معزة» حسن شحاتة.. وأزمة «الواجهات» المصرية!
18-10-2010, 04:35 PM
شريف عبدالغني
كان «الأخ القائد» عائدا من موقعة «أم درمان» مهزوما وخارجا من تصفيات كأس العالم، لسوء الأداء في الملعب، وليس بسبب أحداث الشغب من الجماهير الجزائرية التي حدثت بعد المباراة وخارج الإستاد تماما في شوارع الخرطوم. لكنه مارس نفس العادة المصرية والعربية السيئة ولم يعترف بالتقصير من اللاعبين ومدربيهم، وألقى بفأس المسؤولية في رقبة الجماهير الجزائرية. ثم علق على خروج جحافل من الشباب الغاضبين لمهاجمة سفارة الجزائر بالقاهرة وتصدي قوات الأمن لهم، بأنه يجب ترك الفرصة للناس للتعبير عن رأيهم، دون أن يدرك خطورة مهاجمة سفارة دولة شقيقة وأثر ذلك على العلاقات المستقبلية بين بلدين تربطهما الكثير من المصالح المشتركة. وعند هذه النقطة تلقى البرنامج اتصالا من الشاعر الكبير جمال بخيت بدأه بـ«آه ه ه ه ه» طويلة، فظنت مقدمة الحلقة الإعلامية اللامعة منى الشاذلي أنه يسير في نفس هوجة المطالبين بالقصاص من كل ما هو جزائري، فسألته: «قد كده مجروح يا أستاذ جمال؟»، فأجابها: «آه طبعا»، ثم خرجت كلماته كالمدفع: «يعني إيه نذيع أغاني حرب أكتوبر اللي كتبت عن بطولات الشهداء، على لقطات لأرجل لاعبي الكرة وهم يسجلون هدفا هنا أو هناك»، و«يعني إيه الكابتن اللي قاعد معاكي بيطالب الناس إنهم يهاجموا سفارة الجزائر.. الجزائر بلد المليون شهيد اللي ساعدت مصر في حرب العبور».
ألقى كلماته وأنهى مكالمته، ولا أعرف هل شعر النجم بالخطأ وقتها أم لا. ثم جاء الدور على دخول كوكبة من فطاحل السياسة وهم الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين، والمفكر المرموق الدكتور مصطفى الفقي، والكاتب المتميز الدكتور عمرو الشوبكي. ثم راح الثلاثة كما هو معتاد منهم يحللون بعمق أسباب الأزمة ومسيرة العلاقات المصرية الجزائرية، وضرورة الحفاظ عليها، منتقدين التصعيد الغوغائي الإعلامي بين البلدين. وجلس قائد المنتخب كالأطرش في الزفة وربما لم يستوعب ما قالوه. ولم ينطق خلال حديثهم سوى ببضع كلمات تنم عن ثقافة ضحلة بشكل لم يكن يليق باسم قائد منتخب مصر.
وقتها راودني تساؤل: لماذا لا تقوم الأندية الرياضية بإعداد نجومها خاصة الذين يمثلون «واجهات» لها لمواجهة مختلف وسائل الإعلام، ووضع برامج تثقيفية لهم مثلما تضع برامج للارتقاء بمستواهم الرياضي؟ وإذا نفذ النجم البرنامج التثقيفي له وأعد نفسه جيدا للحديث في أي موضوع يتعرض له، تقوم الإدارة مثلا برفع قيمة عقده كونه يمثل «واجهة» مشرفة لها، بدلا من الظهور بمستوى مخجل، يكون تأثيره بالتأكيد سلبيا على محبي النجم من الجمهور خاصة الصغار وعددهم بالملايين.
وبعد هذا الظهور الضعيف لأحمد حسن حدثت كوارث من زملائه، وقد أشرت في مقال سابق إلى التصريحات المسفة والسفيهة لعصام الحضري التي ذكر فيها أن الله «أكيد لا يحب مانويل جوزيه -المدرب البرتغالي الشهير- لأنه ليس من ديننا». فضلا عن السلوكيات المرفوضة من بعض اللاعبين واعتدائهم على مصورين صحافيين ومشجعين وكذلك على رجال شرطة، بما يؤكد ضرورة اهتمام الأندية بإعداد لاعبيها جيدا لتقديم صورة مشرفة عنها، أو بتر العناصر الفاسدة التي تسيء لسمعة النادي، وهو ما كان يفعله الراحل العظيم صالح سليم رئيس النادي الأهلي.
وإذا تقبلنا على مضض أن يكون النجوم القدوة للصغار، بهذا المستوى الثقافي المتدني، فإنه من غير المقبول بالمرة أن يكون «واجهة» الكرة المصرية حاليا حسن شحاتة، بنفس مستوى تفكير لاعبيه، حيث خرج بعد الهزيمة المذلة الأخيرة لفريقه -بطل القارة الإفريقية الدائم- أمام منتخب النيجر الضعيف جدا، ليتحدث عن استخدام مشجعي منتخب النيجر السحر لإرهاب لاعبي مصر، مدللا بنزول أحد السحرة إلى أرض الملعب وفي يده «معزة» لنشر السحر على اللاعبين!!
وهكذا تحولت «المعزة» البريئة إلى سبب هزيمة المنتخب، بما يجعلني أخشى أن تعلن الجماهير المصرية المسكينة حربا مقدسة على معيز النيجر، ومن ثم تقطع الصحراء الغربية المصرية وتتجه إلى ليبيا ثم تقتحم حدود النيجر وتصادر كل الماعز هناك، لتحقق هدفين: الأول منع السحر عن فريقها، والثاني أن يحصل كل واحد على معزة تكون هي المغنم الوحيد الملموس من تشجيع المنتخب.
وكم كان مخجلا -بالنسبة لنا طبعا- أن يخرج رئيس اتحاد الكرة في النيجر، ويسخر من حكاية سحر المعيز، ويتساءل ومعه حق: «إذا كنا نملك هذه المعجزات، فلماذا لا نفوز ببطولات إفريقيا ونصل لكأس العالم»؟!
الحقيقة أن مصر لا تعاني فقط أزمة «الواجهات» في الكرة، بل الصحيح أن هذا الأمر هو انعكاس لافتقادها «واجهات» في مختلف المجالات. في لبنان مثلاً -وبغض النظر عن البُعد الطائفي وسواء اختلفت أو اتفقت مع هذه الشخصيات- نجد هناك زعامات سياسية متباينة من حسن نصرالله إلى ميشال عون، ومن نبيه بري إلى وليد جنبلاط. لكن عندنا المسؤولون الحكوميون هم مجرد موظفين يرددون بصوت مرتعش نفس الكليشيهات التي تتفوه بها ألسنة الأكبر منهم. وباستثناء عدد محدود جدا تفتقد الساحة المصرية «واجهة» يمكن أن يتفق عليها الشارع. وحتى في الصحافة كان هيكل واجهة نظام عبدالناصر، وموسى صبري وأنيس منصور واجهة نظام السادات، وحاليا الواجهة شخصيات مثل علي عجوة وسيد كفتة!
الأزمة امتدت إلى كل مناحي مصر، من الوزراء إلى المحافظين ومن رؤساء المدن إلى «عُمد» القرى.. زمان كنت تجد «العُمدة» مهاباً يحل مشاكل مواطنيه في جلسة واحدة، ويتابع الشأن العام ويقرأ الصحف ويتحدث في السياسة. أما الآن وبعد قرار الحكومة بـ«تعيين» العُمد، ستجد أصغر مخبر يعمل لحساب الأمن في هذا المنصب الرفيع في تاريخ المصريين، لذلك فإن الأمر برمته يؤكد أن مصر بطولها وعرضها بحاجة إلى إعادة هيكلة تعيد لها وجهها المشرق كأم العرب أو بمعنى أدق أم الدنيا.
❍ صحافي مصري
2010-10-18
أثناء «الفتنة» الكروية المصرية-الجزائرية، استضاف أحد برامج «التوك شو» أحمد حسن قائد المنتخب المصري، في لقاء منفرد ليتحدث عن الأزمة، بينما كان موجودا خارج الأستوديو أسماء سياسية وفكرية لامعة في انتظار أن يتكلم النجم الكبير أولا، ثم الانضمام إليه بعد ذلك.. ولا أدري حتى الآن كيف ارتضوا لأنفسهم ذلك.كان «الأخ القائد» عائدا من موقعة «أم درمان» مهزوما وخارجا من تصفيات كأس العالم، لسوء الأداء في الملعب، وليس بسبب أحداث الشغب من الجماهير الجزائرية التي حدثت بعد المباراة وخارج الإستاد تماما في شوارع الخرطوم. لكنه مارس نفس العادة المصرية والعربية السيئة ولم يعترف بالتقصير من اللاعبين ومدربيهم، وألقى بفأس المسؤولية في رقبة الجماهير الجزائرية. ثم علق على خروج جحافل من الشباب الغاضبين لمهاجمة سفارة الجزائر بالقاهرة وتصدي قوات الأمن لهم، بأنه يجب ترك الفرصة للناس للتعبير عن رأيهم، دون أن يدرك خطورة مهاجمة سفارة دولة شقيقة وأثر ذلك على العلاقات المستقبلية بين بلدين تربطهما الكثير من المصالح المشتركة. وعند هذه النقطة تلقى البرنامج اتصالا من الشاعر الكبير جمال بخيت بدأه بـ«آه ه ه ه ه» طويلة، فظنت مقدمة الحلقة الإعلامية اللامعة منى الشاذلي أنه يسير في نفس هوجة المطالبين بالقصاص من كل ما هو جزائري، فسألته: «قد كده مجروح يا أستاذ جمال؟»، فأجابها: «آه طبعا»، ثم خرجت كلماته كالمدفع: «يعني إيه نذيع أغاني حرب أكتوبر اللي كتبت عن بطولات الشهداء، على لقطات لأرجل لاعبي الكرة وهم يسجلون هدفا هنا أو هناك»، و«يعني إيه الكابتن اللي قاعد معاكي بيطالب الناس إنهم يهاجموا سفارة الجزائر.. الجزائر بلد المليون شهيد اللي ساعدت مصر في حرب العبور».
ألقى كلماته وأنهى مكالمته، ولا أعرف هل شعر النجم بالخطأ وقتها أم لا. ثم جاء الدور على دخول كوكبة من فطاحل السياسة وهم الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين، والمفكر المرموق الدكتور مصطفى الفقي، والكاتب المتميز الدكتور عمرو الشوبكي. ثم راح الثلاثة كما هو معتاد منهم يحللون بعمق أسباب الأزمة ومسيرة العلاقات المصرية الجزائرية، وضرورة الحفاظ عليها، منتقدين التصعيد الغوغائي الإعلامي بين البلدين. وجلس قائد المنتخب كالأطرش في الزفة وربما لم يستوعب ما قالوه. ولم ينطق خلال حديثهم سوى ببضع كلمات تنم عن ثقافة ضحلة بشكل لم يكن يليق باسم قائد منتخب مصر.
وقتها راودني تساؤل: لماذا لا تقوم الأندية الرياضية بإعداد نجومها خاصة الذين يمثلون «واجهات» لها لمواجهة مختلف وسائل الإعلام، ووضع برامج تثقيفية لهم مثلما تضع برامج للارتقاء بمستواهم الرياضي؟ وإذا نفذ النجم البرنامج التثقيفي له وأعد نفسه جيدا للحديث في أي موضوع يتعرض له، تقوم الإدارة مثلا برفع قيمة عقده كونه يمثل «واجهة» مشرفة لها، بدلا من الظهور بمستوى مخجل، يكون تأثيره بالتأكيد سلبيا على محبي النجم من الجمهور خاصة الصغار وعددهم بالملايين.
وبعد هذا الظهور الضعيف لأحمد حسن حدثت كوارث من زملائه، وقد أشرت في مقال سابق إلى التصريحات المسفة والسفيهة لعصام الحضري التي ذكر فيها أن الله «أكيد لا يحب مانويل جوزيه -المدرب البرتغالي الشهير- لأنه ليس من ديننا». فضلا عن السلوكيات المرفوضة من بعض اللاعبين واعتدائهم على مصورين صحافيين ومشجعين وكذلك على رجال شرطة، بما يؤكد ضرورة اهتمام الأندية بإعداد لاعبيها جيدا لتقديم صورة مشرفة عنها، أو بتر العناصر الفاسدة التي تسيء لسمعة النادي، وهو ما كان يفعله الراحل العظيم صالح سليم رئيس النادي الأهلي.
وإذا تقبلنا على مضض أن يكون النجوم القدوة للصغار، بهذا المستوى الثقافي المتدني، فإنه من غير المقبول بالمرة أن يكون «واجهة» الكرة المصرية حاليا حسن شحاتة، بنفس مستوى تفكير لاعبيه، حيث خرج بعد الهزيمة المذلة الأخيرة لفريقه -بطل القارة الإفريقية الدائم- أمام منتخب النيجر الضعيف جدا، ليتحدث عن استخدام مشجعي منتخب النيجر السحر لإرهاب لاعبي مصر، مدللا بنزول أحد السحرة إلى أرض الملعب وفي يده «معزة» لنشر السحر على اللاعبين!!
وهكذا تحولت «المعزة» البريئة إلى سبب هزيمة المنتخب، بما يجعلني أخشى أن تعلن الجماهير المصرية المسكينة حربا مقدسة على معيز النيجر، ومن ثم تقطع الصحراء الغربية المصرية وتتجه إلى ليبيا ثم تقتحم حدود النيجر وتصادر كل الماعز هناك، لتحقق هدفين: الأول منع السحر عن فريقها، والثاني أن يحصل كل واحد على معزة تكون هي المغنم الوحيد الملموس من تشجيع المنتخب.
وكم كان مخجلا -بالنسبة لنا طبعا- أن يخرج رئيس اتحاد الكرة في النيجر، ويسخر من حكاية سحر المعيز، ويتساءل ومعه حق: «إذا كنا نملك هذه المعجزات، فلماذا لا نفوز ببطولات إفريقيا ونصل لكأس العالم»؟!
الحقيقة أن مصر لا تعاني فقط أزمة «الواجهات» في الكرة، بل الصحيح أن هذا الأمر هو انعكاس لافتقادها «واجهات» في مختلف المجالات. في لبنان مثلاً -وبغض النظر عن البُعد الطائفي وسواء اختلفت أو اتفقت مع هذه الشخصيات- نجد هناك زعامات سياسية متباينة من حسن نصرالله إلى ميشال عون، ومن نبيه بري إلى وليد جنبلاط. لكن عندنا المسؤولون الحكوميون هم مجرد موظفين يرددون بصوت مرتعش نفس الكليشيهات التي تتفوه بها ألسنة الأكبر منهم. وباستثناء عدد محدود جدا تفتقد الساحة المصرية «واجهة» يمكن أن يتفق عليها الشارع. وحتى في الصحافة كان هيكل واجهة نظام عبدالناصر، وموسى صبري وأنيس منصور واجهة نظام السادات، وحاليا الواجهة شخصيات مثل علي عجوة وسيد كفتة!
الأزمة امتدت إلى كل مناحي مصر، من الوزراء إلى المحافظين ومن رؤساء المدن إلى «عُمد» القرى.. زمان كنت تجد «العُمدة» مهاباً يحل مشاكل مواطنيه في جلسة واحدة، ويتابع الشأن العام ويقرأ الصحف ويتحدث في السياسة. أما الآن وبعد قرار الحكومة بـ«تعيين» العُمد، ستجد أصغر مخبر يعمل لحساب الأمن في هذا المنصب الرفيع في تاريخ المصريين، لذلك فإن الأمر برمته يؤكد أن مصر بطولها وعرضها بحاجة إلى إعادة هيكلة تعيد لها وجهها المشرق كأم العرب أو بمعنى أدق أم الدنيا.
❍ صحافي مصري
.................................................. .................................................. ........................
من مواضيعي
0 معزة» حسن شحاتة.. وأزمة «الواجهات» المصرية!
0 هذه هي الجزائر.. فأين المنافس؟
0 الكاتب المصري فهمي هويدي يكشف شحاتة وزاهرعلى خلفية تصريح ابو نريكة ا
0 شاهد بالفيديو الأمن والأمان للصهاينة في مصر الكنانة
0 فضيحة اخرى للرياضة المصرية هذه المرة كرة اليد
0 دعوة مريبة ومباراة مشينةبقلم: د. فهمي هويدي
0 هذه هي الجزائر.. فأين المنافس؟
0 الكاتب المصري فهمي هويدي يكشف شحاتة وزاهرعلى خلفية تصريح ابو نريكة ا
0 شاهد بالفيديو الأمن والأمان للصهاينة في مصر الكنانة
0 فضيحة اخرى للرياضة المصرية هذه المرة كرة اليد
0 دعوة مريبة ومباراة مشينةبقلم: د. فهمي هويدي











