تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
دفاع عن الحديث النبوي
17-02-2018, 01:47 PM
دفاع عن الحديث النبوي

1/2



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:



هذا مقال ماتع رائع ننشره على حلقتين، وهو للأستاذ الكاتب الجزائري:" التهاميمجوري"، نشر على:(بوابة الشروق)، وقد دافع فيه مشكورا عن الحديث النبوي الذي يتعرض لهجمة شرسة للنيل منه، ولكن تلك الحملة يائسةبائسة، وستذوب كما يذوب الماء في الملح، وفيما سبق من المحاولات: عبرة لمن يعتبر!!؟.
فليوفر الشاكون والطاعنون في السنة النبوية: وقتهم وجهدهم وأموالهم، وقبل ذلك وأهم منه: ليحذروا من تسويد صحائفهم التي سيقرؤونها يوم القيامة!!؟.
وإلى المقال:

كثر الحديث هذه الأيام عن مصداقية كتبالسنة النبوية، فمنهم شكك في روايات أبي هريرة رضي الله علنه، ومن طعن في أحاديث في البخاري، ومنهم من ردأحاديث: لمجرد أنه لم يقبلها عقله!!؟، ومنهم من اعتبر الحديث النبوي كلاما تاريخيا كأي كلام يمكن أن يتجاوزه الزمن، ولا يليق التعلق به، ونحن في مطلع الألفية الثالثة!!؟.
وما ذكره هؤلاء وأولئك ليس جديدا في تاريخ المسلمين الثقافي، وفيما جد بعد ذلك من صراع بين الشرق والغرب، وإنما هو مذكور ومكرر، فبعضه وهو قليل جدا: تناوله أهل الاختصاص في إطار النقد العلمي وفق مناهجأهل الحديث، وبعضه الآخر، وهو كثير عند جحافل من المغرضين من أقطاب المستشرقين، لا سيما في فترة الغزو الاستعماري، حيث كان ذلك من روافد الغزو الثقافي والديني، الذي كان مدعوما بالآلاف المؤلفة من قادةالتنصير والإستشراق، وإنما الجديد عند:(جماعة الحداثة في هذا العصر): أنهم يعرضون ادعاءاتهم التي يلوكونها ليلا ونهارا على:" أنها من اكتشافهم ومن إبداعهم وتجديدهم وإضافاتهم في إطار تجديد الخطاب الديني الذي يريدونه، بلا قيد ولا ضابط إلا فيما اعتبروه هم من العلم والمعرفة مما بين أيديهم من معارف قاصرة!!؟.
ونسي القوم أو تناسوا: أن للحديث النبوي علم قائم بذاته، يسمى:( علم مصطلح الحديث)، تفرع عنه الكثير من الفروع العلمية والتطبيقية، مثل تطبيقات الرواية والدراية، والجرح والتعديل، والتعادل والترجيح...إلخ.
وهو: علم لا يليق لأحد أن يتكلم في الحديث، وهو لا يعرف عنه شيئا، أو على الأقل: ليس له إلمام به، وهو: علم يجمع بين البحث في الكفاءة العلمية والقدرات العقلية والذهنية لحملةالحديث وحفاظه ورواته، ومستوى العلاقات التي بينهم، وأخير نقد المتن المنقول، ولذلك عرفوا الحديث الصحيح بقولهم الحديث الصحيح هو: "ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من غير شذوذ ولا علة".
والسند هو: تلك السلسلة من الرواة، مثل قولنا: روى مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال......

1.اتصال السند، أي: في نقل الحفاظ عن بعضهم البعض، فلا ينبغي أن يكون هناك انقطاع، فمالك في مثالنا هذا روى عن أبي الزناد وسمع منه، وأبو الزناد سمع من الأعرج، والأعرج سمع من أبي هريرة، وأبو هريرة صحابي روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

2. أما العدالة والضبط، فهما متعلقان بالنظر في حال ناقلالحديث وراويه، ومستواه في الصدق والصلاح والقدرة على الحفظ..إلخ، فحتى يكون الحديث صحيحا: لا بد من أن تكون سلسلة الرواة في مستوى من العدالة والضبط بحيث يُؤْمن على حديث رسولالله من الزيادة والنقصان، وللحفاظ على هذا المسار ودقته: أنشئوا لذلك علما آخر مستقلا، وهو: علم الرجال أو علم الجرح والتعديل، ومهمة هذا العلم :حصر عدد الرواة في عصر الرواية، والنظر في حالهم كحملة للحديث النبوي، وعصر الرواية يبدأ من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى نهاية عصر التدوين الذي حدد بالقرن الثالث للهجرة.
ولعصر التدوين هذا مراحل:
مرحلته الأولى: كانت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اتسمت هذه المرحلة بالحفظ كما هي عادة العرب، الذين لم يعرف عنهم التدوين؛ بل كان بعض الصحابة يخافون التدوين: خوفا على اختلاطه بالقرآن، ومع ذلك وجد من دون الحديث بعلم الرسول صلى الله عليه وسلم وفي حياته، مثل عبد اللهبن عمرو بن العاص الذي كانت له وثيقة دَوَّن فيها بعض الأحاديث تعرف عند أهل الاختصاص بـ:"الصادقة".
والمرحلة الثانية، وهي: مرحلة بداية التدوين بأمر من الخليفة:" عمر بن عبدالعزيز": الذي خاف على السنة من الضياع والاندراس، فأمر بتدوين الحديث النبوي، وأول من استجاب لهذا النداء هو: الإمام:" ابن شهابالزهري" رحمه الله المتوفى سنة 124 هـ، ومع انه كره التدوين، وقال بهذه المناسبة:"أكرهونا هؤلاء الأمراء على كتابة الأحاديث"، وذلك لأنه كان يرى ذلك مخالفا للسنة، وربما اعتبره ابتداعا في الدين، فقد نقل المستشرق المجري: جولد تزيهر هذه العبارة وحرفها!!؟، وقال على لسان الإمام الزهري:"أجبرونا هؤلاء الأمراء على كتابة أحاديث"، فحذف (الـ) من الأحاديث؛ لأن هذا المستشرق: جولد تزيهر قرر في أبحاثه: أن تدوين الحديث كان بإيعاز من بني أمية، كموقف سياسي ودسوا من الأحاديث الكثير، ووضعوا أحاديث لتزكية سياساتهم، لضمان مساندتهم سياسيا!!؟- حسب زعمه طبعا-.
والطريق الممهدة لهذه المرحلة: كانت تركز على الاهتمام بمعرفة الرجال الذين تصدوا لهذه المهمة، وهم رجال الرواية، وابتداء من الفتنة الكبرى: تناقل العلماء عبارة توحي بالحث على تخصيص طائفة من العلماء لهذا الفن، فقالوا لبعضهم البعض:"سموا لنا رجالكم، ونسمي لكم رجالنا"، وانطلقت عملية الاهتمام بالرواية والجمع فيما يعرف بالرحلة في طلب الحديث، فأضحى هؤلاء الرجال يشدون الرحال ويقطعون مئات وآلاف الكيلومترات من أجل سماع الحديث من رواة عرفوا برواية الحديث.
وبعد مرحلة الشروع بالتدوين التي كانت على يد الإمام الزهري، جاءت مرحلة التدوين وتقييد كل المرويات التي كانت في صدور الناس، واستمرت العملية إلى نهاية القرن الثالث، فوضع الإمام مالك المتوفى في سنة 197هـ كتابه الموطأ، وهو: أول كتاب في الحديث، ثم أبو داوود الطيالسي المتوفى سنة 204هـ الذي صنف كتابه المسند، وبعده الإمام أحمد المتوفى سنة 241هـ، الذي صنف المسند هو أيضا، ثم كانت كتب السنة الستة المشهورة: البخاري متوفى سنة 256هـ، مسلم متوفى 261هـ، ابن ماجة متوفى 273هـ، أبو داود متوفى 275 هـ ، الترمذي279هـ، النسائي متوفى 303هـ..

3. وآخر ركني الحكم على الحديث:"الشذوذ والعلة"، وهما من الأمور التي قد تخفى على البعض، لخفائها ولتعلقها بأمور أخفى من مجرد اتصال السند ومستوى الرواة عدالة وحفظا.
وهذه الشروط أو الأركان الثلاثة التي ينبغي أن تتوفر في الحديث الصحيح، لكونها أعمدة المحافظة على حديثالرسول صلى الله عليه وسلم من الضياع، فاتصال السند يحافظ على جانب، ولكنه لا يكفي وحده، للحفاظ على صحة الحديث، فقد يكون السند متصلا، ولكن الرواة فيهم من هو دون المستوى في العدالة أو الضبط، كأن يكون ليس ثقة، أو هو صالح وعالم، ولكن ذاكرته لا تسعفه، وقد يكون السند متصلا والناقلون ثقاة وحفاظا، ولكن في الحديث علة معينة أو شذوذ في سنده أو متنه، كأن يكون مخالفة للأقوى والأشهر مثلا...إلخ.
ورغم هذه الدقة في وضع الضوابط الحامية للحديث النبوي حتى لا يختلط الحديث النبوي بكلام الناس، فإن علماء الحديث لم يكتفوا بهذه الشروط الضابطة، وإنما ذهبوا يدققون ويفصلون في تلك الشروط, فاتصال السند مثلا كيف يتحقق منه؟:
قال بعضهم: يكفي أن نعرف الراوي والمُرْوى عنه: أنهما قد تعاصرا، أي: عاشا في عصر واحد، فإذا ثبتت المعاصرة بين عالمين أحدهما يروي عن الآخر: يكفي لإثبات السند، وسواء في ذلك: قال حدثنا أو أخبرنا أو عن أو انه قال...، كل ذلك سواء، لأن كل هذه العبارات كافية لإثبات السند بين متعاصرين، ولكن البخاري الذي تحوم حوله شطحات الشاطحين، قال:" لا، المعاصرة لا تكفي لاتصال السند"؛ لأن مجرد المعاصرة لا تعني اللقاء، وإنما لا بد من ثبات اللقاء بينهما أي بين المتعاصرين ولو مرة واحدة؛ لأن مجرد اللقاء ولو مرة واحدة قد يأخذ عنه كل ما يحفظ من حديث، ولذلك يعتبر البخاري أن عبارة حدثنا هي: العبارة الأقوى والأثبت في الاتصال، ولذلك: اعتبر صحيحالبخاري:أصح كتاب بعد كتابالله.
أما فيما يتعلق بالعدالة والضبط عند أهل الحديث، فقد حولوا الطبيعة البشرية التي هي كثيرة التقلب والتغير والتبدل، إلى ما يشبه المعادلات الرياضية، فوضعوا مصطلحات كثيرة بلغت المئات من العبارات الدقيقة المعبرة عن مستويات الرواة في العدالة والحفظ كقولهم:( ثقة ثقة، أو ثقة ثبت، أو إمام في الحديث، أو صدوق، أو يحفظ حديثه ولا يروى، أو كذاب، أو ضعيف، أو ليس بشيء، أو مدلس، أو اختلط في آخر عمره، أو إذا روى عن فلان لا يقبل...إلخ)، وهذه العبارات وغيرها حاول علماء الجرح والتعديل اختصارها في عبارات علمية دقيقة وموجزة كمصطلحات معبرة عن مستويات الرواية والرواة، مقسمة إلى 12 مرتبة، ست مراتب تعبر عن التعديل، وهي المعبرة عن مستويات الروايات المقبولة، وست مراتب تعبر عن مستويات الرواياتالمردودة.
والغاية من هذه المستويات: أنهم سيحتاجونها في التعارض والترجيح بين الروايات، فالحكم على حديث بأنه صحيح أو ضعيف من جهة السند مثلا هو: حكم ابتدائي مثل الحكم القضائي، الذي يمكن أن ينقض ويعدل بظهور أدلة جديدة؛ لأن الحكم عن حديث انطلاقا من سند معين هو: حكم مبني على مرتبة من المراتب الـ12 المشار إليها، ولكن يمكن أن يوجد سند آخر لهذا الذي حكم عليه بالضعف أو الصحة مثلا، فيرتقي أو ينزل بقرائن أخرى قد توجد هنا أو هناك.

يتبع إن شاء الله.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ل.ب.هواري
ل.ب.هواري
مشرف سابق
  • تاريخ التسجيل : 04-11-2012
  • الدولة : ارض الله الواسعة
  • العمر : 40
  • المشاركات : 3,038
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • ل.ب.هواري is on a distinguished road
الصورة الرمزية ل.ب.هواري
ل.ب.هواري
مشرف سابق
رد: دفاع عن الحديث النبوي
18-02-2018, 05:39 PM
للرفع

تسجيل متابعة
للمتابعة عبر حسابي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/Benaceur.Houari01

قال العلامة المفكر مالك بن نبي -رحمه الله - : الأُمة التي لا تقرأ تموت قبل أوانها .
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: دفاع عن الحديث النبوي
20-02-2018, 01:18 PM
دفاع عن الحديث النبوي
2/2

فَعِلْم الحديث إذن، علم له مصطلحاته وقواعده وضوابطه، والكلام في الحديث يقتضي أن نرجع إلى هذه العلوم لا إلى غيرها من العلوم إلا بمقدار الضرورة التي تقدر بقدرها، للاستعانة بها في فهم بعض الأمور، وليس لقبول الحديث ورده.
فعندما نتناول مسألة تاريخية من الجانب الاجتماعي نستعين بعلم الاجتماع، وعندما نناقش مسألة اقتصادية نستعين بعلم الاقتصاد، وعندما نخوض في مسألة سياسية كذلك، وقل مثل ذلك في جميع العلوم، لكن عندما نريد الكلام في الدين، ومنه السنة النبوية والحديث النبوي، لا نخضع ذلك لعلوم الدين وعلم الحديث، إذ عندما يتعلق الأمر بالقضايا الدينية والحديث النبوي، لا يجد الواحد من المتنطعين حرجا في أن يرد حديثا، لأن فيه لفظ:" كلبا أسودا"، أو أن الحديث يشتم منه رائحة الاستهانة بالمرأة مثل حديث: "ناقصات عقل ودين"، أو:" لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، أو حديث: "المرأة الحائض تقطع الصلاة"، وإلى ما هنالك من الأحاديث، لا لشيء إلا أن عقول القوم لا تقبل هذا أو لا تفهمه أو أن العصر يرفضه!!؟.
وهذا في البحث العلمي: مرفوض، إذ لكل علم قواعده وضوابطه.
إن منطق الأشياء يقتضي أن ننظر في هذه الأحاديث وغيرها: وفقا لقواعد هذا العلم ومصطلحاته، فإذا وصلنا إلى أنها أحاديث ضعيفة أو مكذوبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد انتهينا من الموضوع، أما إذا وجدناها صحيحة النسبة للنبي صلى الله عليه وسلم: وفق مصطلح الحديث، نبحث عن طريق آخر وقرائن للتأكد من صحة الرواية وصحة فهمنا ومعاني ألفاظها، وإذا لم نفهم الرواية أو لم نستطع إسقاطها، فلا يعني أن كل ما لم يتماشى مع عقولنا: غير صحيح؛ لأن التعامل مع الحديث النبوي تعامل مع الوحي ابتداء، ثم تناقش النصوص وفق المعايير العلمية الدينية والإنسانية. ومن مميزات الوحي عن غيره من النصوص المَتْلُوَّة والمقروءة: أنه منزل من عند الله، والوحي يمثل المطلق، وما نفهمه يمثل النسبي.
والحديث النبوي هو: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، من قول قاله، أو فعل فعله، أو أمر فُعِلَ أمامه أو علم به وأقره، أي لم ينكره، وهو ما يسمى بالتقرير، ويضيف أهل الحديث: الصِّفَة الخِلْقية والخُلُقية، بحيث تصبح المرويات المتعلقة بخَلْقِته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم من الحديث ومن السنة.
والرسول صلى الله عليه وسلم تلقى القرآن الكريم وبلغه، وهو أساس الوحي وقطب الرسالة، ولكنه في تطبيقاته لذلك القرآن الذي هو كلام الله، صدرت عنه أقوال وأفعال صلى الله عليه وسلم وما إلى ذلك، فما يصدر من تطبيقات عن الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم هي: وحي؛ لأنها فهم لصاحب الرسالة نفسه، باعتباره مؤتمنا من الله على القرآن، وباعتباره معصوما؛ لأنه النبي الذي جاء بهذا القرآن، وباعتباره الأكثر فهما للوحي الذي نزل عليه هو، ثم الأمثل فالأمثل، ولذلك لما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت:"كان خلقه القرآن".
وتطبيقات الرسول للقرآن كانت متنوعة بتنوع مهامه في هذه الحياة؛ لأنه وإن كان نبيا بالأساس، والنبوة تقتضي التبليغ، فهو مبلغ عن الله ومعلم الناس عباداتهم وباني علاقاتهم مع الله سبحانه، وهو فرد مع ذلك في مجتمع يفعل ما يفعل كل الناس: انطلاقا من الطبيعة الإنسانية وحاجاتها:(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ).[فصلت: 6]، ورئيس دولة يقود الجيش ويعلن الحرب والسلم، وقاضي يقضي بين الناس، ومفتي يفتي الناس وفق حاجاتهم الدينية، ومجتهد في الأمور الطارئة، وربما يخطئ في اجتهاده ولكنه لا يقر على خطأ بموجب الرسالة، وما ينبني عليها من ضرورة العصمة؛ لأن القرآن يوجهه ويصحح اجتهاده.
فكل ما يرد عنه صلى الله عليه وسلم: وارد عن نبي لا يجوز التردد في قبوله أو التفكير في رفضه ابتداء إلا بمبررات علمية يقررها علم الحديث وما له علاقة بموضوعه، يبقى تصنيف هذا القول أو ذاك الفعل، ووضعه في مكانه يُرْجع فيه إلى أهل الاختصاص، فعندما تروى عنه مسألة قضائية مثلا بين متخاصمين، فهذه المسألة لا تقبل التعميم عادة؛ لأنها مسألة قضائية، ولذلك قال الرسول لأصحابه:" إني أقضي بينكم وربما كانت حجة بعضكم ألحن من بعض، فمن قطعت له من حق أخيه، فقد قطعت له قطعة من النار"، أي: أن النبي هنا قضى بما عرض عليه من أدلة وحجج، وهذه الأدلة والحجج قد ينجح فيها الظالم بحسن عرضه لقضيته، ويخسر فيها المظلوم بسبب سوء عرضه وضعف حججه، والنبي ليس مسؤولا عن النتيجة المبنية على حجج قوية، ولو كانت غير عادلة، وكذلك الفتوى، فقد سئل النبي واستفتي في أمر واحد، وكانت أجوبته مختلفة، فكان يسأل مثلا عن أحب الأعمال إلى الله أو الأعمال التي تدخل الجنة، فقال لأحدهم: "الصلاة لوقتها"، وقال لآخر:"جهاد في سبيل الله"، وقال لآخر:" طاعة الوالدين"، وقال لآخر:"لا تغضب"، وهكذا في كثير من الحالات؛ لأن الجواب عن الاستفتاءات يكون حسب الحالة المعروضة، وليس بما هو مقرر في القواعد الأصلية دائما، بحيث يكون الجواب أحيانا مخالفا للأصل بسبب ضرورة ما اقتضت التخفيف في الحكم أو التشديد، باعتبار أن الضرورة تقدر بقدرها كما يقول الفقهاء.
وهناك أمور أخرى مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وثابتة سندا، ولكن عندما نقرؤها لا نراها مناسبة، أو لا نفهم وجهها مثل الكلام عن الأمور الغيبية:( كنزول المسيح، وظهور المهدي المنتظر، والكثير من علامات الساعة، وقضايا أخرى كحديث الجصاصة وابن الصياد وورود اسم الكلب الأسود والحمار في أحاديث): كل هذه الأحاديث واردة.
وهناك أحاديث واردة أيضا في الصحيح، وتبدو أنها مخالفة لأصول الدين ومنهجه في حركة التغيير الاجتماعي، مثل: حديث الطاعة المطلقة للحكام وإن ظلموا وطغوا واستبدوا:"وإن جلد ظهرك وسلب مالك.."، مثل هذا الحديث وغيره مما يشبهه: مضاد للقاعدة التي وجدت لإقامتها الأمة أصلا، وهي قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104]، وحديث:" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله..."، وهذا الحديث أيضا ظاهره مخالف لقاعدة الحرية في الدين:(لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 256].
فهذا الصنف من الأحاديث التي لا يمكن فهمها في السياق العام لما جاء به الإسلام، سواء لذاتها كذكر الكلب والحمار في حديث النبي، أو التي وردت في سياقات صحيحة، ولكنها مضادة لأصول منهج هذا الدين الذي نزل على نسق واحد لا اختلاف ولا تضاد في مبادئه ووسائله وغاياته وأصوله، فهي إما غير قالبة للفهم، فينبغي أن تبقى على أساس أنها من الأمور الغير مفهومة مثل الكثير من قضايا الكون، التي نلمسها ونراها ولكن لا نفهمها ولا نفهم وظائفها في الوجود، فتركت للزمن ليقول قوله فيها ذات يوم، وإما أنها أحاديث لها حكمها الزمني فتفسر به، فأحاديث الطاعة المطلقة ربما كانت في بداية بناء المجتمع الإسلامي لتعليم العرب الانضباط والخضوع للسلطة الاجتماعية ومؤسساتها، وهي سلطة جديدة عن العرب تختلف عن سلطة القبيلة، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعمم الخضوع للقانون وللمؤسسات وللشرعية، وليس للأفراد والقبائل كما كان الحال في المجتمع العربي الذي كان يخضع لقيم القبيلة أكثر من خضوعه للقيم الإنسانية [مقتبس عن د. عبد الحميد أبو سليمان]، ولذلك غيَّر المثل العربي "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، من الانتصار للقبيلة إلى الانتصار إلى المبادئ.
وفي الأخير وأنا أعرض لأهم ما ينبغي الانتباه إليه فيما يتعلق بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أشير إلى ضرورة الاهتمام بكل ما يروى عن العظماء، بتدوينه والمحافظة عليه وبقراءته في زمنه وليس خارج زمنه، وبمحاولة فهمه في إطاره زمانا ومكانا وحالا. وإذا كان ما دوِّن عن العظماء والقادة في العالم يهتم به كحدث متعلق بهم وبمحيطهم؛ لأنه معبر عن واقع بجميع أبعاده، ما بالنا بما يدون عن رسول أرسله للناس كافة، وصاحب رسالة تحمل من المطلقات والنسبيات ما لا يسمح بالتفريط في جزئية من جزئياته مهما كانت ضئيلة أو هامشية كما يخيل إلينا في بعض المرويات عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لا شك أن كلما كان المروي عنه أبعد صعب على الناس فهمه، ولكن فيما يتعلق بكلام الناس العاديين ربما تصرف الناقلون، فنقلوا عنهم ما يحتاجون فقط أو ما فهموا من اجتهاداتهم، كما فعلوا ما أرسطو وأفلاطون وغيرهما من فلاسفة اليونان والرومان والفرس، وإلا لو نقلوا إلينا ألفاظهم المستعملة والاستنتاجات الساذجة: لضحكنا كثيرا عن أولئك العظماء، أما فيما يتعلق بالقرآن وحديث النبي، فنحن ملزمون بنقله كما هو خوفا وحفاظ على ما يمكن أن يضيع، ولو كان ذلك بتدوين ما ليس منه؛ لأن علم الحديث سيصفي ذلك.
ولكن العجيب في الأمر: أننا لا ننتبه إلى هذه القضايا، فنعجب بأرسطو وأفلاطون، ولكن نضحك من حديث الرسول، وفي أحسن الأحوال نسارع بنسفه!!؟.


ملاحظة:
ما نقله الأستاذ: التهامي مجوري عن الدكتور:عبد الحميد أبو سليمان: فيه نظر كبير، ليس هذا موضع تفصيله.


بارك الله فيك أخانا الفاضل:" هواري" على المتابعة.

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 09:51 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى