◘الشبهة السابعة : استدلالهم بقوله تعالى(ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) آل عمران 104. على جواز التحزب.
والجواب على هذه الشبهة بما يلي:
◄أولا: أن الآية جاء فيها ذكر لفظ(أمة) وليس لفظ(حزب) فمن أين لكم لفظ حزب؟!فقد طبق السلف هذه الآية فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولم ينشئوا لذلك حزباً، فهل غاب هذا الفهم عن السلف فأهملوا تطبيق الآية حتى جاءت هذه الأحزاب وعملوا بها؟
لو كان معنى (أمة)(حزب)لتشتتت هذه الأمة الى أمم شتى فان الأحزاب اليوم كثيرة كل منها يستدل بالآية. فلا يعود ثمة حل لمشكلة الحزبية الا أن نقول: اذا قام في الأمة حزبان فحاربوا الآخر منهما. وذلك على غرار قول النبيصلى الله عليه و سلم (اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما).
◄ثانيا: الحزبيون هم آخر من يحتج بهذه الآية لأن الآية فيها وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الأمة وهذا يتناقض مع أبرز قاعدة حزبية وهي قاعدة نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه
◄ثالثا:من عجائب صنع الحزبيين ومن معجزات القرآن العظيم أن الآية الكريمة التي احتجوا بها جاءت في سياق تحريم التحزب فالآية التي قبلها والآية التي بعدها صريحتي الدلالة في تحريم التحزب فإليك سياق الآية بما قبلها وبعدها كما في سورة آل عمران:
قال الله تعالى: [ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {103} وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {104} وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {105}]
فمعنى الآيات واضح وهو أن الله تعالى يوجب علينا أن تكون هناك طائفة من الأمة وهم العلماء تقوم بالفرض الكفائي فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر لكن دون تحزب واختلاف فالآتين الكريمتين جمعت بين وجوب وجود طائفة تأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع تحريم التحزب والاختلاف.
فلا تلازم بين إنشاء جماعة أو هيئة من العلماء تقوم بالفرض الكفائي فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وبين الحزبية التي تعني الولاء والبراء على حزب والعصبية له وإلا فإن أهل السنة والجماعة قد قاموا بتطبيق الآية ولم نرى منهم أي تحزب فهذه جمعية العلماء المسلمين في الجزائر برئاسة عبد الحميد بن باديس كانت تدعوا الناس للخير فتعلمهم التوحيد والسنة وتحذرهم الشرك والبدعة وأيضا هئية كبار العلماء في السعودية وجمعية أنصار السنة في مصر وغيرها من الجمعيات السنية والجامعات السلفية فمن قال لكم أن إنشاء جماعة أو هيئة تقوم بالفرض الكفائي يستلزم الحزبية؟!
قَالَ العلامة مقبل بن هادي الوادعي- رحمه الله تعالى- : "وتلكم الجمعيات الَّتِي لا يؤذن لَهَا إلا بشروط أن تكون تَحت رقابة الشئون الاجتماعية وأن يكون فيها انتخابات وأن يوضع مالها فِي البنوك الرِّبوية، ثُمَّ يلبس أصحابها عَلَى الناس ويقول: هل بناء المساجد وحفر الآبار وكفالة اليتامى حرام؟ فيقال لَهم: يا أيها الملبِّسون من قَالَ لكم: إن هذا حرام؟ فالحرام هِيَ الحزبية، وفُرقة المسلمين..."
مُقدِّمة (ذم السائل) (ص8)
◄رابعا:ماذا لو قلنا: ولتكن من حزب الإخوان أمة يدعون الى الخير ومن حزب النهضة أمة يدعون إلى الخير ومن حزب النور أمة يدعون إلى الخير ...إلخ هل يرضى الحزب أن ينشأ داخل الحزب أمة أو أمم يدعون الى الخير؟ أيرضون التعددية في بنية أمة الاسلام ولا يرضونها في بنية أحزابهم؟ لماذا يجوز لي أن أنشىء حزبا بل وأحزابا في دين محمد.
ولا يجوز لنهضاوي أو نوري أو إخواني أو... أن ينشىء حزبا جديدا في نفس الحزب الذي ينتمي إليه؟
◄خامسا:أنه من المعلوم أن كل الأحزاب تجعل من هذه الآية دليلا على مشروعية تحزبها , وهذا مدعاة للتحزب والانشقاق لأن الأحزاب تكثر بسرعة ولا يعود من الممكن تقييد التحزب بحزب أو حزبين. في حين أن الآية نصت على اختيار أمة واحدة لا أمماً شتى، ولم يتحدث القرآن عن أحزاب اسلامية وانما أجاز وجود حزب واحد وهو حزب الله في مقابل حزب الشيطان.