تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى الأدب > منتدى المواضيع المنقولة

> وجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية aNiSSa09
aNiSSa09
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 28-03-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 436
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • aNiSSa09 is on a distinguished road
الصورة الرمزية aNiSSa09
aNiSSa09
عضو فعال
وجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
30-07-2009, 10:58 AM
وجــــــــــــــــــــه (وجه أمّي)

أتألم، ها هو الألم الذي كدت أنساه يعود أشد شراسة، و صورتكِ تنبض حولي بإلحاح.
تعرفين يا أمي! لم أقدّركِ حقاً إلّا عندما ولدت طفلي البكر، لا أنسى صورتك، و دموعك تسيل بصمتٍ و حرقة، فيما أصرخ من أوجاع لم أذقها من قبل، و من الفزع من الآتي من هذا الوجع التصاعد الذي هوّلته أحاديث النساء و قصصهن بحيث ارتسم في ذهني فيلم رعب دموي!!
يُمَّه!... وحدكِ من ينتشلني، و كفّاك مبسوطتان بدعاء: يا رب تسهلها! يا آآ ... رب!!. و ترجين الطبيب أن يساعدني، وسط أوجاعي أحسستُ بك تتمزقين معي، لا أنسى لحظة أعلن الطبيب بأنّه سيظطر إلى إجراء عملية إذا لم يطرأ تطور، رأيتك و قد افترشت البلاط في الزاوية و أخذت تبكين، شهقاتك تنسل على قلبي بلسماً، وحدكِ من يتألم لأجلي بصدق!
عند تحقق ما أعتبره معجزة، نظرت لجسد طفلي و أنا معلّقة بين الغيبوبة و الصحوة، و كنت تقفين غير بعيدة، حيث سمح لك كونك ممرضة متقاعدة بدخول غرفة الولادة، أخذتُ أحملق فيك كأني أراك للمرة الأولى! و بدأت معرفتي بك تتعمق بازدياد مسؤولياتي تجاه طفلي، قطعة لحم تنبض و تزعق معتمدة عليّ كليّاً، و أنا أنوء تحت حمل الأمومة مستشعرة خوفاً ما، أقرب وجهي حتى يكاد يلتصق بوجهه، وهو نائم لأتأكد من أنه يتنفس! كثيرة هي أحلامي الغامضة القلقة أشبه بكوابيس تحط في نومي المنغّص المتقطع و وجهك يطوف حولي، أتدكر النسوة و هن يفزعنني بصيغة تعليمة مرعبة: دشّيه! نيميه على جنبه! لا ينخنق! لا ينملع! لا تقلبي عليه... لا ...
استحضرُ في الليل ملامحهن المتجهمة بأمومة غابرة لا أعرف كيف قضينها، و صوت البكاء يعلة دوائر. "لماذا تبكي!؟" أكرر بآلية فيها أتثاءب: جوع.. أو مغص أو بلل؟!! تدور في ذهني المتعب أسباب البكاء المفترضة و أفشل أن أحدد أحدها!
لم أعرف الطمأنينة و قتها إلّا بحضورك، و حتى طفلي بات بنام نوماً متواصلاً و أنت ووجهك يغمرني بدفء: "نامي عنومته... ارتاحي" تتبعثر ملامح وجهك، موجة طلق جديدة تجتاحني، أحسها أحمى، أمسك بالخليوي، أبحث عن اسم صديقتي أتوقف للحظات لأمتص موجة أشدّ ضراوة تبدأ بنقطة متوجهة أسفل البطن لتتسع دوائر من نار، تندس بين العظم مسامير وهج.. ينبثق صوت صديقتي من الخليوي، أرجوها أن ترافقني للمستشفى أحسني سألد الآن!
"أتذكر ولادتي الثانية لطفلتي، كنت أصرخ من ألمين اختلطا معاً، ألم الولادة و ألم الغياب... غيابك أمي!!، لم تتمكني من مرافقتي إلى المستشفى أعرف أنّك تمنيت أن تكوني معي لكنّك كنت تصارعين آلام السرطان الذي لا يعرف الرحمة أ الهدنة، كيف أنسى جسدك المنتفخ و الكيمياوي و المسكنات و الباروكة التي ثبتها على رأسك على استحياء... و أنت تسألين بوجه شاحب و قلق لا أعرف كيف استطعت إتقانه هكذا: أيمتى موعدك يُمّه؟!
فأعطيك موعداً مغلوطاً متأخراً بأسبوعين عن الموعد الحقيقي، و أشعر بفرح ما لخدعتي الصغيرة. و لم أشأ أن أزيد أوجاعك لكني افتقدتك كثيراً صدقيني، بحثت في يد الطبيب ووجوه الممرضات عن قطرة حنان صافية، فلم أجد، لا شيء غير الواجب و الروتين و الرغبة في الانتهاء بأسرع وقت. و في أوجاعي في المرحلة الأخيرة لا أنسى صوت الممرضة و هي تزعق بعصبية: "بدك أمك!؟ أناديلك إياها؟! ما تجي و تخلصنا!!"
و لم أكن أعي لحظتها أني أناديك و أطلبكِ، و انهمرتُ في دمهة كبيرة، و قد تدفقت صورتك دفعة واحدة بأوجاعك و مرضك.. آآه، لا أنسى فترة معاناتك الأخيرة و أنا أحمل طفلي و آتيك، يا لها من أيام قاتمة! ما أصعب مواكبة الاحتضار لمن نحب! أجلس قربك، أتحسس انتفاخة قدميك و بطنك، أمازحك" بطنك زي الحامل بشهرها!! و أسكت و أنا أعي أن مخاضك هذه المرة لموت لا لحياة!!
و أنت تشكين أوجاعك و تقولين إنّه يصعب تصورها أو وصفها و أنّها فوق احتمال البشر متمنية الخلاص: " شو بدي بالعيشة مع هالوجع" لا أنسى اللحظة التي ومضت فيها فيس قلبي أمنية صغيرة: " أن يريحك الرب و لتهجعي بسلام!"
ماذا!؟ هل بتُّ أهذي مثل الأطباء و هم يصرون بحياد مهني بارد على تذكيرنا أنا و إخوتي بأنّك تحتضرين و أنّ لا فائدة إلّا بمعجزة! ليس زمن المعجزات! هل بتُّ أقترف هذا الهذيان: رحيل أمي... هكذا مبكراً .. أهناك دنيا دون أم؟!
صوت صديقتي و هي تقف قرب الباب: "يللا... أبو فادي يتنظر!" أقول لها بامتنان حقيقي فيما أخطو بتثاقل "الله يسعدك الله يخليك!!"
أسمع صوتي يتناثرموجعاً، آلامي هذه المرة لا تحتمل، يقال إن الولادة أسهل في البطن الثالث! أغبياء من يطلقون مثل هذه الأحكام فليحسو ما أعانيه الآن... آخ... يتحدى وجعي إبرة البتادين، التي أفرغت الممرضة نصفها الأول في عروقي للتو، أعض شفتي السفلى، " يا رب! متى الخلاص؟! يمّه! يم...م..ه!!"
لا أحد ينظر إليّ باستغراب! معذورة، ثم من يعرف أنّها رحلت غيرها صديقتي التي بدأت تبكي معي، اللعنة على المرض و الموت... ياه... كيف تخلق حياة جديدة مع ذكر نقيضها الموت؟! يبدو أن السر دائما تلازم الحياة و نقيضها ..
آآآه... ماذا أفعل بأوجاعي؟ دموعي تغرق وجهي و تختلط بالعرق، تمسح صديقتي وجهي بمنشفة و هي تهمس بتأثر:" ساعديهم... ساعدي حالك!!!"
أتعلق بيدها، أرجوها أن تبقى قربي، لا أعرف كيف يبدو صوتها شبيهاً بصوت أمي؟!! أنظر إليها، و أنفذ ما يطلبه الكبيب، أسمعه يشجعني، في خضم أوجاعي أتشبث بوجه صديقتي بعطش! هي لا تعرف أنّي لم أكن أرى ملامحها تلك اللحظة... لم أكن أرى غير وجه أمي!!

حنان بيروتي (الأردن)
عن مجلة العربي العدد 607

ما أصعب أن يضطر المرء لأن يري وجه امّه في وجه آخر.. مهما كانت الأسباب.



بعد كل غروب شمس ... إشراقة جديدة
التعديل الأخير تم بواسطة aNiSSa09 ; 30-07-2009 الساعة 11:01 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية sara09
sara09
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 14-07-2009
  • الدولة : بلد المليون ونصف المليون شهيد
  • المشاركات : 218
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • sara09 is on a distinguished road
الصورة الرمزية sara09
sara09
عضو فعال
رد: وجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
10-08-2009, 03:46 PM
ما أصعب أن يضطر المرء لأن يري وجه امّه في وجه آخر.. مهما كانت الأسباب.

صدقت انيسة... .. ... . .. ...................شكرا على الموضوع....
'جزائرية بليدية' وكلي فخر
.............................................
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 12:47 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى