تجربتي في تربية لطفي
26-06-2014, 11:39 PM
لطفي/ 2
عندما ولد لنا الطفل الثاني،كان لطفي قد خرج من طورالحبوالذي امتد إلى ما بعد العامين، ولكن مشيه مازال متعثرا بسبب زيادة وزنه، وعدم تحكمه في حركاته
كانت الأمور تسير طيلة السنتين الأوليين برتابتها العادية، لم نكن نشعر بأي ضغط نفسي، رغم ما عرفت حالة لطفي الصحية من تغيرات، فكلما طرأ طارئ استشرنا الطبيب في أوانه، واتبعنا الإرشادات والنصائح بالدقة المطلوبة وأكثر، الدواء في مواعيده، والإطعام بعناية ، تجنبا لما قد يسبب له تفاقما لحاله الهشة. ولأجل ذلك تعلقنا به تعلقا قويا، كان كل اهتمامنا موجها له، إلى أن جاء يوم، أخبرتني زوجتي بأنها حامل..فنزل علي الخبر كالصاعقة!! ظللت مبهوتا، بل تبكمت وانهارت قواي، كدت أسقط ارضا لولا وجود كرسي بالقرب مني. لم تعرف زوجتي ما دهاني، فراحت تسألني وهي مذعورة: عمر .. ما بك، ما بك، رد علي ما بك؟ وكررت ذلك مرات ومرات، وأنا كنت في شبه غيبوبة، كنت أسمع ترديدها سؤالها، ولكن لم أستطع الرد عليه، وأحسست بالدنيا تدور من حولي، ثم أظلمت، وغشيتني موجة من البرد، تبعتها قشعريرة ارتعدت لها فرائصي، وبدت على جبيني ذرات من العرق، كأنني صعدت جبلا، وأحسست بإرهاق شديد.. ومر علي، في تلك اللحظات، أين غاب توازني العقلي، إحساس بظلم القدر، لم يفارقني إلا بعد انزياح تلك الغمة السوداء، كانت لحظة عصيبة ما عرفت مثلها من قبل، والزوجة المسكينة مرعوبة، تصيح وتخبط بيديها على كتفي، على رأسي، وعلى صدري، وأنا أنظر إليها أبكم أصم، كأنني ميت، ثم أومأت لها بأنتجلب كأس ماء، فهرولت وأحضرت قارورة أفرغت محتواها على رأسي، لتعيدني إلى الواقع، بينما كنت أريد أن اشرب فقط، فبللتني. وكان لمفعول الماء وهو يسيل على وجهي، الأثر الجميل، فقد نطقت أخيرا، وقلت لها: املئي كوبا آخر لأشرب.. وأسرعت تملأ الكوب وهي ترتجف، ورأيت الدموع تترقرق من مقلتيها، فقلت لها وأنا أبتسم لها: لا بأس..لابأس، غمة وانزاحت..ثم قالت: حسبتك متّ!
نعم كنت كالميت، فقد صدمني الخبر، لأن عقلي ذهب مباشرة إلى الأسوأ، كانت الصورة التي تمثلت أمامي هي صورة مولود جديد مثل لطفي، تخيلت نفسي أبا لطفلين يحتاجان للرعاية الفائقة، وكيف لي أن أقابل هذا الواقع، بإمكانات تلبي بصعوبة مطالب الحالة الأولى؟ لا أخفي عليكم، فقد دارت في بالي أفكار شيطانية بعيدة كل البعد عن المنطق والعقل، لولا أن الله كان بي لطيفا، فقد هدأت بعد أول صلاة اديتها، استغفرت الله وعدت إلى الحقيقة، واستسلمت للقضاء والقدر، وقلت في نفسي: إذا كانت هذه مشيئة الله تعالى، فماذا عساي أفعل إن لم يكن مجابهة الواقع الجديد بنفس الصبر والإيمان؟ وبدأت بعد ذلك معركة جديدة ..
ورزقني الله ببنت بهية الطلعة، سالمة من العيوب الخلقية، هي الآن امرأة ستزف إلى زوجها في هذه الصائفة، بحول الله تعالى، وتلاها بعد سنين أخرى مولود آخر، ذكر، ينعم بكل قواه، مثل أخته.. وعاشا معهما لطفي حياة عادية، وكأنه ما كان صاحب إعاقة. يسألني سائل كيف ذلك؟ أي كيف استطعنا أن نجعله فردا من العائلة بكامل حقوقه؟ لا أريد الإجابة هذا السؤال بسرعة، وإن كان الجواب جاهزا في جملة واحدة، لأني أريد أن ألخص للقارئ المشوار الذي قطعناه في الوصول إلى هذه النتيجة، التي ترضينا كوالديه، وترضي أفراد المجتمع الذين يحيطون به، أو يتعامل معهم، بطريقة أو أخرى، كما ستأتي الأمثلة على ذلك في الحلقات القادمة.
رابط يحيل إلى صورة لطفي:
https://www.facebook.com/photo.php?f...levant_count=1
عندما ولد لنا الطفل الثاني،كان لطفي قد خرج من طورالحبوالذي امتد إلى ما بعد العامين، ولكن مشيه مازال متعثرا بسبب زيادة وزنه، وعدم تحكمه في حركاته
كانت الأمور تسير طيلة السنتين الأوليين برتابتها العادية، لم نكن نشعر بأي ضغط نفسي، رغم ما عرفت حالة لطفي الصحية من تغيرات، فكلما طرأ طارئ استشرنا الطبيب في أوانه، واتبعنا الإرشادات والنصائح بالدقة المطلوبة وأكثر، الدواء في مواعيده، والإطعام بعناية ، تجنبا لما قد يسبب له تفاقما لحاله الهشة. ولأجل ذلك تعلقنا به تعلقا قويا، كان كل اهتمامنا موجها له، إلى أن جاء يوم، أخبرتني زوجتي بأنها حامل..فنزل علي الخبر كالصاعقة!! ظللت مبهوتا، بل تبكمت وانهارت قواي، كدت أسقط ارضا لولا وجود كرسي بالقرب مني. لم تعرف زوجتي ما دهاني، فراحت تسألني وهي مذعورة: عمر .. ما بك، ما بك، رد علي ما بك؟ وكررت ذلك مرات ومرات، وأنا كنت في شبه غيبوبة، كنت أسمع ترديدها سؤالها، ولكن لم أستطع الرد عليه، وأحسست بالدنيا تدور من حولي، ثم أظلمت، وغشيتني موجة من البرد، تبعتها قشعريرة ارتعدت لها فرائصي، وبدت على جبيني ذرات من العرق، كأنني صعدت جبلا، وأحسست بإرهاق شديد.. ومر علي، في تلك اللحظات، أين غاب توازني العقلي، إحساس بظلم القدر، لم يفارقني إلا بعد انزياح تلك الغمة السوداء، كانت لحظة عصيبة ما عرفت مثلها من قبل، والزوجة المسكينة مرعوبة، تصيح وتخبط بيديها على كتفي، على رأسي، وعلى صدري، وأنا أنظر إليها أبكم أصم، كأنني ميت، ثم أومأت لها بأنتجلب كأس ماء، فهرولت وأحضرت قارورة أفرغت محتواها على رأسي، لتعيدني إلى الواقع، بينما كنت أريد أن اشرب فقط، فبللتني. وكان لمفعول الماء وهو يسيل على وجهي، الأثر الجميل، فقد نطقت أخيرا، وقلت لها: املئي كوبا آخر لأشرب.. وأسرعت تملأ الكوب وهي ترتجف، ورأيت الدموع تترقرق من مقلتيها، فقلت لها وأنا أبتسم لها: لا بأس..لابأس، غمة وانزاحت..ثم قالت: حسبتك متّ!
نعم كنت كالميت، فقد صدمني الخبر، لأن عقلي ذهب مباشرة إلى الأسوأ، كانت الصورة التي تمثلت أمامي هي صورة مولود جديد مثل لطفي، تخيلت نفسي أبا لطفلين يحتاجان للرعاية الفائقة، وكيف لي أن أقابل هذا الواقع، بإمكانات تلبي بصعوبة مطالب الحالة الأولى؟ لا أخفي عليكم، فقد دارت في بالي أفكار شيطانية بعيدة كل البعد عن المنطق والعقل، لولا أن الله كان بي لطيفا، فقد هدأت بعد أول صلاة اديتها، استغفرت الله وعدت إلى الحقيقة، واستسلمت للقضاء والقدر، وقلت في نفسي: إذا كانت هذه مشيئة الله تعالى، فماذا عساي أفعل إن لم يكن مجابهة الواقع الجديد بنفس الصبر والإيمان؟ وبدأت بعد ذلك معركة جديدة ..
ورزقني الله ببنت بهية الطلعة، سالمة من العيوب الخلقية، هي الآن امرأة ستزف إلى زوجها في هذه الصائفة، بحول الله تعالى، وتلاها بعد سنين أخرى مولود آخر، ذكر، ينعم بكل قواه، مثل أخته.. وعاشا معهما لطفي حياة عادية، وكأنه ما كان صاحب إعاقة. يسألني سائل كيف ذلك؟ أي كيف استطعنا أن نجعله فردا من العائلة بكامل حقوقه؟ لا أريد الإجابة هذا السؤال بسرعة، وإن كان الجواب جاهزا في جملة واحدة، لأني أريد أن ألخص للقارئ المشوار الذي قطعناه في الوصول إلى هذه النتيجة، التي ترضينا كوالديه، وترضي أفراد المجتمع الذين يحيطون به، أو يتعامل معهم، بطريقة أو أخرى، كما ستأتي الأمثلة على ذلك في الحلقات القادمة.
رابط يحيل إلى صورة لطفي:
https://www.facebook.com/photo.php?f...levant_count=1
التعديل الأخير تم بواسطة aloui ; 27-06-2014 الساعة 09:15 AM