عيون القصائد
26-06-2009, 05:31 PM
عن صاحب مصارع العشاق:
حدثني بعض أصدقائي أن رجلاً من أهل بغداد قصد أبا عبد الرحمن الأندلسي وتقرب
إليه بنسبه، فأراد أبو عبد الرحمن أن يبلوه ويختبره، فأعطاه شيئاً نزراً، فقال البغدادي: إنا
لله وإنا إليه راجعون! سلكت البراري والبحار والمهامه والقفار إلى هذا الرجل فأعطاني
هذا العطاء النزر؟ فانكسرت إليه نفسه واعتل فمات.
وشغل عنه الأندلسي أياماً، ثم سأل عنه فخرجوا يطلبونه ، فانتهوا إلى الخان الذي كان فيه
وسألوا الخانية عنه، فقالت: إنه كان في هذا البيت، ومذ أمس لم أره، فصعدوا فدفعوا
الباب، فإذا بالرجل ميتاً، وعند رأسه رقعة فيها مكتوب:
لا تَعْذُليهِ، فإنّ العَذلَ يولِعُهُ*** قد قلتِ حقّاً، ولكن ليس يسمعُهُ.
جاوَزْتِ في نُصْحِهِ حدّاً أضرّ بِهِ *** من حيثُ قَدّرْتِ أن النصْحَ ينفعه.
و لم يعرف لابن زريق شعر أو نثر غير هذه القصيدة ، و مع ذلك فهي قصيدة خالدة مضى عليها أكثر من ألف سنة ، و ما زالت تحتفظ بألقها وروائها .
حدثني بعض أصدقائي أن رجلاً من أهل بغداد قصد أبا عبد الرحمن الأندلسي وتقرب
إليه بنسبه، فأراد أبو عبد الرحمن أن يبلوه ويختبره، فأعطاه شيئاً نزراً، فقال البغدادي: إنا
لله وإنا إليه راجعون! سلكت البراري والبحار والمهامه والقفار إلى هذا الرجل فأعطاني
هذا العطاء النزر؟ فانكسرت إليه نفسه واعتل فمات.
وشغل عنه الأندلسي أياماً، ثم سأل عنه فخرجوا يطلبونه ، فانتهوا إلى الخان الذي كان فيه
وسألوا الخانية عنه، فقالت: إنه كان في هذا البيت، ومذ أمس لم أره، فصعدوا فدفعوا
الباب، فإذا بالرجل ميتاً، وعند رأسه رقعة فيها مكتوب:
لا تَعْذُليهِ، فإنّ العَذلَ يولِعُهُ*** قد قلتِ حقّاً، ولكن ليس يسمعُهُ.
جاوَزْتِ في نُصْحِهِ حدّاً أضرّ بِهِ *** من حيثُ قَدّرْتِ أن النصْحَ ينفعه.
و لم يعرف لابن زريق شعر أو نثر غير هذه القصيدة ، و مع ذلك فهي قصيدة خالدة مضى عليها أكثر من ألف سنة ، و ما زالت تحتفظ بألقها وروائها .
قال فيها أحدهم:"من تفقه بالشافعي وقرأ بقراءة أبي عمرو البصري وتختم بالعقيق وحفظ قصيدة ابن زريق ..فقد استكمل الظرف ."
لا تعذليهِ..
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ=قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي لَومهُ حَداً أَضَرَّبِهِ=مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللَومَ يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً=مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ=فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ المَهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ=مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ=رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ =مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً=وَلَو إِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه=للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ=رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ=لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى=مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
وَالحِرصُ في الرِزاقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت=بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه=إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً=بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي =صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً=وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ=عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ
إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ=بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ=وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا=شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ
اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ=كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ
كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ=الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ
أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ=لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ
إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفِنُها =بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ
بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ=بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ
لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا=لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ المَهرَ يَفجَعُنِي=بِهِ وَلا أَنّض بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ
حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ=عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ
قَد كُنتُ مِن رَيبِ مَهرِي جازِعاً فَرِقاً=فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ
بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَست=آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ
هَل الزَمانُ مَعِيدُ فِيكَ لَذَّتُنا =أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ
فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ=وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ
مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ=كَما لَهُ عَهدُ صِداقٍ لا أُضَيِّعُهُ
وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا=جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ
لَأَصبِرَنَّ لِمَهرٍ لا يُمَتِّعُنِي =بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ
عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً=فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ
عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا=جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ =فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ
"...والصَّبرُ ضِـيــاء..."









