اليوم نعيش ذكرى مظاهرات 17 أكتوبر 1961، و غدا نعود إلى الوراء لنسترجع وقائع انطلاق اول رصاصة في الفاتح من نوفمبر1954، ثم نرحل بالذاكرة من جديد إلى مظاهرات 11 ديسمبر 1961 ، ثم تأتي ذكرى 18 فيفري التي تعرف بيوم الشهيد.. إلى أن نصل إلى الإحتفال بيوم الإستقلال ثم أحداث 20 أوت ( 55 و 56)، و هذا يعني اننا كلما نتذكر حدثا تاريخيا، إلا و أعادنا إلى الحدث الذي سبقه ، و هذا شيئ جميل و الجزائر ترفع شعار: "حتى لا ننسى" و من أجل الحفاظ على الذاكرة الجماعية، لكن في كل هذه الأحداث و الأحداث التي وقعت بعد الإستقلال انطلاقا فيما سمي بصيف 1962 ، مرورا بالتصحيح الثوري 19 جوان 1965، و ما وقع بعد وفاة الرئيس بومدين، و كيف تم تعيين الشاذلي بن جديد رئيسا بعد الإطاحة بالعقيد محمد الصالح يحياوي، و بوتفليقة ، إلى أحداث 05 أكتوبر1988 مرورا بالربيع الأمازيغي في 1980 ، ثم العشرية السوداء التي لخصت كل هذه الأحداث، ما يزال الحديث عن المشعل يتردد على لسان البعض الذي يريد أن يستثمر في الشباب لصالحه هو، و ليس من أجل بناء الوطن التي ضحى من أجلها خيرة ابناء الجزائر و معظمهم شباب..،إن "المشعل" الذي نراه و إن كان إناءً معدنيا توضع فيه موادّ قابلة للاحتراق من أجل الإنارة ، و الذي اعتادت الشعوب تسليمه في الألعاب الأولمبية، إنما هو في مفهومه السياسي و التاريخي يُعَبٍّرُ عن "الاستمرارية" و "التواصل" بين الأجيال ، من أجل إنماء البلاد و الحفاظ على مكتسباتها و قيمها التاريخية، و حتى لا يتبرأ الشباب من ماضيه الثوري ، فقدَ (أي هذا المشعل ) بريقه، هذا المشعل الذي تحدث عنه هؤلاء، و لا أسميهم طبعا لأنهم معروفون، لكن أقول هؤلاء الذين يكذبون على الشباب بخطاباتهم المزيفة، و يزرعون في أذهانهم "الوهم"، أو ربما هذه الأجيال لم تفهم رسالة الشهيد ديدوش مراد، ففهمت أن مشعل الثورة يعني إقامة حرب أهلية لانتزاع حقوقها المهضومة، أم أن رفاق الشهيد فهموا الرسالة خطأ فراحوا يفرضون على الشباب سياط الطاعة و التبعية، و هاهو جيل الاستقلال من أبناء الشهداء يضرب عن الطعام تعبيرا عن رفضهم للسياسة الفاسدة ، و السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو هل يوجد مشعل واحد و هو مشعل الثورة؟ ألا يوجد مشعل الاستقلال؟ أو مشعل البناء و التنمية؟ أم أن هؤلاء الذين لا أريد تسميتهم يظنون أنهم يظلون شبابا، و أنهم مازالوا قادرين على الاستمرارية، ( يا شيخ..؟ كما يقول أهل مصر) ، في كل عهدة نقرأ لأمين عام حزب جبهة التحرير الوطني و هم يخاطبون الشباب بأنهم سيستلمون المشعل قريبا ، جاء أمين عام و خلفه أمين آخر و جاء أمين عام جديد، و الشباب ينتظر أن يسلم له المشعل، و لا أمين العام سلم المشعل و لا الشباب استلمه أو لمسه بيديه، أو حتى شمّ ريحه من بعيد..، لاسيما و أن جبهة التحرير الوطني و هي تخوض حربها مع فرنسا رفعت شعار: " إن الشباب إذا سما بطموحه جعل النجوم مواطئ الأقدام"
-الله يرحم كل من مات مخلصا لهذا الوطن ولكن تبقى الأخطاء التي وقعت نقطة سوداء في الذاكرة الجزائرية ، كما أن الشيء الذي يملكه شبابنا اليوم هي الحقيقة وكل شيء إتضح لهم وإنكشف -إن صح التعبير - و زيادة على ذلك عامل السن و الزمن إلى متى ستبقى الأمور هكذا ؟ وكما قال الرئيس ذات يوم طاب جنانة وتلك كانت رسالة واضحة لتسليم المشعل للشباب .
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا . ولا تؤمنوا حتى تحابوا . أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم .
