مساكين في الحكومة -1-
28-04-2012, 05:28 PM
الإهداء: إلى الوزراء المساكين ..
حين وصلت أمام مبنى البرلمان وجدت محيطه أزرق كله، لم تكن زرقة البحر طبعا، ولكنها زرقة لونتها قوات مكافحة الشغب التي كانت تحيط بالمكان، وفي وسطها كان الشباب يهتفون لم أكن اسمع جيدا كان مجرد صياح يشبه صياح الملاعب، ولكن بدا من قوته أنه صياح غضب، اقتربت أكثر دون خوف فقد تعودت تغطية الاعتصام والمسيرات التي لا تكاد تنتهي، وما إن اقتربت أكثر حتى بدأت القنابل المسيلة للدموع وكأن القوم كانوا يتربصون بي وينتظرون حضوري حتى يشرعون في الحفلة، وبدأ الفرار من كل جهة والتدافع والسقوط والمطاردة، وهراوات قوات مكافحة الشغب لا تخطئ أبدا مؤخرة الناس ولا رؤوسهم، وما إن حاولت أن أعطي الريح ساقاي، حتى لمحت رجل أزرق يهجم علي ولم اشعر إلا وهالة من الضياء سطعت أمام عيني، لم يكن ذلك سوى رد فعل لضربة قوية تلقيتها على رأسي من هراوة ربما شرطي جديد أختار قاصية الناس، فلم أكن في التجمع ولا أعرف كيف اختارني من بين الناس جميعا، ولكن الذئب يختار من الغنم القاصية، الدماء ملأت قميصي وعنقي ورحت أجري محاولا الفرار بجلدي وأنا أعرف أنه حتى ولو حاولت إقناعه بأني أؤدي عملي مثله فلن يرحمني فقد سبق وان فعلوها وانهالوا بالضرب على صحفية ولم يبرحوها حتى انطفأت عينيها ودارت بهما هالة كبيرة من الزرقة، وكذلك فعلوا مع مصور صحفي، يعني الأمر عادي بالنسبة لهم والقانون فوق البعض وتحت الكثيرين في هذه البلاد، شعرت بحرارة دمي الذي كان يفور ويملأ وجهي وقميصي الأبيض صرت أشبه العلم حمرة ولون قميص ابيض ممزوج بالدم، وما علي سوى البحث عن اللون الأخضر ومع الأسف ما عاد اللون الأخضر موجودا بعدما تحولت خضرة الحقول إلى سواد المدن والتهمها الإسمنت المسلح الذي زرعه الأثرياء الجدد.
وأنا أهرول هاربا من قنابل مسيلة للدموع وهراوات البوليس، اصطدمت في زقاق برجل مسن وقبل أن أحاول الاعتذار منه وجدتني افر قبل أن تصلني الهراوات مرة أخرى، ولكنه أمسكني من يدي وسألني ما الذي يحدث، جذبته من ذراعه وطلبت منه أن يركض وسأحكي له، وبدأ كلانا يركض وفي زقاق ضيق دخلنا أحد المقاهي، وطلب الرجل المسن من النادل ان يأتينا ببعض الماء، في المقهى تحلق بي الناس وهم يلعنون ما يحدث والرجل المسن يغسل لي رأسي، وهو يتحدث :
" جرحك بليغ وجب تقطيبه، قد يحتاج إلى 5 أو 6 غرز" ..
لم يكن الصوت غريب عني، ولكن هذا لا يهم الآن فأنا لا أعرف مدى خطورة الضربة في رأسي، حين استعدت توازني وطلبت قارورة ماء معدنية استطعت أن استوضح الرجل المسن، وكادت تعقد لساني الدهشة، حين اكتشفت أنه وزير الداخلية نفسه دحو ولد قابلية، الظاهر أن الخوف والفرار جعلني لا أميز ملامحه، أو ربما مجرد شبه، ولكن هل يوجد من عامة الناس من يشبه وزير أو سفير أو حتى " مير" هم لا يشبهون إلا أنفسهم ليسوا بشرا مثلنا ولا نحن مثلهم؟ لا ادري، ولكنه قطع شكي بيقيني حين صرخ:
لا يجب أن تظل هذه المهزلة، من أعطاهم الأوامر لفعل ذلك؟
قلت في نفسي:
هم لا يحتاجون إلى أوامر هم يفعلون فقط، ربما للمتعة، وربما انتقاما، وربما لأنهم ساديين أو ما زوجشيين
كان ممسكا بذراعي بشدة، خشيت أن يدعو قوات مكافحة الشغب ليلقوا علي القبض، طلبت منه أن يترك ذراعي، فصرخ في وجهي:
"أين تريد الذهاب، هل تريد أن يحطموا لك رأسك؟ اصبر علينا أن نجد سيارة تقلك إلى المستشفى" فجرحك كبير
..أوه يا لطيبته وزير الداخلية بنفسه سيأخذني بسيارة إلى المستشفى، شعرت ببعض الفخر، ترك ذراعي وخرج إلى الشارع ثم عاد بأقصى سرعة وهو يبكاد لا يصدق ما يحدث:
مجانين، كادوا يضربونني رغم أني قلت لهم أني أنا الوزير" ،
نظر إلي وقال :
أنت تنزف لا بد أن نخرج بسرعة ..
خرجنا نتسلل بهدوء وهو ممسك بي من ذراعي، إلى أن وصلنا شارع موريتانيا بالعاصمة، هناك أوقفنا سيارة أجرة وركبنا حين قذفت بنفسي بداخلها وركب الوزير من الأمام وصلني أريج عطر نسوي لم التفت للجالسة جنبي، ولكنها صرخت بقوة:
يا إلهي أنت كلك دم.. هل ارتكبت جريمة أم في حقك ارتكبوا جريمة ؟
التفت الوزير ورد نيابة عني:
لقد انهالوا عليه الشرطة بالضرب..
فصححت له:
كلا إنه شرطي واحد فقط، ولكن الوزير لم يهتم لكلامي وبدا ينظر للسيدة الجالسة جنبي وسألها ما الذي أتى بك إلى هنا أنت أيضا ؟
حين التفت وجدتها وزيرة الثقافة خليدة تومي، لم اصدق ما أرى اليوم، الظاهر أن ثمة خلل حدث في العالم وثمة تغير في الكون، ثمة تغير بداخلي، في عقلي، في نفسي، أكيد أن خطب ما يحدث ولا اشعر به، ولكنها لم ترد على وزير الداخلية وطلبت من السائق أن يوقف الأغنية قالت له:
أوقفها من فضلك فقد افسدوا بداية يومي..
كانت الأغنية من النوع سطايفي، وربما كانت الوزيرة ترقص كعادتها، ولكن لا أعرف ما يحدث فعلا، الأمر فعلا محير ، الظاهر أني في حلم، وبدأت استرجع بداية يومي، وبدا شريط الساعات الماضية يمر أمامي، استيقظت صباحا، تناولت حليبا كالعادة ببعض من قطع " البراج" ركبت الحافلة واتصل بي رئيس القسم علي ياحي يطلب مني أن لا ادخل مقر الجريدة وأتوجه رأسا إلى الاعتصام في محيط البرلمان، ثم تقدمت من الاعتصام ثم ضربني أحدهم بهراوة على رأسي .. "لا لا الأمر ليس حلما لو كان حلما لكنت استيقظت مع قوة الضربة" لم انتبه إلا وهاتفي يرن وعلي ياحي يسألني عن سبب عدم الرد وما الذي يحدث، لم أجد ما أجيب به، ولو حكيت له أني في سيارة أجرة أمامي وزير الداخلية وجنبي وزيرة الثقافة، سيعتقد أني استهزئ به وأخشى أن يرد علي هو أيضا بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينتظرني في مقر الجريدة، أقفلت الخط مباشرة حتى لا أصاب بجنون، ابتسمت معالي الوزيرة وقالت:
حسن فعلت لا داعي للرد انهم مجرد صداع فقط..
أشعلت سيجارة وبدأت تحدث نفسها:
أنتظر الانتخابات بشغف فقد كرهت المسؤولية والمهرجانات وثقافة بلا مثقفين،
فرد عليها الوزير:
ليتهم أخروها قليلا حتى تهدأ الأمور
لكنها خالفت رأيه وردت عليه :
بالعكس لو تم تقديمها أفضل، فقد سحبوا منا سياراتنا وحراسنا الشخصيين وصرنا مثلنا مثل الناس نركب سيارة أجرة..
استطعت أن افهم الحكاية والظاهر أن الطاقم الوزاري سيعيش فترة معينة قبل الانتخابات لا يستعمل أفراده وسائل الدولة، كم هو رائع يعني الوزير يصير مواطن لبعض من الأيام، وضحكت بخبث، فانتبهت لي الوزيرة وشعرت أنها تفطنت لي وردت بحنق:
كان الأفضل أن تنظر إلى حالك قبل ان تضحك علينا ..
ولكن الوزير كان كريما جدا ورد عليها:
لا ذنب له هو جاء للتظاهر ويطالب بحقوقه، نحن لدينا مشكلة لا يوجد لغة حوار ولا أحد يثق في الآخر، ولكني صححت له:
أنا صحفي معالي الوزير جئت لتغطية الحدث فقط..
صمت الوزير طويلا ثم علا صوته:
لقد أمرتهم كذا مرة أن لا يتدخلوا في شؤون الصحفيين كم علي أن أعيد الكلام، كم علي أن انشر تعليمات..
ردت عليه خليدة وهي تنفث دخانا من منخريها وفمها:
لا تتعب نفسك لا أحد يستمع حين تنفلت الأمور لا تفرق قوات مكافحة الشغب بين مواطن وعابر طريق، وصحفي ومتظاهر، ثم لماذا يقحم هو نفسه في المشاكل.
رديت عليها بحدة:
إنه عملي..
نظرت إلي نظرة إلي نظرة فيها الكثير من الاستعلاء وردت بعدما أدارت وجهها عني: انظر إلى عملك اين أوصلك،" شه فيكم أنتم الصحفيين"..
لم أعلق على كلامها فهي مهما كانت قاسية معها كل الحق فنحن معشر الصحفيين أرذل القوم في هذه البلاد ليس لأن الحكومة لا تبالي بمطالبنا، بل لأننا مجموعة من الناس أغلبهم يصلون بلا وضوء ، مجرد أبواق فيهم الكثير من الحثالة، يكفي أن تنظر إلى أحدهم حتى تبصق عليه دون أن تريد، وأنا غارق في زحمة السير، طلب الوزير من السائق أن يتوقف، نزلنا في شارع حسيبة حاول الوزير أن يدفع للسائق فرد الأخير بأنه لا يملك فكة ألفين دينار، ولكن وزيرة الثقافة طلبت من الوزير أن يأخذني إلى المستشفى ولا يحمل هم الدفع، نظرت إلى الشمس فكانت حسب موقعها لا تبدو أنها أشرقت من مغربها ، لأن ما أعيشه لا يحدث إلا مع إشراط الساعة، ولكن الأمر يحدث فعلا وأنا أعيشه الآن، ما زال الوزير يمسك بي من ذراعي، شعرت أن حالتي أثرت فيه كثيرا وأدرك معاناتنا، التفت إلي و قال معاتباك:
هل أعجبك حالك وأنت هكذا بهذا المنظر، لماذا لا تقم بعملك دون أن تعرض نفسك للخطر ..؟ لم أجد ما أرد عليه لأني أعرف أني في المرة القادمة سأقوم بنفس العمل إنها حكاية لا تنتهي على كل حال، وصلنا إلى الاستعجالات الطبية، فطلب الوزير من أحد الممرضين أن يهتم بحالتي، فرد عليه الممرض بتأفف :
اصبر يا الحاج ما الذي يقلقك" ..
صمت الوزير قليلا، ثم التفت إلي، ثم صرخ:
إنها استعجالات يا هذا فكيف علينا أن نصبر، رد الممرض:
هؤلاء كلهم مستعجلين ولكنهم ينتظرون، ربما ساعة ربما أكثر ربما يوم ربما أكثر..
فاستغربت من الممرض كيف يكلم وزيرا بهذا الشكل، الظاهر أنه لم يعرفه فالناس هاجرت السياسة ونشرة الأخبار من زمن بعيد ولم تعد تحفظ الوجوه لكثرة المسؤولين وتبادل المناصب، حين التفت لوزير وجدته قد أخرج هاتفه النقال وراح يتحدث، حين انتبهت لحديثه وجدته يكلم وزير الصحة جمال ولد عباس، ويستغرب ما يحدث، ثم اقفل الخط، ومسكني من ذراعي مرة أخرى، ولكن هذه المرة لم أرغب في أن أكون منقادا وكفى، وسالت الوزير بلطف:
إلى اين معالي الوزير؟
ضحك بسخرية ورد علي:
وهل بقي فيها معالي وزير يا بني بعد الذي يحدث لنا ..؟
سرنا قليلا ثم توقفت وكأني أريد منه إجابة، تقدم مني وقال لي بهدوء:
اتصلت بوزير الصحة وهو موجود في جناح الأطفال أتى بحفيده للعلاج، سنذهب لزيارة حفيده ونرى ماذا يمكن أن يفعل فهو المسؤول الأول عن القطاع..
تحركنا وبدأت اشعر بالدوران خاصة وأن النزيف لم يتوقف، حين وصلنا الى جناح طب الأطفال وجدنا ولد عباس في انتظارنا في المدخل ممسكا هاتفه النقال في يده ويبدو عليه علامات الغضب، صافح الوزير وصافحني وبدا أنه اندهش لحالتي ولكنه لم يبدأ بالحديث عني بل بدأ يشكو للوزير الأوضاع المهينة هنا وأن حفيده مصاب بنزلة برد و لولا أنه جاء بنفسه ووقف على الحقيقة لما صدق ما يحدث، المشكلة الآن أني أنا الذي لا اصدق ما يحدث والظاهر أنني فعلا أعيش قيام الساعة فقط ما تزال الشمس لم تغرب من مشرقها وتشرق من مغربها، والآن لا بد أن افهم كل شيء، وصرخت :
" ما الذي يحدث اليوم ؟"
انتبه الوزيران وسال وزير الصحة زميله وزير الداخلية:
من هذا ؟
رد عليه وزير الداخلية:
صحفي تم ضربه من طرف قوات مكافحة الشغب..
ومرة أخرى صححت له :
بل شرطي واحد ضربني بهراوة .. شرطي واحد فقط..
قلت ذلك بتثاقل كأني مللت من إعادة الجملة في كل مرة يسالني أحدهم عم الذي حل بي لم ينتبه الوزيران لكلامي وواصل وزير الداخلية:
المشكلة أننا ذهبنا لجناح الاستعجالات فلم يهتموا به..
طلب منا وزير الصحة أن نبقى هنا لحظة، ولكن وزير الداخلية طلب من زميله في الحكومة أن يمكننا من الاطمئنان على الطفل، رد ولد عباس بأن حفيده بخير :
حالته عادية إنها نزلة برد خفيفة ، المشكلة في الشاب الذي معك والذي يجب أن نطمئن عليه.
كلاهما امسك بيد مني، كنت أسير ومرة على مرة أنظر في وجوه الناس وكأني اسألهم لا تبالوا أنا أحلم فقط ولكنه لم يكن حلم على كل حال .. الجملة الأخيرة كنت أرددها في نفسي، ما إن دخل وزير الصحة جناح الاستعجالات حتى بدأت الحياة تدب فيها وظهر الملائكة بلباس ابيض مع العلم أنهم قبل مجيئه كان ثمة رجل ذلك الممرض الذي كلمنا في أول مرة الصراحة شعرت من رهبته حتى وان ارتدى مئزرا ابيضا أنه خطاف الأرواح، أو أنه غاسل الموتى، وبدأ الناس يشعرون أن الكثير تغير والمعاملة تغيرت، ولم انتظر كثيرا حتى وجدت أكثر من طبيب وطبيبة ينزعون عني قميصي ويطببون راسي ويشرعون في تقطيبه، ووزير الصحة يتابعهم ومرة على مرة يقول لهم :
.. بهدوء..بهدوء حتى لا يشعر بالألم..
ولكني لم أكن اشعر به، لم استغرب عدم شعوري بالألم، ولكن استغربت أنهم لم يطلبوا مني شراء الخيط والإبرة لتقطيب الجرح كما يفعلون في العادة، وحين انتهوا كتبت لي طبيبة وصفة دواء، كنت أعتقد أنها ستسلمني إياها ولكنها سلمتها لزميلة لها خرجت بسرعة ثم عادت بالدواء، وراحت تشرح لي كيفية تناوله، لم يحدث هذا من قبل معي، سألتها:
هل تقدمون الدواء للمرضى هكذا دوما؟
ردت بابتسامة ساحرة وجميلة هذا إجراء نعمل به على الدوام ..
لم أجد ما ارد به سوى الصمت مثل الأبله فالصراحة جمالها يلجم اللسان، والواقع الذي أعيشه يفقدني القدرة على طرح أسئلة أخرى، ربما كنت من قبل أحلم أن الأوضاع سيئة والآن استيقظت من كابوس، لا أعتقد أن الأمر مجرد خيال فـأنا استطيع أن المس الجرح في رأسي وكلما ضغطت عليه اشعر بالألم الأمر إذا حقيقة وليس خيالا، ما الذي يحدث هل قامت الساعة ؟ لست أدري.
انزوى الوزيران جانبا وسمعت كلاهما يتحدث للآخر عن عظمة المسؤولية التي يحملانها والكل يقسم بأنه بعد الانتخابات سيذهب للتقاعد ويرتاح، ولكني لم أكن أريد أن يخرجا للتقاعد إن كانت الأمور تسير بهذا الشكل، المهم أعطاني وزير الصحة ألف دينار، وسألني إن كان يمكن أن أذهب بمفردي إلى البيت، اعتذرت له عن أخذ الألف دينار وقلت له بأني يمكن أن أذهب وحدي ضحك الوزير وزميله ورد ولد عباس:
الظاهر أن الضربة قوية على رأسك، الألف دينار لك ألا ترى بقع الدم فيها لقد سقطت من قميصك..
