هام: تحذير المسلمين من التشبه بالشياطين
20-08-2017, 05:07 PM
هام: تحذير المسلمين من التشبه بالشياطين
(70 صورة من صور التشبه)
الحمد لله ولي الصالحين، والصلاة والسلام على من أرسل للإنس والجن أجمعين، وعلى أهله وصحبه المجاهدين الذين وقفوا في وجوه الشياطين، ومن تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فمما جاءت به الشريعة: حماية المسلمين وحماية عقيدتهم والحفاظ على شخصياتهم، فحرم الله عز وجل أن يتشبه المسلم بالحيوان وبالكفار، بل جاء النهي أن يتشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل ولو كانا مسلمين.
وممن نهينا عن التشبه بهم: اليهود والنصارى، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى". أخرجه الترمذي في:(الجامع)، والطبراني في:(الأوسط)، وحسنه الإمام الألباني رحمه الله.
بل نهينا عن التشبه بكل كافر ومشرك، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من تشبه بقوم فهو منهم". رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الإمام الألباني رحمه الله.
وعلى رأس الكفار الذين نُهينا عن التشبه بهم: الشيطان الأكبر إبليس اللعين، وكل شيطان من شياطين الجن والأنس، قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
قال العلامة: فيصل بن عبد العزيز بن فيصل آل مبارك رحمه الله في:(تطريز رياض الصالحين):" النهي عن التشبه بالشيطان، فإنه لاستقذاره وخساسته يستعمل الخسيس في النفيس" اهـ.
وقال تعالى:{وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}.
قال ابن عطية رحمه الله في:(المحرر الوجيز):" ذكر تعالى كفر الشيطان: ليقع التحذير من التشبه به في الإفساد: مستوعباً بيناً" اهـ.
وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في (تفسير القرآن):
" ومن فوائد الآية: تحريم التشبه بالكفار؛ لأن أعمال الكفار من خطوات الشيطان؛ لأن الشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر؛ ولا أنكر من الكفر والعياذ بالله" اهـ.
ومن حِكَم النهي عن التشبه بالشيطان:
الحفاظ على المسلم وعقيدته وشخصيته، فكل تشبه في الظاهر له أثر على الباطن، فالظاهر عنوان الباطن، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". رواه البخاري ومسلم.
ومن حِكَم النهي عن التشبه بإبليس وجنده:
حماية المسلم من البدع والكفر، وقد قيل:" ليس بعد الكفر ذنب".
وفي هذا البحث: سنستعرض كل ما وقفنا عليه مما فيه تشبه بالشياطين، لتجنبها والتحذير منها: تنبيها للساهي، وتذكيرا للغافل، وتعليما للجاهل، وإرشادا لمن ضل عن سواء السبيل، وتحذيرا من الوقوع في شباك إبليس وحبائل الشياطين، يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
" يوشك أن تنقض عرى الإسلام عروة عروة: إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية".
وكان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول:
" كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر: مخافة أن يدركني".
وكما قال الشاعر:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه * ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
والشياطين من عالم الغيب، فلا يمكن معرفة خصالهم إلا عن طريق الشرع.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في:(شرح رياض الصالحين):
" الشيطان كذلك لا يتشبه به في أعماله، لكن الشيطان من عالم الغيب: لا نعلم من أعماله إلا ما حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم" اهـ.
وقد جاء في الشريعة صور كثيرة فيها: التحذير من مشابهة الشيطان، ومن هذه الصور:
1) الكفر بالله عز وجل:
قال الله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}.
قال شيخ الإسلام: ابن تيمية رحمه الله في:(الإيمان الأوسط):
" كفر إبليس وفرعون واليهود ونحوهم: لم يكن أصله من جهة عدم التصديق والعلم؛ فإن إبليس لم يخبره أحد بخبر، بل أمره الله بالسجود لآدم، فأبى واستكبر وكان من الكافرين؛ فكفره بالإباء والاستكبار وما يتبع ذلك، لا لأجل تكذيب". اهـ.
وقال العلامة: ابن القيم رحمه الله في:(مدارج السالكين):
" وأما كفر الإباء والاستكبار، فنحو كفر إبليس؛ فإنه لم يجحد أمر الله، ولا قابله بالإنكار، وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار، ومن هذا: كفر من عرف صدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، ولم يَنقَدْ له إباءً واستكباراً، وهو الأغلب على كفر أعداء الرسل". اهـ.
2) السحر:
قال الله تعالي:{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}.
قال العلامة: حافظ حكمي رحمه الله في:(معارج القبول):
" أكذب الله تعالى اليهود فيما نسبوه إلى نبيه سليمان عليه السلام بقوله: {وما كفر سليمان}، وهم إنما نسبوا السحر إليه، ولازم ما نسبوه إليه هو: الكفر، لأن السحر كفر، ولهذا أثبت كفر الشياطين بتعليمهم الناس السحر، فقال تعالى:{ ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر}،وكذلك: كل من تعلم السحر أو علمه أو عمل به: يكفر ككفر الشياطين الذين علموه الناس، إذا لا فرق بينه وبينهم، بل هو: تلميذ الشيطان وخريجه، عنه روى، وبه تخرج، وإياه اتبع" اهـ.
وقال العلامة: الفوزان حفظه الله في:(إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد): " قال تعالى:{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}، هذا خبر من الله سبحانه وتعالى: أنّ الكهان والسحرة يتلّقون عن الشياطين، فهذا فيه بُطلان السحر والكهانة، وأن مصدرهما واحد؛ عن الشياطين الذين هم أكفر الخلق، وأَغَشُّ الخلق للخلق.
والسحر معروف، وهو: عملية يعلمها الساحر إما بالعُقَد والنَّفْث:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}، وإما بكلام الكفر والشرك، فهو: عزائم ورُقى شيطانية". اهـ.
3) الدعوة للشرك بالله عز وجل:
عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته:
" ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا".أخرجه مسلم.
قال شيخ الإسلام: ابن تيمية رحمه الله في:(اقتضاء الصراط المستقيم):
" وأيضا، فإن الله عاب على المشركين شيئين:
أحدهما: أنهم أشركوا به ما لم ينزل به سلطانا.
والثاني: تحريمهم ما لم يحرمه الله عليهم.
وبين النبي صلى الله عليه و سلم ذلك فيما رواه مسلم عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
" قال الله تعالى: إني جعلت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ".
قال سبحانه:{سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء}، فجمعوا بين الشرك والتحريم، والشرك يدخل فيه كل عبادة لم يأذن الله بها، فإن المشركين يزعمون أن عبادتهم: إما واجبة وإما مستحبة، وإن فعلها خير من تركها)) اهـ.
4) التشكيك في العقيدة:
قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟، فإذا بلغه، فليستعذ بالله ولينته". متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لن يدع الشيطان أن يأتي أحدكم، فيقول: من خلق السماوات والأرض؟، فيقول: الله، فيقول: فمن خلقك؟، فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟، فإذا حس أحدكم بذلك، فليقل: آمنت بالله وبرسله". أخرجه ابن حبان وصححه الألباني.
يتبع إن شاء الله.