العَرب تقاتلوا بسبب ناقة لأربعين عام والغَرب تقاتلوا بسبب "شارب" لمدة 300 عام
19-01-2017, 03:25 PM
العَرب تقاتلوا بسبب ناقة لأربعين عام
والغَرب تقاتلوا بسبب "شارب" لمدة 300 عام
قال "ابن خلدون" في مقدمته المشهورة:"الإنسان مدني بطبعه" وليعذرني لأقتبس منه هذه العبارة، وأجري عليها تغيراً طفيفًا وأقول: (الإنسان عاطفيُ بطبعه)، نعم نحن البشر تقودنا العواطف أكثر من أي شي أخر، ومن يريد الدليل فليكمل القراءة.
-أولا. عند العرب:
قامت حرب أستمرت لمدة أربعين عام بسبب سباق بين خيول قبيلتين عربيتين الأولى تسمى (عبس)، والأخرى تدعى (ذبيان)، فتقاتلت القبيلتين لمدة أربعين عاما بسبب خلافهم على من أنتصر في السباق، كما تقاتلت (قبيلة تغلب) مع أختها قبيلة (بكر) لأكثر من ثلاثين عاما والسبب (ناقة امرأة تسمى البسوس).
-ثانيًا. الغرب (الأوربيين):
هل تعلم أن أطول حرب في التاريخ قامت بين فرنسا وبريطانيا؟!!، بسبب شاربين، وهنا أقصد (الشارب ذلك الشعر الذي ينبت أسفل الأنف)،حينما قام ملك فرنسا (لويس السابع) بحلق شاربه، فغضبت زوجته وطلبت الطلاق، وتزوجت ملك انجلترا (هنري الثاني) ومنحته مقاطعتين (أي محافظتين أو مدينتين) كانت قد ورثتهم عن أجدادها ولأن المقاطعتين تقعان في جنوب فرنسا رفض (لويس) الاعتراف بتبعيتهما لملك انكلترا فقامت حرب بين الطرفين استمرت لـ 300عام (بين 1152و1453).
-ثالثًا.الدب السويسري:
سويسيرا التي لا نسمع عنها إلا الحيادة والهدوء، فقد قامت فيها حربً شنيعة بسبب صورة "دب"، نعم أنه ليس دبًا حقيقًا بل مجرد صورة له، فقد كان الدب شعارا لطائفتين في سويسرا، وفي عام 1579أقام رئيس سانغال (إحدى مقاطعات سويسرا) احتفالاً تهكم فيه على "دب" (ابنزيل إحدى مقاطعات سويسرا) ووصفه بأنه دب أنثى (وأن دبهم هو الذكر)، فقامت حرب استمرت سنوات، يطالب فيها أهالي المقاطعة الأولى، من المقاطعة الثانية أن يعترفوا بأن دبهم الذي يحمل شعار مقاطعتهم (ذكراً)، وليس أنثى.
وبعيدا عن الحروب يمكنك الآن وأنت تقرأ هذا المقال أن تدخل على (اليوتيوب)، وتكتب (مايكل جاكسون)، ولتشاهد كيف يتساقط الشباب مغشيا عليهم في حفلات "مايكل جاكسون"، وكيف تجمهروا بمئات الآف لمجرد أنه يدغدغ مشاعرهم ببعض الرقصات والكلمات.
وقس على ذلك جماهير كرة القدم، وعشاق الأغاني والفنانين، والذين لديهم هوس السرعة والتفحيط، كلهم ينقادون وراء عواطفهم بعيدا عن المنطقية والعقل، تقودهم مشاعرهم إلى الهلاك، وكأنهم مصابين بسحر أو مرض الهلوسة.
حتى نحن المسلمين اليوم ننقاد وراء فتاوي عجيبة، وحروب غامضة، وجماعات خبيثة، فما هذه القوة البشرية التي تدفع بالإنسان إلى قطع رأس أخيه الإنسان، وتدمير منزله، ومطاردته بالرصاص، حتما الإجابة (ليست العقل)، بل العاطفة التي دفعت بهذا الإنسان ليفعل كل هذا الشر الذي بدا ينتشر ويتفشى بيننا وكأنه مرض خبيث لا علاج له. فعلينا أن نحكم عقولنا، وأن نتريث قبل الاندفاع إلى ما لا يحمد عقباه.
الدكتورة /ميسون أحمد عبداللطيف جودت
أخصائية علم اجتماع


سحر الحرف والكلام


شكرا للأخ صقر الأوراس على التوقيع