انهيارٌ أخلاقي غير مسبوق!
21-12-2016, 03:06 PM
انهيارٌ أخلاقي غير مسبوق!
رشيد ولدبوسيافة


شاب يعرِّي فتاة ويصوِّرها بمساعدة فتاةٍ أخرى، ومشعوذٌ يرتدي رداء "معلم قرآن" يُقنع شخصا معتوها بقتل ولده حتى يعثر على كنز، وأمٌّ عازبة تقتل مولودها بمساعدة شقيقها، ومئات جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والاعتداء تملأ صفحات الجرائد وتصنع يوميات الجزائريين بشكل لم يعهدوه خلال السنوات الماضية.

ما السّبب في هذا الانهيار الأخلاقي الذي هوى بالمجتمع الجزائري إلى هذه الدرجة السّحيقة؟ ومن المسؤول عن تلاشي قيم التّماسك والتعاون والأمان والكرم، لتترك المجال أمام الرذيلة والإجرام، والبذاءة بكل أنواعها، هل هي مؤسسات الدولة التّعليمية والاجتماعية التي غرقت هي الأخرى في التخلف والفوضى؟ أم هي مسؤولية المؤسسة الدينية والخطاب المسجدي الذي لم يعُد يؤثر في الأجيال الجديدة؟ أم هي مسؤولية الأسرة التي تخلَّت عن واجبها في تربية الجيل الجديد وتقويم سلوكه؟

هو انفلاتٌ غير مسبوق زادته مواقعُ التواصل الاجتماعي سوءا، وأدى غياب الرقابة وتراجع الوازع الديني إلى تخلي الجيل الجديد من الشباب عن الحدِّ الأدنى من الحياء والأخلاق، وباتت صفحات الفيسبوك مرتعا للمنحرفين ومجالا للتنمُّر الإلكتروني الذي يهدِّد بتفكك العائلات التي ما تزال تقاوم موجات الانحلال الأخلاقي.

الوضع خطيرٌ ويتطلب تحرّكا قويا للمختصين في علم الاجتماع وعلم النفس والعاملين في حقل الوعظ والإرشاد وغيرهم... وعلى هؤلاء جميعا الشروع في اعتماد آليات جديدة لمواجهة هذا الانهيار تتماشى والتطور التكنولوجي الحاصل، وإلا فما هو قادمٌ من أيام ينبِّئ بتحوُّلاتٍ كبيرة في المجتمع يصعب معها التحكُّم فيه.

أمرٌ آخر لا أدري لماذا لا يثير حفيظة أحد من المختصين وهو الظاهرة المسجّلة على مستوى الجيل الجديد من الشّباب؛ حيث بدأت الخطوط الفاصلة في السلوك وطريقة اللباس والكلام تختفي بين الذكور والإناث، وهي ظاهرة لم تشهدها الجزائر خلال السّنوات الماضية، وتُقابَل بصمت مطبق من طرف المختصِّين والأئمَّة وبات الأمر يشكل أحد الطابوهات التي لا يتناولها المختصُّون ولو على سبيل التّشخيص والمعالجة.

إلى متى يتمُّ تجاهل هذا الانسلاخ والانهيار الأخلاقي في المجتمع؟ وهل تكفي بعض التحذيرات العامَّة وبعض الأنشطة السطحية التي تتناول مواضيع الإجرام والاعتداءات، أمام هذا التيار الجارف الذي يهدِّد بمسح هوية المجتمع وأعرافه وقيمه التي عمرت قرونا؟