تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى العام > نقاش حر

> أزمة الدولار وأزمة الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية،

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 09-04-2007
  • المشاركات : 327
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • tahriri is on a distinguished road
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
أزمة الدولار وأزمة الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية،
12-05-2008, 03:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
جــواب ســؤال

السؤال: لازالت أزمة الدولار مستمرة، فهو في انخفاض لافت للنظر، وقد تبع ذلك ارتفاع في أسعار النفط والذهب ومعادن أخرى, ثم تبع ذلك أيضاً ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، وكل ذلك حدث في سابقة لم يحدث مثلها من قبل من حيث استمرارها وشدتها، وكونها شملت عدة أزمات...
فهل هذه الأزمة هي نتيجة مشكلة اقتصادية فعلية، أو أن أيدي السياسية الأمريكية هي التي حركتها وصعدتها؟
أرجو توضيح ذلك وجزاكم الله خيراً.

الجـــــواب

إن هذه المشكلة لها جانب اقتصادي حقيقي، ولكن دخلت على هذا الخط أيدٍ سياسية صعدت المشكلة، ووسعت مسارها، وجعلتها تأخذ هذا الحجم الذي نراه.
وحتى تتضح الصورة تماماً سنبين كيف نشأت الأزمة، وكيف دخلتها الألاعيب السياسية، ثم كيف أثرت على ارتفاع أسعار النفط والذهب والمعادن، ثم نشوء الأزمة الغذائية.

أولاً: إن هناك أزمة حقيقية في الاقتصاد الأمريكي أثرت على فاعلية الدولار وقوته، وبالتالي أصابه هذا الانخفاض الشديد، وقد نشأت هذه الأزمة بفعل الأسباب التالية:

1- العجز التجاري الأمريكي: تستورد أمريكا من بضاعة وخدمات أكثر مما تصدره. فشهية المستهلك الأمريكي مفتوحة للاستيراد. فمثلاً استوردت أمريكا في عام 2003م بضائع وخدمات بقيمة $1,652 بليون، بينما كانت صادراتها تعادل $1,203 بليون أي أن العجز التجاري 449 مليار دولار، وقد تصاعد هذا العجز حتى وصل 816 مليار دولار. وقد كان الفارق بين المستورَد والمصدَّر عبارة عن أوراق مطبوعة (دولارات) أمريكية أو سندات حكومية أمريكية، وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى انخفاض فعلي في الدولار، حتى ولو لم يعلن رسمياً.
إن أمريكا لم تمر بمثل هذا العجز التجاري. بل على العكس من ذلك فإن أمريكا مرت بفائض تجاري ولعقود عديدة، وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية، ثم بدأ هذا الفائض يتناقص... وبخاصة بسبب المنافسة من البلدان الأوروبية والآسيوية، التي تنتج السلع بأسعار أقل، ما زاد استيراد المستهلك الأمريكي من بضائع وخدمات من تلك الدول، ثم تواكبت هذه الظاهرة مع حجم النفقات العسكرية على الحرب الفيتنامية ما أدى إلى رفع فاتورة المدفوعات، ومن ثم اضطرت أمريكا عام 1971م لإلغاء دعم الدولار بالذهب، فكانت هذه أول الهزات. وفي الثمانينات عندما نمت التجارة العالمية ورحلت المصانع من أمريكا إلى البلدان ذات الأيدي العاملة الرخيصة، زاد ظهور العجز الاقتصادي. كما أن الاستيراد من البلدان المصدرة للبضائع الرخيصة من مثل المكسيك والصين وماليزيا بشكل ثابت أدى إلى اتساع الفارق التجاري.
وهكذا فإن عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات قد خلقا الشكوك وعدم الثقة في الاقتصاد الأمريكي عند المستثمرين، وفيما بعد أدى إلى هبوط الدولار.

2- المديونية: أظهرت إحصاءات وزارة الخزانة الأميركية ارتفاع الديون الحكومية (الإدارة المركزية والإدارات المحلية) من 4.3 تريليونات دولار في عام 1990م إلى 8.4 تريليونات دولار في عام 2003م وإلى 8.9 تريليونات دولار في عام 2007م. وأصبحت هذه الديون العامة تشكل 64% من الناتج المحلي الإجمالي. وبذلك يمكن تصنيف الولايات المتحدة ضمن الدول التي تعاني بشدة من ديونها العامة. ولا يتوقف ثقل المديونية الأمريكية على الإدارات الحكومية بل يشمل الأفراد والشركات أيضاً. فقد بلغت الديون الفردية مؤخرا إلى مبلغ قدره 6.6 تريليونات دولار. أما ديون الشركات فتحتل المرتبة الأولى من حيث حجمها البالغ 18.4 تريليون دولار. وبذلك يكون المجموع الكلي نحو 34 تريليون دولار أي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. هذه الديون بذاتها أزمة اقتصادية خطيرة.

3- ارتفاع اليورو: منذ أن تم صك اليورو، أصبح اليورو ثاني احتياطي عالمي بعد الدولار. وقد ورث اليورو هذه المكانة عن المارك الألماني، بل وزاد من مكانته، وكان ذلك على حساب الدولار، وهكذا أصبحت الثقة باليورو تزيد، وهي بالنسبة للدولار تنقص، وكل هذا أثر في الطلب على الدولار فانخفضت قيمته، وبسبب فقدان الدولار قيمته دفع بالعديد من المستثمرين لاعتماد اليورو في استثماراتهم بدل الدولار.
إلى ذلك فإن أميركا تعاني من مشاكل اقتصادية أخرى في مقدمتها التضخم الذي تجاوز 4% والبطالة التي تشكل 5% والصناعة التي تتراجع، والفقر وسوء الخدمات التعليمية...

كل هذه العوامل أدت إلى انخفاض قيمة الدولار.
وقد أدى هذا الانخفاض إلى أن تعمد بعض البنوك المركزية لتخفيض مخزونها من الدولارات ويقول "بول ماكل"، وهو استراتيجي عملات في بنك «إتش إس بي سي» إن البنوك المركزية «أدركت منذ فترة أنها لا ترغب في زيادة مفرطة لما تمتلكه من دولارات. فقد انخفض إجمالي ممتلكات البنوك المركزية في أنحاء العالم الموجودة في صورة دولارات من 73 في المائة إلى 64 في المائة».
هذا هو الأساس الاقتصادي الحقيقي لأزمة الدولار.

ثانـياً: بعد ذلك دخلت الأيدي السياسية الأمريكية في تحريك الأزمة لتخدم مصالحها، ولتنقل الأزمة من أزمة محلية أمريكية إلى أزمة دولية... وكان ذلك على النحو التالي:

1- إن انخفاض عملة البلد المصدر تزيد من صادراته لأن أسعار السلع تصبح رخيصة نسبياً حيث إن المستوردين سيدفعون قيمة نقدية أقل على اعتبار أن أسعار تلك المواد بعملة بلدها أصبحت أقل نتيجة انخفاض العملة، فمثلاً إذا كان المستورد يدفع (1000)$ ثمن السلعة وكانت تساوي (1000) يورو مثلاً، فإذا انخفض الدولار (10)% مثلاً فإن المستورد سيدفع (900) يورو بدل ال (1000)$ السابقة، ولذلك يقبل التجار على استيراد سلع تلك الدولة بسبب انخفاض عملتها.
غير أن هذا يكون جيداً إذا كان الانخفاض لا يتجاوز 5%، ويكون مقبولاً حتى 10%. أما إن زاد عن ذلك، فإنه سيشكل عبئاً على المصانع المنتجة بسبب التضخم الناتج عن التخفيض، أي زيادة أسعار المواد في تلك البلد نتيجة تخفيض عملتها حيث تنخفض القدرة الشرائية لها. وبسبب هذا التضخم تزيد الكلفة على المصانع، فتزيد أسعار منتجاتها المصدرة، أي أن ثمن السلعة لن يبقى (1000)$ مثلاً بل سيزيد، وهكذا فإن انخفاض العملة إذا زاد عن حدٍ معقول، فإنه سيزيد من كلفة الإنتاج فيزداد سعر السلعة، وبالتالي تقل كمية التصدير بسبب التضخم الناتج عن التخفيض. وفي حالة أمريكا فإن انخفاض الدولار قد زاد عن الحد المعقول فمثلا: أصبح اليورو يزيد عن 1,6 دولار بعد أن كان في عام 2000م يعادل نحو0,8 $، أي أن انخفاض الدولار تجاوز الحدود الاقتصادية القصوى بأكثر من خمسة أضعاف...
ولذلك فإن الصادرات الأمريكية نتيجة هذا التخفيض لم تزد إلا بقدر ضئيل، أي أن العجز التجاري، مع أنه قل قليلاً، إلا أنه بقي موجوداً.
ومع ذلك فإن أمريكا لم تتخذ إجراءً لتصحيح هذا العجز، فهي لم تخرج جزءاً من مخزونها النفطي للاستعمال وذلك لتخفيض سعر الطاقة بالنسبة للمصانع المنتجة فتنخفض كلفة الإنتاج، فيزيد التصدير، بل رفضت إدارة بوش إخراج جزء من مخزونها النفطي ووضعه للاستعمال لتخفيض سعر الطاقة الذي تصاعد بشكل كبير، أي أنها لم تعالج موضوع العجز التجاري اقتصادياً.
وكذلك هي لم تعالج المديونية بل عملت على زيادتها بسبب استمرار عدوانها الإجرامي على أفغانستان والعراق الذي يكلفها أكثر من (2) ترليون دولار. كما أن إدارة بوش أعطت قروضاً للأغنياء الرأسماليين الأمريكان بنحو ترليون دولار من خلال استقطاع الضرائب عنهم وذلك لدوافع سياسية وانتخابية...، ما جعل المديونية على حالها وتزيد.
وهكذا أبقت أمريكا على تخفيض الدولار ولم تتخذ أي إجراء اقتصادي لتصحيحه، ثم استعملت هذا التخفيض استعمالاً سياسياً بابتزاز الدول ذات الاحتياطي الكبير من الدولار ...، مثل الصين التي تملك احتياطاً دولارياً نحو ألف مليار دولار مما يجعلها تخسر نتيجة التخفيض مبالغ طائلة، ثم الهند والدول الأوروبية والدول النفطية... ما أجبر تلك الدول على محاولة إسناد الدولار بتعويم بعض عملاتها، وشراء الدولار أي زيادة الطلب عليه، فتقلل شيئاً من انخفاضه...

