قصور تيميمون : وجها لوجه مع الزمن
30-09-2011, 10:07 PM
قصر تيميمون : مدينة في وجه الزمن
وقفة اليوم ستكون مع القصر العتيق
عند كل إشراقة صباح ، تطل الشمس باسمة لقصور تيميمون ،وتلقي عليها التحية في جمال ووقار .
قصور تيميمون تلك المدينة الصامدة في وجه الآفات والكوارث تجدها واقفة رغم الشروخ التي يحدثها العابثون ولا يصونها القائمون والبشر فهي تستحم كل عام على وقع حبات المطر رغم المرض وكبر السن تنحني تارة وتقف في أخرى لكنها لا تموت أبدا ولا تسقط ولو شل نصفها واعتراها الموت من كل جانب.
و أنت تمشي في أزقة القصر العتيق تكاد تلامس عبق الحضارة وأسطورة شعب أرهقته الأحداث ولم تقتله. وبنظرة واحدة للقصر القديم تراه شامخا عاليا يعيد لك قصة الزمان وذاكرة الجدران مختزلة في بقاء بنيان شيده إنسان وبقايا كلمات أتقنها الناس هناك أن الحمد لله "سألتك يا رب الأرباب لا تغلق في وجهنا باب لا تفرق زمرة الأحباب يا جبار اجبر الأحوال".
عندما تجتاز باب القصر نحو الداخل أول ما يصادفك المسجد الكبير. . معلم أثري أكثر منه جامع روحي التقت فيه قلوب قوم على أن لا شحناء ولا بغضاء، يسري هواء الحب بينهم في فضاء هذا الرمز التاريخي الديني صفاء إنساني لا مثيل له تكاد تراه في كل تصرف من تصرفات طفل من أطفال هذا الشامخ من بساطة العيش إلى الثقة والأمن والهناء في عالم ما عاد فيه هناء ومشاعر الوفاء لثقافة أخذت من القوم محل الدم الذي يسري في الوريد .
ففي القصر لازال الجار أكثر قربا من جاره ولا تزال حرمة الجار كحرمة النفس ولا تزال الحشمة في لباس شابات وجوههن فاتت جمال القمر ولا يزال الشاب يقبل يدي أباه ولا يقل له أف رغم أي شيء في القصر يوجد الإنسان على فطرته الدينية وعلى سليقته الإنسانية.
مع التوغل أكثر في شِعَب "المنجور" تكاد تلتقط أذناك صوت هادئ من بيت قديم لعجوز أو امرأة تهدهد ابنها على وقع "الأهلّـيل" تذكّره أن هناك ربا رحيما لا يمكن أن يترك الخوف يتسلل لقلبه فينام على حب الله وبذور الإيمان قد استوطنت قلبه الصغير.
في كل زقاق ترى نسيم الحياة يجتاح المكان حين يتعلّـل انفك برائحة البخور المنبعثة من البيوت وصوت "المهراس" يتهاوى على حبات العطور في يوم مبارك تزينه الصلاة على النبي وزغردات سعيدة بيوم الفضيلة المجيد تعم كل بيت.
وأنت تعبر القصر القديم تمر على شيخ يجلس على عتبة بزقاق ضيق ماسكا سبحة بيد وعكازا على الدنيا بأخرى تشعر برغبة جامحة تكتسحك للجلوس بين يديه وتنصت بخشوع فيلخص لك معنى البقاء بوجه الزمن.وأن تعيش الرضا في عالم الجشع.
دقات "المهراس" تكسر هدوء اللحظات وصوت "اهـلّـيل" ورائحة البخور وبشاشة الوجوه وسلام من رب رحيم يلقى على الملأ فيرده الجمع بحب وشغف وترحيب الرجل الحليم وشيخ القبيلة الحكيم .متعة القلب حين يتنفّح من نقاء القلوب وصفاء الأرواح في انسجام عميق وتماسك اجتماعي لا مثيل له.
مع الغروب تنحني الشمس مجددا لتقبل رأس القصر العتيق بكل جلال واحترام وتودع أهله بلوعة المشتاق أن إلى اللقاء القادم مع حكاية جديدة. فالقصر باق والحب باق . . والسنون تمضي والوقت يمضي . . ولكن الله أعطى القصر مقومات الدوام راسخة في وجدان سكانه . . رمز قوتهم وملهمهم الصمود في زمن الانكسار.
تحياتي القلبية
.
من مواضيعي
0 20 نصيحة هامة لمجتازي شهادة الباكلوريا
0 " الزيارات" أو " الوعدات " بين دعوات المقاطعة ووجوب الاستمرار الحضاري
0 اطلاق مشروع الحماية الاجتماعية
0 قصيد مسيّس ..
0 شجن الفراق ..
0 التوزيع السنوي لمادة اللغة العربية
0 " الزيارات" أو " الوعدات " بين دعوات المقاطعة ووجوب الاستمرار الحضاري
0 اطلاق مشروع الحماية الاجتماعية
0 قصيد مسيّس ..
0 شجن الفراق ..
0 التوزيع السنوي لمادة اللغة العربية
التعديل الأخير تم بواسطة يوسف جزائري ; 30-09-2011 الساعة 10:09 PM