هل طعن ابن خلدون في جنس العرب...؟
11-05-2015, 04:19 PM
هل طعن ابن خلدون في جنس العرب...؟
لقد تكلّم ابن خلدون عن العمران, وما يعرض له من عوامل التقهقر والخراب, وغيرها من المسائل التي أهّلته ليكون أوّل من تعرّض لمسائل العمران والحضارة.
وقد تكلّم عن بعد الأمم البدوية المتوحّشة عن العمران, ومثّل لذلك بأمّة العرب, فجاء بعبارات, تعلّق بها بعض من لم يفهم مراد المؤلّف منها, فجعلها سببا للطعن في ابن خلدون, واتّهامه بالشعوبيّة, أو اتهامه بالتحامل على العرب, كما فعل طه حسين ومحمود إسماعيل, وعبد الله عنان, ولا شكّ أنّ أسباب هذا الفهم, هو تأثّر هؤلاء الكتاب بالإديولوجية القومية النّاصريّة, وتعصّبهم لفكرة الأمّة العربيّة.
في حين كان القرن الثامن لا يعرف هذه العبارة, وأقصد بها عبارة( العرب بالمعنى القومي والناصري ). وإنّما كان مصطلح الأمّة الإسلاميّة هو الدّارج على ألسن مثقفي تلك الحقبة المباركة, وفي الشمال الإفريقي, كان من المعلوم, والمتداول بكثرة هو استعمال كلمة عرب بمعنى البدو المفسدين من بني سلينم وبني هلال , ونجد ذلك في نوازل الونشريسي والبرزلي والمازوني وغيرهم حين يذكرون في باب المحاربين مسألة(إغارة العرب على مدن وقرى المغرب).
تلك الظاهرة التي دفعت ابن خلدون إلى الغوص فيها, وسبر أسباب بعد هذه القبائل عن العمران, وذلك في خضم حديثه عن العمران وما يعرض له من الخراب.
وأثناء محاولة تفسيره مسألة بعد العرب عن العمران والحضارة (أي البدو, وهم أكثر العرب في الجاهلية, وأيضا بعد زوال دولة العرب في منتصف العهد العباسي) جاء بأوصاف لهؤلاء العرب البدو تفسّر ذلك وهي العبارات التي فسّرت بأنها حطّ من العرب وطعن في نبلهم.
ومن المؤسف تغافل هؤلاء عن مسألة نسب ابن خلدون, وكيف أنّه ساق سلسلته لاثبات عروبته, وأيضا كيف أنّ معاصريه ومن ترجموا له, بل وابن الأزرق الذي اقتبس الكثير من مقدّمته, لم يتعرّضوا لهذه المسألة, ولم يفهموا من كلام ابن خلدون طعنا في العرب, وحطّا من منزلتهم, لا لشيء إلا لأنّهم فهموا مراد ابن خلدون.
لذلك سننقل إليكم كلام الأستاذ أبي القاسم محمد كرو عن مراد ابن خلدون بكلمة عرب:
يقول الباحث في معرض تفسير لفظة(عرب) بالمعنى الخلدوني:
1- أن قليلاً من التأمل والفهم السديد لمقدمة ابن خلدون يتضح منه أن ابن خلدون قد استعمل كلمة "العرب" بمعنى "الأعراب"، ومعنى هذا أنه لم يتحامل على العرب مطلقاً بل وصف الأعراب منهم وصفاً قد يكون مصيباً فيه، وقد لا يكون ولكنه في الحالين لم يكن يقصد غير الحقيقة العلمية التي يدل عليها منهجه في المقدمة..
2- إن كلمة "عرب" بمعنى الأمة حسب المفهوم الحديث لم يكن معناها معروفاً في عصره ولا في ما بعد، بل ظهر في العصر الحديث ودخل الفكر والأدب العربيين عن طريق الثقافة الأوروبية. ومعنى هذا أن الأجيال التي جاءت بعد ابن خلدون لم تكن تفهم من كلمة "عرب" أكثر مما فهمه ابن خلدون.
وإذا كانت كل الاتهامات الموجهة لابن خلدون في هذه القضية لم تنشأ سوى عن فهم فاسد لما قصده من كلمة العرب، فإن كل الاتهامات الأخرى ومنها اتهامه بالشعوبية واتهامه في نسبه على نحو ما يذهب إليه طه حسين وأشياعه تصبح باطلة هي الأخرى لأنها قامت على نفس الأساس الواهي الفاسد من الخطأ في الفهم والخطأ في التفسير.
وأضيف إلى كلامه: ما ورد في المقدمة من تفسير لمعنى كلمة عرب بمعنى البدو في مواضع عديدة, منها : قوله: وقد كان المهاجرون يستعيذون باللَّه من التّعرّب وهو سكنى البادية
كما أنّه حين قال العرب أمّة متوحّشة, جاء بما يدلّ على مراده بكلمة(عرب), حين قال: فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة والتغلب، وذلك مناقض للسكون الذي به العمران، ومناف له.. فالحجر مثلاً، إنما حاجتهم إليه لنصبه "أثافي" للقدر.. فينقلونها من المباني ويخربونها عليه ويعدونه لذلك، والخشب أيضاً إنما حاجتهم إليه ليعمروا به خيامهم ويتخذوا الأوتاد منه لبيوتهم فيخربون السقف عليهم.
وبديهي أن مدار البحث هنا لا يتعدى البدو الرحل الذين يعيشون تحت الخيام..
فابن خلدون يصف حقيقة العرب في حالة التبدّي...وشكرا
لقد تكلّم ابن خلدون عن العمران, وما يعرض له من عوامل التقهقر والخراب, وغيرها من المسائل التي أهّلته ليكون أوّل من تعرّض لمسائل العمران والحضارة.
وقد تكلّم عن بعد الأمم البدوية المتوحّشة عن العمران, ومثّل لذلك بأمّة العرب, فجاء بعبارات, تعلّق بها بعض من لم يفهم مراد المؤلّف منها, فجعلها سببا للطعن في ابن خلدون, واتّهامه بالشعوبيّة, أو اتهامه بالتحامل على العرب, كما فعل طه حسين ومحمود إسماعيل, وعبد الله عنان, ولا شكّ أنّ أسباب هذا الفهم, هو تأثّر هؤلاء الكتاب بالإديولوجية القومية النّاصريّة, وتعصّبهم لفكرة الأمّة العربيّة.
في حين كان القرن الثامن لا يعرف هذه العبارة, وأقصد بها عبارة( العرب بالمعنى القومي والناصري ). وإنّما كان مصطلح الأمّة الإسلاميّة هو الدّارج على ألسن مثقفي تلك الحقبة المباركة, وفي الشمال الإفريقي, كان من المعلوم, والمتداول بكثرة هو استعمال كلمة عرب بمعنى البدو المفسدين من بني سلينم وبني هلال , ونجد ذلك في نوازل الونشريسي والبرزلي والمازوني وغيرهم حين يذكرون في باب المحاربين مسألة(إغارة العرب على مدن وقرى المغرب).
تلك الظاهرة التي دفعت ابن خلدون إلى الغوص فيها, وسبر أسباب بعد هذه القبائل عن العمران, وذلك في خضم حديثه عن العمران وما يعرض له من الخراب.
وأثناء محاولة تفسيره مسألة بعد العرب عن العمران والحضارة (أي البدو, وهم أكثر العرب في الجاهلية, وأيضا بعد زوال دولة العرب في منتصف العهد العباسي) جاء بأوصاف لهؤلاء العرب البدو تفسّر ذلك وهي العبارات التي فسّرت بأنها حطّ من العرب وطعن في نبلهم.
ومن المؤسف تغافل هؤلاء عن مسألة نسب ابن خلدون, وكيف أنّه ساق سلسلته لاثبات عروبته, وأيضا كيف أنّ معاصريه ومن ترجموا له, بل وابن الأزرق الذي اقتبس الكثير من مقدّمته, لم يتعرّضوا لهذه المسألة, ولم يفهموا من كلام ابن خلدون طعنا في العرب, وحطّا من منزلتهم, لا لشيء إلا لأنّهم فهموا مراد ابن خلدون.
لذلك سننقل إليكم كلام الأستاذ أبي القاسم محمد كرو عن مراد ابن خلدون بكلمة عرب:
يقول الباحث في معرض تفسير لفظة(عرب) بالمعنى الخلدوني:
1- أن قليلاً من التأمل والفهم السديد لمقدمة ابن خلدون يتضح منه أن ابن خلدون قد استعمل كلمة "العرب" بمعنى "الأعراب"، ومعنى هذا أنه لم يتحامل على العرب مطلقاً بل وصف الأعراب منهم وصفاً قد يكون مصيباً فيه، وقد لا يكون ولكنه في الحالين لم يكن يقصد غير الحقيقة العلمية التي يدل عليها منهجه في المقدمة..
2- إن كلمة "عرب" بمعنى الأمة حسب المفهوم الحديث لم يكن معناها معروفاً في عصره ولا في ما بعد، بل ظهر في العصر الحديث ودخل الفكر والأدب العربيين عن طريق الثقافة الأوروبية. ومعنى هذا أن الأجيال التي جاءت بعد ابن خلدون لم تكن تفهم من كلمة "عرب" أكثر مما فهمه ابن خلدون.
وإذا كانت كل الاتهامات الموجهة لابن خلدون في هذه القضية لم تنشأ سوى عن فهم فاسد لما قصده من كلمة العرب، فإن كل الاتهامات الأخرى ومنها اتهامه بالشعوبية واتهامه في نسبه على نحو ما يذهب إليه طه حسين وأشياعه تصبح باطلة هي الأخرى لأنها قامت على نفس الأساس الواهي الفاسد من الخطأ في الفهم والخطأ في التفسير.
وأضيف إلى كلامه: ما ورد في المقدمة من تفسير لمعنى كلمة عرب بمعنى البدو في مواضع عديدة, منها : قوله: وقد كان المهاجرون يستعيذون باللَّه من التّعرّب وهو سكنى البادية
كما أنّه حين قال العرب أمّة متوحّشة, جاء بما يدلّ على مراده بكلمة(عرب), حين قال: فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة والتغلب، وذلك مناقض للسكون الذي به العمران، ومناف له.. فالحجر مثلاً، إنما حاجتهم إليه لنصبه "أثافي" للقدر.. فينقلونها من المباني ويخربونها عليه ويعدونه لذلك، والخشب أيضاً إنما حاجتهم إليه ليعمروا به خيامهم ويتخذوا الأوتاد منه لبيوتهم فيخربون السقف عليهم.
وبديهي أن مدار البحث هنا لا يتعدى البدو الرحل الذين يعيشون تحت الخيام..
فابن خلدون يصف حقيقة العرب في حالة التبدّي...وشكرا












