حديث الصباح.. الهجرة الجزائرية إلى تونس
27-06-2018, 01:08 AM
كانت المسافة من العاصمة إلى قسنطينة كافية جدا لقراءة كتاب حول "الهجرة الجزائرية إلى تونس" للأستاذ مختار بوشيبة أهدته لي "دار الأوطان" خلال زيارتي مقرها ، و قد قمت بقراءته خلال عودتي من العاصمة و أتممته قبل وصولي إلى مسقط رأسي، خاصة و أن الكتاب من الحجم الصغير (139 صفحة) دون حساب الفهرسة، و قد ذكر مؤلف الكتاب أسماء بعض العائلات الجزائرية التي هُجِّرَتْ و تم نفيها فاختارت بلدا شقيقا لتأوي إليه، و كانت بنزرت المدينة التي استضافت الجزائريين الذين ألصق بهم اسم "اللاجئين"، و أنجبوا فيها أولادا، لما كبروا لبوا نداء الوطن، فكانوا أعضاءً في جيش التحرير الوطني، و لعل معظم الذين كانوا مرابطين في الجبال بالحدود الشرقية التونسية هم جزائريون مولودون في تونس، و هم من أصل جزائري ( أم جزائرية و أب جزائري)، لقد ذكر الأستاذ مختار بوشيبة و هو من مواليد تونس أيضا عدة أسماء، إلا أنه استثنى أسماء بعض العائلات لعب أبناؤها دورا مهما أثناء ثورة التحرير، بعضهم ما زال على قيد الحياة، ربما تجاهلهم لسبب ما، أم أنه لا يعرفهم، رغم أنهم ولدوا في منزل بورقيبة ببنزرت.
و قد ذكر الكاتب المدينة و تحدث عن أسماء عائلات جزائرية ، و منهم توفيق المدني المولود في تونس، عبد العزيز الثعالبي أبو اليقضان ابراهيم ، حسن النوري و محمد العيد الجباري و غيرهم، في حين استثنى أسماء أخرى، نذكر على سبيل المثال لا الحصر، عائلة عايش السعيد من مواليد 1873 بتيزي وزو، و الذي تم نفيه، فكانت وجهته إلى تونس وهناك رزق بأولاد، لما كبروا ، لم يعطوا ظهورهم للثورة بل انضموا إلى صفوفها مع إخوانهم في الكفاح، و نذكر عائلة كتّو kettou، و يحياوي محمد مولود بتونس من أم جزائرية و أب جزائري، هذا الأخير مجاهد و مازال على قيد الحياة و يقيم بضواحي تيبازة، و قد لعبت هذه العائلات وأبناءها دورا مهما في جمع السلاح لصالح الحركة الوطنية، و كانوا كما يقال في "فم المدفع"، و بعضهم كان يحمل لقبا ثوريا، و عائلة بوريو، و ربما أسماء عائلات أخرى عاشت قساوة المنفى و التهجير و البعد عن الوطن، بعضهم توفوا و هم مدفونون هناك، و إلى اليوم لم تنقل جثامينهم إلى أرض الوطن، و عاد أبناءهم إلى الوطن الأمّ، و رغم أنهم كانوا معطوبي حرب، إلا أنهم بعد الإستقلال واصلوا النضال و الكفاح في جبهة التحرير الوطني، و لكنهم لقوا التهميش من قبل رفاق الدرب الذين هم الآن في الحكم.
لا ندري إن كان صاحب الكتاب يعرف هذه الأسماء أم لا؟ و لهذا فالبحث في قضية الجالية الجزائرية في تونس ( أو في الأقطار الأخرى) يحتاج إلى كثير من البحث و التدقيق، و الوقوف على واقع الجزائريين في المنفى و الظروف القاسية التي عاشوها ، فمن الظلم و الإجحاف ذكر أسماء دون أخرى ، خاصة التي كان أصحابها يعيشون في منطقة واحدة، أمّا إن كان الكاتب قد تعمّد ذلك ، فهذا يعد خطأ تاريخيا كبيرا ، بل ظلما و إجحافا في حق بني جلدتنا ، لأن بعض اللاجئين ذهبوا بإرادتهم بحثا عن العمل، و لم يتعرضوا للحصار و الملاحقات البوليسية الفرنسية و لم يتعرضوا ايضا التعذيب ، للإشارة أن باحثين جزائريين و مغاربة سلطوا الضوء في دراساتهم على قضية اللاجئين الجزائريين في تونس بشيئ من التفصيل ، و قد نعود إليها لاحقا و عذرا.
( و يبقى الكتاب هو الرفيق الدائمُ)
علجية عيش
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..