أوقفوا التغبية!
07-02-2015, 08:34 AM
الكاتب:
جمال لعلامي
روائح الإضرابات والاحتجاجات، عادت إلى قطاع التربية، أو بالأحرى لا تـُريد أن تغادر أنوفها، ولا ندري إن كان المشكل في حوار الطرشان بين الوصاية والنقابات، أو في منطق ليّ الذراع الذي قد يتهم به الأولياء والتلاميذ، الطرفين بممارسته كلعبة إدمان؟
دون شكّ من حقّ النقابات أن تختار طريق "العصيان" مع الحفاظ على "الحدّ الأدنى" من الخدمة، لكن هل هناك حدّ أدنى للخدمة في قطاع التربية؟..لا أعتقد، فالذي يُواجهه القطاع، منذ الدخول المدرسي في سبتمبر الماضي، هو امتداد لسنوات من المواجهة المفتوحة، التي لم يستفد منها التلميذ أبدا!
لم تتعايش النقابات مع عدّة وزراء تداولوا على حقيبة وزارة التربية والتعليم، مثلما لم تتوقف الحركات الاحتجاجية ولغة التهديد والوعيد والضرب تحت الحزام واستعمال التلاميذ كرهائن ودروع بشرية، فكلّ "معسكر" يتهم الطرف الآخر بـ"تغبية" المنظومة التربوية!
الأكيد أن هناك الكثير من الملفات التي تطرحها النقابات لم تسوّ رغم سنوات من النضال والمدّ والجزر، لكن بالمقابل، الأكيد أيضا أن هناك الكثير من الملفات التي سوّيت وطويت، لكن مع ذلك مازالت تـُطرح كلما تجددت المطالب وتحضر في كلّ تفاوض!
الآن، المشكل إمّا في نقابات لم تقنع فلم تشبع، وإمّا في وصاية تعد وتخلف، وتحلف وتحنث، وبعدها من الطبيعي أن تتحوّل المدارس إلى "فئران تجارب"، والتلاميذ إلى "ذخيرة" يستعملها المتحاربون في كلّ معركة لا ناقة فيها ولا جمل لهؤلاء الضحايا ممّن ذاقوا ويلات التوقف عن الدراسة!
المدارس على موعد هذا الأسبوع مع إضراب جديد ومتجدّد، ترفع فيه النقابات مطالب جديدة قديمة، إمّا أنها سوّيت بطريقة لم تعجبها ولم ترضها، وإمّا أنها سوّيت نظريا ولم تسوّ تطبيقيا، وإمّا أنها لم تسوّ أصلا لأسباب تراها الوزارة المعنية أنها تعجيزية ومبالغ فيها وغير مشروعة!
إن الحركات الاحتجاجية، مهما كان لونها وأصلها وفصلها وهويّة أصحابها، هي مؤشر على "مرض" يجب مداواته، بالأدوية المناسبة، وبعيدا عن علاج المرض المزمن بأقراص الأسبيرين، وإن اقتضى الأمر فإن آخر العلاج الكيّ، وليس في ذلك تعذيب للمريض بقدر ما فيه بحث عن إراحته من الأوجاع!
نعم، منذ كنـّا تلاميذ في ابتدائيات الزمن الجميل، والإضراب جزءا لا يتجزأ عن مدرسة تعدّدت وتجدّدت و"تمرمدت" عبر مختلف المراحل والأزمات، فأين هو الخلل، ولماذا يستمرّ هكذا الداء، وهل تحوّل إلى وباء، ومن هو الطبيب الذي بإمكانه وقف النزيف؟









