مقتل الشيخ جميل الرحمن...نموذج من الإرهاب الحزبي ضد مشايخ السلفية
17-09-2008, 06:55 PM
مقتل الشيخ جميل الرحمن
للعلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد:
فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين ءامنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا[48]}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى[49]}.
وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمره أن يقول الحقّ ولو كان مرًّا. وفي "الصحيحين" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعْنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السّمع والطّاعة في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحقّ حيثما كنّا لا نخاف في الله لومة لائم.

هذه الأدلة تحتّم على المسلم فضلاً عن الداعي إلى الله أن يقول كلمة الحق في حدود ما يستطيع، ويحرم عليه التلبيس من أجل أغراض دنيوية، أو من أجل حزبية أو غير ذلك.
وقد جاءتنا الأخبار المفزعة المقلقة بما حصل في أفغانستان من قتل أخينا جميل الرحمن رحمه الله تعالى.
وهذا أمر مهيأ له من زمن، فقبل سنتين وسائل أعداء الإسلام تشن هجومًا على العرب الموجودين في أفغانستان بأنّهم وهابية، وما زالوا يتهددون العرب هناك، والعرب جزاهم الله خيرًا ذهبوا ليقاتلوا في سبيل الله لا لأجل مغنم، ولا لأجل أمر دنيوي، ولكنهم ذهبوا ليقاتلوا في سبيل الله، يعرف ذلك إخوانهم الصالحون من أفغانستان.
وقبل أيام زارنا أخونا في الله محمد الأشموري وكان طالب علم عندنا، فيقول: إن الشباب هنالك يطلبون منك أن تتكلم في شريط، وذلك أن (حكمتيار) قد وجه قواته إلى (كنر)، بل أعظم من هذا يقول: تقدمنا إلى موقع من المواقع الذي به أعداء الإسلام فاحتللناه، ثم لن نشعر إلا بالرماية من خلفنا، ثم يقول: أحيط بنا وأسرنا، أحاط بنا أصحاب (حكمتيار) وأسرونا, حتى حصلت وساطات وفكّوا أسرنا، والشباب هنالك كانوا في حيرة شديدة، جازاهم أعداء الإسلام جزاء سنمار. وبعد هذا حدث ما حدث، من قتل أخينا (جميل) وقبله احتلال أكثر أماكن (كنر).
أما قتل أخينا (جميل) فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجّلا[50]}، ويقول: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون[51]}، ويقول سبحانه وتعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة[52]}، ويقول سبحانه وتعالى: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم[53]}.
فهذا أجله، أنه سيقتل رحمه الله تعالى وأرجو أن يكون في سبيل الله، لكن الشيء الذي يتعجب منه أو الذي يدهش هو: لم كان العرب الذين عند أخينا (جميل الرحمن) وهابية؟! وعند (سيّاف) وأصحابه لهم التقدير والإجلال، ويقدرونهم غاية التقدير؟!!
أخونا (جميل الرحمن) رحمه الله تعالى قام بمدارس تحفيظ قرآن، وبدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وقام في مجلة (المجاهد) بنشر فوائد ونصائح للعلماء. وأعتقد أن ما فعله (حكمتيار) من باب: رمتني بدائها وانسلت، فهو عميل لأمريكا ولأعداء الإسلام، وهم من قبل مدة يشنون على المجاهدين بأنّهم وهابيون. فمن الذي حقق لهم ما يريدون؟ إنه (حكمتيار) وأصحابه الآخرون. بل الأحزاب السبعة تمالأت والحمد لله عندنا وثائق قدر مجلد صغير وصلت هذه الوثائق في اليوم الثامن من ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وأربعمائة وألف (8 ربيع أول 1412i).
وبعد ذلك اتضحت الحقيقة، وعرف الناس أنه أمر متواطأ عليه بين الأحزاب كلها، وبين الإخوان المفلسين وإلا فما معنى المقابلة التي نشرتْها جريدة (الصحوة) لا بارك الله فيها مع (حكمتيار) وتسأله عن ولاية (كنر)؟
فيقول: (إن بها عملاء لأعداء الإسلام).
