأمور في نصابها وهذا مسلك أهل البصيرة قال ابن عُليّة رحمه الله في شرح كلمة:"ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب محمد بصوم ولا صلاة ولكن بشيء كان في قلبه" قال:"الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه" ولذلك قال الفضيل بن عياض رحمه الله:"ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة" ولذلك كانت أعظم عبادته بعد تأدية الفرائض اهتمامه بأحوال ضعفاء الأمة وكان يبكي بكاءً مرًّا خشية أن لا يكون في مستوى المسؤولية قالت زوجته فاطمة رحمها الله:"سألته عن سر بكائه فقال لها: تقلّدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم المقهور والغريب المأسور والكبير وذي العيال في أقطار الأرض فعلمت أن ربي سيسألني عنهم وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فخشيت ألا تثبت حجتي عند خصومته فرحمت نفسي فبكيتُ" ولذلك كتب إلى والي الكوفة بنفسه:"من كانت عليه أمانة لا يقدر على أدائها فأعطوه من مال الله ومن تزوج امرأة فلم يقدر أن يسوق إليها صداقها فأعطوه من مال الله" ولا بأس أن أذكر بعض الأوجه التي كان يصرف فيها عمر بن عبد العزيز أموال الأمة لتكون نبراسا لكل حاكم مسلم أو من أراد أن يترشج للرئاسة في بلاد المسلمين.
1- قضاء ديون الغارمين://
كتب إلى عماله: أن اقضوا عن الغارمين فكُتب له: إنا نجد الرجل له المسكن والخادم وله الفرس وله الأثاث في بيته، ويقصد الوالي أن من كان له ذلك فليس غارما ولا يستحق الإعانة فكتب الخليفة الراشد حقا وصدقا فكتب:"لابد للرجل من المسلمين من مسكن يؤوي رأسه وخادم يكفيه مهنته وفرس يجاهد عليه عدوه وأثاث في بيته مع ذلك فهو غارم فاقضوا عنه ما عليه من الدين".
2- إغناء أهل البطالة://
قدم على عمر بن عبد العزيز بعض أهل المدينة فجعل يسأله عن أهل المدينة فقال:"ما فعل المساكين الذين كانوا يجلسون في مكان كذا وكذا؟ قال: قد قاموا منه يا أمير المؤمنين قال: ما فعل المساكين الذين كانوا يجلسون في مكان كذا وكذا؟ قال: قد قاموا منه وأغناهم الله وكان من أولئك المساكين من يبيع الخبط للمسافرين فالتمس ذلك منهم بعد فقالوا: قد أغنانا الله عن بيعه بما يعطينا عمر بن عبد العزيز" وهكذا أغنى أهل البطالة والأعمال الشاقة رحمه الله تعالى.
3- تزويج الشباب ودفع المهور://
بعث بكتاب إلى مسجد الكوفة جاء فيه:" من كانت عليه أمانة لا يقدر على أدائها فأعطوه من مال الله ومن تزوج امرأة لا يقدر أن يسوق إليها صداقها فأعطوه من مال الله" وكان المسجد زمن الخلفاء الراشدين وكذا عمر بن عبد العزيز ترسم فيه السياسة العامة للدولة الإسلامية ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله:"وكانت - أي المساجد - مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده المبارك على التقوى ففيه الصلاة والقرآن والذكر وتعليم العلم والخطب وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمر الأمراء وتعريف العرفاء وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم" فالمسجد ليس كالكنيسة ولا البيعة ولا معابد البوذية وليس مؤسسة من مؤسسات الدولة وليس ملكا للدولة وليس كالثكنة وليس مجرد تابع للدولة يخدم سياستها المخالفة لأحكام الشريعة وليس فيه فصل للدين عن السياسة الشرعية.
4- فك الأسرى المسلمين في سجون الكفار://
لقد كتب إلى أسرى المسلمين بالقسطنطينية:"أما بعد، فإنكم تعدون أنفسكم أسارى معاذ الله بل أنتم الحبساء في سبيل الله واعلموا أنني لست أقسم شيئا بين رعيتي إلا خصصت أهليكم بأوفر نصيب وأطيبه وأني قد بعثت إليكم خمسة دنانير ولولا أني خشيت إن زدتكم أن يحبسه طاغية الروم عنكم لزدتكم وقد بعثت إليكم فلان بن فلان يفادي صغيركم وكبيركم ذكركم وأنثاكم حركم ومملوككم بما سئل به فأبشروا ثم انبثروا والسلام عليكم" وكان الواجب على الجزائر والدول العربية فك أسرى أبناءها من سجون الكفار فرنسا وأمريكا وبريطاتيا وإيطاليا وإسبانيا إلخ... وصرف المال من أجل ذلك وعليهم فك أسرى إخواننا في فلسطين الذين يعانون في سجون الكيان الصهيوني وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:"فك أسير مسلم أحب إلي من التصدق بجزيرة العرب" ونحن نطالب السلطات الجزائرية بفك أسر جميع أبناءها في بلاد الغرب وبعض الدول العربية.
