شروط لا إله إلا الله..الكلمة التي فرقت بين الحق والباطل
24-07-2008, 06:56 PM
شروط لا إله إلا الله
عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابرى
المدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (سابقاً)
الشرط الأول :-
قال رحمة الله تعالى : " شروط لا إله إلا الله " .
قوله : " شروط " .
جمع شرط , و الشرط في اللغة العلامة , ويجمع على شروط وأشراط و المراد هاهنا ما يتحلم على المكلف معرفته والعمل به حتى يكون موحداًَ ظاهراً وباطناً .
" الشرط الأول : العلم بمعناها نفياً وإثباتاً .
· دليل العلم قوله تعالى : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) " 1" . وقوله :
· ( إلا من شهد بالحق وهم يعملون ) " 2 " أي بــ " لا إله إلا الله " .
( وهم يعملون ) بقلوبهم ما نطقوا به بألسنتهم .
· و من السنة : الحديث الثابت في الصحيح عن عثمان قال :
قال رسول الله " " من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " " 1 " .
قوله : " العلم بمعناها نفياً وإثباتاً " .
يتضمن شطرها الأول نفي العبادة عما سوى الله عز وجل كما يتضمن شطرها الثاني إثباتها له سبحانه وتعالى , فكما أن الحق جل علاه لا شريك له في ملكه وخلقه وتدبيره فإنه لا شريك له في عبادته .
وهذا ما بعث الله به النبين والمرسلين واتفقت عليه دعوهم قال تعالى :
( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا توحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) " 2 " .
وقال نوح وهود وصالح : ( يا قوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) " 3 " .
وقال تعالى مخبراً عن اتفاق دعوة الأنبياء والمرسلين : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا واجتنبوا الطاغوت ) " 4 " .
وقال عن الخليل عليه الصلاة وسلام : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبة لعلهم يرجعون ) " 5 " .
وقال تعالى في ما أمر به نبيه محمد أن يبلغه هذه الأمة ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا أياه ) وقال في موضوع آخر : ( وأعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) .
فهذه الآيات و ما في معناه من الكتاب الكريم صريحة الحلالة على أن الأنبياء والمرسلين جميعاً دعوا قومهم إلى تحقيق معنى لا إله إلا الله أنه لا معبود بحق إلا الله .
قوله : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) تمامها : ( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثوابكم )" 1 " .
قال ابن سعدي رحمة الله : " العلم لابد فيه من إقرار القلب , بمعنى ما طلب منه علمه , وتمامه أن يعمل بمقتضاه , وهذا العلم الذي أمر الله به – وهو العلم بتوحيد الله – فرض عين على كل مسلم , لا يسقط عن أحد كائناً من كان , بل كل مضطر إلى ذلك . والطريق إلى العلم بانه لا إله إلا الله , أمور :
أحدهما : بل أعظمهما : تدبر أسمائه وصفاته , وأفعاله الدالة على كماله , وعظمته , وجلاله , فإنها توجب بذل الجهد في التأله له , و التعبد للرب الكامل الذي له كل حمد وممجد , وجلال و جمال .
الثاني :- العلم بأنه المنفرد بالاخلق والتدبير فيعلم بذلك بانه منفرد بالالوهية
الثالث :-العلم بأنه المنفرد بالنعم الظاهرة و الباطنة الدينية و الدنيوية . فإن ذلك يوجب تعلق القلب به , ومحبته , و التأله له وحده لا شريك له .
الرابع : ما نراه ونسمعه , و من الثواب لأولوية القائمين بتوحيده , من النصر , و النعم العاجلة , و من عقوبته لأعدائه المشركين به , فإن هذا , داع إلى العلم , بأنه تعالى وحده المستحق للعباده كلها .
الخامس : معرفة أوصاف الأوثان والأنداد , التي عبدت مع الله , واتخذت آلهة وأنها ناقصة من جميع الوجوه , فقيرة بالذات , لا تملك لنفسها ولا لعابدها , نفعاً و لا ضراً , ولا موتاً و لا حياة ولا نشوراً , ولا ينصرون من عبدهم , و لا ينفعونهم بمثقال ذرة من جلب خير , أو دفع شر , فإن العلم بذلك يوجب العلم , بأنه لا إله إلا الله , وبطلان إلهية ما سواه .
السادس : اتفاق كتب لله على ذلك وتواطؤها عليه .
السابع : أن خواص الخلق , الذين هم أكمل الخليقة أخلاقاً وعقولاً , وراوياً , وصواباً وعلماً – وهم الرسل والأنبياء و العلماء الربانيون – قد شهدوا لله بذلك .
الثامن : ما أقامه الله من الأدلة الأفقية والنفسية , التي تدل على التوحيد أعظم دلالة تنادي عليه بلسان حالها بما أودعها من لطف صنعته , وبديع حكمته , وغرائب خلقه , فهذه الطرق , التي أكثر الله من دعوة الخلق بها , إلى أنه لا إله إلا الله , وأبداها في كتاب وأعادها , عند تأمل العبد في بعضها , لابد أن يكون عنده يقين , وعلم بذلك , فكيف إذا اجتمعت وتواطأت , واتفقت , وفامت أدلة للتوحيد من كل جانب .
فهناك يرسخ الإيمان و العلم في قلب العبد , بحيث يكون كالجبال الرواسي لا تلزله الشبه والخيالات , ولا يزداد – على تكرار الباطل والشبه – إلا نمواً وكمالاً .
هذا , وإن نظرت إلى الدليل العظيم , والأمر الكبير – وهو تدبر هذا القرآن العظيم والتأمل في آياته فإنه الباب الأعظم إلى العلم بالتوحيد ويحصل به من تفاصيله وجمله مالا يحصل في غيره " " 1 " . 1 هــ .
ما تفيده الآية :
أولاً :- وجوب العلم بمعنى لا إله إلا الله نفياً وإثباتاً وقد ذكر الشيخ رحمة الله الطرق الموصلة إلى هذا العلم .
ثانياً :- في أمره بالاستغفار للمؤمنين والمؤمنات شمول للعصاة من المسلمين قال الإمام أحمد : و من مات من أهل القبلة موحداً يصلي عليه ويستغفر له ولا يحجب عنه الاستغفار و لا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه – صغيراً كان أو كبيراً – أمره إلى الله تعالى "1 " .
قلت : هذا هو ما أجمع عليه أهل السنة فيمن مات على كبيرة من أهل التوحيد .
( 1 ) تفسير ابن سعدي " ( 5 /30 ) .
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي : " أي نطق بلسانه مقراً بقلبه عالماً بما يشهد به ويشترط أن يكون شهادته بالحق وهي الشهادة لله تعالى بالوحدانية ولرسله بالنبوة والرسالة وصحة ما جاءوا به من أصول الدين وفروعه وحقائقه وشرائعه " ( 3 ) .
قوله : في " الصحيح " : أي في صحيح مسلم .
ثانياً :- إحاطة علم الله بأعمال العباد ومجازاتهم عليها .
قوله : ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) .
قال ابن كثير رحمة الله : ( هذا استثناء منقطع أي لكن من شهد بالحق على بصيرة وعلم فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له " ( 2 ) 1 هــــ
قوله : " أي بـــــ " لا إله إلا الله "" .
( 1 ) " أصول السنة " ص ( 60 ) .
( 2 ) " تفسير ابن كثير " ( 4/147 ) .
( 3 ) " تفسير ابن سعدي " ( 4/461 ) .
قوله : " من مات وهو يعلم ... الخ " . قال النووي مبوباً عليه في كتاب الإيمان : " باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً " .
قلت : اتفق صحة استشهاد المصنف واستنباط النووي من لفظ الحديث , و في معناه أحاديث كثيرة منها:
أولاً :- ما رواه الشيخان عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم منه وروح منه و الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " 1 " .
ثانياً :- ما رواه مسلم عن جابر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لقى الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة و من لقيه يشرك به شيئاً دخل النار " (2 ).
فهذه الأحاديث كما ترى وما في معناها تفيد أمرين :
الأول : الوعد بدخول جنة لمن مات على التوحيد .
و الثاني : أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن مسمى الإيمان ففيها شاهد لمعتقد أهل السنة و الجماعة أن الفاسق الملي مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ويزيد هذا توضيحاً ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسول الله فلا تخفروا الله في ذمته " (3) .
-----------------------------------------------
(1) " البخاري " كتاب الأنبياء باب قوله تعالى : ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح بن مريم ) . " مسلم " كتاب لإيمان باب : الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً .
( 2 ) " مسلم " . كتاب الإيمان باب من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة و من مات مشركاً دخل النار.
( 3 ) " البخاري " : أبواب القبلة : فضل استقبال القبلة
يتبع بإذن الله.............
من مواضيعي
0 سلسلة الرد على شبهات دعاة التحزب والانتخابات
0 هنا نجمع كل ما يتعلق بشرح حديث الافتراق((..وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة))
0 جمع كتب وصوتيات في بيان المنهج السلفي ورد التهم حوله
0 الحجج الدقيقة في الرد على من اتهم السلفيين باحتكار الحقيقة!
0 صد العدوان ورد البهتان على من قال : أنتم علماء سلطان
0 خبر عاجل: استشهاد الأخ الجزائري اسماعيل من مدينة واد سوف في دماج
0 هنا نجمع كل ما يتعلق بشرح حديث الافتراق((..وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة))
0 جمع كتب وصوتيات في بيان المنهج السلفي ورد التهم حوله
0 الحجج الدقيقة في الرد على من اتهم السلفيين باحتكار الحقيقة!
0 صد العدوان ورد البهتان على من قال : أنتم علماء سلطان
0 خبر عاجل: استشهاد الأخ الجزائري اسماعيل من مدينة واد سوف في دماج
التعديل الأخير تم بواسطة جمال البليدي ; 24-07-2008 الساعة 07:03 PM