دعاة الفتنة. للشيخ محمد الغزالي.
18-07-2013, 09:10 PM
دعاة الفتنة
للشيخ محمد الغزالي

قسوة القلب وعماه لعنة إلهية تهبط على رؤوس الناقضين للمواثيق ، المارقين من التقوى ، اللاعبين بالإيمان ، قال تعالى :]فبما نَقْضِهِم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبَهُم قاسية [ "المائدة: 13" .
ومظهر القسوة في سلوكهم اعتداد بالشخصية لا يعرف التواضع ، وميل إلى اتهام الغير لايقبل العذر ، وفرح بافتضاح المخطئين مليء بالشماتة .
وتلك كلها خِلال تنافي الإيمان ، فالإيمان إنكار للذات ، وحب للغير ، وستر على المخطئ ، وسعي لإقالته من عثرته ، وسرور غامر بتوبته .
الإيمان توقير للكبار ورحمة بالصغار وتكريم للعلماء.
الإيمان سعادة بالرخاء يشيع بين الناس ، وألم للكوارث التي يقطب لها الجبين ، ولو كان هذا أو ذاك خبرا ينقل لا علاقة لشخصك به .
لقد عناني أمر العلل النفسية أو معاصي القلوب لأني اكتويت بنارها ، ورأيت من أدعياء التدين ما يدعو للجزع .
اتهمني أحد الناس بإنكار السنة ! قلت : ويحك ما تقول ؟ قال : رفضت حديث مسلم في تعذيب "عبد الله " والد الرسول صلى الله عليه وسلم !.
قلت :ثم ماذا ؟ قال : ورفضت حديث البخاري في المعراج الذي يقول :"دنا الجبار فتدلى" ، وقلتَ : الذي دنا الملك جبريل.
ثم ماذا ؟ قال : ورفضت حديث البخاري :"أن الرسول أغار على بني المصطلق وهم غارُّون " بحجة أن إعلان الحرب لم تسبقه دعوة إلى الإسلام مع أن الحديث نصَّ على أن الدعوة ألغيت ، وأن الحرب تعلن دون دعوة .
ثم ماذا ؟ قال: وأنكرت حديث أنس :"ما من يوم يجيء إلا والذي يليه شر منه" وهو من رواية البخاري .
قلت : أبقي لديك شيء ؟ قال :لا ، وماذا بعد هذه التي تكشف حقيقتك ، وتسقط مكانتك ؟.
قلت :إن لي من ستر الله ما يحميني إن شاء الله ، وعليك – أنت وأمثالك – من خذلان الله ما يطفئ ناركم ، ويقي الناس أحقادكم .
لقد ذكرت تهمة كبيرة ، ولم تجئ عليها بدليل. إن رد حديث ما لعلة فيه ، أو لدليل آخر من الكتاب والسنة لا يسمى تكذيبا للسنة ، إنه دفاع عن السنة وتصحيح للتراث سبق إليه جمهور الأئمة ، ولا أطيل بعرض الأمثلة ، وإنما أكتفي برد ما قلته عني .
أما حديث مسلم في تعذيب أب النبي صلى الله عليه وسلم فقد رجحنا عليه الآية :]وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ["الإسراء :15" .
وقد روى مسلم أن صلاة السفر ركعتان وصلاة الخوف واحدة . وذهب الجمهور إلى غير ذلك ، فرأى أن صلاة الخوف ركعتان في الرباعية والصبح ، وثلاث في المغرب ، مرجحاً السنن الأخرى إلى آية صلاة الخوف في سورة النساء . ولم يتهم الذين ردوا حديث الركعة الواحدة بشيء !!
أما القول بأن الذي دنا و تدلى هو الله سبحانه فإن ذلك خلط من الراوي شريك عن أنس بن مالك وقد تعقب العلماء البخاري في هذه الرواية وردوها ولم يتهم أحد بشيء .
وأما القول بأنه لا دعوة إلى الإسلام قبل إعلان الحرب فرأي منكر ، توهمه أحد الرواة وليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد صحت الأحاديث والتطبيقات الإسلامية بضرورة الدعوة قبل القتال.
من أجل ذلك قلنا : إن حديث البخاري يجيء في المرحلة الأخيرة من المعركة ، ولا يصح سوقه في وصف الدور الأول منها.
وأخيراً حديث أنس :"ما من يوم يجيء إلا والذي بعده شر منه" لقد رجّحنا عليه حديث: "أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره " وحديث : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لايضرهم من عاداهم حتى يأتي أمر الله " وسنناً أخرى كثيرة.
وأريد أن أسأل : ما غرامكم في القول بأن الأمة الإسلامية في هبوط مستمر ، وأن كل يوم يجدُّ يقربها إلى الهاوية ؟ وما غرامكم في القول بأن المحاربين المسلمين قطّاع طريق يغيرون على الناس فيأخذونهم على غرّة ؟ وما غرامكم في القول بأن الله هو الذي نزل بالوحي على نبيه لا جبريل ؟ وما غرامكم في ملء المجالس بأن والد محمد صلى الله عليه وسلم في النار ؟.
إنكم في الفقه أصفار! لا في العير ولا في النفير ، وهذا الجهل مقبحة محدودة ، أما المقبحة التي لا تحدّ فهي اشتهاؤكم لذم الناس ، والتماس العيب للأبرياء .
إنكم تنطلقون كالزنانير الهائجة تلسعون هذا وذاك باسم الحديث النبوي والدفاع عن السنة !.
ونحن نعرف أن آباءكم قتلوا علياً باسم الدفاع عن الوحدة الإسلامية ، وقتلوا عثمان باسم الدفاع عن النـزاهة الإسلامية ، وقتلوا عمر باسم الدفاع عن العدالة الإسلامية ، فيا أولاد الأفاعي إلى متى تتسترون بالإسلام لضرب الرجال الذين يعيشون له ويجاهدون لنصرته ! ولحساب من تكنون هذه الضغائن عليهم ، وتسعون جاهدين للإيقاع بهموتحريش السلطات عليهم ؟.
وقد ألَّف شخص مخبول رسالة زعم فيها أني أحارب السنة متأثرا بتعاليم المستشرقين وأعداء الإسلام ! و بذل جهوداً هائلة في توزيعها بالمجان هنا وهناك ! ترى من وراء هذه الحملة ؟ لم أجد شيئا أقوله إلا ترديد الحديث الشريف :"إذا لم تستحِ فاصنع ماشئت ".