رد: مباهلة العقبي للطرقيين
21-12-2008, 05:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له أما بعد، هذا الجزء الثالث من الإجابة و نرجو الله التوفيق.
قال الله تعالى في محكم تنزيله : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم. قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين} سورة آل عمران
من هذا يتضح جليا أن حب الله ليس دعوى باللسان , ولا هياما بالوجدان , إلا أن يصاحبه الأتباع لرسول الله , والسير على هداه , وتحقيق منهجه في الحياة.
وإن الإيمان ليس كلمات تقال , ولا مشاعر تجيش , ولا مواسم تقام و لا مقامات تزار. ولكنه طاعة الله والرسول , وعمل بمنهج الله الذي يحمله الرسول و الذي إهتدى بهديه الصحابة و التابعين إلى يوم الدين .
يقول الإمام ابن كثير في التفسير عن الآية الأولى:
" هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية
فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأعماله , كما ثبت في الصحيح عن رسول الله [ ص ] أنه قال:" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " .
ويقول عن الآية الثانية: (قل أطيعوا الله والرسول . فإن تولوا). أي تخالفوا عن أمره ء (فإن الله لا يحب الكافرين). فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر , والله لا يحب من اتصف بذلك , وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله .
ويقول الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية في كتابه "زاد المعاد في هدى خير العباد":
"ومن تأمل في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له بالرسالة وأنه صادق , فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام . علم أن الإسلام أمر وراء ذلك , وأنه ليس مجرد المعرفة فقط . ولا المعرفة والإقرار فقط . بل المعرفة والإقرار والانقياد والتزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا . "
إن هذا الدين له حقيقة مميزة لا يوجد إلا بوجودها . حقيقة الطاعة لشريعة الله , والاتباع لرسول الله , والتحاكم إلى كتاب الله .. وهي الحقيقة المنبثقة من عقيدة التوحيد الخالص لله وحده كما جاء بها الإسلام .
توحيد الألوهية التي لها وحدها الحق في أن تعبد الناس لها , وتطوعهم لأمرها , وتنفذ فيهم شرعها , وتضع لهم القيم والموازين التي يتحاكمون إليها ويرتضون حكمها.
ومن ثم توحيد القوامة التي تجعل الحاكمية لله وحده في حياة البشر وارتباطاتها جميعا , كما أن الحاكمية لله وحده في تدبير أمر الكون كله . وما الإنسان إلا قطاع من هذا الكون الكبير.
و لكن و للأسف إتبع الناس في أخر الزمان طرقا مختلفة و زاغوا عن الحجة البيضاء التي تركنا عليها سيد الخلق و الله المستعان.
نسأل الله أن لا نكون من الذين قال فيهم (ولا تكونوا كالذين تفرقوا وكانوا شيعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحين). هدانا الله وإياكم إلى صراته المستقيم و جمع كلمتنا و لم شملنا على التوحيد الخالص.
من مواضيعي