حول مغالطات مفكرين جزائريين في المدرسة الجزائرية
06-12-2016, 03:04 PM
حول مغالطات مفكرين جزائريين في المدرسة الجزائرية
عثمان سعدي



نشر ستة من المفكرين الجزائريين، وهم:( أحمد جبار، وعبد الرزاق دوراري، ومحمد حربي، وواسيني لعرج، وخولة الإبراهيمي، وحورية تواتي): حوارا عنوانه (لننقذ مدرستنا) في صحيفة: (لوسوار دالجيري) المفرنسة عدد 29/10/2016.
ورأينا أن نرد عليهم بما جاء في تقارير هيئة الأمم المتحدة حول التنمية البشرية بالعالم العربي كما أورده مترجم هذه التقارير الدكتور:" علي القاسمي".
التقرير يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سنويا باللغة الإنجليزية في شهر ديسمبر في مقر الأمم المتحدة بنيويورك تحت عنوان (تقرير التنمية البشرية)، وقد زار مؤخرا الجزائر الدكتور القاسمي وألقى محاضرات، نقدم خلاصة ما قاله في اللغة والتنمية:
تعْزو تقارير التنمية البشرية وتقارير التنمية الإنسانية التي أصدرتها الأمم المتحدة، تخلّفَ معظم البلدان العربية في العصر الحاضر إلى عدم عناية هذه البلدان بالتعليم وبالصحة ـ وإلى استمرارها في استخدام لغة أجنبية ـ وليس لغتها الوطنية ـ في التعليم العالي العلمي والتقني، وفي المؤسسات التجارية والمالية والاقتصادية، بل وحتى في بعض الدوائر الرسمية، فالطلاب العرب لا يستطيعون استيعاب العلوم والتقنيات الحديثة، لأنهم يتعلمونها بلغة أجنبية، فلا يتمكنون من إضافة مضامينها إلى منظومتهم المفهومية دون صعوبات، ولا يتمكنون من تبادل هذه المضامين وتنميتها والإبداع فيها بسرعة وسهولة، فالطالب العربي الذي يستمع لمحاضرة علمية باللغة الإنكليزية أو الفرنسية في بلاده يواجه ثلاث صعوبات في آن واحد:
أولاً: تلقي المعلومة باللغة الأجنبية، وثانياً: ترجمتها في ذهنه إلى لغته الوطنية العربية، وثالثاً: فهمها لإضافتها إلى منظومته المفهومية.
ولهذا، فإنه يصعب علينا أيجاد مجتمع المعرفة القادر على إحداث التنمية البشرية، ولهذا كذلك فإن اللغة العربية من حيث توافرها على الشابكة (الإنترنت) أقل من لغات أخرى لا تتمتع بما للغة العربية من عالمية وعراقة، فاللغة العربية من حيث وجودها على الشبكة تأتي بعد الكورية والفارسية والتركية والبرتغالية، لأن الطبيب العربي الذي تلقى دراسته باللغة الإنكليزية أو الفرنسية لا يستطيع أن ينقل معرفته إلى الممرضة، والمريض، والمساعد التقني، وإلى عامة المتعلمين عن طريق وسائل الاتصال السمعية البصرية، فهو لا يستطيع أن يُنشئ موقعاً له على الشبكة باللغة العربية لإفادة أبناء وطنه، وتبادل المعلومات بسرعة ويسر، وتنميتها والإبداع فيها شرط من شروط تكوين مجتمع المعرفة القادر على تحقيق التنمية البشرية في البلاد، ولهذا فلم يحدث أن أبدعت أمة بغير لغتها.
لقد تمكنت بلدان كثيرة كانت أكثر تخلفاً من بلداننا العربية، في أواسط القرن الماضي، من تحقيق التنمية البشرية، فكوريا الجنوبية مثلاً كانت عام 1960 أفقر دولة في آسيا، وثالث أفقر دولة في العالم، أما اليوم فترتيبها 17 في سلم التنمية البشرية الذي تصدره سنوياً منظمة الأمم المتحدة، وهي سابع دولة صناعية في العالم، ويعود الفضل في ذلك إلى قيام الدولة الكورية بنشر تعليم ذي جودة على نفقتها لفائدة جميع أبنائها وباللغة الكورية من رياض الأطفال إلى ما بعد الدكتوراه وفي البحوث العلمية. وكذلك الحال بالنسبة لإيران، فعندما قررت الدولة استعمال الفارسية لتلقين العلوم والتقنيات، أخذ الطلاب يستوعبونها ويشتغلون بفهمٍ في علوم الذرة والنانو وغيرهما، وأصبحت إيران تخطو خطوات حثيثة في التنمية البشرية.

الخلاصة:
هذا ما تقوله وكالة هيئة الأمم المتحدة في العلاقة بين اللغة الوطنية والتنمية، فلا تنمية ناجحة بلا لغة وطنية، وليعلم المفكرون الجزائريون الستة: أن وضع اللغة العربية في المدرسة الجزائرية مرتبط بسائر الميادين الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتقانة والتسيير الإداري، وبما أن هذه القطاعات تسيّر تسييرا أعرجا باللغة الفرنسية، فالعربية إذن غائبة عن التسيير، فهي تعيش بالتلقين في مجتمع تسيره اللغة الأجنبية، فالطالب الجزائري يدرس الاقتصاد والتجارة باللغة العربية في الجامعة، ولكن عندما يعمل بمؤسسة سواء كانت قطاعا عاما أو قطاعا خاصة يضطر للعمل بالفرنسية، وهو يهجي حروفها، فهو يعيش حياة من الانفصام.
إن التنمية كالبنيان المرصوص من القاعدة إلى القمة، وهذا لا يكون إلا باللغة الوطنية.