متى يكون الأب سبباً في انحراف الابن؟؟؟
20-01-2016, 10:52 AM
متى يكون الأب سبباً في انحراف الابن؟؟؟




الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً.
الحمد لله القائل: (( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )).
والصلاةُ والسلام على من بعثه الله للعالمين سراجاً منيراً .

بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق الجهاد.
أما بعد:
أيها الأب: سأكون صريحاً معك هذا اليوم، وأقول لك:

إن وجودَ الولدِ في حياتك:" نعمةٌ كبيرة" تسعدُ به، وتقرُ عينك معه، ويقفُ معك في حياتك، ويساعدكَ في أزماتك، وما أجمل أن يكونَ الولدُ على نصيبٍ من الصلاح والاستقامة.
أيها الآباء:

إذا كنا نفرحُ بوجودِ الأبناء ونحمدُ الله عليهم، فهل نسعى لإصلاحهم واستقامتهم، أم أننا نمارسُ ألواناً من الأسباب التي قد تكون سبباً في انحرافهم؟؟؟.
تأمل معي:
هناك عدةُ عوامل يمارسها بعض الآباء والأمهات: تكون سبباً في انحراف الأبناء، ولعلك حينما تتعرف عليها تحذر منها؟، ومنها:

1- الاستهزاءُ بالابن لأجل استقامته وهدايته:
وهذا أمرٌ قد يمارسه بعض الآباء مع أبنائهم، كقول بعض الآباء: إن ابني أصبح متشدداً !؟؟.
والسبب: أن ابنه بدأت عليه مظاهرُ الاستقامة، أو لعله بدأ يجالسُ الصالحين.

فليعلم الأب: أنه عندما يصف ولدهُ بالتشدد لأجلِ تدينه: أنه بذلك يضعُ عقبةً كبيرة في استمرارِ استقامةِ الابن على الدين، وهل أصبح التمسكُ بالدين نوعاً من التشدد؟ .
وهل الانحرافُ عن الاستقامة والسير في طرقِ الحرام أصبح هو: الطريق الصحيح؟.
إنك لتتعجب من زمنِ التناقضاتِ والغرائب؟؟؟.


2- وقد يكونُ الأبُ سبباً لانحراف ابنه عندما يمنعه من مجالس الخير مثل: حلقات التحفيظ، والدروس العلمية والمحاضرات, والملتقيات الشبابية التربوية:
وهنا لا بد للأب أن يعلم: أن من أكبرِ أسبابِ صلاح الابن: أن يعيشَ في بيئةٍ صالحة ليقوى دينُه، وعندما يمارسُ الأب منع الابن، فإنه بذلك يحرمُ ابنه من الاستمتاعِ بمجالسةِ الصالحين الذين هم أقوى وسيلة للثبات وخاصةً في هذا العصر.
ومن جهة أخرى: فإن الأب إذا منع ابنه من مجالسةِ الأخيار، فيا ترى: هل سيبقى الابنُ وحيداً ؟.
بالطبع لا، بل سيبحثُ عن رفقةٍ أخرى, وقد تكونُ هي بداية الانحراف.

3- قد يكون الأب سبباً لانحراف الابن عندما يعامله بالقسوةِ والشدة:
فذلك الابن لا يسمعُ من أبيه إلا ألفاظَ السبِ والشتم، ولا يرى من والده إلا الشدةَ والجفاء.
فحينها: يصابُ الابنُ بأزمةٍ نفسية، ويصبحُ يكرهُ البيت، ويكره والده، ويحاول الهروب من البيت، ويبدأ في البحثِ عن البديل لذلك البيت، فيا ترى أين سيذهب ؟ ومع من سيجلس؟.

أيها الأب: إن قسوتك على ولدك: تجعله يسير في طريقٍ تحفهُ المخاطر.
فلتكن رفيقاً بولدك .

اجعل ابنك يفرحُ بالجلوسِ والخروجِ معك، وهذا لن يتحقق إلا إذا كنتَ رفيقاً وفي الحديث الصحيح:
" ما كان الرفقُ في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيءٍ إلا شانه".

4- أن بعض الآباء يحرم ولده من المال مما يترتب على ذلك: أن يبحث الابن عن المال بطرق غير شرعية ، وقد تكون تلك الطرق ( المخدرات – السرقات وغيرها )، والسعيد من وعظ بغيره، وكم في السجونِ من شبابٍ كان سببُ سجنهم: البحثُ عن المال .
والأبُ الحكيم يتوازن في إعطاءِ ولدهِ المال فيما يحتاجه ، ويربيه منذ نشأته على الحكمةِ في التعاملِ مع المال .