فهذا تمهيد وما معنى أنه أشيع في (الرياض) قبل مقتل أخينا (جميل الرحمن) بيوم أنه قد قتل، وكانوا يذهبون إلى أفغاني صاحب مطعم ويقول: (لا، لم يقتلْ، سيأتيكم الخبر بعد العصر يوم الجمعة). وبعد عصر يوم الجمعة جاء الخبر بقتل أخينا (جميل الرحمن) رحمه الله تعالى.

ولبّس الإخوان المفلسون على كثير من أهل العلم حتى قالوا: (إن الجهاد الأفغاني فرض عين) وهذا كلام من لا يدري، وهذه فتوى من لا يدري، أن يقال: الجهاد في أفغانستان فرض عين فمعناه أن المسلمين في جميع البلاد الإسلامية يجب عليهم أن يذهبوا جميعًا ويبقوا في أفغانستان حتى يطهروها من الشيوعيين، وبلاد المسلمين ملغمة بالشيوعيين والبعثيين والناصريين وليس لدى الأفغانيين ما يقومون به لو أتاهم المسلمون، فهذه الفتوى مهزلة.
وأيضًا تلبيسات أخرى، والذي يظهر أن مقصودهم هو ألا توجد دعوة سنة، كما تحاملوا علينا قبل هذا هنا: لماذا تسمون أنفسكم أهل السنة؟ فأنتم متشددون، وأنتم منفرون، وهذا الاسم منفر تسمون أنفسكم بأهل السنة، وهكذا، يهمهم ألا يوجد في الساحة غيرهم، وقد درسنا أحوالهم وإلا فمدارس تحفيظ القرآن يجب أن تشجع أم يجب أن تحطّم كما قال الخبيث (حكمتيار)؟.
وقد ذهب أحد إخواننا إليه وقال له: مدارس تحفيظ القرآن، وإقامة الحدود. قال: لا ليس هذا وقتها، بل نبدأ أولاً بهؤلاء الوهابية، الذين يريدون طمس تراثنا -يعني تقاليدنا-. وهكذا فقد كفّروا شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبدالوهاب، والشيخ ابن باز وجمعًا من علماء المسلمين، فالخرافة في أفغانستان لا تنكر ولا ينكرها إلا أعمى البصيرة، فقبور مشيدة، وحروز وعزائم, ودعاء واستغاثة بغير الله، والطامة الكبرى (صبغة الله مجددي) الذي وثب على السلطة. (صبغة الله مجددي) صوفي حلولي، عميل لأمريكا، وعميل لإيران، وعميل لنجيب الله، وعميل لظاهر شاه، وقد ذهب إليه وقالوا له عن هذا الأمر، فقال: إن الأحزاب السبعة ستقدم على (كنر) إلا أن يتراجع. فهذه هي الطامة الكبرى.
ومنذ زمن قلنا لإخواننا إننا لا نتوقع أن تقوم دولة إسلامية في أفغانستان، وجزاهم الله خيرًا فقد قاموا بهزيمة الروس وبكسر الروس، فيشكرون على هذا، أما قيام دولة إسلامية في أفغانستان فأول من يحاربها حكومات المسلمين.
وقبل سنتين كتب إليّ الأخ (جميل الرحمن) رحمه الله تعالى وقال: إننا قادمون على انتخابات، فهل ندخل فيها؟ وإذا لم ندخل فيها وعزلنا فسيحولون بيننا وبين الدعوة.
فأجبت عليه: أنني أنصحك ألا تدخل في الانتخابات لأنّها طاغوتية، ثم دخل فيها وأنا أعتبره مخطئًا.
والدعوة لها الله، فلا يستطيعون أن يحولوا بينك وبين الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فما استطاعت الحكومات ذوات السلطة أن تحول بين الدعاة إلى الله في مصر، ولا في اليمن، ولا في السودان، ما استطاعت الحكومات بحمد الله أن تحول بين الدعاة إلى الله، وبين الدعوة إلى الله. فهذا الذي كتبت له.
وهؤلاء الذين يقولون وهابية، ماذا يعنون بوهابية؟ أنّهم يتمسكون بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو أمر مخطط سياسي من قبل الأتراك، وزيني دحلان، وعلماء السوء هم الذين ولعوا بهذه الكلمة، وإلا فالوهابية ليس لهم مذهب إلا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فهل يقال: إن تخريب القباب المشيدة على القبور وهابية؟ لا، النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر عليّ بن أبي طالب ألاّ يدع قبرًا مشرفًا إلاّ سوّاه، ولا صورةً إلاّ طمسها. رواه مسلم.
وقال: ((ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتّخذوا القبور مساجد؛ إنّي أنْهاكم عن ذلك)) رواه مسلم عن حديث جندب رضي الله عنه.
ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لعنة الله على اليهود والنّصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد)). وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألاّ يبنى على القبور، ولا تجصّص، وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "صحيح مسلم" بتسوية القبور.
وأيقال أن نهي الناس أن يدعوا غير الله: وهّابية؟! فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك[54]}، ويقول سبحانه وتعالى: {ومن أضلّ ممّن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلونوإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين[55]}.
أيقال أن أخذ الحروز والعزائم ممن كانت عليه: وهابية؟! لا، النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينهى عن هذا، يقول الله سبحانه وتعالى: {قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمة هل هنّ ممسكات رحمته[56]}. والأدلة على هذا متكاثرة، لكن الأعاجم مساكين ربما يعذرون، لكن هذا المفلس الذي يذهب ويغض الطرف ويقول: نحن نجاهد الشيوعية، لا الشرك. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاهد هذا وهذا، أزال الشرك وجاهد الكفار فينبغي أن نجمع بين هذا وهذا.
أما الحزبية فهذا شيء من آثارها المقيتة، أن يعادى أولياء الله، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول فيما يرويه عن ربه: ((من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب)). فما ظنك بمن قتل أولياء الله، ومن عطل مدارس تحفيظ القرآن, ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا[57]}.
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار)) قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ((إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه)).
ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "صحيح البخاري" من حديث ابن عمر: ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا)). ويقول أيضًا كما في "الصحيحين" من حديث ابن مسعود: ((أوّل ما يقضى بين النّاس يوم القيامة في الدّماء
)). ويقول أيضًا كما في "الصحيحين" من حديث ابن مسعود أيضًا: ((لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النّفس بالنّفس، والثّيّب الزّاني، والمارق من الدّين التّارك للجماعة)).
ولاعتدائهم على المسلمين فأنا أقول: إنّها لا تجوز مساعدتهم لأنّهم إذا كانوا يقتلون الدعاة إلى الله ويقتلون من ينكر هذه الأمور وينتهكون حرمات المسلمين.
فيجب على الإخوان المسلمين أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، فقد لبّسوا على الناس في شأن (الخميني) ثم انكشف الأمر، ولبّسوا في شأن (صدام) وانكشف الأمر، ولبسوا في شأن (عمر البشير) وعرف الأمر عند أن ذهب إخواننا إلى السودان، فحرام عليهم أن يتعصبوا للحزبية بالتلبيس.
من زمن قديم وهم يقولون (جميل الرحمن) أضر على المجاهدين من الشيوعية، و(حكمتيار) يقول: بهم نبدأ، ثم نتوجه إلى الشيوعية. فهؤلاء لا يقاتلون الشيوعية إذا كان الأمر كذلك، فإنه لا يحصل نصر إلا باستقامة: {وعد الله الّذين ءامنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم وليمكّننّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا[58]

ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم
[59]}، ويقول سبحانه وتعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم[60]}.
ولسنا نزهّد في الجهاد في سبيل الله، لكن ينبغي أن تعلم من تجاهد، ومع من تجاهد، وما هي النهاية إذا تمت الدولة (لحكمتيار)؟ إشادة القباب، والتمسح بأتربة الموتى، ودعاء غير الله، العمالة لأمريكا. أنا متأكد أنه مدفوع من قبل أمريكا ومن قبل أعداء الإسلام، فلا يقول: هؤلاء عملاء لأمريكا، إلا من باب: رمتني بدائها وانسلت، وإلا فلا تستطيع جماعة (حكمتيار) ومن معه أن يدخلوا إلى (كنر)، وعند أن حملوا على (كنر) لم يطلق عليهم الشيوعيون طلقة واحدة، فهذا دليل على تمالؤ بين أعداء الإسلام.
سيقولون ممكن أن ننفذ كل شيء وتصطلح الأحزاب، لكن هؤلاء الذين يتمسكون بالكتاب والسنة سيبقون في طريقنا، فنبيدهم من قبل أن يعرقلوا ما نريد، و((إذا وسّد الأمْر إلى غير أهله فانتظر السّاعة)) كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكما جاء أيضًا في "الصحيحين" عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالمًا اتّخذ النّاس رءوسًا جهّالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا)).
حرام، حرام، أن تعطى تلك القوات للسفهاء، يجب أن تكون بأيدي عقلاء لا يوجّهونها إلا إلى الشيوعيين وإلى الأمريكيين وإلى أعداء الإسلام. أما أن توجه إلى المسلمين فهذا أمر خطير، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه، التّقوى ههنا التّقوى ههنا، حسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم)) فمالهم خضعوا لهذا الطاغوتي (صبغة الله مجددي) الذي اجتمعت فيه كل خصال الشر؟!! ولماذا لم يعزلوه إذا كانوا صادقين؟!! فالمسألة مادة، فقد أخبرت أن بعض تجار أرض الحرمين ونجد، وهو تاجر واحد قدّم في عام واحد: خمسين مليونًا وهي زكاته يوجهها إلى أولئك. وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((والله ما الفقر أخشى عليكم ولكنّي أخشى أن تبسط الدّنيا عليكم كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم)).
ثم مدبر من المدبرين وجويهل كان يريد أن يشعلها ههنا في اليمن، إذا قيل له: أعط لطالب علم يريد أن يتزوج، أو يبني له بيتًا. قال: لا. وإذا قيل له: هات لنا مدفعًا ورشاشًا. قال: خذوا!! فأنا أقول: إنه جويهل، ما درى باليمن، وما اليمن عليه، فلا نحتاج إلى مدفعك ورشاشك بل ندعو إلى الله وإلى كتاب الله، ونسأل الله أن يزيل الشيوعيين وأن يطهر بلدنا من الشيوعيين والبعثيين والناصريين.
والحمد لله لو أتحد أهل الخير لاستطاعوا أن يقضوا على الشيوعيين في شهر واحد، يبغّضونهم إلى الناس حتى يتركوهم مثل الكلاب في نظر الناس، وهم سيتنازلون أو ينازلهم الشعب نفسه.
ينبغي أن نتأنّى في الأمور، ولا نسند الأمور إلى الجهال، انظروا عاقبة إسناد الأمور إلى الجهال كيف تسلط (صبغة الله مجددي)، ثم تلبيسات عند الإخوان المسلمين فربما يقولون: والله صحيح (صبغة الله مجددي) هذا رجل صوفي ومشرك لا خير فيه، لكن اسكتوا. فكيف نسكت على هذا ولا نخذل عن الجهاد في سبيل الله، وفي النهاية هذا الطاغوتي يصعد على الكرسي (صبغة الله مجددي).
وقد كنا سمعنا (بحكمتيار) أنه اعتزل وقال: هذه حكومة مؤقتة لستة أشهر، ولكنها الدنيا. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشّرف لدينه)). فحب الشرف والمال والزعامة هو الذي يجعل الشخص يضطرب وله في كل يوم موقف ويتلون فنحن ينبغي أن نبين للمسلمين حال الجهاد في أفغانستان أنه قد أصبح صراعًا وطنيًّا والشيوعية أصبحت هذه الأيام في مأمن.
