قال أحد المعلقين : أحسن مقال في تاريخ الصحافة .
03-09-2011, 12:27 AM
ا
لسلام عليكم

آه.. من النفاق والشقاق!
2011.09.02
جمال لعلامي


في ظلّ "اللخبطة" التي تعرفها "الطورطة" الليبية، خرجت علينا فرنسا وهي تشكّك في الموقف الجزائري بشأن "المجلس الإنتقالي" واستقبالها لعائلة القذافي الهاربين من التصفية والإنتقام، ويتوهم وزير الخارجية الفرنسي، أن موقف الجزائر من ليبيا، يشوبه اللبس، متناسيا اللبس الذي لفّ لعاب فرنسا الممتزج بالقنابل والصواريخ التي دكت ليبيا وأزهقت أرواح آلاف الأبرياء والعزل بشبهة موالاتهم لكتائب القذافي!.
فرنسا مثلها مثل دول أخرى، بينها عربية، تصرّ على مطاردة الجزائر في مواقفها، متناسية أنها حرة وذات سيادة مثلها مثل فرنسا وامريكا وبريطانيا وقطر والسعودية، وغيرها من البلدان التي "مرضت" بجزائر "ما تحول ما تزول" ولو كره الكارهون، وقد قالها أحد المحللين الفرنسيين، فشهد شاهد من أهلها: أن الجزائر هي البلد العربي الوحيد الذي لا يأتمر بأوامر الخارج، والدليل موقفها الثابت من الأزمة في ليبيا!.
هذه هي الجزائر، تعيش بالنيف والخسارة، وقد رفضت انذ البداية "اعترافها" بالمجلس الإنتقالي، وحتى بعد اختفاء القذافي وسقوط طرابلس وباب العزيزية، فإنها متمسكة بذلك الموقف، من باب أن الشعب الليبي لم يقل كلمته بعد، وعندما يختار المجلس الإنتقالي أو غيره، فإنها ستبادر إلى الإعتراف بممثل الليبيين وناطقهم الرسمي!.
اللبس الذي يتحدث عنه آلان جوبي، لا يعني الجزائر، وإنـما يخصّ دور الناتو وأهدافه العسكرية، ويخصّّ كذلك "الصفقة" أو "المقايضة" التي بدأت روائحها تنتشر، بين المجلس الإنتقالي وفرنسا، من أجل اقتسام غنائم وريوع آبار النفط وحقول البترول!.
كان الأولى والأجدر بالفضائيات المسكونة بـ"جنّ" الجزائر، أن تنشغل بمواقف بلدانها من أمهات القضايا المصيرية، وأن تستورد هذه "الثورات الشعبية" إلى دول تقمع شعوبها وترعى الخراب والدمار في بلدان أخرى، وكان من الأفيد لقنوات صناعة "الفتنة" بالأخبار العاجلة وغير العادلة، أن تساهم في إطفاء نيران القلاقل والإقتتال بدل إشعالها والتحريض عليها!.
الغريب أن "تجار الحروب" يحاولون إيهام الرأي العام بأنهم جزائريون أكثر من الجزائريين، ولذلك يريدون من الجزائر أن تلوّن موقفها من ليبيا أو غيرها، بدهن مجهول المصدر والمنشأ، والأغرب من ذلك، أن أغلب "أعداء" القذافي اليوم، كانوا أعزّ "الأصدقاء" بالأمس، عندما كانوا يغرفون من الآبار ويقبضون الدولار!.
سيأتي يوم وترون كيف ينقلب هؤلاء وأولئك على "المجلس الإنتقالي" ويحوّلونه بين ليلة وضحاها إلى قذافي بيس، مثل ما تمّ تناسي زين العابدين بن علي، بعد أن دخلت تونس الخضراء في اللاّأمن وعدم الإستقرار وفرّ منها السياح أفواجا أفواجا، ومثلما بدأ السكوت ينطلي تدريجيا على حسني مبارك الذي يُجهل إن كان بالفعل نائما مريضا بالمشفى، أم انه جالس يضحك ويتفرعن في إقامته الرئاسية بشرم الشيخ!.
نعم، سيأتي يوم وتنكشف فيه الخديعة، ويتضح أن "الثورات الشعبية" ما هي في الحقيقة إلاّ حق يُراد به باطل، وأن "الربيع العربي" ما هو إلاّ مركبة مضمونة ركبها غمّاسون لجني ثمار لم يزرعوها ولم يعرقوا عليها!.
عندما "تؤجّل" الجزائر اعترافها بالمجلس الإنتقالي، فهذا لا يعني أنها مازالت تعترف بنظام القذافي، لكن من حقها أن تتريّث إلى أن يقول الإخوان الليبيون كلمتهم في تنتخابات حرّة ونزيهة وديمقراطية، بعيدا عن لغة المدافع وضغط الدبابات وراجمات الصواريخ.. عندها لكل مقام مقال ولكل حادث حديث.

شكرا يا جمال الجزائر .

هَلْ أتى عَلى الإنْسان حينً من الدَّهر لمْ يَكنْ شيئًا مذكورًا
سورة الإنسان الآية 1