مدرسةٌ قرآنية بمواصفاتٍ غبريطية!!؟
11-04-2017, 01:23 PM
مدرسةٌ قرآنية بمواصفاتٍ غبريطية!!؟
حسين لقرع



بدل أن يُشغل وزيرُ الشؤون الدينية والأوقاف نفسَه بخلافٍ هامشي مع جمعية العلماء المسلمين حول الوصاية على المدارس القرآنية والكتاتيب، عليه أن ينشغل أكثر بوزيرة التربية بن غبريط رمعون بعد أن قرّر الاحتفاظ بهذه المدارس؛ فالوزيرة لن تهضم قراره هذا، وقد تؤلّب عليه السلطة، وتتّهمه بعرقلة خطتها لـ"إصلاحها"، لذلك على الوزير محمد عيسى: أن يستعدّ لمواجهة ضغوط أخرى: لانتزاع وصاية هذه المدارس منه، ويثبت على موقفه.
وبالمناسبة، نثمّن قرار عيسى: رفضَ نقل المدارس القرآنية إلى وصاية بن غبريط رمعون، بعد أن اطّلع على خطّتها لـ:"إصلاحها"، فصُدم بأن "خبراء" الوزيرة يحضّرون لمدرسةٍ قرآنية جديدة بمواصفاتٍ غبريطية؛ فقد أعدّوا لها برنامجاً آخر يقوم على تلقين تلاميذ هذه المدارس مواد "علمية" طيلة 18 ساعة أسبوعياً بحجَّة أنها: "أقسامٌ تحضيرية"، فماذا يبقى إذن لتلقين التلاميذ القرآنَ الكريم في مدارس فُتحت خصيصا لهذا الغرض!!؟.
الواضح أن هدف هذه الخطة هو: محاصرة التعليم القرآني، وإفراغه من محتواه، حتى ينتقل خرّيجوها إلى السنة الأولى ابتدائي وهم لا يختلفون كثيرا عن تلاميذ الأقسام التحضيرية "العصرية" التي أثبتت التجارب: أنهم أقلّ مستوى بكثير من خرّيجي المدارس القرآنية والكتاتيب، وإلا:
ما معنى أن يُدرّس تلاميذُ المدارس القرآنية مواد "علمية" 18 ساعة أسبوعيا!!؟.
ما علاقة هذه المواد بالقرآن الكريم!!؟.
ولماذا لا تتركها الوزيرة إلى المرحلة الابتدائية إذا لم يكن الهدف هو: إشغال التلاميذ عن التعليم القرآني وتشتيت انتباههم!!؟.
ما كشف عنه محمد عيسى في غليزان بشأن خطة بن غبريط رمعون لـ"إصلاح" التعليم القرآني: يُعدّ دليلاً إضافياً يدين هذه الوزيرة، ويثبت أن لها أجندة "إصلاح" تغريبية تستهدف أساساً: التربية الإسلامية واللغة العربية، وهذه الخطة لا تختلف في جوهرها عن: "اقتراح" الوزيرة في أواخر جويلية 2015 التدريسَ باللهجات العامية بدل العربية الفصحى "الدخيلة" و"الصادمة" للطفل، فكلاهما ينبع من مشكاةٍ تغريبية واحدة!!؟.
إن محاولة محاصرة التعليم القرآني وإغراقه وتمييعه بالمواد "العلمية"، سيشكّل ضربة موجعة لهذا التعليم، ويُفرغه من محتواه، ويُضعف مستوى خرّيجي مدارسه، ويهدّد مكانة اللغة العربية مستقبلاً، ولعلّ الجميع يلاحظ الآن مدى تواضع مستوى أغلب خرِّيجي الجامعات الذين لم يتلقوا تعليما قرآنيا قبل سنّ السادسة، وبساطةَ لغتهم، حتى لا نقول كلاماً آخر.
الكتاتيب هي: التي حافظت على الإسلام واللغة العربية بالجزائر، وكانت عاملا رئيسا في إفشال المشروع الاستعماري باعتراف الفرنسيين أنفسهم، وهي: التي جنّبت الهوية الجزائرية الاندثار كما حدث لهوية الهنود الحمر في أمريكا.. ولا ريب أن إضعافها الآن من خلال السماح بتدريس مواد أخرى لا علاقة لها بالتعليم القرآني بذريعة "الإصلاح" المزعوم، يعني أنَّ ما فشلت فيه فرنسا طيلة قرن وثلث قرن سيتحقق لها الآن، إذا قبلت البلاد توجّهات بن غبريط أو رضخت لضغوط الخارج الذي يريد إلغاء التعليم القرآني في الدول الإسلامية بذريعة القضاء على:"منابع التطرُّف والعنف"!!؟.
إذا كان هناك ضرورة ملحّة لإصلاح التعليم القرآني بالبلد وتطويره وكذا تحصينه من "التطرّف"، فليُطلب ذلك من الجهات التقليدية الوصيّة على هذا التعليم، كوزارة الشؤون الدينية وجمعية العلماء وحتى الزوايا، أمَّا أن يُسند إلى وزيرةٍ طالما أثارت "إصلاحاتُها" المشبوهة رفضا شعبيا واسعا، فهو أمرٌ يدعو إلى الاستغراب والريبة معاً!!؟.
فماذا يُراد للمدارس القرآنية التي طالما حافظت على إسلام الجزائريين ولغتهم ووحدة نسيجهم الاجتماعي ماضياً وحاضراً!!؟.