هام: فتاتي المسلمة في ميزان حسناتك
28-03-2016, 10:07 AM
هام: فتاتي المسلمة في ميزان حسناتك

الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:



مقدمة:
هذه مقالة ماتعة رائعة: راق لي أسلوبها، وسرني مضمونها، فأحببت أن أنثر عقدها الباهر بين ناظري أخواتنا الفضليات: لتتنسمن عبيرها، وتترشفن عطرها، فتنعكس بإذن الله:" روعة قيمها: صبغة إيمانية لأقوال وأعمال أخواتنا الفضليات"، وفقهن الله لكل ما يحبه ويرضاه، فحيهلا إلى هذه الروضة الندية، لنقطف تلك الدرر البهية، والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.

في ميزان حسناتك:
ما أجملها من كلمة انتشرت بيننا؛ لتؤكد أن الخير متجدد في أمة الإسلام إلى يوم القيامة، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم :
"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق: لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك".(السلسلة الصحيحة:1957).
والجميل: أن هذه الكلمة الطيبة انتشرت كعبير الورد على ألسنة الزهرات، وكأني بهن إذ جمعتهن أعمال الخير، وهن يتنقلنّ كالفراشات خفةً، وكالنحلات عملاً دؤوباً مثمراً: يتبادلن طلب المهمات من بعضهن البعض مشفوعاً بدعاء:"جعله الله في ميزان حسناتك".
فما هو سبيلك ليكون ميزان حسناتك ثقيلاً راجحاً بحسناتك يوم القيامة!!؟:

فتاتي المسلمة:
بدايةً: لتعلمي أن الميزان هو: أحد مراحل اليوم الآخر، وهو ميزان حقيقي توزن به أعمال العباد من خير أو شر يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾،
وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾.
ووردت أيضاً أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر فيها أعمالاً صالحة تثقل ميزان المؤمن يوم القيامة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".( رواه مسلم).

- ابحثي عن الأعمال التي تطيل العمر، وتبارك فيه:
وهل الأعمار تطول!!؟.
نعم.. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عندما قال:
" صِلَةَ الرَّحِمِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ: يَعْمُرنِ الدِّيَار، وَيَزِدَنِ فِي الأَعْمَار".( صحيح الجامع:3767).
وقال أيضاً:
"مَن أحبَّ أن يبسُطَ لَه في رزقِه، ويُنسَأَ لَه في أثَرِه، فليَصِلْ رَحِمَهُ".( متفق عليه).
وقد فسر العلماء زيادة العمر بمعنيين:
فمنهم من يرى: أن هذه الإطالة حقيقية بالأيام والشهور والسنين.
ومنهم من يقول: هي البركة في عمره، بالتوفيق للطاعات، والبعد عن المعاصي والسيئات، والعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيره إلا في الزمن الكثير.
واعلمي:" فتاتي المسلمة": أن عبادة صلة الأرحام تكون بزيارتهم، والسؤال عنهم، وقضاء حوائجهم، ومشاركتهم الأفراح والأتراح، ومواساة المحتاج منهم، بل هم أولى ممن عداهم في ذلك وأعظم أجراً، وقد سهّلت وسائل الاتصالات الحديثة هذه العبادة، فبإمكانك اليوم ألا تفوتك مناسبة إلا وقد أرسلتِ رسائل تليفونية للتهنئة، أو السؤال والتفقد، أو الدعوة والنصيحة لجميع أقاربك، وبذلك تفوزين بأجر صلة الرحم، وتحوزين بركته.
ومن أهم الأمور التي يجب الانتباه لها: أن عبادة صلة الأرحام كالهرم يأتي الوالدان على قمته، فبر الوالدين هو: أول وأعظم تطبيق لصلة الرحم، وقد بين هذا الترتيب نبينا صلى الله عليه وسلم في حديث أبي رمثة بكسر الراء وسكون الميم بعدها مثلثة :" انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول:" أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك".( صحيح الجامع: 8067).

- حسنّي أخلاقك: يثقل ميزانك:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء".( صحيح الترمذي:1628).
وفي وصيته صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، وهي:
" اتق الله حيثما كنت، وأتبعِ السيئة الحسنةَ تمحُها، وخالق الناس بخلق حسن".( صحيح الجامع:97).
قال الإمام:" ابن رجب"-رحمه الله- عند شرحه لهذا الحديث:
{هذه من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به - أي مخالقة الناس بالخلق الحسن-، فإن كثيراً من الناس يظن أن التقوى هي: القيام بحق الله دون حقوق عباده، فنص له على الأمر بإحسان العشرة للناس، فإنه (أي معاذ) كان قد بعثه إلى اليمن: معلماً لهم، ومفهماً وقاضياً، ومن كان كذلك، فإنه يحتاج إلى مخالقة الناس بخلق حسن: ما لا يحتاج إليه غيره ممن لا حاجة للناس به، ولا يخالطهم}.( جامع العلوم والحكم:454 ).
كما أن التحلي بالخلق الحسن مما يقرب المرء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الآخرة؛ فعن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
" إنَّ من أحبِّكم إليَّ، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقاً".(السلسلة الصحيحة:791).

- احرصي على الأعمال التي تهدم الذنوب، وتحط الخطايا:
وأهم ما يكفّر الذنوب:" التوبة"؛ فإنها تجُبّ ما قبلها، فعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" التائب من الذنب: كمن لا ذنب له".(صحيح الترغيب والترهيب:3145).

ومنها:" الاستغفار"؛ فإنه هادم للسيئات كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام:
"من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، و أتوب إليه ثلاثا:
غفرت له ذنوبه و إن كان فارا من الزحف".(السلسلة الصحيحة:2727).

ومنها:" الصلوات الخمس"، فعظّمي قدرها، واحرصي على ادائها في أوقاتها بتمام الخشوع والاطمئنان، فهي من أعظم مكفرات الذنوب، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أرأيتُم لو أن نهرًا بباب أحدِكم، يغتسل فيه كلَّ يوم خمسًا، ما تقول: ذلك يبقي من دَرَنه. قالوا: لا يُبقي من درنِه شيئًا، قال: فذلك مثلُ الصلواتِ الخمسِ، يمحو اللهُ بها الخطايا".( متفق عليه).
وقال أيضا:
" تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون، فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا ".( صحيح الترغيب والترهيب:357).

- صوّبي على الأعمال ذات الأجور المضاعفة:
وأساس ذلك:" حسن استغلال مواسم الخيرات، والتعرض لنفحات الله تعالى"، قال صلى الله عليه وسلم منبهاً لأمته على ذلك:
"افعلوا الخير دهركم، و تعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته: يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم".(السلسلة الصحيحة:1890).
ولكي يعرف المرء هذه النفحات، فهو يحتاج إلى معرفة فضل الأماكن، وفضل المواسم، وفضل الكلمات والأذكار..
فمن الأماكن: المسجد الحرام، والمسجد النبوي والمسجد الأقصى.
وأما المواسم الزمنية: ففي عشر ذي الحجة، وشهر رمضان، و ليلة القدر التي تعدل العبادة فيها العبادة في ثلاث وثمانين سنة تقريبا ليس فيها ليلة قدر.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً كل الحرص على تربية أهل بيته ونسائه وأصحابه على هذا المنهج، وهو: محاولة استثمار أوقات العمر بأقصى شكل ممكن؛ فكان يوجههم حتى إلى الذكر الذي يضاعف أجره، ويعادل أذكاراً أخرى دونه في الأجر، فعن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها:"أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرج من عندِها بُكرةً حين صلى الصبحَ، وهي في مسجدِها، ثم رجع بعد أن أَضحَى، وهي جالسةٌ. فقال:" ما زلتُ على الحالِ التي فارقتُكِ عليها؟"، قالت: نعم، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
" لقد قلتُ بعدكِ أربعَ كلماتٍ، ثلاثَ مراتٍ. لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذُ اليومَ لوزَنَتهنَّ: سبحان اللهِ وبحمدِه، عددَ خلقِه ورضَا نفسِه وزِنَةِ عرشِه ومِدادَ كلماتِه".( رواه مسلم).

- ولا تنسيْ الأعمال التي يبقى أثرها بعد الموت:
فهذا عمر زائد يضاف إلى عمر العبد، فلا ينقطع ثوابه بمجرد وفاته، كما جاء في الحديث:
" إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له".( رواه مسلم).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته".( صحيح الترغيب والترهيب:77).

وأخيراً:
فتاتي المسلمة.
يا غَيْمَةَ الخيرِ تمطرنا: أينما حلت بكل جميل:
سارعي إلى مرضاة مولاك بكل ما استطعت: بنيتك الصالحة التي تحول العادة إلى عبادة، ببر والديك، ونصيحة زميلاتك.
بحرصك على كل عملٍ يتعدى نفعه إلى عباد الله تعالى، فذاك من أفضل ما تتقربين به إلى الله، ومن أثقل ما سيكون في ميزان حسناتك بإذن الله.

وختامها مسك:
فتاتي المسلمة:
حفظك الله ورعاك، وألهمك رشدك وسدد خطاك، وجعل الجنة متقلبك ومثواك.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

منقول بتصرف يسير.