أخذتها منه وشكرته، وانصرفت لحال سبيلي لا أعرف حتى ما يحدث من حولي، خرجت من مستشفى باشا الجامعي نحو شارع حسيبة وتوجهت رأسا نحو محل بيع الملابس الرثة كي اشتري قميصا جديدا، دخلته وجدت بعض الناس فيه، اخترت لي قميصا قديما وارتديت تلك الأسمال وما أن خرج راسي من العنق حتى رأيت مشهدا أغرب من المشاهد الأخرى، فقد كان وزير التجارة مصطفى بن بادة يختار معطفا له ويسأل البائع بأن يخفض له السعر، هذه المرة كان علي الخروج بسرعة الظاهر أن العالم من حولي جن أم تراني أنا جننت، بن بادة بشحمه ولحمه، يبحث عن معطف بين الملابس الرثة ويسأل البائع أن يخفض له في السعر..؟ لا لا ، ثمة شيء غريب في الحكاية، ولكن ربما وزيرة الثقافة خليدة تومي معها حق، فقد منعت الحكومة عن طاقمها كل الوسائل من أجل أن لا يستعملوها في الانتخابات، لكن رغم هذا فما أشاهده لن يحدث، ولا يحدث، ولكني لا أحلم والشمس لم تشرق اليوم من مغربها، والظاهر أني نمت طويلا واستيقظت على الحقيقية وما عشته من قبل لم يكن سوى كابوس حلم مرعب جعلني أحلم بأن الطاقم الحكومي ليسوا كما البشر، لأن الواقع يقول أن البشر كلهم بشر حتى فرعون كان بشرا وإن لم يكن بشرا سويا واليوم أنا أعيش الحقيقة، لا افهم ما يحدث، علي أن أخرج بسرعة .. علي أن أتوجه إلى محطة الثاني من ماي وأعود إلى البيت، دفعت حق القميص وخرجت كمن به مس من جن أركض في الزقاق اصطدم بالناس بجنون، من يدري ربما أدخل إلى البيت أجد أمي ليست هي أمي، وإخوتي ليسوا هم إخوتي وابي ليس هو أبي ربما لا أجد كل هؤلاء يا للهول ماذا لو كان الأمر كله حقيقة، لكنه حقيقةن حقيقة فرأسي يؤلمني فيه جرحه بشدة بعدما زال المخدر، هاتفي يرن مرة أخرى إنه رئيس القسم علي ياحي، اللعنة كيف يكون علي ياحي في حلم
سابق وواقع لاحق، او في حلم لاحق وواقع سابق، ما الذي يحدث بحق السماء ..؟
وأنا أهرول هاربا من قنابل مسيلة للدموع وهراوات البوليس، اصطدمت في زقاق برجل مسن وقبل أن أحاول الاعتذار منه وجدتني افر قبل أن تصلني الهراوات مرة أخرى، ولكنه أمسكني من يدي وسألني ما الذي يحدث، جذبته من ذراعه وطلبت منه أن يركض وسأحكي له، وبدأ كلانا يركض وفي زقاق ضيق دخلنا أحد المقاهي، وطلب الرجل المسن من النادل ان يأتينا ببعض الماء، في المقهى تحلق بي الناس وهم يلعنون ما يحدث والرجل المسن يغسل لي رأسي، وهو يتحدث :
" جرحك بليغ وجب تقطيبه، قد يحتاج إلى 5 أو 6 غرز" ..
لم يكن الصوت غريب عني، ولكن هذا لا يهم الآن فأنا لا أعرف مدى خطورة الضربة في رأسي، حين استعدت توازني وطلبت قارورة ماء معدنية استطعت أن استوضح الرجل المسن، وكادت تعقد لساني الدهشة، حين اكتشفت أنه وزير الداخلية نفسه دحو ولد قابلية، الظاهر أن الخوف والفرار جعلني لا أميز ملامحه، أو ربما مجرد شبه، ولكن هل يوجد من عامة الناس من يشبه وزير أو سفير أو حتى " مير" هم لا يشبهون إلا أنفسهم ليسوا بشرا مثلنا ولا نحن مثلهم؟ لا ادري، ولكنه قطع شكي بيقيني حين صرخ:
لا يجب أن تظل هذه المهزلة، من أعطاهم الأوامر لفعل ذلك؟
قلت في نفسي:
هم لا يحتاجون إلى أوامر هم يفعلون فقط، ربما للمتعة، وربما انتقاما، وربما لأنهم ساديين أو ما زوجشيين
كان ممسكا بذراعي بشدة، خشيت أن يدعو قوات مكافحة الشغب ليلقوا علي القبض، طلبت منه أن يترك ذراعي، فصرخ في وجهي:
"أين تريد الذهاب، هل تريد أن يحطموا لك رأسك؟ اصبر علينا أن نجد سيارة تقلك إلى المستشفى" فجرحك كبير
..أوه يا لطيبته وزير الداخلية بنفسه سيأخذني بسيارة إلى المستشفى، شعرت ببعض الفخر، ترك ذراعي وخرج إلى الشارع ثم عاد بأقصى سرعة وهو يبكاد لا يصدق ما يحدث:
مجانين، كادوا يضربونني رغم أني قلت لهم أني أنا الوزير" ،
نظر إلي وقال :
أنت تنزف لا بد أن نخرج بسرعة ..
خرجنا نتسلل بهدوء وهو ممسك بي من ذراعي، إلى أن وصلنا شارع موريتانيا بالعاصمة، هناك أوقفنا سيارة أجرة وركبنا حين قذفت بنفسي بداخلها وركب الوزير من الأمام وصلني أريج عطر نسوي لم التفت للجالسة جنبي، ولكنها صرخت بقوة:
يا إلهي أنت كلك دم.. هل ارتكبت جريمة أم في حقك ارتكبوا جريمة ؟
التفت الوزير ورد نيابة عني:
لقد انهالوا عليه الشرطة بالضرب..
فصححت له:
كلا إنه شرطي واحد فقط، ولكن الوزير لم يهتم لكلامي وبدا ينظر للسيدة الجالسة جنبي وسألها ما الذي أتى بك إلى هنا أنت أيضا ؟
حين التفت وجدتها وزيرة الثقافة خليدة تومي، لم اصدق ما أرى اليوم، الظاهر أن ثمة خلل حدث في العالم وثمة تغير في الكون، ثمة تغير بداخلي، في عقلي، في نفسي، أكيد أن خطب ما يحدث ولا اشعر به، ولكنها لم ترد على وزير الداخلية وطلبت من السائق أن يوقف الأغنية قالت له:
أوقفها من فضلك فقد افسدوا بداية يومي..
كانت الأغنية من النوع سطايفي، وربما كانت الوزيرة ترقص كعادتها، ولكن لا أعرف ما يحدث فعلا، الأمر فعلا محير ، الظاهر أني في حلم، وبدأت استرجع بداية يومي، وبدا شريط الساعات الماضية يمر أمامي، استيقظت صباحا، تناولت حليبا كالعادة ببعض من قطع " البراج" ركبت الحافلة واتصل بي رئيس القسم علي ياحي يطلب مني أن لا ادخل مقر الجريدة وأتوجه رأسا إلى الاعتصام في محيط البرلمان، ثم تقدمت من الاعتصام ثم ضربني أحدهم بهراوة على رأسي .. "لا لا الأمر ليس حلما لو كان حلما لكنت استيقظت مع قوة الضربة" لم انتبه إلا وهاتفي يرن وعلي ياحي يسألني عن سبب عدم الرد وما الذي يحدث، لم أجد ما أجيب به، ولو حكيت له أني في سيارة أجرة أمامي وزير الداخلية وجنبي وزيرة الثقافة، سيعتقد أني استهزئ به وأخشى أن يرد علي هو أيضا بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينتظرني في مقر الجريدة، أقفلت الخط مباشرة حتى لا أصاب بجنون، ابتسمت معالي الوزيرة وقالت:
حسن فعلت لا داعي للرد انهم مجرد صداع فقط..
أشعلت سيجارة وبدأت تحدث نفسها:
أنتظر الانتخابات بشغف فقد كرهت المسؤولية والمهرجانات وثقافة بلا مثقفين،
فرد عليها الوزير:
ليتهم أخروها قليلا حتى تهدأ الأمور
لكنها خالفت رأيه وردت عليه :
بالعكس لو تم تقديمها أفضل، فقد سحبوا منا سياراتنا وحراسنا الشخصيين وصرنا مثلنا مثل الناس نركب سيارة أجرة..
استطعت أن افهم الحكاية والظاهر أن الطاقم الوزاري سيعيش فترة معينة قبل الانتخابات لا يستعمل أفراده وسائل الدولة، كم هو رائع يعني الوزير يصير مواطن لبعض من الأيام، وضحكت بخبث، فانتبهت لي الوزيرة وشعرت أنها تفطنت لي وردت بحنق:
كان الأفضل أن تنظر إلى حالك قبل ان تضحك علينا ..
ولكن الوزير كان كريما جدا ورد عليها:
لا ذنب له هو جاء للتظاهر ويطالب بحقوقه، نحن لدينا مشكلة لا يوجد لغة حوار ولا أحد يثق في الآخر، ولكني صححت له:
أنا صحفي معالي الوزير جئت لتغطية الحدث فقط..
صمت الوزير طويلا ثم علا صوته:
لقد أمرتهم كذا مرة أن لا يتدخلوا في شؤون الصحفيين كم علي أن أعيد الكلام، كم علي أن انشر تعليمات..
ردت عليه خليدة وهي تنفث دخانا من منخريها وفمها:
لا تتعب نفسك لا أحد يستمع حين تنفلت الأمور لا تفرق قوات مكافحة الشغب بين مواطن وعابر طريق، وصحفي ومتظاهر، ثم لماذا يقحم هو نفسه في المشاكل.
رديت عليها بحدة:
إنه عملي..
نظرت إلي نظرة إلي نظرة فيها الكثير من الاستعلاء وردت بعدما أدارت وجهها عني: انظر إلى عملك اين أوصلك،" شه فيكم أنتم الصحفيين"..
لم أعلق على كلامها فهي مهما كانت قاسية معها كل الحق فنحن معشر الصحفيين أرذل القوم في هذه البلاد ليس لأن الحكومة لا تبالي بمطالبنا، بل لأننا مجموعة من الناس أغلبهم يصلون بلا وضوء ، مجرد أبواق فيهم الكثير من الحثالة، يكفي أن تنظر إلى أحدهم حتى تبصق عليه دون أن تريد، وأنا غارق في زحمة السير، طلب الوزير من السائق أن يتوقف، نزلنا في شارع حسيبة حاول الوزير أن يدفع للسائق فرد الأخير بأنه لا يملك فكة ألفين دينار، ولكن وزيرة الثقافة طلبت من الوزير أن يأخذني إلى المستشفى ولا يحمل هم الدفع، نظرت إلى الشمس فكانت حسب موقعها لا تبدو أنها أشرقت من مغربها ، لأن ما أعيشه لا يحدث إلا مع إشراط الساعة، ولكن الأمر يحدث فعلا وأنا أعيشه الآن، ما زال الوزير يمسك بي من ذراعي، شعرت أن حالتي أثرت فيه كثيرا وأدرك معاناتنا، التفت إلي و قال معاتباك:
هل أعجبك حالك وأنت هكذا بهذا المنظر، لماذا لا تقم بعملك دون أن تعرض نفسك للخطر ..؟ لم أجد ما أرد عليه لأني أعرف أني في المرة القادمة سأقوم بنفس العمل إنها حكاية لا تنتهي على كل حال، وصلنا إلى الاستعجالات الطبية، فطلب الوزير من أحد الممرضين أن يهتم بحالتي، فرد عليه الممرض بتأفف :
اصبر يا الحاج ما الذي يقلقك" ..
صمت الوزير قليلا، ثم التفت إلي، ثم صرخ:
إنها استعجالات يا هذا فكيف علينا أن نصبر، رد الممرض:
هؤلاء كلهم مستعجلين ولكنهم ينتظرون، ربما ساعة ربما أكثر ربما يوم ربما أكثر..
فاستغربت من الممرض كيف يكلم وزيرا بهذا الشكل، الظاهر أنه لم يعرفه فالناس هاجرت السياسة ونشرة الأخبار من زمن بعيد ولم تعد تحفظ الوجوه لكثرة المسؤولين وتبادل المناصب، حين التفت لوزير وجدته قد أخرج هاتفه النقال وراح يتحدث، حين انتبهت لحديثه وجدته يكلم وزير الصحة جمال ولد عباس، ويستغرب ما يحدث، ثم اقفل الخط، ومسكني من ذراعي مرة أخرى، ولكن هذه المرة لم أرغب في أن أكون منقادا وكفى، وسالت الوزير بلطف:
إلى اين معالي الوزير؟
ضحك بسخرية ورد علي:
وهل بقي فيها معالي وزير يا بني بعد الذي يحدث لنا ..؟
سرنا قليلا ثم توقفت وكأني أريد منه إجابة، تقدم مني وقال لي بهدوء:
اتصلت بوزير الصحة وهو موجود في جناح الأطفال أتى بحفيده للعلاج، سنذهب لزيارة حفيده ونرى ماذا يمكن أن يفعل فهو المسؤول الأول عن القطاع..
تحركنا وبدأت اشعر بالدوران خاصة وأن النزيف لم يتوقف، حين وصلنا الى جناح طب الأطفال وجدنا ولد عباس في انتظارنا في المدخل ممسكا هاتفه النقال في يده ويبدو عليه علامات الغضب، صافح الوزير وصافحني وبدا أنه اندهش لحالتي ولكنه لم يبدأ بالحديث عني بل بدأ يشكو للوزير الأوضاع المهينة هنا وأن حفيده مصاب بنزلة برد و لولا أنه جاء بنفسه ووقف على الحقيقة لما صدق ما يحدث، المشكلة الآن أني أنا الذي لا اصدق ما يحدث والظاهر أنني فعلا أعيش قيام الساعة فقط ما تزال الشمس لم تغرب من مشرقها وتشرق من مغربها، والآن لا بد أن افهم كل شيء، وصرخت :
" ما الذي يحدث اليوم ؟"
انتبه الوزيران وسال وزير الصحة زميله وزير الداخلية:
من هذا ؟
رد عليه وزير الداخلية:
صحفي تم ضربه من طرف قوات مكافحة الشغب..
ومرة أخرى صححت له :
بل شرطي واحد ضربني بهراوة .. شرطي واحد فقط..
قلت ذلك بتثاقل كأني مللت من إعادة الجملة في كل مرة يسالني أحدهم عم الذي حل بي لم ينتبه الوزيران لكلامي وواصل وزير الداخلية:
المشكلة أننا ذهبنا لجناح الاستعجالات فلم يهتموا به..
طلب منا وزير الصحة أن نبقى هنا لحظة، ولكن وزير الداخلية طلب من زميله في الحكومة أن يمكننا من الاطمئنان على الطفل، رد ولد عباس بأن حفيده بخير :
حالته عادية إنها نزلة برد خفيفة ، المشكلة في الشاب الذي معك والذي يجب أن نطمئن عليه.
كلاهما امسك بيد مني، كنت أسير ومرة على مرة أنظر في وجوه الناس وكأني اسألهم لا تبالوا أنا أحلم فقط ولكنه لم يكن حلم على كل حال .. الجملة الأخيرة كنت أرددها في نفسي، ما إن دخل وزير الصحة جناح الاستعجالات حتى بدأت الحياة تدب فيها وظهر الملائكة بلباس ابيض مع العلم أنهم قبل مجيئه كان ثمة رجل ذلك الممرض الذي كلمنا في أول مرة الصراحة شعرت من رهبته حتى وان ارتدى مئزرا ابيضا أنه خطاف الأرواح، أو أنه غاسل الموتى، وبدأ الناس يشعرون أن الكثير تغير والمعاملة تغيرت، ولم انتظر كثيرا حتى وجدت أكثر من طبيب وطبيبة ينزعون عني قميصي ويطببون راسي ويشرعون في تقطيبه، ووزير الصحة يتابعهم ومرة على مرة يقول لهم :
.. بهدوء..بهدوء حتى لا يشعر بالألم..
ولكني لم أكن اشعر به، لم استغرب عدم شعوري بالألم، ولكن استغربت أنهم لم يطلبوا مني شراء الخيط والإبرة لتقطيب الجرح كما يفعلون في العادة، وحين انتهوا كتبت لي طبيبة وصفة دواء، كنت أعتقد أنها ستسلمني إياها ولكنها سلمتها لزميلة لها خرجت بسرعة ثم عادت بالدواء، وراحت تشرح لي كيفية تناوله، لم يحدث هذا من قبل معي، سألتها:
هل تقدمون الدواء للمرضى هكذا دوما؟
ردت بابتسامة ساحرة وجميلة هذا إجراء نعمل به على الدوام ..
لم أجد ما ارد به سوى الصمت مثل الأبله فالصراحة جمالها يلجم اللسان، والواقع الذي أعيشه يفقدني القدرة على طرح أسئلة أخرى، ربما كنت من قبل أحلم أن الأوضاع سيئة والآن استيقظت من كابوس، لا أعتقد أن الأمر مجرد خيال فـأنا استطيع أن المس الجرح في رأسي وكلما ضغطت عليه اشعر بالألم الأمر إذا حقيقة وليس خيالا، ما الذي يحدث هل قامت الساعة ؟ لست أدري.
انزوى الوزيران جانبا وسمعت كلاهما يتحدث للآخر عن عظمة المسؤولية التي يحملانها والكل يقسم بأنه بعد الانتخابات سيذهب للتقاعد ويرتاح، ولكني لم أكن أريد أن يخرجا للتقاعد إن كانت الأمور تسير بهذا الشكل، المهم أعطاني وزير الصحة ألف دينار، وسألني إن كان يمكن أن أذهب بمفردي إلى البيت، اعتذرت له عن أخذ الألف دينار وقلت له بأني يمكن أن أذهب وحدي ضحك الوزير وزميله ورد ولد عباس:
الظاهر أن الضربة قوية على رأسك، الألف دينار لك ألا ترى بقع الدم فيها لقد سقطت من قميصك..
أخذتها منه وشكرته، وانصرفت لحال سبيلي لا أعرف حتى ما يحدث من حولي، خرجت من مستشفى باشا الجامعي نحو شارع حسيبة وتوجهت رأسا نحو محل بيع الملابس الرثة كي اشتري قميصا جديدا، دخلته وجدت بعض الناس فيه، اخترت لي قميصا قديما وارتديت تلك الأسمال وما أن خرج راسي من العنق حتى رأيت مشهدا أغرب من المشاهد الأخرى، فقد كان وزير التجارة مصطفى بن بادة يختار معطفا له ويسأل البائع بأن يخفض له السعر، هذه المرة كان علي الخروج بسرعة الظاهر أن العالم من حولي جن أم تراني أنا جننت، بن بادة بشحمه ولحمه، يبحث عن معطف بين الملابس الرثة ويسأل البائع أن يخفض له في السعر..؟ لا لا ، ثمة شيء غريب في الحكاية، ولكن ربما وزيرة الثقافة خليدة تومي معها حق، فقد منعت الحكومة عن طاقمها كل الوسائل من أجل أن لا يستعملوها في الانتخابات، لكن رغم هذا فما أشاهده لن يحدث، ولا يحدث، ولكني لا أحلم والشمس لم تشرق اليوم من مغربها، والظاهر أني نمت طويلا واستيقظت على الحقيقية وما عشته من قبل لم يكن سوى كابوس حلم مرعب جعلني أحلم بأن الطاقم الحكومي ليسوا كما البشر، لأن الواقع يقول أن البشر كلهم بشر حتى فرعون كان بشرا وإن لم يكن بشرا سويا واليوم أنا أعيش الحقيقة، لا افهم ما يحدث، علي أن أخرج بسرعة .. علي أن أتوجه إلى محطة الثاني من ماي وأعود إلى البيت، دفعت حق القميص وخرجت كمن به مس من جن أركض في الزقاق اصطدم بالناس بجنون، من يدري ربما أدخل إلى البيت أجد أمي ليست هي أمي، وإخوتي ليسوا هم إخوتي وابي ليس هو أبي ربما لا أجد كل هؤلاء يا للهول ماذا لو كان الأمر كله حقيقة، لكنه حقيقةن حقيقة فرأسي يؤلمني فيه جرحه بشدة بعدما زال المخدر، هاتفي يرن مرة أخرى إنه رئيس القسم علي ياحي، اللعنة كيف يكون علي ياحي في حلم
سابق وواقع لاحق، او في حلم لاحق وواقع سابق، ما الذي يحدث بحق السماء ..؟
../.. يتبع