5- عنايته بالأرامل والضعفاء://
كان بالغ الاهتمام بالضعفاء من الأرامل وأطفالهم وكان يعمّر بيوت الناس وهو فقير قالت له امرأة مسلمة:"لي خمس بنات كُسْلٌ كسْدٌ فجئتك أبتغي حسن نظرك لهنَّ فكتب إلى والي العراق وفرض لهنَّ جميعا رحمه الله"... وفي الحديث:"الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل".
6- تخصيص دار لإطعام المحتاجين://
كتب إلى وُلاة الشام:"ارفعوا إلي كل أعمى في الديوان أو مُقعد أو من به فالج أو من به زمانة تحول بينه وبين القيام إلى الصلاة فرفعوا إليه فأمر لكل أعمى بقائد وأمر لكل اثنين من الزمنى بخادم ثم كتب: ارفعوا إليّ كل يتيم من لا أحد له فأمر لكل خمسة بخادم يتوزعون بينهم بالسوية" وخصص داراً لضيافة وإطعام الفقراء والمساكين وأبناء السبيل.
7- عنايته بالمساجين والإنفاق عليهم://
فقد كتب إلى ولاة الدولة الإسلامية:"لا تدعُنَّ في سجونكم أحدا من المسلمين في وثاق لا يستطيع أن يصلي قائما ولا يبيتنَّ في قيد إلا رجل مطلوب بدم وأجروا عليهم من الصدقة ما يصلحهم في طعامهم وإدامهم وأمر لأهل السجون برزق وكُسوة في الصيف والشتاء"ولا يُستبعد من عمر هذا وهو يقرأ قوله تعالى:"ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا..." الإنسان 8. ولعلها أول وثيقة رسمية في إصلاح حال المساجين.
8- صرف بعض الأموال على المسافرين وعابر السبيل://
كتب إلى الولاة:"اعمل خانات في بلادك فمن مرَّ بك من المسلمين فأقروهم يوما وليلة وتعهدوا دوابهم فمن كانت به عِلّة فأقروه يومين وليلتين فإن كان منقطعا به فقوّوه بما يصل به إلى بلده".
9- الإحسان إلى أهل الكتاب المحتاجين://
أرسل بكتاب إلى الولاة:"فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد: فانظر أهل الذمة فارفق بهم وإذا كبر الرجل منهم وليس له مال فأنفق عليه فإن كان له حميم فَمُر حميمه ينفق عليه".
هذه بعض الوجوه التي يجب أن يصرف فيها المال العام للأمة وليس هناك في العالم من يسلك هذا المسلك الرشيد ولم يكن عمر بن عبد العزيز يصرف المال على أهل الفجور والغناء والشعراء وأهل التملق ولولا خوف الإطالة لسردت أوجها أخرى في صرف المال العام على العلماء والدعاة والأطفال إلخ......
أما صرف المال على الغناء والفساد والحرام فهذا أمر أجمع عليه العلماء قديما وحديثا والحاكم الذي يفعل ذلك إنما هو فاسق قال ابن تيمية رحمه الله:"ولا يجوز للإمام - أي الحاكم - أن يعطي أحدا ما لا يستحقه لهوى نفسه من قرابة بيتهما أو مودة ونحو ذلك فضلا عن أن يعطيه لأجل منفعة محرمة منه كعطية المخنثين من الصبيان المردان الأحرار والمماليك ونحوهم والبغايا والمغنين والمساخر ونحو ذلك أو إعطاء العرافين والكهان والمنجمين ونحوهم" ونص الإمام الونشريسي رحمه الله في المعيار أنه لا يجوز الأجرة على اللهو واللعب. وقال العلامة الذي جمع بين العلم والفتوى والسياسة والعسكرية ابن العنابي مفتي الجزائر:"... فكانوا يبذلون الأموال العظيمة للمغنين وركنوا إلى اللذات واتباع الشهوات فسلط الله عليهم طاغية "التتار" فأباد ملكهم ومزق شملهم ومحا اسمهم من الوجود وعمّ الضعف والوهن سائر بلاد الإسلام وأجرى في غالبها - لاسيما البلاد الشرقية - أحكام الكفر ففشت المنكرات واستباح غالب من ينتسب إلى الإسلام المنكرات...." والنقول في هذا الباب فوق الحصر.
* وكم كنت أرغب في إعادة استدعاء كل الدعاة والعلماء الذين زاروا الجزائر مؤخرا ليقولوا كلمة الحق في حكم الحاكم الذي يصرف أموال الأمة على المهرجانات الغنائية الماجنة التي تفسد أخلاق الأمة وتبدد أموالهم في الحرام أم أن استدعاء هؤلاء الدعاة والعلماء يقتصر على الناحية الأمنية فقط ؟! وهل يجوز شرعا وسياسة صرف أموال الأمة على العرايا وتحت رعاية ملك الجمهورية ؟!!! ومازال الجزائري يذكر جيدا قبل موعد الانتخابات الرئاسية كيف روجت السلطة لفتوى الشيخ أبو بكر الجزائري والتي يدعوا فيها إلى وجوب المشاركة في الانتخابات حيث نُشرت فتواه تلك في جميع وسائل الإعلام "تلفزة، إذاعة، جرائد" فلماذا لا تنشر السلطة نص رسالة الشيخ نفع الله به التي يحرم فيها الغناء وعنوانها "الإعلام بأن العزف والغناء حرام" وقد نقل فيها أقوال العلماء في التحريم ومما نقله عن العلماء قول الإمام مالك رحمه الله:"الغناء إنما يفعله الفساق عندنا" وقول القرطبي المالكي رحمه الله:"الغناء ممنوع بالكتاب والسنة" وقول أبو يوسف رضي الله عنه:"إذا سمع المؤمن صوت الملاهي والمعازف في دار دخل على أصحابها بدون إذنهم ليتمكن من تغيير المنكر ..." وإذا كان الغناء يفعله الفساق كما نقل الشيخ عن الإمام مالك فما قولنا في من يصرف أموال الأمة وبغير إذنها و رضاها على هؤلاء الفساق المراقيع ؟ ولماذا يأخذ الحكام وولاة الأمر من أقوال العلماء بالتشهي والانتقاء وما يخدم مصالحهم وويثبت قواعد حكمهم غير المشروع شرعا وسياسة والحاصل أن استدعاء هؤلاء الدعاة والعلماء لا من أجل تحكيم الشريعة ونشر أحكامها في جميع المجالات وإنما لمقصد أمني صرف وكل عالم أو داعية يسكت عن هذه المناكر أو يحاول تفريخ الفتاوى الباطلة بدعوى الترفيه فهو من علماء الضلالة لأنه يخضع النصوص للأهواء ألم يقل الشيخ العثيمين رحمه الله وهو حجة عند السلطة قال الشيخ في تعريف عالم الضلالة:"العلماء الذين يقولون بالاشتراكية يستحقون وصف العلماء، لكن علماء ضلالة، هؤلاء الذين أخضعوا النصوص لإثبات الاشتراكية هم علماء، لكن علماء الضلالة فنقول عالم ضال ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون"." والحاصل أنه لا يجوز صرف المال العام في وجه غير شرعي ومن ذلك صرفه على الحفلات والمهرجانات المحرمة شرعا كما هو حاصل في معظم الدول العربية قال العلامة محمد صديق حسن خان رحمه الله:"وكذلك يدخل في هذه الآية كل مزمور صغير كان أو كبير، وبأي اسم سميّ، وبأي لقل لُقب. وهو أيضا كثير جدا، لا يحصيه إلا الله، وشاع في الأعراس وفي الأفواج، وفي المجالس البيوتية، ومحافل الرفاهة، والدعة. وابتلي بها الولاة والأمراء، وأهل الترف والرعايا وغيرهم. ولكل قوم، وجيل، ورهط، وقبيل، مزامير ومعازف خاصة، وكذلك إيقاعات الغناء أنواع، لهم بها شغف، لا يخلوا أحدهم منها إلا من رحمهم الله تعالى. واستشهد رحمه الله تعالى بحديث:"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف..." ثم قال: والحديث دليل على تحريم المعازف، وهي تصدق على أي آلة للغناء بأي شكل كان، وبأي اسم يسمى. وفيه من أعلام النبوة حيث أخبر بما سيكون في أمته، وقد كان كما أخبر. وابتلي به عامة الناس من أمته اليوم، وأحدثوا من أنواعها ما لا يأتي على الحصر. حتى إنك ترى الصبيان في الدور، يشترون لهو الحديث وهذه الآلات الخبيثة وهي في أيديهم يلعبون بها في الدار وفي صحنه، وفي الأساق والسكك وينفخون فيها فيظهر أصوات مختلفة فيستريحون إليها وإلى تصاوير للحيوان من الإنسان وغيره، كأنه لم يبق لهم إلا هذه الملاهي والملاعب، وترى آباءهم وأبناءهم يأتون بها من السوق ويشترونها لهم، وهم مسلمون عالمون بتحريم ذلك كله لكن سامحوا في هذا حبا للولد والبنات، وزعموا أنها ليست معظمة عندهم حتى تكون معصية، وذلك زعم منهم باطل. وتابع رحمه الله تعالى مبينا واجب أولياء الصبيان تجاه هذا المنكر وهو الاحتساب عليهم حيث قال: بل الذي يجب عليهم، أن يمحوا التصاوير، ويكسروا المعازف،حيث وجدوها، ويقدموا أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم على محبة الأولاد والبنات، ويذكروا قوله سبحانه وتعالى في مثل هذا المقام:"إنما أموالكم وأولادكم فتنة" "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" "إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم". وعن أثر الآلات على النفس قال: وكم لهذه الوسيلة الشيطانية من قتيل دمه مطلول، وأسير بهموم غرامه وهيامه مكبول، ولاسيما إذا كان المغني حسن الصورة والصوت، كالمرأة الحسناء، والغلام الجميل. فليحذر المتحفظ لدينه، الراغب في إسلامه عن ذلك، فإن الشيطان له حبائل ينصب لكل إنسان منها، ما يليق به. وربما كان الغناء على الصفة التي وصفناها من أعظم خدائع اللعين الخبيث، ولاسيما لمن كان في زمن السيئة فإن نفسه تميل إلى المستلذات الدنيوية بالطبع.".
* استبان مما سبق سبيل الحكام المفسدين وسبيل الحكام الراشدين في التعامل مع أموال الشعب وقبل ختام هذا البيان نود أن يعرف العام والخاص أن الفساد في الجزائر أصبح مؤسسة من أكبر المؤسسات وحزب الفساد هو أكبر حزب في الجزائر وما سوف نذكره من بعض طرق نهب المال العام للشعب الجزائري إنما هو قطرة من بحر وغيض من فيض وسوف يقتصر على عهد التعددية لا عهد الاشتراكية رغم أنه في عهد الاشتراكية تم نهب المال العام أيضا مما دفع بالرئيس السابق هواري بومدين لأن يقول لرجال السلطة:"لابد من الاختيار بين طريق الثورة أوالثروة" وما قضية اختلاس 26 مليار دولار التي أعلن عنها الوزير الأول الأسبق عبد الحميد الإبراهيمي عنا ببعيد والتي سرعان ما قُُبرت في مهدها وفي المجلس الوطني الشعبي ذاته وهذا المبلغ كان باستطاعته في ذلك الوقت تهديم كبرى العواصم الجزائر ووهران وقسنطينة وإعادة بناءها من جديد وإسكان كل مواطن في فيلا كبيرة تليق بالمواطن في ظل دولة غنية عوض إسكانهم في عمارات شققها كأنها خُم دجاج سُرعان ما تضيق بأهلها وهناك من عاد إلى البيوت القصديرية لمّا وجد المساكن الجديدة أضيق مما كان فيه.
* أولى المؤسسات في الدولة بمراقبة دستوريا أوجه صرف المال العام هي مؤسسة البرلمان أو المجلس الوطني الشعبي أما في الجزائر فأضعف هذه المؤسسات هي مؤسسة البرلمان فهو يمثل بيت الطاعة وغرفة تسجيل بل تحول البرلمان نفسه إلى بالوعة للمال العام وأصبح نوابه نوائب على الأمة فأغلب القوانين المصيرية تصدر بأوامر رئاسية وهو برلمان فاقد للشرعية والمشروعية فقد حصل على أضعف نسبة مشاركة منذ الاستقلال أي 35 % وهذا ما أعلنت عنه وزارة الداخلية والحق أن نسبة المشاركة أدنى بذلك بكثير هذا البرلمان الذي نوابه أكبر همهم - إلا النادر منهم - هو رفع أجورهم حيث وصل أجر البرلماني إلى 30 مليون شهريا فضلا عن الامتيازات الأخرى التي تنهب المال العالم بطريقة رسمية هذا البرلمان الذي يصرف يوميا 800 مليون وقد قال رئيس البرلمان أنه تم صرف 1750 مليار في خلال 5 سنوات وقد وصل ما يصرف على الدبلوماسية البرلمانية نحو 19 مليار لتبيض وجه النظام الإرهابي خارجيا، وإيهام العالم أن هناك تعددية في البلاد رغم أن أحزابه خاصة الائتلاف الثلاثي هم صنائع السلطة الفعلية، وعوض أن يقوم البرلمان بمهمته الأساسية المتمثلة بمراقبة حركة المال ومحاسبة الحكومة وسن القوانين التي تخدم الشعب وتدافع عن مصالحه المشروعة أصبح هو ذاته أداة تبرير الفساد الرسمي وبالوعة أخرى لنهب المال العام.
