رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
16-03-2016, 10:41 AM
91-العاقلة والصبر على فقد الولد
إن الأولاد فلذة الأكباد، وفقد الولد: كثيراً ما تتأثر به الأم أكثر من الأب، ولكننا رأينا نموذجاً فذاً ومثالاً: قل أن يتكرر، رأينا أم سليم زوجة أبي طلحة رضي الله عنهما: يموت ابنها المريض، والأب خارج البيت، فتطلب من أهل البيت: ألا يبلغه أحد بالخبر حتى تبلغه هي، فلما جاء سألها عن ابنه فقالت: سكن واستراح "تقصد أنه مات"، لكن الأب لم يفهم ذلك، بل فهم أن الولد في عافية، والسبب: أن الأم لم يظهر عليها شيء من التأثر، بل كانت متزينة بأحسن الزينة، وأعدت له عشاء، فلم يشك في الأمر، فلما تعشى وأعجبته زينتها: جامعها، ثم بعد أن شبع بطنه وفرجه: أبلغته، وبحكمة نادرة بالغة؛ قالت:" يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوماً أعاروا عاريتهم أهل بيت، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟:"يعني لو استعار أحد شيئاً من أحد، ثم جاء صاحب الشيء يطلبه، أيحزن ذلك المستعير؟"، قال: لا، قالت:" فاحتسب ابنك"، فدهش أبو طلحة مما صنعت زوجته، فأبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بالذي حدث، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لهما بالبركة في جماعهما تلك الليلة، وقال: "اللهم بارك لهما"، فولدت غلاماً سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وكبر عبد الله وتزوج وأنجب تسعة من الأولاد: كلهم قرأوا "حفظوا" القرآن، وتلك دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهل رأيتِ أيتها العاقلة مثل هذه المرأة "أم سليم" في صبرها وجلدها وعقلها وحكمتها!!؟.
وها هي: أم سعد بن معاذ وقد فقدت ابنها عمرو في غزوة أحد مع قتلى آخرين، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أم سعد أبشري وبشري أهلهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعاً وقد شفعوا في أهلهم جميعاً"، قالت: رضينا يا رسول الله، ومن يبكي عليهم بعد هذا؟!، ثم ها هي تفقد سعداً بعد ذلك شاباً يافعاً عمره 37 سنة، فعن المسور بن رفاعة القرظي قال: جاءت أم سعد بن معاذ تنظر إلى سعد في اللحد، فردها الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها"، فأقبلت حتى نظرت إليه وهو في اللحد قبل أن يبنى عليه اللبن والتراب، فقالت: احتسبتك عند الله، وعزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره.
نعم، هل يبكي أحد على من بشر بالجنة!!؟، قطعاً: لا، والسبب أنهم كانوا يدركون معنى البشرى، وقدر الجنة.
ولكن لما رق الدين، ونقص الإيمان: صارت الجنة تذكر أمام كثير من الناس ولا شيء، وتذكر النار، والأمر هين!!؟، ويذكر عذاب القبر ونعيمه ولا بأس، نعوذ بالله من قسوة القلوب وغفلتها.
وقد مر بنا قصة أم حارثة، وكذلك الخنساء التي قدمت أولادها الأربعة، تحرضهم على الموت تحريضاً في حرب القادسية، فقتلوا جميعاً، فاستقبلت الخبر بالبشرى وقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم.
وهذه أعرابية تبكي ابنها، وقد حجت وهو معها، فأصيبت به، فلما دفن قامت على قبره وهي وجعة، فقالت:" والله يا بني، لقد غذوتك رضيعاً، وفقدتك سريعاً، وكأنه لم يكن بين الحالين مدة ألتذ بعيشك فيها، فأصبحت بعد النضارة والغضارة ورونق الحياة، والتنسم في طيب روائحها تحت أطباق الثرى جسداً هامداً، ورفاتاً سحيقاً وصعيداً جرزاً، أي بني، لقد سحبت الدنيا عليك أذيال الفنا، وأسكنتك دار البلى، ورمتني بعدك نكبة الردى، أي بني؛ لقد أسفر لي عن وجه الدنيا صباح داج ظلامه، ثم قالت: أي رب؛ ومنك العدل ومن خلقك الجور، وهبته لي قرة عين، فلم تمتعني به كثيراً، بل سلبتنيه وشيكاً، ثم أمرتني بالصبر، ووعدتني عليه الأجر، فصدقت وعدك، ورضيت قضاءك، فرحم الله من ترحم على من استودعته الردم، ووسدته الثرى، اللهم ارحم غربته، وآنس وحشته، واستر عورته يوم تنكشف الهنّات والسوءات".
سبحان الله!، ما أحسن حديثها!.
92- العاقلة وقلب الأسد وشهامتها ضد المجرمين:
أم موسى اللخمية - زوجة نصير اللخمي والد موسى بن نصير - "الأمير المشهور الذي فتح الأندلس" -، شهدت مع زوجها اليرموك، فقتلت حينئذ علجاً:"العلج هو الرجل من كفار العجم وغيرهم"، وأخذت سلبه - متاعه -، وكان عبد العزيز بن مروان "من أمراء بني أمية" يستحكيها "يطلب منها أن تحكي القصة"، فتصفه له وتقول:"بينما نحن في جماعة من النساء؛ إذ جال الرجال جولة، فأبصرت علجاً يجر رجلاً من المسلمين، فأخذت عمود الفسطاط "الخيمة"، ثم دنوت منه، فشدخت به رأسه "فلقتها"، وأقبلت أسلبه "آخذ متاعه"، فأعانني الرجل المسلم على أخذه".
بارك الله فيك يا أم موسى، يا أم الرجال، كيف لا تفتحين رأسه، وولدك فتح الأندلس؟!، والله ما قصرت ولا فعلت غير الواجب، ومبارك عليك ما سلبتيه منه، فقد قال سيدك محمد صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلاً فله سلبه". وقال: "وجعل رزقي تحت ظل رمحي"، فهذا رزقك، هنيئاً لك.
وعن أنس رضي الله عنه أن أم سليم - أمه اتخذت خنجراً يوم حنين "غزوة حنين"، فقال أبو طلحة "زوجها" يا رسول الله: هذه أم سليم معها خنجر - يمزح معها! - فقالت يا رسول الله، إن دنا مني مشرك بقرت "شققت" به بطنه.
وعن صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم الزبير بن العوام وأخت حمزة رضي الله عنهم جميعاً -، قالت: أنا أول امرأة قتلت رجلاً، كان حسان بن ثابت معنا، فمر بنا يهودي فجعل يطيف بالحصن - الذي فيه النساء - تقول: فاحتجزت "أي شدت حُجزة - حزاماً - على وسطها"، وأخذت عموداً، ونـزلت فضربته حتى قتلته.
وعن هشام بن عروة: أن أسماء بنت أبي بكر - جدته - اتخذت خنجراً - زمن سعيد بن العاص -ـ للصوص، وكانوا قد استعروا "كثروا" بالمدينة، فكانت تجعله تحت رأسها، فقيل لها: ما تصنعين بهذا؟، قالت: إن دخل علي لص: بعجت بطنه، وكانت عمياء!.
93- العاقلة وتمنيها الغزو والشهادة في سبيل الله
عن أم حرام بنت ملحان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال في بيتها "أي نام وقت القيلولة" يوماً، فاستيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: يا رسول الله: ما أضحكك؟، قال: "عرض علي ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر "غزاة في سبيل الله" كالملوك على الأسرة "جمع سرير"، قلت: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "أنت من الأولين"، فتزوجها عبادة بن الصامت، فغزا بها في البحر فحملها معه، فلما رجعوا قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها، فدقت عنقها، فماتت رضي الله عنها".
لقد صدقت الله فصدقها، قال صلى الله عليه وسلم:"إن تصدق الله يصدقك".
وعن أم ورقة الأنصارية أنها قالت: يا رسول الله، لو أذنت لي، فغزوت معكم، فمرَّضتُ مريضكم، وداويت جريحكم - وذلك في غزوة بدر - فلعل الله أن يرزقني الشهادة؟، قال: "يا أم ورقة؛ اقعدي في بيتك فإن الله سيهدي إليك شهادة في بيتك"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذناً يؤذن لها، وكان لها غلام وجارية قد دبرتهما "لخدمتها"، فقاما إليها فغمياها فقتلاها، فلما أصبح عمر قال: والله ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة، فدخل الدار فلم ير شيئاً، فدخل البيت فإذا هي: ملفوفة في قطيفة في جانب البيت، فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صعد المنبر فذكر الخبر وقال: عليَّ بهما، فأتي بهما، فسألهما فأقرا أنهما قتلاها، فأمر بهما فصلبا، فكانا أول مصلوبين بالمدينة.

