وما تدري نفس بأي أرض تموت!
24-06-2015, 03:05 PM
وما تدري نفس بأي أرض تموت!
بقلم الأستاذ:" الهادي الحسني".
أحيانا يكتب كاتب أو يقول قائل كلاما من بنات فكره أو رواية عن غيره يحسبه هيّنا وهو عند الله عظيم، كأن ينسب إلى عبد من عباد الله معرفة الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل: "قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله"، ومن هذا الغيب الذي علمه عند ربي ما نص عليه القرآن الكريم في خواتيم سورة لقمان.
وجدت في كتاب "بحوث وقراءات في تاريخ الجزائر العام. ج 1" للأستاذ خالد بوهند، من جامعة سيدي بلعباس، كلاما لا يجوز قوله منسوبا إلى الشيخ سي التاج بلحرمة، فإن ألقى الأستاذ معاذيره بأنه مجرد راو، وراوي الكفر ليس بكافر، فقد كان لزاما عليه أن يستدرك على مثل ذلك القول، حتى لا تروج تلك الأقوال بين العامة منسوبة إلى "سيدي فلان، أو سيدي علان" الذي قد يكون بريئا منها، خاصة أنها تمرّر تحت غطاء "الكرامات" التي لا ننكرها، ونحسن الظن بالناس، ولا نزكي على الله أحدا.
تكلم الأستاذ عن هذا الشيخ "سي التاج بلحرمة"؛ ميلاده، ونشأته، وتعلمه، تم تحدث عن جهاده منذ التحاقه بالمجاهد الشيخ بوعمامة في 1881، وملازمته له حتى أتاه اليقين في سنة 1908.
هنا قرر بلحرمة أن يتفرغ ـ كما يقول ـ "إلى الأمور الروحية"، فأسس زاوية كبيرة بالمكان المسمى "الحصيبة"، لموقعه الهام، ولما أصاب سكانها من داء "خصوصا أنه كان صاحب كرامات وأسرار غامضة، علمها إياه شيخه بوعمامة". (ص111).
لقد اشتهرت هذه الزاوية بـ "إطعام الفقراء، والتكفل بدفن موتى المسلمين.. ومعالجة المشاكل التي كانت تحدث بين الجزائريين والأوربيين وحتى اليهود، حتى لقبت "دار الشرع" (ص112)، وإن لم نسمع أن النصارى يتحاكمون إلى "الشرع" (!) الذي ما جاءوا إلاّ لمحوه.
لم تسمح فرنسا للشيخ بلحرمة بتأسيس زاوية إلا بعدما أخذت عليه موثقا ألّا يخوض فيما يزعجها، وقد أجابها إلى ما طلبت، فهي تعلم أنه من أقارب الشيخ بوعمامة وأنه كان معه.
أما غير المقبول شرعا ولا علما فهو مارواه الأستاذ عن أقارب الشيخ بلحرمة من أنه "قبيل وفاته استدعى (كذا) ابنه "سي الطيب وقال له بأنه سيموت يوم الاثنين 9 مارس 1944، وستسقط في ذلك اليوم أمطار خفيفة وثلوج وأمره أن يدفنه داخل زاويته، وذكر لابنه أيضا أنه سيموت بدوره في تاسان (حاسي زهانة) يوم 14 أفريل 1968، وأن عليه أن يوصي بدفنه بجوار أبيه، وفعلا حصل ذلك" (ص 114). والعجيب هو أن الأستاذ أخذ الرواية مسلّمة لا شية فيها، فلم يعلق بكلمة، والأعجب ـ كما روى ـ أن الضباط الأمريكيين الذين نزلوا في الجزائر في أثناء الحرب العالمية ii سألوه عن نتائج تلك الحرب فامتنع أن يخبرهم بها مع علمه بذلك!! (ص114). وكم تمنينا لو "أطلعنا" الشيخ "ذو الكرامات" بتاريخ طرد الفرنسيين من الجزائر واستعادة استقلالها. لقد صدق الرصافي في وصفه للمسلمين: "أكبر مظلوم عندهم هو العلم"، وأزيد عليه: "والدين".