* ويمكن ذكر بعض الطرق المحرمة وغير المشروعة لنهب المال العام في الجزائر على سبيل المثال وليس الحصر ليعرف العام والخاص حجم الفساد المالي في البلاد ومدى استحلال المال العام بلا رقيب ولا حسيب.
أ- عن طريق التبديد والاختلاس://
1- نُهب في قضية خليفة الشهيرة التي هزت البلاد والعباد أزيد من 2 مليار دولار تورط فيها 10 وزراء و50 مسؤولا كبيرا و40 مدير مؤسسة عمومية وكانت الأموال تخرج بأوامر شفهية ووزع أكثر من 327 مليار عمولات على شخصيات بارزة داخليا وخارجيا حيث أعطى لونسي مال حوالي 10 ملايين دولار لتمويل كأس إفريقيا ورغم هذه الفضيحة المدوية مازالت تفاصيل القضية مطمورة والجميع يجهل الجهة التي كانت تقف وراء الإمبراطور الشاب ولنا لهذه القضية عودة إن شاء الله تعالى.
2- نهب في قضية ديجماكس نحو 1500 مليار.
3- نهب في قضية بريد الجزائر نحو 1300 مليار.
4- ونهب في قضية مجموعة رياض سطيف نحو 840 مليار.
5- ونهب في قضية البيسيا بوهران نحو 630 مليار.
6- ونهب في قضية مؤسسة "إيني" نحو 20 مليار.
7- ونهب في قضية الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية نحو 10 مليار.
8- ونهب في قضية بتك الفلاحة والتنمية الريفية 1200 مليار.
9- ونهب في الطريق السيار شرق غرب نحو مليار دولار وفيه عيوب كثيرة منها عدم سعته مما يعرض في المستقبل إلى حوادث الطرق رغم ارتفاع حجم ضحايا إرهاب الطرقات التي تحصد يوميا أكثر من 11 قتيلا مما جعل الجزائر من أوائل الدول في العالم في حوادث المرور أما عن حجم الصفقات في ميترو الجزائر فحدث عن البحر ولا حرج هذا الميترو الذي شل حركة المرور عبر الأحياء الشعبية التي يمر بها مما عرض مصالح المواطنين إلى التعطيل فضلا أنه يمر تحت أحياء شعبية مهددة بالانهيار حيث يوجد بالعاصمة أكثر من مليون بناية مهددة بالانهيار منها حوالي 1800 عمارة بالعاصمة.
10- ونهب في وكالة بدر ببئر خادم حوالي 30 مليار.
11- ونهب في مكتب بريد تيبازة أزيد من 17 مليار.
12- ونهب من البنك الصناعي والتجاري بوهران 13.200 مليار.
13- ونهب من البنك الوطني الجزائري 4 آلاف مليار.
14- ونهب في إطار صفقات مشبوهة بالوكالة الوطنية للسدود 5 آلاف مليار.
15- ونهب حوالي 3200 مليار من البنوك عبر مجموعة من الشركات الوهمية وفي الجزائر هناك أزيد من 1500 شركة وهمية، وهناك أكثر من 3900 وكالة عقارية تنشط خارج القانون.
16- ونهب أكثر من 30 مليون دولار من الصندوق الكويتي الجزائري للاستثمار.
17- ونهب من وكالة البويرة زهاء 18 مليار.
18- ونهب في قضية تهريب نفايات الحديد نحو 350 مليار.
19- ونهب في بنك عين الدفلة نحو 400 مليار.
20- ونهب في قضية عاشور عبد الرحمن 3200 مليار ورغم ذلك كله صدر بحقه 18 سنة سجنا وقال: هناك من نهب أكثر من ذلك ولم يتابع قضائيا وهذا دليل على النهب المنظم المكشوف عنه إنما هو عبارة عما ظهر من قمة الجبل والحيتان الكبيرة بمنجاة عن ذلك فهناك من يحميهم وهذا الذي دفع بالبعض إلى أن يقول في قضية خليفة الشهيرة: لماذا بنك القليعة لم تطاله يد التحقيق إلى يومنا هذا؟!!! فهل يعقل شرعا وقانونا وعقلا أن من يسرق نقال يعاقب بـ 5 سنوات سجنا نافذة وسارق 3200 مليار يعاقب بـ 18 سنة سجنا ثم يستفيد من تخفيض العقوبة؟!!! والأعجب أن هناك بعض الإخوة أثناء الأزمة الجزائرية الكبرى حكم عليهم من 8 سنوات إلى 18 سنة لا لشيء إلا أنهم قاموا بإعانة عائلات إخوانهم في الله تعالى وعندما قال أحد القضاة لأحد المتهمين: أنت متهم بمساندة الإرهاب!!! ردَّ عليه الأخ المتهم: أيها القاضي أنا لم أعن من صعد للجبل ولكن أعنت عائلته حتى لا تتعرض للتشرد أو الانحراف ولو أن الدولة خصصت للعائلات مرتب أو منحة محافظة على العائلة والله يقول:"ولا تزر وازرة أخرى" فصم القاضي أذنيه وأدين الأخ بـ 8 سنوات سجن والغاية من وراء هذه القسوة ترهيب كل من أراد أن يعين عائلة أحد أبناءها التحق بالعمل المسلح بعد إيقاف المسار الانتخابي بقوة الحديد والنار في 1992.
ب- طرق أخرى لنهب المال العام بشكل رسمي://
1- عن طريق الجمعيات الوطنية والمحلية وعددها يفوق 85 ألف جمعية 81 ألف منها لم يقدم تقريره المالي ولكنها تستثمر في المواعيد الانتخابية لتزكية مرشح السلطة الفعلية.
2- وعن طريق المجالس المنتخبة ورؤساء الدوائر فهل يعقل أن يصرف على تجميل البلديات والأرصفة نحو 2500 مليار بينما الطرق الداخلية للبلديات محفورة وغير مُعبدة رغم دفع رسوم السيارات بغرض تعبيد الطرق وهل يعقل القيام بتجميل البلدية بينما النظافة وأنابيب صرف المياه والإنارة الليلية منعدمة إلا في الأحياء الخاصة بالطبقة العليا في البلاد وهناك بعض البلديات قتلها الناموس والبعوض والجرذان تصول وتجول نهارا وليلا وأهل البلدية مشغولون بالصفقات المشبوهة إلا ما رحم ربي وما أقلهم. ولقد وصل عدد المنتخبين المتورطين في الفساد المالي وغيره إلى أكثر من 612 رئيس بلدية و1175 منتخب فرئيس بلدية براقي نهب مليار و900 مليون والعقوبة تافهة تُغري الجميع بالسرقة ونهب المال العام، بينما هناك حوالي 817 بلدية تعيش على إعانة الدولة وهناك حوالي 1400 بلدية مديونة.
3- عن طريق الولاة وبعض هؤلاء الولاة بالوعة للمال العام وهذا بشهادة ملك الجمهورية نفسه والعام والخاص يعلم أن والي البليدة بوريشة الذي نهب حوالي 23 مليار ولحد الآن لم يمثل أمام المحاكمة رغم أنه باع البليدة لأنه في حماية ديناصورات من الوزن الثقيل لاسيما والبليدة لها وزنها في العمل السياسي والعسكري إلخ... ووالي الطارف الذي وضع في حساب زوجته 100 مليار وفرَّ من السجن ثم أعيد ثم الآن لا يعلم أحد أحواله!!!! والولاة يسمعون لأوامر القطاع العسكري أكثر من أي جهة.
4- عن طريق الزيارات الرسمية لاسيما الرئاسية فقد صُرف على زيارة ساركوزي لقسنطينة حوالي 20 مليار وللجزائر أكثر من ذلك بحكم أنها عاصمة البلاد. والأعجب أن ساركوزي مطالب الآن في فرنسا أن يدفع مبلغ 140 مليون إلى مؤسسة الإليزي لأنه صَرَفَ هذا المبلغ على أمور شخصية من خزينة الدولة وقدَّم الاعتذار وادّعى أنه لم يكن يعرف ذلك أما في الجزائر فالكل يغرف من المال العام بلا عقاب ولا حساب ومجلس المحاسبة بناية جميلة وهامة نسجتْ عليها العنكبوت وأهلها في بطالة وعطالة !!!! أما ماذا كلفت زيارة بقية الرؤساء فلا أحد يعرف حجم المبالغ التي صُرفت في هذا الاتجاه وهل هذه الزيارات ضرورية أم لا؟!!
5- عن طريق الخدمات الاجتماعية المزيفة فقد تم تبديد أكثر من 255 مليار.
6- عن طريق السفارات الخارجية مع العلم أن السفير لا كلمة له أمام الممثل العسكري المخابراتي في السفارة أما الصفقات المشبوهة فحدث ولا حرج وهناك أمور أخرى أضرب الآن عنها صفحا. أما عن طريقة انتقاء السفراء وخاصة سفراء أمريكا وفرنسا وسويسرا وبريطانيا فهناك مواصفات خاصة ومهام خاصة تخدم بالوعة المال العام.
7- عن طريق تهريب أموال الأمة إلى الخارج لتودع في البنوك الأجنبية تحت السرية خاصة في سويسرا وبلجيكا ويجب الكشف عن أسماء هؤلاء وإرجاع أموال الأمة إلى الأمة وهناك الآن أكثر من 43 مليار دولار في الخارج والبنوك الأجنبية والأموال المهربة إلى الخارج لو أعيدت إلى الشعب لاستطاع كل مواطن جزائري أن يعيش على أحسن حال من حيث العمل ومرتب العمل والحق في سكن واسع والزواج والاستقرار الأسري والحفاظ على كرامة المواطن الفقير في جميع أنحاء القطر فلا يعقل مثلا أن يكون الجنوب مصدر ثراء الجزائر ثم نرى الهجرة نحو الشمال من شباب الجنوب لبيع الشاي الأخضر أو بيع الكاوكاو في صورة مزرية للغاية بينما ربع مداخل الجزائر تُهرب إلى الخارج.
8- عن طريق صفقات الأسلحة العسكرية ولا أحد في البلاد يعرف كيف تُدار الأموال في وزارة الدفاع بما في ذلك البرلمان بحجة السرية وما قضية الأسلحة المغشوشة عنا ببعيد ولا أحد يعرف العلاقة العضوية بين وزارة الدفاع وسوناطراك؟!
9- وعن طريق الشركات المختلطة الفرنسية والأمريكية وغيرها هذه الشركات التي أصبحت تغرف من مال الجزائريين بلا حساب ولا عقاب ولا رقابة وحجم الرشاوى والعمولات المقدمة من أجل افتكاك عقود دون مناقصات فحدث عن البحر ولا حرج.
10- عن طريق الرياضة وهذا القطاع هو الآخر بالوعة كبيرة للمال العام حيث أصبح الوسط الكروي متعفن بشكل غريب فهل يعقل شرعا وسياسة أن يتقاضى مدرب رياضي شهريا حوالي 160 مليون بينما أساتذة في الجامعات وعلماء مفكرين يعانون من المرتبات المتدنية وهل يعقل أن الفريق الوطني والذي أغلب لاعبيه مزدوج الجنسية فلمجرد فوز ظرفي يعطى لهم 50 مليون أو 100 مليون بينما طلبة العلم والبحث العلمي يعجزون عن شراء الكتب اللازمة للقيام بالبحوث العلمية؟!!!
11- عن طريق إقامة المهرجانات والحفلات الفنية وإقامة الأعياد الوطنية والتي أصبحت فرصة سانحة لسُرّاق المال العام للشعب ولنفخ الفواتير بشكل خيالي مع العلم أن نفخ الفواتير أصبحت ظاهرة رسمية في جميع مؤسسات الدولة فهل يعقل يا عباد الله أن يصرف على فنان أو فنانة أزيد من 14 مليار ليوم أو يومين؟!!! وهل يعقل يا خلق الله مسلمين وكافرين أن نقيم حفلا ساهرا في قاعة الأطلس بمناسبة اختتام المهرجان الإفريقي العفن والذي كلّف ميزانية الأمة 800 مليار كما تقول الجهات الرسمية!!! قبالة مسجد التقوى وهناك عمارة مجاورة لقاعة الأطلس مكونة من 6 طوابق سقط جميع دُرْجِها من أعلى طابق إلى أسفله بعضه فوق بعض ليلة الانتخابات الرئاسية أي 19 أفريل 2009 وتشرد جميع سكانها وأخرجتهم الحماية المدنية من النوافذ وتركوا كل أغراضهم في المنازل إلى يومنا هذا وأولادهم على أهبة الامتحانات لجميع المستويات وسكان هذه العمارة في حالة مزرية وهم يعيشون في الشتات وقد رفضت السلطات إعادة بناء درجات العمارة فهل يعقل أن تصرف أموال الشعب على العرايا ولا يصرف على سكان هذه العمارة ولمن أراد أن يتأكد من هذا الخبر فعليه زيارة عمارة رقم 6 شارع لخضر سعدي بباب الواد ليتأكد من ذلك يوم حفل اختتام المهرجان السفيه أو بعده. قال أحد الصالحين:"من ضحك أو استمتع بزوجة أو لبس مبخراً أو ذهب إلى مواضع المتنزهات أيام نزول البلاء على المسلمين فهو والبهائم سواء".
12- عن طريق إقامة المؤتمرات الدولية والداخلية والإقليمية والتي لا تعود على البلاد والعباد بأي خير فقد صرف على عاصمة الثقاقة العربية نحو 500 مليار دون فائدة وكذا المهرجان العالمي للشباب وصرف عليه نحو 800 مليار أما سنة الجزائر بفرنسا التي لم تعتذر عن جرائمها إلى يومنا هذا كلفت الخزينة العامة أكثر من 600 مليار.
* والحاصل أن الفساد المالي المهول ضرب جميع مؤسسات الدولة، العدالة والقضاة والتجار وأرباب الشركات الكبرى والأجهزة الأمنية المختلفة والجمارك حتى وزارة الشؤون الدينية طالتها يد الفساد المالي وحتى جهاز الحماية المدنية والأمثلة فوق الحصر أما الفساد المالي في الشركة الأم سوناطراك فهي الطامة الكبرى فهي على القائمة السوداء للشركات البترولية في العالم وقد خسرت ملايير الدولارات في استيراد قطع غيارمغشوشة.
* هذه بعض الطرق غير المشروعة شرعا وقانونا وسياسة لنهب المال العام وحيث أن البرلمان عاجز عن مراقبة المال العام بل تحول هو ذاته إلى بالوعة للمال العام وحيث أن العدالة لا تطال إلا الصغار والضحايا فما على أهل السياسة الصادقين والعلماء والدعاة الربانيين إلا أخذ زمام المبادرة بطرق سلمية شعبية وما ضاع حق وراءه طالب حتى يجعل الشعب الجزائري حدا لضياع حقوقه المغتصبة ومن بينها أمواله العامة التي نهبها الناهبون الكبار والقطط السمان ليتولى شأن ماله العام كل حفيظ عليم لقوله تعالى:"قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم". وليعلم العام والخاص أن الغرب تحقق له ما تحقق بخصال توفرت فيه منها كما جاء في الحديث: وخامسة فيهم جميلة "أمنعهم من ظلم الملوك". اللهم قد بلّغنا فاشهد والله ولي السداد والتوفيق.
بن حاج علي
نائب رئيس الجبهة الإسلامية
للإنقاذ
ملاحظة: نسخة من هذا البيان أرسلت إلى ملك الجمهورية استنكارا لتبديد مال الأمة بغير رضاها.
من مواضيعي
0 بيان للشيخ علي بن حاج :واجب التذكير بجريمة العربي بلخير
0 بيان للشيخ علي بن حاج: وجوب المجاوبة على من استعان على المسلمين بالدول الكافرة
0 بيان للشيخ علي بن حاج بعنوان : وجوب المجاوبة على من استعان على المسلمين بالدول ا
0 كلمة للشيخ على بن حاج :الصحراء الجزائرية مستعمرة أمريكية غير معلنة
0 كلمة للشيخ في جنازة شعيب ابن المرحوم حسان كعوان رحمهما الله
0 الشيخ علي بن حاج رجل سنة 2009
0 بيان للشيخ علي بن حاج: وجوب المجاوبة على من استعان على المسلمين بالدول الكافرة
0 بيان للشيخ علي بن حاج بعنوان : وجوب المجاوبة على من استعان على المسلمين بالدول ا
0 كلمة للشيخ على بن حاج :الصحراء الجزائرية مستعمرة أمريكية غير معلنة
0 كلمة للشيخ في جنازة شعيب ابن المرحوم حسان كعوان رحمهما الله
0 الشيخ علي بن حاج رجل سنة 2009









