كن راضيا عن نفسك أولا (الشعور بالحرية)
04-06-2008, 06:45 PM
لأبي الزبائد عبد اللطيف بن محمد بن عبد الله بن العربي الزبيدي التوزري
تقصير المتنبي
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟
حدث المصنف قال: هناك أمور تبدو غير قابلة للحل، مثل ذيل الغزال، تضعه مائة عام في قالب لتقويمه، حتى إذا أخرجته بعد قرن عاد إلى سيرته الأولى! أمور كيفما قلبتها ظلت فاسدة المزاج، ليس لها علاج، على حد تعبير الغزالي.
تريد أن تقول لشخص تحترمه: سأحدثك بشيء يميتك ضحكا، ثم تقول في نفسك: لعله يقشعر بدنه إذا سمع "يميتك". وتتساءل في براءة الأطفال: لم لا اقول له: سأحدثك بشيء يحييك من شدة الضحك. لكن المسآلة صارت مشكلة أسوأ، فقد اعتبرته ميتا أساسا وأنت تدعي أنك قادر على إحياه مثلما فعل عيسى عليه السلام. تدعي النبوة؟ أقل جزاء: الإعدام! لكن، هل يمكن أن تحل المشكلة وتخرج من المأزق بقولك له في منتهى السذاجة: سأروي لك شيئا لا يميتك ولا يحييك من شدة الضحك! ... منتهى الغباء! سيرميك حقا بالغباء وأنت في غنى عن هذه الصفة. ما الحل إذن؟ هل يمكن أن تقول له: ساقول لك شيئا يميتك ويحييك أو يميتك أحيانا وأحيانا يحييك من شدة الضحك! أسوأ وأسوأ من الكل، لأنه سيصمر في نفسه أنك تستحمره وتستبغله! أمور ما لها حل!
فكر معي جيدا في إيجاد حل لهذا البيت لأبي الطيب، بيت عنيف جدا، كارثة:
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟
أغاية الدين أنتحفوا شوتاربكم
اليوم، ولكوننا في القرن العشرين، أي بعد المتنبي بألف سنة، لا نسمح بمثل هذا الكلام، يجب أن نفرض رقابة على شعر أبي الطيب، خاصة وأن أفكار هذا الشاعر أخطر على المجتمع من مجلات "بلاي بوي". اليوم، ليست الأمور سائبة مثلما كانت في تلك الفترات التي كان الكتاب والشعراء يتمتعون فيها بما يسميه "زعران" الوسط الثقافي اليوم: حرية التعبير. حرية التعبير فوشى؟
الشعراء أحرار طبعا في قانونا اليوم، هل صدر قانون يحظر عليهم التغني بالبلابل والسنابل؟ وخرير المياه؟ وحفيق الشجر؟ غمز النجوم وضحك القمر؟ هل هناك شعر غير هذا؟ الباقي كله ينزمه الحزب! ومنا عليكم السلام
حرية التعبير، لو أطلق العنان للناس ولم توضع لكل دابة آدمية شكيمة أو رسن أو خطام أو رمة أو سلسلة في رقبة، لتكسرت النصال على النصال، ولقامت القيامة. حرام! الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، هكذا اوسى الحكماء!
المهم، الآن، هو كيف يمكن أن تعالج بيت شاعرنا الكبير فإن هذه الحدة لا تتماشى مع ظروفنا اليون. عجبا! كم كان الناس متخلفين في عصره! كانوا يسمحون بمثل هذا الخروج على المقررات؟ أناس بلا انضباط .. فوضى .. هرج ومرج
اليوم، والحمد لله، تنعم دول كثيرة بتقنين الكلام، تماما مثل المواد الإستهلاكية في زمن الحرب، الكلام أيضا مادة استهلاكية، وهذا هذا
تأمل الاذاعات كلامها كله ينتهي وجوده بمجرد بثة، حياة الكلام الإذاعي تحسب بسرعة الضوء، في لمح البصر تكون الكلمة قد ولدت وماتت، ولا يحتفظ بها اللسان، ولا حتى أرشيفات الإذاعات نفسها، لهذا، إهتدى خبراء الإذاعات العربية إلى ضرورة بث أي كلام فارغ، لماذا يتعبون أنفسهم؟ لماذا يفكرون في التطوير ومواكبة العصر، إذا كانت المواد تمود تورا ولا تعود أبدا؟
على كل، هواة الكلام لن يعدموا الحيلة والوسيلة وحرية التعبير، تريد أن تقول ما تشاء؟ اذهب إلى البحر وبح بلأمواج بما تشاء مثل ذلك اليوناني الذي تعلم الخطابة أمام خضة الأمواج. اصعد إلى الجبل، أي طور في أية سيناء. اهجر الناس ولا تكلمهم أرعين يوما. قل ما شئت للصخور، فإنها أهش وأبش من صخور القلوب، فإذا عدت ووجدت الناس يعبدون عجل الهزال الفكري، ولا يعرفون رغم كل تراثهم وميراثهم حتى كيف يميزون بين الأبيض والأسود، فلا تتشاءم كثيرا، لست موسى! زز أمور ما لها حل
تأمل سخرية القدر في السودان، كان ذات يوم أكبر أمل للأمة العربية في الخلاص من الفقر الغذائي، الأمل الوحيد في تحقيق الإكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، في السكر والحنطة على أقل تقدير، هو اليوم أسوأ حالا من أثيوبيا، أسوأ حتى من قبائل الوولو في الحبشة!
كيف نحل مشكلة أبي الطيب؟ فالمتنبي حبيبنا ونريد لمشكلته حلا، دون أن يدخل السجن أو يضطر إلى العودة إلى أ؛ضان كويفير
ماذا نقول
يا أمة ندبت من جهلها الأمم؟
أغاية الدين أنتحفوا شوتاربكم
صارت المسألة أسوا! ... أبو الطيب، إنسان طيب، حسن النية، وككل مؤمن، غر كريم، رغم أن البعض يريدون الطعن والتشكيك في إيمانه لإلحاقه بزنادقة الإسلام: أبي حيان التوحيدي، أبي العلام المعري والراوندي
لقد كان أبواه راضيين عنه، وإلا لو عاش في القرن العشرين لحلقوا حاجبيه لا شاربه فقط!
في أي مكان يستطيع اليوم أبو الطيب أن يقول:
بأنني خير من تسعى به قدم
ليعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
لو كان لسيف الدولة مسدس، هل كان يضربه بمحبرة؟ الحمد لله على أن المسدسات وجدت بعد الملك الحمداني. لكن، لماذا اكتفى سليل تغلب الغلباء بالمحبرة؟ آنذاك، كان النطع والسيف موجودين. وما أكثر الجلادين، آنذاك طبعا.
سابقة تسامح غريبة، غير مقبولة في عصرنا! شخص يقول مثل ذلك البيت ولا يضرب إلا بمحبرة قد يستغلها هي نفسها في كتتابة قصائد عديدة معادية! كيف إذن نحل مشكلة بيت المتنبي؟ هل نقول: "يا أمة ندبت من علمها الأمم؟"، أسوأ واسوأ!
كان المتنبي يحمل يوبرمانا في جمجمته، وكان يريد أن تشاد الدولة علعربية على السيوف.
والموت عند محبيهن كالعسل
أقوى الممالك ما يبنى على الأسل
أرجو أن تسحب الرقابة العربية، في كل شبر من وكننا العربي الكبير، كل نسخ ديوان المدعو المتنبي وتجري التعديل التالي على المطلع، هكذا طبقا لما تقتصيه المصلحة العالم:
وكل ما دونه: كالثوم البصل
أحلى الممالك ما يبنى على العسل
ولا مانع من التعديل على النحو التالي:
فلا تفكر على الإطلاق في العمل
أبقى الممالك ما يبنى على الأمل
تقصير أبي الطيب أوضح من الشمس، فكيف نخفف من حدة البيت إياه؟ هل نقول:
يا أمة ضحكت من علمها الأمم؟
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
أسوأ ... أسوأ ... وأسوأ!
من مواضيعي
0 المقال الذي فجر ثورة المصريين
0 أين محمد حسان ومحمود المصري وحسن يعقوب وو
0 أين محمد حسان ومحمود المصري وحسن يعقوب وو
0 فقاعات في تونس
0 ساويرس مطرود من الجزائر لماذا ؟؟؟؟؟
0 الإرهاب التجاري
0 أين محمد حسان ومحمود المصري وحسن يعقوب وو
0 أين محمد حسان ومحمود المصري وحسن يعقوب وو
0 فقاعات في تونس
0 ساويرس مطرود من الجزائر لماذا ؟؟؟؟؟
0 الإرهاب التجاري