5- بعض الآباء يريدُ من ابنهِ أن يبقى ملازماً للبيت، لا يخرجُ للترفيه عن نفسه، مما يترتب على ذلك الاكتئاب والملل، وبعد ذلك الانحراف التدريجي.
وقد رأيتُ بعضْ هؤلاء الآباء الذين يريدون من أولادهِم ملازمتهُم في كل مكان، والبقاء عند محلاتهم وتجارتهم ومنازلهم بدون اعتدال في ذلك: مما يجعل الابن يمل ويضجر من ذلك.
أيها الأب: يجب أن تدرك حاجةَ ابنك للاستمتاع بالحياة في جوٍ من المباحات مع مراعاةِ الضوابطَ في ذلك، وأن تكونَ عوناً له لا مانعاً له بسبب حرصك الشديد عليه .


6- أحياناً يريد الأب من الابن: أن يسلك وظيفةً معينة أو تخصصاً جامعياً والابن لا يريد ذلك التخصص، ولا تلك الوظيفة؛ لأنها لا تناسبه ولا توافق أهدافه وطموحاته، ثم يبدأ الخلافُ بينهما والقسوة في التعامل.
والاعتدال هنا: أن تسمح لابنك أن يختار التخصص الذي يناسبه، والوظيفة التي يهواها مع توجيهٍ لطيف وإشاراتٍ على الطريق.


7- بعض الآباء يسمح بالمنكرات في البيت كالقنوات المحرمة .
وأنتم تعلمون معاشرَ الفضلاء: أن بعض القنوات فيها من الفساد والانحلال الشيء الكثير، والضحيةُ هم: الأبناء والبنات، وكم هي القصص التي تؤكدُ خطر القنوات، وأنها من أكبرِ أسبابِ انحراف الأبناء والبنات .

والحمد لله، فهناك القنواتُ المحافظة التي جمعت بين المتعة والفائدة، والمرح والتوجيه المناسب.
إن القنوات وسيلةٌ تربويةٌ مهمة يجبُ علينا أن ننتقيها بعناية.


8- بعض الآباء لديه تساهلٌ كبير في مبدأ سفر الأبناء للخارج للسياحة والذي قد يترتبُ عليه إلحاقُ الضررِ بابنه - وقصدي هنا " الضرر الفكري والتربوي والديني ".
لأن الأب إذا سمح لابنه أن يذهب إلى تلك البلاد، وخاصة إذا كان الشاب في مقتبل العمر، فإنه سيرى في الغالب المناظرَ المحرمة والمحركات للغرائز.

والسفر للخارج قد يوقعُ الشاب في ورطة المخدرات كما اعترف بذلك الذين وقعوا فيها.
فيا أيها الأب: إحفظ ابنك من السفر لتلك الدول التي فيها فتن الشهوات والشبهات التي ربما كانت سبباً لانحراف ابنك، أو تغيير منهجه واستقامته وولاءه لدينه وبلده .
وكم هي المخاطرُ التربوية في مخالطةِ الشهوات، وأصحاب الأفكار المخالفة.


٩ - قد يكون الأب سبباً لانحراف الابن عندما يكونُ همّ الأب هو: البحث عن الرزق، والغفلةِ عن البيتِ بسبب ذلك.
فالأب لديه عملٌ في النهار، وربما غاب في الليل لارتباطه بمحل تجاري هنا وهناك، ويغيبُ عن البيتِ لساعاتٍ طويلة، مما يجعلُ غيابهُ: سبباً للانحراف التدريجي عند الأبناء والبنات.

والحل هنا: هو التوازنُ في الحضور إلى البيت، وعدمُ الغياب الدائم، والحرصُ على تكوينِ علاقةِ مودةٍ ورحمة مع الأسرة، مع الحرص على تفقد الأبناء، والنظر في دينهم ودنياهم..

١٠ - الجهلَ بطرقِ التربيةِ الصحيحةِ من أكبرِ أسبابِ انحراف الأبناء.
فبعضُ الآباء يجهلُ مبادئ التربية الصحيحة، ولا يعرفُ وسائل التأثير في أبنائه، ولا يدري ما هي الفروقاتُ التربويةُ والنفسية بين الأبناء والبنات، ويترتب على ذلك الأفعال الخاطئة، مما يسبب المشاكل والمصائب.

والحل هنا: هو القراءةُ والسماعُ والثثقف في أمورِ التربية حتى يمكن لك أيها الأب من سلوكِ القواعدِ التربويةِ في تربية أبنائك وبناتك.
واعلم أيها الأب أن ذلك ليس عيباً فيك، بل هذا والله من الكمال؛ لأن بعض الآباء قد يكونُ ناجحا في أمور دينه دنياه وتجارته، ولكنه قد يكونُ فاشلا في إدارة بيته، وتربية أسرته.


١١ - ليعلم الآباء أن الدعاء على الأبناء من أكبر أسباب انحرافهم، فبعض الآباء يدعو على أبنائه أو بناته، وقد يستجيبُ الله له، فيترتب على ذلك الخسارةَ العظمى، ولهذا ثبت في الحديث:
" لا تدعوا على أموالكم ولا على أولادكم لا توافقوا من الله ساعة فيستجيب لكم". رواه مسلم.
أيها الأب: قبل أن تدعو على أبنائك: تذكر أن هذا الدعاء قد يستجاب، وبعد ذلك؛ قد يكون الضياع والانحراف لأبنائك.

أيها المحب: عود لسانك الدعاء لأبنائك وبناتك بأمور الخير والصلاح، لعل هذا يكون مفتاح خير لهم:[لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا].

١٢ - إن كثرة المشاكل الزوجية: قد تكون سببا لانحراف الأبناء .
أيها الآباء الكرام:
إن وجودَ الخلافاتِ الزوجي،ة وخاصة أمام الأبناء: يسبب اضطراباً كبيراً في نفسياتهم، ويجلبُ لهم المزيدَ من التوترِ والقلقِ، وغيابِ الأمن النفسي والتربوي .

فوصيتي للوالدين: لا يكن الخلاف والحوار أمامَ الأبناء، بل لا بد أن يكون في غرفة خاصة حتى لا يشعر الأبناءُ بشيء.

١٣ - لعل من أسباب الانحراف عند الأبناء والبنات هو: تأخيرُ زواجهِم مما يترتب عليه الضياع، والبحث عن طرق محرمة في قضاء الشهوة.
أيها الأب: إن ابنك محتاجٌ إلى العفاف، وهذا العفافُ لا يكونُ إلا بالوقوفِ معه في ترغيبه في الزواج والسعي لتيسيره.

إن الشبابَ يعانون من تسلط القنوات والصور في الجوالات ومواقع التواصل وفتن الأسواق وغيرها من مواقع الفتن.
وقد لعبت بعقولهم وقلوبهم مما جعلت بعضاً منهم يمارسُ العادة السرية لأجل تفريغ الشهوة الكامنة في جسده, وبعضهم بدأ يبحث عن الحبِ المحرم عن طريق المعاكسات وتصيدِ الفتيات.
أيها الأب: إن الشهوةَ قنبلةٌ في جسد ابنك، وقد تنفجر في أقرب وقت، وإن سعيك لتزويج ابنك: يزيل أثرَ تلك القنبلة.

أيها المحب: لماذا لا تقف مع ولدك لكي تعينَهُ على إكمال نصف دينه وهو الزواج.
قد تحتج ببعض الأمور المالية ، فأقول لك: كن صادقاً مع الله في إعفاف ابنك، وستجد العون من الله تعالى، واعلم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" ثلاثة حق على الله عونهم... والناكح يريد العفاف".( صحيح الترغيب والترهيب: 2/52 ).

أيها الأب: لن أنسى موضوع ابنتك، فهي بحاجةٍ إلى أن تعيشَ في عالم الزواج.
فهذه رسالة محب: تأكد أن ابنتك تحتاج إلى زوجٍ صادق، وصاحبُ دينٍ وخلق.
وإن مما يحزنك أن بعض الآباء وقع في جرمٍ عظيم عندما تساهل في تزويج بناته، فهاهم بعضُ بناته قد قاربن الثلاثين، وهو إلى الآن لم يفكر في تزويجهن.
وبعض الآباء يريدُ بقاءَ ابنتهِ عنده، ليستفيدَ من راتبها، ولم يفكر أن ابنته بحاجة إلى العفافِ والزواج.

ومن الآباء من أهمل اختيار الزوج لابنته، فزوجها من رجلٍ قد أضاع دينه، وترتب على ذلك الحياةَ الزوجيةَ السيئة، فلا سعادة ولا مودة، بل همومٌ دائمة بين الزوجين، والسبب هو: أنت أيها الأب.
وبعض الآباء قد زوج ابنته التي في العشرين من رجلٍ تجاوز الخمسين، بل والستين، فيا ترى كيف ستكون حياتهم ؟، وهل سينجحون في تكوينِ أسرةٍ سعيدة ؟.

اللهم أصلح الآباء والأمهات، وارزقهم الحكمة والمعرفة في تربية الأبناء والبنات.
اللهم أقر أعين الآباء بصلاح الأبناء.

اللهم احفظ شباب وبنات المسلمين من كيد الكائدين والحاسدين، اللهم اهدنا ويسر الهدى لنا.
اللهم وفقنا لفعل الخيرات والصالحات يا رب العالمين.

وصلى الله وسلم على رسولنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

منقول بتصرف يسير.
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.