تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية zoulikha2
zoulikha2
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 11-04-2009
  • الدولة : وهران
  • المشاركات : 384
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • zoulikha2 is on a distinguished road
الصورة الرمزية zoulikha2
zoulikha2
عضو فعال
المثقف والسلطة الحاكمة0
29-12-2009, 10:52 AM
المثقف والسلطة الحاكمة


بقلم بن اسماعين زليخة خربوش

في السنواتالاخيرة زار الروائي العربي الكبير صنع الله إبراهيم بلاد الجزائر، هو الذي رفض جائزة الهيئة الحكومية قائلا : شعرت بخيانة الضمير عندما عرضت علي الجائزة في الوقت الذي كان يسقط فيه ضحايا فلسطينيين وعراقيين ..واشمأز الروائي من تملق الأديب واستبداد السياسي العربي ، في الوقت الذي تحالفت فيه الصهيونية والامبريالية علي استغلال الضعف العربي ...
وعلي اثر تصريحات الروائي العربي عبر بلادنا نشرت عدة مقالات في الصحف تناقش فكرة المصالحة بين المثقف والسلطة الحاكمة ومن ثم جاءتني فكرة كتابة موضوع عن قضية المصالحة بين المثقف والسلطة .
الواقع أن المثقف يجابه عدة سلطات تتنافس وتصطدم في حياته اليومية علي الصعيد السياسي والفكري . ومن بين هذه السلطات السلطة السياسية والسلطة الدينية وسلطة المسكوت عنه واللا مفكر فيه.... وقد تحدثت عن المثقف والسلطة الدينية، وبودي أن أتحدث اليوم عن المثقف والسلطة الحاكمة .
شغلتني أسئلة أثناء قراءتي لتصريحات الروائي الجريئة : هل يمكن أن تبرم مصالحة بين المثقف والسياسة؟ - كما أشارت لذلك الصحف الوطنية - وهل هذا في صالح الثقافة والسياسة معا؟ وهل يمكن حقا أن تقام هدنة بين مثبت ومفسر للأوضاع من جهة، وبين منور وكاشف متمرد من الجهة الأخرى؟ كانت الإجابة : هذه سيمفونية لحنها التاريخ وعزفها المتسلطون ورقص عليها أرباب المصالح الفردية... لا زلنا نحفظ قول احد خلفائنا الأوائل : ٌ لا أحول بين الناس وألسنتهم ماداموا لم يحولوا بيني وبين سلطتي
إننا نعيش عصرا (ٌ أنا أهيمن إذن أنا موجود )ٌ عصر البلبلة والزلازل واختلاط الأمور وهذه كلها تحرم أن تنشا مصالحة نسميها – سياسة ثقافة – لان دور الثقافة هو تحطيم (الماصك) الذي ضرب حول رأسه وحكم علي العقل بان يكرر نفسه في حالة لا زمان... عقل ينتج حضارة التلقين ... ويدس انفه هاربا من حضارة الإبداع ، ويسميها غزوا فكريا .
من هنا في اعتقادي إذا أصيب مبدع بهلوسة موضوع يجد على يمينه حدود ضميره إذا تعداها يسقط في الجحيم... وعلى يساره سدود عقله إذا عجز عن السباحة يغرق فيها... فإذا وجد السياسة بكوابيسها واقفة أمامه فلم يبق من الإبداع شيء بل ما يبقى أمامه إلا التملق والتسلق ولا باس إن يكون المثقف ملتزما من تلقاء نفسه مع الأوضاع القائمة،لكن بلا ضغوطات ولا كوابس...
السلطة في اغلب الأحيان تستغل سياسة الأفكار الموروثة لأنها تقيد الفكر وتجعل المثقف يري الأمور بعين منطق الأنظمة، وليس بمنطق الأشياء ، بل تعمي بصيرته عن رؤية الحقيقة . المثقف يريد أن يكتب كما يتنفس قد يغضب البعض وقد يرضي البعض الأخر والمثقف لا يبالي بمن تطيب له رائحة أنفاسه أو لا تطيب ... هو يكتب والقارئ يقرا والبقاء للأصح... قد يزرع قلمه خيرا وقد ينفث سما أو يدس قنبلة ... انه في طلب الحقيقة المصبوغة بألوان قزح ولا يدري إذا كان ينجح في طريقة اكتشافها أو يفشل . أما عين السياسي المستبد عمشاء... ترفض الإشعاع وتأبي النور الساطع لان هدفها السكوت المباح . والتسلط يجعل دائما الحق باطلا ويموه ويغطيه ببرنوس الإيديولوجيات ، والحقيقة خفية صعبة المنال ومن ثم نجد السلطة تكرم الثقافة أحيانا وتبطش بها أحيانا أخري لتولد الإحباط في النفوس وتشعل نار الانفعال العدواني القابل لان يتحول إلي عنف فردي أو جماعي . أما الثقافة تحرص علي تخفيف ذلك الإحباط وتجاوز ذاك الفشل الفردي والجماعي... وتناضل من اجل إصلاح النظام السياسي المستبد والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي القائم على قلة العدل ،لان الظلم وغياب الأمل يهيئ المحيط للتطرف الفاحش ... وحينما تتعثر السياسة القائمة ، في مواجهة الأزمات ويطول سوء تسيير نظامها يشعر أفراد المجتمع أن هناك خلل ما في فكر هذا النظام أو في أدائه أو فيهما معا ، ثمة تحتم الظروف قيام دور المثقف ليبحث عن البديل المقترح ...
التسلط يريد أن يكمم الأفواه حتى يأتي اليوم الذي تخطئ فيه سياسته من الصبح للمساء ولا احد يعبأ بأخطائها أو يجرؤ علي تقويمها . كما تريد من المثقف أن يعيش في واقعية سلفية تصور الواقع القائم أو الماضي بعين الرضي وتحرم عليه النظرة المستقبلية ، لان التسلط يخشى المثقف الحر بحكم انه فنان حساس يتنبأ بالنتائج قبل غيره .
السلطة المستبدة تريد من المثقف أن يبقي وراءها يجري ويلهث تابع لها يقوم بدورها مفسرا لأفكارها وإذا رفض المثقف دور التابع تزيحه السياسة عن طريقها بأية طريقة كانت ..لذا تبدو المصالحة غير ممكنة بل مرفوضة حتى ، لان السلطة وسيلة قمع تكرس الأمر الواقع في اطر محددة محضرة من قبل ... لكن المثقف أداة احتجاج دائم في رفض الأوضاع الشائنة ... المثقف عالم قائم ، مهمته تبشيرية بعالم يراه هو أفضل . المثقف منشئ ومؤسس بل مشرع وخير للسياسة أن تسير وراءه - مطبقة أو رافضة لأيهم المهم أن تتبين الخبر قبل أن تصيب القوم بجهالة...
إن سنة الحياة تجعل الواقع والتطلع في دوامة الصراع الدائم وفي هذا التناقض يري العلماء فيه تكمن الحياة الجدلية التي منها تخرج النظرة الجديدة التي هي اصح من السابقتين ، ويرى العلماء من الطبيعي استحالة تغيير القديم إلي جديد ما لم يكن في الجديد مناقضا له ليسير به إلي أفضل ، وتراكمات القديم تنقلب دائما إلي كيف جديد وهكذا شئنا أم أبينا ، ولما يصبح الجديد أمرا واقعا يتحول بدوره إلي قديم يحتاج إلي جديد ينا قضه ومن يتابع حركة التاريخ يري أن الثورة الفرنسية قامت علي يد رجال أحرار قاموا بحركة النقد البناء . والأمور الراهنة تقاس بما يأتي منها من نتائج تحكم عليها بالقبول أو الرفض سواء في السياسة آو في الحياة الفكرية .
المطلوب من المثقف أن يبني لقرائه عالما من خياله ... عالما مخالفا للواقع المر ، المهم أن يخلق عالما علي مثاله وصورته كما ينظر هو للأمور وكيف يراها أن تكون ، هو يخترع النموذج – حقا أحيانا تفوق طموحاته ما يمكن أن تنجزه السياسة – لكن المثقف يمكن له أن يأتي بما يخفف به حدة التباعد لمحاربة الإحساس بالفشل والإحباط .
مهمة المثقف تفرض عليه أن ينشر أفكارا تحريضية لكنها يجب أن تكون منطقية ، هو قد يكبر أمورا ويصغر أمورا آخري ليفتح البصائر علي توقعات تطحن الأمور المرفوضة وتتجاوزها .. انه مطالب بخلق مواقف ايجابية تعبر عن الرغبة في إقامة أسس المجتمع الجديد الذي يحلم به. والموقف الايجابي يعبر عن روح الجماعة وأمالها وهمومها لان المثقف فرد معبر عن إرادة الجماعة ، باستطاعته أن يخلق فكرة أو انجاز مواقف إنسانية آو حزبا أو فئة تطمح إلي ما هو أفضل... المثقف هو الذي يصنع الإنسان الذي يحمل الفلسفة المتفائلة التي تؤمن بالمستقبل وتكسر الحيطان العالية وعوامل الإحباط .
أما السلطة المستبدة تخلط أوهامها وأحلامها بالواقع ، كما تصبغه بألوانها المفضلة وتقوليه في رغباتها ليصبح هذا الواقع إما خيرا وإما شرا مستطيرا ... بينما حقيقة الأمور ليست كذاك والانطباع الذاتي بعيد عن الحقيقة .
السلطة تستغل أسلوب دغدغة النزوات ، وتعتمد علي العواطف الثائرة وتدفع إلي أحلام اليقظة ، لان شهوة الحكم عندها تغذى غريزة السيطرة ، أما المثقف يعتمد علي العقول المتبصرة التي تكافح المفاهيم الانهزامية والإصلاحية والانتهازية ، التي تخرج من قلب فئات معارضة (قولا)، تهدف إلي استسلام الجماهير المعارضة وترويضها علي تقبل الاضطهاد من جديد . ولعل الأزمات العميقة والظروف القاسية التي عاشتها بلادنا ودفعتها إلي الهلاك بصفة تلقائية تشهد علي ذلك .
الفكر الانهزامي يريد أن يبعد الفرد عن السياسة كنشاط علمي ، ويدفعه إلي قبول أنواع التسلط الذي تفرضه فئة مستغلة - وجروحنا العميقة من جراء الاستعلاء على فلسطين تدل على ذلك - ، ولا تجعل الفرد يكتفي بقبول الأمر الواقع فقط بل تفرض عليه أن ينفذ سياساتها المناقضة لمصالحه. وتلكم هي خطة التكيف مع الاستغلال والوعي السائد ...
المثقف يرفض أن ينحصر طموح الفرد في القدرة علي العيش الكفيف ، يأبى أن يتحدد وعيه في [ التوالد ] وإيجاد السبل ’’ الشرعية ‘‘ لتحسين وضعته التي قد تعني التملق أو السرقة ... المثقف الحر يرفض أن تنحصر السياسة في يد فئة محددة تسمي أحزابا وتتحالف مع المثقف الذي أكل ضميره مع الهزائم ثم تختفي معارضته لتصير في يد أحزاب معروفة انقلب رؤساؤها إلي أعضاء دائمين كشيوخ القبائل ، يتحول معهم المناضل إلي أداة تائهة في دائرة العمل المضني من اجل توفير العيش وما يلزم لإعادة الذات كأفراد أو كاسرة تنتج عبيدا يرثون الوضع المضني ويؤيدون تمادي الاستغلال لتفرض السلطة قوانينها الثابتة المطلقة علي حساب وعي الأغلبية الشعبية التي تظهر خارج الصراع والصراع علي رأسها يدور... وهي لا تعبا بقسوة الاستغلال بل تواجهه في سلبية يائسة ساكتة علي الظلم الذي يصبح قوة محلية قبل أن يكون قوة عالمية...
إذا كان الحزب وحدة سياسية يستغل ورقته الانتخابية للسيطرة علي السلطة في تنفيذ مخططه السياسي ، فالمثقف هو الذي يفضح الاتفاق الحزبي السطحي ويعري مشاريعه الخبيثة التي لا تستند علي مخطط فعال ، وإذا كان الحزب لا يعتمد علي مبادئ وكل هدفه هو تشويه الرأي العام المدمر للديمقراطية ، فالمثقف هو الذي يكشف الأفعال الدنيئة... كثيرا ما نسمع بصراع الأحزاب من اجل الشعب وفي الأخير نكتشف أن الصراع الدائر ما هو إلا صراع يدور حول رأس الشعب وان المواطن هو الهدف ... والواقع هو أن الأحزاب مرتبط بالتقدم الفكري وتخلفه .
وإذا عدنا إلي انتفاضة أكتوبر نجدها عبارة عن انفعال نتجت عنها فئات متطاحنة لان الانتفاضة الحقيقية هي الإصرار والمطالبة الدائمة ... حقا كانت تلك الانتفاضة سببا مباشرا اختفت وراءه امبريالية عالمية متعاونة مع إمبريالية محلية تابعة للامبريالية العالمية . أرادت أن تعمق السحق الطبقي وتنشر الفقر الجماعي ، الذي جعل الجماهير تهجر السياسة وتقبل التغرير الذي فرضه التسلط علي الضعفاء – وتلكم هي صيغة التكيف مع منطق التفوق السائد الذي يجعل الناس يجرون وراء حلم كاذب... وأرسطو يقول:ٌُُ إذا أردت أن تعرف أين تذهب يجب أن تعرف من أين أتيت
الثقافة الصحيحة تنقد السلطة الفاشلة وتفضح الأحزاب المتواطئة مع السلطة المستبدة وتعري النوايا المنعزلة عن الناس وقضاياهم ، والمثقف الأصيل مهتم دائما وأبدا بوطنه اهتماما كاملا شاملا كليا لا جزئيا ... عليه أن يعري الأساس الإيديولوجي للأحزاب حتى لا تصبح التعددية مصيبة علي البلاد ووبالا علي الوطن .
... اغلب الأحزاب تمتهن السلطة الكلامية واقلها تعمل من اجل المصلحة الكلية وتحقيق التعايش – وكم نخاف علي هذه التعددية لأنها لم تخرج من مشروع فكري ثقافي حضاري ... لا يكفي أن نؤمن بالديمقراطية إذا كنا نعجز عن فقه معانيها ،واستنباط نتائجها السلبية والايجابية ... لا زلنا نخلط بين حرية الشعب وسلطة الشعب... الفرق كبير بين المخادعة والثقة بالنفس ، كثيرة هي الأحزاب التي لا تبشر بالنضج الفكري والسياسي ...
نعم عرفنا من التاريخ أن ما يريده المثقف لا يمكن أن يحققه السياسي ، أما إذا كان صاحب السلطة مثقفا يستطيع أن يبدل ويغير ويحقق بعض ما يتمناه المثقف ، والذي يحقق في الواقع هو صاحب السلطة وليس المثقف لان نفوذ السياسي كبير أما نفوذ المثقف قاصر لكنه كالنار تحت الرماد يظل ينشر الدفء باستمرار وهذا ما يعظم دوره .
إن الشرط الوحيد لنمو المثقف هو توسيع نفوذه في حياة المجتمع بخلق بيئة حضارية تقدس حرية التفكير والراي0 لان هذا حلم المثقف الذي يريد تغيير النفوس والعقول وهو حلم لا يصل إليه المثقف في بلادنا إلا إذا كان له نفوذ سياسي ... الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
كانت لامتنا في يوم من أيام عصرنا مغامرات مع عدة مفكرين لكن ظروف امتنا السياسية ترمي الناس إلي سراديب الاغتراب الجمعي وتصب الأفراد في قوالب الاستلاب وتسيطر علي الحريات والحقوق وتمنع فرص التعبير عن الذات وهكذا تسحق الأفراد والجماعات وتحولهم إلي حالة السائر النائم يقيدونهم يدا ورجلا ورأسا ويقولون إنهم لا يحسنون السباحة ، كثيرا ما نسمع العتاب يوجه إلي المثقف علي انه عاجز عن العطاء الفكري الأصيل وننسي انه لا زال يعتبر قاصرا في نظر السلطات المتنوعة والأنظمة التى لا تعترف له بحقه في الحوار ... حقا بعض المثقفين تغلبوا علي الضغط الخارجي وهربوا من يد الضغط الداخلي وحققوا دواتهم ، لكن الأغلبية من المثقفين فشلت وانهزمت أمام المشاكل الداخلية ، وما كادت تفتح الباب حتى انهزمت ... نعم عندما تنساق الثقافة ككبش العيد والانتقاد الهدام يجلدها بسوط التهم المتنوعة : هذا علماني وهذا اسلاماوي وغيره امبريالي والآخر شيوعي... فلا بد أن تتقوقع في الشكل والمضمون وتاء التأثيث ونون النسوة...ولا بد أن يحذف النقاش الفكري من قواميسنا وينشا مكانه تطاحن المعتقدات ومرتكبي الكبير والصغيرة ويرحل الفكر إلي عصر الفتنتين الكبرى والصغرى ويخرج النقاش عن دائرة عصره أو ينحصر في مهاجمة الإقطاع والفساد والرشوة و بذلك ينصرف عن مناقشة النظريات وكشف أصول تلك النظريات وتلك الانحرافات ، إن مثل هذا مرفوض لا يدخل قواميسنا الفكرية لان ثقافتنا مجردة من أدوات التحليل وقوانين الفكر عندنا تفرض عليك أن تؤمن أولا ثم تحصر فكرك في البرهنة علي صحة ما أعطي إليك ، وليس لك حق في أن تستنتج أولا ثم ترفض أو تؤمن بتلك النتيجة
والسلطة عندنا تفرض ثقافة سلوكية ولا تهتم إلا بالسلوك ، الشيء الذي يجعل الروائي يحرك شخوصه في روايته كما يريدها هو ليس كما هي عليه في الحياة : هذا برجوازي إذن هو ظالم ، هذا بروليطاري إذن هو مظلوم ..رجل المدينة دائما خبيث ورجل الريف ثوري عادل ....وهكذا يجر الروائي إبطاله جرا ويبعدهم عن السير مع حقيقة الأشياء يستنبطها من التجربة والخطأ ودون أن يكتشف النظرة الشاملة عن الحياة. ومن اجل ذلك اصطبحت الصفات الإنسانية قدرية حتمية وعاهات مزمنة ، هكذا يرتاح المثقف والقارئ من عناء التحليل و تعب التأويل ، وويل لك يا ناقدا إذا حاولت أن تعطي رأيك في تلك الثوابت . واسأل نفسك لماذا ؟ والإجابة بسيطة : لان التسلط فرض علي المثقف فكرا معلبا مستوردا من مخازن الماضي السحيق... أو من بزارات المذاهب الاجنبية المختلفة ، بل حتم علي المثقف أن يأخذها ويغذي بها أبطاله في تصرفاتهم لان المثقف نفسه يختلف تماما عن بطله في مذهبه ومع ذلك لا يستقل عنه ... انه عاجز عن رسم بطل يسير مع مذهبه الذي لا يعرفه في حياته حتى يجعله دليل تغيير وتجديد ومصباحا لعقله ...لنتساءل مرة آخري لماذا؟ لان المثقفين طبخت عقولهم في مخابر السلطة المتسلطة وكل ما يهمهم هوان يقال عنهم إنهم معارضون وبهذا يبررون تخاذلهم وهروبهم من واقعهم وأوطانهم ، والواقع ليست لهم معارضة ولا يعرفون حبا للوطن
من هنا نفهم لمدا هؤلاء يقحمون شخوص رواياتهم في الشذوذ وغيبوبة الانحرافات وتلطيخ أقدس حب عرفته البشرية كما يعبثون بأنبل المبادئ .وإذا خطر لك وسالت أحدهم يبرر لك ذنبه بظروف المراقبة السياسية ...حقا مراقبة السلطات السياسية منها والدينية وسلطة المسكوت عنه ... دجنت المثقف وولدته في مخابر [ الكلوناج] نعجة تسوقه أجهزة إعلامية رسمية وتجعله دائم الهروب من الاصطدام بالسلطة والنظريات المفروضة ، ولان المثقف محروم من تحليل الأمور تجد أبطال الروائي مشوهين مبهدلين مغلوبين مسبقا في صراعهم مع الواقع محكوم عليهم بالعجز عن التعبير عن حياتهم وواقعهم ، وكثيرا ما تجد الكاتب مطحونا برحى الإيديولوجية التي تلائم الفكر التسلطي الراهن لذلك يقبل المثقف الفشل ويتخاذل عن التعليل لأنه يخشي أن يصور شخوصا يكسرون الأوضاع ويغيرونها ويخالفون المقايسة الظالمة المزمنة ويحطمون المألوف مثل [ماسيست] لان [ماسيستنا ] في مخيالنا يولد ميتا وكفاحه فاشل قبل الأوان ....
التسلط يريد أن يروض العقول على أفكار يائسة مسبقا : من يناضل ضد الموت يقضى عليه ومن سار وراء الحب تاه في الصحراء ومن ثار انقلب عن فئته وعقائده... التسلط يريد أن يروض العقول علي التفكير السلبي الذي لا يصل إلي حلول علمية وهو يهدف إلي أسلوب مخلوط مغلوط ...
الواقع إذا حبس مخيالنا بين جدران من حديد وإذا حكم علي المثقف بالسكوت وقيد تفكيره في مذاهب مفروضة منذ دائما فسوف يموت إبداعه لا محالة، لان دوره أن يزحزح الحلول المفروضة ويقدم البديل المقبول المعقول ، يجب أن يحرك الواقع عن ثباته دون أن يستسلم للعجز الحالي كي لا يشعر قراءه بالإحباط والفشل والتناقض ...
السلطة قوية والمثقف ضعيف... قوته في فكره وقلمه وخطوطه بها يسيطر علي ما يتفق مع منطقه ويقدمه لقرائه فان كان حقيقة حفظوه وان كان تطرفا تركوه أو اعتبروه محاولة في التفكير أخطا صاحبها أم أصاب . أما السلطة تريد أن تتسلط علي المثقف لأنها تخاف الكلمة فتعد لها الدوريات من البنود والقوانين وتنصب نفسها [دبرمان ] يحرس الثقافة ... من حق السلطة أن ترفض أفكار المثقف ولكن ليس من حقها أن تكبل عقله وتحجب أثاره ، هو أيضا من حقه أن يريد ما يريد و يرفض ما يرفض؟
مما تقدم هل يمكن الحديث عن المصالحة بين المثقف والسلطة المستبدة؟ لا اعتقد لان السلطة تقتل القتيل وتسير في جنازته والمصالحة عير ممكنة إن لم تكن مرفوضة ... لا يمكن أن نضع الأفراخ مع الثعالب في قفص واحد .. وإذا فرض علينا اللقاء ففي نقطة واحدة فقط... وهي أن السياسي يصنع التاريخ وان المثقف يستنبط فلسفته من السياسة والتاريخ ، وإذا فهمت السلطة دورها تركت المثقف يعوى مع همومه وأفكاره ...

Zoulikha2








ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا
التعديل الأخير تم بواسطة zoulikha2 ; 29-12-2009 الساعة 10:56 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية HANSALI
HANSALI
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 31-01-2008
  • المشاركات : 118
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • HANSALI is on a distinguished road
الصورة الرمزية HANSALI
HANSALI
عضو فعال
Re: المثقف والسلطة الحاكمة0
31-12-2009, 04:53 PM
والله بدون مجاملة ..مقال روعة فى الاسلوب والتحليل ومن المقالات العلمية من الدرجة الاولى وان جد سعيد بهذا الابداع واتمنى ان يثبت المقال

وبالفعل ماجاء على اناملكم واقع تدركه فئة قليلة جدا قد لاتتعدى المئات وفئة الاخرى على المقابل ايضا بالمئاة والبقية كالطبل تلعب بهم الاياد كما تشاء

مشكورة اختنا الفاضلة..الى ابداع اخر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية zoulikha2
zoulikha2
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 11-04-2009
  • الدولة : وهران
  • المشاركات : 384
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • zoulikha2 is on a distinguished road
الصورة الرمزية zoulikha2
zoulikha2
عضو فعال
رد: المثقف والسلطة الحاكمة0
01-01-2010, 08:39 AM
سلام
شكرا ل HANSALI على المرور والتشجيع دمت قارئا مميزا
zoulikha2
ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية osamamadridi
osamamadridi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 30-10-2008
  • الدولة : الجزائر - قسنطينة
  • المشاركات : 1,603
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • osamamadridi is on a distinguished road
الصورة الرمزية osamamadridi
osamamadridi
شروقي
  • ملف العضو
  • معلومات
تأمل عقل
مشرف سابق
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,869
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • تأمل عقل will become famous soon enough
تأمل عقل
مشرف سابق
رد: المثقف والسلطة الحاكمة0
04-01-2010, 03:52 PM
السلطة قوية والمثقف ضعيف... قوته في فكره وقلمه وخطوطه بها يسيطر علي ما يتفق مع منطقه ويقدمه لقرائه فان كان حقيقة حفظوه وان كان تطرفا تركوه أو اعتبروه محاولة في التفكير أخطا صاحبها أم أصاب . أما السلطة تريد أن تتسلط علي المثقف لأنها تخاف الكلمة فتعد لها الدوريات من البنود والقوانين وتنصب نفسها [دبرمان ] يحرس الثقافة ... من حق السلطة أن ترفض أفكار المثقف ولكن ليس من حقها أن تكبل عقله وتحجب أثاره ، هو أيضا من حقه أن يريد ما يريد و يرفض ما يرفض؟
العلاقة بين من يمارس الحكم ,وكل الوسائل التي تظمن بقاءه في الحكم مشروعة,فهو اسير منصبه السياسي الذي يفرض عليه أن يقول ويفعل مايتناسب مع المكانة والواجهة,ومن يمارس التفكير ويبدع الثقافة بأي شكل من اشكالها يعيش الحرية في التصور ,واتخاذ الموقف ,والتعبير عنه,ولايهتم بموقف السياسي منه ,بل يهتم بموقف مثقف مثله نقدا وتقيما لا مجرد مناصرة وتاييد.
إن حدث لمثقف ان يكون سياسيا فإن سلم الأولويات ,وأزمة الضمير تظهر لديه في بعض المواقف الحرجة التي يكون فيها بين موقفين يختار المنصب السياسي ويضحي بعقله المثقف الحرأو ينسحب من الواجهة السياسية إلى فضاء العقل والحرية.
مقالك ممتاز
جزاك الله خير الجزاء
ودمت الكاتبة المثقفة المبدعة.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية zoulikha2
zoulikha2
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 11-04-2009
  • الدولة : وهران
  • المشاركات : 384
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • zoulikha2 is on a distinguished road
الصورة الرمزية zoulikha2
zoulikha2
عضو فعال
رد: المثقف والسلطة الحاكمة0
05-01-2010, 10:48 AM
شكرا للسيد تامل عقل على المرور دمت لنا قارئا وموجها وناقدا ورعاك الله في حفظه
zoulikha2
ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية zoulikha2
zoulikha2
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 11-04-2009
  • الدولة : وهران
  • المشاركات : 384
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • zoulikha2 is on a distinguished road
الصورة الرمزية zoulikha2
zoulikha2
عضو فعال
رد: المثقف والسلطة الحاكمة0
05-01-2010, 10:50 AM
شكرا للسيد اسامة على المرور
zoulikha2
ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 10:31 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى