الاحتيال على القانون، والإرهاب، وجهان لعملة واحدة
27-04-2014, 11:25 AM
إن التاريخ وعلى مدى سنوات عقد ونصف من القرن الواحد والعشرين قد قيد في طيات صفحاته عددا لا يستهان به من أوجه التضليل السياسي وطرقه في حين لم تكن اغلبية الجزائريين على استعداد للإبحار مع الفلك الجديد، الأمر الذي جسد تغييب الحقائق السياسية عن الأذهان بفعل مناورات يدعي لها أصحابها أهدافاً ظاهرة وهي مبطنة بأعمال وغايات خفيّة لا يدركها أغلب الناس، سياسة يباشرها ويمارسها أفراد وجماعات سياسية وحزبية تعتمد فن الممكن ،انتهجت سياسة زعزعت القيم وأزاحت أخلاق الكرم والجود، وبددت إرادة ردع الأعداء ومناصره المستغيث، والتضحية في سبيل البلاد ومصلحة العباد، وتنصبت سياسة تقوم على الكذب والدجل واللف والدوران والتحايل على القانون، واتباع مبدأ "الغاية تبرر الواسطة" الميكا فيلية بما ينطوي عليه من حكم أخلاقي وغير ذلك من مفاهيم غريبة، مع تفشي تقنية الديماغوجية السياسية، التي تصبح اسلوبا تضليليا عندما يتحول رجل السياسة إلى "مداهن للشعب"، وتتحول ممارسته إلى "مدالسة لذات الشعب وتضليل له وافقاده حقوقه" ما أحدث شرخاً مروعا في نسيج المجتمع، وشكل مشكلا مفاهميا جديا.
إن المؤشرات والحقائق الدالة على سير الأداء الاداري ومدى الجاهزية المادية والبشرية للقوى الحزبية والسياسية في الجزائر تؤكد على أن الموجة الأولى للجدل الدائر حول موضوع الانتخابات الرئاسية ( 2014م) ليس نتيجة توسع فجوة الخلافات السياسية التنافسية على المبادئ التي زادت المواطن هموما فوق هموم التردي الكبير للأوضاع السلبية والمحبطة المتولدة عن تدني الخدمات العمومية وفساد المؤسسات وممارسة عملية التجويع والتركيع، ودفع اساليب التفرقة والخلافات ، لتتجاوز حد المذاهب والقبائل والطوائف والجهات الى التصادم بين جماعات الأحياء والعمارات....وصار الوضع ينذر بحالة من الفزع والرعب والخوف نظراً للوضع المتردي والمزرى وليست الطائفية والمذهبية والقبلية كما يدعون... وانما الفشل الذريع لدور الحكومة التي شاخت وأضحت عاجزة عن الوفاء بوعودها وبتعهداتها للشعب والتزاماتها لمصالح شخصياتها السياسية في اطار القانون.. فعندما يتغلب الجهل على العلم، وتتغلب النفس على العقل. ...ويقع الشأن العام بيدي جماعة المصالح والاستبداد والاستعباد، فان فقدان السيطرة على مجريات الأمور يؤدي حتما إلى الإحباط ليغوص المحبط في فنون الاحتيال على القانون، والتزوير استعمال المزور. هذا الذي تجلى في المشهد السياسي المخزي وبهدلة الحملة الانتخابية لرئاسيات الجزائر2014م، حين ظهرت السلطة كفريق متنافس متقمصة مصطلح جديد اسمه مرشح الإجماع الوطني وبفريق عرف بالتحالف الرئاسي المتألف من صفين على طرفي نقيض في منظومة الحكم السائدة.
ففي كل نازلة في الجزائر تجد ليدي عناصر هذا الفريق بصمات واضحة فيها ،من إهمال للواجب وفساد للاقتصاد، الى مظاهر التحايلات على القانون وتنوعها وفسح المجال امام المحتالين، والتغاضي على تدهور صحة الموطن وترديها، وانتشار الثقافة بظلاميتها والهرج السياسي وحلقاته المتكررة بعيدا عن مصلحة المجتمع، فلم نر أحدا من النخبة (.) يقوم بدوره ومسؤوليته ...أو يحترم القانون فيطبق بنوده، أو يمجد الدستور فيدافع عما جاء في مواده ...
أما عن شعارهم "الاستمرار ضمان الاستقرار" فيمكن أن نتفق معهم حول بعض مقاصده. لقد أصابوا في إشارتهم لربط الاستقرار باستمرار حكمهم وما قالوه هنا هو الحقيقة فعلاً، رغم أنّي وددتُ ألاّ يكون الحال كذلك.
أعتقد أن سبب الإصرار في نشرهذا الشعار هو الضعف العام في فهم الفكرة ذاتها على المستوى الجماهيري، فإذا ربطنا بين سنوات التسعينيات بما شهدته من مآسي وويلات وحاضرنا المؤسف، أدركنا أن المحنة كبيرة والأسباب ما تزال قائمة، فالإرهاب إنما قد نما تحت ظلّ الرعونة والانحراف السياسي الذي لجأ إلى فصل الديمقراطية عن الحقوق والحريات ومستحقات الحياة العامة.
إنّ التحدي الذي يواجهه الجزائريون هو التمسك بمبادئ الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية في ظل العقيدة الاسلامية، لذا يحتفظون بحقهم، بل بواجبهم في التعبير عن آرائهم واختيار من يقودونهم، وهو ما يطرح بالطبع منطقا مخيفا لم يرد النفعيّون للأسف أن يدركوه، ذلك أنهم قد تبنوا المبدأ النفعي المكيافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) كما أسلفنا وهو المبدأ الذي يمكن أن يلجأ اليه أيضاً بعض الذين فقدوا الصبر إزاء العمل البطيء والصعب للتغيير السياسيّ. لكنّ القيّم التاريخية التراثية الأخلاقية والدينية المثلى الخالدة، الرّاسخة في الذات الجزائرية والمتغلغلة في المكونات الاجتماعية للشعب الجزائري تأبى السقوط في منحدرات النفعية ووحول الرعونة السياسية. فالـجـــزائر رغم المحن ظلت أرضا ترعى فيها قيـم التسـامح والسلام والـحـوار والـحـضـارة. وإذ استـمد الشعب الـجزائري قوته من وحدته فلا حاجة لأن يربط أصحاب المصالح اليوم أمنه واستقراره بتسييدهم.
ولتقييم مسارهم كان عليهم ألا يتوقعوا أن يعيدوا صياغتنا على الصورة التي يرونها كشرطٍ مسبق، وكان عليهم أيضا ان يردوا الأزمة إلى الفساد والاستبداد على عهدهم، ويوازنوا بين المشكلة وإفرازاتها ونتائجها، بدل تخويف الناس بالإرهاب من الارهاب، وكان عليم ألا يضعوا اللوم على منتقديهم، فمن الخداع أن تشوّش عقول الناس بتصويرك انتقاد مظاهر الفساد والمفسدين، والاستبداد والمستبدين ارهابا.
أما يستحي هؤلاء لو نشرت عليهم صحيفتهم التي أملاها صدر عهداتهم فرأوا أكثر ما فيها ليس من شيم الجزائري ولا يرضيه؟
الحمد لله
غيمة تمطر طهرا
غيمة تمطر طهرا
من مواضيعي
0 أمريكا والعرب .. الطمع والقمع
0 تصريحات ساركوزي: من مخططات الشيطنة
0 فقه الواقع ومستقبل التجديد في نهضة الأمة
0 فقه الواقع ومستقبل التجديد في نهضة الأمة
0 مخاطر مواجهة الإسلام باختلافات المسلمين
0 كاتب وناقد خطيئة ومعصية على شاطئ مهجور
0 تصريحات ساركوزي: من مخططات الشيطنة
0 فقه الواقع ومستقبل التجديد في نهضة الأمة
0 فقه الواقع ومستقبل التجديد في نهضة الأمة
0 مخاطر مواجهة الإسلام باختلافات المسلمين
0 كاتب وناقد خطيئة ومعصية على شاطئ مهجور
التعديل الأخير تم بواسطة محمد 07 ; 27-04-2014 الساعة 01:38 PM







