تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى المرأة المسلمة

> هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
11-02-2016, 11:11 AM
هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:



هذه:( وقفات إيمانية تربوية ماتعة رائعة نافعة): خطها يراع الشيخ الفاضل:" جمال عبد الرحمن" – جزاه الله خيرا-، ويجدر بكل مؤمنة: أن تقرأها وتفهمها وتطبقها - قدر المستطاع- بنية خالصة، وعزم صادق، مستعينة بخالقها ليوفقها فيما ترومه من صادق الأقوال، وصالح الأعمال، لتهتدي في الدنيا، وتسعد يوم القيامة:
[ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ].
وقبل الشروع في المقصود: يحسن بنا أن نخاطب قلب وعقل كل مؤمن، لنوصيه بأن يكون:" خير معين للمؤمنة في سعيها لطاعة ربها"، لأن الله عزوجل يقول:
[وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ].
ويقول عليه الصلاة والسلام:" النساء شقائق الرجال".
ويقول أيضا:" استوصوا بالنساء خيرا".

و:" المؤمن كأخته المؤمنة: معني بكثير من الوقفات الإيمانية التربوية":التي ستذكر على هذا المتصفح، فليتعاونا إذا على تحقيقها بإخلاص وصدق: طاعة لخالقهما الرحمن القائل في محكم القرآن:
[وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ].

وإلى:" الوقفات الإيمانية التربوية":

1- العاقلة ومراقبة ربها
ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ... ﴾: قصة في المراقبة لله والخوف منه[1]: حدثت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد كان يعس بالمدينة كعادته، فسمع امرأة كان زوجها قد خرج غازيا في جيش عمر؛ تقول:
طالهذا الليل وازورَّ جانبه ÷ وليس إلى جنبي خليل ألاعبه
فواللهلولا الله أني أراقبه ÷ لحرك من هذا السرير جوانبه
مخافةربي والحياء يصدني ÷ وأُكرمُ بعلي أن تُناَلَمَراكِبُه

فمراقبة تلك المرأة ربها، وخشيتها إياه: كانت حائلا بينها وبين دخول أجنبي عليها.

2- العاقلة والثقة فيما عند الله
روى البخاري[2]عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء إبراهيم عليه السلام بأم إسماعيل "هاجر" وابنها إسماعيل، وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة "شجرة" فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هناك، ووضع عندهما جراباً (كيساً) فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم عليه السلام منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟!، قالت له ذلك مراراً، وهو لا يلتفت إليها!!، فقالت: آلله أمرك بهذا؟، قال: نعم. قالت: إذاً لا يضيعنا.
فهل ضيعها الله؟. كلا؛ لقد أكرمها إكراما تتحدث به الدهور والأيام والخلق والأنام؟!، فالله لا يضيع أجر المحسنين، ولا إيمان المؤمنين.
وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: سألها مسكين وهي صائمة، وليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاة لها: أعطيه إياه، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت: أعطيه إياه، ففعلت، قالت: فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدى لنا:" شاة وكفنها"، فدعتني عائشة فقالت: كلي من هذا، فهذا خير من قرصك.
قال العلماء: هذا من المال الرابح، والفعل الزاكي عند الله تعالى، يعجل منه ما يشاء ولا ينقص ذلك مما يدخر عنده، ومن ترك شيئا لله: لم يجده فقده، وعائشة رضي الله عنها في فعلها هذا من الذين أثنى الله عليهم بأنهم يؤثرون على أنفسهم مع ما هم فيه من الخصاصة، وأن من فعل ذلك، فقد وقي شح نفسه، وأفلح فلاحاً لا خسارة بعده، ومعنى:" شاة وكفنها"؛ فإن العرب أو بعض العرب أو بعض وجوههم: كان هذا من طعامهم، يأتون إلى الشاة أو الخروف إذا سلخوه: غطوه كله بعجين البر، وكفنوه به، ثم علقوه في التنور، فلا يخرج من ودكه شيء إلا في ذلك الكفن، وذلك من طيب الطعام عندهم [3].

3- العاقلة وثمرة حفظها لربها
عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم:" صنائع المعروف: تقي مصارع السوء، والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم: أهل المعروف في الآخرة"[4].
انظري يا أختاه لما صنعته:" أم شريك" من المعروف.
عن ابن عباس قال: وقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكة، وهي إحدى نساء قريش، ثم إحدى بني عامر بن لؤي، فأسلمت، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سراً، فتدعوهن وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك: لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثاً: لا يطعمونني ولا يسقونني، قالت: فما أتت علي ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، فنـزلوا منـزلاً، وكانوا إذا نـزلوا: أوثقوني في الشمس واستظلوا، وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذ أنا بأثر شيء علي برد منه، ثم رفع، ثم عاد فتناولته، فإذا هو: دلو ماء، فشربت منه قليلاً، ثم نـزع مني، ثم عاد فتناولته، فشربت منه قليلاً، ثم رفع، ثم عاد أيضاً، ثم رفع، فصنع ذلك مراراً، حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظوا، فإذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه؟، فقالت: لا الله ما فعلت ذلك، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة، فدينك خير من ديننا"، فنظروا إلى الأسقية، فوجدوها كما تركوها، وأسلموا بعد ذلك[5].

4- العاقلة والحرص على طلب العلم والسؤال عن الدين
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك - أي سمعوه وتعلموه - فاجعل لنا من نفسك يوماً: نأتي فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال عليه الصلاة والسلام:" اجتمِعن يوم كذا وكذا"، فاجتمَعن، فجاء صلى الله عليه وسلم، فعلمهن مما علمه الله[6].
وهذه بعض أسئلة نسائية:
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي أصابتها الحصبة، فتمرق شعرها - تقصف وسقط - وإني زوجتها، أفَأَصِلُ فيه؟، فقال صلى الله عليه وسلم:" لعن الله الواصلة والموصولة"[7]، يعني: صاحبة الشعر والتي تصل لها.
امرأة أخرى تسأل عن كيفية غسل الشعر عند الاغتسال، فتقول: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي - أجعله ضفائر - أفأنقضه للجنابة؟، يعني أأفُكُّهُ؟، قال:" إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي على سائر جسدك، فإذا أنت قد طهرت"[8].
وسألتني إحدى النساء؛ ماذا تفعل لكي تمسح برأسها أثناء الوضوء، لأنها لو مسحت برأسها مدبرة مقبلة بيدها: يتفرق شعرها، ويسبب لها مشقة؟.
فأجبتها بما ذكره الشوكاني في {نيل الأوطار}: عن الربيع بنت معوذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها، ومسح برأسه فمسح الرأس كله من فوق الشعر، كل ناحية لمنصب الشعر، لا يحرك الشعر عن هيئته[9]، وفي هذا بلا شك تيسير عظيم.
وها هي أم سليم رضي الله عنها تسأل النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟. قال:" نعم، إذا رأت الماء". متفق عليه.
ومن عظيم الأسئلة التي وجهت للنبي صلى الله عليه وسلم، وتحمل الدلالة على الفقه والحس الديني، هذا السؤال:
وفيه أن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها: أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي، وعلى مثل رأيي، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء، فآمنا بك واتبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات:{في الخدر وهو الستر}:قواعد بيوت، وإن الرجال فضلوا بالجمعات، وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال:" هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟"، فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" انصرفي يا أسماء، وأعلمي من رواءك من النساء أن حُسن تَبَعُّل - أي معاشرة - إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت"، فانصرفت أسماء، وهي تهلل وتكبر: استبشاراً بما قال لها رسول الله عليه الصلاة والسلام.[10].
لماذا فرحت أسماء رضي الله عنها!!؟:
لأنها رأت فضل الله عز وجل، وهو القائل: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾.
فالأجر الذي تناله المرأة في:( ترتيب مسكنها وتربية أولادها، ورعاية بيت زوجها وما له): يعدل أجر المجاهد في جهاده، ويعدل شهود الرجل الجمع والجماعات، كما تبين من الحديث.
وأخرى من العاقلات تطلب العلم وتستفسر عن حقوق الزوج وعدم غشه:
فعن سلمى بنت قيس - وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلت معه القبلتين، وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار - قالت: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعته في نسوة من الأنصار، فلما شرط علينا: أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصي في معروف، قال:" ولا تغشنن أزواجكن"، قالت: فبايعناه، ثم انصرفنا، فقلت لامرأة منهن: ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما غش أزواجنا؟. قال:" تأخذ ماله فتحابي به غيره".[11].
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر - وهو أحد رواة الحديث - أن عدد شيوخه وأساتذته من النساء، كان بضعاً وثمانين أستاذة.

5- العاقلة ومعالجة مشاكل الحيض والاستحاضة
جاءت امرأة - وهي خولة بنت يسار - تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إني امرأة أحيض ،وليس عندي غير ثوب واحد، فلا أدري كيف أصنع يا رسول الله -ـ أي عند الصلاة -؟، فقال:" إذا تطهرت، فاغسلي ثوبك، ثم صلي فيه". قلت: يا رسول الله، إني أرى الدم فيه، فقال:" اغسليه، ولا يضرك أثره".[12].
سبحان الله!، لا تملك غير ثوب واحد تحيض فيه، وتصلي فيه!!، ونساء كثيرات في هذا الزمن: امتلأت بيوتهن بالثياب، بل لا تقبل الواحدة منهن أن تكرر لبس الثوب في مناسبتين، ولا بد من ثوب جديد، والنبي صلى الله عليه وسلم: دعا بالتعسة والنكسة على عباد الثياب، عباد الموضة، واللاهثات خلف كل جديد، فقال صلى الله عليه وسلم: " تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة[13]، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش".[14]، أي: إذا أصيب بشوكة فلا برأ منها.
والحديث يعم الرجال والنساء، ولا نحرم زينة الله التي أخرج لعباده، ولكن نقول فقط: هل من تعظم الدنيا إلى هذا الحد: تعظم دينها وتقف عند حدوده!!؟.
وفي شأن الاستحاضة – وهي:" استمرار نـزول الدم على المرأة وجريانه في غير أوانه" -، فقد قالت حمنة بنت جحش[15]:كنت أُستحاض في حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها؟، قد منعتني الصلاة والصوم، فقال:" أنعت لك الكرسف، فإنه يذهب الدم"، قالت: هو أكثر من ذلك، قال:" فاتخذي ثوبا"، فقالت: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجاً، قال صلى الله عليه وسلم:" سآمرك بأمرين، أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما، فأنت أعلم"، قال لها:" إنما هذه ركضه من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت، فصلي ثلاثا وعشرين ليلة، أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر، فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك". قال صلى الله عليه وسلم:" وهذا أعجب الأمرين إلي".
قال:" الخطابي" تعليقا على الحديث:" إنما هي امرأة مبتدأة - يعني من يوم بلغت المحيض، وهي على هذه الحال، فلم تجرب أيام الحيض بعددها - لم يتقدم لها أيام، ولا هي مميزة لدمها - يعني لون دم الحيض من دم الاستحاضة، وقد استمر بها الدم حتى غلبها، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها إلى العرف الظاهر، والأمر الغالب من أحوال النساء... ". [16].

6- العاقلة وحب التنزيل
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أم أيمن، فقربت إليه لبناً، فإما كان صائماً، وإما قال:" لا أريد"، فأقبلت إليه تضاحكه، فلما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر لعمر: انطلق بنا نـزر أم أيمن: كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما دخلا عليها بكت، فقالا: ما يبكيك فما عند الله خير لرسوله؟، قالت: أبكي أن وحي السماء انقطع، فهيجتهما على البكاء، فجعلت تبكي ويبكيان معها.[17].
وفي رواية [18]:{ولكني أبكي على الوحي..}، وأم أيمن هي: مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته، وكانت مولاة لأبيه عبد الله، وهي: أم أسامة بن زيد رضي الله عن الجميع.
فأم أيمن رضي الله عنها حين تبكي: يظهر من بكائها هموم المرأة المؤمنة العاقلة وأحزانها، تبكي لأنها تابعت القرآن، وهو ينـزل آية آية، ولم تعد ترى من التنـزيل المزيد.
وقد بكت أيضاً: لما قتل عمر؛ لعلمها أن عمر كان حصناً للإسلام ونصراً، ولذلك قيل لها في بكائها على عمر، فقالت: اليوم وهَى الإسلام، أي: ضعف[19]، فما هي آلامك وأحزانك أيتها المسلمة!!؟.
لأي شيء تذهب دموعك وتسح عبراتك!!؟.
نريدك باكية على الخطيئة، نادمة على المعصية، نريدك باكية من قراءة القرآن، فإن لم تقدري فمتباكية.
أيتها المسلمة:هل تقرئين من القرآن شيئاً في اليوم والليلة!!؟.
هل أبكتك بعض آياته، ومواقفه الجليلة!!؟.
هل تعلمين بأحكامه، وتهذبين نفسك، وتطهرين سلوكك وقلبك بتوجيهاته وأوامره ونواهيه!!؟.
هذا ما نريده منك: أيتها العاقلة.

7- العاقلة وفداؤها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسها وأهلها
عن عمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة - أمه - رأيتني وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فما بقي إلا نُفَير - نفر قليل - ما يتمون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه - ندافع عنه - والناس يمرون منهزمين، ورآني ولا ترس معي - وهو درع يحمي المقاتل من الضربات - فرأى صلى الله عليه وسلم رجلاً مولياً - هارباً - ومعه ترس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" ألق ترسك إلى من يقاتل"، فألقاه، فأخذته فجعلت أترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل - تقصد اشتد عليهم في القتال راكبو الخيل من الكفار - لو كانوا رجّالة - أي على أرجلهم مثلنا - أصبناهم إن شاء الله، فيقبل رجل على فرس، فيضربني، وترست له - بالدرع - فلم يصنع شيئاً وولى، فأضرب عرقوب فرسه، فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح:" يا ابن أم عمارة، أمك، أمك"، أي: عاونها على قتل الرجل، فعاونني عليه حتى أوردته شَعوب - اسم للموت[20]، ما شاء الله".
ولوكان النساء كمن ذكرنا÷ لفضلت النساء على الرجال
ولكن أيتها المسلمة، هل تعرفين: لماذا هذا الحب والفداء كله لرسول الله صلى الله عليه وسلم!!؟، اقرئي الفقرة التالية:

8- العاقلة ومنـزلة النبي -صلى الله عليه وسلم- عندها
لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من دفن شهداء أحد: انصرف راجعاً إلى المدينة، وخرجت النساء تتفقد أحوال المسلمين، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب - قُتل - زوجها وأخوها وأبوها بأحد، فلما نعوا إليها - أبلغت بموتهم - قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه - وكانت لا تعرفه - فأشير إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل – أي: هينة[21].
سبحان الله!!؟: تلك المرأة من بني دينار: يقتل زوجها وأخوها وأبوها ولا تبالي!!؟، وكل همها: الاطمئنان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأته بعينها سالماً معافى: سكن روعها، وهدأت نفسها.
لقد كان أصحاب رسول الله رضي الله عنهم: يعرفون حق قدره ومنـزلته عند الله وعندهم، ففدوه بأنفسهم وأزواجهم وآبائهم وإخوانهم، لكن لما ضعف الإيمان، وقلت الهمة، وخارت العزيمة: تجرأ البعض على أمره ونهيه وعلى سنته، بل على شخصه الجليل. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

9- العاقلة مستجيبة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-
قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾، فاستجابت أم حُمَيد رضي الله عنها وعن زوجها أبي حميد الساعدي، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، فقال لها:" قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي".[22].
قال الراوي عبد الله بن سويد: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله تعالى.
إن بيت المرأة هو: المكان الذي تبيت فيه، وهو: أستر مكان في المنـزل كله، فهل تستجيب أخواتنا لتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص الخروج إلى المساجد وآداب ذلك، في الوقت الذي كثر فيه الاختلاط والسفور والفتن، وغابت الضوابط الشرعية التي تضبط خروج المرأة، وكثر مرضى القلوب والمتعرضون!!؟.
إن العاقلة لتختار بيتها لتصلي فيه إذا عرفت أن زمننا أشد وأفظع من زمن أم حميد.
ولما خطب النبي صلى الله عليه وسلم في النساء يوم عيد قائلاً:" يا معشر النساء، تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم".[23]، تأثرت النساء جداً بهذا الخبر، فكانت الاستجابة سريعة جداً أيضاً، وفي نفس الموقف، فجعلن يتصدقن من حليهن ويلقين في ثوب بلال رضي الله عنه من أقراطهن وخواتيمهن - والقرط هو: الحلق، وفعل النساء هذا الشيء يوم عيد وفرحة وزينة وتباهي بالحلي: يدل على سرعة الاستجابة لله ورسوله، والخوف من جهنم، ولو طلب النبي صلى الله عليه وسلم أرواحهن، لقدمنها رخيصة: افتداء من عذاب النار.
إنها القلوب الحية التي تستجيب لله ورسوله، وتختار ما عند الله.
والحديث كما أسلفنا كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلى النساء في يوم عيد، حيث قام صلى الله عليه وسلم يعظهن، ويذكرهن بالله، وها هو بتمامه:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار"، فقالت امرأة منهن جزلة[24]: وما لنا يا رسول الله؟، قال" تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين: أغلب لذي لب ٍمنكن"، قالت: يا رسول الله، وما نقصان عقلها؟، قال:" أما نقصان العقل؛ فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل[25]، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي؛ وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين".[26].

10- العاقلة والتعبد بالليل
قال الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ... ﴾.
ها هي: حفصة بنت سيرين الأنصارية العالمة الزاهدة العابدة: تحفظ القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وعاشت سبعين سنة، عمرت كلها بالعبادة والقرآن، مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة - الراحة وقت القيلولة - أو قضاء حاجة كما قال عنها: مهدي بن ميمون، ويقول عنها إياس بن معاوية: ما أدركت أحداً أفضله عليها.
وليس معنى هذا دعوة النساء إلى الرهبنة، {فلا رهبانية في الإسلام}[27]، فالإسلام لا يدعو إلى التبتل والانقطاع وترك الأعمال والتربية والخدمة وغير ذلك من الأمور الاجتماعية والحياتية، لكن لا يبغي أحدها على الآخر.
ونموذج آخر هو: امرأة رياح بن عمرو القيسي، وهو: رجل صالح أراد أن يختبر عزيمة امرأته على قيام الليل، فتناوم، فقامت هي تصلي وأيقظته، فادعى التثاقل وأنه سيقوم، فكررت إيقاظه بعد ما مضى ربع الليل، وهكذا إلى أن مضى الليل ولم يقم، فقالت: مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم!!؟، ليت شعري من غرني بك يا رياح، من غرني بك[28]؟.
إن هذا المرأة ما هي إلا نموذج عملي لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى: نضحت في وجهه الماء".[29]، أي: رشت عليه من الماء.
وامرأة رياح تأسف على زواجها منه لما رأته لا يقيم الليل، فعلى أي شيء تأسفين في زوجك أيتها المسلمة!!؟، ألأنه: فقير، أم لأنه: لا يمتلك سيارة، أم لأنه: ليس من أسرة عريقة مرموقة، أم: لأنه ضعيف في دينه!!؟، هذه الأخيرة التي نريد أن تكون مصدر قلق وانـزعاج المسلمة العاقلة.



ملاحظة هامة جدا:
نظرا لكون بعض الهمم قد تعجز عن قراءة هذه الوقفات لطولها نوعا ما – ونحن في زمن السرعة!!؟-: ارتأينا حذف كل الهوامش، وترك أصل الوقفات فقط: تشجيعا وتيسيرا للقراء الأفاضل، ومن أراد التوسع، فعليه بالأصل، ولأهمية الموضوع جرى التنويه.
شكرا لتفهمكم.
التعديل الأخير تم بواسطة أمازيغي مسلم ; 18-02-2016 الساعة 11:08 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
14-02-2016, 01:47 PM
11- العاقلة والثبات مع حسن التصرف عند فجيعة المأزق

ذكر الإمام:" ابن القيم" رحمه الله تعالى في كتابه (الجواب الكافي): "أن رجلاً كان واقفاً بإزاء داره[1]، وكان بابها يشبه باب حمام منجاب[2]، فمرت جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟، فأشار إلى بيته، وقال لها: هذا حمام منجاب، فدخلت الدار - وهي لم تعرف أنه خدعها - ودخل وراءها، فلما رأت نفسها في داره، وعلمت أنه قد خدعها: أظهرت له البشرى والفرح باجتماعها معه، وقالت له: يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا، وتقر به عيوننا، فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها، فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت.."[3].
سبحان الله!: رغم أنها وقعت في ورطة عظمى، ومصيبة كبرى، لكنها بما تتمتع به من ذكاء وثبات، ورجاحة عقل، وهدوء أعصاب: استطاعت بتوفيق الله أن تنجو من هذا المأزق المهين كما تخرج الشعرة من العجين، ولو أنها ارتبكت، وصاحت وبكت؛ لحاول الخبيث: كتم فمها وأنفاسها، ثم قام بافتراسها، ليفعل بها ما يريد، وليقضي على الأخضر واليابس من عرضها وشرفها.
نسأل الله تعالى: أن يعافي بنات المسلمين ويحفظهن من أمثال ذلك الخائن اللئيم.

12- العاقلة وتحصين فرجها عن الفاحشة:

ضرب الله تعالى مثلاً في الطهر والعفاف بواحدة من سيدات نساء العالمين، وهي:" مريم ابنة عمران" عليها السلام، فقال تعالى: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا.. ﴾.
وعلى طريق:" مريم ابنة عمران" عليها السلام: سارت عاقلات صالحات قانتات، نذكر منهن هذه الأمثلة:
" هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان": بايعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مع النساء، وبايعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا يسرقن ولا يزنين، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قولتها المشهورة:" وهل تزني الحرة[4]؟".
وحقاً ما قالت، فإنها تعبر عما ينبغي أن يستقر في قلب كل حرة عاقلة، وأن الحرة حقاً يجب ألا تكون أسيرة لشهوتها، ولا مطيعة لمن يقضي على عفتها.
وعن جابر رضي الله عنه أنه كان لعبدالله بن أبي بن سلول جارية يقال لها: "مسيكة"، وأخرى يقال لها:" أميمة"، فكان يكرههما على الزنا، فشكتا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله:﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ... ﴾ إلى قوله: ﴿ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[5].
وهذه:" معاذة" جارية عبدالله بن أبي بن سلول أيضاً، وكان عنده أسير، فكان ابن سلول يضربها، لتمكن الأسير من نفسها، رجاء أن تحبل منه فيأخذ ابن سلول فداء عن الأسير وابنه، وهو العرض الذي قال الله تعالى فيه: ﴿ لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾. وكانت الجارية تأبى عليه، وكانت مسلمة، فأنـزل الله تعالى فيها الآية: ﴿ ... وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.. ﴾[6]. والقصة رواها الطبراني والبزار[7] عن ابن عباس قال: كانت لعبدالله بن أُبي جارية تزني في الجاهلية، فلما حرم الزنا قالت: لا والله لا أزني أبداً، فنـزلت:﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ.. ﴾ الآية.
وفي القصة الأولى كنا نذكر قول هند:{هل تزني الحرة؟}، وفي غيرها رأينا الجاريات ترفض أيضاً الزنى!
إذن: فمن هذه التي تقبل الزنا وتقدم عليه؟، لا شك: أنها الوضيعة الحقيرة التي وضعت شرفها وعفتها تحت تصرف الزاني بها، وهي دون الحرة، وأقل من الجارية، فهي أقرب إلى الحيوانات، والعاقلة لا تفعل ذلك.

13- العاقلة والحياء

عن يعلى بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن الله تعالى حييٌّ ستير: يحب الحياء والستر".[8].
وأعظم ما يجمل المرأة:" حياؤها"، وإذا فقدت حياءها: فقدت أنوثتها وعفتها، وصارت عرضة لكل خلق سيء.
ومن النماذج المشرفة في الحياء ما روته عائشة - رضي الله عنها - قالت: جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة - رضي الله عنها - تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ عليها: ﴿ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ... ﴾ الآية، قالت، عائشة: فوضعت فاطمة بنت عتبة يدها على رأسها حياء، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها[9]، فبمجرد أن سمعت فاطمة بنت عتبة نص البيعة: ﴿ وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ ﴾: وضعت يدها على رأسها، وأخفت وجهها حياء، حتى أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بما رأى منها، فأين كثير من بنات زمننا من ذلك!!؟.
وهذه فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم: لما رأت جنائز النساء تحمل الواحدة منهن على النعش مكشوفاً، وتغطى بثوب، فيعرف رأسها وصدرها وحجمها، فاستقبحت فاطمة ذلك، فقالت لأسماء بنت عميس: إني استقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها - أي يظهر حجم أعضائها -، فقالت لها أسماء: يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟، فدعت بجرائد - عيدان الجريد - رطبة، فحنتها - أي جعلتها محنية على شكل قوس - ثم طرحت عليها ثوبا، فقالت فاطمة:" ما أحسن هذا وأجمله، إذا مت فغسليني أنت وعلي، ولا يدخلن أحد عليَّ".[10].
قال ابن عبدالبر:" هي أول من غطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة".
إذا كان هذا حياء فاطمة رضي الله عنها عند الموت، تريد غطاء مرتفعاً من جريد تعرف به المرأة من الرجل، ولا يعرف لها حجم، وهي تحته، فلا ينظر إليها بعد إذ علم أنها امرأة، فماذا نقول لمن تلبس الثياب المجمسة التي تظهر تفصيلات جسمها لتعرضه على البر والفاجر، أهي عاقلة!!؟.
إن الحيية المحتشمة امرأة، والمتبرجة التي لا تستحي أيضاً امرأة، لكن كم من الفرق بين المرأتين!!؟.

14- العاقلة ولزوم البيت وعدم التعرض للرجال

في قصة موسى صلى الله عليه وسلم مع المرأتين في سورة القصص، قال الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾.
فامتنعت المرأتان عن سقي غنمهما: ابتعاداً عن مخالطة الرجال على البئر، وكان بإمكانهما أن يسقيا قبل كثير من الناس، وذلك بالتعرف على بعض الرجال الذين يحبون مخالطة النساء، كما يحدث من كثيرات ممن تظن أنها صاحبة فهم وتصرف، لكنهما لعفتهما: امتنعتا عن مجرد الوقوف عند الرجال على البئر، فاعتزلتا بالغنم حتى ينتهي الرعاة من السقي، ثم ذكرتا العلة من خروجهما أنهما مضطرتان بسبب كبر سن الوالد المقعد في البيت، ويوم أن علمت كل منهما بقوة موسى وأمانته: سارعت إلى ترك الخروج، وقالت إحداهما: ﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾، لكن الرجل حريص؛ لا يستأجره، فيختلط ببناته بلا محرم، وهو كبير مقعد، فرأى أن زواجه بإحدى بناته حل للمشكلة من جذورها، بل وجعل المهر عملاً يساهم أيضاً في حل المشكلة:﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ... ﴾، يعني ثمان سنوات أو عشر من الخدمة: تكون مهراً لابنته، فوافق موسى صلى الله عليه وسلم.
إن العاقلة هي: التي تعرف بأن بيتها هو: حصنها وصيانتها.
وعن عمرة رضي الله عنها: أن الزبير كان شرط ألا يمنعها المسجد، وكانت امرأة خليقة، فكانت إذا تهيأت إلى الخروج للصلاة، قال لها: والله إنك لتخرجين وإني لكاره، فتقول: فامنعني فأجلس، فيقول: كيف وقد شرطت لك ألا أفعل؟، فاحتال لها على الطريق في الغلس، فلما مرت وضع يده على كفلها فاسترجعت، ثم انصرفت إلى منـزلها، فلما حان الوقت الذي كانت تخرج فيه إلى المسجد: لم تخرج، فقال لها الزبير: ما لك لا تخرجين إلى الصلاة؟، قالت: فسد الناس، والله لا أخرج من منـزلي، فعلم أنها ستفي بما قالت، فقال: لا روع يا ابنة عمر، وأخبرها الخبر، فقتل عنها يوم الجمل، ثم خطبها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد انقضاء عدتها من الزبير[11].

15- العاقلة في الحج

كثير من النساء تتساهل في الحج في أمور عظيمة لا ينبغي التساهل فيها أمام الرجال، ويتعللن بعلل لا تصلح دليلاً على التساهل، فمن قائلة: نحن في حج والقلوب صافية، ومن قائلة: ظروف الحج تختلف عن أي وقت، وغير ذلك، ونسأل: هل قلوب تلك النساء ومن حولهن من الرجال أصفى من قلوب نساء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن حولهن من الصحابة؟. والجواب: لا، فلماذا إذن قالت فاطمة بنت المنذر العفيفة التقية النقية - رضي الله عنها - وهي في الحج: "كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر، تعني جدتها". قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف "جمع خف"، وأن لها تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال[12].

16- العاقلة مبلغة للنساء حديث النبي صلى الله عليه وسلم



قال النبي صلى الله عليه وسلم:" بلغوا عني ولو أية"[13]. وها هي: امرأة ممن بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وعلى ألا يعصين في معروف، توضح للمسلمات شيئاً مما أخذ عليهن من المعروف الذي لا تعصي فيه المرأة فتقول: "ألا نخمش وجهاً[14]، ولا ندعو ويلاً[15] على الميت، ولا نشق جيباً، وألا ننشر شعراً".[16].
إنها تقول ذلك، لأن كثيراً من النساء إذا أصابتها مصيبة: لطمت الخدود، وشقت الجيوب، ودعت بدعوى الجاهلية، والأمثلة من المسلمات المبلغات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر من أن تحصر، لكن يكفي أن تعلم المبلغة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لها بأن ينضر الله وجهها يوم تنضر الوجوه، فقال: "نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"[17].

17- العاقلة وتجنبها الفتنة، وصمودها عند وقوعها

هذه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط - رضي الله عنها - أسلمت بمكة وبايعت، ولم يتهيأ لها هجرة إلى سنة سبع، وكان خروجها - إلى المدينة - زمن صلح الحديبية، فخرج في إثرها - خلفها - أخواها الوليد وعمارة، فما زالا حتى قدما المدينة، فقالا: يا محمد {فِ}[18] لنا بشرطنا - وكان من الشروط في صلح الحديبية: أن يرد النبي صلى الله عليه وسلم من جاءه مسلماً إلى الكفار - فقالت أم كلثوم: أتردني يا رسول الله إلى الكفار يفتنونني عن ديني ولا صبر لي، وحال النساء في الضعف ما قد علمت؟، فأنزل الله تعالى - الرحيم -: ﴿ إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ. ﴾، فكان صلى الله عليه وسلم يمتحن النساء، فيقول: "آلله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام؟، ما خرجتن لزوج ولا مال؟"، فإذا قلن ذلك لم يرجعهن إلى الكفار[19].
فأم كلثوم خشيت من الكفار: أن يفتنوها في دينها، وأكدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خشيتها بضعف النساء المعلوم، فأيد الله تعالى رأيها، ورحم حالها، وبارك فعالها، وأنـزل الفرج:﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار ﴾.
لكن إذا وقعت الفتنة فما على المسلمة إلا الصبر والاستعانة بالله العظيم.
فها هي سمية أم عمار بن ياسر، سابعة سبعة في الإسلام: عذبها أبو جهل وطعنها في قُبُلها بحربة، فماتت، فكانت أول شهيدة في الإسلام، فكانوا يعذبونها وهي تأبى غير الإسلام، حتى قتلوها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بعمار وأمه وأبيه ياسر، وهم يعذبون بالأبطح - مكان في أعلى مكة - في رمضاء مكة - حرها الشديد - فيقول:" صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة".[20].

سمية لا تبالي حين تلقى
عذاب النكر يوماً أو تهونا
وتأبى أن تردد ما أرادوا
وكانت في عداد الصابرين
18- العاقلة غير ناظرة إلى الرجال ولا تختلط بهم

لا يجوز جلوس الرجال والنساء، واجتماعهم في مجلس واحد: مختلطين ينظر بعضهم إلى بعض.
قالت أم سلمة - رضي الله عنها -: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "احتجبا منه". فقلنا: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟"[21].
قلت: وهذا لا يتعارض مع أمره صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، لما قاله القرطبي: قال ابن العربي: وإنما أمرها بالانتقال من بيت أم شريك إلى بيت ابن أم مكتوم؛ لأن ذلك أولى بها من بقائها في بيت أم شريك؛ إذ كانت أم شريك مؤثرة بكثرة الداخل إليها، فيكثر الرائي لها، وفي بيت ابن أم مكتوم لا يراها أحد، فكان إمساك بصرها عنه أقرب من ذلك وأولى فرخص لها ذلك، والله أعلم[22].
لكن يجوز أن تنظر المرأة المسلمة إلى الرجال للحاجة، وهم يمشون في الطرقات، أو أثناء البيع والشراء، أو يلعبون ألعاباً غير محرمة، بشرط ألا يظهر من الرجال شيء من عوراتهم من الركبة إلى السرة، كمن يلعب مظهراً فخذيه، وبشرط ألا يترتب على هذا النظر فتنة، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ينظر إلى الحبشة، وهم يلعبون في حرابهم في المسجد يوم العيد، وعائشة - رضي الله عنها - تنظر من ورائه وهو يسترها منهم، حتى ملَّت ورجعت.
فالعاقلة المنصفة تعرف أن عائشة كانت مختفية مستترة خلف جسم النبي صلى الله عليه وسلم، فتراهم من حيث لا يرونها.
وعلى هذا فالنظر إلى الرجال مشترط بشرطين:
الأول: ألا يترتب عليه فتنة.
الثاني: ألا يكون في مجلس واحد مواجهة كمجلس ابن أم مكتوم.
وفي الجملة فإن الله تعالى أمر الفريقين - الرجال والنساء - بتقوى الله وغض البصر؛ لأنه كما قال جل وعلا:﴿ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾.

