مع أن تعليقي حول المادة 5 من قانون الإجراءات الجزائية جاء متأخرا إلا أنه يجب أن أضيف على من قاله من سبقني في ذلك أن بعض المحامين بدهائهم و استعمالهم الحيل القانونية لكسب قضاياهم يتعمدون الدفع بالمادة الخامسة المشار إليها أعلاه و أن بعض قضاة التحقيق أو الحكم بقلة تجربتهم أو بعدم كفاءتهم أو بانحيازهم للمشتكى منه يطبقونها تطبيقا غير صحيح ذلك مثلا يتحقق في الحالة الآتية:
زيد من الناس يتقدم بدعوى مدنية ضد عمرو من الناس لإخلاء عقار (دار معدة للسكن أو أرض فلاحية أو معدة للبناء ) مستظهرا بعقد ملكيته لهذا السكن ثم يأتي المدعى عليه ليقدم عقدا توثيقيا أو إداريا بملكيته لنفس العقار فترفض الدعوى لعدم التأسيس و الإثبات بحجة أن العقد المستظهر به من المدعي عليه رسمي و بأنه صحيح إلى أن يثبت تزويره اعتمادا على النصوص القانونية التي تقرر ذلك و على الاجتهادات القضائية التي تكرسها.
غير أنه يتقدم المدعي (زيد) بدعوى فرعية من أجل تزوير العقد التوثيقي المقدم من قبل خصمه أي المدعى عليه (عمرو) أو يتقدم بشكوى مباشرة إما أمام السيد وكيل الجمهورية الذي يأمر بإجراء تحقيق بشأنها أو أمام قاضي التحقيق فهنا يتقدم المشتكى منه بالحكم المدني أو منطوقة ليدفع بالمادة الخامسة من قانون الإجراءات الجزائية فبعض قضاة التحقيق يطبقونها و يفيدون المشتكى منه بأمر انتقاء وجه الدعوى على ذلك الأساس و قد يتأيد هذا الأمر حتى من قبل غرفة الاتهام في حالة استئنافه من قبل النيابة أو الطرف المدني و كذلك بالنسبة لبعض قضاة الحكم فإنه تختلط عليهم الأمور فيعتبرون بأن الشاكي قد تنازل عن حقه في الطريق الجزائي لأنه اختار الطريق المدني أولا مع أن الدعوى المدنية كان موضوعها مختلف عن الدعوى الجزائية و لم يكن يهدف صاحبها الى الحصول على التعويض من فعل التزوير و إنما كان يريد من المدعى إخلاء العقار لتفاجأ بالعقد الذي معه.
و كثير من الأحكام أو القرارات الجزائية التي طبقت المادة الخامسة من قانون الإجراءات الجزائية كما في الحالة المشار إليها أعلاه ألغيت من قبل المحكمة العليا و مع ذلك لا يزال تطبيقها معيبا و غير سليم لدى بعض قضاة التحقيق و الحكم و كذا غرف الاتهام. :(