ثم ماذا يفيدنا أن يتقدموا ويقضوا على الشيوعية وهم يحاربون الدين: {إنّما جزاء الّذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض[61]}. فعند أن أمّن الأخ (جميل) بلده، وأقام بعض الحدود، وأقام بعض مدارس تحفيظ القرآن ومعاهد حتى أصبح الشباب هنالك كأنّهم في مكة أو في مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ومن العجائب والغرائب أن (حكمتيار) وأتباعه يسخرون ممن يقول لهم: أين الله؟ أو أن لله يدًا أو أن لله وجهًا وهكذا سائر الأسماء والصفات، ويقولون: هؤلاء وهابية، وهؤلاء مشبهة، فسخروا وسائل إعلامهم لمحاربة سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم هذه الجريدة الممسوخة التي تسمى بجريدة (الصحوة) -والتي ينبغي أن تسمى بجريدة (الغفلة)- ما تستحيي أن تثير فتنة وتشجعها من أجل أن (جميل الرحمن) أبى أن ينضم معهم، فقد جاء أناس من الإخوان، وقالوا له: لا تشق العصا. فقال: ابغوني ثلاثة أحزاب وأنا رابعهم نتفق جميعًا. فذهبوا إليهم، وأبوا، ثم رجعوا إليه وقالوا له: لا تشق العصا. قال: ائتوني بحزبين وأنا ثالثهم. فذهبوا إليهم وأبوا، ثم رجعوا إليه وقالوا له: لا تشق العصا. قال: ائتوني بحزب ينضم معي وأنا معه. فذهبوا إليهم، وأبوا، ثم رجعوا إليه وقالوا له: لا تشق العصا. فقال: إذًا أنا أنضم إلى فلان -وهذا ليس من أحزاب الإخوان المسلمين- فقالوا: أما هذا فلا.
فأهل السنة مشغولون بالتعليم وبالدعوة إلى الله، وبالتأليف وبتفقد أحوال المسلمين في جميع البلاد الإسلامية، والإخوان المسلمون مشغولون بإعلامهم وبحزبيتهم، ومستعد كبيرهم أن يلقى السني بالوجه السني، ويلقى الصوفي بالوجه الصوفي، ويلقى الشيعي بالوجه الشيعي، ويلقى الفويسق بالوجه الفويسق. ومن أجل هذا فالناس يلتفون حولهم لأجل المصالح، فالتفاف الحزبيين حول بعضهم البعض من أجل المصالح، وإلا فالله سبحانه وتعالى ذم الحزبية، يقول سبحانه وتعالى: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء[62]}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا وكنتم على شفا حفرة من النّار فأنقذكم منها[63]}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاتّقون[64]}، وهذه الحزبية يقول الله سبحانه وتعالى فيها: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم[65]}، ويقول في شأن اليهود: {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتّى[66]}.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقةً، وافترقت النّصارى على ثنتين وسبعين فرقةً، وستفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقةً)) انتهى الحديث عند أبي داود، وزاد: ((كلّها في النّار إلاّ واحدة)) من حديث معاوية، وقد سئل عن الفرقة فقال: ((هي الجماعة)).
فينبغي لنا معشر اليمنيين أن نتخذ عبرة بأولئك الذين أصبحوا يوجهون مدافعهم إلى بعضهم البعض، وكذلك الحزبية في لبنان. ويقول أحد الأخوة القادمين من السودان: الحزبية أنْهكت السودان وأضعفت قواه، حتى إن هذه الحكومة عند أن أرادت إلغاء هذه الحزبية أصبحت في تعب ومشقة، لأن الحزبية قد أنْهكت قوى البلد وقوى الدولة، فصاحب الحزب قد يكون محافظًا وهو شيوعي أو بعثي أو ناصري، وهل يهمه أن يرقى البلد ويطور البلد؟ بل يهمه أن يرقى حزبه وأن يطور حزبه ويلمع أصحابه ويوظّف أصحابه، من أجل هذا فأيّ حزبية تدخل بلدًا تمسخها، وقد وقع في اليمن ما وقع والله أعلم بالعاقبة وبالخاتمة فنخشى أن تلحق بلدنا بلبنان، وبأفغانستان.
أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وأن يعيذنا من الفتن. والحمد لله رب العالمين.
*****
التعديل الأخير تم بواسطة جمال البليدي ; 17-09-2008 الساعة 07:00 PM