ألا كُـسِـرَتْ أقـْلامٌ
28-01-2018, 11:06 AM
ألا كُـسِـرَتْ أقـْلامٌ ..!!؟


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

إن الراصد لواقعنا اليوم - بل والمتغافل عنه - يرى بوضوح: فشو القلم والكتابة، حتى صار يُنصب لها كل من هب ودب!!؟، فنتج عن ذلك أقلام هي: غثاء كغثاء السيل، وأصبح همّ بعض الكتّاب: العلو والشهرة، ولو على طريقة الأعرابي الذي لطخ الكعبة - شرفها الله - بالقاذورات قائلاً:
" أحببت أن أذكر ولو باللعنة!!؟"، فتجد أحدهم - باختصار - يغرد خارج سرب العلماء وحماة الشريعة، ويسطر بقلمه ما يخالف الفطر السليمة، ويظن بذلك أنه أصبح: ذائع الصيت، مستطير الشهرة!!؟، والأمر ليس كذلك، إنها مسئولية عظيمة سيسأل عنها، وسيقف بين يدي الله تبارك وتعالى، فيحاسبه عن كل حرف سطره بقلمه:
" فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه".
* * * * *
ألا كسرت أقلام.. لا تتأدب مع الله تبارك وتعالى، فمننه سبحانه تتابع عليهم، ونعمه تتوالى إليهم، من ساعة علوق أحدهم نطفة في رحم أمه، ولكنه يقابل هذه النعم بكفرانها، وجحود فضل المنعم بها سبحانه، مع أن الواجب على عبد ضعيف مثله: أن يشكر الله تعالى بلسانه بالحمد والثناء، وبجوارحه في تسخيرها في طاعته، ومنها: كفيه التي بها قبض على القلم، وأجرى مداده على الورق، فكتب بها ما لا يرضي من حرّكها، وإلى أولئك، أقول: اقرؤوا - إن شئتم -:(( سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ )) [القلم: 44] .
* * * * *
ألا كسرت أقلام.. لا تتأدب مع كلام الله تعالى، فترى أصحابها لا يقفون عند حلاله وحرامه ويهجرونه، ويرفضون التحاكم إليه، ويصرون على مخالفته، حتى وإن كانوا ممن يقرؤونه، فهم في الحقيقة ليسوا بمؤمنين به حق الإيمان، إذ لو كانوا كذلك حقاً لأضيئت لهم المسالك، ولتفتحت لهم المدارك، ولما تجرؤوا على أن يخرج منهم ولو حرفاً يخالف ما في الكتاب من الآيات والحكمة.
وإلى هؤلاء أقول:
كفاكم هضماً لحقوق كلام الله، حتى أصبحتم تساوونه بغيره من الكلام، أعيدوا لكتاب الله تعالى حقه، تدبروه واستلهموا ما فيه من العبر، وأحسنوا الاستدلال به دون ليٍ لمعانيه، واحذروا، فكلام الله تعالى حجة عليكم إن دعوتم إلى ما نهى عنه، أو نهيتم عما دعا إليه!!؟.
كونوا من عباد الرحمن الذين:(( إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً )) [الفرقان: 73].
* * * * *
ألا كسرت أقلام.. لا تتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى قد جعل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام إماماً وحاكماً ، قال تعالى:(( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ )) [النساء: 65]، قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:" يُقسم الله تعالى بنفسه الكريمة المقدسة: أنه لا يؤمن أحد منكم حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به، فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً، ولهذا قال:(( ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً )) [النساء : 65] ، أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم، فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن، فيسلموا لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة".
* * * * *
ألا كسرت أقلام.. لا تحترم العلماء، والله تعالى يقول:(( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )) [الزمر : 9]، فبعض أولئك الكتاب: استباح لحوم العلماء، ونهش أعراضهم، وشكك في فتاويهم، ونسف أقوالهم، وانتقص من قدرهم، وأخذ أصغر أولئك - وكلهم صغار أمام علمائنا - يناقش فتاوى عالم طلب العلم قبل أن يخرج ذاك من بطن أمه!!؟.
ومما يدل على خطورة إيذاء العلماء الذين هم:( مصابيح الأمة): ما رواه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( قال الله عز وجل في الحديث القدسي: من عادى لي وليا، فقد آذنته بالحرب". الحديث.
روى الخطيب البغدادي عن الإمام الشافعي - رحمه الله - أنه قال: ( إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله، فليس لله ولي )، ويا لخسارة: من توعده الله بالحرب!!؟.
وإلى أولئك أقول ما قاله العلامة ابن عساكر - رحمه الله -:
" اعلم يا أخي - وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني وإيّاك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته - أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه الله قبل موته بموت القلب".
* * * * *
ألا كسرت أقلام.. تضلل المرأة المسلمة، فتدعوها للانسلاخ من عفافها، باسم الانتصار لحقوقها، والتباكي على حريتها المسلوبة - على حد زعمهم!!؟ - وغايتهم الأولى هي: أن تخلع الحجاب الشرعي عن جسدها بيدها، فتتبرج أشد من تبرج الجاهلية الأولى!!؟.
(( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً )) [النساء: 26].
وعلى أولئك أن يتقوا الله تعالى، وأن ينشروا الفضيلة، ويحاربوا الرذيلة، ويحموا الأمة من شرور أهل الشر، وألا يخدموا الأعداء الذين يتربصون بنا الدوائر.
* * * * *
ختاماً:
إن الكتابة نعمة من نعم الله تعالى يعطيها من يحب ومن لا يحب، فعلى من أنعم الله عليه بقلم فصيح حسن البيان، ألا يتردد في أن يزيد بعد أن يستزيد من المنهج الرباني، ومن الهدي النبوي.
وواجبنا - جميعاً - أن نهتدي بهدي محمد عليه الصلاة والسلام، ونسير على ضوء سنته، ونرتوي من معين نبوته، ونحمل أعلام هدايته، وننضوي تحت لوائه، ونسقط الرايات المشبوهة، والشعارات الزائفة، ونرفع شعار التوحيد والمتابعة حتى نلقى الله رب العالمين.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

منقول بتصرف يسير، جزى الله خيرا راقمه.