روائع العلامة ابن القيم نظما وتصنيفا
09-05-2018, 03:14 PM
روائع العلامة ابن القيم نظما وتصنيفا
د.حمزة بن فايع الفتحي
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
من أعجب الشخصيات الإسلامية، وأفقهها وأمهرها في علوم كثيرة، وأرقها ألفاظا وحِكما وعذوبة، رُفع بالعلم، وساد بالفقه، وحكم بجمال المنطق، وتميز بالروحانية العالية، والتبتل العميق، والتي أثمرت معاني فائقة، وعبارات راقية، مكسوة العلم والوعي والجاذبية، فلله دره ما أعظمه، وما أطيب كلامه رحمه الله رحمة واسعة، وأجزل مثوبته.
وسأسرد نحو مائتي رائعة وحكمة من روائعه وحكمة، تجلو علمه وسعة آفاقه، وتكشف عقله ورزانته، وتوضح عبقريته ومداها، وكيف حُليت بالإيمان، وازدانت بمنائر الوحي والنقل، وأنه من صالحي العلماء، ومن فطناء الفقهاء روحا ونفسا، وتدليلا وتقريرا، وقد تسابق الدعاة لدرره، وتغنوا بحكمه ومقولاته، واستشهدوا بها عزا ومعرفة وتيجانا.
وما ذاك إلا بسبب ما انطوت عليه من دلائل، وما حملته من خير وروائع، ومن درس وسواطع.
لذا كان من الشرف: حفظها، ومن الامتلاء العلمي: وعيها والتمثل بها، وتنميق الحديث بوقعها وجرسها، إنه الإمام العلامة:" شمس الدين ابن قيم الجوزية": المولود سنة( ٦٩١)، والمتوفى سنة( ٧٥١)هجرية رحمه الله.
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ :" وكان ـ رحمه الله تعالى ـ ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة، والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله والانكسار له، والإطراح بين يديه وعلى عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله في ذلك، ولا رأيت أوسع منه علماً، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس بمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله".
وقال الحافظ في:( الدرر الكامنة):"...كَانَ جرئ الْجنان، وَاسع الْعلم، عَارِفًا بِالْخِلَافِ ومذاهب السّلف، وَغلب عَلَيْهِ حب ابْن تَيْمِية حَتَّى كَانَ لَا يخرج عَن شيء من أَقْوَاله، بل ينتصر لَهُ فِي جَمِيع ذَلِك، وَهُوَ الَّذِي هذب كتبه، وَنشر علمه، وَكَانَ لَهُ حَظّ عِنْد الْأُمَرَاء المصريين...".
فإلى بعض حكمه وروائعه، نفعنا الله وإياكم بها، وقد قاربت المائتين، والله الموفق.
١/ جوهر محبة الله:
" فمن أراد أن ينال محبة الله عز وجل، فليلهــج بذكـره ". [ الوابل الصيب: ٤٢/١].
ومن يُرد محبة الرحمانِ÷ فليلهجنْ بالذكر وبالقرآنِ
٢/ عيبك أولا:
" فطوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس، وويل لمن نسي عيبه، وتفرغ لعيوب الناس، هذا من علامة الشقاوة".[ مفتاح دار السعادة: ٢٩٨/١].
فطوبى للعبد بذي العيوب÷ مشغول بالنفس وبالذنوبِ
٣/ مفتاح الأنس الوجداني:
" والأنس بالله حالة وجدانية، وهي من مقامات الإحسان، وتقوى بثلاثة أشياء: دوام الذكـر، وصـدق المحبة، وإحسان العمـل ". [ مدارج السالكين: ٩٥/٣].
والأُنس بالله رضا الوجدان÷ بالذكر والحب وبالقرآنِ
٤/ مظان الأمان:
" فمن أطاع الله: انقلبت المخاوف في حقه أمانا، ومن عصاه: انقلبت مآمنه مخاوف ".[الجواب الكافي: ٧٥/١].
والخوفُ لله من الأمانِ÷ والعاصي في ذُل وفي هوانِ
٥/ ثقل الأوزار:
" إذا ثقل الظهر بالأوزار، منع القلب من السير إلى الله، والجوارح من النهوض في طاعته".[ بدائع التفسير: ٣/٣٣٢].
والظهر إذ يثقل بالأوزارِ÷ يمنُع من سيرٍ ومن أذكارِ
٦/ عاقبة كتمان العلم:
" فإن من خزن علمه، ولم ينشره ولم يعلمه، ابتلاه الله بنسيانه وذهابه منه: جزاء من جنس عمله". [ مفتاح دار السعادة: ١٧٢/١].
وخازنُ العلم بلا انتشارِ÷ محفوف بالنسيان والخَسارِ
٧/ جلباب الصدق:
" والصادق يرزقه الله مهابة وجلالة، فمن رآه هابه وأحبه، والكاذب يرزقه إهانة ومقتا، فمن رآه مقته واحتقره" .[إعلام الموقعين: ٩٥/١].
والصادق اليوم بذا الجلال ÷ والكذب في مقتٍ وفي سفالِ
٨/ علاج شَعث القلب:
" ففي القلب شعثٌ لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته".[ مدارج السالكين].
والشعث يُذهب بالإقبالِ÷ والأنس والذكر والابتهالِ
٩/ مصدر الهموم:
" تحصل الهموم والغموم والأحزان من جهتين:
إحداهما: الرغبة في الدنيا والحرص عليها.
والثاني: التقصير في أعمال البر والطاعة".[عدة الصابرين: ٢٦٥/١].
وتحصل الهمومُ بالرغائبِ÷ والقصر في الأعمال والمراتبِ
١٠/ ذم السؤال لغير الله:
" وقبيحٌ بالعبد المُريد: أن يتعرض لسؤالِ العبيد، وهو يجدُ عند مولاهُ كلَّ مَا يريد".
ويقبحُ العبد بذي السؤالِ÷والله عنده بذي الأفضالِ
١١/ من أسرار الابتلاء:
" والله تعالى يبتلي عبده، ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه ". [ بدائع التفسير:١٨٧/٣].
وربما ابتلاه للدعاءِ÷ وللإنابات وللرجاءِ
١٢/ عموم نفع المسلم:
" تشبيه النخلة بالمسلم، لكثرة خيرها، ودوام ظلها، وطيب ثمرها، ووجودها على الدوام".[ زاد المعاد: ٣٦٤/١].
وشُبِّه المسلم بالنخيلِ÷ للخير والإثمار والظليلِ
١٣/ كشف النيات:
" والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نـيته فـي عمـله، فكيف يتسلط على نيَّات الخلق!!؟".
وتصعبُ النيةُ في الذواتِ÷ فكيف بالخلق وبالسعاةِ!؟
١٤/ طعام القلب المعنوي:
" العلم طعام القلب وشرابه ودواؤه، وحياته موقوفة على ذلكَ، فإذا فَقَدَ القلب العلم؛ فهو ميِّت ". [مفتاح دار السعادة: ١/٣٤٤].
العلمُ للقلب كالأفضال والطُعُمِ÷ فارشف من الذكر أو فارشف من القلمِ
١٥/ النفوس العلية:
" النفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها وأفضلها وأحمدها عاقبة، والنفوس الدنيئة؛ تحوم حول الدناءات".[ الفوائد: ٢٥٩].
لا يُرضي ذي النفسَ إلا المجد والقممُ÷ ولا يذِل بها الا الهُون والسقمُ
يتبع إن شاء الله.