الأبناء والقدوة الصالحة
26-07-2016, 05:21 PM
الأبناء والقدوة الصالحة

كيندة حامد التركاوي


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:


إن الركيزة الثابتة المهمة للشخصية المتوازنة هي:" في اتباع خطوات شخصية متكاملة للاقتداء"، ولقد أثبتت الدراسات الكثيرة بأن الأفراد تتأثر بالآخرين، بالأكبر منهم بالنسبة للصغار، والمشاهير بالنسبة للكبار خاصة المراهقين.
وبنظرة سريعة للمجتمع الغربي: نجد أن الشباب يتقلب من حال سيء إلى حال أسوأ؛ لأن القدوة التي يقتدي بها تتغير مع الزمن، ولأن القدوة التي بها تتغير مع الزمن، ولأن القدوة التي يختار تمثل ظاهرة اجتماعية.
ومن المؤسف: بأن الشباب المسلم بدأ يُقلد الشباب الغربي في اختيار من يقتدي به، وهم في الغالب شخصيات أجنبية، ونحن نعلم بأن الأفراد تسعى للأفضل في كل الأمور والأحوال، فمن باب أولى: أن ينطبق ذلك على من يقتدون به، ومن هذا المنطلق علينا أن نقتدي نحن بالأفضل، حتى نكون القدوة الأكمل والأفضل للأبناء.
وقد منَّ الله علينا به بهذه القدوة الحسنة وهي:" شخص الرسول صلى الله عليه وسلم"، وقد ثبت بعد ألف وأربعمائة عام بأن:" سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الفعلية والقولية": ما زالت تُظهر إعجازاً تلو الآخر، حتى يومنا هذا [1].
إن حاجة الناس إلى القدوة نابعة من غريزة تكمن في نفوس البشر أجمع هي:" التقليد"، وهي: رغبة مُلحة تدفع الطفل والضعيف والمرؤوس إلى محاكاة سلوك الرجل والقوي والرئيس، كما تدفع غريزة الانقياد في القطيع جميع أفراده إلى إتباع قائده واقتفاء أثره، ولكن التقليد الغريزي في القطيع، أحد أنواع التقليد، ويرتقي التقليد بارتقاء المجتمع، حتى يبلغ - في التربية الإسلامية - ذروته من الوعي والسمو والهدف النبيل.
ويتضح لنا ذلك إذا عرفنا عناصر التقليد وأسسه، فالتقليد يرتكز على ثلاثة عناصر:

العنصر الأول:الرغبة في المحاكاة والاقتداء.
فالطفل مدفوع برغبة خفيّة لا يشعر بها، نحو محاكاة من يُعجب به في لهجة الحديث، وأسلوب الحركة والمعاملة، فالشخص المتأثر يتقمص عن طريق لا شعوري، شخصية المُؤثر كُلّها أو جُلّها، ولذلك كان من الخطورة بمكان ظهور المساوئ في سلوك القدوة.

العنصر الثاني:الاستعداد للتقليد.
فلكل مرحلة من العمر استعدادات وطاقات محدودة، ففي الطفولة المبكرة: نجد الأبناء يقلدون أبائهم في حركاتهم وسكناتهم وطريقة كلامهم، فنجد البنت ترتدي ملابس وأحذية أمها، وتستخدم مكياجها وزينتها، وتلعب مع قريناتها لعبة الضيوف، وإذا صلت الأم نجد الطفل الصغير ابن السنة الواحدة، يقف إلى جانب أمه ليصلي مثلها، ويضع غطاء الرأس على رأسه، ويصرخ إذا نزع الحجاب من على رأسه، لذلك على الأب أخذ ابنه الصغير معه إلى المسجد ليعتاد ارتياده، ويعتاد صلاة الجماعة.
بينما في مرحلة المدرسة: نجد الطفل يتأثر كثيراً بمعلمه، حتى لعبه في هذه المرحلة يكون بتقمص شخصية المعلم، ويُجلس أخوته أمامه ليمارس عليهم دور المعلم.
أما في مرحلة المراهقة: نجد الأبناء يُقلدون أقرانهم لدرجة كبيرة في لباسهم، وطريقة مشيتهم، وكلامهم، وهنا يأتي دور الأهل بتوجيه أبنائهم بحكمة وأناة في اختيار أصدقائهم، وبعض المراهقين إن لم يكن أغلبهم ممن نشئوا في أسر بعيدة عن الإيمان، يكون قدوتهم: الممثلين والمغنيين، ولاعبي كرة القدم، وشخصيات عالمية: لا تمت إلى الإسلام بصلة، بينما الأبناء الذين نشئوا في أسرة مسلمة، بنيت على قاعدة إيمانية راسخة، أساسها حبُّ الله، وقدوتها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار رضوان الله عليهم.

العنصر الثالث:الهدف.
فلكل تقليد هدف قد يكون معروفاً لدى المُقلد وقد لا يكون، فإذا ارتقى الوعي عند المُقلِّد: عرف الهدف من التقليد، فأصبح هذا التقليد عملية فكرية، يمزج فيها بين الوعي والانتماء والمحاكاة والاعتزاز، ويصبح لهذا التقليد الواعي في التربية الإسلامية اسم آخر هو:" الإتباع"، وأرقى أنواعه ما كان على بصيرة أي: معرفة بالغاية والأسلوب، وهذا ما كان عليه الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم أجمعين، كان قدوتهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم خير الخلق، ومعلم البشرية.
ويجب تنشئة الأبناء على السنة الشريفة التي مارسها النبي صلى الله عليه وسلم في سائر أمور معيشته؛ لأن شخصية الحبيب صلى الله عليه وسلم وسيرته القولية والعملية: صورة مقتبسة من القرآن الكريم، فهو: القدوة، وهو: الأسوة، وهو: الهادي إلى الطريق القويم.
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾.
تنشئة الأبناء على تقليد الصحابةالأخيار رضي الله عنهم، فقد اصطفاهم الله تعالى من بين سائر الخلق لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام.
تعريف الناشئ أن في تقليد القادة المسلمين الأوائل: الفلاح والقوة والبأس وطاعة الله.
تنشئة الفتاة على محبة أمهات المؤمنين والصحابيات الجليلات الطاهرات رضي الله عنهن اللواتي كن مثالاً للأمهات الصالحات، والمدبرات الحكيمات. [2].
[1] جمعة، عبلة بساط، مهارات في التربية النفسية، بيروت، دار المعرفة، ط 2، 1426هـ/ 2005م، 28.
[2] النحلاوي، عبد الرحمن، أصول التربية الإسلامية، 233، بتصرف.