رد: صُمُـــودٌ وَ تَحَد
01-08-2012, 01:16 PM
اقتباس:
مقتطفات رمضانيّة السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته رمضانكم مبارك أحبّتي أسأله سبحانه أن يتقبّل منّا صيّامنا و قيامنا ياا رب كان العنوان الّذي إخترته و من خلاله سأخطّ لكم ما علِق في ذهني من ذكريات. فقد قضيت ثلاثة رمضانات في المستشفى، و كان أصعبهم الرّمضان الأوّل و في أوّل يوم منه و قد حان وقت الإفطار و وجدتني وحيدة في غرفتي شاردة بذهني و سرحت به إلى ما وراء البحار و صورة أفراد عائلتي و هم ملتفّون حول مائدة الإفطار متسائلة: كيف حال أسرتي بدوني و هم يرون مكاني شاغرا، و تألّمت ساعتها لألم أمّي و أبّي و إخوتي و هم يفتقدونني و يعلمون أنّني وحيدة في غربتي. لم أكن أشعر بهذا الشّهر الفضيل فلا شيئ حولي يوحي به، مرضى و ممرّضات و أطبّاء ليس إلاّ. يُطرق باب غرفتي ثلاث مرّات في اليوم كالعادة: وقت الفطور و الغداء و العشاء، فأخبرت الممرّضة أنّني صائمة و ليتركوا لي عشائي فقط في المطبخ و سأحضره بنفسي عند الإفطار و أعلمتها أنّنا في رمضان. فسألتني و هل تصومين و أنت مريضة؟؟؟ أجبتها: لست بمريضة و لا أشكو من مرض عضوي يرخّص لي بالإفطار و لكنّني فقدت رجلاي و هذه إعاقة دائمة لا يُرجى برؤها فلن ينبتا رجلاي من جديد قلتها مبتسمة فما كان منها إلاّ أن بادلتني الإبتسامة و انصرفت. ما حزّ في نفسي جدّاا صلاة التّراويح ما كنت أظنّ أنّني لن أصلّيها ثانيّة و أنا قائمة واقفة على رجلايّ، نعم فقد تغيّر كلّ شيئ و عليّ أن أتأقلم مع وضعي الجديد، و ها أنا أؤدّيها وحدي في غرفتي و أنا جالسة و لله الحمد. في رماضني الثّاني تحسّنت الأوضاع أكثر فقد ذاع صيتي و أصبحت أتلقّى زيارات عديدة من مسلمي بلجيكا، و كانت الأخوات تأتين للإفطار معي و الصّلاة و كنّ تأتين بصفة دوريّة، في ذاك الوقت شعرت برمصان فعلا و أنا وسط تلك اللّمّة. كنّ يحظرن معهنّ ما لذّ و طاب من مأكولات و مشروبات و مقبّلات و و حتّى أخجلنني بكرمهنّ الحاتميّ ذاك أذكر مرّة جاءنا رمضان في أواخر ديسمبر و كانت فترة إحتفالات بالنّسبة للبلجيكيّين، فخرج كلّ مرضى طابقي ليحتفلن مع أسرهنّ لمدّة أسبوع و بقيت فيه وحيدة، و كالعادة جاءت مجموعة من الأخوات المغربيّات للإفطار معي و أحضروا أبناءهم الصّغار و بعد الإفطار و تجاذب أطراف الحديث حان موعد صلاة العشاء و لكثرتنا خرجن من الغرفة الضّيّقة إلى الرّواق حتّى يسعنا المكان، و نحن في صلاتنا سمعنا صوت سفّارة إنذار أفزعتنا أنهينا الصّلاة بسرعة فهبّت إحدانا لتستفسر و إذ بأحد الأطفال عوض أن يُضغط على زرّ ضوء الحمّام صغط على زرّ الإنذار و ما هي إلاّ لحظات و إذ بعسكري واقف أمامنا، عليكم أن تتخيّلوا المشهد: مستشفى عسكري في بلد غير مسلم يأتينا العسكري ببدلته المخيفة مهرولا مستفسرا ماذا حدث؟ و إذ به يجد صفوفا من الأخوات المتحجّبات يصلّين، عندها أسرعت إليه و أفهمته أنّه إنذار خاطئ ليس إلاّ، لم يعقّب إبتسم و انصرفـ فتنفّست بعدها الصّعداء ضحكن بعدها و قلن أكيد هاله الموقف فخاف منّا و انصرف موقف آخر لن أنساه في يوم رمضان إتّصلت بي متربّصة مغربيّة في السّلك الطّبّي المبعوث من المغرب لإجراء تربّص لمدّة سنتين في المستشفى العسكري، و من بينهم كان مدرّبي، علموا بقصّتي فكانت البنات يدعونني للإفطار معهم، لبّيت دعوتهم، نزلت إليهم و كانوا مقيمين في الطّابق الأرضي للمستفشى، كان وقت الإفطار رحّبوا بي و أخذت مكاني فرأيت على المائدة طبق لحريرة و التّمر و الشّبّاكيّة كما يُسمّونها و نحن نسمّيها قريوش، و من شدّة الجوع أكلت لحريرة بالخبز، شكرتهم و انصرفت، و بعد التّراويح إتّصلت بي مجدى من جديد لتدعوني للعشاء، إستغربت و لكنّي مازحتها، و ماذا حضّرتم لي: قالت طاجين بْطاطا و خزّو فما كان منّي إلاّ أن أنزل لأكتشف ما هذا الطّبق الغرريب و ما هو خزّوا؟؟؟ و إذ بي أفاجأ أنّه الجزر فقلت صراحة أنا شبعانة و ما كنت أعرف أنّ هناك شوط ثان للأكل لذا أكلت لحريرة بالخبز و أخبرتهم أنّ عادتنا أن نضع كلّ الأطباق على مائدة الإفطاء من شربة فطبق رئيسي فسلطة نأكل مرّة واحدة و بعد التّراويح الشّاي و ملحقاته. مغامرات عديدة مرّت بي لا يسعني ذكرها دفعة واحدة و لكن كلّ ما تذكّرت قصّة أنقلها إليكم، و إلى الملتقة أتمنّى لكم سحورا طيّبا و صياما مقبولا و دمتم أوفياء. و للحديث بقيّة |
بصراحة أخلاقهم أفضل من أخلاقنا بكثير وما أفضلهم بالنسبة لنا حين يدخلون الإسلام.
تحضرني هنا قصة إحدى الجزائريات كانت تشتغل في سوبر مارشي في فرنسا وكانت لا يعرف من لباسها أنها مسلمة، فال حجاب ولا خمار يدل على ذلك، وكانت من بين المتسوقات امرأة تلبس جلبابا وتضعا ستارا على وجهها، وعندما اقتربت من الجزائرية لتسلمها مستحقات المشتريات، نهرتها وقالت لها بالفرنسية: إذا أردت ان تلبسي هذا فاذهبي لبلدك والبسيه، أنظري إلي أنا ألبس مثلهم حتى أني لا أعرف هل أنا جزائرية أم فرنسية، وكان من جرأة تلك الجزائرية ولا حول ولاقوة إلا بالله أن رفعت للمرأة ستارها عن وجهها، فكشفت عن وجه مثل فلقة قمر، فتوقفت مندهشة فما كان منالمرأة أن نظرت في عينيها وأجابتها بكلماتها هاته:
أما أنا ففرنسية أبا عن جد.
وأما عن لباسيفابتسمت وقالت: أنتم بعتم ونحخن اشترينا، فبهتت الجزائرية
يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك