نزار قباني - عاشق في عصر الحداثة -
19-11-2012, 06:58 PM
احبك ... على فطرتي الأولى
وكما يأمرني جسدي
وذاكرتي
وسلالاتي
أنا البدوي الذي اصطدم بجدار الحداثة
فلم يعد يميز بن شكل النهد
وشكل الكماه السمراء
وبين لدعة العشق .. ولدعة (الفودكا)
وبين حرب البسوس .. وحرب (الديسكو)
وبين أنوثة الرجال .. ورجولة النساء
وبين حليب الناقة .. ورغوة (الكابوتشينو)
وبين فحولة عنترة بن شداد
ورخاوة مايكل جاكسون
وبين هدوء البادية .. وضجيج المترو
وبين (عيون المهابين الرصافة والجسر)
وإشارات المرور في لندن!!
أحبك
أنا الذي تشتعل في دمائي
شموس الجزيرة العربية
وأختزن في قلبي
غزليات امرئ القيس ... وسحيم
وجميل بثينة
وعروة بن الورد
أنا البدوي الذي جاء من بلاد القطا
والقهوة المرة
وإيقاعات البحر الطويل
لينام على جريدته العربية
في أحد البارات الإنكليزية!!
أحبك كما أنت
وأرجو كما تحبيني كما أنا
بتاريخي المضرج بصوت الربابة
وأحزاني المرتفعة كجبال نجد
وعباءتي المشغولة بوبر الجمل
لا بأصابع بيير غاردان
أو جورجيو أرماني
أو فالنتينو
قد لا أكون رفيقا جيدا
أو حبيبا جيدا
وقد لا تكون عباءتي لائقة
في حي (نايتس بريدج)
وقد لا يعجبك الشعر ولا الشعراء
وقد لا تحبين قصائد المتنبي
أو قصائدي
فقد أصبحت مع الزمن لندنيه عتيقة
تقرئين جريدة (التايمز)
وتشربين شاي الساعة الخامسة
وتلعبين البريدج
وتقفين على باب (هارودز) ليلا ونهارا
أما أنا فمنذ خمسين عاما
أقف على باب الحرية
ولا أزال واقفا
خذيني على بدائيتي
خذيني على دروشتي ... وسذاجتي
خذييني على مساحة عقلي
فكلما نقص عقل العاشق
زادت تجلياته
خذيني على طبيعتي الصحراوية
أرعد بلا سبب
وأمطر بلا سبب
ألقي القبض على نهديك الجامحين
بلا سبب
وأعفو عنهما بلا سبب
وأكتب لك قصيدة حب
بلا سبب
وأمزقها بلا سبب!!
خذيني بكل تراثي العاطفي
الذي ينتمي إلى ما قبل الحداثة
وبكل شعري النزاري
الذي لم يشرب من ثدي الحداثة!!
وبكل العشق العربي
الذي لم يدخل ثلاجة الحداثة!!
خذيني حكيما .. كما أنا
ومجنونا.. كما أنا
وصارخا .. وغاضبا .. وعاصفا
كما أنا
فأنا بدوي لا يجيد التنكر
ولا يعرف استعمال المساحيق
والأقنعة
خذيني إلى نزقي .. وقلقي
وغيرتي المفترسة
فأنا لا أريد أن اقتسمك مع الآخرين
ولا أريد أن أقدم سيرتك الذاتية
إلى الخاطبات .. وأصحاب مكاتب الزواج
لا أريد أن يتزوجك أحد
ولا أن تدخلي في عصمة أحد
سوى عصمة الشعر
أيتها المتحضرة حتى الثمالة
أحبك مبتلة بماء الدهشة
وموسيقى الأسئلة
وأمزمزك ببطء شديد
كما يمزمز الفرنسي نبيذه
واللبناني عرقه
والشاعر كلمات قصيدة جديدة
ما دمت أحبك
وما دمت تركضين كأرنب بين الشريان
والشريان
فلا ضرورة لإعطاء مقاييس جسدك إلى
مخرجي السينما
ومنظمي جائزة الأوسكار
و المشرفين على انتخاب ملكات الجمال
فأنا لا أنوى تسويقك أبدا
لأن العاشق الكبير لا يتخلى عن ممتلكاته
ولا يبيع رسائل حبيبته
في مزاد (كريستيز) !!
ما دمت أعرف أني
وما دمت تعرفين أني
فلا ضرورة لبث مفاتنك على الأقمار
الصناعية
فأنت قمر الشعر .. الذي مازال يرسل
ضوءه
إلى كل كواكب المجموعة الشمسية
منذ ألاف السنين!!
إنني أحبك .. على قناتي أنا
ولا يخطر ببالي أن أبثك على جميع الأقنية
فأنا أميز بين الحب والإعلام
بين القبلة الحقيقية ... والقبلة السينمائية
بين رسائل الحبيبة ... وبين الإعلانات
المبوبة
بين حديثها الليلي على الهاتف
وبين نشرة الأخبار
أيتها الشمالية التي تتحمص على شمس
بداوتي
أخرجي من تحت الثلج ... وأدخلي في حرائق دمي
إنني أحبك حتى آخر رجولتي
وآخر أنوثتك
ولكنني لا أستطيع أن أحولك إلى سبق
صحافي
أو على جارية من جواري التلفزيون
فالبدوي في داخلي
يرفض أن يجعل منك خيمة جماعية
أو نخلة وارفة يتمدد تحتها
مع الآخرين!!
وكما يأمرني جسدي
وذاكرتي
وسلالاتي
أنا البدوي الذي اصطدم بجدار الحداثة
فلم يعد يميز بن شكل النهد
وشكل الكماه السمراء
وبين لدعة العشق .. ولدعة (الفودكا)
وبين حرب البسوس .. وحرب (الديسكو)
وبين أنوثة الرجال .. ورجولة النساء
وبين حليب الناقة .. ورغوة (الكابوتشينو)
وبين فحولة عنترة بن شداد
ورخاوة مايكل جاكسون
وبين هدوء البادية .. وضجيج المترو
وبين (عيون المهابين الرصافة والجسر)
وإشارات المرور في لندن!!
أحبك
أنا الذي تشتعل في دمائي
شموس الجزيرة العربية
وأختزن في قلبي
غزليات امرئ القيس ... وسحيم
وجميل بثينة
وعروة بن الورد
أنا البدوي الذي جاء من بلاد القطا
والقهوة المرة
وإيقاعات البحر الطويل
لينام على جريدته العربية
في أحد البارات الإنكليزية!!
أحبك كما أنت
وأرجو كما تحبيني كما أنا
بتاريخي المضرج بصوت الربابة
وأحزاني المرتفعة كجبال نجد
وعباءتي المشغولة بوبر الجمل
لا بأصابع بيير غاردان
أو جورجيو أرماني
أو فالنتينو
قد لا أكون رفيقا جيدا
أو حبيبا جيدا
وقد لا تكون عباءتي لائقة
في حي (نايتس بريدج)
وقد لا يعجبك الشعر ولا الشعراء
وقد لا تحبين قصائد المتنبي
أو قصائدي
فقد أصبحت مع الزمن لندنيه عتيقة
تقرئين جريدة (التايمز)
وتشربين شاي الساعة الخامسة
وتلعبين البريدج
وتقفين على باب (هارودز) ليلا ونهارا
أما أنا فمنذ خمسين عاما
أقف على باب الحرية
ولا أزال واقفا
خذيني على بدائيتي
خذيني على دروشتي ... وسذاجتي
خذييني على مساحة عقلي
فكلما نقص عقل العاشق
زادت تجلياته
خذيني على طبيعتي الصحراوية
أرعد بلا سبب
وأمطر بلا سبب
ألقي القبض على نهديك الجامحين
بلا سبب
وأعفو عنهما بلا سبب
وأكتب لك قصيدة حب
بلا سبب
وأمزقها بلا سبب!!
خذيني بكل تراثي العاطفي
الذي ينتمي إلى ما قبل الحداثة
وبكل شعري النزاري
الذي لم يشرب من ثدي الحداثة!!
وبكل العشق العربي
الذي لم يدخل ثلاجة الحداثة!!
خذيني حكيما .. كما أنا
ومجنونا.. كما أنا
وصارخا .. وغاضبا .. وعاصفا
كما أنا
فأنا بدوي لا يجيد التنكر
ولا يعرف استعمال المساحيق
والأقنعة
خذيني إلى نزقي .. وقلقي
وغيرتي المفترسة
فأنا لا أريد أن اقتسمك مع الآخرين
ولا أريد أن أقدم سيرتك الذاتية
إلى الخاطبات .. وأصحاب مكاتب الزواج
لا أريد أن يتزوجك أحد
ولا أن تدخلي في عصمة أحد
سوى عصمة الشعر
أيتها المتحضرة حتى الثمالة
أحبك مبتلة بماء الدهشة
وموسيقى الأسئلة
وأمزمزك ببطء شديد
كما يمزمز الفرنسي نبيذه
واللبناني عرقه
والشاعر كلمات قصيدة جديدة
ما دمت أحبك
وما دمت تركضين كأرنب بين الشريان
والشريان
فلا ضرورة لإعطاء مقاييس جسدك إلى
مخرجي السينما
ومنظمي جائزة الأوسكار
و المشرفين على انتخاب ملكات الجمال
فأنا لا أنوى تسويقك أبدا
لأن العاشق الكبير لا يتخلى عن ممتلكاته
ولا يبيع رسائل حبيبته
في مزاد (كريستيز) !!
ما دمت أعرف أني
وما دمت تعرفين أني
فلا ضرورة لبث مفاتنك على الأقمار
الصناعية
فأنت قمر الشعر .. الذي مازال يرسل
ضوءه
إلى كل كواكب المجموعة الشمسية
منذ ألاف السنين!!
إنني أحبك .. على قناتي أنا
ولا يخطر ببالي أن أبثك على جميع الأقنية
فأنا أميز بين الحب والإعلام
بين القبلة الحقيقية ... والقبلة السينمائية
بين رسائل الحبيبة ... وبين الإعلانات
المبوبة
بين حديثها الليلي على الهاتف
وبين نشرة الأخبار
أيتها الشمالية التي تتحمص على شمس
بداوتي
أخرجي من تحت الثلج ... وأدخلي في حرائق دمي
إنني أحبك حتى آخر رجولتي
وآخر أنوثتك
ولكنني لا أستطيع أن أحولك إلى سبق
صحافي
أو على جارية من جواري التلفزيون
فالبدوي في داخلي
يرفض أن يجعل منك خيمة جماعية
أو نخلة وارفة يتمدد تحتها
مع الآخرين!!
الإنسان الذي لا يفهم صمتك
كيف له ان يفهمك حين تتحدث
كيف له ان يفهمك حين تتحدث







