تغريدات لخواطر تربوية حزمية
16-04-2018, 09:18 AM
تغريدات لخواطر تربوية حزمية
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
هذه خواطر تربوية للإمام: ابن حزم الأندلسي رحمه الله، انتقاها الأخ الفاضل:أبو محمد حسين، جزاه الله خيرا، ننشرها بتصرف يسير على حلقات تعميما للفائدة، وإلى المطلوب:
هذه أربع مجموعات من التغريدات والخواطر انتقيتها من كتاب:( الأخلاق والسير) لابن حزم الأندلسي- رحمه الله تعالى - جعلت في كل مجموعة عشر تغريدات، فاجتمعت لدي أربعونتغريدة بين حكمة وعبرة وفائدة، من مجموع مئتين وأربعة وخمسين خاطرة ذكرها الإمام: ابن حزم في كتابه المذكور آنفا، والمسمى أيضا:( رسالة في مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق والزهد في الرذائل).
وقد اعتمدت على النسخة التي طبعتها دار ابن حزم ط3 ، وهي من تحقيق إيفا رياض، راجعه وقدم له وعلق عليه الشيخ:" عبد الحق بن ملاحق التركماني"، توزيع القدس للكتاب بالجزائر.
وأما عن محتوى الكتاب ومضمونه، فيحدثنا عنه صاحبه الكتاب رحمه الله قائلا في مقدمته:
" أما بعد، فإني جمعت في كتابي هذا معاني كثيرة أفادنيها واهب التمييز تعالى بمرور الأيام وتعاقب الأحوال بما منحني عز و جل من التهمم بتصاريف الزمان، والإشراف على أحواله، حتى أنفقت في ذلك أكثر عمري، وآثرت تقييد ذلك بالمطالعة له والفكرة فيه على جميع اللذات التي تميل إليها أكثر النفوس، وعلى الازدياد من فضول المال". ص 74.
فلعل هذه الفوائد المنتقاة والفرائد المستقاة تكون عنصر تشويق لقراءة الكتاب كله، وما اعتبرته فائدة في حقي قد يكون مسلما عند غيري، ولذلك لو تتبّع كل واحد هذا الكتاب، وطالبناه بانتقاء ما يراه مفيدا له، لاختلفنا أيما اختلاف، ولا أدل على هذا: أنه بعد انتهائي من جمع هذه الفوائد، بحثت في الانترنت، فوجدت من سبقني إلى مثل هذا العمل، لكن لما قرأت ما انتقوه وجدته مخالفا لما انتقيته، فحمدت الله وشكرته على أن يسّر لي هذا ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .
ثم إني جعلت لها عنوانا بمصطلح معاصر، وهو: التغريدات، لأني تخيلت ابن حزم معنا في هذا الزمان لو غرد: كيف يطير بها العلماء قبل غيرهم مستفيدين منها ومتعلمين؟، كيف لا وهو العالم الكبير والفقيه النحرير صاحب التصانيف البديعة؟.
لا أطيل على إخواني، فها هي تلكم التغريدات، غَرِّد بها في حسابك واحتسب بها الأجر والثواب من ربك، ولا تحرمها غيرك، واقتد في ذلك بابن حزم رحمه الله القائل في مقدمته .
" و زممت ( قيدت) كل ما سبرت من ذلك بهذا الكتاب، لينفع الله به من يشاء من عباده ممن يصل إليه ما أتعبت فيه نفسي، و أجهدتها فيه، وأطلت فيه فكري، فيأخذه عفواً، و أهديت إليه هنيئًا، فيكون ذلك أفضل له من كنوز المال وعقد الأملاك: إذا تدبره ويسره الله تعالى لاستعماله".
وأنا قائل بمثل قوله عند ختمه لمقدمته:
" وأنا راجٍ في ذلك من الله تعالى، أعظم الأجر لنيتي في نفع عباده وإصلاح ما فسد من أخلاقهم، و مداواة علل نفوسهم، وبالله تعالى أستعين".
تنبيه: سأجعل أمام كل تغريدة: اسم الكتاب والصفحة والنسخة المعتمدة، ليكون النشر موثقا، نسأل الله أن ينفع به، اللهم آمين.
المجموعة الأولى من التغريدات والخواطر لابن حزم الأندلسي
1 - لإبليس في ذم الرياء حِبالَةُ، وذلك أنه رُبّ ممتنع من فعل خير خوفَ أن يظنّ به الرّياء، فإذا أطْرقك منه هذا، فامض على فعلك فهو شديد الألم عليه.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 80].
الحبالة: ما يصاد بها من أي شيء كان .
2- من قدّر أنه يسلم من طعن النّاس، وعيبهم، فهو مجنونٌ.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 80].
3- من حقّق النّظر، وراضَ نفسه على السُكون إلى الحقائق، وإن آلمتها في أوّل صدمةٍ كان اغتباطه بذمِّ النّاس إيّاه أشدَّ وأكثر من اغتباطه بمدحهم إيّاه.
لأن مدحهم إيّاه:
إن كان بحقٍّ، وبلغه مدحهم له أسرى ذلك فيه الْعُجْب، فأفسد بذلك فضائله.
وإن كان بباطل، فبلغه فسَّره، فقد صار مسروراً بالكذب، وهذا نقص شديد.
وأما ذم النّاس إيّاه:
فإن كان بحق فبلغه، فربما كان ذلك سبباً إلى تجنُّبه ما يعاب عليه، وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا ناقص.
وإن كان بباطل وبلغه، فصبر اكتسب فضلاً زائداً بالحِلم والصبر، وكان مع ذلك غانماً، لأنه يأخذ حسنات من ذمّه بالباطل، فيحظى بها في دار الجزاء أحوج ما يكون إلى النجاة بأعمال لم يتعب فيها ولا تكلفها، وهذا حظ عظيم لا يزهد فيه إلا مجنون.
وأما إن لم يبلغه مدح الناس إياه، فكلامهم وسكوتهم سواء، وليس كذلك ذمهم إياه، لأنه غانم للأجر على كل حال بلغه ذمهم أو لم يبلغه.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 81/80].
4- من شغل نفسه بأدنى العلوم، وترك أعلاها وهو قادر عليه: كان كزارع الذّرة في الأرض التي يجود فيها البُرُّ، وكغارس الشَّعْراءِ حيث تزكو النّخل والزّيتون.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 88].
الشَّعْراءِ: شجرة من الحمض.
5- الباخلُ بالعلم أَلأَمُ من الباخل بالمال، لأن الباخل بالمال أشفقَ من فناء ما بيده، والباخل بالعلم بَخل بما لا يَفْنى على النفقة، ولا يفارقه مع البذل.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص89].
6- لا آفةَ أضرّ على العلوم وأهلها من الدُّخلاء فيها، وهم من غير أهلها، فإنهّم يجهلون ويظنون أنّهم يعلمون، ويفسدون ويقدّرون أنّهم يصلحون.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 91].
7- وطّن نفسك على ما تكره، يقلّ همّك إذا أتاك، ولم تستضر بتوطينك أولاً، ويَعظُم سرورك ويتضاعف إذا أتاك ما تحبُّ ممّا لم تكن قدّرته.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 95].
8- لو لم يكن في مجالسة النّاس إلا عيبان لكفيا:
أحدهما: الاسترسال عند الأُنْس بالأسرار المهلكَة القاتلة، التي لولا المجالسة لم يَبُح بها البائح.
والثاني: مواقعة الغِيبَة المهلكَة في الآخرة .
فلا سبيل إلى السّلامة من هاتين البليّتين إلاّ بالإنفراد عن المجالسة جُملة.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 97].
9- لا تحقر شيئاً من عمل غدٍ أن تحققه بأن تعجِّله اليوم، وإن قلّ، فإنّ من قليل الأعمال يجتمع كثيرها، وربّما أعجز أمرها عند ذلك، فيبَطُلَ الكُلُّ.
[الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 97/98].
10- أوّلُ من يزهد في الغادر: من غَدَرَ له الغادر، وأوّلُ من يمقت شاهد الزُّور: من شهد له به، وأوّل من تهون الزّانية في عينه الذي يزني بها.
[ الأخلاق والسير لابن حزم دار ابن حزم ط3 ص 98].
يتبع إن شاء الله.