مشروعية التوسل.للشيخ ابو احمد بلقرد.الجزء الثالث
17-03-2015, 09:12 PM
قال الحافظ الكشميري في فيض الباري 2/379 في التوسل بذوات الصالحين :
" جائز عند المتأخرين، ومنع عنه الحافظ ابن تيمية رحمه الله.." .
و نص العلامة السبكي في كتابه " شفاء الأسقام في زيارة قبر خير الأنام " صراحة عن هذه الأولوية عند الإمام ابن تيمية- وإن كان أتى بألفاظ في حق شيخ الإسلام غير لائقة بمقامهما- فقال :
" ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمان من الأزمان، حتى جاء ابن تيمية..".
وأشار إلى هذه الأولوية الإمام ابن مفلح الحنبلي في فروعه 3/159:
" ويجوز التوسل بصالح، وقيل يستحب، قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي: أنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره، وجعلها شيخنا(أي ابن تيمية) كمسألة اليمن به، قال: والتوسل بالإيمان به وطاعته ومحبته…" .
هذا و إن كان قال الإمام ابن تيمية في المجموع1/140 ما نصه :
" و أما قول القائل: اللهم أني أتوسل إليك به، فللعلماء فيه قولان…" .
إلا أنه لم يبين من هم العلماء الذين قالوا بالمنع، اللهم إلا ما نقل عن العز ابن عبد السلام، وأبي حنيفة
قال العلامة الألباني ص45 :
" ولم ننفرد نحن بإنكار تلك التوسلات المبتدعة، بل سبقنا إلى إنكارها كبار الأئمة والعلماء وتقرر ذلك في بعض المذاهب المتبعة ألا وهو مذهب أبى حنيفة رحمة الله، فقد جاء في الدر المختار-2/630- وهو من أشهر كتب الحنفية ما نصه : عن أبي حنيفة : لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به والدعاء المأذون فيه والمأمور به ما استفيد من قوله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )..".
قلت : القول بالجواز هو أيضا قول أئمة كبار وعلماء، وتقرر في مذاهب، كالمذهب الحنبلي والمالكي وقد سبق معك قول ابن مفلح في كتابه الفروع، والله اعلم .
أما ما نقل عن أبي حنيفة رحمه الله فهو ما ذكره ابن تيمية وغيره عنه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع 1/202:
" قال بشر بن الوليد حدثنا أبو يوسف قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول " بمعاقد العز من عرشك" أو "بحق خلقك" وهو قول أبي يوسف قال أبو يوسف : بمعقد العز من عرشك هو الله فلا أكره هذا، وأكره أن يقول بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ".
و أما ابن عبد السلام فقد قال ابن تيمية في المجموع1/347 :
" ورأيت في فتاوى الفقيه أبي محمد بن عبد السلام قال : لا يجوز أن يتوسل إلى الله بأحد من خلقه إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم إن صح حديث الأعمى…" .
قلت : وكذلك نقله الشوكاني في الدر النضيد وهذا النقل منظور فيه من وجهين
الوجه الأول : صح حديث الأعمى، فيكون ابن عبد السلام من القائلين بالتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم
الوجه الثاني : الظاهر أن شيخ الإسلام نقل كلام ابن عبد السلام من ذاكرته و لم يستحضر نصه، وعنه نقله الإمام الشوكاني وإلا فكلام ابن عبد السلام لا ارتباط له بالتوسل، بل بالإقسام على الله بمخلوق، وإليك نصه بحذافيره كما نقله عنه العلامة الغماري في الرد المحكم المتين ص53 قال :
“ جاء في الفتاوى الموصلية ما نصه :….أما مسألة الدعاء فقد جاء في بعض الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بعض الناس الدعاء فقال في أوله: قل اللهم إني أقسم عليك بنبيك محمد نبي الرحمة، وهذا الحديث إن صح فينبغي أن يكون مقصورا على رسول الله صلى الله عليه وسلم…" .
فأنت ترى أن كلام ابن عبد السلام منصب على الإقسام على الله بمخلوق، وشتان ما بين سؤال الله بمخلوق وبين الإقسام على الله بمخلوق .
قال ابن تيمية 1/223 :
" لأن بين السؤال والإقسام فرقا: فإن السائل متضرع ذليل يسأل بسبب يناسب الإجابة، والمقسم أعلى من هذا فإنه طالب مؤكد طلبه بالقسم…." .
ثم ينبغي أن يعلم أن التوسل -في أذهان العامة- بعيد كل البعد عن الإقسام على الله بمخلوق، بل هو عندهم تقرب بفضائل وأعمال المتوسل به .