جواز الصلاة بين السواي .حسن السقاف
12-12-2013, 09:01 PM
جواز الصلاة بين السواري

للشيخ حسن السقاف

تجوز الصلاة بين السواري ولا تكره ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بين ساريتين ، فعن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما قال: " دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت – أي الكعبة – وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال ، فأطال ثم خرج ، وكنت أول الناس دخل على أثره ، فسألت بلالاً: أين صلى؟ فقال: بين العمودين..." رواه البخاري "01/578" ومسلم "02/966".
فهذا الحديث يؤخذ منه جواز الصلاة للمنفرد والجماعة بين السواري ، ولأن الأصل جواز الصلاة في أيِّ موضع ، سواء بين السواري وغيره ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " جُعِلت لنا الأرض كلها مسجداً " وفي رواية أخرى : " الأرض لك مسجد ، فحيثما أدركتك الصلاة فصلِّ" روى مسلم كلا الروايتين في "صحيحه 01/370 و371 " الأولى عن سيدنا حذيفة ، والثانية عن سيدنا أبي ذر رضي الله عنهما.
واعلم أخي المؤمن بأنه لم يصح نهي عن الصلاة بين السواري البتة ، وقد عَلَّل بعض من قال بكراهة الصلاة بين السواري بأن الصلاة بين السواري تؤدِّي إلى انقطاع الصف. والصحيح أن المراد بقطع الصف إبقاء فراغ فيه دون أن يقف فيه أحد ، وأما إذا تخلَّلت الصف سارية فهذا لا يُعتبر ولا يُعدُّ قطعاً للصف ، فتأمل جيداً !!.
ولأنه موضع النعال ، كما نقله الحافظ في " الفتح 02/578" ، وهذا التعليل منتفٍ تماماً في هذه الأيام – مع التفطن إلى عدم وجود أو صحة نهي في ذلك – لأن السواري قديما كانت في المسجد الواحد بل في الصف الواحد كثيرة جداً مما يؤدي لاختلال شكل الصف بحيث توجد سارية بعد كل رجلين أو ثلاثة ، وبتقدُّم العمران اليوم في الهندسة الحديثة استُغنيَ عن أكثر السواري والأعمدة في المسجد بحيث صرنا لا نرى في الصف الذي تكون فيه السواري غير عمود أو اثنين بحيث لا يُـخلُّ ذلك بهيئة الصف أو نظامه إطلاقا ، وأما المعنى الثاني وهو أن ما بين السواري موضع النعال فقد انتفى اليوم بوجود الخزائن الخاصة للأحذية أو وضع المصلين أحذيتهم على أبواب المساجد ، إلا إذا دعا من يتظاهر بالدعوة إلى السنة اليوم إلى إعادة وضع الأحذية داخل المسجد بين السواري !! تطبيقا للسنن التي يتزعَّمون الدعوة إليها ويلهون المسلمين بها !! فاللهم هداك !!.
فمن الخطأ الكبير أن يركِّز بعض أئمة المساجد أو بعض المصلين على إبعاد الناس عن منطقة الأعمدة وإفتاء العامة بعدم جواز الصلاة بين السواري أو كراهتها ويثيرون الفتن لذلك !! ورحم الله عبداً عرف الحق فاتبعه.
ولا بأس ههنا أن ننقل بعض الأحاديث أو الآثار التي يحتج بها من يدعي كراهة أو عدم جواز الصلاة بين السواري مع بيان ضعفها ووهائها باختصار:
1 – أثر قُرة بن إياس قال:" كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نُطرد طرداً أن نقوم بين السواري في الصلاة" رواه ابن ماجه "01/230" والحاكم "01/218" وغيرهما وهو ضعيف منكر. في إسناده هارون بن مسلم ، وهو "شيخ مجهول" كما قال أبو حاتم الرازي في " الجرح و التعديل 09/94 " وقد تفرَّد به عن قتادة دون أصحاب قتادة.
2 – أثر لسيدنا عبد الله بن مسعود يقول فيه :" لا تصُفُّوا بين السواري" رواه البيهقي "03/104" وغيره ، وهو ضعيف ، في سنده معدي كرب الهمداني لم يروِ عنه إلا أبو إسحاق ، وانفرد ابن حبان بتوثيقه ، و هذا يحكم على حديثه بالضعف عندهم ، فكيف وهو أثر ربما يكون عن اجتهاد ؟!!.