94- العاقلة والتطلع إلى أعلى الدرجات
بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سودة بنت زمعة (زوجهُ) بطلاقها، فجلست على طريقه صلى الله عليه وسلم، فقالت: أنشدك "أي أسألك" بالذي أنـزل عليك كتابه، لم طلقتني؟ أَلِمُوجِدَة؟:"يعني لشيء في نفسك تأخذه علي" قال: "لا" قالت: أنشدك الله لما راجعتني، فلا حاجة لي في الرجال، ولكني أحب أن أبعث في نسائك"، فراجعها.

95- العاقلة ونصرة الحق
لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، ودخل هو وصاحبه الصديق في غار ثور، وكان لابد لهما من الزاد والطعام، فمن ذا الذي يتحمل مسئولية توصيل الطعام لهما، وعيون الكفار من قريش مرتقبة، وحرارة الشمس ملتهبة، والطريق إلى الغار ليس قريباً!!؟، إنها الصابرة المحتسبة أسماء بنت أبي بكر.
قال البخاري - رحمه الله -:
وأتتهما أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاما:"رباط تعلق به السفرة"، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة، فإذا ليس لها عصام، فشقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحد، وانتطقت بالآخر، فسميت ذات النطاقين.
تلك المرأة التي أسهمت في نصرة الحق، وإتمام خطة الخروج والهجرة - رضي الله عنها.

96- العاقلة والانقياد للحق
وهذه ملكة سبأ، وقد بين القرآن رجاجة عقلها، ونضج أفكارها، فلما عرض عليها أمر الإسلام لله، وكانت تعبد الشمس هي وقومها، فترددت وتشاورت، وراسلت وحاورت، فلما حصحص الحق وعرفت أن دين سليمان حق، قالت قولتها التي سجلها القرآن عنها: ﴿ رب إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
نعم كانت ظالمة لنفسها بالشرك وعبادة الشمس، والله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾.

97- العاقلة وفعل الخيرات
تزوج هارون الرشيد الخليفة العباسي الصالح بامرأة صالحة وهي: الست المحجبة [أمة العزيز]، وتكنى أم جعفر بن المنصور أبي جعفر العباسي، وكانت عظيمة الجاه والمال، لها آثار حميدة في طريق الحج، وكان في قصرها من الجواري نحو مائة جارية كلهن يحفظن القرآن.
اسمها:[أمة العزيز]، ولقبها جدها المنصور [زبيدة]؛ لأنها كانت بيضاء ناصعة البياض كأنها الزبدة، فكان جدها يحبها ويلاعبها، ويقول لها: يا زبيدة، حتى اشتهرت بهذا الاسم.
جعلت مدة حياتها لفعل الخيرات، قال عنها ابن جبير في كلامه على طريق الحج: [وهذه المصانع والبرك والآبار والمنازل التي من بغداد إلى مكة هي: آثار زبيدة ابنة جعفر].
مهدت طريقاً للحج من بغداد إلى مكة، وجعلت فيه مرافق ومنافع على جنباته، وحفرت الآبار والعيون، وصرفت في ذلك مبالغ قيل: إنها حوالي [أربعة وخمسين ألف ألف درهم].
هذه المرأة لم يضرها أنها عاشت في بيت خلافة، ولم يخدعها بريق الأموال والترف، ولو أنها كانت من ذلك الصنف ما سمعنا لها ذكراً، وما رأينا لها قدراً، وما حازت سمعة طيبة وأجراً.
جواريها وخدمها كلهن يحفظن القرآن، وكان يسمع في قصرها دوي مثل دوي النحل من قراءة القرآن.
فأين نساؤنا اليوم من هذه!!؟، وماذا يسمع في بيوتنا!!؟، وماذا نعلم خدمنا وأبناءنا وبناتنا!!؟، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.

98- العاقلة ورحمة الحيوان
الراحمون يرحمهم الرحمن، والقلب الذي تنـزع منه الرحمة: تنـزع منه البركة، فلا فائدة فيه، ولا خير يرجى منه.
روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما كلب يطيف بركية [يدور حول بئر] قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغيٌّ [زانية] من بغايا بني إسرائيل فنـزعت موقها [خُفها] فأسقت له به، فسقته فغفر لها به".
ففي مقابل رحمتها لكلب: غفر الله تعالى لها كبيرة من أعظم الكبائر، فما هو الحال لمن يرحم بشراً!!؟
وفي المقابل نرى أن:"امرأة عذبت في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها إذ هي حبستها؛ ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".
حقاً: من لا يرحم لا يرحم، ولا تنزع الرحمة إلا من شقي.

99- العاقلة امرأة مثالية
عفراء بنت عبيد بن ثعلبة، قال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله تعالى - عنها: "وعفراء هذه لها خصيصة لا توجد لغيرها؛ وهي: أنها تزوجت بعد الحارث بن رفاعة؛ البكير بن ياليل الليثي، فولدت له أربعة من الأولاد: إياساً، وعاقلاً، وخالداً، وعامراً، وكلهم شهدوا بدراً، وكذلك إخوتهم لأمهم بنو الحارث بن رفاعة [ثلاثة]، فانتظم من هذا أنها امرأة صحابية لها سبعة أولاد شهدوا كلهم بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم.
ومعروف: أن كل من شهد بدراً غفر له، وهو من أهل الجنة!.
ما شاء الله، سبعة أولاد من أهل الجنة!.
وكذلك الخنساء تقدم أربعة من الولد في حرب القادسية، فيقتلون جميعاً، فتقول صابرة محتسبة:" الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".
وأم عمارة وابناها وزوجها في ساحة القتال بأحد، والقتل مستعر فوق رؤوسهم، كما أوردنا ذلك بالفقرة.
وامرأة بني دينار التي قتل زوجها وأخوها وأبوها في أحد، وكلما أخبروها بقتل أحدهم تسأل أولاً:" فما فعل رسول الله؟"، فلما رأته حيا:ً هان عليها مصابها في أهلها أجمعين، وغيرهن كثير، وهذه نماذج فقط، لكنهن النساء المثاليات، واللاتي ينبغي أن تقاس المثاليات عليهن.
إننا نسمع عن أمهات اختيرت مثاليات لسنة كذا وسنة كذا، فإذا عشنا في أسباب مثاليتهن: وجدنا أحداهن ربت أولادها بعد أبيهم، وكافحت حتى صار أحدهم طبيباً والآخر مهندساً والثالث قاضياً، وربما لا يصلي بعضهم أو كلهم، صحيح أن المرأة التي تفقد زوجها تعاني بعده في تربية الأولاد، لكن لا بد أن يكون ضمن هذه المعاناة التربية الإسلامية، والفقه في الدين، بجوار الوظائف الدنيوية، أما أن تكون الوظائف والمناصب هي: فقط أسلوب التفاضل والمثالية فهذا الميزان ليس ربانياً، ولهذا فهو ظلم للمثاليات الحقيقيات، ويوم القيامة سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

100- العاقلة المظلومة يوم تجد من ينصفها
عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقالت: إن سيدي اتهمني، فأقعدني على النار حتى احترق فرجي، فقال لها عمر رضي الله عنه: علي به، فلما رأى عمر الرجل قال: أتعذب بعذاب الله؟، قال: يا أمير المؤمنين، اتهمتها في نفسها، قال: رأيت ذلك عليها؟، قال الرجل: لا، قال: فاعترفت لك به؟، فقال: لا، قال: والذي نفسي بيده لو لم أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقاد مملوك من مالكه ولا ولد من والده": لأقدتها منك، فبرزه وضربه مائة سوط، وقال للجارية: اذهبي أنت حرة لوجه الله، وأنت مولاة الله ورسوله، قال أبو صالح: وقال الليث: وهذا القول معمول به.

خاتمة:
وفي النهاية أدعو نفسي أولاً، وكل من تيسر له قراءة هذه السلسلة كلها أو بعضها: أن يكون هناك حصاد للقراءة، وثمرة للاطلاع، فالمواقف العديدة فيه تحمل من المعاني الشرعية والسلوكيات التربوية: ما هو كفيل - إن شاء الله - لمن تأسى بأصحابها: أن يكون على الصراط السوي، والهدي النبوي، ذلك بأن الله تعالى خاطب جيل النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ﴿ فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا... ﴾.
فالهدى الحقيقي في الإيمان بمثل ما آمن به هؤلاء الأصحاب، والعمل بمثل ما عملوا.
أما أن تقف قراءة القارئ عند حد زيادة المعلومات، والإعجاب بالمواقف دون التحرك إلى الإمام!!؟؛ عندها يكون النص الشرعي، والحديث النبوي، وسلوك الصحابة العملي حجة الله على من علم به، ولم يعمل!!؟.
رزقني الله وإياكم العلم النافع، والعمل الصالح، والإخلاص في السر والعلن، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.