الفقر ..الصحـــــــيّ
19-12-2014, 06:20 PM
كانت عائلتي وكسائر عائلات المنطقة وإلى غاية السبعينات من القرن الماضي، لا تملك من متاع الدنيا إلا القليل. فلا مبردات ولا مكيفات ووسائل تدفئة ولا مساحيق وسوائل للنظافة ولا أغذية مصنعة ......
فكانت "القربة" والمراوح اليدوية وبعض الحطب وقليل من "الطُفل" وقطعة " صابون عربي" وأكياس من القمح والشعير و " عولة التمر" وشيء من الخضر المجففة وبعض مشتقات الحليب ( دهان...كليلة ) ولمن استطاع بعض من الشحم واللحم المجفف ( القديد).
فكم من مرة يزور أفراد الأسرة الطبيب نتيجة الاختلالات الحرارية المفاجئة للجسم التي يتعرض لها أثناء تحركاته اليومية بين دفء البيت أو السيارة أو المكتب وصقيع الشارع شتاء ثم بين حرارة الشارع ولهيب الشمس وبرد المكيفات صيفا أو عند شربه المياه والسوائل الباردة والمجمدة؟ ( التهاب اللوزتين...نزلات برد.....)
وهذا ما يستحيل التعرض له مع استخدام " القربة " والحطب وذلك لما يوفرانه من تكييف فعلي وموازنة طبيعية بين مكوناتنا الجسدية و علاقتها بمحيطها الخارجي.
وهل فينا من لا يكابد أو بعض أهله وذويه ويلات مختلف الحساسيات الناجمة عن استخدام مختلف الوسائل الكيماوية لـ (غسل ملابس وأواني وتنظيف أجساد ودور وأثاث....)
وهو ما لم يمكن حدوثه من مجرد الماء ورفاسات أرجل أو ضربات غصن شجرة عن غسل الأفرشة في السواقي وعلى ضفاف الأنهار.....ولا عند تنظيف الأواني بليف أو حشيش خشن وبعض رمل. أو من صابون ذو مكونات طبيعية وقطعة طفل وقطرات من زيت الزيتون ،حين الاستحمام أو مشط شعر.
أما عن التسممات ومختلف أنواع السراطانات وبعض الأمراض التي تكاد توضع في خانة الأوبئة والمتأتي جلها ( حسب الدراسات) من تطور الثقافة الغذائية الموسومة بالإفراط واعتمادها التام على التصنيع، هذا الذي لا يدخر جهدا في عرض وتسويق وحفظ منتوجه ولو باستخدام مختلف أنواع السموم من أسمدة ومبيدات وملونات ونكهات ومحسنات ومواد حافظة......... دون أدنى مراعاة لمصلحة المستهلك وسلامته الصحية.
فمن كان يستهلك مثل هذا العبث الغذائي؟ أو يسمع بهذه الأمراض والعاهات الناجمة عنه، حين كنا فقراء ولا نستهلك إلا ما تجود به أرضنا وسمائنا بفضل من الله ثم سواعدنا.( قمح الهذبة والبليوني ....شعير التل والصحراء....زبده....دهان...شحمة...كليلة.....فرماس. ...طماطم مشرحة.....وكل أنواع الخضر الطازجة العذراء.. وحليب العنزة " الحاواء" وبيض دجاجات " البوعنقوق و نوار الفول" )
ففي ظل هذه الإمكانيات البسيطة وهذا النمط المعيشي كان جدي- رحمة الله عليه- ذو الـ 75 عاما يفلح الأرض ويركب الحمار في أسفاره بين الضواحي ويرقص في الأعراس على نغمة " الزندالى" مزهوا بـ "مقرونه" أما الجدة –رحمها الله - التي كانت تقربه سنا فكانت (عون متعدد الخدمات) في الإسطبل والفلاحة مع الجد وفي خدمات البيت والأولاد مع الوالدة دون أدني كلل أو تضمر، بل كثيرا ما كانت تغضب حين نمعنها القيام ببعض الأشغال.
أما الوالدة واختصارا لما حباها الله من الصحة والعافية، فقد كانت كالنحلة تطوف أرجاء البيت وهي بين طبخ وغسيل وكنس و.......وهي على وشك الولادة...كل هذا وجدي لا يلحظ حملها ولا يتفطن للولادة إلي أن يسمع ( مبروك في قسمتك). والغريب أنها تعود إلى ممارسة مهامها مباشرة في اليوم الموالي..وها هي اليوم – حفظها الله- وهي صاحبة الـ 72 عاما وبعد 10 ولادات منهم 9 أحياء، أدت العمرة مؤخرا ومازالت تمارس كل الأعمال اليومية – أفضل من زوجاتنا وبناتنا- أمدها الله الصحة وطول العمر.
فقراء، أي نعم....لكنهم كانوا في قمة الثراء الصحي والنفسي وهيما نعمة من نعم الله تعالى نكاد نفتقدهما اليوم ونحن نملك من متطلبات الحياة ومتاعها ما يوحي بالثراء ورفاهية العيش...
وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول: ألا ليت ذاك الفقر يعود يوما .... فاتشكي له قهر الغنى المعيب
فكانت "القربة" والمراوح اليدوية وبعض الحطب وقليل من "الطُفل" وقطعة " صابون عربي" وأكياس من القمح والشعير و " عولة التمر" وشيء من الخضر المجففة وبعض مشتقات الحليب ( دهان...كليلة ) ولمن استطاع بعض من الشحم واللحم المجفف ( القديد).
فكم من مرة يزور أفراد الأسرة الطبيب نتيجة الاختلالات الحرارية المفاجئة للجسم التي يتعرض لها أثناء تحركاته اليومية بين دفء البيت أو السيارة أو المكتب وصقيع الشارع شتاء ثم بين حرارة الشارع ولهيب الشمس وبرد المكيفات صيفا أو عند شربه المياه والسوائل الباردة والمجمدة؟ ( التهاب اللوزتين...نزلات برد.....)
وهذا ما يستحيل التعرض له مع استخدام " القربة " والحطب وذلك لما يوفرانه من تكييف فعلي وموازنة طبيعية بين مكوناتنا الجسدية و علاقتها بمحيطها الخارجي.
وهل فينا من لا يكابد أو بعض أهله وذويه ويلات مختلف الحساسيات الناجمة عن استخدام مختلف الوسائل الكيماوية لـ (غسل ملابس وأواني وتنظيف أجساد ودور وأثاث....)
وهو ما لم يمكن حدوثه من مجرد الماء ورفاسات أرجل أو ضربات غصن شجرة عن غسل الأفرشة في السواقي وعلى ضفاف الأنهار.....ولا عند تنظيف الأواني بليف أو حشيش خشن وبعض رمل. أو من صابون ذو مكونات طبيعية وقطعة طفل وقطرات من زيت الزيتون ،حين الاستحمام أو مشط شعر.
أما عن التسممات ومختلف أنواع السراطانات وبعض الأمراض التي تكاد توضع في خانة الأوبئة والمتأتي جلها ( حسب الدراسات) من تطور الثقافة الغذائية الموسومة بالإفراط واعتمادها التام على التصنيع، هذا الذي لا يدخر جهدا في عرض وتسويق وحفظ منتوجه ولو باستخدام مختلف أنواع السموم من أسمدة ومبيدات وملونات ونكهات ومحسنات ومواد حافظة......... دون أدنى مراعاة لمصلحة المستهلك وسلامته الصحية.
فمن كان يستهلك مثل هذا العبث الغذائي؟ أو يسمع بهذه الأمراض والعاهات الناجمة عنه، حين كنا فقراء ولا نستهلك إلا ما تجود به أرضنا وسمائنا بفضل من الله ثم سواعدنا.( قمح الهذبة والبليوني ....شعير التل والصحراء....زبده....دهان...شحمة...كليلة.....فرماس. ...طماطم مشرحة.....وكل أنواع الخضر الطازجة العذراء.. وحليب العنزة " الحاواء" وبيض دجاجات " البوعنقوق و نوار الفول" )
ففي ظل هذه الإمكانيات البسيطة وهذا النمط المعيشي كان جدي- رحمة الله عليه- ذو الـ 75 عاما يفلح الأرض ويركب الحمار في أسفاره بين الضواحي ويرقص في الأعراس على نغمة " الزندالى" مزهوا بـ "مقرونه" أما الجدة –رحمها الله - التي كانت تقربه سنا فكانت (عون متعدد الخدمات) في الإسطبل والفلاحة مع الجد وفي خدمات البيت والأولاد مع الوالدة دون أدني كلل أو تضمر، بل كثيرا ما كانت تغضب حين نمعنها القيام ببعض الأشغال.
أما الوالدة واختصارا لما حباها الله من الصحة والعافية، فقد كانت كالنحلة تطوف أرجاء البيت وهي بين طبخ وغسيل وكنس و.......وهي على وشك الولادة...كل هذا وجدي لا يلحظ حملها ولا يتفطن للولادة إلي أن يسمع ( مبروك في قسمتك). والغريب أنها تعود إلى ممارسة مهامها مباشرة في اليوم الموالي..وها هي اليوم – حفظها الله- وهي صاحبة الـ 72 عاما وبعد 10 ولادات منهم 9 أحياء، أدت العمرة مؤخرا ومازالت تمارس كل الأعمال اليومية – أفضل من زوجاتنا وبناتنا- أمدها الله الصحة وطول العمر.
فقراء، أي نعم....لكنهم كانوا في قمة الثراء الصحي والنفسي وهيما نعمة من نعم الله تعالى نكاد نفتقدهما اليوم ونحن نملك من متطلبات الحياة ومتاعها ما يوحي بالثراء ورفاهية العيش...
وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول: ألا ليت ذاك الفقر يعود يوما .... فاتشكي له قهر الغنى المعيب