حديث الصباح..الثورة من التقديس إلى التدنيس
30-10-2017, 05:55 AM
لا أحد يشكك في أن ثورة المليون و نصف مليون شهيد بدأت مقدسة، قدم فيها الرجال المخلصون أعظم التضحيات، مهما كانت الأخطاء، طالما الهدف كان واحدا و موحدا هو إخراج المستعمر من أرض الجزائر ، فلا يهون على الجزائر غالٍ و نفيس، و "باسم الله أكبر" جاءت الصرخة الكبرى عام 1954 ، في ليلة نوفمبر، كان اللقاء الأول مع التاريخ، وقفت فيها الجزائر ندًّا للندّ مع أقوى امبراطورية، امتزجت فيها دماء الشهداء النقية بالأرض، و هم يقارعون الدخلاء الأنجاس، و يطهرون البلاد..، هي ثورة قادها رجال تشم فيهم وعن بُعْدْ ريح الأصالة و الثبات تحت قيادة جبهة التحرير الوطني، سبع سنوات عاشها الشعب الجزائري على أصوات المدافع و النازلات الماحقات، لا أحد طبعا يستطيع تحمل التعذيب و التجويع و فنون التقتيل التي مارستها فرنسا في المجاهدين و في شعب أعزل، لا يملك دبابة و لا طائرة و لا صاروخ يرد به الظلم و العدوان، لكن كان إيمانهم بقضيتهم و حبهم لله و للوطن أقوى سلاح واجهوا به العدو، و كان لهم النصر المبين.
تلك هي الثورة الجزائرية التي علمت الشعوب معنى المُقَاوَمَة، فركعت لها تقديرا و إجلالا، لأنها كانت ثورة المستضعفين و المستعبدين في الأرض..، هذه الذاكرة المنقوشة في أذهان الجيل الأول هي اليوم معرضة للنسيان و الذوبان ، ليس لأن جيل نوفمبر يغادر الحياة واحدا تلو الآخر، بل لأن المجرمون ضد الإنسانية أرادوا أن يُعَطِّلُوهَا، ألئك الذين يفتخرون بجرمهم، بأن فرنسا هي الصديق الودود، الذين نسميهم بالطابور الخامس، و يحاولون إقناعنا بأن الثوار كانوا مجرد قطاع طرق..، أولئك الذي زيّفوا التاريخ و تنكروا لرفاق الكفاح، و لم يقولوا الحقيقة ، و لكن العتاب ثم العتاب لأولئك الذين لزموا الصّمت، و رفضوا البقاء داخل المعركة، أولئك الذين يتابعون الأحداث عن بُعْدٍ، و لم يجرؤوا حتى على كشف حقيقة الرؤوس المتناطحة على السلطة، وهو ما سُمّيَ بصيف 62، و مسلسل الاغتيالات والتصفيات الجسدية من أجل البقاء في الحكم..
هذا التاريخ الذي ما يزال محجوزا يبحث عن نظارات لنرى بها جيدا ما فعله الرفاق في حق الرفاق، و كيف حول أعداء الثورة من الداخل كفاح الرجال إلى ورقة في المزاد كلما حلت مناسبة وطنية، إن الحديث عن الثورة من التقديس إلى التدنيس و مسلسل الإنحناءات المذلة باسم التبادل الثقافي، يحتاج إلى روح ثائرة كثورة بن بوالعيد و بن مهيدي و عميروش و سي الحواس، و الذين لازموهم لكشف الذين لا يحق لهم أن يتحدثوا عن الثورة الجزائرية، إلى الصامتين أقول من ينصف التاريخ إذا أنتم بقيتم صامتون؟، هيّا تحرّكوا.. انفضوا الغبار عنكم و اخرجوا عن صمتكم، هذه هي رسالتي إليكم: "إما أن تنصروا التاريخ أو تخرجون منه".
علجية عيش
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..
التعديل الأخير تم بواسطة علجية عيش ; 30-10-2017 الساعة 05:59 AM