الصحابة رضوان الله عليهم ..و الخوض فيما شجر بينهم
22-08-2012, 01:21 PM
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
ان البحث فيما شجر بين الصحابة،لا يقرب العبد إلى الله زلفى،فهم قد لقوا ربهم وهوأعلم بما شجر بينهم،فإن كان الأمر لا يقربك إلى الله وإنما قد يقودك إلى النار و أنت لا تعلم،فتجنبه أولى
و الإمساك عما شجر بين الصحابة،هو عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب و الخلافات على سبيل التوسع و تتبع التفصيلات،و نشر ذلك بين العامة ، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة و الانتصار لأخرى
بعض أقوال أهل العلم في هذا الباب
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 3/406) : و كذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم ، و نعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب و هم كانوا مجتهدين ، إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم ، و ما كان لهم من السيئات ، و قد سبق لهم من الله الحسنى ، فإن الله يغفر لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة .
و ما شجر بينهم من خلاف فقد كانوا رضي الله عنهم يطلبون فيه الحق و يدافعون فيه عن الحق ، فاختلفت فيه اجتهاداتهم ، و لكنهم عند الله عز وجل من العدول المرضي عنهم ، و من هنا كان منهج أهل السنة والجماعة هو حفظ اللسان عما شجر بينهم ، فلا نقول عنهم إلا خيراً و نتأول و نحاول أن نجد الأعذار للمخطئ منهم و لا نطعن في نيّاتهم فهي عند الله ، و قد أفضوا إلى ما قدموا ، فنترضى عنهم جميعاً و نترحم عليهم و نحرص على أن تكون القلوب سليمة تجاههم .
قال ابن قدامة المقدسي في اللمعة (ص175) : و من السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و محبتهم و ذكر محاسنهم و الترحم عليهم و الاستغفار لهم ، و الكف عن ذكر مساوئهم و ما شجر بينهم ، و اعتقاد فضلهم و معرفة سابقتهم ، قال الله تعالى{ و الذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا}[الحشر/10] و قال تعالى{محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}[الفتح/29] و قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه . البخاري مع الفتح (7/25) و مسلم برقم (6435) .
و يقول الإمام الذهبي رحمه الله في السير(10/92-93) : كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بينهم ، و قتالهم رضي الله عنهم أجمعين و ما زال يمر بنا ذلك في الدواوين و الكتب و الأجزاء ، و لكن أكثر ذلك منقطع و ضعيف و بعضه كذب .. فينبغي طيه و إخفاؤه بل إعدامه لتصفوا القلوب ، و تتوفر على حب الصحابة و الترضي عنهم ، و كتمان ذلك متعين عن العامة و آحاد العلماء .. إلى أن قال : فأما ما نقله أهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ، ولا كرامة فأكثره باطل و كذب و افتراء .
و فضيلة الصحابة و لو للحظة ، لا يوازيها عملٌ ولا تنال درجتها بشيء ، و الفضائل لا تؤخذ بالقياس
و قد سئل ابن المبارك عن الفتنة التي وقعت بين علي و معاوية رضي الله عنهما فقال : فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا - يعني في التحرز من الوقوع في الخطأ و الحكم على بعضهم بما لا يكون مصيباً فيه
و سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال : قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و غبنا ،
و علموا و جهلنا ، و اجتمعوا فاتبعنا ، و اختلفوا فوقفنا
يقول ابن حجر في الفتح (13/37 ) : و اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ، و لو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد و قد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد ، بل ثبت أنه يؤجر أجراً واحداً ، و أن المصيب يؤجر أجرين
و هكذا نأخذ من مجموع كلام هؤلاء الأئمة ، أن الموقف مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم هو الإمساك و عدم الخوض ، و هذا هو الذي دل عليه الحديث الثابت كما عند الطبراني و غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا ذكر أصحابي فأمسكوا . أنظر : السلسة الصحيحة (1/75) .
و هذه نصيحة لكل من يخوض في مثل هذه الأمور خاصة في المنتديات التي يكثر فيها عامة الناس
فقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد هذا ؛ فقال عبد الله بن مسعود كما في مقدمة صحيح مسلم برقم (14) : ( ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) . و قد بوب البخاري في صحيحه : ( باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا ) . و أورد قول علي بن أبي طالب : ( حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله و رسوله ) . البخاري مع الفتح (1/272) ، قال ابن حجر معلقاً عليه : ( فيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة ) .
الحمد لله