2- ثم كانت الخطوة السياسية الأمريكية التالية أمام انهيار أسهم شركات الرهن العقاري، حيث تمكنت أمريكا بواسطتها من نقل الأزمة من أزمة أمريكية إلى أزمة دولية!
لقد قدمت الدولة قروضاً بفائدة مخفضة للشركات العاملة في الإسكان وبخاصة شركات الرهن العقاري التي تبيع المساكن مقابل رهنها حتى تسديد أقساط ثمن البيع. ولذلك أصبحت السيولة متوفرة بشكل كبير عند هذه الشركات، ما دفعها لتيسير شروط بيع المساكن...، وبأسعار ميسرة بل مخفضة حيث إن السيولة المادية عند الشركات العاملة في الإسكان والرهن العقاري أصبحت متوفرة بفعل القروض المقدمة من الدولة بفوائد مخفضة... فأقبل الناس في أمريكا على شراء المساكن... وفتحت أمامهم سبل تسديد الدفعة الأولى من قروض ميسرة يأخذونها من المصارف الأمريكية التي صارت تعطي القروض لأصحاب المساكن بفوائد مناسبة، بل إنها تعطي قروضاً للإسكان بكامل سعر المسكن المرهون، وليس كما تفعل المصارف الأوروبية بأن تعطي قرضاً في حدود 60% من سعر العقار المرهون، وكل ذلك لأن الدولة كانت تعطي قروضاً للشركات والمصارف بفوائد مخفضة، ما جعل قطاع العقار يزدهر بشكل ملحوظ.
وبسبب سياسة العولمة وانفتاح الشركات على بعضها كلما وجدت ازدهاراً وربحاً، أقبلت الشركات العالمية والبنوك الخاصة والمركزية وكذلك الأفراد على شراء الأسهم في شركات الرهن العقاري الأمريكية سعياً وراء الربح...، حيث أخذت قيم العقارات وبالتالي أسهم الشركات العقارية المسجلة بالبورصة بالارتفاع بصورة مستمرة في جميع أنحاء العالم خاصة في الولايات المتحدة حتى بات شراء العقار أفضل أنواع الاستثمار في حين أن الأنشطة الأخرى بما فيها التكنولوجيا الحديثة معرضة للخسارة. كما حدث سابقا حين كان الإقبال شديد على الاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات. وأقبل الأميركيون أفراداً وشركات على شراء العقارات بهدف السكن أو الاستثمار الطويل الأجل أو المضاربة. واتسعت التسهيلات العقارية إلى درجة أن المصارف منحت قروضاً حتى للأفراد غير القادرين على سداد ديونهم بسبب دخولهم الضعيفة.
بقي هذا الأمر جارياً دون مشاكل حتى العام المنصرم، وبخاصة عندما زاد عبء الديون على الدولة، فتوقفت أمريكا عن إعطاء قروض ميسرة لشركات الرهن العقاري وللمصارف، بل وطالبتها بسداد القروض التي أخذتها سابقاً عند حلول مدتها... وصارت شركات الرهن العقاري والمصارف تطالب أصحاب المساكن، وحيث البطالة والتضخم والوضع الاقتصادي السيئ في أمريكا، فلم يستطع أصحاب المساكن لا تسديد ثمن البيع، ولا قروض الدفعات التي أخذوها من المصارف... وهبطت قيمة العقارات ولم يعد الأفراد قادرين على سداد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة، فالبيت الذي كان يساوي نصف مليون دولار أصبحت قيمته 200 ألف ولا يجد من يشتريه كما ورد في الأنباء، وفقد أكثر من مليوني أميركي ملكيتهم العقارية وأصبحوا مكبلين بالالتزامات المالية طيلة حياتهم. ونتيجة لتضرر المصارف الدائنة نتيجة عدم سداد المقترضين لقروضهم هبطت قيم أسهمها في البورصة، وتكبدت شركات الرهن العقاري خسائر فادحة تقدر بألفي مليار دولار، وأعلنت شركات عقارية عديدة عن إفلاسها.
وبالتالي أصبح الكثير من الديون معدوماً، ولا يمكن استرداده.
وفي عرض للمصارف الكبرى التي تعرضت أخيراً إلى هزة عنيفة في قطاع الرهن العقاري الأميركي أشارت مجلة «سوق»، الدورية، الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في برلين إلى بنك «سيتي غروب» الأميركي الذي كشف مطلع السنة الجديدة عن خسائره في الربع الأخير من العام الفائت، بلغت 9.83 بلايين دولار (6.6 بلايين يورو في حينه)، وارتفعت خسارة البنك المذكور في المجال العقاري حتى الآن، إلى أكثر من 18.1 بليون دولار.
وحصل التطور السلبي ذاته، مع مصرف «مــيريل لينــش» الأميركي الذي أعلن شطب 14.1 بليون دولار من أصوله، ما يعني أن خسائره للربع الأخير من ٢٠٠٧ بلغت بدورها 9.8 بليون دولار، وهي الخسارة الأكبر في تاريخه.
والأمر ذاته حصل مع مصرف «يو بي إس» السويسري الضخم الذي حصل على بلايين الدولارات من صندوق سنغافورة السيادي (GIC) ليتفادى الإفلاس.
وهكذا انهارت أسهم الشركات العقارية في البورصة، وبالتالي هبطت أسهم الشركات والمصارف في كثير من دول العالم حيث كانت ذات صلة بالاستثمار أو الأسهم في الشركات العقارية الأمريكية أو بأعمال مباشرة في قطاع العقار الأمريكي، حتى إن العدوى أصابت القطاعات التي لا تتعامل في الأنشطة العقارية، ولكن بسبب العولمة وتداخل أعمال القطاعات الاقتصادية فقد حصل التأثر فيها.
وما إن انخفضت قيم الأسهم في وول ستريت في أمريكا حتى انخفض المؤشر العام للقيم بنسبة 7.1% في فرانكفورت و6.8% في باريس و5.4% في لندن و7.5% في مدريد و3.8% في طوكيو و5.1% في شنغهاي و6% في ساوباولو و9.8% في الرياض و9.4% في دبي و3% في بيروت و4.2% في القاهرة.
ولعظم الخسارة وحجم الديون المعدومة تقرر أن يحث الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" ورئيس الوزراء البريطاني "غوردن براون" البنوك ضمن لقائهما في 27/03/2008م على القيام بكشف كامل وفوري للديون المعدومة لديها. وكان "براون" قال في يناير/كانون الثاني الماضي إن بريطانيا تواجه اختباراً عصيباً مع اقتصاد عالمي في وضع صعب وخطير بسبب أزمة الائتمان الناجمة عن أزمة القروض العقارية الأميركية، وقد جاء ذلك بعدما تعرض نورذرن روك -خامس مؤسسة مصرفية بريطانية في قطاع التسليف المتعلق بالرهون العقارية- لضرر بالغ بسبب تداعيات أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة.
وهكذا نقلت أمريكا أزمة شركات الرهن العقاري من أزمة أمريكية إلى أزمة دولية لدرجة أن قامت البنوك المركزية في أوروبا بضخ أكثر من 150 مليار دولار العام الماضي لدعم شركات الرهن العقاري حتى لا تتضرر منها وتنهار البورصات في العالم ومنه أوروبا بسبب امتداد الشركات العالمية في كل الدول وتشابكها بعضها ببعض بسبب نظام العولمة. وبذلك ابتزت أمريكا أوروبا ودعمت شركاتها أي شركات الرهن العقارية الأمريكية بهذه الوسيلة.
والخلاصة أن للأزمة الأمريكية أبعاداً عدة اقتصادية وسياسية؛ فأمريكا تمر بأزمات حقيقية أدت إلى انخفاض الدولار، فقامت بمناورات أو (مؤامرات) سياسية لجعل العالم كله يشاركها في أزماتها وإلا فالعالم كله سيغرق معها، خاصة بعد انتشار العولمة وانفتاح الأسواق كلها على بعضها البعض تحت مسمى اقتصاد السوق وامتداد الشركات كلها عبر العالم وتداخلها مع بعضها البعض. فأصبحت أكثر بلدان العالم بأسواقها مفتوحة على بعضها البعض.
وهكذا استغلت أمريكا انخفاض دولارها بسبب أزمتها الاقتصادية للتخفيف من عجزها التجاري وللابتزاز السياسي وبخاصة بالنسبة للدول التي لديها مخزون كبير من الدولارات. وكذلك استطاعت أن تنقل أزمة شركات الرهن العقاري إلى أزمة دولية، وهي ليست بعيدة عن هذه الأزمة.
ومع ذلك فكل هذه الأعمال السياسية الأمريكية لن تعيد الاقتصاد الأمريكي إلى ازدهاره بل هي فقط قد توقف انهياره، ولولا سياسة العولمة والسوق المفتوح, ولولا النظام الرأسمالي الاقتصادي المتحكم في اقتصاد العالم... ولولا أن دولاً لازالت تعتمد الدولار احتياطياً مركزياً، لولا ذلك لما بقي الاقتصاد الأمريكي واقفاً على قدميه حتى الآن.

ثالـثاً: أما سبب ارتفاع أسعار المنتجات المعدنية كالنفط والذهب والحديد... فإنه بعد انهيار شركات الرهن العقاري، وانخفاض سوق الأسهم والسندات، وانخفاض مؤشرات البورصات، فإن ثقة المستثمرين قد قلت في وسائل الاستثمار غير ذاتية القيمة، أي التي لا تحمل قيمتها الذاتية، كالسندات والأسهم والبورصات، فانصرف المستثمرون عنها إلى وسائل استثمار ذاتية القيمة، كالذهب والمعادن المهمة الأخرى، وهذا ما زاد الطلب على الذهب، فارتفع سعره ارتفاعاً هائلاً، فوصل سعر الذهب 1000$، وهو مرشح للارتفاع نحو 1500$ أو يزيد وفق الظروف الجارية...
إن أشد المتضررين من ارتفاع أسعار الذهب هي الولايات المتحدة، حيث إن هذا الأمر إذا استمر فسيعيد الدولار إلى قيمة لا تساوي أكثر من قيمة الورق والكتابة عليها، ولهذا فمن المحتمل أن تقوم أميركا في الفترة المقبلة بكبح أسعار الذهب. وقد بدأت تظهر إشارات ذلك، حيث قام صندوق النقد الدولي باتخاذ قرار بيع 403 طن ذهب بسبب العجز في الميزانية، إلا أن صندوق النقد الدولي أعلن أنه سيقوم بذلك البيع في فترات متباعدة طويلة الأمد. وهذا الإعلان هو إعلان (مضاربة) من شأنه أن يؤثر في خفض سعر الذهب. وهنالك احتمال أن يتم بيع الذهب إلى البنوك المركزية، ما قد يتسبب بقيام البنوك المركزية برفع نسبة الفائدة، ومما سيتسبب برفع سعر الصرف. ومجدداً فإن تصريحات صندوق النقد الدولي في 09 نيسان/أبريل 2008م من أن الأزمة المالية ستكلف تريليون دولار أكثر من كونها شرح الواقع بإنصاف وصدق فإنها كانت بمثابة مضاربة لتغيير جهة سير الاقتصاد والمالية. وكما جاء في تعليق أوردته صحيفة التلغراف الإنجليزية فإن صندوق النقد الدولي هو آخر عنوان يمكن طرقه للخروج من الأزمة المالية الموجودة. لذا فإن هذا التصريح هو بمثابة تحضير لذلك.
وهكذا فإن هبوط قيمة الدولار وأزمة فقدان ثقة المستثمرين في سوق الأصول الأمريكية دفع بالعديد من المستثمرين إلى عدم الاستثمار في النقود الورقية الائتمانية. والتقدير العقلي لهذا أن النقود الورقية الحالية غير مسنودة بشكل كلي لأصول محسوسة. أي انه وفي هذه الأجواء فان انتقال أزمة الثقة تنتشر بشكل سريع لباقي العملات. ولهذا السبب فان بعض البنوك المركزية من مثل البنك المركزي الصيني بدا بشراء الذهب، ما أدى إلى ارتفاع سعر الذهب إلى أعلى مستوياته. وهذا هو نفس سبب ارتفاع أسعار بعض المعادن من مثل الفضة والبلاتينيوم. كما انه بسبب زيادة طلب الهند والصين على النحاس والزنك والألمنيوم والنيكل قد أدى إلى زيادة في أسعارها، وهذا الطلب على هذه المعادن من قبل الهند والصين بسبب النمو المتسارع لاقتصاد البلدين. فهذا الطلب على هذه المعادن استمر ل 12 سنة من قبل الصين وآخر 4 سنوات من قبل الهند. فقد أنفقت الصين $1 تريليون على البنية التحتية، وستنفق $50 بليون أضافيات في كل عام للسنين الخمسة عشرة القادمة. وقد بدأت الهند بإعادة بناء بنيتها التحتية منذ ستة سنوات. وقد كانت بداية الاستثمارات ضعيفة، ولكن بلغ حجم الاستثمارات في السنوات الأربعة الأخيرة $50 بليون. وقد وضعت خطة لاستثمار ما بين $30 -$40 بليون سنويا للسنين العشر القادمة. إلا انه لا يوجد من المعادن ما يكفي لتغطية هذه الخطة. وزيادة على ذلك فان ارتفاع أسعار البترول زاد من كلفة الإنتاج وبالتالي زاد من ارتفاع الأسعار عموما.
إن سبب ارتفاع أسعار النفط يعود إلى هبوط في قيمة الدولار، وزيادة في القوة الشرائية للنفط من قبل الدول من مثل الاتحاد الأوروبي، والصين والهند لسد زيادة الطلب عليه من اجل سد حاجة تلك البلدان للنفط، إلا أن السبب المهم الذي أدى إلى ارتفاع سعر النفط هو المضاربة. فمضاربات أمريكا على النفط أدت إلى ارتفاع أسعاره، وذلك كي يتم جمع الدولارات الموجودة في السوق ممن يطلب شراء النفط، حتى تتمكن أمريكا من تجنب انهيار عملتها. وهذا هو سبب عدم ثبات المعلومات عن المخزون النفطي الأمريكي.
وللمضاربات دور في رفع الأسعار؛ فمثلا زادت المضاربات في العقود الآجلة في النفط. وكذلك المضاربات في أسعار المعادن وعلى رأسها الذهب. فيعزى ارتفاع أسعار الذهب نتيجة إقبال دول مثل الصين وروسيا وبعض دول آسيا على شراء الذهب للتخلص من كميات الدولارات الهائلة لديها. فالدول لم تعد تثق بالدولار، وانخفاضه يسبب لها خسائر فادحة. وكذلك إقبال الصين على شراء الحديد وباقي المعادن اللازمة للصناعة مما زاد من أسعار الحديد والمعادن الأخرى. فهنا في ألمانيا مثلا صار إقبال كبير على الحديد الخردة، وارتفعت أسعاره، بل تضاعفت لان الكثير منه أصبح يصدر إلى الصين.
ومن المعلوم أنه كلما انخفض الدولار ارتفع سعر النفط في علاقة عكسية معروفة منذ زمن، وهذا واقع الحال اليوم، ففي 17/04/2008م سجلت أسعار النفط مستويات تخطت عتبة 115 دولاراً للبرميل، ثم استمرت بالارتفاع حتى تجاوزت هذا اليوم 5/5/2008م مقدار 120 دولاراً.
وهكذا تكون أسعار النفط قد ارتفعت لأكثر من أربعة أمثالها منذ العام 2002م، حيث ازداد الطلب ولاسيما في الصين وسائر الاقتصاديات الصاعدة، وإن التوقعات تشير إلى أن الأسعار ستصل إلى 130دولارا في نهاية شهر ديسمبر المقبل.

رابـعاً: أما أزمة الغذاء العالمية فإنه في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية والتي أحدثتها أزمة الرهن العقاري الأميركي، فقد نتجت أزمة أخرى أشد خطورة تهدد الأمن الغذائي العالمي، ففي شتى أنحاء العالم، ارتفعت أسعار الأغذية من الخبز حتى الحليب.
لقد ظهرت الأزمة خلال الآونة الأخيرة بعد ارتفاع أسعار القمح والذرة والأرز وباقي المواد الغذائية الأساسية في السنوات الأخيرة ، وتصاعدت بوتيرة مقلقة في الأشهر القليلة الماضية.
في 6/12/2008م نشرت مجلة الـ إيكونوميست البريطانية تقريراً جاء فيه أن أسعار الحبوب ارتفعت بشكل غير مسبوق منذ تأسيس مؤشر الـ إيكونوميست لأسعار المواد الغذائية عام 1945م، بلغت الزيادة حسب الـ إيكونوميست 75%. أما بورصة مجلس شيكاغو للتجارة التي تمثل المقياس العالمي الأول فيما يتعلق بأسعار الحبوب في العالم فقد ذكرت أن القمح ارتفعت أسعاره بنسبة 90%، فول الصويا 80%، الذرة 20%, ولازالت الأسعار ترتفع منذ ذلك التاريخ حتى اليوم.
وأما أسباب ارتفاع الأسعار، وبالتالي حدوث أزمة الغذاء، فأبرزها:

1- ارتفاع أسعار النفط وانخفاض أسعار الدولار: إن ارتفاع أسعار النفط أدى إلى ارتفاع في أسعار المستلزمات الزراعية من مثل البذور والسماد والمبيدات الحشرية والآلات والنقل. فارتفاع كلفة الإنتاج والنقل أثرت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وبخاصة القمح والأرز والذرة فعلى سبيل المثال فقد ارتفع سعر الأرز في الفلبين بنسبة 70% خلال السنة الماضية.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن أسعار المواد الغذائية تقدر غالباً بالدولار، فلما انخفضت قيمة الدولار ارتفعت الأسعار تلقائياً.
قال جراتسيانو «غياب الثقة في الدولار جعل صناديق الاستثمار تبحث عن عوائد أعلى في السلع الأولية... أولا في المعادن ثم في الأغذية». وقد قام العديد من المضاربين في السنوات الخمس الأخيرة بتحويل أموالهم إلى أسواق السلع الأولية بحثا عن عوائد أعلى مما يحصلون عليه من أسواق الأسهم والسندات.

2- الظروف المناخية: التي تؤثر في تخفيض الإنتاج الزراعي كالفيضانات والأعاصير ثم الجفاف فمثلاً إن واحدة من أكبر المصدرين للحبوب وهي أستراليا تواجه أكثر حالات الجفاف خطورة في تاريخها... وقد صاحب هذه الظروف المناخية في السنوات الأخيرة طفرة اقتصادية في بعض الدول كالصين والهند والبرازيل أدت إلى زيادة في استهلاك اللحوم.
ومن المعلوم أنه لإنتاج قطعة لحم تحتوي على مائة سعر حراري يتعين إطعام الحيوانات المنتجة للحم 700 سعر حراري من الحبوب، ومن بين ال 2,13 بليون طن من الحبوب فان 1,01 بليون طن فقط مخصص لإطعام الناس وذلك حسب إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتّحدةِ. وبالتالي فان تربية الماشية تزيد من ارتفاع الأسعار العالمية.

3ـ إنتاج الوقود الحيوي من الحبوب: اعتبر "جان زيغلر" المقرر الخاص للأمم المتحدة للحق في الغذاء في تصريح لإذاعة ألمانية أن الإنتاج الكثيف للوقود الحيوي يمثل اليوم "جريمة ضد الإنسانية" بسبب تأثيره على ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم.
والوقود الحيوي قائم على المنتجات الزراعية، وقد استخدم، في السنوات الأخيرة، كثير من الدول الصناعية المحاصيل الزراعية والأراضي الزراعية في إنتاج الوقود الحيوي للتخفيف من الاعتماد على النفط الذي ارتفعت أسعاره إلى أرقام قياسية، ما أدى إلى زيادة الطلب على الوقود الحيوي، وبالتالي ارتفاع أسعار الحبوب.
ففي بلدان من مثل الولايات المتحدة والبرازيل تحولت الأراضي الزراعية إلى زراعة الذرة وفول الصويا لإنتاج الايثانول. فمنذ العام 2001م زادت كمية الذرة المستخدمة في إنتاج الايثانول الحيوي في الولايات المتحدة بنسبة 300%. كما أن أمريكا تسعى إلى إنتاج 35 بليون جالون (133 بليون لتر) من الايثانول بحلول عام 2017م. وقد أقر الكونغرس الأمريكي في وثيقة الطاقة لعام 2005م على زيادة إنتاج الايثانول المستخرج من الذرة من 4 بليون جلون في العام 2006م إلى 7,5 في العام 2012م.
وفي آذار 2007م التقى الرئيس الأمريكي "جورج بوش" بنظيره البرازيلي "لويز انيسيا لولا سلفا" لتوقيع معاهدة بين البلدين "معاهدة الايثانول" للتعاون المشترك بين البلدين لإجراء بحوث وتطوير الجيل القادم من إنتاج الوقود الحيوي، وتشكيل اتحاد تجاري للوقود الحيوي وخصوصا في بلدان وسط أسيا. لقد كانت اتفاقية "الايثانول" بين الرئيسين بداية لنمو ظاهرة زراعة الحبوب من اجل استخدامه في إنتاج الوقود الحيوي. فقد قضت مزارع قصب السكر وزيت النخيل والصويا المخصصة لإنتاج الوقود الحيوي على الأراضي العشبية والغابات في البرازيل والأرجنتين كولومبيا والإكوادور والايرغواي. فقد احتلت مزارع الصويا في البرازيل ل21 مليون هكتار من أراضي الغابات، و14 مليون هكتار في الأرجنتين، ولا يبدو أن هذه الظاهرة ستنحسر ما دامت أسعار الحبوب في ارتفاع. وسيقتطع 100 مليون طن من الحبوب من مجموع 2,13 بليون طن في استخراج الوقود الحيوي في العام 2008م ، وبعبارة أخرى ستستخدم هذه الأطنان لإطعام السيارات.

4- الفشل الإداري والسياسي: أما عن إنتاج القمح والذي يعتبر منتجا إستراتيجيا فالاتحاد الأوروبي ينتج 122 مليون طن، الصين تنتج 106 مليون طن، الهند تنتج 75 مليون طن، الولايات المتحدة تنتج 56 مليون طن، روسيا تنتج 48 مليون طن. كما أن الولايات المتحدة تصدر 32 مليون طن، كندا تصدر 15 مليون طن، الاتحاد الأوروبي عشرة مليون طن، الأرجنتين عشرة مليون طن.
أما الدول العربية فكلها عدا سوريا مستوردة للقمح وعلى رأسها مصر بلد النيل أكبر مستورد للقمح في العالم، مصر 7 مليون طن، الجزائر بلد جبال الأطلس والمزارع التي كانت تشتهر بها في عهد الفرنسيين تستورد 5 مليون طن، العراق بلد دجلة والفرات تستورد 3 مليون طن، المغرب 3 مليون طن، اليمن فيستورد ما يقرب من 3 مليون، وتونس 1من عشرة طن، والأردن 500 ألف طن.
وفي ظل انخفاض الدولار وارتفاع أسعار النفط فإن تكلفة استيراد القمح سترتفع أكثر فأكثر، ما سيكلف ميزانيات تلك الدول أموالا طائلة حتى لو حصلت على القمح والحبوب بـأسعار تفضيلية.
هذا على الرغم من ما تمتلكه هذه الدول من مصادر مياه وأراضٍ خصبة! أفليس من المستهجن أن تكون بلاد النيل والنهرين وجبال أطلس من أكبر بل أكبر المستوردين للقمح في العالم!!!.
ولعل ما جاء من توصيات مؤخرا في تقرير للبنك الدولي حول مصادر المياه في الشرق الأوسط وشمالي لإفريقيا، يبين كيف ترسم السياسة الخبيثة للدول العربية! فقد خلص التقرير إلى أنه لتوفير المياه يجب تبنى سياسات زراعية تقلل من استهلاك المياه، فأوصى بزراعة الطماطم والبطيخ... وبعدم زراعة القمح!، وبطبيعة الحال فإن توصيات البنك الدولي التي قال عنها "بير فرنشيسكو مانتوفاني" خبير المياه في البنك الدولي إنها لا تتعلق بإجراءات تقنية يقررها مهندسون بل بإصلاحات سياسية عميقة!
ومع العلم أن كثيرا من الدول لديها إمكانية زراعة القمح، ولكن السياسة الاستعمارية التي اتبعها صندوق النقد الدولي تحول دون ذلك، حيث إن الصندوق يشجع زراعة التبغ والقطن لدى الدول التي تتبع سياسته، ويعطي القروض والمساعدات لزراعتهما، في حين يمنع القروض والمساعدات لزراعة القمح، وذلك من أجل تمويل المصانع الغربية بهاتين المادتين.
إن بلاد المسلمين قد حباها الله بأراض خصبة ومياه وفيرة، وهي لو أحسن استغلالها تجعل المسلمين في بحبوحة من العيش، ولكن هذا يحتاج إلى نظام صالح من لدن حكيم خبير، نظام الإسلام الخلافة الراشدة، التي تملأ الأرض عدلاً وخيراً، وعسى أن يكون ذلك قريباً بإذن الله.


01 جمادى الأولى 1429هـ
الموافق في 05/05/2008م
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 09-04-2007
  • المشاركات : 327
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • tahriri is on a distinguished road
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
رد: أزمة الدولار وأزمة الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية،
19-05-2008, 10:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار العالمي سببه السياسة الأمريكية الرأسمالية الجشعة


بقلم : أبو أنس - قطر


بعد تأسيس الاتحاد الأوروبي, ظهر اليورو قويا أمام الدولار ما أدى إلى ازدياد المنافسة للدولار في الأسواق العالمية.
وبعد احتلال أفغانستان والعراق وتكبد أمريكا نفقات هائلة لتمويل الحربين وارتفاع سعر صرف الدولار في تلك الفترة أوجد كل ذلك كسادا في البلد نتج عنها أزمة الرهن العقاري الأمريكي التي شكلت ضغطا على الدولار. وسبق دلك ازدهار الاقتصاد في منطقة اليورو والصين واليابان على حساب أمريكا. وقبل أن نبين سياسة أمريكا حيال ذلك لا بد من بيان أزمة الرهن العقاري الأمريكي كما يلي:

• نتيجة نفقات أمريكا الباهظة على حروبها انخفض معدل الإنفاق العام على مرافق الدولة الأخرى نتج عنها انخفاض في بناء المساكن والعقار الأمريكي وكذلك ضعف في معدلات الادخار لدى الأمريكان.

• أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المنازل والعقار وجعل منها نشاطا مغريا لسوق الإقراض.
• ازدادت نسبة الإقراض وقلت نسبة السداد.

• تبعها تخلف سداد القروض العقارية بحوالي 100 مليار دولار وخصوصا من الكثير من المقترضين من ذوي الائتمان الضعيف أو المعدوم.

• أدى ذلك إلى توجيه ضربة إلى السوق (البنوك والشركات المقرضة) وتراجعت أسهمها وعرضت أكثر من 50 شركة رهن أمريكية نفسها للبيع أو أعلنت إفلاسها وقدرت الخسائر بأكثر من 100 مليار دولار.

• جمدت الشركات والبنوك الأوروبية استثماراتها بعشرات المليارات في سوق العقار الأمريكية فزادت الطين بلة.

• معظم هذه البنوك والشركات الاستثمارية العقارية مدرجة في سوق المال الأمريكية فتراجع أسهمها هبط بمجمل الأسواق الأمريكية.

• شكل ذلك كله عامل ضغط كبير على الدولار فأرادت أمريكا أن تضرب اقتصاديات العالم جميعها وتسترجع عافيتها وخصوصا أنها تمسك حاليا بالأسباب التي تمكنها من ذلك، فاتخذت على اثر ذلك خطوتين:

أولهما : تخفيض نسبة الفائدة على الدولار حتى يهبط سعره أمام العملات الرئيسية الأخرى فتزدهر التجارة الأمريكية على حساب غيرها لرخص السلع والخدمات أمام الدولار وارتفاعها أمام اليورو والين.

ثانيهما: تمثلت في رفع سعر النفط المرتبط بالدولار والذي يؤدي بشكل مباشر إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات والتي تملك أمريكا قراره.

والملاحظ أن ارتفاع سعر النفط خلال سنة (2007-2008) يساوي تقريبا 60% والذي تسبب في ارتفاع كبير لأسعار السلع والخدمات.
بينما كان هبوط سعر صرف الدولار لنفس الفترة تقريبا 25% فيمكن ملاحظة قوة الضربة ومدى الخسارة الموجهة إلى الاقتصادات الأخرى وباقي دول العالم ومقدار الفائدة والأرباح التي تحققها أمريكا نتيجة لذلك.

ورب قائل يقول أن الدول المنتجة للنفط هي المستفيد الأول من كل ذلك، والحقيقة غير ذلك على النحو التالي:
أن جميع عملات دول النفط وخاصة دول الخليج مرتبطة بالدولار وقد فرضت أمريكا عليها عدم فك ارتباط عملاتها بالدولار يعني ذلك أن الناس قد انخفض دخلهم وادخار اتهم بنسبة انخفاض الدولار زد عليها نسبة ارتفاع أسعار السلع والخدمات. وإذا علمنا أن هذه الدول محظور عليها بناء المصانع الخفيفة والثقيلة التي يمكن أن تنفق عليها ومسموح لها بردم البحار وإقامة المنشآت الترفيهية والجزر الصناعية والمساكن التي لا يستطيع أن يسكنها إلا أصحاب الثراء الواسع في العالم ، وان جميع المواد اللازمة لهده المنشآت والتي تقدر بمئات المليارات تستورد من الخارج فسوف تكون منطقة الدولار هي المستفيد الأول من ذلك. وبعبارة أخرى فان مئات المليارات التي نتجت من ارتفاع سعر النفط في هذه الدول ستذهب أيضا إلى أمريكا على حساب اقتصادات الدول الأخرى. وبسبب ذلك فقد خسر كل سكان العالم من دخلهم ومدخراتهم بنسبة هذا الغلاء.

إن كل ذلك ما كان ليحدث ولما استطاعت أمريكا أن تصيغ اقتصاد العالم لتشبع نهمها لو كان الذهب والفضة هما أساس النقد في العالم.

فاللهم ندعوك أن تجعل اليوم الذي تعلن فيه دولة الخلافة الراشدة في بلاد المسلمين قريبا ليكون الذهب هو عملة الدولة وأساس عملات جميع الدول ويأفل عهد الدولار واليورو والين وغيرهم إلى غير رجعة.

قال عليه الصلاة والسلام " من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا " صدق رسول الله.

الرابط/
http://www.alokab.com/thoughts/detai...d=1009_0_7_0_M
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 09-04-2007
  • المشاركات : 327
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • tahriri is on a distinguished road
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
رد: أزمة الدولار وأزمة الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية،
19-05-2008, 10:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

كيف تتحكم أمريكا في سعر النفط ؟

بقلم : أبو أنس - قطر


تمتلك أمريكا احتياطي ضخم من النفط على أراضيها وكذلك تملك القرار في الدول المنتجة للنفط باعتبار أن عملاءها يدينون لها بالولاء والطاعة.
وبازدياد النمو الطبيعي للسكان في العالم تزداد الحاجة للنفط ، يعني أن إنتاج النفط يجب أن يزداد بنفس النسبة تقريبا .ومعروف أنه إذا زاد الطلب عن المعروض في أسواق النفط فإن الأسعار سترتفع حتما.

وفيما يلي الآلية التي تتحكم أمريكا بها في أسعار النفط:

• ربط بيع النفط بالدولار.

• عدم زيادة إنتاج النفط الأمريكي.

• أن تبدأ أمريكا برفع سعر نفطها فيتبعها العملاء سعيا.

• أن تأمر أمريكا عملاءها المنتجين للنفط بعدم زيادة الإنتاج أو التقليل منه.

• عدم حفر آبار أو بناء مصافي نفط جديدة إلا بأوامر أمريكا.

• التهديد بإشعال حروب في مناطق إنتاج النفط أو غيرها.

• شن الحروب فعلا.

• خلق أزمات أمنية واضطرابات في العالم.

• الإعلان عن تعطل بعض آبار أو مصافي النفط بغض النظر عن صحة الإعلان.

• الإعلان عن أن طرق إمداد النفط أصبحت غير آمنة.

• خفض سعر صرف الدولار.

• الإعلان عن وجود تهديدات بيئية أو كوارث طبيعية حقيقية كانت أو مصطنعة.

• إلى غير ذلك من الامثلة التي تهدد من التقليل أو وقف انتاج النفط وبيعه .

ونظرة سريعة الى الازمات الاقتصادية الاخيرة في العالم نجد أن أمريكا قد انخفضت عملتها خلال سبع سنين الى النصف (اليورو كان يساوي 0.8$ منذ اصداره الى 1.6 $ حاليا ) . بينما ارتفع سعر النفط لتلك الفترة الى ستتة أضعاف تقريبا ( سعر البرميل 22 دولار عام 2000 الى 128 حاليا ). مما شكل عاملا رئيسيا في ارتفاع السلع والخدمات في العالم - لأن الطاقة هي أساس إنتاج السلع والخدمات - وما تبع ذلك من خسائر ليزداد الفقراء فقرا ويزداد أثرياء الرأسمالية ثراء.

هكذا تتحكم أمريكا في أموال الملكية العامة للمسلمين وتنهبها عن طريق عملائها الذين نصبهم الاستعمار على رقاب المسلمين بعد هدم الخلافة. ولن تعود الأموال إلى أهلها إلا بعودة الخلافة الراشدة والقضاء على هؤلاء الرويبضات. وإن ذلك قريب ان شاء الله.

قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } صدق الله العظيم

الرابط/
http://www.alokab.com/news/details.php?id=1011_0_14_0_M
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 09-04-2007
  • المشاركات : 327
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • tahriri is on a distinguished road
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
رد: أزمة الدولار وأزمة الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية،
21-05-2008, 06:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


ارتفاع الأسعار: أزمة رأسمالية لا يحلها إلا الإسلام


- ارتفعت أسعار المواد الغذائية في السنوات الثلاث الماضية بنسبة 83% وقال البنك الدولي في 9/4/08 إن تكاليف الغذاء العالمية المتزايدة ليست ظاهرة مؤقتة، ومن المرجح أن تبقى الأسعار فوق مستويات عام 2004م حتى 2015م لمعظم المحاصيل...

- صعود الأسعار (القياسي) والمرشح للازدياد (الجنوني) بحسب التوقعات يؤدي إلى: ازدياد نسبة الفقراء ومن هم دون خط الفقر، توقع انفجار اجتماعي، اضطرابات سياسية، تهديد استقرار كثير من البلدان... لذلك وصف هذا الصعود الجنوني للأسعار بأنه «تسونامي» يهدد أنظمة دول العالم الثالث...

- تردّ الأسباب المباشرة التي أدت إلى ارتفاع الأسعار إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها الولايات المتحدة من: أزمة الرهن العقاري الأميركي، إلى حربيها الاستعماريتيين على العراق وأفغانستان وتكاليفهما الباهظة وما جرته من ارتفاع أسعار النفط وهبوط الدولار... يضاف إلى ذلك تحويل محاصيل الأطعمة إلى وقود حيوي في السنوات الأخيرة من أجل تقليل الاعتماد على النفط المستورد...

- مع أزمة الغذاء العالمية الطاحنة وارتفاع الأسعار زاد عدد فقراء العالم (6.5 بليون نسمة) وهم يزدادون عدداً وفقراً. وزاد عدد الأثرياء وزاد ثراؤهم (في أميركا وحدها 460 بليونيراً و3.1 مليون مليونير، وفي اليابان 765 ألف مليونير، وفي بريطانيا 557 ألف مليونير، وزاد عدد المليونيرات في روسيا العام الماضي 8500 مليونير) وتسيطر 600 شركة رأسمالية على التجارة العالمية واحتكار قوت البشر...

- مرة أخرى تظهر الحاجة الماسة إلى الإسلام ليخلص العالم من شرور الغرب وما جره عليه من ويلات... ارتفاع الأسعار القياسي لا يحتاج إلى معالجات جزئية (مثل خفض الرسوم الجمركية والضرائب على الأغذية) بل معالجة جذرية لا يملكها النظام الغربي الرأسمالي.

- أربعة أحكام شرعية لا تعالج هذه المشلكة فحسب بل لا تسمح بوجودها أصلاً:
1- جعل الذهب والفضة أساساً للعملات يجعل العملة غير خاضعة للتقلبات السريعة والخطيرة.
2- اعتبار النفط من الملكيات العامة يجعل عائداتها تعود إلى الناس وليس إلى جيوب الحكام والأمراء...
3- حكم الإسلام في الأرض أنها يجب أن تزرع يمنع حدوث أي مجاعة ويحقق الاكتفاء الذاتي.
4- تحريم الاحتكار.


- هذه أحكام شرعية قريبة من هذه المشكلة تنتظر «خلافة راشدة على منهاج النبوة» لتطبقها. فأرونا ماذا عند الغرب من حل لها؟


الرابط/
http://www.al-waie.org/issues/256/ar...d=628_0_48_0_C
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 09-04-2007
  • المشاركات : 327
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • tahriri is on a distinguished road
الصورة الرمزية tahriri
tahriri
عضو فعال
رد: أزمة الدولار وأزمة الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية،
22-05-2008, 04:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الأزمة الاقتصادية العالمية: أسبابها، وطريقة علاجها

أبو المعتصم - بيت المقدس

يمر العالم هذه الأيام -وخاصةً أميركا- بأزمةٍ اقتصاديةٍ كبيرةٍ أثّرت على الكثير من مناحي الحياة الاقتصادية في العالم؛ مثلِ أسعار النفط، وأسعارِ السلع والخدمات، وأسعارِ العِملةِ الرئيسةِ في العالم (الدولار)، وجرّ ذلك تأثيراتٍ أخرى في نواحٍ اقتصاديةٍ مرتبطةٍ بهذه الأمور؛ مثلِ قيمةِ المدخراتِ، وأسعار الأجورِ وأسعارِ العقارات، والتجارةِ العالميةِ والتبادل التجاري... وغيرِ ذلك من أمور!!.
وقبل التفصيلِ بذكرِ أسبابِ هذه الأزمةِ ونتائجِها، لا بدّ أن نستعرض قليلاً طبيعةَ النظامِ الاقتصاديِّ الرأسماليّ.

إن النظام الاقتصاديُّ الرأسماليُّ يشتهرُ بأنّه نظامُ التقلّباتِ والأزمات، والسبب أنه قائمٌ على أساسٍ غيرِ سليمٍ؛ سواءٌ أكان ذلك في الأسسِ، أم في الفروعِ الاقتصاديةِ التي بُنيت على هذه الأسس.

فأساسُ النظام الاقتصاديِّ الغربيّ -كما هو في النظمِ والمعالجاتِ الرأسماليةِ الأخرى- هي النظرةُ الفرديّةُ التي انبثقت من عقيدة الحلّ الوسطِ (فصل الدين عن الحياة)، وتدعو هذه النظرةُ الفرديّةُ إلى إعطاءِ الأشخاصِ (الأفراد) مطلقَ الحريّةِ وذلك لإنصافهم من طغيانِ المجتمع، وهذه النظرةُ -كما نعلم- كانت عبارةً عن ردةِ فعلٍ غريزيةٍ على مساوئ النظام الإقطاعيّ في العصور الوسطى (عصرِ الكنيسة) الذي أهمل الفرد، وأهمل حقوقَه بشكلٍ كبير!!.

فالنظرةُ الفرديةُ في النظام الاقتصادي، جعلت واضعي النظامِ الاقتصاديِّ يُعطون الفرد (مطلق الحريةِ في التملّك، وتنميةِ الملك، والتصرفِ والانتفاعِ بهذا الملك)، وهذه كانت الأسسَ التي قام عليها النظامُ الاقتصاديُّ الرأسماليُّ بشكل عام.

فجاءت الفروعُ الاقتصاديّةُ وبُنيت على هذه النظرةِ الخاطئة، حيث أخذ الأفراد بإنشاءِ البنوكِ الربويّةِ العملاقةِ انطلاقاً من حريّة التملك، وأخذوا كذلك بإنشاءِ الشركاتِ الرأسماليّةِ العملاقة، ثم قامت هذه الشركاتُ العملاقةُ والبنوكُ بالسيطرةِ على الأسواقِ والثرواتِ، وقامت بابتلاعِ الشركاتِ الصغيرةِ التي تقف في طريقها؛ تماماً كما يبتلعُ الحوت الضخمُ الأسماك الصغيرة في البحر، وذلك انطلاقاً من حريةِ التصرفِ بالملك؛ عن طريق سياسةِ المضارباتِ والتحكّماتِ الاقتصاديّةِ والاحتكارات، وكذلك انطلاقاً من حريةِ تنميةِ الملكِ بأية طريقةٍ يشاء الرأسماليّ!!.

لقد نتج عن هذه النظرةِ السقيمةِ في الأصولِ والفروعِ، في النظام الاقتصادي؛ نتج عنها كوارثُ اقتصاديةٌ وشرورٌ مجتمعيّةٌ في حياةِ الغرب، ومن تلك الكوارثِ "الطبقية"، حيث أصبح المجتمعُ الرأسماليُّ طبقتين؛ الأولى رأسماليةٌ تسيطر على أكثرَ من (95%) من ثروات البلاد ويملكها (2%) من السكان، وأخرى كادحةٌ فقيرةٌ تشكل (5%) من ثروات البلاد ويملكها (98%) من السكان.

فكان الفقرُ نتيجةً طبيعيةً لسقمِ النظام الرأسماليِّ ولنشوءِ الطبقيَّةِ؛ حيث يشكّلُ الفقراءُ في الدولِ الرأسماليةِ شريحةً عريضةً تصلُ في بلدٍ مثلِ أميركا ما يقاربُ 12.3% في آب 2007م، أي حوالي 36.5 مليونَ شخصٍ حسب مكتبِ الإحصاءِ الأميركيّ، وهناك ما يقارب 750 ألفَ مشردٍ يعيشون في الشوارع والملاجئ.

ونتجت عنه؛ أي- عن هذا النظام السقيم- مآسٍ اقتصاديةٌ، وذلك مثلما حصل سنةَ 1929 فيما سُميَ بالكساد الكبير ؛ حيث تحطمت اقتصاداتُ دولٍ، وزادت نسبة الفقراء، واستُنـزِفتْ مدّخراتُ الناس ،وانتشرت البطالة والفقرُ في معظم أوروبا وأميركا ومعظمِ دول العالم!!.

وهناك خصوصيةٌ من هذا الفساد في النظام والمعالجات، تتمثل في النظام الأميركيّ ؛ حيث إن حجم الأزمات أكثرُ والشرورَ التي يجّرها على العالم أوسعُ وأخطر.

إن حقيقة هذه الخصوصيّةِ الأميركية آتية من أمور منها:-
1- طبيعةُ الشعب الأميركيِّ؛ حيث يحب الشعب الأميركيُّ كثرةَ البذخِ والإنفاقِ لدرجةِ أنه يستهلك معظم إنتاجهِ -البالغِ حوالى ربعِ إلى ثلثِ الإنتاج العالميّ-، ويزيد على ذلك مثله؛ أي يزيد على استهلاك معظم إنتاجه مِثلاً آخر، يستورده من الدول الأخرى، لدرجةِ أن الخبراء الاقتصاديين يقولون: إن الشعب الأميركي يستهلك 2 وينتج 1؛ أي يستهلك ضعف ما ينتجه!!

2- كثرةُ النفقاتِ الداخليةِ على مشاريع التسلّحِ والإنفاقِ العسكريّ في أميركا مثل؛ (مشروع حرب النجوم)، حيث إن نفقاتِ وزارةِ الدفاع الأميركيِّ تقاربُ 480 مليارَ دولار سنوياً، وأيضاً كثرة النفقات على المشاريع السياسية والعملاء السياسيين في الخارج.

فهذه الخصوصية دفعتها إلى الهيمنةِ الاقتصاديةِ العالمية عن طريق النظام النقدي والمؤسسات الدولية النقدية، والعولمة والاستعمار؛ وذلك لتغطية هذا العجز الكبير في ميزانيتها. وقد تمثلت هذه الهيمنة في السنوات الماضية، وما زالت بأكثر من اتجاه منها:
1- هيمنةُ نقدها ( الدولار ) على العملاتِ الأخرى؛ وذلك بجعله غطاءً نقدياً ينوب عن الذهب، وبالتالي السيطرةُ على النظام النقديّ العالمي.

2- الهيمنة على السلع الحيوية في العالم وخاصةً البترولَ والذهبَ، وعلى الأسواق العالمية، حيث قامت بالهيمنة والسيطرة على معظم أسواق البترول وربطت أسعارها بعملتها (الدولار)، وعملت كذلك على سيطرةِ شركاتها البتروليّة على معظم منابع ومصادر النفط في العالم عن طريق العملاء السياسيين، واستغلت بذلك التفوق في القوة العسكريةِ وسياسةَ الوفاق مع الاتحاد السوفياتي السابق.

3- القيام بالسلب والنهب المنظّم لمدخراتِ الدول والأفرادِ؛ عن طريق استغلالِ هيمنةِ الدولار؛ فقد عملت أميركا على تعويم الدولار سنة 1971م وكذلك خفضت قيمة الدولار أكثر من مرة في فترات سابقة!.
من هنا نقول : إن الشرور الاقتصاديةَ التي تحصل في أميركا بالذات تجرّ على العالم كلِّه الويلاتِ والمصائبَ والشرورَ، ولا يسلم منها حتى الحجر والشجر والدوابّ العجماء على وجه الأرض، لأن عدواها تنتقل إلى الخارج بسرعةٍ بسبب ارتباطِ اقتصادات العالم بشكلٍ مباشرٍ أو غيرِ مباشرٍ بأميركا!!

واليوم تعيش أميركا أزمةً اقتصاديةً خانقةً، يحاول الساسةُ والزعماء التغطيةَ عليها وإبقاءَها تحت سطح البحر الهائج المائج، ولكنّها أخذت تتغلّب على سياسة الإخفاء هذه حتى لم يعد بالإمكان وضعُ اليد عليها وتغطيسُها في الماء، ولم يعد كذلك بمقدورِ الاقتصاديّين وضعُ ثقلٍ اقتصاديٍّ فوقها يبقيها تحت سطح الماء.

فما هي الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة، وما هي الأسباب الآنيَّةُ التي ساعدت على ظهورها إلى السطح؟!

ويمكن إجمال هذه الأمور -والتي هي بمثابة بيضة ألقبان التي أثقلت الميزان إلى أسفل بالأمور الآتية:
1- ظهور اليورو كمنافسٍ حقيقيٍّ للدولار الأميركي بشكل عالمي: وهذا الظهور كاد يقضي على العصر الذهبي للتفرد الدولاري؛ حيث أخذ يسحب البساط من تحت هيمنة الدولار لدرجة أنه أصبح يشكّل ما يقارب نصفَ التعاملاتِ النقديّةِ والمدَّخرات في العالم بعد أن كان هو المتفرد في ذلك.

2- كثرة النفقاتِ الخارجيةِ الأميركيّة، وخاصّةً بسبب الحروبِ؛ مثلِ حرب أفغانستان والعراق، حيث ذكر بعضُ الخبراء أن النفقات في حرب أفغانستانَ والعراقِ قد زادت عن 2.5 تريليون دولار، أي بما يعادل نصف تريليون دولار سنوياً كما ذكر الباحث الاقتصادي (جوزيف ستيغلتز)!!

3- تراجعُ القدرةِ الصناعية الأميركية مقابل الدول الأخرى؛ بمعنى آخر وجودُ منافسةٍ عالميةٍ قويّةٍ في مجال التصنيع بشتى أنواعه؛ التكنولوجي والعسكري والخدماتي؛ وكذلك تراجعُ حجمِ التجارةِ العالمية؛ حيث كانت أميركا تسيطر على 40% من حجم التجارة العالمية وأصبحت تقلُّ اليوم عن 20%.

وهناك أمور مستجدةٌ أثّرت في الأزمةِ الحاليّة بشكلٍ فعالٍ وسارعت في ظهورها منها:
1- الارتفاع المستمر في أسعار النفط، حيث أثر ذلك في ارتفاع أسعار السلع الخدمات وبالتالي نقصانُ الأجورِ في أميركا، وكل ذلك أثر في حجم الاستهلاك وأثر على الشركات المنتجة.

2- المؤثّرات التي أدّت إلى انخفاض قيمة الدولار الأميركي مثلُ؛ قيامِ مجلسِ الاحتياط الفدرالي (السلطةِ النقديةِ المركزية) بخفض سعر الفائدة بنسبة0.75% لتصبح 3,50% بهدف تشجيعِ المستهلكينَ على الاقتراض وزيادةِ السيولةِ في الأسواق؛ وذلك من أجل تنشيطِ الاقتصاد، والإقبالِ على المشاريع.

3- من هذه المؤثرات كذلك انهيارات حصلت في شركات التأمين العقارية بسبب الفوائدِ المرتفعةِ على القروض العقاريةِ وخاصةً قروض المساكن؛ حيث يستفيد من هذه القروضِ أكثرُ من ثلاثةِ ملايينَ (3) ملايين أميركي.

إن الاقتصاد الأميركي يعيش في هذه الأيام أزمة اقتصادية حقيقية وليست مفتعلة، وإن هذه الأزمةَ يُتوقع أن تقود إلى كسادٍ عالميٍّ كبير؛ أكبرَ وأخطرَ مما حصل في العشريناتِ من القرن الماضي،سنة 1929م.

يقول (ألين غرينسبان) الرئيسُ السابق للبنك المركزي الأميركي: إن الولايات المتحدة تعيش حالياً أسوأَ أزمةٍ اقتصاديةٍ منذ الحرب العالمية الثانية، وقال أيضاً: إن هذه المشكلةَ ستستمرّ بعددٍ غيرِ معروف من الأشهرِ وستسفرُ هذه الأزمةُ عن العديد من الضحايا، ويقول (ماثاومور) المحلل في بنك (أوف أميركا): إن هذه المؤشراتِ التي برزت توضّحُ وجودَ ضغوطٍ تضخميّةٍ في الوقت الذي لا يستطيع فيه بنك الاحتياطيُّ الفدرالي تخفيضَ سعرِ الفائدةِ للحدِّ من هذه الضغوط.
وقال بن برنانكة رئيس البنك المركزي الأميركي في 3/4/2008م: إن الاقتصاد الأميركي سيمرّ في مرحلة ركودٍ لأكثر من ستة أشهر متتالية، ابتداء من النصف الثاني من العام الحالي؛ وذلك بسبب صفعاتٍ قويةٍ تلقاها في الفترة الأخيرة.
إن هذه الشرور والمفاسد هي نتيجةٌ طبيعيةٌ للابتعاد عن منهج الله تبارك وتعالى، قال تعالى: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه 123-124]، وقال: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) [النحل 26].

فما هي طريقة الخلاص من كل هذه الشرور الاقتصادية؟؟
أما طريقة خلاصِ البشريّةِ بشكل عامٍ، وبلاد المسلمين بشكل خاص من هذه الشرور فنجملها على شكل النقاط الآتية:
1- تطبيق النظام الصحيح الذي يقضي على أساس الفساد وجذورِه، التي نبتت منها كل الشرور؛ من مؤسساتٍ ربويةٍ، ونظامٍ احتكاريٍّ، وتحكّماتٍ اقتصادية، وشركاتٍ عملاقةٍ تتحكّم بالأسعار والأجور وغير ذلك من مفاسدَ مرتبطةٍ بهذا الأساس، وذلك عن طريق توحيد بلاد المسلمين كلِّها في دولةٍ واحدةٍ تحكم بالإسلام وتطبقه؛ في الاقتصاد والسياسة والاجتماع، وتحمله رسالة نورٍ وهدىً إلى البشرية، لتخلّص العالم من شر الرأسمالية بشكل عام، وشر أميركا ودولِ الغرب بشكل خاص.

2- قلع جذورِ الاستعمارِ الرأسماليِّ من بلاد المسلمين وخاصة الشركاتِ العملاقةِ التي تتحكّم بالبترول، وتنهب الموادَ الخام، وتفرضُ سياساتٍ من الهيمنة الاقتصادية.

3- التخلّصُ من تبعيةِ الأوراق النقدية الإلزاميةِ مثلِ الدولار ؛ وذلك عن طريق جعلِ الأساسِ النقديِّ في البلاد الذهبَ والفضة.

4- التخلصُ من تبعيةِ الديونِ الخارجيةِ التي تعدُّ آلافَ الملياراتِ من الدولارات في بلاد المسلمين، وتنفق دول العالمِ الإسلامي المليارات من اقتصادها من أقوات الجياع لسداد فوائدِ هذه الديونِ الربوية، وتبقى البلاد تحت رحمة وتبعية الغرب.

5- تطبيق نظامٍ صحيح للانتعاش الاقتصادي في بلاد المسلمين، يقوم على الكفاية الصناعية والزراعية ولا يبقى تحت رحمة الدول الكبرى مثلِ أميركا.


فالنظام الاقتصاديُّ في الإسلام يقضي على كلّ ألوانِ الفساد الاقتصادي:
أولاً: يقضي على النظام الربويّ الشرير الذي يأكل أموال الناس، ويمتصّ السيولة النقدية ويضعها في جيوب الأغنياء، ويقضي على سياسات الاحتكار والتحكمات الاقتصادية وغير ذلك من ألوان الفساد.

ثانياً: يرعى نظام الإسلام حاجات الناس الأساسية؛ المأكلِ والسكن والملبس لكل إنسان فرداً فرداً في المجتمع، كما يضمن الرعاية الطبيّة والتعليميّة لكل فرد مجاناً، ويرفع مستوى الناس بأكبر قدر مستطاع إلى حدّ الرفاه وبحبوحة العيش في الحاجات الكمالية!!

ثالثاً: يقضي الإسلام بنظامه الاقتصادي العادل على مشكلة الفقر قضاءً نهائياً، بحيث لا يُبقي لها أي أثرٍ في المجتمع الإسلامي، وذلك عن طريق رعاية الحاجات الأساسية، والتكافل الاجتماعي، والزكاة، والإنفاق من الأموال العامة وغير ذلك...

رابعاً: يرعى النظام الإسلامي المؤسساتِ الاقتصادية، والأماكنَ العامة التي تعود منفعتها لجميع المجتمع، ولا يسمح لأحد بتملّكها ملكيةً خاصّةًّ عن طريق التحكمات كما هو حاصل في النظام الرأسمالي، ويعيد النظام الإسلاميّ رَيْعَ هذه المؤسسات والأموالِ لخدمة المجتمع بشكل عام، ويعطي الأفراد فرداً فرداً من فائض هذه الأموال.

خامساً: تطبيق سياسة من التوازن الاقتصاديّ في المجتمع تقضي على الطبقية والتفاوتِ الفاحش بين أفراد المجتمع في الغنى؛ حيث تعطي الدولة ذوي الدخول القليلة؛ تعطيهم من الأموال العامة أو أموال الدولة لرفع مستواهم الاقتصادي بحيث لا يشعرون بالتفاوت في مستوى العيش.

سادساً: تمكين الناس من الانتفاع بالثروات والأراضي في المجتمع، وتفتح المجال لكلّ إنسانٍ لينتفع من هذه الثروات دون تمييز ولا احتكار.

سابعاً: تقوم الدولة بشكل مباشر بالعمل على تطوير المشاريع الاقتصادية، وتحسين الإنتاج، ورفع المستوى الصناعي إلى أكبر قدر مستطاع.

وبهذه الخطوات الفعّالةِ وغيرِها يصبح الاقتصاد الإسلاميُّ هو أرفعَ وأعلى اقتصادٍ على وجه الأرض، ويقضي على كل ألوان الفقر، ويعيش بظله الناس في بحبوحة من العيش ورعايةٍ كاملة في جميع المجالات.

فإذا رأت البشرية هذا العدل والاستقامة والرعاية الصحيحة، فإنها ستفرّ من ظلم الرأسمالية فرارها من النار الحارقة ،وستلجأ إلى اتّباع النظام الرحيم؛ (النظام المنـزّل على البشر من خالق البشر جميعاً) وسينتشر بإذن الله تعالى نور الإسلام في كلِّ بلاد الأرض؛ كما بشر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «سيبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار...»، رواه مسلم؛ والأمر هو حكم الإسلام.

بهذا، وبهذا فقط، يستريح العالم من شرور الرأسمالية، ومن الكوارث الاقتصادية التي تجرها عليه، وينعم بالاستقامة والهدى والنور، وإلاّ فإنه سيبقى يتخبّط في دياجير الظلام، يخلص من متاهةٍ ليقع في متاهة جديدة؛ فمن الحروب العالمية المدمرة إلى الاستعمار، إلى التطاحن على المصالح، إلى هزات الأسواق، إلى الفقر، إلى الأزمات الخانقة... وهكذا.

نسأله تعالى أن يُنعِم على البشرية بدولة الإسلام؛ ليعمّ في بلاد المسلمين العدلُ والاستقامةُ والرحمةُ والهدى. آمين يا رب العالمين.



الرابط/
http://www.al-waie.org/issues/256/ar...d=632_0_48_0_C
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية tareek
tareek
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 05-05-2008
  • الدولة : djelfa
  • المشاركات : 6
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • tareek is on a distinguished road
الصورة الرمزية tareek
tareek
عضو جديد
رد: أزمة الدولار وأزمة الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية،
22-05-2008, 04:41 PM
شكرااااا لكم
استفدنا كثيرا من هاته المحاضرات القيمة
  • ملف العضو
  • معلومات
أبو عبد الرحمن يوسف
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 13-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,991
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • أبو عبد الرحمن يوسف is on a distinguished road
أبو عبد الرحمن يوسف
شروقي
رد: أزمة الدولار وأزمة الإرتفاع في أسعار المواد الغذائية،
22-05-2008, 05:55 PM
الخلافة الراشدة التي تطمحون لاعادتنا لن تكون بالخروج على الحكام لان من خرج عليهم فهو كلب من كلاب اهل النار مثلما وصفهم الني صلى الله عليه وسلم
ثم كيف تريدون اقامة الخلافة المزعزمة و اكثر المسلمين غارقين في المعاصي و الشر ك
كان يجب عليكم ان تصلحوا الناس اولا
ثم انكم يا حزب التحرير يا من تزعمون انكم ستعيدون الخلافة الاسلامية فلتطبقوها على انفسكم اولا
سبق لي و ان شاهدت في احد البرامج احد اعضاء حزب التحرير من لندن يرتدي الكوستيم و الصليب ربطة العنق و لا لحية له و يزعم انه يدافع عن الخلافة الالسلامية
فليطبق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم اولا على نفسه

لم يستطع تطبيق الخلافة المزعومة على نفسه فكيف سيعيد الخلافة
اضحكوا على من لا يعرف اهدافكم
تستغلون الدين للوصول الى الحكم و فقط و الدليل قد اعطيته لك
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
موسوعة الاغدية
موسوعة الاغدية
موسوعة الاغدية
الساعة الآن 04:59 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى