الناشرون العرب والقرار الخطيئة
27-09-2010, 07:58 PM
لايختلف اثنان في أن لكل قضية مكانها وزمانها،مسبباتها وأهدافها،ومن هذا المنظور لايمكننا الحديث عن الصالون الجزائري الخامس عشر للكتاب دون وضعه في الفضاء العام للواقع العربي،بما يعيشه من تحديات جسام.
نعلم أن الجزائر تشكل عمق النفوذ الفرنسي والبوابة الافريقية الكبرى بالنسبة للغرب ما جعلها محط الانظارفي مختلف المجالات.
ومن المعلوم أن الغزو الفكري من أكبرالتحديات الجسام التي تواجه المنطقة العربية في وقتنا الراهن،فالسياسة التي مارسها الغرب في مستعمراته السابقة، مازالت تمارس حاليا،لكن بشكل مختلف وبأسلوب حديث وعصري،ما زاد من تهافت الأخطارعلى المجتمعات العربية.
لا أريد الخوض في التفسير اللغوي لمفهوم الغزو،فمغزى الكلام هو المقصود منه،ومن المؤكد أن لكل نوع من أنواع الغزو أسلحته الخاصة،والغزو الفكري موضوع مقالنا يتخذ كل ما يؤثر على العقل والنفس والفكروالعقيدة سلاحا. والكتاب أول تلك الأسلحة لأنه مرجع "للندوة والمحاضرة واداة التعليم والثقافة والتربية ووموطن النظريات ..."ما ييزه بالشمول والامتداد ، حرب دائمة لاتنحصر في ميدان .
والغرب يعمل اليوم علىتسخيرالسياسة لنسج المؤامرات و الخداع لتفريق المسلمين والاستيلاء على ثروات الأمه الإسلاميه قاطبة وتحويل شعوبها إلى سوق لأفكاره قبل منتجاته،وكمثال على ذلك ندكرأن الحكومة المؤقتة للكيان الإسرائيلي أطلقت حملة في افريل 2006م أسمتها "تقطيع أوصال الضفة الغربية"،وحقيقة الحملة هي جزء من مخطط كبيرومستمر لتعميق تفكك وشرذمة الدول العربية.
إذا،الغزو الفكرى و العقائدى أخطر أنواع الغزو لأنه يعبث بالعقول ويغير المفاهيم ويغير العقيده ويقلب المواقف من صالحها الى طالحها.
فهلا أدرك الناشرون العرب هذه الحقيقةعند اتخاذهم،القرار على هامش معرض عمان الدولي الثالث عشر للكتاب الذي افتتح الاربعاء 21سبتمبر2010م؟
القرار القاضي بمقاطعة الدورة الخامسة عشرة لصالون الجزائر الدولى للكتاب المقررعقده في 26 اكتوبر2010م،ومقاطعة أعضاء مجلس إدارة الاتحاد لجميع فعاليات أي معرض عربى للكتاب يحرم أي دولة عربية من المشاركة فيه،قرارجاء كرد فعل لتجاهل إدارة صالون الجزائر للناشرين المصريين مع الأسف، أواستصعاب دعوتهم بعد المناوشات السياسوية التي مكنت بعض المصريين من تجاوزج حدود الأخلاق {باحراق العلم الجزائري وشتم شهداء الوطن}، وأقل ما يمكن ان يوصف القرار به هومعالجة الخطأ باقبح منه.
ففي بيان صادر يوم23سبتمبر2010م عبرمجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب،عن أسفه الشديد لحدوث الظروف والملابسات التى أسفرت عن تعكير صفو العلاقات الطيبة التى تجمع بين الشعبين العربيين المصرى والجزائري لكن القرار الجاهز اتخذ،مايدعو للتساؤل هو ان الناشرين على ما يبدو برون انفسهم سياسيين عاديين،بيد ان نشر الكتاب ليست عملية مادية أوشعبوية بقدر ما هي استثمارفكري لما له من علاقة بالهوية والمعتقد.والكتاب من أهم وسائل وأدوات نقل الثقافة وماتشمله هذه الثقافة من تقاليد وأعراف وعادات وعقائد وتصورات وقيم ومناهج للحياة وطرق للتفكيروأساليب للتعبيرورؤى التطور.
ومقاطعة صالون الجزائرلاتعني فيما تعنيه مقاطعة الشعب الجزائري فحسب بل تعني عزل الضفة الجنوبية للمتوسط او الجناح الغربي من الوطن العربي.وهو ما يوحي بوجود احاءات غربية من خلف ستارقاعة اجتماع الناشرين.
ليس اتهام لهذا، ولا تزكية لذاك،إذا قلنا أن اقحام الثقافة في المجاري السياسية الضحلة هو تنفيذ لمخطط غربي تعود جذوره إلى وصية لويس التاسع ملك فرنسا،حين اسس للغزو الفكري الصليبي لمواطن للفكر العربي الإسلامي بوصية يوم كان يقود الحملة الصليبية السابعة،وسجن بالمنصورة أيام الملك {نجم الدين أيوب عام 647-648هـ}جاء فيها: "إنه لا سبيل إلى السيطرة على المسلمين عن طريق الحرب أو القوة . ذلك لأن في دينهم عاملاً حاسماً هو عامل المواجهة والمقاومة وبذل النفس وهدم الرخيص في سبيل حماية العرض والأرض،....،إنهم قادرون دوماً انطلاقاً من عقيدتهم على المقاومة ودحر الغزو الذي يقتحم بلادهم....
فلابد من إيجاد سبيل آخر من شأنه أن يزيف هذا المفهوم عند المسلمين حتى يصبح مفهوماً أدبياً أو وجدانياً , وإيجاد ما يبرره ...وأن ذلك لا يتم إلا بتركيز واسع على الفكر الإسلامي وتحويله عن منطلقاته وأهدافه.."
وبالنظر الى ماهية الفرانكوفونية وتاريخ فرنسا الثقافي في المنطقة العربية،وموقف الشعب لجزائري الرافض لأية محاولة زحزحته عن هويته العربية الاسلامية،فإننا لن نجد لقرار الناشرين العرب تفسيرا سوى انهم يدعمون دفع الشعب الجزائري إلى فضاء الثقافة الغربية،وهي خطيئة لاتغتفر ، وخطة لتفكيك الوطن العربي.
الحمد لله
غيمة تمطر طهرا