هام: الشاكية!!؟
10-05-2016, 05:07 PM
هام: الشاكية!!؟


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:


جاءت تبث شكاية من أهلها ÷ ولربها ضرعت بعين باكية
و تمسكت بالعرش ترجو نصرة
÷ يا رب نصرك إنني لك شاكية
قطعوا أواصر ودنا و تصرمت
÷ أيام وصل بالمحبة زاكية
غضب الإله لحزنها و بكائها
÷ فأحل لعنته بأهل الشاكية
يا ويحهم فازوا بسخطة ربهم
÷ هذي الليالي للفجيعة حاكية
من هي الشاكية!!؟:
الشاكية: شجنة من الرحمن اشتق لها من اسمه، ووعد من أحسن إليها، و أدى حقها بأن يصله بالخيرات و المسرات، وينزل به الرحمات، و توعد من جار عليها، وضيع حقها بأن يقطع عنه الرحمات والخيرات، ويوقعه في الندامة والحسرات، فلا السعد يجاوره و لا الهناء يحل بداره، بل تحل عليه السخطة، وتنزل به المثلات.
من هي الشاكية!!؟:

الشاكية هي: الرحم حدثنا عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال:
" الرحم حجنة متمسكة بالعرش، تكلم بلسان ذلق: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني، فيقول الله تبارك وتعالى: أنا الرحمن الرحيم، وإني شققت للرحم من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن بتكها بتكته ".(رواه البزار، وحسنه الألباني).
و في رواية
:" إن الرحم شجنة من الرحمن تقول: يا رب!، إني قطعت، يا رب!، إني أسيء إلي، يا رب!، إني ظلمت، يا رب! يا رب!، فيجيبها: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟! ".(رواه الإمام أحمد، و صححه الألباني).
و في رواية
البخاري تقول: " هذا مقام العائذ بك من القطيعة ".

الشاكية هي:" الرحم، و الرحم هم: الوالدان ووالديهم وإن علو، والأولاد وأولادهم وإن نزلوا, والإخوة وأولادهم والأخوات وأولادهن, والأعمام والعمات والأخوال والخالات".
و قيل إن:"
الرحم: عام في كل ما يشمله الرحم, فكل قريب لك هم من الرحم الذين تجب صلتهم، فيدخل فيهم أولاد العم وأولاد العمة وأولاد الخال وأولاد الخالة وأولادهم كل هؤلاء يدخلون تحت مسمى الرحم".

إنها الشاكية، فحذارحذار من شكايتها، وحذار حذار من قطيعتها، والتفريط في حقها، فقد توعدالله قاطعها بعقوبات عظيمة منها :

1/ حلول لعنة اللهبالقاطع، قال الله تعالى:[ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ].
قال
علي بن الحسين لولده:" يا بني لا تصحبن قاطع رحم، فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواطن".

2/الخسارة و البوار، قال الله تعالى:[ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ].

3/تعجل له العقوبة في الدنيا، فعن أبي بكر رضي الله عنهِ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم".( رواه أبو داود والترمذي).

4/رد الأعمال، وعدم قبولها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ِ يقول:
"إن أعمال بني آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم".( رواه أحمد وحسنه الألباني).

5/قطع صلة الرحم يحرم الله قاطعها من الخيرات والبركات، وتحل به النقم والعقوبات، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الرحم معلقة بالعرش تقول:من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله".(رواه البخاري ومسلم).

ألا ما أعظم
الخسارة لمن قُطع عن الله عز وجل، فأي خير يرجوه، وأي سعد يؤمله، والرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء قد قطعه!!؟، فحذارحذار من قطيعة الشاكية.

6/الحرمان من دخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يدخل الجنة قاطع رحم".(رواه الترمذي).

ألا ما أعظم
الحرمان حين يحرم العبد من دخول جنة الله عز وجل، فلا حول، و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.


إنها الشاكية، وتلك بعض عقوبات قاطعها، وأما الذي يصلها، ويؤدي حقها، ويحفظ حرمتها، فإن الله يصله، ويفيض عليه من الكرامات والعطايا والهبات: مالا يعلمه إلا هو سبحانه، فما أعظم ما يجنيه الواصل من الثمرات، ومنها:

1/ أنها سبب لزيادة العمر، وبسط الرزق، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أحب أن يبسط له في رزقه، و ينسأ له في أثره، فليصل رحمه".( رواه البخاري و مسلم).
و معنى ينسأ له في أثره، أي: يزاد في عمره، وزيادة العمر المراد بها: البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة، وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة، فيعمل في وقته: ما لا يعمله غيره فيه، وصيانته عن تضييعه في غير ذلك.


٢ /أنها تعجل الثواب للواصل في الدنيا، فينعم بالهناء و السعادة وقرة العين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس شيء أُطِيع الله فيه: أعجل ثواباً من صلة الرحم، وليس شيء: أعجل عقاباً من البغي وقطيعة الرحم ".(رواه البيهقي وصححه الألباني).

٣ /أنها توفق لحسن الخاتمة، وتدفع ميتة السوء، فعن علي قال:قال رسولالله صلى الله عليه وسلم:
" من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله، وليصل رحمه".( رواه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند وصححه أحمد شاكر و قوى إسناه الأرنؤوط) .

4/ أنها تنمي الأموال، وتعمر الديار، عند أحمد ورجاله ثقات عن عائشة رضي الله عنها:
"صلة الرحم وحسن الجوار، أو حسن الخلق يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار".( رواه أحمد و صححه الألباني).

5/ أنها سبب محبة الأهل للواصل، والثراء في المال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن صلة الرحم: محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر ".( رواه الإمام أحمد و الترمذي وصححه ).

6/ أنها من أحب الأعمال إلى الله ، سأل رجل من خثعم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال:الإيمان بالله، قال:ثم مه ؟ قال:ثم صلة الرحم، قال:ثم مه ؟ قال :الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال:قلت يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله ؟ قال :الإشراك بالله ، قال:قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال:ثم قطيعة الرحم، قال:قلت يا رسول الله ثم مه ؟ قال :الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ".( رواه أبو يعلى و صححه الألباني).

7/الرحم تشهد للواصل بالوصل يوم القيامة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة: إن كان وصلها، وعليه بقطيعة إن كان قطعها".( رواه البخاري في الأدب المفرد و صححه الألباني).

ألا ما أعظم الفوز
للواصل حين يقف في عرصات القيامة، والأهوال تحيط به من كل جانب حين يفر المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه في هذا الموقف العصيب: تقف الرحم لتشهد لواصلها، فتستنقذه من الهلاك.

8/ أنها سبب لدخول الجنة، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة، ويباعده من النار، فقال صلى الله عليه وسلم
" تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم ". (رواه البخاري ومسلم).

هذه
بعض ثمار صلة الرحم، فدونك أخي المبارك: لا تحرم نفسك غنائمها، فتحل بك عقوبات الشاكية!!؟.
و لكن ماذا لو أن العبد ابتلي برحم: قابلوا وصله بالقطيعة، وإحسانه بالإساءة، وحلمه بالجهالة!!؟.
يجيبنا
الحبيب صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال:
" لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم: ما دمت على ذلك ".( رواه مسلم).

كيف تكون صلة الشاكية!!؟:
صلتها تكون بأن يحرص العبد على إيصال كل ما أمكن من
الخير إلى رحمه، و دفع كل ما أمكن عنهم من الشر, و يدخل في ذلك:

1/ الدعاء و الاستغفار لهم.
2/ دعوتهم إلى الخير و دلالاتهم عليه و مناصحتهم .
3/ زيارتهم و استضافتهم .
4/ تفقد أحوالهم والسؤال عنهم و الاتصال بهم .
5/ الإنفاق على فقيرهم و السعي في سد حاجته فعن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة".( رواه النسائي الترمذي وحسنه الألباني).
6/ مشاركتهم في أفراحهم بتهنئتهم، ومواساتهم في أحزانهم بتعزيتهم .
7/ عيادة مرضاهم، وإتباع جنائزهم.
8/ جمعهم على الخير، وإصلاح ذات البين.

أخي المبارك:
إذا وفقت لذلك، فستسلم من شكاية الرحم، وعقوبات قطعها، وستفوز بثمار وصلها.
جعلني الله و إياك من أهل البر والصلة، ونجانا من شكاية الشاكية.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
منقول بتصرف يسير.
جزى الله خيرا راقمه.