19- العاقلة والحجاب

عن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟، قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك". فقالت: أصبر، قالت: وإني أتكشف فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها[23].
وعند البزار عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت: إني أخاف الخبيث - أي الشيطان -ـ أن يجردني، فدعا لها، فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها[24]. يعني أنها بربها تستغيث من كيد ذلك الخبيث.
انظري أيتها المسلمة إلى إصرار تلك المرأة على أن تتستر، ولا ينكشف منها شيء، وتخشى أن يجردها ويكشفها الشيطان الخبيث إذا صرعها، رغم أنها سوداء، ربما لا يشتهيها أحد، وهي معذورة، وفي ذلك عبرة لمن تقول: أنا لن أتحجب لأنني لست جميلة، ومن تقول: إن أرجلها مثل الكسرة البالية!، لكن الناظر إلى حال تلك المرأة السوداء الصابرة المحتسبة يجد أن هذه المرأة أفزعها انكشافها: أكثر مما أفزعها الصرع والجن الذي يصرعها، فصبرت على الصرع ولم تصبر على أن تتكشف، ولو أصاب جن بعض نساء زماننا: لذهبن إلى السحرة والكهان وارتكبن شتى المخالفات في سبيل تحصيل الشفاء، إلا من رحمها الله، فأيتهما العاقلة؟.
وهذه فتاة فرنسية (فاطمة عشبون) في حديث مع صحيفة (الفيجارو الفرنسية) تقول للصحيفة:" أنا لن أخلع الحجاب مهما كلف الأمر"، وتقول:" لن أخضع لأي ضغط لخلع الحجاب، ولو كان هذا الضغط من والدي"[25]. وتقول:" وإذا ما حاولوا دون عودتي إلى المدرسة، فسأبقى في المنزل".
نعم:﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
تلك الكلمات الناصعة المذهبة التي ستظل خالدة في سمع الزمان وسمع الدنيا، سطرتها (فاطمة عشبون) ، تلك الفتاة المثالية التي آمنت بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، وعرفت قوله صلى الله عليه وسلم:" ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء"[26]، ولذلك فهي تقول: لن أخلع الحجاب مهما كلف الأمر، في حين أننا في المقابل: نرى من المسلمات من انهزمت في دينها، فصارت تقول: لن ألبس الخمار مهما كلف الأمر!!، بعكس (فاطمة عشبون) التي تعيش في مجتمع فرنسي غير مسلم، أما بناتنا ونساؤنا فالمجتمع لا يمنعهن من ذلك، فأيتهما أعقل!!؟.
ويوم يكون خروج المرأة مؤدياً إلى مخالفات شرعية كخلع الحجاب، فإن العودة إلى المنزل حينئذ هي: التصرف الشرعي الصحيح، وهكذا فعلت وقالت فاطمة:" وإذا ما حاولوا دون عودتي إلى المدرسة، فسأبقى في المنزل".
بارك الله فيك يا فاطمة، وأكثر من أمثالك، ونصرك على القوم الظالمين، ويا ليتك يا ابنتي، يا صغيرة السن، يا طالبة المدرسة تكوني عبرة ومثلاً ودرساً لكثير من أخواتنا الجامعيات حاملات الشهادات، أنا أشهد لك يا فاطمة أنك تحملين أغلى وأعز شهادة في الوجود وهي:" شهادة ألا إله إلا الله"، وعرفت معناها وعملت بمقتضاها، كما أشهد أن كثيرات غيرك يحملن شهادات الدنيا العالية - كما يسمونها - لكنهن ينطبق عليهم قول الله جل وعلا: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ .

20- العاقلة ومصافحة الرجال

أخرج الطبراني عن عقيلة بنت عتيك بن الحارث قالت:{جئت أنا وأمي بريرة بنت الحارث العتوارية في نساء من المهاجرات فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو ضارب عليه قبة - خيمة - بالأبطح - وهو مكان بأعلى مكة - فأخذ علينا ألا نشرك بالله ولا نسرق... الحديث، وفيه: فبسطنا[27] أيدينا - لمصافحته - فقال:" إني لا أمس أيدي النساء"،فاستغفَر لنا فكانت تلك بيعتنا.
واستغفاره لهن كان تحقيقاً لقول الله جل وعلا: ﴿ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
فكيف يصافحهن صلى الله عليه وسلم، وهو القائل:" لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد: خير له من أن يمس امرأة لا تحل له". [28].
وعند البخاري ومسلم وغيرهما قالت عائشة:" والله ما مست يد رسول الله يد امرأة".

ملاحظة هامة جدا:
نظرا لكون بعض الهمم قد تعجز عن قراءة هذه الوقفات لطولها نوعا ما – ونحن في زمن السرعة!!؟-: ارتأينا حذف كل الهوامش، وترك أصل الوقفات فقط: تشجيعا وتيسيرا للقراء الأفاضل، ومن أراد التوسع، فعليه بالأصل، ولأهمية الموضوع جرى التنويه.
شكرا لتفهمكم.
التعديل الأخير تم بواسطة أمازيغي مسلم ; 18-02-2016 الساعة 11:07 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية amina 84
amina 84
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 20-06-2009
  • العمر : 39
  • المشاركات : 9,993
  • معدل تقييم المستوى :

    26

  • amina 84 has a spectacular aura aboutamina 84 has a spectacular aura aboutamina 84 has a spectacular aura about
الصورة الرمزية amina 84
amina 84
شروقي
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
18-02-2016, 11:06 AM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

وفيك بارك الله، وجزاك خير الجزاء على كريم التصفح، وجميل الدعاء.
ملاحظة هامة جدا:
نظرا لكون بعض الهمم قد تعجز عن قراءة هذه الوقفات لطولها نوعا ما – ونحن في زمن السرعة!!؟-: ارتأينا حذف كل الهوامش، وترك أصل الوقفات فقط: تشجيعا وتيسيرا للقراء الأفاضل، ومن أراد التوسع، فعليه بالأصل، ولأهمية الموضوع جرى التنويه.
شكرا لتفهمكم.
21- العاقلة والصراحة المنصفة

هذه:" هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان":وصفوها بأنها من عقلاء النساء، كانت قبل إسلامها: لا تكره أحداً مثلما تكره بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن أسلمت: لم تكن تحب أهل بيت مثلما أحبت بيت النبوة، وها هي تصارح النبي صلى الله عليه وسلم بتلك المعلومة التي تحمل في طياتها: اعتذاراً عن شقها بطن عمه حمزة رضي الله عنه، وهو مقتول بمعركة أحد، وإخراجها كبده، ومضغها تشفياً وكراهية، وهي تعلم أن ذلك أثر في نفس النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أن أرادت بعد إسلامها: أن تثبت صدقها في حبها لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، قدمت أولاً: أنها لم تكن تكره بيتاً أشد من بيته صلى الله عليه وسلم، واعترافها بهذا راضية غير مكرهة وصدقها فيه: يدل على صدقها في الأخرى، وهي: حب آل بيته صلى الله عليه وسلم.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: جاءت هند بنت عتبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء: أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء: أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" وأنا أيضا والذي نفسي بيده". الحديث.
رحم الله هند بنت عتبة، لقد عفا عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل منها وقابلها بنفس شعورها، وأقسم على ذلك رغم ما فعلته في عمه حمزة رضي الله عنه، لكنها فعلت ذلك تحت وطأة الكفر الذي يكنّ للإسلام كل عداوة، ثم بعد ذلك أسلمت، والإسلام يجب ما قبله؛ أي: يمحو كل ما سبقه من انحراف، ورسول الله صلى الله عليه وسلم: جاء ليدخل الناس في الإسلام: لا لينتقم لنفسه منهم، فلذلك لم يعد أهل بيت: أحب إلى قلب هند من أن يعزوا من بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

22- العاقلة وتحري الصدق

عن:"أسماء بنت عميس"قالت:كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة، قالت: فوالله ما وجدنا عنده قِرَى - شيئاً يضيفنا به -ـ إلا قدحاً من لبن، فشرب منه، ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية - عائشة -، فقلنا لها: لا تردي يد رسول الله، فأخذت منه على حياء فشربت، ثم قال:" ناولي صواحبك"، فقلنا: لا نشتهيه، فقال صلى الله عليه وسلم:" لا تجمعن جوعاً وكذباً"، فقلت: يا رسول الله، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهه، أيعد ذلك كذباً؟، قال:" إن الكذب يكتب، حتى تكتب الكذيبة كذيبة"، يعني: كل ما هو كذب ومخالف للحقيقة يكتب حتى الكذيبة - الكذبة الصغيرة -، وحتى ما يسمونه الكذبة البيضاء!؟- أو الكذب الأبيض!؟، وإنه: لأسود فاقع السواد، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ".
قال الله تعالى:﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾.

23- العاقلة وخاطبها

عن أنس رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها، فقال: حتى أستأمر أمها - يعني يأخذ رأيها - فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" فنعم إذن"، قال: فانطلق الرجل إلى امرأته، فذكر ذلك لها، قالت: لا هاالله، إذن ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيباً، وقد منعناها من فلان وفلان؟، قال: والجارية في سترها تسمع، قال: فانطلق الرجل يريد أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك - برفض زوجته - فقالت الجارية - البنت العروس -: أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟، إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه، قال: فكأنها جلت -كشفت الغشاوة - عن أبويها، وقالا: صدقت، فذهب أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كنت رضيته، فقد رضيناه، قال صلى الله عليه وسلم:" فإني قد رضيته"، قال: فزوجها.
ثم فزع أهل المدينة - للحرب - فركب جليبيب، فوجدوه قد قتل وحوله ناس من المشركين قد قتلهم.
وقصة ذلك كما أخرجها مسلم في صحيحه عن أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له، فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه:"هل تفقدون من أحد؟"، قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً وفلاناً، ثم قال:"هل تفقدون من أحد؟"، قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً وفلاناً، ثم قال:"هل تفقدون من أحد؟"، قالوا: لا، قال:" لكني أفقد جليبيباً، فاطلبوه"، فطلب في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف عليه فقال:" قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه".
قال: فوضعه على ساعديه، ليس له إلا ساعدا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فحفر له ووضع في قبره ولم يذكر غسلاً.
سبحان الله!، جاء الخاطب جليبيب، وهو عبد، لكنه زكّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم واختاره، واختار له المخطوبة، وفي لحظة غفلة: كاد الأب والأم أن يرفضا، لكن البنت التي تعلمت من الإسلام أعظم المبادئ: تذكر أبويها حين همّا بالرفض فتقول: أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره!!؟.
هذه هي العروس التي نتمناها لكل مسلم، كم من عروسين ينتسبان إلى الإسلام، ولا يمت عرسهما إلى الإسلام بصلة!!؟.
كم من أوامر لله ورسوله ترد!!؟.
وكم من سنن تترك، ومعاصي ترتكب، وبدع تمارس من يوم أن يخطب الخاطب مخطوبته إلى ما شاء الله!!؟.
فاعتبروا يا أولي الأبصار بجليبيب وبعروس جليبيب.
وعن ابن داجة عن أبيه قال: لما مات عبد الله بن عبد الملك: رجعت هند بميراثها منه، فقال عبد الله بن حسن لأمه فاطمة: اخطبي علي هنداً، فقالت: إذاً تردك، أتطمع في هند، وقد ورثت ما ورثته؛ وأنت تَرِبٌ لا مال لك؟، فتركها ومضى إلى أبي عبيده فخطبها إليه، فقال: في الرحب والسعة، أما مني فقد زوجتك، مكانك لا تبرح، ودخل على هند، فقال: يا بنية، هذا عبد الله بن حسن: أتاك خاطباً، قالت: فما قلت له؟، قال: زوجته. قالت: أحسنت، قد أجزت ما صنعت، وأرسلت إلى عبد الله، لا تبرح حتى تدخل على أهلك، قال: فتزينت له، فبات بها معرساً من ليلته، ولا تشعر أمه، فأقام سبعاً، ثم أصبح يوم سابعه غادياً على أمه، وعليه ردع الطيب، وفي غير ثيابه التي تعرف، فقالت له: يا بني، من أين لك هذا؟، قال: من عند التي زعمت أنها لا تريدني.
بهذه السهولة واليسر: عفت هذه المرأة نفسها، وكانت سبباً في عفة رجل، وهذا من أهم أسباب البركة، ولم يثنها أنها غنية، وهو فقير كما تخوفت أمه، وقد ساعد في هذا أيضاً: الأب العاقل الذي ييسر على الناس؛ لعل الله ييسر عليه.

24- العاقلة ومصارحتها خاطبها بأحوالها

أراد النبي صلى الله عليه وسلم: أن يخطب أم سلمة - رضي الله عنها - بعد وفاة زوجها أبي سلمة، فلما انقضت عدتها بعث إليها عمر بن الخطاب يخطبها عليه، فقالت: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني غَيَرى - شديدة الغيرة من الضرائر -، وأني مصبية - ذات صبية صغار، ولا تريد أن تضيق بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم - وليس أحد من أوليائي شاهداً- فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، قال:" ارجع إليها فقل لها: أما قولك: إني امرأة غَيرى، فأسأل الله أن يذهب غيرتك، وأما قولك: إني امرأة مصبية فتُكفين صبيانك، وأما قولك: إنه ليس أحد من أوليائك شاهداً، فليس من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك"، فقالت لابنها: يا عمر، قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها ليدخل بها، فإذا رأته أخذت ابنتها زينب، فجعلتها في حجرها، فينقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلم بذلك عمار بن ياسر، وكان أخاها من الرضاعة، فجاء إليها فقال: أين هذه المقبوحة التي آذيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، فأخذها فذهب بها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليها فجعل يضرب ببصره في جوانب البيت، وقال:" ما فعلت زينب؟"، قالت: جاء عمار، فأخذها فذهب بها، فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:" إني لا أنقصك مما أعطيت فلانة؛ رحائين وجرتين ومرفقة حشوها ليف"، وقال:" إن سبَّعْتُ لك سبعت لنسائي".
هذه أم سلمة تخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكل صراحة بكافة أحوالها، ومن من النساء تتحصل على الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، لكن أم سلمة رضي الله عنها: لم يمنعها ذلك من أن تعلمه بالحقيقة، ولو كانت النتيجة الرفض منه، إلا أننا نرى نساء إذا جاءهن الخاطب، قالت هي وأهلها: فرصة لا نضيعها، افرشوا له الأرض بالحرير، وحلوا له الكلام بالعسل، وابتسموا في وجهه، وإن لم يكن هذا طبعكم، واكتموا عنه كل شيء يسيئه!!؟، حتى إذا ما عقدوا العقد: كشرت الحية عن أنيابها، وشبت الحرب الأهلية، حتى يقول الزوج: يا ليتي مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا!!؟.
هذا يحدث في العادة، فأين يا قوم السعادة!! لكن أم سلمة الشريفة العاقلة، العفيفة الفاضلة تعطينا الدرس.
ودرس آخر: تقول أم سلمة رضي الله عنها: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني، وبيننا حجاب فخطبني... الحديث.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم التقي النقي، وهذه أم سلمة المبشرة بالجنة، قبل أن يحدث بينهما رؤية شرعية: يكلمها أولاً أنه يريد الزواج منها، فكان الكلام من وراء حجاب، وتلك هي الأخلاق والآداب، فما بال الذين جاءونا بدين جديد!!؟، يتعرفون أولاً ثم صداقة، واختلاط وعلاقة، وتجربة وحب، وإذا سألتهم: قالوا حب شريف!!؟، ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف الحب الشريف حتى عرفتموه للأمة!!؟:" من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء". نسأل الله السلامة.

25- العاقلة ومهرها

عن أنس رضي الله عنه قال: خطب أبو طلحة أم سليم - قبل إسلامه، وهي مسلمة، فقالت: إني آمنت، فإن تابعتني على ديني تزوجتك، قال: فأنا على مثل ما أنت عليه، فتزوجته أم سليم، وكان صداقها: الإسلام، وفي رواية: قالت: ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض؟ ،قال: بلى، قالت: أفلا تستحي: تعبد شجرة!!؟، إن أسلمت فلا أريد منك غيره -ـ أي لا أريد منك صداقاً غير الإسلام ، قال: حتى أنظر في أمري، فذهب ثم جاء، فقال: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فقالت: يا أنس - ابنها - زوج أبا طلحة، فزوجها.
لقد كسبت أم سليم زوجاً، وكسبت ما هو أعظم من ذلك: هداية رجل على يديها يظل في ميزانها إلى أن تلقى ربها يوم القيامة:" لأن يهدي بك الله رجلاً واحداً: خير لك من حمر النعم".
إنها تعرف حقاً معنى الزواج؛ زوج مسلم صالح، وبيت مؤمن ناجح.
أذلك خير أم التي تبحث عن المظاهر والتكاثر من كل عرض الدنيا على حساب الدين والمبادئ والأخلاق!!؟، ثم بعد ذلك تشكو من زوجها الأمرين!!؟.

26- العاقلة وجهاز عرسها

أخرج ابن سعد في طبقاته عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف، ورحاءين - لتطحن بهما الحب - وسقاءين - إناءين للشرب.
فاطمة واحدة من سيدات نساء العالمين، وهذا مهرها؟، فلماذا كل هذا التخفف؟، لأن الزواج بناء أسرة في الحقيقة، وليس بناء مستعمرة أو ثكنة عسكرية مكتظة بكافة الآلات والمعدات، وبناء الأسرة السعيدة لا يقوم إلا على عمودين أساسيين:" زوج صالح، وامرأة عاقلة ذات دين".
وقد مر بنا في الفقرة قبل السابقة جهاز أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وهو عبارة عن:" رحائين وجرتين ومرفقة حشوها ليف".

27- العاقلة وغناء الأفراح

ليس معنى الأفراح: الخروج عن الجادة، وليس معنى الغناء: تعاطي الفجور بين تبرج وسفور، وردي الكلام وفاحش القول، وليس معنى أن الزواج مرة في العمر - تقريباً - أن يستهين المرء بفعل وقول ما يغضب الله!!؟، ولو كان يوماً في العمر؛ بل لحظة، ولكن الحق: أن ذلك اليوم إما أن يكون تأسيساً لبنيان الزوجية على تقوى من الله ورضوان، وإلا؛ فهو على شفا جرف هار، فانهار بذل وهوان، وخيبة وخسران.
وسأحدثكم الآن عن عرس وفرح من أفراح سلفنا الصالح:
عن نبيط بن جابر عن جدته أن نبيط قالت: أهدينا جارية لنا من بني النجار إلى زوجها، فكنت مع نسوة من بني النجار ومعي دف أضربه، وأنا أقول:
أتيناكم أتيناكم
فحيونا نحييكم
ولولا الذهب الأحمر
لما حلت بِواديكم
قالت: فوقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" ما هذا يا أم نبيط؟"، فقلت: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، جارية منا من بني النجار نهديها إلى زوجها. قال:" فتقولين ماذا؟"،قالت: فأعدت عليه قولي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قولي: ولولا الحنطة السمراء لما سمنت عذاريكم"، والحنطة: نوع من الدقيق يفضله العرب، وهذا الغناء ومثله جائز في الأفراح إن لم يصحبه آلة لهو محرمة: كالمزمار والعود وغيره، فإن صاحبه شيء من هذه الممنوعات: لم يجز هذا الغناء؛ لا أداء ولا استماعاً، وقد امتثلت أمهات المؤمنين لمثل هذا المفهوم الذي يغالط فيه كثير من أبناء المسلمين وبناتهم.
فعن أم علقمة أن بنات أخي عائشة خُتِنَّ، فقيل لعائشة: ألا ندعو لهم من يلهيهن؟، قالت: بلى، فأرسلت إلى فلان المغني فأتاهن، فمرت عائشة في البيت، فرأته يتغنى ويحرك رأسه طرباً - وكان ذا شِعْر كثير، فقالت: أف، شيطان، أخرجوه، أخرجوه.
فانظري أيتها المسلمة، هذه أم المؤمنين: أذنت أن تأتي من ينشد الشعر لتسلية بنات أخيها حال اختتانهن، وهن بنات صغيرات، لكنهن يفهمن الشعر والعربية، فلما رأت عائشة رضي الله عنها هذا الشاعر لم يقتصر على أداء الشعر، بل كان يتمايل ويحرك رأسه طرباً، فتأففت من وجوده، ووصفته بأنه شيطان، وأمرت بإخراجه، فأخرج.
فهل عرفت أيتها العاقلة ما هو الغناء وما هي ضوابطه!!؟.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سيكون في الناس من يستحل المعازف - أي يجعلها حلالاً - بعد إذ حرمها الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم:" ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر - الفرج - والحرير والخمر والمعازف"، وهي: آلات العزف والموسيقى.
وقال صلى الله عليه وسلم:" ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينـزلن أقوام إلى جنب علم تروح عليهم سارحتهم، فيأتيهم آت لحاجته فيقولون له: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ منهم آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة".
وعن عبدالرحمن بن عوف قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي، فانطلقت معه إلى ابنه إبراهيم، وهو يجود بنفسه، قال: فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، ووضعه في حجره حتى خرجت نفسه، قال: فوضعه ثم بكى، فقلت: تبكي يا رسول الله، وأنت تنهى عن البكاء؟، فقال:" إني لم أنهَ عن البكاء، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين؛ عند نعمة: لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: لطم وجوه وشق جيوب، وهذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم، يا إبراهيم لولا أنه وعد صادق، وقول حق، وأن آخرنا سيلحق بأولنا؛ لحزنا عليك حزناً أشد من هذا، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب عز وجل".
وقال صلى الله عليه وسلم:" صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نغمة، ورنة عند مصيبة".
وروى ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يمسخ قوم من أمتي قبل يوم القيامة قردة وخنازير"، قالوا: يا رسول الله، أليس يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟، قال:" بلى، ويصومون ويصلون ويحجون"، قالوا: فما بالهم يا رسول الله؟، قال:" اتخذوا المعازف والقينات والدفوف، وشربوا الأشربة، فباتوا على شربهم ولهوهم، فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير، وليمرن الرجل على الرجل في حانوته يبيع، فيرجع إليه وقد مسخ قرداً أو خنـزيراً". قال أبو هريرة: لا تقوم الساعة حتى يمشي الرجلان في الأمر، فيمسخ أحدهما قرداً أو خنـزيراً، ولا يمنع الذي نجا منهما ما رأى من صاحبه: أن يمضي إلى شأنه حتى يقضي شهوته". قال الشوكاني: قال المنذري: وأخرجه البخاري تعليقاً، وانظر عون المعبود (11/59).
وهل تخلو مجالس الغناء ومسارح الطرب في أنحاء من الدنيا كثيرة من رقص خليع فاجر، وخمر يدار، وصياح السكارى، وكلمات فاحشة مثيرة للشهوات والفواحش، واختلاط شائن بين الجنسين، وتحلل وإباحية، وآلات اللهو المحرمة، فأين الحلال في هذا الغناء أو جزء منه أيها المغالطون!!؟.

28- العاقلة وحفظ سر زوجها

"إن من شر الناس منزلة يوم القيامة: الرجل الذي يجامع زوجته، ثم ينشر سرها، أو تنشر هي سره".
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم:" إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطاناً في السكة، فقضى حاجته، والناس ينظرون إليه".
ولا شك أن مثل هذا السر من أعظم الأسرار، وإفشاؤه من أخطر الأخطار، ولا يفعل ذلك إلا تخلى عن مروءته وغيرته وشيء من إيمانه.
والعاقلة تحافظ على سرها وسر زوجها، بل كل سر يسر إليها به ينبغي الحفاظ عليه، وها هي فاطمة - رضي الله عنها - يسر إليها أبوها صلى الله عليه وسلم حديثاً، فلما سألتها عائشة عنه، قالت: ما كنت لأفشي سره. وكذلك أم سليم -رضي الله عنها - تقول لابنها أنس: لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً.

29- العاقلة وحفاظها على غيرة زوجها

الغيرة: فطرة فطر الله البشر عليها، تزيد وتنقص بين الناس، فتزيد عند البعض حتى إنه لربما شدد على زوجته، فحرم عليها ما أحل الله!!؟، وتقل عند البعض حتى إنه ليحل لزوجته ما حرم الله، فيتركها تخالط الرجال ويخالطونها، يجلسون معها ويصافحونها، فمثل هذا: لاشك في أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه بأنه:(دَيُّوث): لا يغار على أهل بيته ومحارمه.
ودرْسنا هنا مع أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها -التي تلقن المسلمات درساً في الغيرة، فكانت تمشي يوماً تحمل على رأسها علفاً لفرس زوجها الزبير رضي الله عنه تقول: فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر - بضعة أفراد - فدعاني، فقال: إخ، إخ - للجمل - ليحملني خلفه، فاستحييت وذكرت الزبير وغيرته، قالت: فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم...
قال النووي: قال القاضي عياض: هذا خاص للنبي صلى الله عليه وسلم، بخلاف غيره، فقد أمرنا بالمباعدة من أنفاس الرجال والنساء، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم مباعدتهن، لتقتدي به أمته، قال: وإنما كانت هذه خصوصية له؛ لكونها بنت أبي بكر، وأخت عائشة، وامرأة للزبير، فكانت كإحدى أهله ونسائه، مع ما خص به صلى الله عليه وسلم: أنه أملك لإربه، وأما: إرداف المحارم، فجائز بلا خلاف بكل حال.
أقول: فهل يفهم أهل التخليط والهوى!!؟.

30- العاقلة وواجباتها الزوجية

قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الزوجة الصالحة:" خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك".
ومن حفظ المرأة لنفسها في غياب زوجها: ألا تدخل عليها أحداً يكرهه، ومعنا قصة المرأة التي كان زوجها غائباً في الحرب في جيش عمر بن الخطاب، فجلست وحيدة لا أنيس لها، فقالت شعراً في ذلك تبين فيه أنها رغم وحدتها وخلوتها، فإنها ستحفظ زوجها في غيابه بحفظ نفسها، فلن تدخل أحداً عليها، فيدنس فراشه، وينتهك حرمته، وكان مما قالته:
طال هذا الليل تسري كواكبُه
وأرقني ألا خليل ألاعبُه
فوالله لولا الله أني أُراقبُه
لَحُرك من هذا السرير جوانبُه
مخافة ربي والحياء يصدني
وإكرام بعلي أن تنال مَراكِبُه

ومن اهتمام العاقلة بحقوق زوجها: ما فعلته زوجة رياح القيسي؛ إذ قال رياح: ذكرت لي امرأة فتزوجتها، فكانت إذا صلت العشاء الآخرة: تطيبت وتدخنت - أي من البخور -ولبست ثيابها - أي ملابس الفراش - ثم تأتيني فتقول: ألك حاجة؟، فإن قلت: نعم كانت معي، وإن قلت لا، قامت فنزعت ثيابها، ثم صفت بين قدميها حتى تصبح.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
21-02-2016, 01:51 PM
31- العاقلة وحسن تدللها مع زوجها
لا شك أن الرجل الحصيف يعطي زوجته الفرصة، لتمزح وتتدلل معه، بل ويدللها هو، فإن ذلك من حسن العشرة التي أمر الله تعالى بها في قوله: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.، وإذا كان الأمر كذلك، فلا غرابة أن نرى عائشة - رضي الله عنها - تقول: يا رسول الله، أرأيت لو نزلت وادياً، وفيه شجرة قد أكل منها، وشجرة لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟، قال صلى الله عليه وسلم:" في التي لم يرتع منها"، قالت - رضي الله عنها -: فأنا هي.
ومثل هذا الحديث يدخل السرور في نفس الزوج، وهي: تقصد - رضي الله عنها - أنه تزوجها بكراً، ولم يسبقه إليها أحد قبله صلى الله عليه وسلم، مثل الشجرة التي لم يؤكل منها، وهذا من حسن العشرة، وتَأَتِّي الأمور والتدلل مع الزوج.
وتقول أيضاً: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم - أي سمنت - سابقني فسبقني، فقال:"هذه بتلك"..

32- العاقلة وعون زوجها على طاعة ربه
أم كلثوم بنت الصديق - رضي الله عنهما - ترى زوجها أبا طلحة بن عبيد الله مهموماً: لم ينم ليلته، وكان غنياً، فتسأله عم أهمه وأقض مضجعه؟، فقال لها: أتاني من حضرموت سبعمائة ألف درهم، فتفكرت منذ الليلة، فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت، وهذا المال في بيته؟، قالت: فأين أنت عن بعض أخلائك وأصحابك؟، فإذا أتى الصباح، فادع بجفان وقصاع - أواني - وقسمه بينهم، فقال لها:" رحمك الله، إنك موفقة بنت موفق"، فلما أصبح دعا بجفان، ووضع فيها المال، فقسمه بين المهاجرين والأنصار، ولم يكد يترك لبيته شيئاً، فقالت له: أبا محمد، أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟، فقال: أين أنت منذ اليوم؟، فشأنك بما بقي، قالت: فما بقي إلا صرة فيها نحو ألف درهم.
نعم، فإن أم كلثوم زوجة أبي طلحة: لم تجعل الدنيا أكبر همها، فهي: تربية أبي بكر الصديق، وأخت عائشة، وزوجها أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومثلها تعد من أمهات نساء الإسلام، عون للزوج على طاعة ربه، لكننا نرى حفيداتها اليوم، ولسان حالهن يقول:" نفسي نفسي، فساتيني، موضتي، بيتي، حفلاتي، صديقاتي!!؟"، لكن العاقلة تعلم قول الله تعالى: ﴿ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.
33- العاقلة وعون زوجها في عمله
تقول أسماء بنت الصديق - رضي الله عنها: ـ تزوجني الزبير، وما له شيء غير فرسه، فكنت أسوسه - أي أقوم عليه بما يصلحه - وأعلفه، وأدق لناضحه النوى، وأستقي وأعجن، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير - التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم - على رأسي، وهي على ثلثي فرسخ - ثلاثة كيلو مترات تقريباً - قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعدُ بخادم، فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني.
وقولها:" فكأنما أعتقني": يدل على شدة المعاناة والتعب الذي كانت تلقاه من ذلك العمل، لكن المرأة كلما استطاعت معونة زوجها في حدود طاقتها، فلتفعل، وهي في ذلك في عداد الصالحات.

34- العاقلة عند غضب زوجها
لنسائنا وبناتنا في أمهات المؤمنين: أسوة، وخاصة معاملة الزوج، فالزوج بشر يعتريه الغضب، وعلى العاقلة أن تمتص غضب زوجها؛ إما ببشاشتها في وجهه حتى لا يزداد في غضبه، وإما بالانصراف من أمامه حال غضبه: إن كان البقاء ربما يصعد الموقف، ويزيد من الغضب، وإما بسؤاله بسرعة عما أغضبه: لمحاولة إزالة سبب الغضب، وإبداء الاستعداد للاعتذار وإرضاء الزوج، وهذا ما فعلته أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - تقول إنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب، فلم يدخل، قالت: فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت: أتوب إلى الله والى رسوله، ماذا أذنبت؟، قال:" ما بال هذه النمرقة؟"، فقالت: اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم"، وقال:" إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة".
فعائشة - رضي الله عنها - اشترت وسادة أو سجادة، ليجلس عليها النبي صلى الله عليه وسلم، والظاهر: أنها لم تعرف أن التصاوير التي عليها ممنوعة، فلذلك لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم من خارج بيتها، ورأى الصور وقف غاضباً ولم يدخل، وهي لم تعلم سبب غضبه، فبادرت بالاعتذار والتوبة مما أغضبه صلى الله عليه وسلم، فبين لها: أن الصور يعذب صانعوها يوم القيامة، وإذا عذب صانعوها: عذب من يستعملها مثلهم، فمزقت النمرقة، وشقتها حتى شوهت الصورة، وجعلتها وسادتين.

35- العاقلة عندما يطلقها زوجها
في أول ظهار وقع في الإسلام، قال أوس بن الصامت لزوجته: أنت علي كظهر أمي، وكان الظهار عند أهل الجاهلية يعد طلاقاً، فشق ذلك على زوجته، فقد كانت وحيدة، فقيرة، ذات صبية صغار، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه في أمرها، فقال لها:" ما أراك إلا وقد حرمت عليه"، فحزنت واشتكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجعت النبي صلى الله عليه وسلم، وحاورته وجادلته مرة بعد مرة، وهي تنظر إلى السماء وتشتكي وتقول: أشكو إلى الله مما لقيت من زوجي حال فاقتي - فقري - ووحدتي، وقد طالت معه صحبتي، ونفضت له بطني - يعني ولدت له كل ما في بطنها - وتقول: اللهم أنـزل على لسان نبيك، يعني وحياً يحل المشكلة.
وسبحان من وسع سمعه الأصوات: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾.
وجاء الوحي بالفرج، جاء بالكفارة منزل الوحي، وقد قامت عائشة تغسل شق رأسه صلى الله عليه وسلم.
ما أعظم الشكوى إلى الله واللجوء إليه حين تلجأ العاقلة إلى ربها وخالقها وقت الشدة، تدعو وتشتكي إليه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ. ﴾: بدلاً من أن تشتكي إلى أمها وأبيها والجيران، وكل من يعنيه الأمر ومن لا يعنيه، وتلجأ إلى المحاكم وشهود الزور وتطول القضية، وتسوء العاقبة!!؟.

36- العاقلة عندما تطلب هي الطلاق من زوجها (الخلع)
جاءت حبيبة بنت سهل زوجة ثابت بن قيس وكان مسلماً صالحاً، وكان أسود دميماً، فقالت: يا رسول الله، إن ثابت بن قيس: لا أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكنني أكره الكفر في الإسلام (أي: كفران نعمة الزوج والعشير، وعدم إعطائه حقه بسبب بغضها لسواده ودمامته)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" أتردين عليه حديقته؟"، وكان أعطاها حديقة مهراً، فقالت: نعم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فقال له:" طلقها طلقة"، فطلقها ثابت.
وذكر الحافظ في الفتح أنها قالت: يا رسول الله، لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبداً، إني رفعت الخباء، فرأيته أقبل في عدة هو: أشدهم سواداً، وأقصرهم قامة، وأقبحهم وجهاً، فقال:" أتردين..." الحديث.
وكثير من النساء إذا نوت الطلاق: نوت الشقاق، لكن زوجة ثابت أتت بها صريحة صادقة، لأنها تعلم أنها سترجع إلى ربها يوماً، ويحاسبها على كل شيء، فلم ترد أن تعيش مع زوجها حياة مزيفة، تبخسه فيها حقه بسبب بغضها لشكله وهيئته، وفي نفس الوقت قررت أن الطلاق "الخلع" رغبة منها، فلم تظلمه، ولم تزعم أنه هو: المطلق لتضيع عليه حقه ومهره، وما أحوج نساءنا لهذا الخلق!!؟.

37- العاقلة والحذر من المُحَلل
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: أن رفاعة القرظي تزوج امرأة، ثم طلقها فتزوجت آخر، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له أنه لا يأتيها، وأنه ليس معه إلا مثل الهدبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك"، أي: يستمتع كل منكما بالآخر استمتاعاً كاملاً، والعسيلة: هي لذة الجماع، وشبهها النبي صلى الله عليه وسلم بذوق العسل، وجاءت عسيلة مؤنثة: لتأخذ معنى النطفة.
وأيضاً الغميضاء أو الرميصاء - زوج عمر بن حزم - طلقها زوجها، فتزوجها رجل آخر، فطلقها قبل أن يمسها، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسأله أن ترجع إلى زوجها الأول، فقال صلى الله عليه وسلم:" حتى يذوق الآخر من عسيلتها...". الحديث.
إن مجيء تلك النساء لتستفتين رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواز العودة إلى الزوج الأول من عدمه: يدل على الخشية من الوقوع في الحرمة والإثم، كما يدل على عدم التجرؤ على حدود الله جل وعلا، وعدم التحايل على ما يسمى (بالمحلل)، في حين أننا نرى في زماننا الجرأة الواضحة على شرط القرآن: ﴿ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾، وشرط السنة:" حتى يذوق من عسيلتها".
فالمرأة إذا طلقت ثلاثاً: حرمت على زوجها، ولا يمكنها الرجوع إليه حتى تتزوج زوجاً غيره، وتعيش معه حياة عادية تفضي إليه، ويفضي إليها، ويستمتع كل منهما بالآخر، بحيث لا تفارقه حينئذ إلا بموته أو بطلاقه إياها طلاقاً عادياً: ليس فيه التحايل والتلاعب بشرع الله وحدوده، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾.

38- العاقلة ورجاحة عقلها في حل مشاكل زوجها
ها هي: خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم: لما جاءه الملك في غار حراء؛ ارتاع ورجف، وخاف على نفسه صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى خديجة، وأخبرها الخبر، تم قال:" لقد خشيت على نفسي"، فوقفت خديجة - رضي الله عنها - موقف العاقلة البصيرة التي تستشف روح الأحداث، فقالت له:" كلا، أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل (المثقل بإعاشة عياله)، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"، فطمأنته حين قلق، وأراحته حين جهد، وذكرته بما فيه من فضائل، مؤكدة له: أن الأبرار أمثاله لا يخذلون أبداً، وبهذا العقل الراجح، والقلب الصالح: استحقت خديجة أن يجيبها رب العالمين، فيرسل إليها السلام مع الروح الأمين.
وكذلك أم سلمة رضي الله عنها، وهي: زوج النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً، وكانت تعرف بأنها: عاقلة حكيمة حليمة، فلما رد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العمرة بالحديبية، وأجروا معه صلحاً على أن يؤدي العمرة هو وأصحابه من العام القادم، وكان كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممتعضاً لما يرى في الظاهر من إجحاف شروط المعاهدة على المسلمين، فلما تأجلت العمرة إلى العام التالي، وهم محرمون، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:" قوموا فانحروا ثم احلقوا"، ليتحللوا من إحرامهم وعمرتهم، ويعودوا إلى المدينة، فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس (أصحابه)، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ - أي أن يطيعوك – اخرج، ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك (الإبل) وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج صلى الله عليه وسلم، فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، فلما رأوا ذلك قاموا - عجلين - فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً ، أي: لشدة الغيظ على الكافرين.
بهذا الحلم ورجحان العقل من أم سلمة - رضي الله عنها - وثبات قلبها، وهدوء نفسها عندما تبلغ الشدة ذروتها: تستطيع أيضاً كل زوجة أن تكون من أعظم أهل العقل والشورى لدى زوجها، وكم من النساء من هن: أعباء فقط على أزواجهن!!؟، والعاقلة لا تكون كذلك.

39- العاقلة ومعاملة الشابات حديثات السن
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:" والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسترني بردائه، لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف".
ثم تقول:" فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو"، وفي رواية البخاري:" التي تسمع اللهو"..
فعائشة رضي الله عنها تريد ألا تُقهر الشابة الحديثة السن العَرِبة كما في رواية مسلم، وهي: المتدللة، ولا تعامل - بمجرد زواجها - معاملة الزوجة الكبيرة الخبيرة، الهادئة الزاهدة، والنبي صلى الله عليه وسلم هو: خير قدوة في بيان ذلك، حتى إنه رأى مرة بنات لعائشة لُعَب، فقال:" ما هذا يا عائشة؟"، قالت: بناتي، ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع - رقعة جلد - فقال:" ما الذي أرى وسطهن؟"، قالت: فرس، قال:" وما هذا الذي عليه؟"، قالت: جناحان، قال:" فرس له جناحان؟"، قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه.
فعائشة رضي الله عنها عروس، وفي بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولها لعب (بنات) تلعب بها، والنبي صلى الله عليه وسلم يضحك، لأنه خير من يحسن عشرة النساء، ويراعي سن الشابة والزوجة كل على قدر حالها، فهو: خير الناس لأهله صلى الله عليه وسلم.

40- العاقلة ومؤهلات الزوجة الدينية
لما ماتت خديجة رضي الله عنها، اشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فسئل عن ذلك، فقال:" أجل، كانت أم العيال، وربة البيت". وعندما أرادت خديجة أن يتوجه النبي صلى الله عليه وسلم في تجارتها قالت:" إنه دعاني إلي البعث إليك: ما بلغني من صدق حديثك، وعظم أمانتك، وكرم أخلاقك".
فما اختارته لتجارتها إلا لما فيه من صفات ومؤهلات دينية يحبها الله ورسوله، ولا تفعل ذلك إلا من فيها هذه الصفات وتلك المؤهلات.
قال ابن حبان: وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة: بعثت إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت:" إني قد رغبت فيك وفي قرابتك، وفي أمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك".
ولما وجدت ميل النبي صلى الله عليه وسلم إلى زيد بن حارثة، وكان في ملك يمينها: وهبته للنبي صلى الله عليه وسلم، فكانت هي: السبب فيما امتاز به زيد من السبق إلى الإسلام، حتى قيل إنه أول من أسلم مطلقاً.
إن:( صدق الحديث، وعظم الأمانة، وكرم الخلق، والجود): كلها صفات ربانية، وكلها كانت مؤهلات خديجة في اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لتجارتها، ثم اختياره كزوج، رغم أنها قد تمناها أكابر قريش ورؤساؤها وكانت ترفضهم، ومثل هذه استحقت أن يتوجها النبي صلى الله عليه وسلم بتاج النجاح والفلاح، فيقول:" كانت أم العيال وربة البيت".
فانظري أيتها الأخت المسلمة: كيف كانت رعاية الأولاد، وإدارة البيت: وساماً نبوياً على صدر خديجة - رضي الله عنها - في الوقت الذي نرى في كثير من بيوت المسلمين: تهاونا كبيرا في أمر تربية الأولاد وإدارة البيت!!؟.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
25-02-2016, 02:42 PM
41- العاقلة والزهد في المال، وإنفاقه والتطلع إلى ما عند الله
بعث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بثمانين ألف درهم إلى عائشة - رضي الله عنها - وكانت صائمة وعليها ثوب خلق (بالي)، فوزعت هذا المال من ساعتها (في الحال) على الفقراء والمساكين، ولم تبق منه شيئاً، فقالت لها خادمتها: يا أم المؤمنين، ما استطعت أن تشتري لنا لحماً بدرهم تفطرين عليه؟، فقالت: يا بنية، لو ذكرتني لفعلت.
ومن المواقف العظيمة لأم المؤمنين رضي الله عنها في الإنفاق والزهد: ما قاله الإمام مالك رحمه الله في موطئه، قال: إنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن مسكيناً سألها، وهي صائمة، وليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاة لها: أعطيه إياه، فقالت، ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت أعطيه إياه، قالت ففعلت، قالت: فلما أمسينا، أهدى لنا أهل بيت أو إنسان؛ ما كان يهدى لنا؛ شاة وكفنها، فدعتني عائشة أم المؤمنين فقالت: كلي من هذا، هذا خير من قرصك.
وعن مالك أيضاً قال: بلغني أن مسكيناً استطعم عائشة أم المؤمنين، وبين يديها عنب، فقالت لإنسان: خذ حبة، فأعطه إياها، فجعل ينظر إليه ويعجب، فقالت عائشة: أتعجب!، كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة!
نعم ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾. وهذا ما فهمته عائشة رضي الله عنها.
وعن عطاء بن السائب قال: أوصى إلي رجل من أهل الكوفة في تركته، وذكر أنه مولى لآل علي بن أبي طالب، فقدمت المدينة فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي فقال: ما أعرفه، ودلني على (أخته) أم كلثوم بنت علي، فإذا عجوز على سرير في بيت رث، فإذا في البيت سقاء معلق، فجعلت أقلب بصري في البيت، فقالت يا بني، لا يحزنك ما ترى، فأنا بخير، قلت: أوصى رجل إلي بتركته، وذكر أنه مولى لكم، قالت: ما أعرفه، وإن مولى لنا يقال له هرمز أو كيسان أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يا كيسان، إن آل محمد لا يأكلون الصدقة، وإن مولى القوم من أنفسهم فلا تأكله".
فانظري أيتها المسلمة لهذا النموذج الفذ العظيم: ليس عندها في البيت متاع إلا ما يبلغها ويحفظ حياتها؛ وتقول لعطاء: يا بني لا يحزنك ما ترى، فأنا بخير، نعم هي بخير مادامت تشعر بأنها قريبة من ربها، وأن الدنيا ليست دار مقر، وأن الآخرة خير وأبقى.
أما عمر رضي الله عنه، فقد أرسل إلى أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- نصيبها من العطاء، فلما أدخل عليها، قالت: غفر الله لعمر، غيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني، قالوا: هذا كله لك، قالت: سبحان الله!، واستترت من المال بثوب، وقالت: ضعوه واطرحوا عليه ثوباً، قالت برة أو برزة بنت رافع راوية الحديث: ثم قالت لي: أدخلي يدك، فاقبضي منه قبضة، فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان من أهل رحمها وأيتامها، فقسمت حتى بقي منه بقية تحت الثوب، فقالت لها برة: غفر الله لك يا أم المؤمنين، والله لقد كان لنا في هذا حق، فقالت: فلكم ما تحت الثوب، قالت: فكشفنا فوجدنا ما تحته خمسة وثمانين درهماً، ثم رفعت أم المؤمنين يدها، فقالت: اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا، فتوفيت من عامها.
ومن هنا نرى أن أم المؤمنين:
أولاً: كرهت مجيء هذا المال إليها.
ثانياً: سترته بثوب عن وجهها لتحفظ عينيها من النظر إلى فتنته، ومن ثم لا يصل إلى قلبها حب ذلـك المال.
ثالثاً: أمرت الجارية أن تقبض منه بيدها لتحفظ أم المؤمنين يدها من مس ذلك المال، فتؤثر في يدها فتنته.
رابعاً: دعت الله ألا يدخل عليها مثل هذا المال بعد يومها، فاستجاب الله لها وقبضها، فالدنيا ليست هم أم المؤمنين، بل جعلت المال وسيلة لنيل أعلى درجات الآخرة، ولم تجعله هدفاً، كما هو في حياة الكثيرين اليوم.

42- العاقلة ومال زوجها
المرأة مأمورة أن تحافظ على مال زوجها، فهي مؤتمنة عليه، وهي عندئذ من خير النساء كما بين ذلك رسولنا صلى الله علي ه وسلم في قوله:" خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتعطيك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك".
وليس لها أن تتصرف في شيء منه إلا بإذنه ما دام أنه يحسن الإنفاق عليها وعلى بيتها وأولادها، لكنه في حالة ما إذا كان الزوج شحيحاً في الإنفاق على أولاده، فيجوز أن تأخذ المرأة من ماله بدون علمه وإذنه: ما يكفيها وأولادها بالمعروف، كما أذن بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أن هند بنت عتبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان - زوجها - رجل مِسِّيك، وفي رواية: شحيح، فهل علي حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟، قال:" لا أراه إلا بالمعروف"، وفي رواية:" خذي من مالهبالمعروف ما يكفيك وولدك".
43- العاقلة والتصدق على زوجها
انطلقت زينب امرأة عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه وعنها- إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا امرأة من الأنصار حاجتها كحاجة زينب، تقول: فخرج علينا بلال، فقلنا: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وأيتام في حجورهما؟، ولا تخبره من نحن، فدخل بلال فسأله، فقال صلى الله عليه وسلم:" من هما؟"، قال: امرأة من الأنصار وزينب، قال" أيالزيانب؟"، قال بلال: امرأة عبدالله، فقال صلى الله عليه وسلم:" لهما أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة".

44- العاقلة وأكل الحلال
هذه عمرة بنت الحارث الخزاعية أخت أم المؤمنين جويرية -رضي الله عنها- تحدث عمرة حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:" الدنيا خضرة حلوة، فمن أصاب منها من شيء من حله: بورك له فيه، ورب متخوض في مال الله - أي يخوض فيه بأكله حراماً - ومال رسوله، له النار يوم القيامة".
فالعاقلة التي تأكل من حلال، وتوصي زوجها كلما خرج من البيت وتقول له: اتق الله فينا، ولا تكسب إلا من حلال، ولا تطعمنا إلا من حلال، فكل جسم نبت من سحت، فالنار أولى به، ومعاذ الله.

45- العاقلة والعفو عن المسيء، ومقابلة السيئة بالحسنة
للعفو والصفح: أهل كظموا غيظهم، وعفوا عمن أساء إليهم، والله يحب المحسنين، ومن هؤلاء عائشة - رضي الله عنها - بلغها أن عبدالله بن الزبير، وهو ابن أختها أسماء، كان في دار لها فباعتها، فتسخط عبدالله بيع تلك الدار، فقال: أما والله لتنتهين عائشة عن بيع رباعها (منازلها)، أو لأحجرن عليها، قالت عائشة: أَوَ قال ذلك؟، قالوا: قد كان ذلك، قالت: لله علي ألا أكلمه حتى يفرق بيني وبينه الموت، فطالت هجرتها إياه، فشق عليه ذلك، فاستشفع بكثيرين لكي تكلمه، فأبت أن تكلمه، فلما طال ذلك كلم المسور بن مخرمة، وعبدالرحمن بن الأسود أن يستأذنا على عائشة، وهو معهما، فإن أذنت لهما قالا: كلنا؟، وذلك حتى يدخلوا كلهم، فقالت: نعم كلكم فليدخل، ولا تشعر أن معهما عبدالله، فدخل فكشف الستر -وهي خالته- فاعتنقها وبكى، وبكت عائشة بكاء كثيراً، ونشدها عبدالله بن الزبير اللهَ والرحم، ونشدها مسور وعبدالرحمن بالله والرحم، وذكرا لها قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يحل لمسم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"، فلما أكثروا عليها: كلمته بعدما خشي ألا تكلمه، ثم كفرت عن نذرها ذلك بعتق أربعين رقبة، قال عوف راوي الحديث: ثم سمعتها بعد ذلك تذكر نذرها ذلك، فتبكي حتى تبل خمارها.
نعم فإن عبدالله ابن الزبير بشر يصيب ويخطئ، وعائشة بشر تصيب وتخطئ، لكنهم إذا ذكروا تذكروا:﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾.
وفما يخص النذر وكفارته؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسولالله صلى الله عليه وسلم قال:" كفارة النذر كفارة اليمين"، يعني: أن من نذر فعل طاعة، ثم عجز عن الوفاء، أو نذر نذراً محرماً، فلا يفعل المحرم، وعليه كفارة يمين، وهذا الذي فعلته أم المؤمنين.
أيضاً، فإن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تعرف بأنها (شريفة عاقلة، ذات حسب وجمال ودين) رضي الله عنها، وأبوها حيي بن أخطب من زعماء اليهود (بني قريظة)، أسلمت وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عبد البر: روينا أن جارية لصفية أتت عمر بن الخطاب - في خلافته - فقالت له: إن صفية تحب السبت، وتصل اليهود، فبعث عمر يسألها، فقالت: أما السبت، فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة، وأما اليهود، فإن لي فيهم رحماً، فأنا أصلها، ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت؟، قالت: الشيطان، قالت: فاذهبي فأنت حرة.
سبحان الله!، من سمع أن النمام يعطى أعز جائزة:" عتق رقبته!!؟".
فانظري أيتها العاقلة إلى ثمرة الصدق وجزائه، وكثيراً ما تظلم صفية رضي الله عنها، وهي بريئة صادقة.
قال الحافظ ابن حجر: أخرج ابن سعد بسند حسن عن زيد بن أسلم قال: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه، فقالت صفية بنت حيي: إني والله يا نبي الله؛ لوددت أن الذي بك بي!، فغمزن أزواجه ببصرهن، فقال: (مضمضن). فقلت: من أي شيء؟ فقال:" من تغامزكن بها، والله إنها لصادقة".

46- العاقلة والوفاء بالعهد والشرط
قالت الربيع بنت معوذ: قلت لزوجي: أختلع منك بجميع ما أملك؟، قال: نعم، فدفعت إليه كل شيء إلا درعي (قميصي)، فخاصمني (شكاني) إلى عثمان فقال: له شرطه، فدفعته إليه، وفي رواية فقال عثمان: الشرط أملك، فخذ كل شيء حتى عقاص رأسها (ضفائرها).
وأصل العقيصة هي: الشعر المضفور، والعقص هو: اللَّي وإدخال أطراف الشعر في أصوله.
فلتحذر العاقلة حين تشترط، ولتعلم أن المسلمين على شروطهم كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

47- العاقلة وإنـزال الناس منازلهم
عن الشعبي قال: تزوج علي بن أبي طالب أسماء بنت عميس رضي الله عنها، فتفاخر ابنها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال لها علي: اقضي بينهما، فقالت: ما رأيت شاباً خيراً من جعفر، ولا كهلاً خيراً من أبي بكر، فقال لها: فما أبقيت لنا؟.
رحم الله أسماء بنت عميس، فهي دائماً صاحبة المواقف العظيمة، وهي في هذا الموقف النبيل الكريم، وفي وجود زوجها الثالث؛ علي بن أبي طالب تضع كل زوج من أزواجها الذين توفوا عنها في موضع حسن، وتلقن أبناءها درساً تربوياً بألَّا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد، وهذا غاية النبل في إنـزال الناس منازلهم.

48- العاقلة وتقربها إلى الله بأحسن شيء
لما نذرت امرأة عمران ما في بطنها لخدمة المسجد؛ سألت ربها القبول، فلما وضعت كان المولود أنثى، والأنثى ليست كالذكر في الخدمة والقيام ببعض الأعمال، فقالت: يا رب كنت أريدها ذكراً يقوم بالخدمة على وجه أكمل، وأقوى من الأنثى ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى، فلما رأى الله تعالى منها الصدق والإخلاص في نذرها:﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ﴾.
فلتتقرب المسلمة إلى ربها بأحسن ما تستطيع في كل شيء، ولتكن ذات قوة وعزيمة وإتقان في عملها، والله تعالى يقول:﴿ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ويقول:﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنـزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ.

49- العاقلة وجزاء الإحسان
عن ميمون بن مهران قال: خطب معاوية أم الدرداء، فأبت أن تزوجه، وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" المرأةفي آخر أزواجها"، أو قال:" لآخر أزواجها"، أو كما قال، ولست أريد بأبي الدرداء بدلاً.
وقد صحح الشيخ الألباني رحمه الله الأحاديث الدالة على هذا المعنى.
فهذه المؤمنة الفاضلة أم الدرداء بلغ بها الإحسان والوفاء لزوجها الميت أبي الدرداء: أن ترفض الزواج من أحد بعده، ولو كان أميراً على المسلمين؛ لما رأته من إحسان زوجها أبي الدرداء إليها إحساناً: جعلها لا تفكر في الزواج بعده، وتنتظر لقاءه في الجنة، فاللهم ارزقنا وإياها الجنة، وهذه بلا شك رسالة إحسان، فليفهمها أزواج آخر الزمان!!؟.

50- العاقلة والتحلل من المظالم قبل الموت
أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم على فراش الموت، مقبلة على ربها والدار الآخرة، ترى أنه لا مفر من التسامح وطلب العفو من الآخرين، تقول عائشة - رضي الله عنها -: دعتني أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند موتها، فقالت: قد كان بيننا ما يكون من الضرائر - أي من كراهية وكيد - فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك، فقلت: غفر الله لك ذلك كله، وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله، وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك.
رحم الله أمهات المؤمنين، فإنهن يعلمن قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كانت عنده مظلمة لأحد من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم (يعني يوم القيامة)، إن كان له عمل صالح: أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات: أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه".
وما أكثر المظالم بين الضرائر، والعاقلة من حسبت حسابها، وخرجت من الدنيا، وليس أحد يطلبها يوم القيامة بشيء.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
29-02-2016, 11:50 AM
51- العاقلة ومعاملة الأسير
قالت مارية أو ماوية مولاة حجر بن أبي إهاب، وكان خبيب بن عدي - الصحابي الجليل - قد حبسه المشركون في بيتها - قبل إسلامها - فكانت تحدث بعد أن أسلمت قالت: إنه لمحبوس في بيتي مغلق دونه إذ اطلعتُ من خلل الباب، وفي يده قطف من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم في الأرض (مكة) حبة عنب، فلما حضره القتل قال يا مارية: التمسي لي حديدة أتطهر بها، قالت فأعطيت الموسى غلاماً منا، وأمرته أن يدخل بها عليه، فما هو إلا أن ولى داخلاً عليه، فقلت: أصاب هذا الرجل ثأره، يقتل هذا الغلام بهذه الحديدة ليكون رجل برجل، فلما انتهى إليه الغلام أخذ الحديدة وقال: لعمري ما خافت أمك غدري حين أرسلت إلي بهذه الحديدة معك؟، ثم خلى سبيله.
وفي رواية: أنهم حبسوه عندها حتى يخرج الشهر الحرام فيقتلوه، وكانت تحدث بقصته بعد أن أسلمت وحسن إسلامها، وفيها:" وكان يتهجد بالقرآن، فإذا سمعه الناس - الكافرات - بكين ورفقن عليه، فقلت له: هل لك من حاجة؟، قال: لا، إلا أن تسقيني العذيب (الماء العذب)، ولا تطعميني ما ذبح على النصب، وتخبريني إذا أرادوا قتلي، فلما أرادوا قتله أخبرته، فوالله ما اكترث (ما اهتم بذلك)، وقال: ابعثي لي بحديدة أستصلح بها -يعني يحلق بها الشعر الداخلي- فبعثت إليه بموسى مع ابني من الرضاعة".
سبحان الله!، كيف عامل نساء المشركين أسير المسلمين، وكيف بكت الناس الكافرات لتهجده وقراءته؟، وكيف أنجزن له كل رغباته بكل أمانة؟، وكثير من الأسرى المسلمين: لا يرون مثل هذه المعاملة من أبناء ملتهم في أنحاء من الدنيا كثيرة!!؟.
رواية البخاري:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية عيناً، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة: ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فتبعوهم بقريب من مائة رام، فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منـزلاً نـزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهى عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا لكم العهد والميثاق إن نـزلتهم إلينا أن لا نقتل منكم رجلاً، فقال عاصم: أما أنا فلا أنـزل في ذمة كافر، اللهم بلغ نبيك، فرموهم حتى قتلوا عاصماً في سبعة نفر بالنبل، وبقي خبيب وزيد ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، فلما أعطوهم العهد والميثاق نـزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، فأبى أن يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم، فلم يفعل فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيباً بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو: قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيراً حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث، ليستحد بها فأعارته، قالت: فغفلت عن صبي لي فدرج إليه حتى أتاه، فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذلك مني، وفي يده الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟، ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله، وكانت تقول: ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف عنب، وما بمكة يومئذ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، ثم انصرف إليهم، فقال: لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو، ثم قال: اللهم أحصهم عدداً، ثم قال:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً ÷ على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ÷ يبارك على أوصال شلو ممزع

ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيماً من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء.

52- العاقلة والشدة في الحق، ومجانبة أهل المعاصي
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" من رأى منكم منكراً، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطيع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
وانطلاقاً من هذا الحديث أيتها المسلمة: انظري كيف استقامت لأمره:" أم المؤمنين ميمونة" رضي الله عنها.
عن يزيد بن الأصم أن أحد أقارب ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها، فوجدت منه ريح شراب (خمر)، فقالت: لئن لم تخرج إلى المسلمين فيجلدوك، لا تدخل علي أبداً.
إن المسلم حين يغضب لله، ويغير المنكر ما استطاع ذلك، ولا يجامل القرابة على حساب دينه: يكون قد استكمل إيمانه، وذلك الذي فعلته ميمونة - رضي الله عنها -.

53- العاقلة والكفر بالطاغوت:
لما أسلمت هند - رضي الله عنها - (زوج أبي سفيان رضي الله عنه): جعلت تضرب صنماً لها في بيتها بالقدوم حتى فلذته (قطعته) فلذة فلذة، وتقول: كنا معك في غرور، أي: اغتروا به، فاعتقدوا النفع منه والضر، فلم يجدوا منه ذلك، وما فعلته هند هو: مقتضى الإيمان، وحقوق لا إله إلا الله، فقد قال الحق جل شأنه: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾.
فهل تترك العاقلة أصنام الجاهلية ومعتقداتها، ولا تأتي السحرة والكهان الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون!!؟

54- العاقلة والبراءة من المشرك ولو كان من أهلها
عن هشام بن عروة عن أبيه: أن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: أتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أَصِلُها؟ قال:(نعم)، قال ابن عيينة: فأنـزل الله تعالى فيها: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ﴾، وفي الرواية الأخرى أنها قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم مع أبيها، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، قال:(نعم، صِلي أمك).
وفي رواية مسلم وغيره:" أن أم أسماء أتتها وهي راغبة وراهبة"، قال الحافظ ابن حجر:" والمعنى أنها قدمت طالبة في بر ابنتها لها، خائفة من ردها إياها خائبة"، وقال الخطابي:" فيه أن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه، كما توصل المسلمة، ويستنبط منه وجوب نفقة الأب الكافر والأم الكافرة وإن كان الولد مسلماً".
ما أرحم الإسلام بالوالدين.

55- العاقلة وإيثارها قصور الجنة على قصور زوجها الكافر
عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم، وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:" إن أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم"، مع ما قص الله علينا من خبرها في القرآن: ﴿ قالت رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
و:" آسية بنت مزاحم" هي: زوجة فرعون الطاغية الذي ملأ الأرض ظلماً وفساداً، وعلا فيها وجعل أهلها شيعاً، وقال للناس: أنا ربكم الأعلى، وكان عنده من الملك والمال والسلطة والقصور: ما ليس عند أحد في زمنه، ورغم كل ذلك المتاع والدنيا بزينتها وفتنتها: شاء الله تعالى لامرأة فرعون أن تكون من الصالحات الرافضات لهذا الانحراف الخطير، والتطرف المثير، فلم تفتن بالقصور ولا الذهب والحرير، وآثرت ما عند الله العلي القدير، فطلبت من ربها عز وجل النجاة فقالت: ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
فاستحقت:" آسية بنت مزاحم": سيدة مصر الأولى: أن تكون واحدة من سيدات نساء العالمين.
سبحان الله!، وهل هناك فتنة أعظم من فتنة قصر فرعون؟، حيث يبلغ التنعّم مداه، والترف أقصاه، ولكن امرأة فرعون علمت أنه زائل فانٍ، فنظرت نظرة بعيدة لترى قصور الجنة، مشيدة تتلألأ، باقية لا تزول، فاختارت الباقي على الفاني، رحم الله آسية بنت مزاحم.

56- العاقلة والطب النبوي قبل الطب البشري
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى مريضاً، أو أتي به إليه قال:" أذهب البأس رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً".
وهذه ميمونة بنت أبي عسيب مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – تحدث: أن امرأة مريضة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا عائشة: أغيثيني بدعوة من رسول الله تطمئنني، فقال - صلى الله عليه وسلم -:" ضعي يدك اليمنى على فؤادك فامسحيه، وقولي: بسم الله اللهم داوني بدوائك، واشفني بشفائك، وأغنني بفضلك عمن سواك".
وجدير بكل مسلم ومسلمة: إذا أصاب أحدهم شيء: أن يفزع إلى الخالق قبل أن يفزع إلى المخلوق، فلا شك أن هذا زيادة في التوكل، ورسوخ في التوحيد.

57- العاقلة عروساً في ساحة القتال
أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية زوجة عكرمة بن أبي جهل، قتل عنها عكرمة بموقعة أجنادين، وبعد عدتها خطبها خالد بن سعيد، فتزوجها على أربعمائة دينار، فلما نـزل المسلمون "مرج الصفر": أراد خالد أن يعرس بأم حكيم - أي يدخل بها - فجعلت تقول: لو أخرت الدخول حتى يهزم الله هذه الجموع، فقال خالد: نفسي تحدثني أني أقتل في جموعهم، قالت: فدونك "هيا"، فأعرس بها عند القنطرة التي بالصفر "اسم مكان"، وبها سميت قنطرة أم حكيم، وأَوْلَم عليها، فدعا أصحابه على طعام، فلما فرغوا من الطعام، صفت الروم صفوفها، صفوفاً خلف صفوف، وبرز خالد بن سعيد، فقاتل فقتل، وشدت أم حكيم عليها ثيابها وتبدَّت، وإن عليها أثر الخَلوق، فاقتتل المسلمون والروم أشد القتال على النهر، وصبر الفريقان جميعاً، وأخذت السيوف بعضها بعضاً، وقتلت أم حكيم يومئذ سبعة بعمود الفسطاط "الخيمة": الذي بات فيه خالد معرساً بها.
سبحان الله!، ما هذا الثبات!!؟، لا يؤخرهم زواج عن قتال، ولا قتال عن زواج، صدقوا ما عاهدوا الله عليه.


58- العاقلة داعية إلى الإسلام
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:"... ووقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكة، وهي إحدى نساء قريش فأسلمت، ثم جعلت تدخل على النساء من قريش سراً، فتدعوهن وترغبهن في الإسلام حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، قالت: فحملوني على بعير، ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثاً لا يطعمونني ولا يسقونني، قالت: فما أتت علي ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، فنـزلوا منـزلاً، وكانوا إذا نـزلوا "استراحوا" أوثقوني في الشمس واستظلوا، وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذا أنا بأثر شيء برد علي منه، ثم رفع ثم عاد فتناولته، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلاً، ثم نـزع مني، ثم عاد فتناولته، فشربت منه قليلاً... قالت: فصنع ذلك مراراً حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا، فشربت منه؟، فقلت: لا والله ما فعلت، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة، فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية، فوجدوها كما تركوها، وأسلموا بعد ذلك".
أرأيت يا أختاه كيف يحفظ الله تعالى الداعية إذا صبر وأخلص، بل ويجري الكرامات على يديه؟، وما أشبه دلو أم شريك بقطف العنب في يد خبيب في سجنه، وليس بمكة كلها يومئذ حبة عنب!!؟.

59- العاقلة وبيان حدود الرجال والنساء في النكاح
عن عبد الرحمن بن يزيد، ومجمع بن يزيد الأنصاريين - رضي الله عنهما - أن رجلاً منهم يدعى خداماً؛ أنكح ابنة له، فكرهت نكاح أبيها، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت له، فرد عليها نكاح أبيها، فنكحت أبا لبابة بن عبد المنذر، وذكر يحيى أنها كانت ثيباً.
وعن نافع بن جبير قال: تأيمت خنساء بنت خدام، أي:" صارت بلا زوج، والأيم في الأصل: التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباً، مطلقة كانت أو متوفى عنها"، فالخنساء تأيمت من زوجها، فزوجها أبوها بغير علمها، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله: إن أبي تغوَّث عليَّ:"أغاث بي غيري"، فزوجني ولم يشعرني، فقال - صلى الله عليه وسلم -:" لا نكاح له، انكحي من شئت"، فنكحت أبا لبابة.
وفي قصة أخرى لرجل أراد أن يزوج ابنة أخيه على رغبته دون رغبتها هي وأمها، فقالت أمها: والله لا يكون هذا حتى يقضي به علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتحبس أيم بني عدي على ابن أخيك، سفيه أو ضعيف!!؟، ثم خرجت حتى أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته الخبر فدعاه، فقال له:" صل رحمك، وأرضِ أيمك وأمها، فإن لهما من أمرهما نصيباً".
وقد فهمت النساء هذه المسألة، حتى إن أم القاسم بنت ذي الجناحين جعفر لما تأيمت، دعت رجلين من المهاجرين، ورجلين من الأنصار، فقالت لهم: إني قد تأيمت كما ترون، وإني مشفقة "خائفة" من الأولياء "أولياء أمرها": أن ينكحوني من لا أريد نكاحه، إني أشهدكم أني من أنكحت من الناس بغير إذني، فإني عليه حرام ولست بامرأة "بزوجة"، فشهدوا لها جميعاً وأقروها وقالوا:" لو فعلوا ذلك لم يجر عليك"، واستدلوا بقصة الخنساء المتقدمة.

60- العاقلة وطلاء الأظفار
قالت أم سنان الأسلمية: أتيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعته على الإسلام، فنظر إلى يدي فقال:" ما على إحداكن أن تغير أظفارها".
فهذه امرأة لم تكن مسلمة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فأسلمت، فرأى النبي يدها مكشوفة، وهي مغيرة أظفارها إما بطلاء، أو غيرت طريقة تقليم الأظفار، فبدلاً من تقليمها تماماً: جعلتها مدببة كالحربة أو غير ذلك، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك منها: استنكره، وبين لها أن المرأة لم يطلب منها شرعاً: أن تفعل في نفسها مثل ذلك. وللعلم، فإن طلاء الأظفار الذي يكون بمثابة قشرة على الأظفار: لا يصلح الوضوء معه، وبالتالي: تبطل الصلاة به إن حصل الوضوء في وجوده، فمن شروط الوضوء: إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، والحناء لا تدخل في هذا بلا شك.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
02-03-2016, 04:13 PM
61- العاقلة وبشرى لكل المذنبين
عن أم عصمة العوصية امرأة ابن قيس قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" ما من مسلم يعمل ذنباً إلا وقف الملك الموكل بإحصاء ذنوبه ثلاث ساعات، فإذا استغفر من ذنبه ذلك في شيء من تلك الثلاث ساعات: لم يرفعه عليه يوم القيامة".
فما أوسع رحمة الله جل وعلا الذي قال في ذلك:
﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾. والشرط في ذلك: الصدق في التوبة والاستغفار، وليس استغفار المستهزئين!!؟.

62- العاقلة والتوبة النصوح
التوبة النصوح هي: التي تكون عامة وشاملة لكل الذنوب، مما يعني: تسليم المرء قلبه كله لله رب العالمين، فلا يتوب عن معصية ويترك غيرها بلا توبة؛ فالتسليم لله لا يتجزأ.
روى مسلم في صحيحه عن بريدة: أن امرأة تسمى الغامدية جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني زنيت فطهرني، فردها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان الغد قالت: يا رسول الله، لمَ تردني؟، لعلك تردني كما رددت ماعزاً، فوالله إني لحبلى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "... فاذهبي حتى تلدي"، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال:" اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه"، فلما فطمته أتت بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبِل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها، فنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سبه إياها فقال: "مهلاً يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس - نوع خبيث من أكل أموال الناس بالباطل - لغفر له"، ثم أمر بها، فصلي عليها ودفنت. فهل هناك توبة أصدق من مثل هذه التوبة!!؟.
تلح المرأة وتجادل، ليس للهروب من الذنب والخطأ كما يفعل الكثيرون، ولكن لتطهر من دنس الذنب ورجس المعصية، ولو كان التطهير رجماً بالحجارة حتى الموت!!؟.
إنها تعرف أن الرجم مهما كان قاسياً، فهو أهون بكثير من غمسة واحدة في النار، من أجل ذلك جادت بأعز ما تملك؛ بروحها، فليسارع العصاة والزناة بالتوبة إلى الله، فإن الله تعالى يغفر لمن تاب، ويهدي إليه من أناب.

63- العاقلة وهي وحيدة أبويها
" سهل بن رافع": صاحب الصاعين الذي لمزه المنافقون - فأنـزل الله تعالى في حقه: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ... ﴾.
خرج سهل بابنته عميرة، وبصاع من تمر، فقال: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، قال: "وما هي؟"، قال: تدعو الله لي ولابنتي، وتمسح رأسها، فإنه ليس لي ولد غيرها، قالت عميرة: فوضع كفه علي، فأقسم بالله لكان برد كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كبدي بعد.
رضي الله تعالى عن عميرة، فحب أبيها لها، وهي وحيدته: لم يدفعه أن يهمل تربيتها، أو يتساهل في تأديبها، لكنه ذهب يلتمس صلاحها والبركة بدعوة من سيد البشر:"تدعو الله لي ولابنتي".

64- العاقلة وبر أبويها قبل وبعد موتهما
جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً: لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟، قال: "نعم".
وأخرى جاءت إليه تسأله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله إن أمي ماتت، وعليها نذر أن تمشي إلى الكعبة في حج أو عمرة أو اعتكاف أو صلاة"، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقض عنها".
65- العاقلة واحترام الأب
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيامها وقعودها؛ من فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت إذا دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل عليها قامت من مجلسها وقبلته وأجلسته في مجلسها.
ما أحسن العشرة حين يكون الاحترام متبادلاً، سواء بين الزوج وزوجته، أو بين الوالدين والأبناء، عندها يكون البيت:" جنة وبهجة"، وتنمو:" المبادئ والقيم"، فيتلقاها الأولاد بالرضا والقبول.

66- العاقلة وصلة أمها ولو كانت كافرة
لقد أوصى الله سبحانه وتعالى بصلة الرحم، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه".
واشتق الله تعالى للرحم اسماً من اسمه:"الرحمن" جل وعلا، ووعد بوصل من وصلها، وتوعد بقطع من قطعها، فقال سبحانه للرحم كما في الحديث القدسي: "... أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟"، قالت: بلى، قال:"فذاك لك"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اقرؤوا إن شئتم: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾.
وهذه أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - ترى أمها مشركة وأتتها، فلم تعرف أسماء ماذا تفعل، فاستفتت معلم البشرية - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، قالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت إلي، وهي راغبة، أفاصلها؟، قال:" نعم صلي أمك".
وكانت أمها كافرة، فكيف إذا كانت الأم مسلمة؟، وكيف إذا كانت كبيرة وضعيفة وفقيرة!!؟.
إن من وصل رحماً وصله الله، ومن قطع رحماً قطعه الله كما جاء به ديننا.

67- العاقلة وملاينة العجوز المسن
عن أسماء بنت الصديق - رضي الله عنهما - قالت: لما توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة مهاجراً - حمل أبو بكر معه جميع ماله - خمسة آلاف، أو ستة آلاف، فأتاني جدي - والد أبي بكر - وقد عمي، فقال: إن هذا - يعني أبا بكر - قد فجعكم بماله ونفسه - يعني هاجر وفارقكم ولم يترك لكم مالاً - فقلت: كلا؛ قد ترك لنا خيراً كثيراً، قالت: فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوة البيت:"طاقة"، وغطيت عليها بثوب، ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب، فقلت: هذا تركه لنا - تقصد الثوب حتى لا تقع في الكذب، أما جدها فقد فهم أن ما تحت الثوب نقود: تركها أبو بكر - فقال: أما ترك لكم هذا، فنعم".
رحمكِ الله يا أسماء:( الذكاء والفطنة والصدق والخلق الحسن)، كيف لا تكون تلك بعض صفاتك، وأنت بنت الصديق!!؟.

68- العاقلة والحداد على الميت
المعروف شرعاً: أنه لا يجوز للمرأة الحداد على المبيت أكثر من ثلاث ليال، إلا على الزوج فقط، فتحد عليه زوجته أربعة أشهر وعشراً، والمقصود بالحداد:" الحزن وترك التزين"، يقال أحدت المرأة على زوجها: إذا حزنت عليه، ولبست ثياب الحزن، وتركت الزينة.
تقول زينب بنت أبي سلمة - رضي الله عنهما -: دخلت على أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أبو سفيان، وذلك بعد وفاته بأكثر من ثلاث ليال - فدعت بطيب فيه صفرة خلوق "عطر" أو غيره، فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر: " لا يحل لامرأة مؤمنة بالله واليوم الآخر: أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً...".
الناس ليسوا سواء، فمن الناس من يهمل الضوابط الشرعية عند الوصية، ومنهم من يهملها عند الأفراح والليالي الملاح، ومنهم من يهمل الضوابط الشرعية في كل أحيانه!!؟، والجميع على خطر، لكن الصنف الأخير هم:" شرار الخلق: لا في فرح يشكرون، ولا في مصيبة يصبرون، ولا لأمر الله ورسوله يعظمون!!؟"..
لكن المسلم العاقل والمسلمة العاقلة: يحسنون طاعة ربهم في السر والعلن، والسراء والضراء، والغنى والفقر، فإن أصابهم سراء: شكروا، فكان خيراً لهم، وإن أصابهم ضراء: صبروا، فكان خيراً لهم، وما ذلك إلا للمؤمنين.

69- العاقلة والاستتار عن الرجال ولو كانوا صالحين
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت ألعب بالبنات "اللُّعب"، فيجيء صواحبي، فينْقَمِعْنَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يعني يتغيبن منه، ويدخلن وراء الستر"، وكان - صلى الله عليه وسلم - يُسَربُهن إلي "يرسلهن"، فيلعبن معي.
وفي لفظ: يأتين يلعبن معي بها، فإذا رأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَقَمَّعْنَ "اختبأن وراء الستر".

ما شاء الله!:" طهر وعفاف في مجتمع طاهر عفيف"، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتقى الناس وأصفاهم قلباً، وأصلحهم سراً وعلانية: تختبئ الجاريات منه وراء الستر حتى يمر، ثم يرجعن للعب مع عائشة، ولا زال هناك اليوم: من تختلط بالرجال بلا ضوابط، ولغير ضرورة أو حاجة!!؟.

70- العاقلة والتخفف من ملأ البطن
عائشة - رضي الله عنها - وهي تحكي قصة الإفك التي نسجها المنافقون: تذكر أن الرجال المخصصين لحمل هودجها: حملوه ووضعوه على البعير ظناً منهم أنها بداخله، تقول: " فاحتملوا هودجي فرحلوه "وضعوه" على بعيري، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء، إذ ذاك خفافاً لم يثقلهن اللحم، إنما يأكلن العُلْقة من الطعام، فلم يستنكروا خفة المحمل حين رفعوه".
فلم يكن الهدف:" ملأ البطون، وتخزين الأطعمة"، وإنما كانت:" الآخرة هدفهم"، فنالوها.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
06-03-2016, 01:41 PM
71- العاقلة وترك فضول الكلام في محادثة الرجال
فلما ساروا وانطلق الجيش وتركوا عائشة - رضي الله عنها - وهم لا يعلمون، كان صفوان بن المعطل من وراء الجيش: للتأكد من أن الناس لم يتركوا شيئاً وراءهم، تقول: " فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاسترجع[1]، فاستيقظت باسترجاعه، فخمرت رأسي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، فأناخ راحلته [ناقته] فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة [يمشي ويسحبها من ورائه]...".
إنها رضي الله عنها تعلم - وهو أيضاً - أن الإسلام نهى عن المحادثات والحوارات والسمر بين الرجل والمرأة الأجنبية؛ فلذلك سارا لا يكلمها ولا تكلمه.

72- العاقلة والتستر بسواد الليل
فلما رجعت عائشة - رضي الله عنها - إلى المدينة مرضت شهراً، وهي لا تعلم ما يقول أهل الإفك، فلما نقهت [شعرت بالعافية] تقول: "خرجت بعدما نقهت، فخرجت مع أم مسطح قِبَل المناصع، تقول: وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل...
فلم تكن تخرج النساء لقضاء الحاجة إلا ليلاً إلى ليل [من الليل إلى الليل] وفيه فائدتان:
الأولى: أن الليل سترة للنساء، وأن النساء رغم تسترهن بالحجاب والتزامهن به: كن يخرجن ليلاً لئلا يراهن أحد.
الثانية: أنهن لا يحتجن إلى قضاء الحاجة إلا مرة في اليوم والليلة تقريباً، وهذا سببه: التخفيف في ملأ البطن، فكم مرة ندخل الحمام في زماننا!!؟.

73- العاقلة والدفاع عن أعراض المسلمين
ثم تقول عائشة - رضي الله عنها -: " فعثرت أم مسطح في مرطها [كساء] فقالت: تعس مسطح [ابنها]، فقلت لها: بئس ما قلتِ!، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟، قالت أم مسطح: أوَلم تسمعي ما قال؟، [وكان قد استُدرج، فقال ما قاله المنافقون في عائشة، ولم يكن يقصد الكيد لبيت النبوة مثلهم، فزلت قدمه معهم عن غير قصد]، فعرفت عائشة من أم مسطح بالذي يقول الناس منذ شهر، وهي لا تدري، تقول: "فازددت مرضاً على مرضي"، فعائشة - رضي الله عنها - غافلة عما يقوله الناس، وهي البريئة المطهرة، تدافع عن مسطح في غيابه من سب أمه له، فمن دفع عن مؤمن سوءاً دفع الله عنه ودافع عنه:﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا... ﴾.
وحقاً دافع الله عنها، وبرأها من فوق سبع سموات بقرآن يتلى بكرة وعشياً.

74- العاقلة وشهادة الحق
وفي خضم تلك الأحداث المفجعة، والآلام المروعة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدري ما الحقيقة؟، فاستشار بعض أصحابه، ومنهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فقال علي: اسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة [وقيل جارية غير بريرة]، فقال:" أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك؟"، [يعني على عائشة]، قالت: لا، والذي بعثك بالحق، إن رأيت [يعني ما رأيت] عليها أمراً أغمصه [أعيبه] أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فيأتي الداجن [الشاة] فيأكله.
وكذلك سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش زوجته - رضي الله عنها، [وهي ضُرِّة عائشة]، وأمر الضرائر معروف، لكن الشهادة لله فوق كل اعتبار، فتورعت وقالت: "أحمي سمعي وبصري"، يعني: لا تقول في عائشة شيئاً يشينها.
ومن الأمثلة الرائعة في شهادة الحق: ما فعلته أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - وكانت زوجة جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - ثم لما قتل في غزوة مؤتة: تزوجت أبا بكر الصديق - رضي الله عنه -، ثم لما مات عنها: تزوجت علياً بن أبي طالب - رضي الله عنه.
أخرج ابن الموطأ بسند صحيح عن الشعبي قال: تزوج علي أسماء بنت عميس، فتفاخر ابنها محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال علي: اقضي بينهما، فقالت: ما رأيت شاباً خيراً من جعفر، ولا كهلاً خيراً من أبي بكر، فقال لها علي: فما أبقيت لنا[؟.
فانظري أيتها المسلمة إلى شهادة أسماء - رضي الله عنها - لرجلين كان كل منهما زوجاً لها يوماً ما، وقد أدلت بتلك الشهادة في حضور زوجها علي - رضي الله عنه -، حتى قال لها مازحاً: فما أبقيت لنا!!؟.

75- العاقلة ومشاركة أخواتها أحزانهن
وعائشة تبكي قبل أن تنزل براءتها - تقول: "حتى ظننت أن البكاء: فالق كبدي، فبينما أبواي جالسان عندي، وأنا أبكي، استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي معي...".
إنها ببكائها مع عائشة تخفف عنها آلامها، وتشاطرها أحزانها، وتشعرها بأن حولها من يشفق عليها، ويحزن لحزنها، وهذا بلا شك: واجب على المسلمة نحو أختها عند الشدائد، فالمسلون مثلهم في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم: كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو: تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.

76- العاقلة والاستعانة بالله على البلاء
ثم تقول عائشة رضي الله عنها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأبيها وأمها رضي الله عنهما:" إنكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني بريئة - لَتُصدِّقُني، والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف:﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾، نسيت اسم يعقوب عليه السلام.

77- العاقلة والتواضع واحتقار النفس
وتقول - رضي الله عنها -:" ولكن ما ظننت أن الله ينـزل في شأني وحياً يتلى، ولشأني كان في نفسي: أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا: يبرئني الله بها..".

78- العاقلة والورع والعدل
ثم تقول - رضي الله عنها -:" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري، وهي التي كانت تساميني:"تنافسني" من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (في الجمال وحب النبي لها)، فعصمها الله بالورع..."، فلما سئلت عن عائشة، قالت: أحمي سمعي وبصري. ا هـ.
فلم تساهم - رضي الله عنها - في الفتنة بشيء: لا تصريحاً ولا تلميحاً، وكانت فرصة: أن تتخلص من منافستها كما تفعل ضرائر زماننا إلا من رحم الله، لكنها عصمها الله تعالى بالورع حتى قالت فيها عائشة نفسها:" لم أر امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة..." الحديث.
ما شاء الله، وتبارك الله، هؤلاء حقاً هم: النساء.
وبهذه الفقرة: انتهى حديثنا عن بعض المواقف للعاقلات أمهات المؤمنين والمؤمنات، وفيها: عبر وعظات في قصة الإفك كما أتت بصحيحي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، ثم نكمل حديثنا عن العاقلة.

79- العاقلة وفقهها في البلاء
كانت أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - تصدع - صداع الرأس - فتضع يدها على رأسها وتقول:" بذنبي، وما يغفره الله أكثر". حتى الصداع تعرف أنه بذنبها، هذا هو: الفقه الصحيح، وقد قال الله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ... ﴾ .
ولو أن المسلمة وضعت هذه القاعدة أمام عينيها: لعرفت أن كل مصيبة تأتيها، وكل بلاء يحل بها إنما هو: بسبب ذنوبها هي، فتريح نفسها، وتصلح من شأنها.

80- العاقلة ومولودها الجديد
أرادت فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أم الحسن والحسين: أن تعق [عقيقة] عن الحسن ابنها بكبشين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تعقي ولكن احلقي رأسه فتصدقي بوزنه - وزن الشعر - من الورق [الفضة]"، ثم ولدت الحسين، فصنعت مثل ذلك.
ومعروف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع العقيقة، ولكن أراد أن يعفي ابنته فاطمة منها، لأنه سيقوم هو بذلك، فعق عنهما - صلى الله عليه وسلم.
فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً.
فعليك أيتها العاقلة: أن تعقي عن مولودك يوم سابعه: لتصيبي السنة، وتكون بركة في المولود وأهله: بدلاً من البدع والخرافات والإبريق ورش الملح وعروسة وحصان، وتكاليف ما أنـزل الله بها من سلطان!!؟.
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: هام جدا: وقفات إيمانية تربوية للمرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
10-03-2016, 01:53 PM
81- العاقلة ورحمة أولادها والإحسان إليهم
عن أنس بن مالك قال: جاءت امرأة إلى عائشة - رضي الله عنها - ومعها صبيان لها، فأعطتها ثلاث تمرات، فأعطت - المرأة - كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين، ونظرا إلى أمهما، فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها، فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته عائشة، فقال:" وما يعجبك من ذلك؟ لقد رحمها الله برحمتها صبييها"، وفي رواية عن عائشة قالت: دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: " من ابتلي [اختبر] من هذه البنات بشيء، فأحسن إليهن: كن له ستراً من النار" [متفق عليه]، وفي رواية مسلم: " إن الله قد أوجب لها بهما الجنة، أو أعتقها بهما من النار".

82- العاقلة ورعاية الأبناء بعد أبيهم
كانت أم سليم - رضي الله عنها - تقول: " لا أتزوج حتى يبلغ أنس، ويجلس في المجالس"، يعني: يصير شاباً يافعاً يواجه الرجال، وهذا من عناية تلك الأم بولدها بعد فقد زوجها، فالمرأة راعية ومسئولة عن رعيتها، قال أنس رضي الله عنه: جزى الله أمي عني خيراً، فقد أحسنت ولايتي (تربيته وهي: ولية أمره)، ثم خطبها أبو طلحة وقال لها: " فقد جلس أنس في المجالس وتكلم"، فتزوجها، حتى إنها جعلت أنساً وليها في الزواج، فقالت له:" يا أنس: قم فزوج أبا طلحة".
رضي الله عن أم سليم.

83- العاقلة ونصح ولدها وحثه على ترك المعصية
قال عبد الله بن المبارك: قالت عائشة:" يا بَنِي، لا تطلبوا ما عند الله من عند غير الله: مما يسخط الله".
وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن يمن بن عطية التاهرتي: كانت والدتي تحفظ القرآن، وكتاب الجمل في النحو للزجاجي، وكتبت المدونة بخطها، وتقول لي:" يا بني، لا تحتقر من الخير ولا من الشر شيئاً، فقد قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، فانتفعت بكلامها ووصيتها.
وعن أبي إسحاق عن الأسود قال: قلت لعائشة: إن رجلاً من الطلقاء يبايع له - يعني معاوية - قالت: يا بني، لا تعجب، هو: ملك الله يؤتيه من يشاء.
وعن أصبغ بن زيد الواسطي قال: كان لسعيد بن جبير ديك كان يقوم من الليل بصياحه، قال: فلم يصح ليلة، فشق عليه، فقال: ما له قطع الله صوته، قال: فما سمع بعدها، فقالت أمه: يا بني، لا تدعو على شيء بعدها.
فالمرأة العاقلة: تنصح بنيها وتعلمهم، وتأمرهم بالمعروف، وتنهاهم عن المنكر.

84- العاقلة وتربية ولدها وتدبير مستقبله
عن حسن بن دحمان الأشقر قال: كنت بالمدينة، فخلا لي الطريق وسط النهار، فجعلت أتغنى:
ما بال أهلك يا رباب ÷ خزرا كأنهم غضاب

قال: فإذا خوخة:"نافذة" قد فتحت، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء، فقال: يا فاسق، أسأت التأدية، ومنعت القائلة، وأذعت الفاحشة، ثم اندفع يغنيه، فظننت أن طويساً قد نشر بعينه، فقلت له: أصلحك الله، من أين لك هذا الغناء؟، فقال: نشأت وأنا غلام حدث أتبع المغنين، وآخذ عنهم، فقالت لي أمي: يا بني، إن المغني إذا كان قبيح الوجه: لم يلتفت إلى غنائه، فدع الغناء، واطلب الفقه، فإنه لا يضر معه قبح الوجه، فتركت المغنين، واتبعت الفقهاء، فبلغ الله بي عز وجل ما ترى، فقلت له: فأعد جعلت فداءك، قال: لا، ولا كرامة، أتريد أن تقول أخذته عن مالك بن أنس!!؟، وإذا هو: مالك بن أنس، فترك الغناء، وطلب الفقه رحمه الله: عملاً بنصيحة أمه، فناله أعظم ما يكون.
وأخرج البخاري رحمه الله عن أنس رضي الله عنه: أن أم الربيع بنت البراء، وهي: أم حارثة بن سراقة - وكان حارثة قتل يوم بدر - أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ألا تحدثني عن حارثة، فإن كان في الجنة: صبرت، وإن كان غير ذلك: اجتهدت عليه في البكاء، فقال:" يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى".
إن:" أم حارثة": ربته وتعبت في تربيته، وتريد أن تطمئن عليه، هل بعد تعبها يدخل النار؟، فما فائدة التربية!؟، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرها بأن تعبها: جاء بثمرته وفائدته، ونجح ابنها النجاح الأعلى، وحصل على الدرجات العليا:(الفردوس الأعلى).
فهل يا أختاه تتعبين في تربية أبنائك!!؟، وهل حسبت الحساب بالضبط، وأن تعبك في تربيتهم هو:" طريق الجنة!!؟".
إن المرأة الحنونة على أبنائها هي: التي تشفق عليهم من عذاب الله، وليست التي تشفق عليهم: أن توقظهم من النوم للصلاة!!؟.
وهذه الخنساء بنت عمرو السلمية رضي الله عنها، حضرت حرب القادسية ضد الفرس، ومعها بنوها الأربعة: تعظهم وتحرضهم على القتال وعدم الفرار، وتقول لهم:" إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وإنكم لابن - أي أبناء - أب واحد، وأم واحدة، ما حَبَت آباؤكم:(ما عجزت)، ولا فضحت أخوالكم، فلما أصبحوا: باشروا القتال واحداً بعد واحد حتى قتلوا جميعاً، فبلغها الخبر فقالت:" الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".
سبحان الله!!؟:
ما أعظم هؤلاء النسوة اللاتي شرفهن التاريخ والدنيا، وخلد ذكرهن في الصالحات، وأفضل المربيات: أربعة أبناء تقدمهم الخنساء وقوداً للحرب، لكن في سبيل الله، ولما علمت باستشهادهم: عرفت أن في ذلك شرفاً وذخراً عند الله، فتمنت لقاءهم عنده جل وعلا، لقد كانت منذ قليل تنوح على موت أخيها:" صخر"، وتشق الجيب، وتقص الشَعر؛ لأنها لم تكن أسلمت بعد، وها هي الآن: تفتخر وتتشرف بفقد أربعة هم: فلذات كبدها!!؟.
فما الذي غيرها!!؟، إنه:" الإسلام".
أختنا المسلمة:
كم أضاع أولادك من الوقت مع الكرة ومع الغناء التافه، ومواقع الانترنيت الساقطة، والفضائيات الهابطة!!؟.
هل علمت أحداً منهم:" القرآن وسنة النبي العدنان"!!؟.
هل نال منك:" إعداداً ليكون داعيا إلى الله إذا اقتضى الأمر؟".
الله المستعان.

85- العاقلة وعزة النفس تلقنها لابنها
هذه أعرابية وأم عربية، عزيزة النفس توصي ابنها بأن يكون عزيز النفس محافظاً على كرامته، تقول: " يا بني، إن سؤالك الناس ما في أيديهم من أشد الافتقار إليهم، ومن افتقرت إليه هنت عليه، ولا تزال تُحفظ وتُكرم، حتى تسأل وترغب، فإذا ألحت عليك الحاجة، ولزمك سوء الحال، فاجعل سؤالك إلى من إليه حاجة السائل والمسئول [الله جل وعلا] فإنه يعطي السائل".
إنها ترده إلى خالقه الذي يفرح بسؤال العبد، وترده عن المخلوقين الذي يضيقون بسؤال الناس لهم.
86- العاقلة تلقن ابنها الشجاعة
لأسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها – موقف، بل مواقف تدل على حسن مشورتها، وصائب رأيها، وشجاعتها وصبرها، ويظهر ذلك واضحاً جلياً من خلال قصتها التي ضربت فيها أروع الأمثلة في كيفية تعليم المرأة العاقلة لأولادها وأبنائها الشجاعة حتى لو كان ثمن ذلك الموت.
إن موقف عبد الله بن الزبير وأمه أسماء آية بالغة، ودليل عظيم على ما نقول؛ فلقد كان عبد الله على إمرة المؤمنين، ودانت له العراق والحجاز واليمن ثماني سنين، ثم أخذ عبد الملك بن مروان يقارعه، فانتقص منه العراق، وأخذ يطوي البلاد عنه حتى انتهى إلى مكة، فطوقها بيد من حديد هي: يد الحجاج بن يوسف الثقفي.
وكان عبد الله يقاتل جند الحجاج مسنداً ظهره إلى الكعبة، فيروع أبطالهم ويفرقهم، وليس حوله إلا أعداد قليلة، والحجاج بين ذلك كله يرسل إليه يمنيه ويعده بالإمارة إن هو: خضع وبسط للبيعة يده، ولكن عبد الله لم يستجب، بل دخل على أمة يستلهم رأيها ويستشيرها، فقالت له في حكمة بالغة:" يا بني: إن كنت تعلم أنك على حق تدعو إليه، فامض عليه، وإن كنت أردت الدنيا، فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك ومن معك، وإن قلت إني كنت على حق، فلما وهن أصحابي: ضعفت نيتي، فليس هذا فعل الأحرار، ولا من فيه خير، كم خلودك في الدنيا؟!، القتل أحسن ما يقع بك يا ابن الزبير، والله لضربة بالسيف في عز: أحب إلي من ضربة بالسوط في ذل، فقال: يا أماه أخاف إن قتلت: أن يمثل بي وأصلب، فقالت أسماء - رضي الله عنها - قولتها المشهورة:" يا بني، إن الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح"، فقبل رأسها، وقال: هذا والله رأيي، ولكني أحببت أن أطلع على رأيك، فيزيدني قوة وبصيرة مع قوتي وبصيرتي، وذهب عبد الله فقاتل وصبر، وتكاثر عليه أعداؤه فقتلوه، وصلبه الحجاج، وظل مدة وهو مصلوب، فقالت أسماء - في صبر واحتساب –" اللهم لا تمتني حتى أوتى به فأحنطه وأكفنه، فأتيت به بعد، فجعلت تحنطه بيدها وتكفنه بعد ما ذهب بصرها، ثم أدرج في أكفانه وصلت عليه، وما أتت عليها جمعة إلا ماتت - رضي الله عنها.
فينبغي على المسلمة: أن تربي ولدها على الشجاعة، فمن الأخطاء الشائعة في ذلك: أن بعض الأمهات إذا أرادت ألا يذهب طفلها إلى مكان، أو أن يأتي إليها: أخافته من الذئب أو من الظلام أو من الغول وغيره!!؟، ولا شك أن هذا: يغرس فيه الخوف والجبن، ويقلل عنده الشجاعة.

87- العاقلة ووداع ابنها المسافر
هذه امرأة توصي ابنها، وهو مسافر، وتزوده وهي تودعه، فماذا قالت له؟. تقول:" أي بني: اجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك، فإن الوصية أجدى عليك:[أنفع لك] من كثير عقلك.
أي بني: إياك والنميمة، فإنها تزرع الضغينة، وتفرق بين المحبين، وإياك والتعرض للعيوب، فتتخذ غرضاً :[أي هدفاً للنيل منك]، وخليق:[جدير] ألا يثبت الغرض علي كثرة السهام، وقلما اعتورت:[قصدت] السهام غرضاً [هدفاً] إلا كلَمته:[جرحته] حتى يهي:[يضعف] ما اشتد من قوته، وإياك والجود بدينك، والبخل بمالك، وإذا هززت:[قصدت]، فاهزز كريماً: يَلِن لهزتك، ولا تهزز اللئيم، فإنه صخرة لا يتفجر ماؤها، ومثل لنفسك مثال [اجعل لنفسك هذا الميزان] ما استحسنت من غيرك، فاعمل به، وما استقبحت من غيرك، فاجتنبه، فإن المرء لا يرى عيب نفسه].
إنها والله:"وصية جامعة بها حكم بالغة، وعظات مثمرة": تخرج من قلب الأم إلى ابنها، فتضيء له طرق سفره، فهي توصيه بتجنب النميمة، والبعد عن عيوب الناس، وتنصحه ألا يكون مقتراً في ماله، مبذراً في دينه، وأن يتصل بالكرام لا باللئام، وأن يفعل ما يستحسنه من غيره، ويترك ما يستقبحه.

88- العاقلة ووصية ابنتها ليلة زفافها
من الواجب على الأم: أن تلقن ابنتها عند ذهابها إلى عشها الجديد:" مبادئ الحياة الزوجية"، فهذه امرأة عاقلة فعلاً: تحمل عقلاَ راجحاً، وقلباً صالحاً، إنها:" أمامة بنت الحارث": توصي ابنتها ليلة زفافها، فتقول:
[... أي بنية، إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك:[بعقده عليك] رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة: يكن لك عبداً وشيكاً:[أي سريع الإجابة لك].
يا بنية: احملي عني عشر خصال: تكن لك ذخراً وذكراً:
الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود.
والتعهد لوقت طعامه، والهدوء عنه عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء:[الرعاية] على نفسه وحشمه:[خدمه] وعياله، فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير.
ولا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره: لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره: أوغرت صدره.
ثم اتق منه ذلك الفرح: إن كان تَرِحاً:[أي لا تفرحي إن كان غضباناً]، والاكتئاب عنده: إن كان فرحاً:[أي لا تحزني إن كان فرحاً]، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير.
وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً: يكن أشد ما يكون لك إكراماً.
وأشد ما تكونين له موافقة: يكن أطول ما يكون لك له مرافقة.
واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك.
أختنا المسلمة:
هل رأيت مثل هذا المرأة الأم، وهي: توصي ابنتها: أجمل ما تكون ذوقاً، وأصوب نظراً وأبلغ حكمة، وأروع تجربة، وأعذب لغة، وأحلى منطقا!!؟.
إن كثيراً من بناتنا وأمهاتهن: ليفتقدن مثل هذه:" النصيحة الثمينة، والوصية الغالية".
89- العاقلة قدوة في تعويد أولادها على الصدق
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: جاءنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في دارنا، وكنت ألعب، فقالت أمي: يا عبد الله، تعال أعطك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطيه تمراً، قال: "أما أنك لو لم تفعلي: كتبت عليك كذبة".
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يتأكد ويؤكد هذا المعنى العظيم لأم عبد الله بن عامر، بحيث تكون صادقة إذا وعدته بإعطائه، وبحمد الله كانت أم عبد الله صادقة فيما قالته لعبد الله ابنها: "تعال أعطك"، "أعطيه تمراً".
وهذا درس لمن يعدون الأبناء بالعطايا ثم يهونون من شأن تلك الوعود، فإن ذلك مدعاة لتعلم الولد رذيلة الكذب.

90- العاقلة وحب زوجها للبنين وهي تلد الإناث
هجر أبو حمزة الضبي خيمة امرأته، وكان يقيل ويبيت عند جيران له حين ولدت امرأته بنتاً، فمر يوماً بخبائها، وإذا هي ترقصها وتقول:

مالأبي حمزة لا يأتينا

يظل في البيت الذي يلينا

غضبانألا نلد البنينا
تالله ما ذلك في أيدينا

وإنمانأخذ ما أعطينا

ونحن كالأرض لزارعينا

ننبت ما قد زرعوه فينا
فلما سمع الشيخ الأبيات: غدا حتى ولج عليها الخباء، فقبل رأس امرأته وابنتها، وقال:" ظلمتكما ورب الكعبة".
إن:" البنات هبة من الله تعالى"، ولا يدري الإنسان دائماً أين الخير، أفي البنين أم في البنات أم فيهما معاً، أم في عدمهما!!؟، فالقاعدة المحكمة قول الله تعالى:
﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
وكانت:" ذرية الأنبياء: بنات"، وأشهرهم في ذلك محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي كان جميع أبنائه الذين عاشوا وكبروا بنات.
فــــــ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾.
فهل علمت العاقلة: أن الخير فيما يختاره الله، فتقنع بقسمته، وترضى بخيرته.
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:37 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى